لماذا احياء ذكرى الإمام الخميني؟
التاريخ: 06-10-2007
لماذا احياء ذكرى الإمام الخميني؟ ينفرد الامام الخميني(قده) بميزات تجعل من أحياء ذكراه والتذكير بشخصيته أمراً في غاية الأهمية، كما أن دراسة ظروف عصره وحركته والنتائج التي توصل إليها على المستوى المحلي والأقليمي والدولي أمر مهم، ويجدر بالباحثين إسلاميين وغيرهم، حركيين وسواهم أن يبذلوا الجهد الوافر من أجل استخلاص ما يمكن أن يكون مناراً في الطريق الذي يسلكونه
لماذا احياء ذكرى الإمام الخميني؟
ينفرد الامام الخميني(قده) بميزات تجعل من أحياء ذكراه والتذكير بشخصيته أمراً في غاية الأهمية، كما أن دراسة ظروف عصره وحركته والنتائج التي توصل إليها على المستوى المحلي والأقليمي والدولي أمر مهم، ويجدر بالباحثين إسلاميين وغيرهم، حركيين وسواهم أن يبذلوا الجهد الوافر من أجل استخلاص ما يمكن أن يكون مناراً في الطريق الذي يسلكونه.
إن دور القدوة الإلهية الصالحة في هداية الناس وتربيتهم من جهة، والتزوير والتحريف اللذان يتعرض لها فكر الامام(قده) من جهة أخرى يدعوان إلى تبيين معالم نهجه والتمسك بخطه. ولنفصل هذين العاملين شيئاً ما:
1 ـ أما عامل القدوة: فقد انفرد الامام بأمر في غاية الأهمية تجعل منه قدوة فريدة في عصرنا الحاضر؛ فهو استطاع أن يصل وبالطرق الشرعية والوسائل الإسلامية إلى هدف إسلامي راقٍ كان ومايزال يشكل قمة الأهداف التي يسعى من أجل تحقيقها كافة المصلحين الإسلاميين من أنبياء ورسل وأئمة وعلماء ومراجع ومجاهدين. وهذه الميزة التي مّن الله تعالى بها على الإمام الخميني(قده) أخرجت التحرك الإسلامي من إطار التخطيط والتنظير إلى حيز العمل والتطبيق، مما يجعل منه قدوة حية رآها المسلمون المعاصرون في حياتهم اليومية حتى أتم الحجة عليهم بتصديقهم إمكانية الحركة في سبيل الإسلام وأن الوعد الإلهي السامي لابد أن يتحقق {إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده} مهما تغيرت ظروف الحياة ومهما تكالبت الصعاب في هذا الطريق.
إن ما استطاع الإمام الخميني وأنصاره تحقيقه هو حجة على المسلمين وفي طليعتهم المفكرون والعلماء والمجاهدون بأن التفكير والعمل والاخلاص والجد والمثابرة اسباب مهمة للوصول إلى النصر الحقيقي الذي وعد الله.
اما على صعيد الشخصي فالإمام الخميني قدوة لابد من الاستفادة منها خاصة وأن الشخصية الفذة للإمام لم تكن من ضمن الأنبياء والائمة عليهم السلام، بل هو إنسان نهل من علوم أولئك العظام واكتسب من معارفهم، وهي ليست وقفاً على أحد بل أبوابها مشرعة لكل طالب ليغرف من نميرها الصافي ما يستطيع لتصعد به إلى ما هو أسمى من الملائكة.
لقد عايش العالم الإمام فترة ثورته ومدة حكمه كما عايشه فقهه، فوجده فقيهاً سياسياً ومحارباً لأكبر قوة معاصرة وفي نفس الوقت روؤفاً رحيماً.. حاكماً لكنه متواضعاً.. فيلسوفاً شجاعاً.. يقول الحق ويعمل به ويدعو له.. لم يبعده دخوله في عالم السياسية عن المبادئ والقيم الأصيلة التي تربى عليها منذ نعومة أضفاره، بل كان يرى أن السياسة هي هذه القيم وسوى ذلك لا يتجاوز الخداع والكذب والدجل، وليس من السياسة في شيء مما أعطى لهذا المفهوم شيئاً من القداسة والمصداقية اللذان فقدتهما السياسة طوال قرون وأعصار من حكم الجبابرة والطواغيت الذين رأوا في كرسي الحكم والخلافة مغنماً لاستعباد الناس الذين خلقهم الله أحرارا.
2 ـ العامل الآخر الذي يجعل إحياء ذكرى الإمام أمراً مهماً هو التحريف والتزوير المتعمدان اللذان يتعرض لهما خطه ونهجه على يد دعاة الراحة والدعة وحب الدنيا.
