تمهيد:
في آخر إصدار (لسلسلة عالم المعرفة) للدكتورة آمال السبكي دكتوراه في التاريخ من جامعة القاهرة تحمل عنوان/تاريخ إيران السياسي بين ثورتين.
ادَّعى المؤلف أنه قد رافق انفجار الثورة الإسلامية في إيران ضجة إعلامية ضخّمت من قدرتها وأضفت هالة من التقديس على قيادتها وأفرغتها من مضمونها الفكري والاجتماعي.
وادّعت على لسان بعض المحللين بأنها تعج بالمتناقضات وما كان أمامها من سبيل إلا الثورة كحل لمشاكل عميقة بأساليب مرتجلة قليلة الفاعلية قصيرة المدى.
وفي سياق آخر قالت لم تنجح الثورة في تطبيق شعاراتها كما ظهر التباين بين النظرية والتطبيق أو بين منهاج الثورة والتطبيق العملي.
وادّعت أيضاً أن نجاح تجربة الخميني في حد ذاتها أثبتت أن نجاحه جاء لغياب الزعامة السياسية المناظرة لها.
لكن التركيز يا سادة انصبّ حول التأكيد على الفروق الجوهرية بين (نظرية الثورة) باعتبارها صيغة فكرية. وبين (التطبيق العملي لممارسة النظرية ذاتها).
وبما أن موضوع هذا المحور يدور حول منهج الإمام الخميني بين الثوابت الفكرية ومصالح الأمة:
لذا من حقنا أن نثير الإشكاليات التالية قبالة المزاعم المناهضة بالمنطقة لتوجهات الثورة الإسلامية في إيران. وبطريقة علمية.
ينقسم البحث إلى محورين:
يتعلق الأول منهما بمقدمات نظرية مفاهيمية تراعي المنهجية العلمية في تناول الظواهر المجوثة فلكل ظاهرة منهج خاص يتناولها ولا يصح الخلط في استخدام آلية منهجية لظاهرات لا تنسجم معها.
أما الثاني منهما فيتعلق بفضائيات الجهاز المعرفي والفكري لتوجيهات الإمام ومصادرها المعتقدية وهي تلامس أدق تفاصيل الأحكام الشرعية أثناء الممارسة العملية مستهدفاً مصالح المستضعفين والأمة الإسلامية. عبر الشواهد النصية.
الجزء الأول: الإطار النظري:
أولاً: مقدمات نظرية مفاهيمية
الإمام وإشكالية المنهج:
المنهج متابعة طريق واضح بل مستقيم وتالياً مجهود لبلوغ غاية ويتضمنان تصورات فكرية مسبقاً للخطة الواجب إتباعها.
هنا يطلق اسم الترتيب على [فعل الفكر] الذي يكون له حول [موضوع واحد]- عدة أفكار- أو عدة أحكام- أو عدة أدلة فيرتبها على أفضل وجه لجعل الموضوع معروفاً.
وهنا يثار سجال اعتقادي بالغ الأهمية ينقسم فيه منظروا المعرفة حول تكوين فكرة المنهج أكثر مما يدور حول إشكالية دلالات ومغزى المنهج في علاقة الفكر بالواقع الاجتماعي المعاش للأمم والجماعات.
والنتيجة أن نشأ من هذا السجال عرضياً بعض التمايزات في مفهوم المنهج بالذات والإشكالية المثارة حوله لكي نستطيع أن نقترب من شخصية استثنائية متألقة على مختلفة المستويات.
1- فالاتجاه الذي يرى بأن المنهج عبارة عن قواعد لبحث المفاجئات وخيبة الأمل في المستقبل، اتجاه قابل للتحديد ومتابع بانتظام في عملية قبلية للعقل عند تطبيقه وصوغه مسبقاً واستعمال، برنامجاً لعمليات إجرائية لا تبدأ إلا بعد صياغة قواعد المنهج.
2- أما الاتجاه الذي يرى بأن المنهج عبارة عن عملية فعلية تكون منه بمنزلة التصميم المبسط لهذا الحد أو ذاك ويلاحظ على:
* هذا الاتجاه أنه يرى المنهج في شكل موضوعي مميزاً في الواقع من تطبيقاته.
* بينما يرى الأول أن المنهج ليس سوى تجريد لا يملك خارج عمليات الفكر سوى وجود لفظي محض يمكن للفكر أن يتجدد بمعزل عن كل مادة أو موضوع.
* الثاني في فرضيته يتعلق دوماً بعلاقة الفكر مع موضوع معين لا يرى الفكر إلا مجسداً بالواقع الاجتماعي المعاش.
* أما الفرضية الأولى فتركز على محض الفكر كمنهج قبلي.
* أم الفرضية الثانية فتركز على محض الواقع كمنهج بعدي لذا آثرنا عدم بنيهما معاً لعدم إيفائهما بالغرض ويظل الإمام مربطاً لكل من يتعامل معه أو يتعاطى مع مشروعه الكبير المتعدد المجالات والمتشعب الأبعاد. والعميق الرؤى والعظيم الجانب.
المنهج والصعوبة النظرية:
والسؤال المثار أية منهجية علمية تفي بالغرض المنوط بنا؟ والواجب إتباعه، وأي منهج يستطيع أن يزعم التحليل العلمي دون أن يسقط في اتجاه أحادي، وأية مناهج يمكنها أن تحيط بشخصية عظمى غلفت ما يقارب خمسة عشر قرناً من الجهاد ليرسي دعائم أول دولة إسلامية في التاريخ ويغلق نهاية الألفية الثانية. ويختزل التجارب التجارب الإسلامية المتوترة بنجاح منقطع النظير، هل تستطيع مفاهيم العرفان التقليدية أن تحدس لنا منهجاً كشفياً لعروجه السلوكي، أو تكشف لنا عن صلاة العارفين، أو تحل ملغزاته الرمزية على فصوص الحكم، وبأي زيت يضيء مصباح الأنس لنكشف الأسرار التي حشاها على الأسفار، لا بد وأن تكون منهجاً أكبر من ذلك ليتناسب والجهاد الأكبر للإمام، أرى أن هذا المنهج لا يمكن تشخيصه لأنه لا يتذوق معناه إلا من ذاب عشقاً ليستطعم الفناء في الحب.
وأية مناهج تستطيع أن تكشف الاتجاهات المخمرة وبل المعتقة وتحلل أضواء مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية. وإن استطاعت على المستوى النظري، فكيف ترصدها ممارسة عند توظيف القيم الإيجابية في ممارساته المذهبية؟
وأية مناهج سائدة الآن على الساحات الأكاديمية والدينية يمكنها ضبط وتعديل آليات التعامل مع المصادر النصية والتفسير والحمد، والكشف عن مدلولات المخازن الروائية عبر الأربعين حديثاً.
وأي منهج يقوى على الصمود أما آليات الضبط العلمي والمنهجي الرصين، وهو صاحب أنوار الهداية من التعليق على الكفاية أو منهاج الوصول إلى علم الأصول، عدا رسائله في الاجتهاد التقليد والتعادل والتراجيح والطلب والإرادة. ألا يمكن الاتكاء على مفردة الثوابت الفكرية من خلال الأداة فما بالكم من تعدد أدوات الرصد العلمي للإمام وتضلعه المنقطع النظير دقة وتحقيقاً.
المنهج والعقبات العملية:
- كيف يمكن ضبط الدراسات العملية على مستوى السلوك الجمعي، الاجتماعي، والاقتصادي، للإحاطة بكتاب البيع والمكاسب المحرمة، وعلى المستوى السياسي والتنظيمي الجماهيري من خلال التقيمة، أو ولاية الفقيه والحكومة الإسلامية كآلية لمعاجلة الأزمات وأية مناهج اجتماعية يمكنها رصد حركة الجماهير الموارة على أرض الواقع وهي تؤدي مناسك الحج وتعلن البراءة. وتوجيهاته الفقهية بدءاً من الطهارة والصلاة والصلة بين الأرض والسماء وعدم الإخلال بها عدا قاعدة من ملك وبدائع الدرر في قاعدة نفي الضرر. وتوضيح المسائل وتحرير الوسائل، أية مناهج يا سادة تكشف عن حسه الفقهي والفقهاهتي معاً.
المنهج وصعوبة تحليل الدور على المستوى الوظيفي والمهني للأنبياء:
معلم له مقررات كثيرة من دروس في العلوم العقلية والنقلية فقهاً وأصولاً فلسفة وعرفاناً.
فله ما لا يقل (1,100) محاضرة (800) نداء للعالم والأمة الإسلامية ومئات الأحكام والأجوبة والاستفتاءات – عشرات المقابلات إعلامياً وصحفياً عدا الإرشادات في المجالات السياسية والاجتماعية والعقائدية عدا البيانات والأحكام والخطابات.
وعلى ما يبدو أنني قد ورطت نفسي لاختياري هذا الموضوع من ذاك المحور. وأحيل بحثي على علم مناهج المناهج الذي لا وجود له في دولنا كافة وفي أروقة البحث العلمي والأكاديمي.
