الإمام الراحل يمارس القضاء الشرعي
التاريخ: 06-10-2007
الإمام الراحل يمارس القضاء الشرعي دفاع الإمام عن طريق الهجوم على حالات الانتحار العقائدي ورد في المسألة العاشرة الخاصة بموانع الإرث في كتاب المواريث من (تحرير الوسيلة/ج2) للإمام الخميني الراحل ان: "المرتد هو من خرج عن الإسلام واختار الكفر"، وهو بموجب هذه المسألة على قسمين فطري وملّي: "والأول من كان أحد أبويه مسلماً حال انعقاد نطفته، ثم اظهر الإسلام بعد بلوغه ثم خرج عنه…"
الإمام الراحل يمارس القضاء الشرعي
دفاع الإمام عن طريق الهجوم على حالات الانتحار العقائدي
ورد في المسألة العاشرة الخاصة بموانع الإرث في كتاب المواريث من (تحرير الوسيلة/ج2) للإمام الخميني الراحل ان: "المرتد هو من خرج عن الإسلام واختار الكفر"، وهو بموجب هذه المسألة على قسمين فطري وملّي: "والأول من كان أحد أبويه مسلماً حال انعقاد نطفته، ثم اظهر الإسلام بعد بلوغه ثم خرج عنه…". وفي تعريف المرتد الفطري قالت (زبدة الأحكام) انه "من يولد من أب أو أم أو أبوين مسلمين ويكون مسلماً ثم يكفر".
الكاتب الكشميري الأصل البريطاني الجنسية مارس عملية الارتداد عن دينه الإسلامي وانتقل إلى حالة الالحاد، وكانت الرواية التي ألّفها ونشرها باسم "الآيات الشيطانية" هي العنوان الأبرز لارتداده، ذلك انه ضمّنها بصراحة كبيرة افكاراً وتعبيرات ـ لم ينكرها ولم يتراجع عنها لاحقاً ـ تحمل معاني الارتداد والالحاد.
الإمام الخميني(رض) تعرض لمعالجة مصداق من المصاديق التي ورد ذكرها في المسألة الشرعية المتقدمة، وذلك في معالجته لقضية سلمان رشدي، وكما هو معلوم فان الإمام الراحل قاد مشروعاً متقدماً لتأشير مصاديق المسائل الفقهية الرئيسية وتطبيق القواعد الدينية في شؤون الحياة العامة. وبمعنى آخر فانه سعى إلى نقل المسائل الفقهية إلى مفردات يومية حيوية من أجل أن تتاح لها فرصة التطبيق من ناحية، ومن أجل نقل الواقع المتخلف إلى واقع تنطبق عليه ـ ما أمكن ـ مواصفات المجتمع المسلم الذي تحدد معالمه الشرعية الإسلامية.
إن كثيراً من أحكام الرسالة العملية والمتبنيات الفقهية الأخرى للإمام الراحل وجد طريقه إلى التطبيق، وبعضه لم يثر أية ملاحظات خاصة، ربما لأنه كان مع تطبيقاته تكراراً لأحكام وتطبيقات مرعية سابقاً، غير ان مصداق الارتداد بالإضافة إلى ندرة الالتفات إليه في المجتمع الإسلامي فانه مصداق لا يمكن الحكم به بسهولة لدقته وخطورة النتائج التي تترتب عليه.
وعلى الصعيد العملي فان مصداق الارتداد في مسألة سلمان رشدي قد اثار جدلاً واسعاً وتحديات وردود أفعال مختلفة مما يتطلب التوقف والتأمل.
خلاصة القضية ان سلمان رشدي، وهو كاتب روايات وقصص قصيرة، بريطاني الجنسية ذو أصل مسلم من كشمير، ولد مسلماً من أبوين مسلمين في مدينة بومباي الهندية ودرس في مدارسها التبشيرية ثم سافر إلى بريطانيا حيث واصل هناك وهو في سن الثالثة عشرة دراسته، وأخيراً أنهى دراسته الجامعية في الأدب في جامعة كمبردج. ألّف هذا الكتاب القصصي رواية الآيات الشيطانية التي تعرض فيها بشكل سافر ومشين لحياة الرسول الأكرم (ص) واستهان بنصوص القرآن الكريم وأحكام الشريعة.
