التاريخ 6 اسفند 1357 ﻫ. ش/ 27 ربيع الأول 1399 ﻫ.ق
المكان: طهران، المدرسة العلوية
الموضوع: انتصار الثورة بالإمداد الغيبي
الحاضرون: السيد عباس المهري ونحو 270 كويتيا من محبي الثورة الإسلامية
المصدر: صحيفة الإمام، ج6، ص: 184
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
سبب الهجرة من العراق
في البدء أعرب عن شكري للسادة الذين تجشموا العناء وجاءوا من الكويت لتفقد شعبنا ولتفقدي شخصيا. شكر الله سعيكم جميعا.
إن لله تبارك وتعالى تقديرات لا نفهم سرها إلا بعد حين. فبعد أن مارست الحكومة الإيرانية ومحمد رضا شاه ضغوطهما على الحكومة العراقية وقامت الأخيرة بمحاصرة منزلي وبدأت مداولات بيننا وبين الحكومة العراقية أنذرناهم خلالها بان ما نقوم به هو قضية شرعية ومسؤولية إلهية وإنني لا استطيع ترك القضية الإلهية والمسؤولية الشرعية بناء على طلبكم. قلت لهم إنني أمارس مسؤولياتي وانتم بدوركم اتخذوا ما تريدون من قرارات. وقد قالوا لنا: إننا مرتبطون مع الحكومة الإيرانية بمعاهدات وان هذه الأعمال التي تقومون بها انتم وأتباعكم تتعارض مع هذه المعاهدات ونحن لا نستطيع تحمل ذلك.
وأجبتهم: لا شأن لي بهذا الالتزام. انتم لديكم التزام! وأنا لدي تكليف شرعي، ولا يسعني الانصياع لالتزامكم، فسوف أخطب على المنابر وأصدر البيانات وأسجل الأحاديث على أشرطة التسجيل وأرسلها، وهذا كله بوعي تكليفي، انتم أيضا اعملوا بتكليفكم.
وبعد المفاوضات لجأ هؤلاء [البعثيون] إلى تهديد بعض إخواني الذين كانوا معي في النجف وبلغني أنهم قالوا لهم: نحن لا شأن لنا به ولكننا سنفعل بكم ما نفعل. فرأيت أن من الممكن أن يلحقوا الأذى بأصدقائي فقررت التحرك وجئت طبعا تحت مراقبة الحكومة العراقية إلى حدود الكويت.
وعلى الحدود الكويتية أيضا مورست على الحكومة الكويتية الضغوط ذاتها التي مورست على الحكومة العراقية. ولم يسمح لي حتى بمجرد العبور من هذا الجانب من الحدود إلى ذلك الجانب. وإنني لست بعاتب على احد لان لديهم التزاماتهم وهم يعملون طبقا لمعاهداتهم. إنني لست بعاتب لا على حكومة العراق ولا على الحكومة الكويتية ولكن الله تبارك وتعالى قدر أمرا وكنا" نحن غافلون".
الإقامة في فرنسا تقدير الهي
لقد كنا نعتزم البقاء في الكويت يومين أو ثلاثة والاجتماع مع بعض السادة ثم مغادرتها إلى سوريا للإقامة هناك، ولكن الله قدر أمرا آخر تماما، ولم نكن نعلم أين سينتهي هذا التقدير. فعدنا من هناك إلى البصرة ثم أخذونا إلى بغداد، وأدركت بأن الحال ستكون نفسها إذا قررت الذهاب إلى إي من الدول الإسلامية، لذا نويت ودون سابق تفكير الذهاب إلى فرنسا، رغم أنني لم أكن راغبا في الاستغناء عن البلدان الإسلامية ولكن الله قدر أمرا ساهم في نقل قضيتنا إلى صدر الاهتمامات العالمية وتقاطر الصحفيون علينا من كل حدب وصوب حتى بلغ الأمر أننا كنا نجري في اليوم الواحد عدة لقاءات صحفية سيما مع أولئك القادمين من أمريكا، وكانوا ينشرون تلك المقابلات في كافة أرجاء أمريكا وسائر البلدان وقد أوضحنا للعالم أبعاد قضية إيران بشكل ساهم في رفع الإبهام الذي زرعه إعلام السوء الذي كان الأجانب يقومون به.