ثانياً: الإمام القائد كمفكر ملهم:
فالمفكر الذي ختم الألفية الثانية ولا زالت على رأس الألفية الثالثة هو قوة «مفكرة وموضع تطابق فكره هو الإسلام ا لأصيل والفكرة الصحيحة هي التي يجب أن تكون متوافقة مع من يمثلها، فكل فكره إنما تحمل في طياتها المجال الذي أفرزها والمجال هنا هو [تراث أهل البيت(ع)].
وبما أن كل مفاضلة تكون مصحوبة بدوافع في اتجاه معين وأصيل وبحركات بادئة في هذا الاتجاه فإن كل مفاضلة يمكن أن تسمى قوة، وبما أن كل اكتناه هو مفاضلة فإن كل اكتناه لشخصية المفكر هي أيضاً قوة.
وإذا كان لكل فكرة درجة احتمال تحقق حركي، يمكن رصدها من خلال المواقف فعليها أن تكون متناسقة متناغمة منسجمة، ولكنها في ذات الوقت لا يمكن أن تكون مشتركة، بل حالة فردية تعبر عن حاملها إلا في شخصية الإمام، التي تجاوزته إلى آفاق الخافقين بدءاً من الشيطان الصغير إلى الأكبر وانتهاء بالأمة الإسلامية في بعده العقائدي والعملي، وتكمن قوة ذلك الفكر في تماسه مع مصالح الإسلام والمسلمين من ناحية.
ومن ناحية أخرى لا يستطيع أفراده كثيرون أن يتخذوا معاً موقفاً مشتركاً من أي شيء إلا إذا جاز أن يحسوا بالألم إحساساً مشتركاً ومع أن هذا غير ممكن إلا مع الإمام والجماهير الشيعية المسلمة.
إمكانه الأول عبر رصد مسار الشعور التاريخي والتنكيل العلني برؤوس أئمة أهل البيت(ع) إبعاداً وذبحاً وسجناً وتصفية بالأمس البعيد والحرب المفروضة من العدو والصديق بالأمس القريب وهذا هو الشيء الممكن أن أصابتهم آلام متشابهة فكانت لهم وللإمام مواقف كلها ألم بل آلام تاريخية وذلك لأن الإصابة تتعلق دائماً بالفرد ولكن أن تجترح المأساة الأمة فهذا ما يمكن أن يكوّن لهم مواقف مشتركة ومصالح أخرى مشتركة وهذا مغزى تعقيب الإمام على الحرب بقوله «الخير فيما وقع».
يكفيك فخراً يا إمام أن لقبتك الجماهير بالإمام، وهو لقب لم يحصل عليه في التاريخ الشيعي إلا اثنا عشر إماماً فقط.
استلهمت رباطة جأشك من ثبات فكرك ومعتقدك ومبدئك (فأمريكا الشيطان الأكبر وهي نمر من ورق)، وقولك للشاه (حذاء والدك كبير عليك).
وحينما ندرس طبيعة الأفراد من حيث كونهم كائنات فإن سلوك أو ماهية الوعي افردي التي تترجم نفسها عن طريق العلاقات الاجتماعية.
فالأفراد لا يمكن أن نفهمهم وهم منفصلون عن علاقاتهم بعضهم ببعض والعلاقات علينا أن نفهمها وهي منفصلة عن الوحدات الاجتماعية أو الأطراف التي تنتهي عندها.
فالاجتماعي لا يهتم إلا بالمشاكل الخاصة التي يبحثها لذا ستكون خطتنا الإفادة من نتائج تلك الدراسات.
وأول ما يلفت انتباهنا من هذه النتائج ويعتبر ذا أهمية خاصة في التحليل مسألة المنهجية بين الثوابت الفكرية والمصالح المتغيرة للأمة. فالعلاقة بينهما لا يمكن رصدها إلا من خلال المصالح والمواقف أحدهما يتسم بالثبات والأخرى بالتغير ورد الفعل كفيل برصد المصداقية المعتقدية.
وإذا قلنا أن أحد الأشخاص يتركز اهتمامه أو تتجه مصالحه نحو الدين أو القانون أو المال أو الجنس أو النفوذ أو المكانة وجب علينا أن نوضح المواقف التي تتلاءم مع هذه المصالح.
وعلى ذلك فدراسة حقيقة السلوك العقلي يتطلب معرفة كل من المصلحة الموضوعية والموقف الذاتي.
فالموقف الذي ينمو اطرادياً في حياة الفرد والأمم والجماعات موجهة نحو فئة أو شرائح أو قبيلة أو بيئة أو معتقد إلخ. من صنوف المواقف من حيث عملها على جمع شمل الأفراد. وثمة حركة دائمة للانسجام أو التوفيق بين المواقف على المستوى الفردي لكن على المستوى الجماعي تنزع المواقف لتكون متشابهة نحو المصالح.
فمثلاً المواقف تستجيب للإدعاء الضخم الذي هو جزء من النظم التربوية والقيمة التي تحكم مجتمع، ما وتنشأ هذه المواقف إلى حد ما عن ظروف اجتماعية عامة لكنها تستند وبشدة على قوة المذهب الشيعي من جهة والالتزام الحادية من جهة أخرى دعماً وتأييداً من جانب الجماهير.
ونعترف منذ البدء أننا أمام شخصية مرجعية اجتهادية عظمى أربكت القوى الكبرى عالمياً والحاكمة بالمنطقة تبعياً مما يجعل مثلي أن أقر بالصعوبات التي تواجهني وما كان لي أن أهرب منها إلا حينما شرعت في تحليل بيانات وخطب ومواقف اعترف أنها لا تمس صميم ملاحظاتي المنهجية السابقة.
فالمواقف بطبيعة الأمر طوق للوعي أو الإدراك تتميز بأنها غير مشعور بها ومعقدة ومتغيرة ويطرأ عليها التعديل باستمرار تبعاً لتعليمنا وتفكيرنا ولصحتنا ولظروفنا التي تحيط بنا ومن جهة أخرى الموقف الذي نسعى إلى تحديده باسم معين هو في أكثر الأحيان متنوع إلا أن يستمد ثباته من الإسلام أنه تقويم متغير على الدوام لكن يمكن رده إلى الإسلام والغرض من الملاحظات هو تحديد قيمة أولئك وتلك من حيث الصلات التي تربطنا بهم.
إن المواقف كما رأينا جد معقد وجد متنوعة وجد متصلة بالفرد لدرجة أن أي تقسيم لها سيصبح حتماً كما يقول المناطقة تقسيماً مصطنعاً وليس في الإمكان الحصول على تقسيمات كاملة لها، بل يحتاج لدراسة خاصة.
بعبارة أخرى ان تقسيمنا ينبغي أن يتوقف على غرضنا من إجراءه وسيجد المستمع الكريم أننا نعالج المواقف من وجهة نظر اجتماعية متعلقة بمصالح الأمة أي مهتمين بتنويع المواقف التي ثبت أنها ذات قيمة وحاسمة بالنسبة للعلاقات بين الناس.
ثالثاً: في الفكر:
فهو مجمل لواقع المعتبرة ويشمل بالمعنى الأوسع كل ظواهر العقل بما هو شيء يفكر، يتصور، يحلل، يستنبط، يرتاب، يقرر، يريد، ولا يريد.
وبالنحو العادي كل الظواهر المعرفية قبالة المشاعر والمشيئات ولا توجد هناك أفكار فطرية لأن الأفكار هي أفعال ووقائع لكن الحقائق من حيث كينونتها فينا ولا نتفكر فيها إنما هي استعدادات أفكاراً بالقوة.
وبالمعنى الأخص تقال على الإدراك والعقل من حيث أنهما يسمحان بفهم ما يشكل مادة معرفية... من حيث أنهما يحققان درجة توليفية أرفع من الإدراك الصوري من الذاكرة فحين نتمثل المدى نخرج من ذاتنا لندخل في مطلق الفكر. والفكر وعي عقلي قبالة الوعي الحس، فهو مثالي يشكل نموذجاً كاملاً ينبغي تحقيقه أي أنه ترفع جمالي أخلاقي فكري أو ارتفاع وجهة النظر قبالة الحياة الفكرية الضيقة والحياة اليومية العادية. إن حركة المثال المتسامح مع حركة الواقع، هو الروح الواقع. هو الروح في قوانينه الحسية هو ليس بقدرة ما هو قدرة نمط تام في نظام فكري عند الممارسة وهو يشمل جميع النفوس حول هدف مشترك وخارج ذلك ليس سوى المنفعة التي تكون أبعد عن التركيز والتوحيد بل تفصل وتباعد يلحظ فيها البنيوية أكثر من الذاتية.
الله مثاله المتعالي الكائن الأرفع الملبى للحاجة للعقلانية إن البدء والإيجاد المبدأ الوحيد لكل وجود أنه الحق المعيار في قمة القمم وعقيدة الإمام العرفانية منوطة بتفصيل ذلك كله.
- وحينما نتناول الثوابت الفكرية كظاهرة عقلية تكمن في الدعوة المرضية لحالة وعي مهيمنة سلفاً لا يستطيع أن يزيلها مجرى الأفكار العادي ولا فعل الإرادة حتى الجمعية منها.
