Skip to main content

العالم بعد الإمام الخميني (قدس)

التاريخ: 06-10-2007

العالم بعد الإمام الخميني (قدس)

العالم بعد الإمام الخميني (قدس) منذ وطئ البشر الأرض وإلى يومنا هذا مر مليارات الناس، وقليل منهم من بقي ذكره، ونسبة ضئيلة جدا مازال اسمها مضيئاً في سماء البشرية

العالم بعد الإمام الخميني (قدس)

منذ وطئ البشر الأرض وإلى يومنا هذا مر مليارات الناس، وقليل منهم من بقي ذكره، ونسبة ضئيلة جدا مازال اسمها مضيئاً في سماء البشرية.

والبعض ممن بقي ذكرهم كانوا أشراراً وطواغيت. ومن الذين ذكروا بالخير كان المصلحون والعاملون لخير البشرية وعلى رأسهم الأنبياء والأوصياء والعلماء الكبار، ومعهم بعض ممن كان لهم الفضل في الاكتشافات العلمية التي أفادت بني آدم وطورت حياته، وأصحاب النظريات الاجتماعية والفكرية التي ساهمت في رفع إنسانية الإنسان. وأي متتبع لعظماء التاريخ في يومنا هذا لا يمكنه إلا أن يقف عند الإمام الخميني المقدس، لا لأنه عاصر هذه الشخصية العظيمة فتأثر بأنوارها، بل لأن بصماتها واضحة في تغيير الخارطة السياسية للعالم، حيث جاء الإمام الخميني في مرحلة حساسة من تاريخ العالم المعاصر، أوج احتدام القطبين الكبيرين، ثم بداية نهاية القطب الشرقي أمام الغربي. وجاء التغيير الذي أحدثه الإمام في منقطة حساسة من العالم مطلة على الخليج وعلى الحدود مع الاتحاد السوفياتي السابق، ونقطة وصل لعالم الشرق الأوسط مع وسط آسيا وشرقها، وفي زمن تحضير منطقة الشرق الأوسط من قبل الاستكبار لتقبل الكيان الاسرائيلي بعد سلسلة من الأحداث التي حصلت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، ففي تلك المنطقة الحساسة وفي مرحلة زمنية فاصلة كانت الثورة الإسلامية الإيرانية على يد الإمام بمثابة الصدمة للغرب وفريقه بشكل خاص، حيث إن تداعيات هذه الثورة تجاوزت حدود إيران لتؤثر على مستوى العالم بالمستضعفين عموماً والمسلمين خصوصاً، حيث إن الغرب كان يتحضر لإسقاط نده السوفياتي ليبسط سلطته وهيمنته على العالم ومناطق المسلمين كلها بشكل خاص، وإذا بالإمام الخميني المقدس يعيد شيئاً من التوازن إلى العالم من خلال طرح الإسلام المحمدي الأصيل طريقاً لخلاص المسلمين خصوصاً والمستضعفين عموماً، فاتخذ الإسلام بذلك مكانة دولية مهمة بعد أن كان صفراً في الحسابات العالمية.

وها هو اليوم مورد بحث مراكز الدراسات في الدول الاستكبارية خوفاً من تنامي قوة المسلمين بحيث يكونون نداً محل القطب الشرقي الذي سقط.

لو لم يكن للإمام الخميني المقدس من إنجازات إلا ما أشرنا إليه لكفى بجعله شخصية غير عادية حيث صنع من اللاشيء أمراً معجزة، وبث الروح المعنية في المسلمين ليكون الإسلام الأمل والمستقبل بمعزل عن الخوض في تفاصيل المسلمين والحركات التي تنتمي إلى الإسلام.

وما كان الإمام الخميني (قده) لينهض بالإسلام لو كان تقليدياً في منهجه والتعاطي معه وطرحه في المجتمعات، حيث إن العمل لإيجاد تيار سياسي جماهيري من خلال الملتزمين بالإسلام تتشكل منه حركة سياسية مناهضة للظالم تعمل على إسقاطه وإحلال الإسلام مكانه كنظام بديل، وفي الوقت نفسه تعمل هذه الحركة الشعبية للأم على حماية النظام في الداخل ومن الخارج، كل ذلك كان واضحاً من الاهتمامات الأساسية للإمام الخميني المقدس، وهذا ما جعله متمايزاً عن باقي المراجع والقيادات الدينية في العالم الإسلامي.

لقد عمل على ملء الفراغ السياسي الذي كانت تعيشه الأمة الإسلامية، ودفع بالمسلمين للتنور والاسترشاد بالإسلام وهم يبحثون عن حلول لمشكلاتهم التي يعيشونها، وهنا نقف مع الإمام الخميني لننبه حَمَلة الإسلام والملتزمين به إلى أن التفقه في أمور السياسة مطلب يجب الالتفاف إليه لما فيه سعادة الدارين الدنيا والآخرة، كما هو التفقه في الدين شرط لذلك، وما لم يكن هناك وعي سياسي اجتماعي عند المسلمين فلن تكون هناك حركة باتجاه التغيير، بل سيتراجع وضع المسلمين لمصلحة أعدائهم، مع الحفاظ على المظاهر التي باتت أحياناً عبثاً علي الدين حيث تظهره مانعاً من تطور حياة الإنسان وتقدمها، وهذا ما أدى مع الأيام الغابرة التي كان فيها الإسلام بعيداً عن الحياة السياسية للناس إلى جعل بعض الشكليات والعادات ميزان التدين، بعيداً عن أي محتوى اجتماعي أو سياسي عام، مثلاً لا يحسب العمل للشأن العام السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي من شروط التدين، حيث بقي منحصراً في تعداد الفرائض مهما كان مسلك صاحبها، فقد يكون من معاوني الاستكبار أو من الظالمين لكنه يبقى الرئيس المؤسس أو الحاكم الأمير للمؤمنين أو ما شابه ذلك.

فكان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منحصرين في ما هو متعارف من الواجبات أو المحرمات، بعيداً عن وجوب العمل لإحقاق الحق والدفاع عن المظلوم ومواجهة الباطل والمستعمر والمحتل، حيث بقيت الواجبات منحصرة ومازالت عند الكثيرين من المسلمين اليوم، في وجوب الصلاة والصوم والحج، وحرمة الخمر والزنا، فقد نقيم الدنيا ولا نقعدها على شخص أخطأ بأمر خاص به أو تعداه لدائرة أوسع، ولا نتحدث عن آخر باع الأمة بأرخص الأثمان وهتك الحرمات وما شابه ذلك. وهنا أشير إلى أن الإمام الخميني كان يواجه في كثير ممن يحمل صفة العلماء وغيرهم بأنه كان يقاتل الملك الشيعي الوحيد في العالم، وبذلك يؤدي إلى إضعافه، فهذا البعض كان لا يهتم بالمعروف العام أو المنكر العام، فلتذهب خيرات البلد للاستكبار وليعمل على إضعاف مناخات الدين في المجتمع الإسلامي بشكل غير مباشر من خلال الإفساد الأخلاقي والتربوي والثقافي، فما دام الشاه يبني مسجداً أو حسينية أو يحضر في مجالس المناسبات الدينية أو يعظمها فهو "ظل الله على الأرض" كما كان يدعي، ومن هنا كان الإمام يتعرض لهذا الأمر بشكل دائم حيث يحمل مسؤولية الوضع المتردي في الأمة للحكام والمسؤولين في الوقت نفسه الذي يعمل فيه على نشر الأحكام وبث المفاهيم الإسلامية الإلهية.

وبالعموم يمكن القول إن الإمام الخميني وضع الأمة الإسلامية على السكة الصحيحة، وحرك فيها الإسلام بقوة، ورفع من أهمية المفاهيم الإسلامية التي تعالج الشأن العام ليكون رحمة للعالمين بالمعنى الصحيح، حيث إن الفساد السياسي والاجتماعي لا يواجه باستسلام ضعيف يهرب من مواجهة الأحداث خوفاً من المستعمرين والحاكمين.

وأحيا حكم الجهاد الذي به ترتفع راية إسلام محمد بن عبد الله (ص) من جديد، ليكون ملاذاً للمستضعفين والمحرومين من العالمين. وما نسمعه في السنوات الأخيرة من تيارات ثقافية بمعزل عن خلفياتها وعن كونها معايدة أو مؤيدة للإسلام فهي تساعد على إعادة بعث الإسلام مجدداً من المثقفين والنخبة الذين يتصدون لثقافة الأمة.

وبحق أقول إن الجميع مدعوون اليوم للوقوف على فكر الإمام الخميني المقدس وقراءته بموضوعية بعيداً عن التجاذبات السياسية والخلفيات التي تخلقها السياسات الدولية. فإن أوضاع العالم عموماً والمسلمين خصوصاً تقتضي البحث عن سبيل للخلاص من جشع الحكام والتجار الذي فتكوا بالأمم وأكثروا من الحروب فيها وأشاعوا جواً من الظلام الاجتماعي يسيطر على معظم أرجاء المعمورة.

احدث الاخبار

الاكثر قراءة