Skip to main content

الإمام الخميني (قده) ثورة في العرفان

التاريخ: 06-10-2007

الإمام الخميني (قده) ثورة في العرفان

الإمام الخميني (قده) ثورة في العرفان عندما نريد التحدث عن الثورة في مقالة فإننا نشبه إلى حد ما من يحاول أن يعكس الشمس في زجاجة صغيرة، وهو أمر لا يدرك، وغاية لا تنالها الآمال، وأمامنا قد تكون عشرات السنين غير كافية للتعرف على الإمام، هذا الرجل الإلهي ذي السمات النبوية والعلوية، وليست كافية أيضاً للتعرف على أبعاد هذه الثورة التي أحدثت صدعاً في التفكير والروح البشريين، بل استفاقة وثورة هائلة الدلالات، كما أحدثت صدعاً هائلاً في التفكير السياسي لدى الشرق والغرب شعوباً وحكومات، ودفعت بحركة الشعوب باتجاه أخذ دورها لنيل حقها المستلب من قبل المستكبرين، كما أعادت للمسلمين ثقتهم بالله، وللدين الإسلامي احترامه وتألقه، أنها ثورة صححت مسار التأريخ وتياره كما هو فعل الأنبياء عليهم السلام

الإمام الخميني (قده) ثورة في العرفان

عندما نريد التحدث عن الثورة في مقالة فإننا نشبه إلى حد ما من يحاول أن يعكس الشمس في زجاجة صغيرة، وهو أمر لا يدرك، وغاية لا تنالها الآمال، وأمامنا قد تكون عشرات السنين غير كافية للتعرف على الإمام، هذا الرجل الإلهي ذي السمات النبوية والعلوية، وليست كافية أيضاً للتعرف على أبعاد هذه الثورة التي أحدثت صدعاً في التفكير والروح البشريين، بل استفاقة وثورة هائلة الدلالات، كما أحدثت صدعاً هائلاً في التفكير السياسي لدى الشرق والغرب شعوباً وحكومات، ودفعت بحركة الشعوب باتجاه أخذ دورها لنيل حقها المستلب من قبل المستكبرين، كما أعادت للمسلمين ثقتهم بالله، وللدين الإسلامي احترامه وتألقه، أنها ثورة صححت مسار التأريخ وتياره كما هو فعل الأنبياء عليهم السلام.

لقد عرفنا الإمام الخميني (قده) على عرفان مستقيم وعظيم ومتوازن، كما هو القرآن، وكما هي سيرة الأنبياء والأولياء عليهم السلام، منتقداً عرفان العزلة والزوايا، والاكتفاء بالدرس والتدريس والمساجد، معتبراً الزهد زهد المجاهدين الصادحين بقول علي (ع) "الرواح الرواح إلى الجنة"، وليس هو بلبس الثياب المرقعة، وقد سمى هذه الحالة وهذه الثياب بثياب وحالة الرياء والآثام. كما انه تنكر للبس مسوح الدراويش التي تفوح منها رائحة عدم الاهتمام بأمور المسلمين، وعاب على الوعاظ مجالس وعظهم تاركين الأمة تغط في سبات عميق ولا من قيام ولا من ثورة.

ولقد اعتقد الإمام رضوان الله تعالى عليه بأن الإسلام بسبب هذه النظرات القاصرة أصبح جانباً، وعلى هامش الحياة، فيما نصب المتقدمون من العلماء "متصنعي القداسة" أنفسهم أئمة هدى للناس. إن الأصنام ليست شيئاً غير هؤلاء، الذين اتخذوا الرهبانية طريقاً، فأصبحت ديناً يدان به، وما كان ذلك من الإسلام في شيء!

وقد قال موجهاً كلامه إلى العرفاء: "أيها العرفاء، ألستم أنتم الذين تقولون إن سيد هذه المدرسة وإمامها هو علي "عليه السلام"، وتدعون أنكم تنتسبون إليه؟ دلوني إذن على مغارة كان يختبئ فيها.. هل تخلى عن أمور المسلمين وقضاياهم وتفرغ للعبادة كما تفعلون أنتهم، ألم يعش هموم المسلمين ومشاكلهم؟!

ألم يحمل السيف ويدافع عن بيضة الإسلام؟ ألم يقطر سيفه من دماء المشركين والكافرين.. والمارقين والقاسطين والناكثين؟ هذا هو إمام العارفين وهذا إمام المتصوفة.. دلوني هل يوجد واحد منكم مثل علي بن أبي طالب عليه السلام؟!

لقد كان موسى بن عمران عليه السلام من أهل السير والسلوك، ومع ذلك فإنه توجه إلى فرعون وقام بما قام في مواجهته، وهكذا الحال بالنسبة لإبراهيم عليه السلام .. وكلنا يعلم أن رسول الله خاض في ميدان السير والسلوك سنين طوالاً، لكنه ما أن وجد فرصة حتى أقام حكومة سياسية".

وفي نظر الإمام هناك طائفتان: الأولى: التزمت جانب الأمور المعنوية وتخلت عن النواحي الاجتماعية.

والثانية: تشبثت بالمجتمع وانكبّت على علم الاجتماع والسياسة وأمثالهما وتركت الناحية الأولى بالكامل.

وهاتان الطائفتان لم تعرفا الإسلام كما هو حقاً، والخبير الحقيقي بالإسلام هو الذي يجمع كلا الأمرين وهو الذي يعرف كلتا الجبهتين: الجبهة المعنوية والجبهة الظاهرية للإسلام.

إن على من يريد معرفة الإسلام أن يعرفه بهذا الشكل، فيعمل بالآيات والأحكام الواردة بشأن النواحي المعنوية، ويعمل كذلك بالآيات والأحكام التي جاءت لتنظيم أمور المجتمع وتدبير شؤونه السياسية والحكومية.

وليس هناك من شك في أن الإمام أول من كشف النقاب عن العرفان الحقيقي على امتداد غيبة ولي العصر "عجل الله ظهوره الشريف" وبلوره ، ثم راح يجسد مقولاته في المجالين المعنوي والظاهري على أكمل وجه، من خلال قيادته للثورة وقيامه للدولة، ومن خلال عبوديته وزهده بالدنيا والجاه ومعرفته وثقته العظيمة بالله جل وعلا.

كما إننا إذا توقفنا عند وصفه للخبير الحقيقي بالإسلام نجده يبين بما لا لبس فيه أن الفقيه الذي لا يتمتع بهاتين المزيتين لن يستطيع التصدي لفهم التشريع، فضلاً عن بلوغه مرتبة الاجتهاد والمرجعية، وبالتالي فهو لا يمتلك رصيداً من الكفاءة واللياقة بحيث يكون المرشد والراعي لشؤون الإسلام، وقيام الحكومة الإلهية.

فالفقيه اليوم هو ذلك العالم العارف المدرك لكل مسائل الإسلام وشؤونه المعنوية والسياسية. والعرفان بنظر الإمام هو في هذه الكلمة الغنية. "خدمة الحق في صورة خدمة الخلق".

ويرى الإمام في ما يتعلق بطبيعة عمل الخلائق أن الله هو البحر والخلق هم الموج، هم الزبد، الله هو النور والإنسان ما لديه من وجود وكرامة هو تجلي النور، وشعاع النور وحركته. الله تبارك وتعالى هو نور السماوات والأرض، والإنسان العارف هو السالك الذي جاهد ليكون مظهراً للرحمة الخاصة بعباده بعد أن هو مظهر للرحمة الواسعة لخلقه، وهذا ما يحصل بالسير والسلوك المعنوي والسياسي. وفي ثورة الإمام تبلور هذا العرفان وشع كما يشع الصبح بنوره.

وإن أجمل ما سمعته بحق هذه الثورة قول أحد العلماء عندما سئل عن أسباب تركه لموقعه السياسي والحزبي القديم، أجاب قائلاً: لقد كنا في حزبنا نحمل السراج، أما وقد طلعت الشمس "شمس ثورة الإمام" فقد تركنا السراج جانباً، وهذا هو بالضبط الفارق "في الصورة" بين عرفان الإمام الأصيل، والعرفان بصورته الماضية.

احدث الاخبار

الاكثر قراءة