Skip to main content

الشخصية السياسية والاجتماعية لسماحة الإمام الخميني (رض)

التاريخ: 06-10-2007

الشخصية السياسية والاجتماعية لسماحة الإمام الخميني (رض)

 الشخصية السياسية والاجتماعية لسماحة الإمام الخميني (رض) آثار نهضة الإمام (رض) (أودّ أن أتحدّث في الخطبة الاُولى لصلاة الجمعة في هذا اليوم عن إمامنا

 الشخصية السياسية والاجتماعية لسماحة الإمام الخميني (رض)

آثار نهضة الإمام (رض)

(أودّ أن أتحدّث في الخطبة الاُولى لصلاة الجمعة في هذا اليوم عن إمامنا. فقد قيل الكثير من الكلام حول إمامنا العزيز، لكنّني اعتقد انّ من المبكّر الآن أن نعرف نحن ويعرف المحلّلون العالميون إمامنا الجليل الفذ، بشكل دقيق وكامل، فهو شخصية عظيمة يندر وجود مثيل لها ـ بعد الأنبياء والأولياء ـ كثيراً، إذ تظهر مثل هذه الشخصيات في مراحل معيَّنة من التاريخ فتقوم بإنجاز أعمال كبرى ومنجزات ضخمة، وتضيء في السماء كالبرق فيمتدّ نورها إلى كلّ مكان من الفضاء، ثمّ تمضي.

لقد قام إمامنا الجليل الفذّ بأعمال كبرى تتناسب ضخامتها مع عظمة الإمام نفسه وسأتحدّث اليوم عن بعض ما أنجزه الإمام العظيم على سبيل التذكير.

ويقيناً أنْ لو اجتمع المفكّرون والمحلّلون وأرادوا كتابة قائمة بالإنجازات التي تمكّن الإمام من القيام بها لكانت تلك القائمة تضمّ منها أضعافاً مضاعفة لما سوف أقوله الآن.

أولاً : إحياء الإسلام

منذ قرنين من الزمن والأجهزة الإستعمارية تسعى جاهدة إلى إيداع الإسلام في ملفّ النسيان. ومنذ ذلك اليوم الذي دعا فيه أحد رؤساء الوزراء الانجليز إلى محاصرة الإسلام وجعله منزوياً في البلدان الإسلامية ـ وكان الحاضرون هم الساسة الإستعماريين في العالم ـ ومنذ ما قبل ذلك اليوم وما بعده أنفقت أموال طائلة لإزاحة الإسلام جانباً من ميدان الحياة بالدرجة الاُولى ومن العقول ومن السلوك الفردي للناس بالدرجة الثانية، لأنّهم كانوا يعلمون انّ الإسلام هو العقبة الكبرى في طريق استمرار ممارسة القوى الكبرى والاستكبارية في النهب والهيمنة.

الإمام الخميني أعاد الإسلام ـ من جديد ـ إلى الأذهان والعقول إلى السلوك الفردي وإلى الساحة العالمية، وأحيا الإسلام مرّة اُخرى.

ثانياً : إعادة روح العزّة للمسلمين

فلم يعد الإسلام موضع اهتمام الأبحاث والتحليلات، الجامعات والمجتمعات وحياة الناس فحسب، بل بدأ المسلمون في كلّ أنحاء العالم يشعرون بالعزّة اثر نهضة الإمام.

قال لي مسلم من أحد البلدان الكبرى التي تعيش فيها أقلّية من المسلمين: لم نكن نجرؤ قبل انتصار الثورة الإسلامية على المجاهرة بأسمائنا الإسلامية ـ ويبدو أنّ من الشائع هناك أن يطلق الأشخاص على أنفسهم أسماء محلّية، وتطلق العوائل المسلمة على أبنائها أسماءً إسلامية ـ بل كنّا نخجل من إطلاق تلك الأسماء على أبنائنا جهاراً، لكنّنا صرنا نفتخر بعد نجاح ثورتكم بإطلاق الأسماء الإسلامية علناً. وعندما يُسأل الأشخاص عن هوياتهم فإنّهم يجيبون أولاً باسمهم الإسلامي وهم يفخرون به. وهكذا فإنّ مسلمي العالم طفقوا يشعرون بالعزّة ويفخرون بكونهم مسلمين.

ثالثاً: بروز الاُمّة الإسلامية على المسرح العالمي

قبل الآن، كان المسلمون القاطنون في أنحاء العالم كلاً في حدود منطقة سكناه، ولم يكن هناك شيء يُذكر باسم الامّة الإسلامية على الصعيد العالمي، فإمّا انّه لم يكن متداولاً وإمّا أنّه لم يكن يُنظر إليه بعين الجد.

أما اليوم فانّ المسلمين سواءً كانوا في أقصى مناطق آسيا وحتّى قلب أفريقيا وفي الشرق الأوسط كلّه وأوروبا وأمريكا، يشعرون أنّهم جزء من مجتمع عالمي كبير، أي جزء من الاُمّة الإسلامية، وهذا الشعور بالإنتماء إلى الاُمّة الإسلامية أوجده الإمام في هذا العالم، وهو أكبر حربة يمكن أن تُشهر بوجه الاستكبار للدفاع عن الشعوب الإسلامية.

رابعاً : الإطاحة بأحد أكثر الأنظمة رجعيةً وعمالةً في المنطقة والعالم

انّ إزالة الحكم الشاهنشاهي ومحو النظام الملكي عن إيران يعتبر أحد أضخم الإنجازات التي يمكن تصوّرها في منطقة الخليج الفارسي والشرق الأوسط، فقد كانت ايران قلعةً للاستعمار وقد انهارت هذه القلعة على يد الإمام.

خامساً : إقامة حكومة على أساس الإسلام

لم يكن يخطر بذهن المسلمين وغير المسلمين في العالم أن يقوم نظام سياسي اجتماعي يستند على أساس دين من الأديان، بل ـ وأكثر من ذلك ـ يستند إلى الإسلام. كان هذا حلماً وردياً يداعب أجفان البسطاء السذّج من المسلمين ولم يتصوّروا مطلقاً أنّه سيتحقّق عملياً في يوم من الأيام. وقد حوّل الإمام هذا التصوّر الخرافي الخيالي إلى كيان حقيقي له وجود مشهود، فكان ذلك بمثابة المعجزة!.

سادساً : إيجاد النهضة الإسلامية في العالم

قبل انتصار الثورة الإسلامية، كانت هناك العديد من الفئات والمنظمات والكثير من الشباب، والمعارضين الناقمين، وعشّاق الحرية في كثير من البلدان ومن جملتها البلدان الإسلامية، بيد أنّهم يدخلون ساحة النضال وميدان الكفاح وهم يحملون الأفكار اليسارية.

أما اليوم، فأينما وجدت جمعية أو تنظيم يتحرّك بدافع التحرر ومناوئة الاستكبار ـ في أية منطقة من أنحاء العالم الإسلامي المترامي الأطراف ـ تقوم اُسسه الفكرية ويُبتنى أركان عمله وتحرُّكه على أساس الفكر الإسلامي ويمثّل الإسلام أملهم الوطيد، وقد بانت بوادر الصحوة الإسلامية وانتشرت النهضة الإسلامية في كلّ مكان.

سابعاً : إيجاد رؤية جديدة في فقه الشيعة

كانت لفقهنا ـ وماتزال ـ قواعد مستحكمة وقوية. وانّ الفقه الشيعي هو أحد أقوى أنماط الفقه ومناهجه، ويستند إلى اُسس واُصول قويّة للغاية. وقد نشر إمامنا العزيز هذا الفقه المستحكم على صعيد واسع، وأضفى عليه نظرةً عالميةً وأمدَّه برؤية حكومية وأوضح لنا أبعاداً من الفقه كانت خفية من قبل.

ثامناً : دحض الاعتقادات الخاطئة في باب الأخلاق الفردية للحكّام

كان من المقبول في العالم أن تكون لأفراد الطبقة الحاكمة والمسؤولين الكبار في الحكومات المختلفة أخلاق خاصة وسلوك من نمط معيَّن من قبيل التكبر، والابهة الظاهريّة، والترف والإسراف، والاستبداد بالرأي والإعجاب بالنفس والأنانية وأمثالها.

هذه الاُمور صارت بحكم الأخلاق المسلّم بها لدى الحكّام حتى في الدول الثورية. فالذين كانوا حتّى الأمس القريب ثوّاراً يقطنون الخيام ويتخفون في السراديب والقبور، بمجرد أن يصلوا إلى الحكم ويتسلّموا زمام الحكومة يرى المرء أن وضع حياتهم قد تغيّر، وتغيّرت أخلاقهم وسيرتهم، وصار وضعهم يشبه أوضاع بقية الحكام والسلاطين والرؤساء الموجودين في العالم. وقد رأينا ذلك عن كثب، ولم يعد ذلك باعثاً على الدهشة والتعجّب لدى الناس.

بيدَ أنّ إمامنا دحض هذه الفكرة الخاطئة وفنّدها، وبرهن أنّ القائد المحبوب الذي يعشقه الشعب والزعيم الكبير لمسلمي العالم، يمكنه أن يعيش حياة يسودها الزهد، ويستطيع أن يستقبل زوّاره في حسينية متواضعة بدلاً من القصور الفخمة والمباني الشاهقة، وأنْ يرتدي نظير ملابس الأنبياء ويتعامل مع الناس بأخلاق الأنبياء ولسانهم.

كما برهن أنّ الترف والبطر والفخفخة والابّهة الظاهرية والإسراف والاستبداد بالرأي والتكبّر والاستكبار لا يتحتّم أن تكون جزءاً مهمّاً وسلوكاً لا مناص منه في حياة الحكّام والمسؤولين، بل ينبغي أن تكون قلوبهم مضاءةً بنور المعرفة وضياء الحقيقة.

والأهمّ من ذلك، أنّ الإمام قد طبّق ذلك عملياً سواءً في حياته هو أم في حياة الجهاز الذي أوجده وأقامه بفضل الباري عزّ وجلّ. وكان ذلك أحد معاجز هذا الإنسان الفذّ.

تاسعاً : إحياء روح الثقة بالنفس والشموخ في الشعب الايراني

أيها الاخوان الأعزّاء.. انّ الحكومات الدكتاتورية والفردية التي تعاقبت على الحكم في بلدنا، بقيت أعواماً طويلة تعمل على جعل شعبنا شعباً ذليلاً خاضعاً مستسلماً، فكان هذا الشعب الذي يتمتع بطاقات هائلة وقوى جبّارة وخصال استثنائية ممتازة والشعب الذي يمتلك كلّ هذه المفاخر الوطنيّة والسياسيّة، كان قد تحوّل طيلة تاريخه الذي تلى دخول الإسلام ـ إلى شعب ضعيف مستضعف خانع.

وقد حقّرت القوى الأجنبية هذا الشعب وإهانته، فكانت الممارسات والأعمال التي قام بها الانجليز والروس والأمريكان وبعض الحكومات الاوروبية الاُخرى، كلّها تصبّ في هذا الاطار.

ولقد صدق شعبنا أنّه ليس شيئاً مهمّاً، وأنّه لا قابلية لديه، ولا قدرة عنده على القيام بالأعمال الكبرى، ولا يمكنه أن ينجز مهمة البناء والاعمار، ولا يستطيع أن يبدي ابتكاراً من عنده، وينبغي أن يمارس الآخرون السيادة عليه والتحكّم فيه.

لقد قتل الآخرون روح الشموخ والثقة بالنفس في شعبنا، وجاء إمامنا العزيز فبعث فيه هذه الروح من جديد وأحياها، بينما كان شعبنا قد امتلأ بالنخوة القومية في غير محلّها ـ وبالشكل الذي كانت تريده الأيدي الإستكبارية دائماً ـ وقام النظام المنحوس السابق بإذلال الشعب الإيراني وزرع الأحاسيس القومية الخاطئة فيما بينهم. بينما صار شعبنا مبرّأً من هذه الأحاسيس وصار يشعر ـ بدلاً من ذلك ـ بالعزّة والفخر والاقتدار.

وشعبنا الآن لا يخشى تظافر الشرق والغرب ضدّه وتكاتفهما وتآمرهما ضدّه، ولا يشعر بالضعف في قبالهما، وليس هذا فحسب بل انّ شبابنا يشعرون أنّ بإمكانهم هم بناء بلدهم، ويحسّ أبناء هذا الشعب انّ لديهم القدرة على الوقوف بوجه أحابيل الشرق والغرب وإحباط مخططاتهما. وهذه الروح؛ روح العزّة والثقة بالنفس والشموخ الوطني، وروح المفاخر الحقيقية والأصيلة، هي التي بعثها الإمام في جسد شعبنا وأحياها لديه.

عاشراً: إثبات أنّ مبدأ (لا شرقية ولا غربية) مبدأ عملي وممكن التطبيق

كان يظنّ الآخرون ـ من غير الإمام ـ أنّه ينبغي الاعتماد إمّا على الشرق أو الغرب، وأنّه يجب أن نعتاش إمّا على خبز هؤلاء ونمدحهم، وإما على خبز اُولئك ونثني عليهم. لم يكونوا يتصوّرون أن بإمكان شعب أن يقول للشرق والغرب معاً “لا” ويقاوم ويثبت بوجهها ويرسخ أقدامه يوماً بعد آخر، بَيدَ أنّ الإمام برهن على إمكانية حصول ذلك.

احدث الاخبار

الاكثر قراءة