- وهي أفكار ثورية ومتميزة تتسم بسمة فاعلة إنها العقيدة التي يتسالم الوعي الصحيح معها كعامل تغيير علّة تطوراته الممكنة في أفضل اتجاهاته ثباتاً وتوافقاً ورسوخاً فكر غير متهرب ولا متناقض ولا ممتنع إدراكه يستمد ثباته المنطقي من رواء العقيدة والمذهب المدعمة بالحجج والبراهين الفلسفية والكلامية والعرفانية.
فكر متين غير متوقف على تعسف أو على الظروف الطارئة المتغيرة بل اجتهاد علمي روى بالدم عبر مراحل التاريخ المختلفة ويتطابق مع إسلامه سيمتلك صفات الدوام والموضوعية والبهاء والتألق لأنه ملازم متعهدٌ لروح القرآن ومشخصاً للمعصومين.
وقد برهنت النظريات الخاصة بالفعل الجمعي بشكل أوسع أن الأغراض التي يسعى إليها الفاعل والوسائل التي يثق بها تتعلق بالمعتقدات وبنسب متنوعة وفقاً للحالات.
وكذلك المعتقدات تشكل موقعاً عادياً للفعل تميل إلى تقديم نفسها إلى أن تعاش كظاهرة ذاتية وأيضاً كحقائق موضوعية اجتماعية وأن الفاعل المقتنع يميل فورياً لها عبر البرهنة على صحتها لذلك فإن كل اعتقاد يتضمن خطراً وتهديداً على أعدائه.
باختصار تستند الآراء السياسية عند الشيعة إلى نظريات معتقدية وبدورها تتكئ على منظومة اجتهادية علمية ثابتة.
وبدوري لن ألاحق التشخيص ورصد الدلالات لمجموع المواقف المتغيرة للناص والنص ومنصوصية العادات والتقاليد والأعراف إلا من خلال حيز لا أعتقد أنه يعبر وبالكلية عن عظمة الإمام. وحاصل النتائج تمكنني من ملاحظة الثبات والموثوقية مهما اختلفت المواقف والنتائج المترتبة عليها. لذا سأركز التشخيص على منظومة القيم والأفكار وعالم العقائد للتدليل على مصداقية تلك الثوابت حالة الممارسة في تطويع الوقائع لصالح المتمثّل المعتقدي.
رابعاً: أما مصالح الأمة المشتركة:
يشير المفهوم إلى بعد اختصاصي بعلم الاجتماعي المنهج بالثوابت الفكرية بالمفكر المرجع وبمشروعه المتعلق بمصالح الأمة المتغيرة: حلقات تبدو للوهلة الأولى متداخل عصية على التحليل إلا أن ما يجمعها عموم وخصوص من وجه بل من وجوه فالمفكر فاعل الفكر لا بد وأن يتكئ على منهجية آلية في التفكير والمفكّر فيه لا بد أن يكون من القيمة بمكان حتى يستأهل التفكير والفكرانية تستتبع نتيجة عملانية تولد مصلحة من نوع ما قام ينفع الناس يمكث في الأرض.
وللمصلحة شكلان رئيسان فيما نحن بصدده:
أحدهما: الانتماء إلى الجماهير البسيطة من خلال مبدأ وإخلاص تلك الجماهير بالشخصية المرجعية مما يولد شعوراً تبادلياً لا على المستوى الميكانيكي بل بالأحرى تفاعلي على المستوى المذهبي أو الأيدلوجي يولد اتحاداً شاملاً، لا تنفصم عراه مع أقرانهم كما هو الحالة الإيرانية علاقة الشيعة بالمرجعية وهي لا تخلو عن ثلاثة مواقف إما تقليد أو احتياط أو اجتهاد. كما الانتماء العام إلى القرابة الأسرية أو المدنية أو الأمة.
ومن إحدى المشاكل الرئيسة بل والكبرى أننا لم نرق بعد إلى طور المراهقة الفكرية بل إلى مرحلة الطفولة في تعاملنا مع تلك المشكلة فالطفل ينزع نحو ما يسبب له لذة تشكل له مصلحة في البقاء – أما نحن فقد عجزنا فيها أن نرفع مصالحنا المشتركة كمسلمين فوق مصالحنا التجزئية الضيقة والمدمرة مذهبية كانت أو قومية أو قومية أو قطرية أم طائفية بسبب حكومات العسكر ملوك الطوائف التي ضيعت الأندلس فيما مضى وأندلسنا الفلسطيني الراهن المرهون والمرتهن أنهم الخطر الحقيقي الذي هدد استمرارنا كأمة وكحضارة.
ثانيهما: الانتماء إلى هدف عام وغاية نلحظها في اهتمامات المرجع المفكر الفيلسوف الفقيه والأصولي العرفاني والمحقق المدقق يمثل الشكل الثاني للمصلحة المشتركة للأمة الإسلامية عامة والمجتمع الإيراني بشكل خاص فقد استثارهم حماسة وإخلاصاً ودعاهم لما يحييهم إلا تتفقون معي أن من أهم عوامل التغيير الثمانية. الرؤية المذهبية الإمامية وحماية وطن له موقعه الاعتباري على خارطة المصالح الدولية خاصة في مجال النفط فضلاً عن درء المفاسد الذي دعى للناس للسعي وراء أهداف معينة مشتركة ذات دلالة قوية. فالشبه غالباً ما يكون مصدراً لمصلحة مشتركة كما هي حالة إيران والعالم الإسلامي نرجو لها مزيداً من التعاون والتوفيق.
الجزء الثاني: الشواهد النصية
أولاً: مصادر الإمام الفكرية:
أ- القرآن:
ومن مطالب هذه الصحيفة الإلهية كيفية الاحتجاجات والبراهين التي ذكرها الله وهي:
أما إقامتها الذات المقدسة للحق تعالى بنفسه لإثبات المطالب الحقة مثل الاحتجاج إلى إثبات الحق والتوحيد.
وقد توجد براهين دقيقة يستفيد أهل المعرفة أو الحكماء أو العلماء ويستفيد أهل الظاهر ودعامة الناس على نحو آخر.
هذا الكتاب وهذه المائدة الممتدة في الشرق والغرب ومنذ زمان الوحي حتى تلاوة يوم القيامة هو كتاب يستفيد منه كل الناس الجاهل وللعالم والفيلسوف والعارف الفقيه والكل يستفيدون منه أي أنه في الوقت الذي هو كتاب نازل من مرتبة للغيب إلى مرتبة الشهود.
فإن فيه أيضاً المسائل السياسية والاجتماعية والثقافية والعسكرية وغير العسكرية حتى يستفيد الناس بمقدار سعتهم الوجودية والفكرية.
- لكننا نجد حتى أن فئة من اليساريين والشيوعيين عمدت إلى التمسك بالقرآن أيضاً لنفس أهدافهم التي لهم وهؤلاء لا علاقة لهم أصلاً بالتفسير ولا بالقرآن.
- أسفي لأولئك الناس الذين لا يريدون أن يعلموا ولم يسلكوا طريق العلم ولم يخطو خطوة في طريق التعرف على كتاب الله ولم يخضعوا ذلك الارتباط مع مصدر الوحي حيث إن التفسير يأتي من هذا المصدر.
- قد اهتمت مجموعات مختلفة من أهل العلم بمعنويات الإسلام ثم ظهرت تدريجياً مجموعات اهتمت بالمسائل الاجتماعية والسياسية وقضايا الساعة وهؤلاء وقفوا من هذا الطرف من القرآن أولئك كانوا ينظرون إلى ذلك الجانب من الورق.
وهذه هي الغفلة عن الإسلام لأنهم كانوا ينظرون إلى الإسلام من زاوية واحدة.
- قال رسول الله «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».
بيان من هو مثلي أعجز من أن يتجرأ على الحديث عن مقامات عرفانية أحاطت بكل دائرة الوجود من الملك إلى الملكوت الأعلى ومنه إلى اللاهوت وإنما لا يصل إلى فهمي وفهمك هو ثقيل تحمله ولعل عبارة «لن يفترقا حتى يرد علي الحوض».
إشارة إلى كل ما ألم بأي منهما بعد الوجود المقدس لرسول الله قد أصاب الثقل الآخر أيضاً حتى يرد هذا أن المهجوران الحوض على رسول الله.
وهو مقام اتصال الكثرة بالوحدة واضمحلال القطرات في البحر أم هو شيء آخر لا سبيل للعرفان الفعلي البشري إلى إدراكه لذا ظلم الطواغيت هو ظلم للأمة الإسلامية ولا عذر لعلماء المذاهب إن كان هناك عذر للعامة.
- فقد استغله عباد الأنا والطواغيت واتخذوه وسيلة للحكومات المعادية للقرآن.
- إخراج القرآن الدستور الأعظم لحياة البشر وشؤونهم المادية المعنوية من الميدان.
- أبطلوا حكومة العدل الإلهي وهي أحد أهداف هذا الكتاب المقدس وأسسوا للانحراف والظلم والفساد.
