فتح الشهيد ميرزا محمد البروجردي عينيه على الدنيا في عام 1333 في قرية دره كرك التابعة لبلدة بروجرد في دار متواضعة يضفي عليها النور الإلهي وولاية أهل البيت(ع).

 

فقد الشهيد والده وهو في السادسة من عمره، فراحت أمه تسهر على تربيته رغم كل الصعاب التي أحاطت بها.

 

دخل محمد المدرسة في سن السابعة، ولكن بسبب الظروف المادية الصعبة لأسرته، قرر مواصلة الدراسة في مدرسة مسائية إلى جانب العمل في النهار من أجل إعانة أسرته على عيش كريم.

 

تزوج الشهيد من ابنه خالته في سن السابعة عشرة، ولم يمض وقت طويل على زواجه حتى دُعي إلى الخدمة العسكرية، ولأنه كان يعارض حكومة الشاه فقد فرّ من الخدمة وتوجه إلى العراق للقاء الإمام(قدس سره)، إلا أنه أُلقي عليه القبض عند حدود سوسنكرد ليقلى في سجن الشاه وتعذيبه مدة ستة أشهر.

 

ارتبط الشهيد بأنصار الإمام(ره) بمن فيهم الشهيد الحاج مهدي العراقي، واستطاع على مدى مراحل جهادة أن يثبت ولاءه وتبعيته كمقلد وتابع لولاية الفقيه.

 

كان الشهيد البروجردي إلى جانب اتصاله بالشخصيات الإسلامية والثورية يمارس نشاطات أخرى كاستنساخ وتوزيع بيانات الإمام(ره) وخطبه، إلا أنه لم يقتنع بذلك وكان يعتقد أن جهاد الشعب المسلم في إيران ضد نظام الشاه يبدأ بالكفاح المسلح, ولذلك توجه مع مجموعة إلى سوريا ليتصل بالإمام موسى الصدر والشهيد محمد المنتظري ويتلقى التدريبات العسكرية.

 

وبذلك أسس "جماعة توحيد الصف" من أجل الكفاح المسلح ضد النظام البهلوي واستطاع القيام بعمليات مهمة، وكان له دور فاعل في انتصار الثورة الإسلامية.

 

بذل الشهيد البروجردي إلى جانب غيره من الثائرين جهوداً كبيرة على طريق انتصار الثورة الإسلامية، وقام في أوائل الثورة ــ عندما أخذ العملاء في الداخل بإثارة الفتن والاضطرابات في المناطق الكردية ــ بالتوجه إلى باوه إثر الأمر التاريخي الذي أصدره الإمام الخميني(ره) بمواجهة وضرب مناوئي الثورة. كان هو أحد اثني عشر فرداً أسسوا حرس الثورة الإسلامية.

 

وكان قد شمر عن ساعديه في مواجهة مناوئي الثورة في أحداث باوه ومعارك سنندج وأحداث مدن كردستان الأليمة، فكانت هذه البلدات تتحرر الواحدة تلو الأخرى على يديه وأيدي الثوار من أصحابه. وقد بدأ الشهيد عمله في كردستان بأفراد معدودين، وكان ذهابه إلى كردستان في وقت كان فيه شباب حزب الله يستشهدون ظلماً بأيدي الملحدين من أعداء الثورة على أثر سياسة المساومة التي اتخذتها الحكومة المؤقتة آنذاك وخيانة هيئة حسن النوايا! ومن بعد استشهاد الشهيدين الكاظمي وكنجي زاده، أخذ الشهيد البروجردي على عاتقه قيادة العمليات العسيرة والصعبة الاختراق على مسير بيرانشهر وسردشت ليُدخل بشجاعته وشجاعة مقاتلي الإسلام الرعبَ في قلوب أعداء الثورة. وعلى الرغم من أنه كان يتعهد بمسؤولية العمليات في المنطقة الغربية، فقد كان له دور بارز أيضاً في عمليات المنطقة الجنوبية ولاسيما في عمليات الفتح المبين، فقد وصل إلى الجنوب قبل بداية هذه العمليات وساهم فيها. وكان تأسيس مقر حمزة ولواء الشهداء الخاص من جملة إنجازاته القيمة المشكورة.

 

كان حبه الذي لا يوصف لأهل كردستان قد بلغ حداً أنه كان يفكر في أحلك الظروف بمشكلات الناس في تلك الديار، ولأنه رجل عرف المعاناة في حياته، كان يفكر بالمحرومين عن إحساس ديني. لم يكن يعلو ملامحه شيء من الشك والتردد. وكانت له روح قوية وكبيرة وكان في شجاعته فريداً في كردستان.

 

لم يكن للرفاه والماديات أثر في حياة الشهيد، وكان في أصعب الظروف يعمل بأدنى الإمكانات وكان يرى نفسه مديناً دوماً للثورة وللسيد الإمام(ره). كان الجميع يعرف الشهيد البروجردي ويعلمون جيداً أنه هو الذي أنقذ كرستان وأن تواجده في تلك المنطقة قد قذف الرعب في قلب كل الأعداء.

 

 وأخيراً في الأول من خرداد (الشهر الفارسي الثالث) عام 1362 عندما كان يسير مع عدة من أصحابه على طريق مهاباد ونقده، أنفجر به لغم عند تقاطع "دارلك" ليبلغ مناه القديم ويفور بالشهادة.

 

يقول أحد الحاضرين عند شهادته: "من بعد انفجار اللغم عندما وقفت على رأسه رأيت الابتسامة ترتسم على وجهة كالعادة، وأحسست أنه كان يردد كلام مولاه: فزت ورب الكعبة"!