Skip to main content

الأعجوبة التـي غيّرت كل شيء في إمبراطورية عمرها التاريخ

التاريخ: 06-10-2007

الأعجوبة التـي غيّرت كل شيء في إمبراطورية عمرها التاريخ

الأعجوبة التـي غيّرت كل شيء في إمبراطورية عمرها التاريخ سنة 1989 كنت في طهران بدعوة خاصة من الحكومة الإيرانية

الأعجوبة التـي غيّرت كل شيء في إمبراطورية عمرها التاريخ

سنة 1989 كنت في طهران بدعوة خاصة من الحكومة الإيرانية. لن أنسى في غضون تلك الزيارة محبة وتأييد كل الشعب للإمام الخميني. يومذاك صلينا معاً على جلال وحرمة ضريحه، وكنا آلافاً آلافاً.

في تاريخ كل أمة، رجالات لا يمكن أن تنساهم الأجيال لعملهم الوطني على كل الصعد، السياسية والأمنية، الثقافية والإنسانية والدينية. ومنهم من تخطى حدود بلده عملا وسمعة وشهرة ونفوذا. إنهم رجالات التاريخ.

الإمام الخميني، إلى أي فئة ينتمي؟ هل كان لوطنه إيران فقط، أم كان ذا رسالة عدالة وانتماء عالمية؟ جوابنا ما هو إلا أمر واقع يدخلنا في جوهر الموضوع: كان الخميني، معاً، ثورة في سبيل أمته، في سبيل وطنه إيران، ومثالا للعالم اجمع دفاعا عن المستضعفين والمحرومين والمساكين والفقراء، وكل من قسا عليه الزمن ومن حط من شأنه وقدره ظلما وقهرا، وذلك بروح القرآن الكريم، وأنا أضيف: أيضاٍ بروح الانجيل. كان معاً، رجل دين وسياسة، شريف الأصل، نبيل المحتد، متفوقا خلاقا في كل فكرة وفي كل عمل، حتى في صمته وتأمله وعزلته في فرنسا. وكانت له عزلته كصحراء السيد المسيح وصومه أربعين يوما قبل نشر رسالته. كان رجل أعمال إنسانية تتوخى الحق والعدالة والمحبة، مكافحا متمردا حتى الثورة والحرب الأهلية. يطارد الفساد بخصومة شريفة، حتى الجهاد بكل معناه فكانت له أخيرا المآثر المحيية بنصر وغلبة على عهد مالك عمره القرون. بإيمانه، بمحبته لكل ضعيف، كانت الأعجوبة التي غيرت كل شيء في إيران، اجل، "الإيمان ينقل الجبال" والدهشة في العالم تابعت عمله الذي بدل فورا كل شيء في إمبراطورية عمرها التاريخ في إيران. وكل الشعب كان له الرفيق المؤمن المناضل، لأنه أدرك فورا أن هذه الثورة، الإنسانية والاجتماعية، ما هي إلا لمصلحته، هو الضعيف المظلوم، وجاء من ينقذه ويحافظ على كرامته بلقمة العيش الحرة الشريفة، وبديموقراطية السياسة التي ما هي إلا ابنة الشعب في سبيل الشعب.

سيبقى آية الله الخميني رجل التاريخ الأمثل لكل حاكم صالح، لا نظير له ولا سابق له، إذ كان يرى هو في حكمه، في تطلعاته مصلحة الشعب، نابذا بإباء وكبر منفعته الخاصة. وكان أن فهمه الشعب الكبير فسار على دربه خطوة خطوة لأنه أمله المرتجى. على الحاكمين أيضا، أن يقتفوا أثره ويعانقوا فكره وينتهجوا سياسته. تسلم الحكم بثورة، وكأنه يخاطب الشعب، حتى اليوم، بكلام السيد المسيح "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين وحاملي الأثقال وأنا أريحكم". في الكنيسة لنا القديسون. وفي الإسلام لنا الصديقون والأئمة المبشرون عملا وروحا ورسالة وفداءً. ليس الخميني واحدهم فحسب، هو قدوتهم هو رمزهم، وهو لنا المثال.

نسمع كثيرا، من الكلام والأخبار في بلدان العالم اجمع عن الفقراء والمساكين والمتسولين، من هو شفيعهم ومن هو حبيبهم؟ هو الإمام الخميني في جنته. وكانت أيضا، أيضا شفيعة كبيرة قديسة في التضحية، في المحبة، هي الأم تريزا دي كالكوتا في الهند، الرسولة العجائبية. نذكرها، لدى ذكرنا الخميني. عاش رسالته للعطاء، للتضحية، بروح القرآن الكريم، وهكذا عاشت الأم تريزا رسالة العطاء والمحبة بروح الانجيل المقدس. وتركت لنا رهبانية تؤدي رسالتها، وعدد راهباتها خمسة آلاف، في العالم ولهن في لبنان مركزان لعمل الخير. كانت للأم تريزا، مؤخرا، جائزة نوبل العالمية تقديرا لخدماتها الفذة النادرة في سبيل كل مريض، في سبيل كل طفل وكل فقير، في كالكوتا في الهند والقارات ولبنان. واسم تريزا الآن على لائحة من ستطوبهم الكنيسة قديسين.

رحمها الله، ورحم لنا طيب الذكر الخميني، وأعطى مواهبهما النافعة لكل سياسي مسؤول، ولكل رجل دين، حتى يغدقوا المنن والإحسان، بروح العدالة والمحبة، على كل مواطن مظلوم وعلى كل جائع. كم من المساكين في العالم يموتون جوعا، كل يوم. وهناك أيضا الجوع إلى الحريات. صوت الخميني يزبد: لو تنفق الدول مال أسلحتها على المحتاجين لما كان فقير ومحروم في العالم. وصوته لنا في لبنان، مسلمين ومسيحيين: لا تخف ممن يخاف الله. وكلنا نخاف الله، وصوتك يا أم تريزا: "حاول جاهدا أن تسير دائما على خط مستقيم بحضور الله تعالى، وأن ترى العلي فيك لمن تلتقيهم". هي وصيتهما لنا في لبنان الحوار والتعددية الحضارية المغنية.

ويا إمامنا العظيم، في وطنك إيران حيث كنت قائد ثورة المستضعفين، وفي العالم أجمع حيث ستبقى رمزا بنقاوتك وشجاعتك النادرة وقداستك المتوقدة، لكل مجاهد في سبيل مبادئ الحق السياسية والإنسانية، لكل امرئ في العالم. أما خلقنا الله إخوة بالتساوي والقدر في حرياتنا كافة، وفي كل عمل روحي ومدني وإنساني؟ إذاً لا ظالم ولا مظلوم. لا ملك ولا عبد. بل عدالة وحقوق وإنصاف وعيش هنيء رغد في كل توزيع، بل محبة مجردة متفوقة. "أحبب قريبك كنفسك"، في الحكم، في القوانين، وفي المجتمع، هي وصيتك يا أعظم إمام، بعد الأولين، في تاريخ الإسلام المجيد. وطوبى لمن ينهج نهجك ويسير على نور مشعلك. بركتك، في هذا الموقف الجلل، نستمدها للرئيس محمد خاتمي من يسلك طريقك القويم، وللمقاومة الباسلة في لبنان من لها، اليوم وغداً، إكليل الظفر. بركتك للبنان الوطن في رسالته الخاصة بروح انجيل وقرآن، وما هي لنا إلا وصية السيد المسيح بن مريم: "إني أريد رحمة لا ذبيحة".

وختاما أبارك روح الأخوة، روح المحبة. كم نريد روح الوحدة الوطنية في لبنان الجميل، لبنانكم، وثورة حكم، كثورة الخميني، تستأصل الخصومات، تعيد كل مهجر، تحرر تراب الجنوب والبقاع الغربي، تمنع التوطين، معاً، لمصلحة أبناء الشقيقة فلسطين ولبنان. فيكون لنا ولأجيالنا لبنان الأزل من الناقورة وجبل عامل حتى أرزة الرب، وإلا لا لبنان كما يحلم به ويصبو إليه شباب المستقبل.

ودامت لنا ذكراك ، يا كبيرنا، من المئوية الأولى نحييها هنا الآن، إلى مئويات خلود. طيّب الله ثراك، وأبقاك لنا ولكل أمة مثالا حيا.

احدث الاخبار

الاكثر قراءة