- كتاب تنزل من مقام الأحدية السامي بالكشف المحمدي التام هدى للعالمين ومحوراً لجميع المسلمين كافة بل وعموم الأسرة البشرية وأسفاه لم يعد ل دور سوى في المقابر والمآتم.
- وقد رأينا كيف يعتبر مرتكب لكبرى الكبائر من ينادي بالحكومة الإسلامية ويتحدث بالسياسة وأصبح وصف عالم الدين بالسياسة مرادفاً لوصفه بعدم الدين.
- وقد رأينا أن محمد رضا بهلوي طبع القرآن فاستغفل به البعض وكيف استدرجته فئة من رجال الدين جاهلة بالأهداف الإسلامية.
- وكيف رأينا أن الملك فهد ينفق سنوياً مبالغ كبيرة من ثروات الشعب الطائلة لطبع القرآن الكريم ودعم أماكن تبليغ المذهب المضاد المعادي.
- وعند أهل المعرفة قد صدر هذا الكتاب الشريف من الحق تعالى بمبدئيه جميع الشؤون الذاتية والصفاتية والعقلية وبجميع التجليات الجمالية والجلالية وليست لسائر الكتب السماوية وهذه المرتبة المنزلة. وأما عظمته بواسطة محتوياته ومقاصده ومطالبه.
- القرآن كتاب هداية فيه شفاء الأمراض الباطنية والدعوة إلى تهذيب النفوس وتطهير البواطن من أرجاس الطبيعة وتحصيل السعادة عبر قصص الأنبياء والأمم وأنواع التربية المذكورة والمرموزة فيها ما يحير العقل.
- لذا فإن إحدى الابتلاءات التي ابتلي بها الإسلام أن هؤلاء الأشخاص أمثال المتكلمين والأكثر منهم للفلاسفة والأكثر منهم للفلاسفة والأكثر منهم للعرفاء: أرادوا تفسير جميع الآيات الواردة في القرآن تفسيراً معنوياً فاهتموا بالباطن وغفلوا عن الظاهر.
والآن فإن ابتلاء الإسلام أخذ منحى آخر هو أن شبابنا ومثقفونا وعلماؤنا الذين تعلموا العلوم المادية يحاولون تفسير جميع آيات القرآن والروايات طبيعياً وأغفلوا عن المعنويات وهؤلاء مهتمون بالإسلام لكنهم غافلون أيضاً لأنهم ينظرون للإسلام من جانب واحد.
وهاتان الطائفتان لم تفهمان الإسلام بمعناه الحقيقي فالإسلام لا يدعو إلى الماديات فقط ولا يدعو إلى المعنويات فقط إنه يدعو إلى كليهما.
فقد جاء الإسلام والقرآن الكريم من أجل بناء الإنسان وتربيته في جميع أبعاده والمفسر الذي غفل عن هذه الجهة حرم الملة الإسلامية.
- هذه الصحيفة الإلهية كتاب إحياء القلوب بالحياة الأبدية، للعلم والمعارف الإلهية. هذا كتاب الله ويدعو إلى الشؤون الإلهية، له جل وعلا.
فعلى المستفيد أن يخرق جميع هذه الحجب وينظر إلى القرآن من ورائها ومن الحجب الآراء الفاسدة والمسالك والمذاهب الباطلة وهذا يكون من سوء استعداد الشخص أحياناً والأغلب أنه يوجد من التبعية والتقليد.
أو الذين يركزون على العقيدة العامية ويرون معارف الخواص وأهل الله باطلة. وحتى يتضح فصاحة حد هذه العقيدة الفاسدة الناشئة عن الجهل والغرور الشيطاني لإستلزم ذلك كتاباً على حدة.
- قد اشتبه على الناس التفكر والتدبر في الآيات الشريفة بالتفسير بالرأي المجموع وبواسطة هذا الرأس الفاسد والعقيدة الباطلة جعلوا القرآن عارياً في جميع فنون الاستفادة واتخذوه مهجوراً بالكلية.
- وما ورد في كلام بعض المحدثين من ذوي المقام العالي إن الاعتماد في إثبات التوحيد على الدليل النقلي فمن غرائب الأمور بل من المصيبات التي لا بد وأن يستعاذ بالله منها ولا يحتاج هذا الكلام إلى التهجين والتوهين وإلى الله المشتكى.
ومنها حجاب المعاصي والكدورات الجاهلة من الطغيان والعصيان بالنسبة إلى ساحة رب العالمين المقدسة الذي يحجب القلب عن إدراك الحقائق.
-فيكون نظرهم إلى العالم كنظر الأنعام والحيوانات الخالية عن الاعتبار والتدبر وقلوبهم كقلوب الحيوانات لا نصيب لها من الفكر والتذكر بل تكون حالة الغفلة والاستكبار تزداد فيهم يوماً فيوماً حاسة النظر في الآيات واستماع المواعظ والمعارف فهم أرذل وأجهل من الحيوان ومنها حب الدنيا.
- جاء الفكر في القرآن بتاء المضارعة ولم يأتِ اسماً «للدلالة على حالة ترفيه نخبوية بل عملية».
﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ مدح عظيم للتفكر والآية قد جعلت احتمال التفكر وقد ورد عن النبي الأعظم ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها وقال الشيخ الأنصاري:«اعلم إن التفكر تلمس البصيرة لاستدراك البغية».
وقال الإمام يعني أن التفكر هو تجسس البصيرة وهو بصر القلب للوصول إلى المقصود والنتيجة التي هي غاية الكمال والمقصود هو السعادة المطلقة التي تحصل بالكمال العلمي والعملي.
- لولا البعثة وإيجاد تحول علمي عرفاني في العالم: بحيث أن للفلسفات اليونانية المتحجرة والتي جاء بها اليونان كانت ذات قيمة ولا تزال تبدلت إلى عرفان عيني وشهود حقيقي لأصحاب الشهود.
إن القرآن لم ينكشف في بعده هذا لأحد إلاّ من خوطب به بل لذات ذوات الجلال جلت عظمته لو لم يكن القرآن موجوداً وإلا أغلق باب معرفة الله. إلى أبد الآبدين وتلك الفلسفة اليونانية هي شيء آخر ولها قيمة كبيرة في مجالها لأن بالاستدلال يتم الإثبات ولكن لا تحصل المعرفة والمعرفة هي غير إثبات الوجود.
وجاء القرآن وفيه الوجود بنفس الطرق المتعارفة وعرفان القرآن الذي لا يمكن العثور عليه في أي كتاب.
فارتباط المعنويات بالماديات وانعكاس المعنويات في جميع الجانب المادية هي من خصوصيات القرآن الذي أفاضه.
ب- التوجيهات الأيديولوجية في الإسلام:
-شمولية الإسلام: التوجه للأبعاد والأقسام المختلفة فالإسلام لا يدعو للماديات فقط ولا إلى المعنويات فقط. بل إنه يدعو لكليهما معاً أي جاء الإسلام والقرآن لبناء الإنسان في جميع أبعاده.
- يجب أن ننظر إلى أي مستوى يتمكن فيه شعاع الفكر البشري من الوصول إلى الإسلام.
- إن الإنسان له مراتب سير من الطبيعة إلى ما فوق الطبيعة حتى يصل إلى مقام الألوهية وهي مراتب معنوية.
- جميع الأنظمة الوضعية غير الإلهية لها رؤية محددة لا تخرج عن إطار هذه الطبيعة.
- المدارس التوحيدية إنما جاءت من أجل بناء الإنسان وليس بناء الحيوان.
- كل ما لدينا من أحكام إلهية فقهية هي نبذة من أحكام وأنظمة الإسلام فلا يوجد أي موضوع مهم لم يعط الإسلام حكماً حوله ولم يضع له تكليفاً.
- إن لمفكرينا نفس هذا السطح الظاهري من العلوم الجامعية وهو ذو قيمة كبيرة بيد أن الإسلام لا يريد جل هذا ما يريده هو أن ترتبط جميع العلوم الطبيعية وغيرها بالعلوم الإلهية التوحيدية أي أن يكون لكل علم جانب إلهي.
- الأبعاد السياسية للإسلام هو أن المجتمع في جميع شؤونه أنه جميع العلوم التي تذكرونها وتثنون بسببها على الجامعات الأجنبية وتستحسن الثناء فعلاً لأنها تمثل ورقة واحدة من العالم متدنية جداً أمام الموجودات الإلهية. الفرق أن الإسلام يطلب في نفس هذه الطبيعة معنى آخر وأن الذي يقرأ القرآن الكريم يشاهد هذا المعنى أي يستهدف جانبها المعنوي.
- فالعقل الوارد في القرآن الكريم والأمر بالتعقل هو أمر ينقل من المحسوس إلى عالم التعقل وعالم التعقل هو الأصالة، وأن الطبيعة ليست سوى شبح عن العالم.
- الإسلام لا يختص بطائفة خاصة من المسلمين وحدهم وليس لإيران بعث الأنبياء لم يكن انتفاضة محدودة بمكان معين فالرسول الأكرم كان حجازياً لكن دعوته لم تختصر بالحجاز بل إنها دعوة عالمية.
