العرفان الخميني وهداية الأمة
التاريخ: 06-10-2007
العرفان الخميني وهداية الأمة لقد كانت نهضة الإمام الخميني ــ رضوان الله عليه ــ انتفاضة، غيورة على الإسلام وحرماته وعلى المسلمين وكرامتهم، قياماً بالتكليف الشرعي، ولم يخش هذا العبد المشفق من خشية الله أحداً إلا الله، فكان الله ناصره لأن تحركه كان خالصاً لوجه الله ونصرة لدينه والمستضعفين من عباده
العرفان الخميني وهداية الأمة
لقد كانت نهضة الإمام الخميني ــ رضوان الله عليه ــ انتفاضة، غيورة على الإسلام وحرماته وعلى المسلمين وكرامتهم، قياماً بالتكليف الشرعي، ولم يخش هذا العبد المشفق من خشية الله أحداً إلا الله، فكان الله ناصره لأن تحركه كان خالصاً لوجه الله ونصرة لدينه والمستضعفين من عباده.
وكان سلاحه ــ رحمه الله ــ في نهضته سلاحين هما جناحا المؤمن في حركته التكاملية طبق ما أكدته النصوص الشرعية قرآناً وسنة، وهما العلم والعمل أو المعرفة والعرفان العملي، أو البصيرة أو الوعي وتهذيب النفس والعمل بما علم.
وهذان السلاحان ــ بمختلف التعبيرات عنهما ــ هما اللذان يجعلان المؤمن ينظر بعين الله وبنوره، فيعرفانه ما ينبغي وما لا ينبغي فعله، ويجعلانه يتحرك باستقامة على ما عرف من الحق، فينجو من مضلات الفتن، إذ يعرفانه ربه ويهديانه إلى الصراط المستقيم وإلى الحق الصريح فيما اختُلف فيه من الحق ويثبتانه عليه، ويحضانه من التقاعس من أداء الواجب، فالعامل الأساس في إيجاد هذا التقاعس هو الأهواء النفسية، وتهذيب النفس يكبح جماح أهوائها، فلا تعد قادرة على حرف حركة المؤمن المهذب أو صده عن القيام بواجبه الشرعي.
***
العرفان العملي والاهتمام بأمر تهذيب النفس وسلوك طريق الحق لم يشغل العارف الخميني عن القيام بالنهضة والواجبات الاجتماعية والاهتمام بأمور المسلمين، وهذا الانشغال خطر أحدق بحركة بعض السالكين ودفعهم إلى مسلك العزلة، ليس عن الناس وحسب بل عن هذه التكاليف والواجبات الأصيلة في الشريعة المحمدية، أعني الاهتمام بشؤون خلق الله وخدمتهم وإيصال الخير إليهم.
العرفان العملي الخميني ــ وببركة تعبده بما ورد في منهج أهل البيت عليهم السلام ــ تخلص من هذا الخط، فأصبح تهذيب النفس سلاحاً في القيام بتلك التكاليف الشرعية، بل ونلاحظ في إحدى رسائل الإمام التربوية لولده السيد أحمد تأكيداً صريحاً على أن محور العرفان العملي والسلوك إلى الله تعالى يكمن في تعظيم الخالق وخدمة الخلق الذي يصفه بأنه من أعظم العبادات.
من هنا فإن عرفان الإمام الخميني ــ رضوان الله عليه ــ لا يؤدي إلى عزلة العارف عن الاهتمام بأمور المسلمين وخدمتهم وايصال الخير إليهم، بل وكما يقول آية الله الشيخ جوادي الآملي في مقدمته لكتاب الإمام الخميني "سر الصلاة"، فإن العرفان الخميني جعل الإمام ينقل الأمة إلى رحاب الأهداف السامية والعرفان الإسلامي الأصيل بدلاً من أن يؤدي بالعارف إلى ذلك النمط من العزلة.
على أن ثمة قضية مهمة في هذا الباب، تقدمت الإشارة إليها، وهي أن سيرة هذا القائد الرباني وطريقة تعامله مع الأمة، تبين أنه ــ رحمه الله ــ كان مؤمناً بأن الأمة قد بلغت مرحلة من الرشد والنضوج الفكري تؤهلها لتقبل وتلقي جملة من الحقائق العرفانية والمعارف الدقيقة التي كان المخاطب بها في العصور السابقة فئة خاصة من النخب الثقافية.