التكليف الأولي لهذا العمل يتلخص في أنه تراجع عن العقيدة الإسلامية التي يفترض في سلمان رشدي أنه ولد عليها واعتنقها، وذلك في المصطلح الشرعي ارتداد عن الدين الإسلامي.
والواقع ان هذا الكاتب المرتد لم يعبر في روايته سيئة الصيت عن خيالات ادبية وقتية كتلك التي ينجرّ إليها الشاعر في لحظات سحر معينة، وإنما كان يعبر فيها عن توجه عقيدي تحول بموجبه عن الدين الذي يحمله وهو الإسلام. وهذا أمر تؤكده كتابات وتصريحات رشدي الأخرى، ومنها رسالة بعث بها إلى راجيف غاندي رئيس وزراء الهند السابق حيث صرح بأنه (ملحد)!
وإذا لم نكن هنا في مقام بيان الموقف الفقهي وشرح كيفية الاستدلال المؤدية إلى اعتبار سلمان رشدي مرتداً، لان ذلك ليس من صميم اختصاصنا، فاننا نكتفي بالإشارة إلى ان الإمام الخميني الراحل (رض) قد فحص الحالة هذه ووجد انها مصداق للارتداد الفطري، واصدر حكمه القاضي بإعدام سلمان رشدي وناشري كتابه "الآيات الشيطانية" العارفين بمحتواه.
لقد مر حتى الآن على هذا الحكم حوالي إحدى عشرة سنة، إذ كان قد صدر في السابع من رجب عام 1409هـ ومازالت المناقشات الدائرة حوله على مستويات مختلفة حارة متجددة. فما هي الابعاد التي جعلت من قرار الإمام الراحل قراراً تاريخياً له كل هذه الأهمية؟
القرار بين الدين والسياسة
هل كان قرار الحكم بإعدام سلمان رشدي وناشري كتابه حكماً فقهياً أم سياسياً؟ لعل هذا التساؤل هو أول وأهم التساؤلات التي أثارها القرار.
والحق اننا إذا نظرنا إلى القرار من زاوية منطوقه وجدناه حكماً شرعياً في المقام الأول، ذلك ان لفظ الحكم بالإعدام إنما يختص بالصياغات القانونية لا السياسية، وان السبب الذي أورده الإمام الراحل (رض) في حكمه كمبرر لهذا الحكم هو ان الكتاب المشؤوم ـ موضوع البحث ـ قد "أعد وطبع ونشر بهدف الإساءة إلى الإسلام والنبي والقرآن"، تلك الإساءة التي بلغت مبلغ الارتداد عن الدين الذي يحمله المؤلف. ومعلوم ان القتل هو حكم المرتد في هذه الحالة.
يؤيد هذا الذي نذهب إليه ان الحكم المذكور قد حصل على تعضيد خاص من قبل الفقهاء المسلمين على اختلاف مذاهبهم، وقد أشاروا في تأييدهم للحكم إلى انه يعبر عن الموقف الشرعي الإسلامي من واقعة الارتداد الفطري. وفي هذه المناسبة نشير إلى أن قائد الثورة الإسلامية باعتباره (إماماً) قد مارس دور القاضي بما له من صلاحيات (الإمام) الشرعية لا الدستورية، حيث ان دستور الجمهورية الإسلامية لا ينص على صلاحية قضائية كهذه لولي الأمر، وان كانت المادة السابعة والخمسون قد نصت على ان سلطات الدولة الثلاث انما تمارس بإشراف ولي الأمر المطلق وإمام الأمة، والمادة السابعة والخمسون بعد المائة قد نصت على أن رئيس السلطة القضائية يعيّن من قبل القائد.
غير ان ما تقدم لا يتعارض مع القول ان الإمام الراحل (رض) وهو يصدر حكمه الشرعي على المرتد سلمان رشدي قد درس المسألة في ابعادها المختلفة بما في ذلك البعد السياسي سواء ما تعلق منه زمنياً بمرحلة ما قبل القرار أو ما بعده. وبعبارة أخرى فإننا نرى ان الإمام (رض) قد درس البواعث السياسية لصدور كتاب الآيات الشيطانية كما درس الآثار السياسية المترتبة على قرار الحكم الذي يريد إصداره، وذلك قبل ان يصدر فعلاً.