- لا اعتبار في الاسم للقومية ولا للجماعات ولا للعصابة ولا للغة نحن أخوة مع الأكراد والأتراك والبوسنة وغيرهم ولا بد للعيش المشترك.
- لا يختص الإسلام بدول معينة مثل إيران والعراق بل أن ينظر إلى كل العالم ولا يرتبط بقوم بصلة قرابة ولا بالشرق ولا بالغرب ولا بالشمال ولا بالجنوب إنه إلهي مثلما إن الله هو إله الجميع وليس إلهاً للشرقيين، المسلمين فقط أو الغربيين أو المسيحيين أو اليهود. إنه جاء لبناء البشر ونقد الصورة التي يريدها.
- ينظر الإسلام بعين الأخوة إلى جميع الذين آمنوا بالله ولا يميز العربي على الأعجمي أو الإيراني على غيره كما يقولون، وفقهاً إننا إيرانيون ويجب العمل لإيران فقط أو أننا عراقيون ويجب العمل للعراق فقط غير موجودة في الإسلام ويريد الإسلام أن يكون العالم كله أسره واحدة وأن تحكمه واحدة وهي حكومة العدل الإلهي.
-فالإسلام ورغم احترامه للوطن والذي هو محل الولادة لكنه لا يجعله في مقابل الإسلام فالأصل هو الإسلام. الإسلام لجميع الطبقات. وقد ظهر من الجماهير ولم يظهر من الطبقة الغنية ولا من الطبقة الفقيرة وانتفض من أجل هذه الجماهير وعامة الناس.
- فالله لا ينظر إلى الطبقات وأن التقوى هي المطروحة في الإسلام فمن كانت تقواه أكثر كانت كرامته أكثر فالأنساب والأسباب غير مطروحة أبداً بدءاً من رئيس الجمهورية أو رئيس وزارة.
- إن القرآن يدعو إلى الاجتماع ويدعو إلى السياسة ورغم أن كل عبارات فإن لم تكن هناك عبادة بمعزل عن المصالح الاجتماعية وحتى أن العمل في المصانع والزراعة والتربية والتعليم في المدارس كلها مصالح إسلامية وذات جنبة عبادية.
- إن الأحكام الأخلاقية للإسلام سياسة فاعتبار المؤمنين أخوة إنما هو حكم أخلاقي وحكم اجتماعي وسياسي. فلو كان المؤمنون من الطوائف المختلفة والطبقات المختلفة نظرت بعين المحبة إلى بعضها البعض فإن هذا الحكم اجتماعي كبير وله نتائج اجتماعية كبيرة إضافة إلى أنه حكم إسلامي أخلاقي عظيم وله نتائج أخلاقية كبيرة.
- لو أمكنكم درك مفهوم الدين في ثقافتنا الإسلامية لتأكدتم بوضوح بعد أي تناقض بين القيادة الدينية السياسية بل كما أن الكفاح السياسي هو جزء من الوظائف والواجبات الدينية، فإن قيادة الكفاح السياسي وتوجيهه هو جزء من الوظائف ومسؤوليات القائد الديني.
- من البديهي أن ضرورة تنفيذ الأحكام التي أوجبت تشكيل حكومة الرسول الأكرم لم تكن خاصة بعصر النبي(ص) بل إن الضرورة مستمرة وطبق الآية الشريفة فإن أحكام الإسلام لا تحدد بزمان وأحكامه وهي باقية إلى الأبد ولازمة الإجراء وتعطيلها خلاف ضروريات العقائد الإسلامية.
- أن لولا جهاز التنفيذ والإدارة الذي ينظم جميع فعاليات الناس بنظام عادل من خلال إجراء الأحكام لسارت الفوضى وعم الفساد الاجتماعي والانحراف الاجتماعي والعقائدي والخلقي.
ج- النظرة الكونية للتوجهات الأيدلوجية للإسلام:
- إن معتقداتي أن وجميع المسلمين هي نفس المسائل المطروحة في القرآن الكريم والتي بينها الرسول الأكرم(ص) دائمة الحق(ع) وإن أساس جميع تلك الاعتقادات وأهم وأعلى عقائدنا هو أصل التوحيد.
-الذات الإلهية المقدسة وحدها هي التي خلقت هذا العالم وكل عوالم الوجود والإنسان.
- يجب على الإنسان أن يخضع للذات الإلهية الحقة فقط وأن لا يضع أيّ إنسان ـ ولا يحق لأي إنسان أيضاً أن يفرض على الآخرين أن يخضعوا له بموجب علمه وإدراكه الناقص جداً أو ميوله ورغباته.
وإننا بعلم من هذا الأصل العقائدي تبدأ حرية الناس والمجتمع وأن وضع القوانين هو من صلاحية الخالق. وإن انحطاط الإنسان وسقوطه إنما هو بسبب سلب الحرية منه لسائر الناس.
- لذا يجب على الإنسان أن يثور ضد سلاسل وقيود الأسر هذه ويقف بوجه الآخرين الذين يدعون إلى الأسر ويحرر نفسه ومجتمعه.
ولهذا السبب تنطلق قراراتنا الاجتماعية ضد قوى الاستعباد والاستكبار فجميع الناس متساوون أمام الخالق فالأصل هو تساوي الناس ولله التقوى والطهارة من الانحراف والخطأ هو المعيار والقاعدة الوحيدة لامتياز فرد على آخر.
لذا يجب محاربة كل ما يستهدف القضاء على التساوي بين أبناء المجتمع وتحكم الامتيازات الفارغة التي لا أساس لها في المجتمع.
- يدعي بعض السذج والبلهاء أن أحكام الإسلام وضعت قبل ألف وأربعمائة عام فلا يمكنها إدارة أمور الدول.
- أو أن الإسلام دين رجعي يرفض مظاهر التمدن ولا يمكن للدول المعاصرة أن تتسلح من هذا التمدن العالمي ومظاهره.
- وإن الإسلام إنما يعني بالمعنويات وتهذيب النفوس والتحذير من المقامات الدنيوية والتأكيد على الانهماك في العبادات والأذكار والأدعية اليومية.
وإن الحكومة السياسية وإدارة البلاد وأمور البلاد على خلاف ذلك الهدف العظيم المعنوي فهذه جميعاً من أجل إعمار الدنيا.
وللأسف أثر هذا في بعض رجال الدين والمتدينين غير العارفين بالإسلام حتى اعتبروا أن التدخل في شؤون الحكم والسياسة معصية وفسوقاً.
فلعل البعض يعرفون وهذه فاجعة عظمى ابتلى الإسلام بها.
الصفة الأولى:
ينبغي القول أنهم إما جهلة بالحكم والقانون والسياسة أو عالمون لكنهم يتظاهرون بعد الإطلاع لأغراض خاصة فإجراء القوانين على أسس القسط والعدل ومنع الظلم ومواجهة الحكم الجائر وبسطه العدالة. على كلا الصعيدين الفردي والاجتماعي وقمع الفساد والفحشاء وأشكاله وانحرافاته وتحديد الحريات وتحديد الحريات بموازين العقل والعدل وقضايا الاستقلال والاكتفاء الذاتي ومكافحة الاستكبار والاستغلال والاستعباد وقضايا الحدود والتعزيزات على أساس العدل منعاً للفساد العام وتدمير المجتمع وقضايا السياسة وتدمير شؤون المجتمع.
وفق معايير العقل والعدل والإنصاف والمئات من أمثال هذه القضايا ليست من الأمور التي بليها الدهر على مدى التاريخ الإنساني والحياة الاجتماعية وادعاء مثل ذلك الادعاء.
بأن القواعد العقلية والرياضية يجب أن تلغى في القرن الأخير وتستبدل بقواعد أخرى ما هو بأكثر من ادعاء بليد.
- الأديان الإلهية واهتمامها بجميع أبعاد الإنسان وراحته وبنائه في جميع أبعاده.
إن جميع القوى وسائر الدول لا تبالي بمعنويات الناس وجميع المدارس الموجودة في الدنيا سوى مدارس التوحيد – لا تبالي بالذات الباطنية للإنسان ما هي نفسيته ولا يوجد قانون يمنع الإنسان من بعض ممارساته حتى لو كان في صندوق مغلق.
- المعاد وعوالم الوجود الذي هو أعم من الغيب والشهادة أذكركم بضرورة إعادة النظر في الفلسفتين (المادية والإلهية):
فلقد وضع الماديون في فلسفتهم تجاه قضايا العالم الحس معيار للمعرفة فأخرجوا الشيء غير المحسوس من دائرة العلم واعتبروا الوجود قرين المادة- واستتبع هذا المعياران اعتبروا عالم الغيب ضرباً من الأوهام والأساطير في حين أن معيار المعرفة في الفلسفة الإلهية هو من أداتي الحس والعقل معاً.
فيدخل المعقول المدرك بالعقل دائرة العلم حتى لو انعدم إدراكه بالحس في حين توجد عوالم أخرى لم يدركوها وتوجد نجوم تحتاج إلى ستة بلايين سنة ضوئية ليصل نورها إلى الأرض.
- الاعتقاد بوجود مبدأ متعال هو من أمور قطرة عشق الكمال حتى وإن لم نكن نؤمن بالجنة لا سمح الله لقالت فطرتك: ليت مثل هذه الجنة موجودة وليتهن كن من نصيبي نور الفطرة قد هدانا إلى أن نعرف أن قلوب جميع أبناء البشر من أهالي أقصى المعمورة وسكان البوادي والغابات إلى شعوب الدول المتحضرة في العالم.
وابتداء بالطبيعيين والماديين وانتهاءاً بأهل الملل والنحل تتجه بالفطرة نحو الكمال الذي لا نقص فيه أي جميع الكائنات والعائلة البشرية يقولون بلسان فصيح وبقلب واحد وجهة واحدة.
- إننا عاشقون لكلمات المطلق إننا نحب الجمال والجلال المطلق، إننا نطلب القدرة المطلقة والعلم المطلق.
فهل هناك في جميع سلسلة الكائنات في عالم التصور والخيال وفي كل التجويزات العقلية والاعتبارية موجود له الكمال المطلق والجمال المطلق سوى الله... مبدأ العالم جلت عظمته؟ وهل الجميل على الإطلاق الذي لا نقص فيه إلا ذلك المحبوب المطلق.
فيا أيها الهائمون في وادي الحيرة والضائعون في صحارى الضلال بل أيتها الفراشات الحالمة الهائمة حول شمعة جمال الجميل المطلق ويا عشاق الحبيب الخالي من العيوب والدائم الأزلي عودوا قليلاً إلى كتاب الفطرة وتفصحوا كتاب ذاتكم لتروا أن الفطرة الإلهية قد كتبت فيه بقلم القدرة.
(وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) فهل إن (فطرة الله التي فطر الناس عليها) هي فطرة التوجه نحو المحبوب المطلق.
وهل أن الفطرة لا تبدّل (لا تبديل لخلق الله) هي فطرة المعرفة/تيقظوا من نوم الغفلة.
وليكن نور طلعته ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ وإن سعة إحاطة محبوبك (لو دليتم بحل إلى الأرضين السفلى لهبتكم على الله).
إذن يستوجب عشقك الفعلي معشوقاً فعلياً ولا يمكن أن يكون شيئاً متوهماً متخيلاً إذ أن كل موهوم ناقص والفطرة إنما تتوجه إلى الكامل فالعشق الفعلي لا يكون من دون معشوق ولا معشوق غير الذات الكاملة التي تجد إليها الفطرة فلازم عشق الكامل المطلق وجود الكامل المطلق.
وقد أصبح معلوماً أكثر أن أحكام الفطرة ولوازمها أوضح من جميع البديهيات. ﴿أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾.
- نظم العالم ليس صدفة وتلقائية يقول الإمام الممكن لا يوجد بنفسه إن هذا القول يخالف الضرورة العقلية التي تتفهي تحول شيء إلى شيء آخر بذاته دون تدخل علة خارجية.
- توحيد الله أمر فطري.
ذات الله هي مبدأ كل شيء منشأ جميع الكمالات مصدر كل الخيرات وهو حقيقة الوجود والمقياس إن الوحدة تساوق الوجود.
د- النبوة والأنبياء:
- تدين حياة الإنسان بكل أبعادها سواء التربية الجسمية والروحية أو العقلية أو ما فوقها لا يمكن أن تكون بيد البشر.
لأن البشر لا يلم بحاجات الإنسان وكيفية تربيته بالنسبة إلى ما وراء الطبيعة ورغم ذلك فإن خصائص الطبيعة قد تطورت في الأيام الأخيرة كثيراً جداً لكن أموراً كثيرة أخرى لم تكتشف ويجب على المربي للجانب اللغوي أن يملك علماً حقيقياً لذا كان الوحي الإلهي ينزل على أشخاصٍ كمل.
-إن الهدف من بعثة الأنبياء مقدمة لنشر التوحيد ومعرفة الناس بالعالم وإراءة العالم كما هو لا بالشكل الذي تدركه وبذلوا جهدهم ليكون كل التهذيب والتعليم وتصب جميع الجهود لإنقاذ الناس من هذا الظلم الذي يسيطر على العالم إلى النور.
- ومن ثم الهدف النهائي هو معرفة الله وكل شيء مقدم له وهو رفع الحجاب عن تلك النقطة الأصلية.
- هدفان أساسيان للأنبياء تنمية معنويات الناس واستعداداتهم إنقاذاً للضعفاء من نير الاستكبار وإقامة العدل قبل أن يشكل حكومته.
- سر عدم اختلاف الأنبياء المجردون لهم علوم تطابق الواقع لذا فإن جميع الأنبياء متطابقون في الكشفيات وتواق علومهم وأخبارهم لبعضهم البعض فيحصل الأنس الاتحادي مع المبادئ العالية فتبعث على نفسه وقلبه الحقائق.
- هل الدين أفيون أم محرك.
إن أعدائنا يقولون: «الدين أفيون الشعوب» وقد أثر هذا الكلام حتى بين بعض مثقفينا.
وقالوا أيضاً: «الإسلام كان مفيداً لألف وأربعمائة سنة مضت ولا يمكن تطبيق جميع أحكام الإسلام الآن».
هؤلاء لا يعرفون ما هو الإسلام.
يقولون: لقد اختلقوا الأنبياء ليعدوا الدين لأجل المحافظة على الأقوياء.
في حين أن المتصفح لصفحات التاريخ عامة وتاريخ الإسلام خاصة الذي هو قريب من عصرنا الحاضر نشاهد (من وقف بوجه من) وإن كل من ينظر إلى تاريخ الأنبياء وما هي الطبقة التي ينتمون إليها ومن يعارضونه.
يعلم بأن الأنبياء كانوا من هذه الطبقة المستضعفة من هذه الطبقة الثالثة من عامة الناس، ودفعوا الناس لمحاربة المستكبرين، وأحدهم موسى(ع). إذ كان راعياً يحمل عصاه وخدم شعيب لمدة طويلة وعمل راعياً عنده وكان من عامة الناس ونهض من بينهم وجهزهم ضد فرعون، إن فرعون لم يرب موسى ليحفظ عرشه وإن موسى جمع الناس وجهها للإطاحة بعرش فرعون ليس لأن الدين أفيون الشعوب.
وكذلك الرسول الأكرم، وقف بوجه طغاة قريش وفر من مكة بعد أن أنهى الأعمال السرية في غار حراء ثم ذهب إلى المدينة ومن كان يرافقه.
هل كان هؤلاء الأقوياء.
هل كان هؤلاء طغاة.
هل كانوا من الآكلين للربا.
هل كانوا تجاراً.
هل كانوا بعهود أغنياء…
كانت غرفته من جذوع النخيل.
أصحابه من أهل الصفة لا بيت لهم،
إلا أنه قضى على كفار قريش.
فالإمام وسائر الأديان إنما هي محركة وأيقظت الناس وتعليمات الأنبياء أيقظت الجماهير وأثارت الناس ضد أصحاب النفوذ وضد المشركين.
إن الأنبياء العظام السابقين والرسول الأعظم في الوقت الذي كانوا يحملون فيه الكتب السماوية في يد من أجل هداية الناس كانوا يحملون السلاح في اليد الأخرى.
فإبراهيم(ع) يحمل الصحف في يد والفأس في اليد الأخرى للقضاء على الأصنام.
وكليم الله موسى(ع) يحمل التوراة في يد والعصا التي أذلت الفراعنة.
والنبي محمد كذلك انتفض ضد قريش التي كانت تملك كل شيء.
- إن الناس الذين قبلوا دعوة الأنبياء تركوا آثاراً طيبة وتلك المجموعة التي كانت منحرفة لكنها قدمت نتائج طيبة فإنها بفضل الأنبياء ومن آثارهم أيضاً لأن أثار الأنبياء هي التي كانت السبب في تخوفهم من الشعوب.
- بعثة النبي الأكرم هي أعظم حدث في العالم. إن الأزمنة لا تمتاز بذاتها عن بعضها البعض فالزمن موجود وسائر متحرك ومتعين ولا يوجد أي فرق بين فترة زمنية وأخرى.
إن شرافة الزمن ونحوسته يعود للأحداث الواقعة فيه ويوم مبعث الرسول الأكرم لا يوجد يوم على طول الدهر من الأزل إلى الأبد أشرف منه.
هـ - ثالثاً: الإمامة والتشيع:
أثبتنا بحكم العقل أن لا بد وأن تكون الإمامة التي تعني تعيين الحارس للدين موضوع ثابت ومسلم به في الإسلام.
- ولو كان المشرع في الإسلام شخصاً عاقلاً عادياً لوجب عليه أيضاً أن يحدد وظيفة المتمسكين بدين من بعده وهذا لا يحتاج إلى دليل لا بد من أحكام العقل الواضحة حيث أن كل مشرع في العالم يضع القانون للتنفيذ والتطبيق.