لقد دأب العدو منذ قرون على تفريغ النصوص الإسلامية من محتواها وتحريف الأحكام الشرعية عن مقاصدها، وقد استطاع أن يحقق الشيء الكثير من ذلك خاصة في الجانب السياسي للضعف الذي عاناه المسلمون وعدم اهتمام الكثير بهذا الجانب، بل اقتصر دفاع أصحاب كل مذهب عن مذهبهم في الإطار التاريخي والعقيدي. أما الجانب السياسي والاجتماعي فلم يحظيا بما يستحق الذكر من الاهتمام. إلى أن جاء عقدا السبعينات والثمانينات حيث بذل الإمام الخميني(قده) ما في وسعه لإعادة المفاهيم الإسلامية إلى روحها وتفسير الأحكام الشرعية في الإطار الإسلامي المحض. وقد تجاوز هذا التصحيح المدارس والحوزات الدينية بل والمجتمعات الشيعية ليصل إلى كل أذهان العالم. ومن جملة أهم المفاهيم التي استطاع الإمام أن يبين حقيقتها ويزيح الغبار عنها هي: مفهوم الحكومة الإسلامية، مفهوم القوة في الإسلام، مفهوم الاتحاد بين المسلمين، مفهوم الدفاع عن المسلمين، مفهوم التحرك في إطار التكليف. مما جعل الغرب الحاقد يشعر بالخطر الحقيقي، فانبرى اقطابه السياسيون والثقافيون على حد سواء يساعدهم في ذلك بعض أبناء جلدتنا، وبذلوا كل إمكانياتهم الاقتصادية والفكرية في محاولة يائسة لإرجاع الأمور إلى ما كانت عليه قبل مجيء الإمام الخميني. ولا ندعي هنا أنهم لم ينالوا شيئاً مما أرادوا بل نقول وبشيء من الحرقة التي تستنهضنا للدفاع عن القيم الخمينية إنهم استطاعوا التقدم في هذا المجال من خلال الغزو الفكري والثقافي مستفيدين من كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.
كما انهم لم يقتصروا على ضرب الفكر الخميني وإلغائه بنعته بمخالفة القيم الإسلامية والإنسانية بل حاولوا تحريف هذا الفكر وتحميله ما لا يحتمل وتفسير مفاهيمه بما يحلوا لهم، وهي محاولة ليس المقصود منها أن يعلن المسلمون رفضهم الواضح لفكر الإمام بل أن يدعوا أنهم سائرون على خطه ولكنه هو بنفسه لا يرتضي تلك الأفكار.
لقد قرأت في إحدى الصحف مقالاً لأحد الذين عاشوا فترة وجود الإمام الخميني(قده) ممن استهوته شعارات أن لا استعمال للقوة في الإسلام وأنه دين الحوار فقط، يدعي فيه كاتبه أن الإمام لم يقصد من فتواه التاريخية ضد الكاتب البريطاني المرتد سلمان رشدي أن يقوم المسلمون بإهدار دمه بل المقصود هو تنبيه الأمة.
فإذا كانت الحماقة قد تصل بالبعض إلى هذه الدرجة من التحريف والتزوير والجيل الذي عايش الإمام مازال موجوداً والشواهد والقرائن بل ونص الإمام بخط يده الكريمة بين يدي نفس الكاتب قبل غيره، فما عسى الوضع أن يصل بعد خمسين سنة من الآن.
إن ما يتعرض له الفكر الأصيل للإمام الخميني(قده) من ضرب لم يقتصر على أعدائه الظاهريين الذين لم ولن يدخروا جهداً في هذا المجال، بل طاول بعض ممن نسب نفسه إلى خط الإمام يوماً ما فأصبح الآن نادماً على ما ارتكبت يداه بل يحاول اقناع الآخرين (بخطأه) وخطأ الأعمال الجهادية التي كانت موضع اعجاب واكبار الإمام وعز وشموخ للمسلمين والمناضلين والمستضعفين. وهنا يكمن الخطر الحقيقي ويتكرر السبب في اشعال الفتن بين أصحاب الرسول (صلّى الله عليه وآله) وظهور الفرق المتعددة في العصور الإسلامية المختلفة كأصحاب الجمل والشلمغاني وغيرهم وغيرهم.
لماذا نحيي ذكرى الإمام؟
مما لاشك فيه إن إحياء ذكرى الإمام الخميني(قده) الشريف ليست تاريخاً يكتب ليقرأه الإنسان كما يقرأ القصص والاساطير الخرافية يسلي بها نفسه، بل هي مصداقا لقوله تعالى {لقد كان في قصصهم...}.
إن احياء ذكرى الإمام يتمثل في الآتي:
أولاً: تعظيم شخصيته وتكريمها؛ فبقدر ما كان للفكر الذي حمله الإمام من دور كان لشخصه نفس القدر والفضل في الإنجازات العظيمة والانتصارات الباهرة التي حصلت بحيث لا يمكننا تصور إمكانية الفصل بين شخصية الكريم وبين ما تحقق.
