العيد في كلام الإمام الخميني (ره)
بسم الله الرحمن الرحيم
أبارك.. للشعب الإيراني المسلم وكل المحرومين في العالم هذا العيد المبارك. يوجد لدينا في الإسلام عيدان نعترف بهما رسميا كأعياد للمسلمين وهما: عيد الفطر الشريف الذي هو عيد في ضيافة الله، وعيد الأضحى المبارك الذي هو عيد لقاء الله. ويعد عيد ضيافة الله مقدمة للقاء الله، وان الأمر الموجه لنبينا إبراهيم أن أَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوك..َ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍهو لان هذا الطريق يجب طيه من خلال ولي الله، ويجب عبوره عبر أولياء الله، والنبي إبراهيم عليه السلام كان ولي الله في زمانه وهو الولي لكل الأجيال. والرسول الأكرم هو الولي الأعظم للعالم بأسره، ومن خلال سلوك طريق هؤلاء الأولياء يمكننا الوصول إلى غايتنا.
فبعد طيه كل هذه المراحل قال سيدنا إبراهيم عليه السلام: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}«1» في حين كان الخطاب للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} «2». وهناك فارق بين هذين الخطابين رغم أن كلا المخطابين وصلا إلى ذروة الكمال.
صحيفة الإمام: ج18، ص 105.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
مبارك عيد الأضحى الكبير السعيد لمسلمي العالم وللشعب الإيراني المجاهد العظيم الذي قارع بثورته الكبرى أيدي الناهبين العالميين عن النهب والاعتداء على وطنهم الإسلامي، وبإرادة الله تعالى ومساندة حضرة بقية الله- أرواحنا لمقدمه الفداء- قد حررّوا أنفسهم من سلطة الظالمين من الشرق والغرب. ولإيصال ثورتهم الكبرى إلى هدفها المنشود فقد واصلوا تقديم تضحياتهم بما يفوق طاقاتهم بالنهوض والفداء حتى يحقق هدفهم الأسمى بإقامة أحكام الإسلام النيّرة في البلاد.
العيد السعيد والمبارك في الحقيقة هو اليوم الذي يفيق فيه المسلمون من رقدتهم ويؤدي علماء الإسلام في أنحاء العالم واجباتهم بإنقاذ مسلمي العالم من سطوة الظالمين ولناهبين لخيرات البلدان المختلفة وثرواتها. ولا يتحقق هذا الهدف الكبير إلاّ حين يعرضون أحكام الإسلام بكل أبعادها المختلفة على الشعوب المستضعفة ويعرفونها بالإسلام الحقيقي، ويغتنمون فرص هذا الأمر المصيري الكبير ولايتها ونون فيه. وأية فرصة أهم وأسمى من تجمع الحج العظيم الذي وفّره الباري عزّوجل للمسلمين! ومع الأسف فإن الأبعاد المختلفة لهذه الفريضة العظمى والمصيرية بقيت يلفها الغموض بسبب انحراف حكومات الجور في البلدان الإسلامية وعلماء البلاطات غير الأسوياء وبعض ذوي العمائم المتحّجرين والأدعياء الذين يفهمون الأمور على غير حقيقتها. هؤلاء المتحجرون الذين يعارضون حتى تشكيل حكومة إسلامية ويعتبرونها أسوأ من حكومة الطاغوت! هم أصحاب الأفكار المنحرفة الذين جعلوا فريضة الحج محدودة بمظاهر خالية من المحتوى، واعتبروا ذكر مشاكل الدول الإسلامية ومصائبها مخالفاً للشرع وأوصلوه إلى حد الكفر. عملاء الحكومات الجبابرة المنحرفون اعتبروا صرخات المظلومين الذين تجمعوا من كل أنحاء العالم في هذه المركز الإسلامي، زندقة ومخالفة للإسلام. المتلاعبون الذين حصروا الإسلام في زوايا المساجد والمعابد من أجل أن يبقوا المسلمين متخلفين ويمهدوا السبل للغزاة والمتسلّطين، واعتبروا الاهتمام بأمر المسلمين مخالفاً للإسلام واجبات المسلمين والعلماء.