إحباط المؤامرات الإعلامية للنظام
استنادا لما قيل لي، فان محمد رضا كان يرصد مائة مليون دولار سنويا من أجل الأعلام! وكان واسعا وشاملا، كان يغطي كل أنحاء العالم ويستهدف الشعب وعلماء الدين وغيرهم، ومن ثم نفاقه وحاشيته. وقد تمكنا خلال فترة وجودنا القصيرة في باريس وعبر إجراء اللقاءات ونشر المقالات، من توضيح قضيتنا في بلدان أجنبية وللشعوب الأجنبية. ورويدا رويدا واستنادا لهذه الأمور والقوة التي منَّ الله بها على الشعب الإيراني، ثار الشعب بقدرة الإيمان ووحدة الكلمة.
لقد حصلت غفلة بعد عام من مذابح الخامس عشر من خرداد وما جرى آنذاك وما تبعه من نفيي إلى تركيا ومن ثم إلى العراق. ولكن وقبل عام أو عام ونصف تضافرت عدة عوامل أدت إلى انطلاقة نهضة إيران. وبعد ذلك بدأنا من العراق ثم ذهبنا إلى فرنسا. وان كل ما وقع مرهون بعد لطف الله تبارك وتعالى بما بذله الشعب الإيراني، سيما الشريحة الفقيرة منه لا شريحة الأشراف والأعيان والموسرين. إننا مدينون لأولئك. إننا مدينون للنساء والرجال صغاراً وكباراً الذين كانوا متأهبين للنزول إلى الشوارع كلما اقتضى الأمر دون أن يهابوا الرشاشات التي كانت تواجههم، كانوا يكشفون عن صدورهم ويقولون: أطلق النار. علينا القول بان الدم واللحم تمكن من الانتصار على الدبابة والرشاش وهذه هي قدرة الله تبارك وتعالى.
ربانية الثورة الإسلامية
حينما استعرض أوضاع إيران والشمولية التي تحققت لهذا المطلب الواحد، الذي تمثل بالمطالبة بحكومة إسلامية حقيقية، حينما انظر في كيفية انتشاره في كافة أنحاء البلاد، بدءً من طهران وحتى آخر نقطة على الحدود، وفي كل قرية وناحية، حينما استعرض ذلك وأتأمل فيه تنتابني قناعة تامة بان ما حصل هو أمر الهي وليس أمرا بشريا. فالبشر لا يتمكن مهما كانت قدرته، مهما كانت إمكانيته في البيان، من النفوذ إلى المجتمع وبلوغ الطفل الصغير حديث العهد بالكلام، والرجل العجوز الراقد في المستشفى، لكي يقولوا معا أمر واحد ويصرخوا معا في الشوارع ليل نهار: نريد الاستقلال والحرية، لا نريد النظام الملكي، نريد الجمهورية الإسلامية.
إنني مقتنع تماماً بان شمول هذه القضية كان أمراً إلهياً، وان الله تبارك وتعالى هو حامينا وسندنا لذا فنحن منتصرون.
الأرواح الطيبة والنفوس القدسية
إن هذا الأمر هو الذي أفعمني بالأمل منذ أوائل الأمر، وحينما تنامت الثورة واتسعت دائرة الوعي والصحوة في أوساط الناس، والحمد لله، تحقق الأمل. لكن لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا فعلت. طبعا الشعر الذي قرأه السيد جيد من الناحية الأدبية ولكني أنا شخصيا أقل من أن يقال فيّ مثل هذا. إن سكان الأكواخ هم الذين أطلقوا صرخاتهم في الشوارع وقدموا دماءهم وأبناءهم، إنهن الأمهات اللاتي كان لديهن أربعة أولاد وفقدن ثلاثة وكن يعربن عن استعدادهن لتقديم الرابع في سبيل الله. إن هذا هو الذي أشعرنا بالأمل، إنها روح التعاون، روح الإنسانية والروح الإسلامية التي ظهرت لدى الشعب الإيراني. إن هذا التغيير الذي حصل لدى الناس أعظم من التغيير الذي حصل للنظام.
ذات يوم لم يكن يجرؤ احد في بازار طهران، الذي يعتبر اكبر سوق في إيران، على معارضة عريف شرطة إذا ما جاء وطلب إغلاق المحلات بمناسبة الرابع من آبان[1] أو طالب بوضع الزينة من أجل ذلك. فلم يكن يرد في ذهن احد أن بالإمكان معارضة هذا العريف! ولكن الله تبارك وتعالى- وفي فترة قصيرة غيّر هذه الأرواح الطيبة واحدث تحولًا بالغاً في تلك النفوس القدسية، فنزلوا إلى الشوارع وصرخوا: الموت للشاهنشاهية البهلوية! كانوا يقفزون من أمام الدبابات ويتسلقونها ويطلقون شعاراتهم من فوقها. إن هذا التحول، إذا حدث لشعب ما في مدة قصيرة وشمل كافة الطبقات، فهو معجزة بالغة الوضوح. لقد كنت ترى أينما ذهبت في هذه البلاد، إن الناس يواجهون قوى الأمن التي كانت لديها أوامر بقتلهم وإبعادهم، ولم يكترثوا لتهديداتهم، ويطلقون شعاراتهم.
تغلب سلاح الإيمان على جميع القوى
إن هذا التحول الروحي يبعث على الدهشة، إن هذا التغيير الروحي هو الذي أدى إلى تحقيق النصر لشعبنا. فتضرعوا للدعاء لله أن يمنَّ بهذا التغيير على كافة الشعوب الإسلامية والمستضعفة. ادعوا الله تبارك وتعالى أن يمن علينا بالتغيير. فهذا التحول الروحي وهذه الثورة الإسلامية هدية أرسلها الله تبارك وتعالى من العالم العلوي لشعبنا وينبغي بنا أن نشكر الله تبارك وتعالى وان كنا لا نتمكن من إيفائه حق شكره.
وان عليّ أن اشكر هذه النعمة وهذه الرحمة، واشكر الشعب الإيراني على ما تحمله من محن، عليّ أن اشكر ذلك وأرى أني عاجز عن أن أؤدي حق هذا الشكر. إن هؤلاء هم الذين أنجزوا كل شيء والله أيدهم واتت قدرة الله وقدرة إيمان هذا الشعب أُكلها أخيرا، إن هذه القدرة تمكنت بعناية الله من استئصال جذور ملكية عمرها 2500 عاما، رغم دعم أمريكا لها ودعم الاتحاد السوفيتي سرا لها بالإضافة إلى الصين وبريطانيا، لقد وقفت كل القوى العظمى خلفه (الشاه) وكان لديه ولديها كل الأسلحة المتطورة في حين وقف شعبنا بوجهه بأيدي خالية، فلم يكن لدى أبناء شعبنا حتى بنادق، لم يكن لديهم أي شيء! ولكنها قوة الإيمان وإرادة الله. فليس هناك ما يثير العجب من أن يقدر الله تبارك وتعالى لشعب لا يملك أي شيء، لا يملك أي سلاح، الغلبة على كافة القوى بسلاح الإيمان فقط.
مؤامرة المنع من العودة إلى إيران
هؤلاء تراجعوا شيئاً فشيئاً. كنا في باريس وتوالت علينا الزيارات، التي كانت تهدف بشكل خفي وأحيانا بشكل معلن، إلى حثنا على التوقف. كانوا يقولون: نعطيك ما تريد، ننجز لك ما تريد. الشاه نفسه ابلغني بوسائل مختلفة بأنه مستعد لتسليم البلاد، شريطة أن يبقى هو ملكاً وتكون كل الأعمال بيدي، ولكني لم اكترث له. إن القدرة الإلهية هي التي أعانتنا ورحل الملك وبقيت حثالته.
لقد سعوا حتى عبر الحكومة الفرنسية الرئيس الفرنسي إذ أبلغتني رسالة مؤداها أن من المبكر الآن العودة إلى البلاد، وبطريقة توحي بالإخلاص مثلا! كذلك وجه إليّ اقتراح من أمريكا بان عليك التأني الآن، وان من المبكر ذهابك إلى إيران! ومن إيران أيضا كان الأمر كذلك، فبعض الأفراد من تلك المجموعات، كانوا يعرضون نفس الاقتراح، وهذا الاقتراح هو الذي دفعني إلى اتخاذ قرار العودة، وليكن ما يكون! وقد أدركت بان وراء هذه القضية أمرا ما. إنهم كانوا يريدون الإبقاء عليّ هناك، ويبادرون هنا إلى زيادة وتيرة التآمر بحيث اعجز بعدها عن القيام بأي عمل. فأعلنت أنني سأعود، وبادروا هم إلى إغلاق المطارات، أغلقوا جميع المطارات. وقد صبرنا وقلنا سنعود حينما يعاد فتح المطار ولكنهم أغلقوه مرة أخرى، وقلنا نحن سنعود حينما يعاد فتحه. فأدركوا بأنه لا يمكنهم الإبقاء على المطار مغلقا فهددوا وقاموا ببعض الأعمال ولكننا عدنا.
وحينما وصلنا نحن مدينون طبعا لإحساسات أبناء الشعب الإيراني الذين اجتمعوا من كافة الأطراف والأكناف ... وقد عاد الكثير منهم، ولكن أهالي طهران كانوا موجودين- تعرضنا هنا أيضا لعملية شد وجذب بيننا وبين الحكومة، لكننا لم نكترث بمقالتهم ونصبنا رئيسا للوزراء وقلنا بأننا واستنادا لما لدينا من ولاية شرعية واستنادا لما منحنا إياه الشعب من آراء فنحن نعين رئيسا للوزراء. الحكومة الموجودة قالت بأنها ستعتقل رئيس الوزراء المنصوب، فقلنا طيب اعتقلوه سنأتي بشخص آخر!
بعد ذلك حاولوا إخافتنا وبدأت بعض الأمور لكننا أمرنا بعدم السماح للوزراء بالوصول إلى مقار عملهم في الوزارات، وقبل العاملون في الوزارات ومنعوهم من دخولها. حتى أن رئيس الحكومة (شابور بختيار) اعتبر ذلك نوعا من المزاح من قبلنا، وقال انه يقبل برئيس الوزراء الجديد ما دام الأمر لا يتعدى حد المزاح. في البدء كان يقول سنعتقله ثم تراجع قليلا وقال بأنه يقبل بالأمر ما دام مزاحا ولكن إذا كان الأمر جديا فانه سيفعل كذا وكذا[2] ونحن قلنا ليكن الأمر جديا! وقد انتهى الأمر بإقصاء هذا المخلوق الذي هدد في بداية الأمر بالاعتقال وبكذا وكذا انتهى أمره، ونتيجة لطبيعته الصحراوية- فانا اعرف الطبيعة الصحراوية لشابور بختيار وأنا لي تاريخ معهم - انتهى الأمر به أن ارتكب الجرائم وقتل البعض، اصدر أمرا بالقتل وقد نشرت الصحف ذلك إذ قال بشكل غير مباشر بان الأمر صادر منه وان الجيش لا يقوم بأي عمل ما لم يتلق أمرا منه[3].
مطالبة العالم بإعادة الشاه المجرم
بعد ذلك فرّ من البلاد، ونحن ندعو نيابة عن الشعب الإيراني الشعوب كافة أن يعيدوا إلينا هذا المجرم. فعلى كل من وجد هذا المجرم أن يسلمه إلينا وسوف نعلن عن ذلك. وحديثي هذا هو بمثابة إعلان بذلك ونوصي أصدقاءنا الموجودين في خارج إيران بان يخبروننا إذا ما عثروا عليه في إي مكان من العالم كي يتسنى مطالبة تلك الدولة بتسليمه إلينا.