ويظهر أن هذا الأمر كان الإمام ــ رحمه الله ــ قد أخذه من أستاذه العارف آية الله الشيخ محمد علي الشاه آبادي ــ رضوان الله عليه ــ وقد سمعنا من الإمام في محاضرته القيمة في تفسير سورة الحمد ما نقله من أن أستاذه العارف الشاه آبادي كان يتحدث عن جملة من الحقائق العرفانية والدقائق المعرفية في دروسه التربوية لعامة الناس وليس لخاصة الطلبة، وكان يؤكد على تعريف عامة الناس بهذه الحقائق.
وهذه السنة قد عمل بها الإمام ــ رحمه الله ــ فالمراجع لخطاباته العامة يجد فيها تبياناً للكثير من هذه الحقائق المعرفية الخاصة.
***
والصدق في مخاطبة الأمة هو سمة بارزة في الخطاب الخميني عموماً؛ فمن خلال تدبرنا في خطابات الإمام وبياناته العامة التي كان يوجهها باستمرار للأمة في عملية تواصل لم تنقطع في مختلف مراحل نهضته، ثم ومن خلال مقارنة مضامينها بالمدّون من محاضر لقاءاته ــ رحمه الله ــ بكبار المسؤولين في الدولة الإسلامية أو بأركان النهضة والعلماء الكبار ورسائله إليهم، توصلنا من خلال ذلك إلى حقيقة واضحة هي أن الأفكار والمواقف واحدة في كلا الخطابين العام والخاص، متشابهة في الاستدلالات والتفصيلات والمعلومات، بل وحتى في العبارات المستخدمة.
وهذه ظاهرة يتميز بها الإمام ــ رحمه الله ــ عن غيره من القادة الذين عرفهم التأريخ المعاصر ــ على الأقل ــ فالمراجع لذات هؤلاء يجد تبايناً واضحاً بين أحاديثهم العامة للشعب وطبيعة عرضهم لأفكارهم ومواقفهم فيها، وبين أحاديثهم في اللقاءات والمحافل الخاصة، وهذه حقيقة معروفة.
***
أما ما امتاز به الإمام الراحل ــ قدس سره ــ فهو يرجع ــ من جهة ــ إلى ثقته بوعي الأمة ونضوجها الفكري وقدرتها على معرفة الحقائق والتمييز بين الأمور، وهذا الوعي والنضوج هو ثمرة المسيرة التكاملية في الرشد الفكري لعموم المجتمع البشري، وهو أحد معالم التمهيد الرباني لظهور المهدي الموعود ــ عجل الله فرجه ــ وإقامة دولته العالمية العادلة، من خلال تأهيل المجتمع البشري فكرياً للتطور المعرفي الهائل الذي ستشهده البشرية في ظل الدولة المهدوية.
ومن جهة ثانية يرجع ما امتاز به الإمام الراحل ــ رحمه الله ــ في لغة الخطاب هذه، إلى تمسكه بالمنهج النبوي الإلهي، إذ ان من خصائص خطاب الأنبياء والأوصياء ــ سلام الله عليهم ــ للأمة هي أنهم يسعون إلى أن يكون تحرك الجميع عن وعي وبصيرة إتماماً للحجة الإلهية، ولكي يكون تحركهم عبادة وسبباً يوصلهم إلى مراتب الكمال والقرب.
الخطاب النبوي الذي أحياه المجدد الخميني ــ رضوان الله عليه ــ يرفض أن يكون تحريك الجماهير بالخداع أو التضليل أو كتمان الحقائق حتى لو كان الهدف مقدساً، بل الهدف هدايتهم إلى التحرك البناء والصراط المستقيم ليسلكوه عن وعي وبصيرة فيهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيي عن بينة، لا أن يساقوا إلى الصراط المستقيم والتحرك البناء بأية وسيلة ولو بالتضليل والخداع وإخفاء الحقائق عنهم.
في كلمة له مع أعضاء مؤسسة الشهيد، نقل آية الله السيد الخامنئي أنه والمسؤولين في الجمهورية الإسلامية كانوا يسألون الإمام ــ رضوان الله عليه ــ بشأن بعض القرارات التي يعزمون على اتخاذها، فكان ــ رحمه الله ــ لا يجيبهم على الموارد التي يسألون عنها بالخصوص، بل يبين لهم قاعدة عامة في التعامل مع الأمة فيقول: "اتخذوا من القرارات ما تستطيعون توضيحه للشعب"!
احدث الاخبار
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
زوجة القائد"الحاج رمضان" تروي ذكرى من أدب الشهيد قاسم سليماني
العميد نقدي: قدرتنا الصاروخية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه خلال العدوان الصهيوامريكي
الشيخ نعيم قاسم: المقاومة جاهزة للدفاع ولديها ردع يمنع تحقيق العدو لأهدافه
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية