Skip to main content

التعبد الخالص لله في سيرة الإمام الخميني

التاريخ: 06-10-2007

التعبد الخالص لله في سيرة الإمام الخميني

 التعبد الخالص لله في سيرة الإمام الخميني بعد أيام من وفاة الإمام ــ رضوان الله عليه ــ أجرت إذاعة صوت أميركا مقابلة مع "هنري برشيت" الذي شغل منصبي الملحق السياسي ثم العسكري في السفارة الأميركية في طهران ما بين عامي "1972 ــ 1978 م" ثم شغل منصب مسؤول الشؤون الإيرانية في وزارة الخارجية الإيرانية، فهو خبير متضلع في الشؤون الإيرانية

 التعبد الخالص لله في سيرة الإمام الخميني

بعد أيام من وفاة الإمام ــ رضوان الله عليه ــ أجرت إذاعة صوت أميركا مقابلة مع "هنري برشيت" الذي شغل منصبي الملحق السياسي ثم العسكري في السفارة الأميركية في طهران ما بين عامي "1972 ــ 1978 م" ثم شغل منصب مسؤول الشؤون الإيرانية في وزارة الخارجية الإيرانية، فهو خبير متضلع في الشؤون الإيرانية.

في هذه المقابلة، قال هنري برشيت عن الإمام:

"لاشك أن آية الله الخميني هو من كبار القادة التأريخيين في هذا القرن، ويندر وجود نظير له في نفوذه المعنوي وجاذبيته القيادية ليس في إيران وحسب بل وعلى الصعيد العالمي أيضاً، فقد استقطب اهتمام القوى الكبرى.

أعتقد أن المؤرخين سيوضحون للعالم يوماً من آية الله الخميني لم يعرف بصورة صحيحة. إنه كان بحق الرجل الذي لا يرضى بسوى حكم الله ولا يساوم أحداً..."!

نلاحظ هنا أن هذه الشهادة هي من سياسي ليس بمسلم وموظف في حكومة تضررت كثيراً من نهضة الإمام فأصبحت الحكومة الأشد عداءً لروح الله، فلا يمكن القول بأن مثل هذه الشهادة صادرة بدافع شيء من التأثر العاطفي أو المودة أو الولاء الديني، وبالتالي فهي ــ ونظائرها كثيرة ــ تكشف لنا أن الإمام لا يساوم أحداً، كما يقول هذا السياسي الأميركي.

***

إن من أهم مكامن العظمة في هذا السيد الموسوي ــ رضوان الله عليه ــ شدة تعبده بالأوامر الإلهية، بمعنى انه لا يتحرك إلا على وفق الإرادة الإلهية وبإخلاص كامل واستقامة نادرة جذبت انتباه حتى الغرباء، فكيف لا يراها ذو عين بصيرة؟!

يقول حجة الإسلام الشيخ صادق الطهراني:

"مما امتاز به الإمام شدة الإخلاص في العمل في سبيل الله، فعندما عزمت على التشرف بزيارته وخدمته، ذهبت إلى الشيخ عباس الطهراني ــ وهو من الأولياء الأتقياء المعروفين ــ وأخبرته بما عزمت عليه، فقال لي:

مهما خدمت السيد روح الله فعملك قليل، لأن كل ما يقوم به هذا السيد هو عمل خالص لله، وحتى لو أخطأ أصلح الله عمله لأنه يعمل لأجله".

هذا التعبد الخالص لله جلّت قدرته هو ما نراه العامل الأساس فيما تميز به هذا القائد الرباني ــ رضوان الله عليه ــ من حنكة قيادية ونفوذ معنوي وكفاءة عالية في قيادة الثورة والدولة الإسلامية، حتى أصبح من القادة التأريخيين في القرن الأخير، وهذه حقيقة واضحة أذعن لها الجميع؛ الأعداء قبل الأصدقاء!

هذا التعبد النقي لله جلت قدرته هو العامل الذي استنزل به هذا العبد الصالح النصرة الإلهية التي تتنزل على عباد الله المخلصين الناصرين لدينه، فجعلته يرى يد الله في كل ما حققه من انتصارات.

ينقل آية الله الشهيد المطهري في كتابه حول الثورة الإسلامية إن الإمام قال له في لقاء خاص:

"لسنا نحن الذين نحقق هذه الانتصارات، بل إنى أرى ــ بوضوح ــ يد الله فيها".

ثم يعلق المطهري على كلام أستاذه بالقول.

"أجل إن الذي يرى يد النصرة الإلهية ويحس برعاية الله ويتحرك في سبيله يفوز بنصرة إضافية استناداً لسنة {إن تنصروا الله ينصركم}".

يقول الشيخ محمد علي الأنصاري الكرماني ــ وهو من المقربين الملازمين للإمام في السنين الأخيرة من حياته المباركة ــ في حديث له عن هذا العبد الصالح (رضوان الله عليه):

"... إلى جانب مظاهر الجرأة والشجاعة التي تجلت في روح الإمام وتحركه في سبيل الله، لم يكن يغفل أبداً عن الأذكار والنوافل والمستحبات؛ فكان يلهج بالتسبيح والأذكار والزيارات حتى أثناء المشي، ويواظب على تلاوة القرآن بذات الصوت الملكوتي عدة مرات في اليوم ... كنا نجده مشغولاً بتلاوته كلما دخلنا عليه ... وينقل نجله السيد أحمد أنه استيقظ ليلة على سماع صوت شجي يتهجد فقام ليشاهد الإمام يصلي على عتمة الليل وقد رفع يديه للسماء والدموع تنحدر من محاسنه الكريمة".

ومعلوم أن هذا العبد الصالح لم يترك صلاة الليل على مدى ستين عاماً من عمره المبارك!

بهذا التعبد الصارم لله جلت قدرته والتضرع الخاشع له تبارك وتعالى تملك روح الله تلك الشجاعة الإيمانية وتلك البصيرة القيادية الربانية التي حيّر بها العالمين، لم يخشَّ أحداً لأنه كان مشفقاً من خشية الله الذي بيده ملكوت كل شيء، ولم يخضع لشيء لأنه خضع للذي عنت له وجوه كل شيء. وكان عزيزاً لأنه ذل لمن له العزة جميعاً، وكان يرى حقائق الأشياء والأمور كما هي لأنه كان ينظر بعين الله.

كان ــ رحمه الله ــ متعبداً بشرع الله في جميع الأحوال، في السراء والضراء، لا يغفله عن ذلك شيء.. يروي نجله المرحوم السيد أحمد ــ رضوان الله عليهما ــ قائلاً:

"في اليوم الذي أعقب مغادرة الملك (محمد رضا بهلوي) لإيران، اجتمع ما يقارب الأربعمائة من مراسلي الصحف والشبكات الإعلامية حول منزل الإمام في ضاحية نوفل لوشاتو، ووضعوا له سريراً خشبياً ليقف عليه فيستطيع الجميع مشاهدته.

جاء الإمام ووقف في المكان المخصص تحيط به عدسات الكاميرات، وبدأ المراسلون بطرح أسئلتهم حول هذه الحادثة المهمة (فرار الشاه)، ولكن الإمام لم يجب إلا عن سؤالين أو ثلاثة حتى ارتفع صوت الأذان من محل إقامته، فتحرك فوراً مغادراً محل المؤتمر الصحفي، قائلاً: لا ينبغي تأخير صلاة الظهر عن فضيلة أول وقتها!

استغرب الجميع هذا الموقف وطلبوا منه أن يصبر دقائق يجيب خلالها عن بضعة أسئلة أخرى لكنه رفض بحزم وغادر المكان ...".

لقد كان أول كتاب صنفه روح الله الخميني هو شرحه القيم لدعاء البهاء المروي عن أهل البيت ــ عليهم السلام ــ لأسحار شهر رمضان، وقد ألفه وهو ابن سبع وعشرين سنة، ورغم ذلك لايزال يعتبر من المتون العرفانية المهمة والمصدرية فيما يرتبط بحقائق التوحيد الخالص.

وما تجلى في سيرته ــ رضوان الله عليه ــ من هذا الارتباط العبادي بالله عز وجل، أوصى به الآخرين أيضاً، فنجد في تراثه تأكيدات مشددة على المواظبة على تلاوة القرآن وأدعية أهل البيت ــ عليهم السلام ــ سعياً للحصول على المعارف التوحيدية الخالصة وسبيل السلوك إلى الله تعالى والتعبد الخالص له جلت قدرته.

احدث الاخبار

الاكثر قراءة