لقد وصل الأمر حدا أن ذلك المخلوق (الشاه) مع كل ما كان لديه من قدرة عظيمة وكنا نحن نواجهه بأيد خالية في حين انه كان يواجهنا بكل شيء وبدعم حكومات الدول الكبرى، نحن بالأيدي الخالية المدعومة من قبل الله تبارك وتعالى لقد بلغ الأمر أن يواجه هذا الإنسان رفضا من كل بلدان العالم! والآن وحيث يقيم لدى صديقه المقرب الملك الحسن، فقد قرأت البارحة أو أول البارحة في صحيفة بأنه قال: "نحن لا نستقبله كملك!".
كذلك قالت الحكومات الأخرى بأنها لن تستقبله. وأخيرا يبدو أن أمريكا قد وافقت على استقباله. وسواء استقبلته أو لم تستقبله فإننا سنأتي به وما يملكه من أموال في الخارج وقد لا تعلمون يا سادة ماذا نهب من هنا وذهب به.
ضرورة كتابة جرائم وخيانات الأسرة البهلوية
إن البلاد التي بين أيدينا الآن بلاد تعمها الفوضى. كل جانب فيها تعرض للخراب من قبلهم قبل أن يرحلوا. وهذا النفط الذي كان ينبغي أن تنفق عوائده لصالح الشعب، أخذوه في مقابل أسلحة قالوا أنهم سيعطوننا إياها، في حين أن تلك الأسلحة كانت لأمريكا نفسها وقد أقيمت لها قواعد في بلادنا، فالأسلحة ليست لنا ونحن نعجز عن استعمالها، فهي لأمريكا ذاتها ولكنها موجودة هنا، فهم وبذريعة أموال النفط، أقاموا قاعدة لهم هنا لمواجهة الاتحاد السوفيتي إذا ما وقعت حرب بينهم.
هذه كانت خياناتهم ولعل الغالبية من أبناء الشعب لا يعرفون هذا الأمر ويتصورون بأنهم أعطونا أسلحة ولكنها أسلحة لا تنفعنا. طبعا إن إعطاء النفط وشراء السلاح السلاح الذي لا ينفعنا هو خيانة بحد ذاته... فالقضية أنهم اخذوا العوض والمعوض ووضعوهما في جيوبهم. في حين أنهم إذا كانوا يريدون إقامة قاعدة هنا خلافا للموازين السائدة في العالم، فان عليهم أن ينفقوا الملايين بل المليارات من الدولارات حتى نجيز لهم إقامة مثل هذه القاعدة، ولكنهم اخذوا نفطنا وأقاموا قاعدة لهم! هكذا كانت خيانتهم، نحن لا نستطيع أن نعدد خياناته والله وحده تبارك وتعالى هو المحيط بذلك. وستنكشف خفايا هذه الأمور رويدا رويدا، فالبعض ممن يعرفون بها- وهم غير مطلعين على كافة الأمور- سيكشفونها في المستقبل.
على أية حال بلغ الأمر هذا الحد، والآن فان الفوضى كثيرة تعم البلاد نتيجة الجرائم التي ارتكبها هؤلاء. فالجيش قد تم إعداده بعيداً عن الروح الوطنية ومعتمداً كلياً على الآخرين. واقتصادنا مصاب بالشلل الكامل ونحن الآن محتاجون لاستيراد كل شيء من الخارج، في حين أن إقليما واحدا من أقاليم بلادنا إذا ما زرع بشكل صحيح فانه سيكفي الجميع. لقد كنا مصدرين واليوم بتنا محتاجين لاستيراد كل شيء. لقد قضوا على ثرواتنا الحيوانية ومراتعنا. إن مراتعنا غنية للغاية وحينما جاء وفد يمثل ملكة بريطانية- هكذا نقلوا لإجراء دراسة على تلك المراتع لإعطائها لها، قالوا بأنها أغنى المراتع والمراعي لتربية الحيوانات. لقد أمموا المراعي، أي أنهم أخذوها من أيدي أبناء الشعب وأعطوها للأجانب! أمموا غاباتنا وأعطوها للأجانب.
لو أن أحدا أراد أن يحصي جرائم وخيانات هذه الأسرة سيما جرائم محمد رضا شاه وما ارتكبه بحق هذا الشعب لو أراد أن يكتب ذلك ويتحدث عنه فسوف يطول الحديث. وإنني آمل من المطلعين على مثل هذه المسائل وليس هناك من مطلع على كل تلك الأمور ولكن بالقدر المتيسر للبعض، آمل أن يبادر إلى كتابته ونشره حتى يعلم العالم اي معاناة كنا نتجرع مرارتها.
الحمد لله إن أيدي هؤلاء وأيدي أسيادهم قد قطعت اليوم وينبغي أن تقطع أطماعهم عن هذه البلاد، فعليهم أن لا يتوهموا أنهم سيتمكنون من العودة إذا ما أصيبت إيران بقدر من الضعف. كلا فالضعف لن يوجد في إيران بعد الآن وشعبنا يقظ وحذر، حتى الأطفال باتوا يقظين، وان شعباً كهذا يتوكل على الله لا يمكن لأحد أن يهزمه كما عجزوا عن ذلك في السابق.
تشكيل الدولة الإسلامية العالمية
إنني اطلب من شعبي ومنكم جميعا ومن كافة الشعوب الإسلامية، التوكل على الله، التوكل على الله في كل أعمالها، فالقوى الكبرى ليست بشيء مقابل قدرة الله، والقوة الأخرى مزهوقة أمام قوة الله. اتكلوا على الله وسوف تتغلبون على كل شيء. فرسول الإسلام ورغم انه كان شخصا واحدا في مقابل جميع الأعداء، فقد انتصر عليهم بالتوكل على الله، وحينما دخل مكة مكة التي عانى منها ما عانى فانه دخلها منتصرا فاتحا.
إن نهضة الرسول الأكرم كانت نهضة إنسانية، نهضة إلهية، ولم تكن كسائر القوى الشيطانية الأخرى التي أقيمت من أجل المصالح الشخصية أو من اجل الحكم والقتل. كلا كانت قدرة إلهية تدعمها. وقامت التعليمات الإلهية بتوحيد الشعوب التي كانت مبتلاة بعبادة الأصنام والأوثان والنار وما هو أسوأ من ذلك، وحّدتها وسطع نور لا إله إلا الله ورفرفت راية التوحيد على كافة البلدان الإسلامية، لأنه (صلى الله عليه وآله) كان متوكلا على الله وكان جبرائيل الأمين سنده. توكلوا انتم أيضا على الله ليكون جبرائيل الأمين سندا ومرافقا لكم ولتكون الملائكة معكم.
إنني آمل من الشعوب الإسلامية أن تستيقظ من غفلتها التي نجمت عما قام به الأجانب وما روجوه لتفريقهم وزرع العداوة بينهم، آمل أن يستيقظوا ويتحدوا وان يقيموا دولة إسلامية كبرى، دولة واحدة تحت راية" لا اله الا الله" وتكون هذه الدولة الغالبة لكل العالم. أيدكم الله جميعا ووفقكم. والسلام عليكم ورحمة الله.
ــــــــــــــــــــــ
[1] عيد ميلاد الشاه.
[2] قال شابور بختيار آنذاك: إذا كانت قضية الحكومة المؤقتة مزحة فنحن نقبل بها ولكن هذه الحكومة إذا بادرت إلى ممارسة عملها فإننا سنواجه العمل بعمل مثله.
راجع صحيفة كيهان، العدد الصادر في 17 بهمن 1357.
[3] قال بختيار: ... إن الجيش يتسلم أوامره من الحكومة وإلا فهو لا يتدخل مباشرة في السياسة ...
راجع صحيفة كيهان، العدد الصادر في 19 بهمن 135.
تعليقات الزوار