إن الضجة التي اثارها الغرب، ومازال يتابعها باشكال مختلفة، حول حكم الإمام على المرتد سلمان رشدي لم تكن غائبة عن توقعات الإمام، ولذلك فإنه لم يفاجأ بها عندما وقعت، وتعامل معها بطريقته المعهودة التي تتلخص بالثبات على المبدأ وعدم التراجع. ولعل الأهم من ذلك أنه درس ظروف نشر الكتاب المشؤوم، وشخّص العوامل السياسية الكامنة وراءه، مما أعطى لقرار حكمه قوة مضافة ولموقفه اللاحق من ردود الفعل الغربية صلابة وإصراراً. وقد أشار منطوق الحكم إلى واحد من دواعي الطلب من المسلمين إعدام المرتد سلمان رشدي، وهو أن "لا يتجرأ أحد على التعرض بالإهانة لمقدسات المسلمين"، واعتبر الإمام (رض) هذه المسألة من الأهمية بحيث ان الذي يقتل في سبيلها سيكون شهيداً.
حساب الأرباح والخسائر
بعد المدة التي مرت حتى الآن على صدور حكم الإمام الراحل بإعدام المرتد سلمان رشدي، ومن خلال دراسة الوقائع اللاحقة المتعلقة به، هل يمكن وضع جدول بالارباح والخسائر التي نتجت عن القرار؟ وهل يمكن تقييم القرار من خلال هذا الجدول؟
الإجابة الأولية تقول بان الحكم الذي صدر مادام حكماً شرعياً فان حساب الأرباح والخسائر يصبح حساباً غير ذي بال، ذلك ان ما يهم المؤمن هو تطبيق الأحكام الشرعية مهما كانت تكاليفها، وانه لسعيد ان يوفق إلى مثل ذلك التطبيق إذا كانت التكاليف باهظة. وهنا ينبغي الإشارة إلى ان الإمام الراحل (رض) وهو يتوقع ثم يلاحظ الخطوات التي مارستها أطراف دولية معينة لا سيما في الغرب للضغط على إيران وإرغامها على التراجع عن القرار موضوع البحث، قد أكد على ان تلك الضغوط لا يمكن أن تنتج شيئاً مما يرمون إليه، وفي بيان له حول ذلك قال الإمام (رض): "لعل الاستكبار الغربي قد توهم أننا سنتخاذل بمجرد التلويح باسم السوق المشتركة والمحاصرة الاقتصادية ونغض النظر عن تنفيذ حكم ربنا العظيم"! وهكذا فان قرار سحب السفراء الأوربيين من طهران والتهديدات المختلفة الأخرى لم تنتج شيئاً يذكر في هذا السبيل.
غير ان الذي ينبغي ذكره أيضاً ان هناك حساباً خاصاً للارباح والخسائر يتضمنه كل حكم شرعي قبل صدوره، وبكلمة أخرى فان الأحكام الشرعية، وبالتحديد ما يبينه كتاب القضاء من حدود وقصاص وتعزيرات، تتضمن بذاتها مصالح معينة محسوبة مقدماً. ومن هذه الزاوية فان العقوبات الوضعية لا تختلف كثيراً في المبررات التي تعتمدها عن العقوبات الإسلامية ، ذلك ان فلسفة العقوبة تقوم في الأساس على منع تكرار الجريمة وان اختلفت أشكالها وتقديراتها بحسب الأحوال والقوانين. وإذا كانت المدارس العقابية قد انتهت إلى وجوب عدم تضمين العقوبة مشاعر انتقامية، فان الإسلام منذ نزل نادى بكرامة الإنسان وأخذ هذا الشعار بنظر الاعتبار في كافة تشريعاته، ولم تتعد حالات الإعدام المقررة في العقوبات الإسلامية الجرائم الأكثر شدة وضرراً، وهي جرائم معدودة.
وبالتالي فان حساب الارباح والخسائر مأخوذ بنظر الاعتبار في أساس تعيين العقوبات الإسلامية، بل وفي سائر الأحكام الإسلامية الأخرى.