ولا تنحصر الأحكام الإلهية بزمان الرسول فقط وبما أن رب هذا العالم الذي وضع القوانين لحياة الناس وأراد الله ورسوله تطبيقها والحال هذه إلا أن يعين الخالق شخصاً: يعلم قوله وقول رسوله بالتفصيل دون أي نقص أو زيادة ولا يخطئ ولا يغلط في تطبيقه للقوانين الإلهية ولا يكون خائناً ولا كاذباً ولا ظالماً ولا منتفعاً ولا طماعاً ولا طالب للرئاسة وللجاه ولا يتخلف بنفسه عن القانون أو يأمر الناس بالتخلف ولا يستأثر بنفسه وبمصالحه عن سبيل الله وسبيل دينه وهذا هو معنى الإمامة.
وبشهادة التواريخ المعتبرة والأخبار المتواترة عند السنة والشيعة فإنه لا يوجد بين جميع الناس من يحمل مثل هذه الأوصاف بعد رسول الله سوى علي بن أبي طالب عليهما السلام بولايته في غدير خم ومن بعده أئمة الهدى استمراراً لإمامته. وقد بايعه كبار الصحابة «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه».
ولكن لكي ينفتح الطريق أمام أولئك الأشخاص الذين يمتازون بكثرة المعلومات والمعارف والجهات المعنوية وينفتح الطريق أمامهم كي يفكروا ويبحثوا بدقة ويدققوا في حاله وفي حالنا وفي المعارف فإن الذي يلاحظ أدعيته في نهج البلاغة يعلم ما هو الأساس الذي يقوم عليه.
وعظمة المقام المعنوي لفاطمة الزهراء(ع) حينما قدمت خدمات أبهرتنا نحن وأنتم وجميع البشر.
- فخطبة الزهراء(ع) بوجه الحكم القائم.
- ونهوض أمير المؤمنين وصبره لأكثر من عشرين سنة ومساعدته للحكم الموجود.
- وتضحية الإمام الحسن الذي أدى خدمة كبيرة جداً وفضح الدولة الأموية الجائرة.
- أو خدمة سيد الشهداء الإمام الحسين(ع).
استطاعوا السيطرة على جميع الظلم بواسطة أرواحهم الإلهية. وروح الإيمان وتمكنوا من إحياء الإسلام وأصبحوا قدوةً لنا ولكم لكي نقف ونقاوم جميع القوى التي تحاربنا اليوم.
وقد علمنا أولياؤنا(ع) بأنه يجب الوقوف بوجه المستكبرين.
وأحياناً من خلال السلاح وإيقافهم عند حدهم.
وأننا نقبل بهذه القدوة ونقبل بتبعيتنا لهم.
- ويقمع مستكبري العالم ويجعل مستضعفي العالم وارثي الأرض ويحكم البشرية قانون العدل الإسلام فقط وتزول هذه المنظمات التي تنادي بحقوق الإنسان كذباً وبهتاناً، أبارك ذكرى الولادة السعيدة المباركة لخاتم الأوصياء ومفخر الأولياء الحجة بن الحسن العسكري أرواحنا لمقدمة الفداء ولجميع مظلومي الدهر والمستضعفين في العالم ذكر ميلاد رجل سوف يطهر العالم من شر الظلمة والمحتالين ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بد أن ملئت ظلماً وجوراً.
سوف يملأ الأرض عدالةً بمعناها الواقعي هدف جميع الأنبياء وأرادوا أن يطبقوها في جميع العالم لكنهم لم يتوقفوا لذلك وليست العدالة كما يفهمها الناس العاديون التي هي فقط من أجل تحقيق رفاه الناس بل في جميع مراتب الإنسانية.
إذا أن إعادة الإنسانية عن انحرافه سواء الانحراف العلمي أو الروحي أو العقلي إنما تعني تحقيق العدالة عنده.
- التشيع هو مذهب أهل البيت.
بأننا أتباع مذهب يهدف إلى إنقاذ الحقائق القرآنية من المقابر.
ولأننا أتباع مذهب كان مؤسسة الرسول الأكرم بأمر من الله وقد كلف أمير المؤمنين العبد المحرر من جميع الأغلال البشرية من كافة القيود والعبوديات.
وبأن منا باقر العلم.
وبأن مذهبنا جعفري فقهنا هذا البحر المعطاء بلا حد هو واحد من آثاره.
وبأن أئمتنا المعصومين قضوا أعمارهم سجناً ونفياً وتشريداً في سبيل رفعة الإسلام وتحقيق أهداف القرآن الكريم والتي أحدها تأسيس حكومة العدل الإلهي وكانت عاقبتهم أن استشهدوا في جهادهم لإسقاط حكومات الجور والطغيان في عهودهم.
- محاربة التشيع للظلم من خصائصه الذاتية:
منذ البداية وحتى اليوم هي المقاومة والانتفاضة بوجه الدكتاتورية والظلم حيث يشاهد ذلك على طور تاريخ الشيعة حتى اليوم.
- فالحركة الدستورية أو المشروطة – وحركة التنباك - وتأسيس الحوزة العلمية الدينية في مدينة قم - وجهود المثقفين المتدينين داخل المراكز الجامعية وانتفاضة حركات 62-63 للشعب الإيراني بقيادة الإسلام الشيعي في الأوساط العالمية..
أحكام الشريعة الإسلامية:
ثانياً: الممارسات العملية الذاتية للإسلام:
-ماهية القوانين وكيفيتها، أحكام الشرع دليل آخر على ضرورة تشكيل للحكومة وأنها شرعت لإدارة المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
أولاً: أحكام الشرع تحتوي على قوانين متنوعة لنظام كلي اجتماعي متكامل وفي هذا النظام الحكومي تسد جميع حاجات الإنسان بدءاً من علاقات الجوار وعلاقات الأولاد والعشيرة وأبناء الوطن.
فالتجمعات العبادية السياسية عيد الفطر، والأضحى والحج والجمعة.
-إبعاد سياسية واجتماعية وهذه الأبعاد مدمغة ومتداخلة ببعضها البعض فالعبادة ليست وظيفة روحانية فقط بل عبادية سياسية، ويجب على المسلمين الاستفادة منها.
فصلاً الجمعة تشمل على خطبتين حيث يجب أن يطرح فيهما أحداث الساعة وحاجات البلاد والمنطقة والقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية ليطلع الناس عليها.
وفي كل عام يوجد عيدان يجتمع فيهما الناس ولصلاة العيد خطبتان ثم تطرح المواضيع السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
اجتماع الحج السنوي وفي الحقيقة فإن الحج اجتماع كبير ومجلس أعلى لدراسة أوضاع جميع البلدان الإسلامية.
فمثلاً لم تكن المساجد في صدر الإسلام على الصور المبتذلة هذه والتي حدثت فيما بعد في تلك المرحلة بواسطة المنحرفين.
كل ما قدمه المغرضون أو المعرضون أو المرتزقة تحت عنوان فلسفة الحج لا يعدو في إطار تصويره بأنه: عيادة جماعية سفر أو زيارة وسياحة لكن الإجابة على التساؤلات؟
كيف يجب أن نحيا؟
وكيف يجب أن نجاهد؟
وبأي صورة نواجه الرأسمالية والشيوعية.
وما علاقة الحج بوجوب انتزاع حقوق المسلمين والمحرومين من الظالمين.
التفكير بسبيل إنقاذ المسلمين.
وما علاقة الحج بلزوم أن يظهر المسلمون كقوى كبرى ثالثة في العالم. وما شأنه هو بأن يرص الانتفاضة على الحكومات العميلة.
- الحج يجب البحث فيه عن المحتوى الحق للسياسة الإسلامية ولجميع شؤون الحياة.
- الحج منطق دعوة لإيجاد وبناء مجتمع مطهر من كافة الرذائل المادية والمعنوية.
الحج هو تجلي وإعادة تجسيم كافة ملاحم العشق الإلهي وعشق حياة الإنسان الكامل والمجتمع الكامل في هذه الدنيا والبراءة من المشركين.
- يجب إسقاط الحكومات الظالمة والعميلة ثم إقامة حكومة الإسلام العادلة والتي هي في خدمة مصالح الناس.
- واجب جميع العلماء وجميع المسلمين أن يضعوا حداً لهذا الظلم وأن يسعوا من أجل سعادة الملايين من الناس وتحقيق مصالحهم.
- إننا نريد حكومات صالحة تحكم لصالح المسلمين.
- لا يكفي الاجتهاد المصطلح بقيادة المجتمع الإسلامي يجب أن يكون باب الاجتهاد مفتوحاً دائماً في الحكومة الإسلامية.
ويقضي طبيعة الثورة والنظام أن تطرح الآراء الاجتهادية الفقهية في المجالات المختلفة بشكل حر ومفتوح حتى ولو كانت مخالفة لبعضها البعض ولكن الشيء المهم المعرفة الصحيحة للحكومة حتى يتمكن النظام الإسلامي من التخطيط لمصالح المسلمين.
-لو وجد إنسان هو الأعلم في العلوم المعروفة في الحوزات العلمية لكنه غير قادر على تشخيص مصالح الناس ومصلحة المجتمع أو لا يقدر على تشخيص الأفراد الصالحين والمفيدين ويفتقد بشكل عام للرأي الصائب في المجال الاجتماعي والسياسي- والقدرة على اتخاذ القرار فإن مثل هذا الإنسان يكون غير مجتهد في المسائل الاجتماعية والحكومية ولا يمكن التصدي لاستلام زمام المجتمع.
- بشأن متمتم الدستور على السادة أن يقوموا بما يجدون محققاً لمصالح المسلمين وكنت معتقداً ومصراً منذ البداية بأن شرط المرجعية ليس لازماً.
- تمكن الحكومة أن تلغي من جانب واحد العقود والاتفاقيات الشرعية التي عقدتها مع الناس في حال مخالفتها لمصلحة البلاد والإسلام.
- وتتمكن الحكومة أن تمنع فريضة الحج التي هي من الفرائض الإلهية المهمة منعاً مؤقتاً ما دامت تخالف مصلحة الدولة الإسلامية.
- وتستطيع تحديد الملكية المشروعة ضمن حدود معينة ومصادرتها بواسطة حكم الفقيه في حال رآها خلاف صلاح الإسلام والمسلمين.
- ولو أساء رجل التعامل مع زوجته عليه أولاً نصيحته وثانياً تأدية ولو لم ينفع ذلك أوقع الطلاق بينهما عند تقتضي مصلحة الإسلام والمسلمين ذلك.
- يجب إسقاط الحكومات الظالمة والعميلة ثم إقامة حكومة الإسلام العادلة والتي هي في خدمة مصالح الناس.
- واجب العلماء وجميع المسلمين أن يضعوا حداً لهذا الظلم وأن يسعوا من أجل سعادة الملايين من الناس وتحقيق مصالحهم.
ففي السابق أبدى بعض منهم فتوراً حتى في المجال النظري وتقاعس بعضنا عن الدعوى إلى الإسلام ونشر نظرياته وأحكامه أننا نريد حكومات صالحة تحكم لصالح المسلمين.
- كل ما عند الرسول تابع للقانون الإلهي والرسول كان قرآناً مجسماً على الأرض أي كان النبي قانوناً مجسماً.
إن حكومة الجمهورية الإسلامية التي ندعو لها مستلهمة من سنة الرسول الأكرم(ص) والإمام علي(ع) وتستند إلى الرأي العام للشعب فالشعب هو المعيار.
- الخليفة يجب أن يكون عادلاً ومتكاملاً اعتقادياً وأخلاقياً وثانياً لأن الحكومة الإسلامية حكومة قانون لا هؤلاء.
اجتماعياً:
-الشريعة شرعت لإدارة المجتمع سياسياً وثقافياً واقتصادياً فهي تحتوي على قوانين متنوعة لنظام كلي اجتماعي متكامل وفي هذا النظام الحقوقي تسد جميع حاجات الإنسان.
بدءاً من علاقات الجوار وعلاقات الأولاد والعشيرة وأبناء الوطن وجميع جوانب الحياة العائلية الزوجية وانتهاءاً بالتشريعات التي تخص الحرب والسلم والعلاقات الدولية من القوانين الجزائية إلى الحقوق التجارية والصناعية والزراعية.
فعنده قانون لما قبل الزواج وانقضاء النطفة ويعطي أحكاماً حول النكاح كيف ينبغي أن يكون وما ينبغي أن يكون طعام الإنسان في ذلك الوقت أو حين انعقاده النطفة في فترة الرضاع.
وينظم الإسلام واجبات الأبويين الذين سيعهد إليهما بتربية الأولاد وعلاقة الزوج بزوجته وعلاقتهما به وعلاقة كل منهما بالأولاد لجميع هذه الشؤون يملك الإسلام قوانين وأنظمة من أجل تربية إنسان كامل فاضل أو ليست هذه مصالح تسعى وراء إيجاد إنسان مهذب فاضل وسد حاجات الإنسان.
اقتصادياً:
- إن الدول الإسلامية وبسبب ضعف الإدارة والتبعية تعاني وضعاً مؤسفاً مما يتطلب عرض مشاريع وبرامج بناء تصون مصالح المحرومين والمسحوقين.
- الإسلام هو الذي يقف بوجه المصالح الشخصية.
- إن إبراهيم عليه السلام رفع فأسه وحطم أصنام الأشراف بوجههم من أجل مصالح الجماهير ليزيل الظلم عنهم.
- أرى ضرورة الإسراع في سن القوانين لصالح المستضعفين.
- إن خمس أرباح سوق بغداد يكفي السادة وجميع الحوزات العلمية وجميع فقراء المسلمين فضلاً عن أسواق طهران وأسطنبول والقاهرة ضد غيرها.
- يجب تنفيذ رأي الحاكم الشرعي الذي يقوم على أساس مصلحة جميع المسلمين مثلما أن تقسيم الزكاة في كل زمان يكون بعهدة الحاكم الإسلامي في ذلك الزمن وهو ينفقه في مصارف خاصة بموجب المصلحة التي يشخصها.
- إن المقاطعة الاقتصادية هدية بل تحفة إلهية كنا غافلين عنها لبلادنا نعم قد نعاني ونتعب عشر سنوات لكن النتيجة ستكون لصالحنا.
- إن سياستنا تقوم دوماً على مبدأ الحرية والاستقلال والمحافظة على مصالح الجماهير ولا نضحي بهذا الأصل فداء لشيء أبداً.
- يجب أن تقوم الحكومة بالإشراف على السوق فقط حتى لا يحصل الانحراف وحتى لا يأتوا أحياناً ببضائع مخالفة للإسلام تعارض مصالح الجمهورية الإسلامية.
- إننا سوف لن نغلق آبار النفط ولكن لن نبيعه بالمجان أيضاً لماذا لا نستفيد منه مباشرة في اقتصادنا بدلاً من بيعه.
- من حق الشعب ألا يبيع نفطه للدول التي تدعم عدوه سواء كانت أمريكا أو أية دولة أخرى كإسرائيل الغاصبة وغير القانونية والمعتدية على حقوق الإسلام وعدوة الإسلام ونظام أفريقيا الجنوبية العنصرية ويتناسب ذلك بالطبع مع مصالحنا.
- يجب على أبناء الشعب دفع الضرائب المباشرة بالإجبار ومن ذلك إدارة البلاد داخلياً فالنفقات الاحتياطية ومصالح البلاد في الجوانب المدنية والعسكرية.
أما الضرائب العادية والاستثنائية تستطيع الدولة أن تأخذ من الناس بمقدار ما تحتاج ويكون ذلك تحت عنوان القرض لو ارتأت صلاح ذلك من أجل إنفاقها على الحكومة الإسلامية.
- الضرائب المالية التي شرعها الإسلام تدل على أنها لم تخصص لسد رمق الفقراء والسادة، وإنما لتشكيل حكومة وضمان نفقات دولة كبرى.
- الخمس أحد الموارد الضخمة التي تدر على بيت المال أموالاً طائلة ويشكل أحد موارد الميزانية ويؤخذ الخمس بناءاً على مذهبنا من الكسبة المنافع والأرباح سواء في الزراعة أو التجارة أو المصادر الباطنية والسطحية وبشكل عام فإن الخمس بشكل عادل من جميع الموارد.
- فيساهم في دفع ضريبة الخمس بائع الخضراوات إذا حصل عنده ما يزيد على مؤسسة السنوية المنسجمة مع تعاليم الشرع في الصرف والإنفاق.
-كما يساهم في ذلك ربان السفينة ومستخرج الكنوز والمعادن ويدفع خمس فائض الأرباح إلى الإمام إذ الحاكم الإسلامي ليجعله في بيت المال.
- أن هذا المورد الضخم إنما هو من أجل تيسير شؤون الدولة الإسلامية وسد جميع احتياجاتها المالية.
- وإذا أردنا أن نحسب أخماس أرباح المكاسب في الدول الإسلامية أو العالم كله إذا كان يدين بالإسلام. لتبين لنا أن هذه الأموال الطائلة ليست لرفع حاجات سيد أو طالب علم بل الأمر أكبر وأوسع من هذا لسد الاحتياطات المالية لتشكيلات حكومة كبيرة.
- والجزية ووإذا نظرنا إلى الأموال التي تجبى من الجزية على أهل الذمة.
- والخراج الذي يؤخذ من الأراضي الزراعية الواسعة لوجدنا ثروة ضخمة لا يستهان بها.
- أن مثل هذه الأموال والضرائب تدل على لزوم وجود وحكومة تستلزم دوائر خاصة وحسابات دقيقة وتدبير وتدون، وبعد نظر فهو لا يتم من خلال الفوضى على المتصدين للحكومة أن تحدد الضرائب بمقدار متناسب طبقاً للمصلحة ومن ثم نقوم بجمعها ومن ثم انصرافها.
- الديات التي يجب أخذها وإعطاءها إلى أصحابها.
- لقد أدرك الأعداء جيداً في الماضي أن لو حصل الإسلام على القوة الكافية فإنه سوف لا يسمح لهم بتحقيق مصالحهم.
تعليقات الزوار