ثانياً: التعمق في فكره وسبر آراءه التي توصل لها وعمل على طبقها في علمه وعمله، في فقهه وجهاده؛ فآراءه الفقهية السياسية فيها من المتانة والأصالة ما لا يدع مجالاً للتشكيك فيها أو البتر منها، حيث أنه استقاها من منابعها الأصلية بصفته مجتهداً مسلماً أعمل الفهم الواضح للنصوص الإسلامية المعصومة وحاول ترجمتها على أرض الواقع.
يقول سماحة الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي حفظه الله تعالى: «خرجت من النجف الأشرف قاصداً مدينة قم الإيرانية أبحث عن الآراء السياسية لفقهاء الشيعة حيث كنت ضمن لجنة شكلها آية الله السيد محسن الحكيم رحمه الله لهذا الغرض. وعندما وصلت إلى قم التقيت مع الإمام الخميني(قده)، فتحدثت معه حول آراءه السياسية وطرح نظرية ولاية الفقيه ودافع عنها، فتناقشت معه حولها وحاولت أن أشكل عليها، ولكنه كان يرد عليّ بطريقة الواثق مما يطرحه بحيث إنني لم أر شخصاً عنيداً في الدفاع عن آراءه أكثر من الشهيد الصدر رحمه الله سوى الإمام الخميني(قده)».
فلم تكن حركة الإمام(قده) الشريف مجرد مقاومة للشاه بصفته ظالماً أو لأمريكا بصفتها محتلة فحسب، بل اجتمعت فيها خصائص المدرسة المتكاملة التي تطرح الأسس والأصول ثم تنطلق في استحداث الوسائل والطرق التي تسعى من أجل الوصول إلى تلك الأهداف.
إن نظرية العمل بالتكليف دون النظر إلى النتيجة التي أحياها الإمام(قده) وأوضح أنها سر حركته، بعثت الروح من جديد في المجاهدين بعدما كادت التنظيرات وحسابات الربح والخسارة أن تقضي على ما تبقى من روح ثورية في نفوس المسلمين، حيث كان معظم قادة الحركات الإسلامية يعتبرون مثل هذه المسألة انتحاراً سياسياً وطرزاً من الجنون والغفلة. في حين أصبح المجاهدون القلة ببركة إيمانهم بهذه المسألة رقماً في الساحة الدولية لا يمكن تجاوزه حيث زرعوا الخوف والذعر في العدو؛ ففي الوقت الذي ترى المجاهدين الذين يقدمون الشهداء كل يوم على منحر العشق راضين مستبشرين ترى نفس العدو الذي قتل هؤلاء الشهداء في حالة غضب أحمق وحزن مقيم.
ثالثاً: اتباع القيادة الحالية وعدم التفريط بها.
إن من أهم الأمور التي أكد عليها الإمام(قده) هي الجانب الشرعي في حركته وثورته فهو يرى بأن الفقيه العادل نائب للإمام الحجة أرواحنا فداه، وأن له ما للرسول والائمة عليهم صلوات الله في المجالات السياسية والحكومية وغيرها. ولذا فهو يرى وجوب طاعة الولي الفقيه وقائد الأمة ولا يجيز بأي شكل من الأشكال التخلف عن ذلك، بل إن الراد عليه راد على الله كما في الرواية عن المعصوم عليه السلام.
ولا يخفى ما لهذا الجانب من الأهمية الكبرى حيث اثبتت التجربة الإسلامية في إيران أبان النضال ضد الشاه وأثناء انتصار الثورة وبعد ذلك، هذه الأهمية التي اكتشفها العدو فعمل ولا يزال للقضاء عليها أو لا أقل أضعافها والتشكيك في مصداقيتها مستعيناً بمغالطات وافتراءات قد الله تنطلي على البعض مما يوجد مدخلاً ينفذ منه إلى وحدة الأمة ليعيد للكفر سيطرته.
ولقد اثبتت الأيام والسنوات التي تلت رحيل الإمام أن ليس ثمة مجوز شرعي أو سياسي للتخلف عن القائد الحالي (حفظه الله) وأنه بشهادة العلماء وأصحاب الإمام الخلص أفضل شخصية يمكن أن تسد الفراغ الذي خلفه رحيل الإمام (رحمه الله) بلا منازع.
{ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين}.
احدث الاخبار
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
زوجة القائد"الحاج رمضان" تروي ذكرى من أدب الشهيد قاسم سليماني
العميد نقدي: قدرتنا الصاروخية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه خلال العدوان الصهيوامريكي
الشيخ نعيم قاسم: المقاومة جاهزة للدفاع ولديها ردع يمنع تحقيق العدو لأهدافه
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية