نظرة لمسار الثورة الحلقة الرابعة

2009-01-26

هذه حلقة جديدة من برنامج «نظرة لمسار الثورة»، حيث نتابع مسيرة الثورة الإسلامية في إيران.

منذ بداية تشكيل النظام البهلوي في إيران قام على دعامتين هما العمالة للأجانب والدكتاتورية والقمع داخل البلاد.

مؤسس السلالة البهلوية في إيران، كان حاكماً قاسياً مستبداً برأيه يفتقد التدبير والكفاءة. وعلى مدى 16 عاماً حكم بها إيران سام الشعب الأستبداد والعذاب، وكان الإرهاب يهيمن بظلاله السوداء على البلاد.

لقد ارتأى البريطانيون الذين جاءوا برضا شاه إلى السلطة إقصائه عن العرش، حيث خلفه من بعده ابنه محمد رضا الذي انتهج سياسة أبيه الأستبدادية لا سيما بعد الأنقلاب الأنكلو أمريكي الذي أطاح بحكومة الدكتور محمد مصدق في إيران في مطلع الخمسينات من القرن الماضي.

وكان في عهد الشاه جهاز امني ومخابراتي رهيب هو جهاز السافاك الذي كان يقوم بقمع المواطنين وإشاعة الرعب والإرهاب في البلاد وكان عملاء السافاك يتلقون دورات تدريبية في القمع والإبادة على أيدي عاملين في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الـC.i.A وجهاز الموساد الصهيوني.

ولم تكن يد السافاك لتطال المعارضين لنظام الشاه فحسب، بل إن هذا الجهاز الإرهابي كان يمارس القمع لأدنى شيء، فعلى سبيل المثال من كان يعترض بلسانه على سياسات نظام الشاه أو يقرأ كتاباً لكاتب وطني كانت تطاله يد الإرهاب ليزج به في السجن فيكون مصيره التعرض للتعذيب الوحشي.

وكانت الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية تدعم نظام الشاه في إيران.

وفي عام 1979 ميلادي زار الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر إيران، فقال مخاطباً الشاه إن إيران هي كجزيرة هادئة وسط بحر مواج وجاء كلام كارتر هذا في وقت كانت رياح الثورة الإسلامية تهز عرش الشاه، فأين ذلك الثبات والأستقرار الذي كان يدعيه كارتر؟

لقد عمل محمد رضا بهلوي على تغيير الدستور الإيراني بما يتماشى ورغباته، ومع هذا لم يكن مقيداً بالدستور.

وقد صادر الشاه الحريات السياسية في البلاد فمنع نشاط الأحزاب فيها إلا حزبين كانا مرتبطين بنظامه.

وفي عام 1975 ميلادي تم حل هذين الحزبين، حيث تم تأسيس حزب «رستاخيز» بزعامة الشاه واجبر الإيرانيون على الدخول فيه.

وفي الوقت ذاته لم يكن المجلس النيابي في إيران ليتعدى برلماناً صورياً لا يمثل الحياة الديمقراطية أبداً. ولم يكن نواب المجلس النيابي في إيران سوي أولئك الذين كانوا يحظون بتأييد الشاه والبلاط الملكي.

وبشكل عام كانت الكلمة السياسية للشاه وحده أما الأنتخابات والأحزاب وحرية الصحافة فلم يكن لها مكان في المجتمع الإيراني، كما أن أصوات المعارضة كانت تخنق قبل أن ترتفع مدوية.

ومما كان يثير الدهشة أن الشاه رغم كل هذا كان يتصور أن الشعب الإيراني يؤيده ويؤيد سياساته المعادية للإنسانية، وفي الحقيقة يمكن القول أن هذا التصور الخاطئ وهذا الوهم هو الذي جعل نظام الشاه وأجهزته الأمنية لا تتصور أو تتوقع انتصار الثورة الإسلامية وقيام الشعب الإيراني بنهضته وبعبارة أخرى يمكن القول أن الشاه وأعوانه ما كانوا يمتلكون رؤية صائبة وتحليلاً صحيحاً للأوضاع والظروف الـتي كانت سائدة في إيران آنذاك إنهم ما كانوا ليعو مدى شدة امتعاض الشعب الإيراني من عمالة الشاه للغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

ومما اغضب الشعب الإيراني كذلك العلاقات الوثيقة الـتي كانت تربط نظام الشاه بالكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، وفي الواقع من الممكن القول أن العلاقات السياسية والأقتصادية والأمنية الوثيقة التي كانت موجودة بين نظام الشاه وإسرائيل هي من بين أسباب نهضة الشعب المسلم في إيران ضد النظام البهلوي، النهضة التي انتهت بانتصار الثورة الإسلامية وتحطيم عرش الشاه وإقامة النظام الجمهوري في إيران.