ومع الأسف فإن نطاق الدعايات المضلّلة قد امتد واتسع إلى الحد الذي اعتبر التدخل في أيّ أمر اجتماعي وسياسي للمجتمع الإسلامي من قبل الروحانيين وعلماء الدين خارجاً عن مسؤولياتهم وواجباتهم، وأن التدخل في السياسة ذنب لا يغتفر وابقوا على فريضة صلاة الجمعة في الصورة ومظهر جاف. وان من يتجاوز ذلك فقد تجاوز حد الإسلام. ويجب القول: إنَّ الإسلام أصبح غريباً وأنّ الشعوب الإسلامية منزوية ولا علم لها بحقائق الإسلام.
والآن، فإن على علماء الإسلام والكتّاب والمفكرين والفنانين والفلاسفة والمحققين والعرفاء والمثقفين الذين يعانون من هذه المسائل ويأسفون لحال الإسلام والمسلمين في أية نقطة من العالم ومن أية فرقة ومذهب، أن يحدوا من انتشار هذا الخطر العظيم الذي ابتلي به الإسلام والمسلمون بكل ما أوتوا من قوة وبأية وسيلة ممكنة، في المساجد والمحافل والمجالس العامة، وأن يحذروا المسلمين منه وينبهوهم ويهيئوهم لنهضة عامة شاملة. وليعلموا أن هذا أمر ممكن وعملي ولكنه يحتاج إلى السعي والتضحية.
صحيفة الإمام: ج19، ص25.
الفرق بين أعمال الأنبياء وأعمال الناس
إنني بدوري أبارك للسادة الحاضرين، ولكل الشعوب الإسلامية والمستضعفين في العالم هذا العيد السعيد. وأسأل الله تعالى ببركة هذا العيد وسائر الأعياد الشريفة أن يهدينا وسائر الشعوب الإسلامية للسير على الصراط المستقيم والتفكير بالأهداف الإسلامية والتمكين من إقامة الصلح والاتحاد بين المسلمين وتوحيدهم.
إنَّ سيدنا إبراهيم (ع) الذي ينسب إليه هذا العيد هو مؤسس الإيثار، فصورة العمل شيء، ومعناه ومحتواه شيء آخر، صورة العمل هنا مشكلة تحتاج إلى حل وهو أمر فوق طاقة البشر، ولكن الذي جعل من إبراهيم شخصية عظيمة هو السير والسلوك الذي تفضّل به والذي انتهى إلى هذه الأمور.
إبراهيم الذي بحسب رواياتنا الشريفة حين كان يتوجه صوب النار، سألته الملائكة عما إذا كان في حاجة إلى شيء قال: أمّا إليكم فلا. كانت لديه وجهة أخرى من العلم والمعرفة، ونحن نرى ظاهر هذا العمل ونعجب له وهو أمر عجيب حقاً، أمّا أهل المعارف الإلهية فيرون باطنه، الأصل في أعمال الأنبياء على الإطلاق هو الجوهر. الصورة والشكل تتفق مع أعمالنا بحسب النوع. أولئك يصّلون ونحن نصلي، أولئك يصومون ونحن نصوم كذلك، أولئك يحجّون ونحن نحجّ أيضاً، أولئك يضحّون ونحن نضحّي كذلك، يقفون في المواقف ونحن نقف كذلك، هذه صورة مشتركة بيننا وبينهم. لكن الشيء الذي يجعل أعمالنا تختلف عن أعمالهم ـ كما تختلف أعمال بعضهم عن بعض ـ هو جوهر العمل الذي يستلهمونه من المبدأ، وأعمالهم هذه مستمدّة من ذلك الإلهام.
مسألة الوحي الذي لدى الأنبياء ـ وهذا متفاوت بينهم أيضاً ـ واحدة من الأمور المهمة التي لا يتمكن الإنسان من تصوّر ماهيّتها فالوسيط هو جبرائيل، ولكن أي وساطة وواسطة كان ينجزها جبرائيل؟ هل أنزله للنبّي وبولايته نزل؟ هل نزل الوحي مع جبرائيل وقام جبرائيل بإبلاغه؟ هذه هي المسائل التي يدور الحديث حولها.
صحيفة الإمام: ج19، ص47.
معنى العيد من منظار الأنبياء
إنَّ قضية التضحية بالولد تمثل إحدى الأبواب التي ترتبط برؤية النوع البشري، وهي قضية مهمة لكن الشيء الذي يكون مبدأ هذا العمل هو الذي يحقق المقابلة بين الأب والابن. هذه هي أمور قلبية وروحية ومعنوية وهي فوق الأمور التي نفهمها نحن. إننا نقول: إنه آثرَ وضحّي وقد حصل هذا حقّاً وهو أمر مهم ولكن هل كان هذا في نظر إبراهيم (ع) إيثاراً؟ وهل كان يرى أنه يقدم شيئاً عظيماً إلى الله؟
هل كان إسماعيل (سلام الله عليه)، يري أنه يقدم نفسه فداءً لله؟ أم أن الأمر ليس كذلك. فما دامت الإنسانية موجودة والإنسان نفسه موجوداً فالإيثار موجود باسمه. أنا أضحّي بابني في سبيل الله، أضحّي بنفسي في سبيل الله. هذا هو المهم بالنسبة لنا ومهم جدّاً، أما بالنسبة لإبراهيم (ع) فليس هذا بالأمر المهم ولا يعتبره إيثاراً. إبراهيم لم يجد نفسه شيئاً ليعتبر عمله تضحية. إسماعيل لم يعتبر نفسه شيئاً ليرى عمله إيثاراً وتضحية. الإيثار معناه أني موجود وأنت موجود وعملي من أجلك ومن أجل الإيثار. هذا في نظر العظماء وأهل المعرفة وأولياء الله شرك، وفي نظرنا نحن ـ في الوقت نفسه ـ كمال كبير وإيثار عظيم.
العيد بالنسبة لنا له معنى، لكنه بالنسبة لإبراهيم وللأنبياء له معنى آخر. نحن نعيّد أمّا أولئك فيعيدون عيد اللقاء. أولئك يعودون إلى المكان الذي ظهروا منه ويعيّدون لهذا الأمر، طبعاً بعد إعادة اسمه- معنى السير والسلوك الإلهي ـ يكون عيداً، وأبعاده المعنوية كثيرة جداً لا تصل أيدينا إليها، وأبعاده السياسية والاجتماعية كانت وما تزال كثيرة أيضاً ونتمنى ازديادها.
آمل أن يعود المسلمون إلى رشدهم، ويكسبوا من هذه العبارات التي قرّرها الله تعالى لهم سيراً معنوياً واستنباطات سياسية وعملية.
صحيفة الإمام: ج19، ص 45.
دمج العبادة والسياسة في الإسلام
كما أن للشعائر الموجودة في الإسلام مثل عيد الفطر وعيد الأضحى والحج وصلاة الجمعة والجماعة أبعاداً عبادية، فلها أبعاد سياسية واجتماعية أيضاً، أي إن أبعادها العبادية قد أدمجت بأبعادها السياسية.
والإسلام ليس دين عبادة فقط يعيّن الواجب بين العبد والله تبارك وتعالى، كما أنه ليس سياسياً فقط، إنه عبادي وسياسي قد أدمجت سياسته بعبادته وعبادته بسياسته، أي أن البعد العبادي له بعد سياسي أيضاً. فمثلا اجتماع المسلمين في الأعياد للصلاة هو عبادة، ولكن الاجتماع له بعد سياسي. ويجب على المسلمين أن يستفيدوا كثيراً من هذه الاجتماعات.
وما كانت المساجد في صدر الإسلام بهذه الصورة التي أوجدها الأفراد المنحرفون، كان المسجد مكاناً تنطلق منه الجيوش للحرب، كما كان يُخطب في المسجد ويدعى الناس للتصدي مثلاً للشخص الفلاني المعتدي في المكان الفلاني الذي قام ضد المسلمين أو ينهب أموال الناس أو يسطو على الناس أو له انحرافات، فكانوا يخرجون من ذلك المسجد نحو العدو، كما كانت المعاهدات تعقد فيه.
يجب تبيان القضايا المرتبطة بمصير البلد والتحركات السياسية والاجتماعية التي ينبغي القيام بها في خطبة صلاة الجمعة، كما يجب أن تتناول هذه الخطب مشاكل المسلمين واختلافاتهم وسبل حلها وإزالتها.
صحيفة الإمام: ج4، ص321.
تعليقات الزوار