واما حساب الارباح والخسائر الذي يعنون به النتائج المادية من اقتصادية وسياسية وغيرها مما ترتب على حكم الإمام على المترتد سلمان رشدي، فانه بعد التمحيص يدل على رجحان كفة الارباح في الجانب الإسلامي، وذلك لما حصلت عليه الدولة الإسلامية من دعم وتأييد من المسلمين والمستضعفين في أنحاء العالم من خلال كون القرار التزاماً بالمبدئية الإسلامية، وكذلك ما حصلت عليه من نتائج عملية على صعيد علاقاتها بالدول التي هددتها وطلبت إليها التراجع عن حكم الإعدام الصادر بحق المرتد المذكور، وهذا ما يتضح من مقارنة مواقف تلك الدول في وقت صدور القرار ثم صدور تهديداتها، وبين مواقفها الآن وما أشّرته مسيرة تلك الدول من تنازل أمام الإصرار الإسلامي على التعامل ندّاً لند.
واما إذا تذكرنا هدفية صدور الكتاب وانه كان يمثل مؤامرة واضحة على الإسلام والصحوة الإسلامية، فان الإصرار على الحكم الصادر بشأنه يأتي في محله، لان مؤامرة من هذا القبيل كان لابد لها من ان تواجه مواجهة جادة ثابتة. ويذكر ان الصحوة التي خلقها الحكم بإعدام المرتد رشدي لدى الدول الإسلامية قد اصبحت قيداً وطوقاً حقيقياً يقيد كل أولئك الذين كانوا يفكرون بإصدارات شيطانية مماثلة، وحصلت حالات محاسبة لكتاب آخرين في دول إسلامية معينة على أثر ما حدث لسلمان رشدي.
اوجه أخرى للحساب
إن قرار الحكم موضوع البحث رغم انه لم ينفذ بعد إلا انه استوفى عدداً من اغراضه، وذلك مفهوم للذين يتأملون في اوجه الحساب الأخرى التي نذكر منها:
1 ـ إن هناك عمليات ارتداد مشابهة كانت تنتظر من يوقف تأثيراتها ويبادر إلى وضع النقاط على الحروف بشأنها، وتلك مهمة قام بها قرار الإمام الجريء، إذ كان من نوع الأفعال المبادرة التي تصنع الأحداث ولا تلهث خلفها.
2 ـ إن حكم الإمام كان بمثابة فعل تعبوي للأمة داخل إيران وخارجها خلق صحوة ثفافية إسلامية في مواجهة التغريب والتشريق والإلحاد بشكل خاص، وهكذا فقد كان جزءاً من عملية تحصين للأمة أمام الأخطار المحدقة ومنها عمليات الانتحار العقائدي المتمثل بالارتداد.
3 ـ لقد كان حكم الإمام رسالة إلى كل من ينوي شراً بهذه الأمة ثقافياً وعقائدياً، وبالتالي فقد كان جزءاً من عملية إدارة الصراع مع الأعداء المتربصين والذي يتخذ اوجهاً متعددة سياسية وثقافية وعسكرية… الخ.
4 ـ إن حكم الإمام كان بياناً لنموذج من نماذج الأحكام الشرعية ذات الأبعاد الحياتية اليومية التي تهم المواطن المسلم ولم يكن نوعاً من (الترف القضائي) الذي يدبّج النظريات والصياغات في مسألة يندر أن يبتلى بها أحد. وبالتالي فان الفقه استطاع ان يقدم للحياة اليومية للمواطن نموذجاً لما يمكن ان يلعب من دور اجتماعي.
5 ـ إن حكم الإمام كان نقلة موضوعية كبيرة لإمكانيات الفعل الإسلامي الذي يعتمد المبدئية كقاعدة ومسار وهدف، وقد كان بهذا بمثابة هجوم واسع النطاق للدفاع عن النفس وهو ما يسمى بالدفاع بأسلوب الهجوم، بالرغم من معرفتنا ان الذي شن الهجوم حقيقة هو صاحب كتاب الآيات الشيطانية وناشروه. اما هجوم الإمام للدفاع عن النفس فكان يعتبر هجوماً كما أشرنا وذلك نسبة إلى الحالة التي كان يعيشها العالم الإسلامي في إطار الهجومات الثقافية التي تشن عليه بشراسة ولؤم في ساحات خالية من المقاومة المطلوبة.
احدث الاخبار
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
زوجة القائد"الحاج رمضان" تروي ذكرى من أدب الشهيد قاسم سليماني
العميد نقدي: قدرتنا الصاروخية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه خلال العدوان الصهيوامريكي
الشيخ نعيم قاسم: المقاومة جاهزة للدفاع ولديها ردع يمنع تحقيق العدو لأهدافه
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية