سؤال- [في الأشهر الأخيرة طرحت في الغرب أسئلة كثيرة بين المؤيدين والمناصرين لنضال الشعب الإيراني. وأكثرها طرح لضالة المعرفة بتاريخكم ونماء عقيدتكم وتطور فكركم في الماضي والحاضر. وعندي أن النشاط الأكثر في مؤازرة ثورتكم الإسلامية سيثمر أجوبة عن هذه الأسئلة تكون ذات فائدة. أعتقد أن ما يحدث اليوم في حياة الحركة الشعبية في إيران له جذور مرتبطة بتجديد الحياة الشيعية. هل بإمكانكم أن توضحوا ما الأنشطة والأبحاث والنضال التي ساهمت في تبلور نشاطكم طوال الثلاثين سنة الأخيرة؟]
جواب: إحدى خصال التشيع منذ النشأة حتى الآن هي الثورة على الاستبداد والظلم، وهي مشاهدة في جميع مراحل تاريخ الشيعة، وبلغ هذا النضال غايته في بعض المراحل التاريخية، ففي القرن الماضي وقعت أحداث كان لكل منها أثر في هذه الحركة الحالية للشعب الإيراني، الثورة الدستورية،[1] وانتفاضة التبغ[2] وحازت أهمية كبيرة. تأسيس الحوزة العلمية الدينية في النصف الأول من القرن الحالي في مدينة قم وتأثير هذه الحوزة داخل وخارج إيران وكذلك ما سعى إليه المفكرون الدينيون[3] داخل الجامعات وثورة عام (41- 42) للشعب الإيراني بقيادة العلماء الإسلاميين والتي ما تزال مستمرة حتى اليوم، وكان لهذه العوامل أثرها في نشر الإسلام الشيعي على مستوى العالم.
سؤال- [كيف تطورت هذه النشاطات والأبحاث وهذه الحداثة والانسجام مع الزمن ولدى الشيعة؟ هل كان هذا الأمر منحصراً بالعقيدة الشيعية أو أنه تطور بأساليب أخرى؟ وما دور المدارس الإسلامية (الحوزات العلمية) في هذا النمو؟]
جواب: الإسلام أساساً لا يحجز التطور العلمي والفكري، بل يهيئ لهذه الحركة. والتشيع ما هو إلا الإسلام الأصيل، وهذه الحركة يعطيها الإسلام الجانب الإنساني والإلهي. وقد تعجب المحققون ومؤرخوا التاريخ من التكامل العلمي والثقافي بعد ظهور الإسلام. أجل الشيء الذي يجب أن أضيفه هو أن فساد الأخلاق استغلال الإنسان واستغراقه في الملذات ومقايضة جميع القيم بالمال له مفهوم يختلف عن تحديث الدولة. والتشيع يعارض ذلك وليس تحديث الدولة. وفيما يخص عمل الروحانيين الشيعة يجب أن نقول بأن البحث والدراسة والتحقيق في الأمور الإسلامية وتعرف الفقه الشيعي الذي أصبح تخصصياً بسبب أتساع مجالاته التي تفرض تفرّغ فئة من الشعب لفهم هذه القضايا وتبليغها. والذين تصدوا لهذه المسؤولية هم رجال الدين الذين كانوا دائماً في مقدمة الحركات الاجتماعية والنضال السياسي لاطلاعهم على المفاهيم الإسلامية.
سؤال- [هل بإمكانكم أن تفسروا لنا مفهوم حزب الله؟]
جواب: كل مسلم يقبل بالمعايير والقوانين الإسلامية، ويتمسك في أعماله وتصرفاته و سلوكه بالمنهج الشيعي الصحيح هو عضو في حزب الله. وجميع تعاليم هذا الحزب ومسيرته أوضحها القرآن والإسلام، فهذا الحزب غير الأحزاب الرائجة اليوم في العالم. اليوم يناضل الشعب الإيراني كلّه من كل فئة وعمر و الرجال والنساء لرفع الشعارات الإسلامية وهم جزء من حزب الله.
سؤال- [هل بإمكانكم توضيح المعنى الدقيق للإمام؟ ما معناه العام وما هو موقفكم من إطلاقه عليكم في مظاهرات الشعب الإيراني المليونية في شهر محرم؟ ما علاقة الإمام بحزب الله؟]
جواب: الإمام يعني القائد ومن يقوم بهداية الجميع وإرشادهم، والإمام هو الموضح لنهج الشيعة وحزب الله والقائد لهذه التنظيمات الكبيرة والشاملة، إذ يستمدون مسيرتهم من القرآن والسنة النبوية في مختلف الأزمنة والأحوال ويجتهدون في استنباط الأحكام ويبلغونها للناس.
سؤال- [كيف يمكن لحكومة حديثة أن توجد في ظل مجتمع إسلامي؟]
جواب: الإسلام الذي ترتكز أكثر تأكيداته على الفكر والعلم يدعو الإنسان إلى التخلص من جميع الخرافات والخضوع للقوى الرجعية المناوئة للإنسانية، كيف يمكن له أن لا يكون مسايراً للحضارة والتطور والاختراعات المفيدة للبشر وهي حصيلة تجاربه؟
سؤال- [بالنظر إلى أن الحكومة التي تجمع أقصى حد في القوة لنفسها. كيف يمكن لحكومة إسلامية أن تقوم والسلطة غير متمركزة ومستقرة، ولا تظهر علاقة بين قاهر ومقهور؟]
جواب: حدد الإسلام العلاقة بين الحكومة والقائد والشعب ضمن قواعد وضوابط، كما حدد حقوق كل واحد على الآخر، وفي حال رعاية تلك الأمور لا يمكن أن تظهر مثل هذه العلاقة، يعني علاقة قاهر ومقهور أبداً. والقيادة وتسلم زمام الأمور في الإسلام مهمة وتكليف الهي، فالفرد في هيأة الحكومة والقيادة إضافة إلى المهمات التي هي واجب على جميع المسلمين على عاتقه مجموعة من الواجبات المهمة الأخرى التي يجب انجازها. إن الحكومة والقيادة عندما تكون في يد أحد أو فئة ليست تشريفاً وباعثاً للفخر والاستعلاء على الآخرين وسبيلا لمصادرتهم حقوقهم وبلوغ الخاصة.
لكل واحد من المسلمين الحق في استجواب زعيم المسلمين نفسه وفي حضور الجميع وانتقاده، وواجبه هو أن يقدم جواباً مقنعاً، وإذا عمل على خلاف تكليفه الإسلامي يعزل تلقائياً من منصب الزعامة. ولحل هذه المشكلة قواعد ومعايير جلية.
سؤال- [في المجتمع الإسلامي ما هي المنظمات أو التنظيمات الاجتماعية الشعبية التي يجب أن تضمن اتخاذ القرار السياسي والمساواة بين الأفراد، وتمنع إقامة علاقات بين الحاكم والمحكوم وتسيطر كذلك على أصحاب الحل والعقد في الجهاز الحكومي؟ لقد علمتنا تجربة التاريخ أن سلطة الشعب التي يتم إجراؤها عن طريق البرلمان- (وحتى ولو تم انتخاب البرلمان بشكل حر) هي محدودة جداً وتميل نحو الانخفاض.]
جواب: في عالم اليوم، يقال بأن العالم صناعي وقادة الفكر يريدون أن يديروا المجتمع البشري مثل مصنع كبير، في حين أن المجتمعات تتكون من البشر وهم أولو أبعاد معنوية وروحية عرفانية. والإسلام إلى جانب القوانين الاقتصادية وغيرها يعتمد في تربية الإنسان على الإيمان بالله الذي يستفيد منه في هداية المجتمع نحو الله- تعالى- والسعادة. فإذا أسهم الإيمان بالله والعمل في سبيله في النشاطات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وجميع مناحي الحياة البشرية، حل أعقد مشكلات العالم الحالية بسهولة. واليوم وصل العالم إلى طريق مسدود، ولا يريد التسليم بهدى الأنبياء، لكن لن يجد في النهاية سوى التسليم بهذا النهج.
سؤال- [برأيكم ما هي الطرق التي يمكن إتباعها لإزالة تمركز القوة الاقتصادية، ليس فقط بين الفقراء والأغنياء، بل حتى بين القطاعات المختلفة التي تشارك في الإنتاج (العامل ورب العمل)].
جواب: المجتمع بغير الله والإيمان به والعمل ابتغاء مرضاته يكون أسير مشكلات العلاقة بين العامل ورب العمل، وعندما يريد حل هذه المشكلة يوجد مشكلة أكبر منها، ويرى نفسه في مأزق ساعة سعيه لحلها. ولكن في المجتمع الإسلامي يقاس كل شيء على الإسلام، ويُنجز بمعياره ويوزن بالإيمان، ولن تحدث مشكلة أبداً.
سؤال- [هل برأيكم سيقام النظام الإسلامي فور الإطاحة بالنظام البهلوي أو أنه هناك حاجة إلى حكومة مؤقتة تمهيداً للحكومة الإسلامية؟]
جواب: من المسلم به أن الشعب والحكومة بقدر ما يعملون على أساس الموازين والمعايير والأحكام الإسلامية يتمكنون بالتدريج من التخلص وتحييد نواقصهم ويرتقون إلى مواقع عالية ومتطورة تجعل المجتمع يقترب من القيم الإلهية، وهذا المسير لا نهاية له.
سؤال- [بعنوان مثال واضح للقضاء على الاقتصاد التابع إلى نفط الشاه والاستفادة المتعددة من هذه المادة الأولية، ما هي الإجراءات التي تجب الاستفادة منها؟]
جواب: تملك إيران الإمكانات والقدرات المتنوعة الكثيرة اللازمة للتنمية الاقتصادية، وحتى إذا لم يكن النفط فإنها تستطيع أن تحقق نصراً في نموها والقضاء على الفقر. وذلك كالمعادن المختلفة ذات الأهمية الكبيرة في الصناعة إضافة إلى القدرات الزراعية والحيوانية وأهم من كل ذلك الطاقات البشرية المبدعة والخلاقة.
وسنبيع النفط لمن يشتريه منها، ويراعي العدل والإنصاف ويدفع ثمنه، ونسعى أيضاً إلى الاستفادة من النفط في الصناعات المختلفة.
ـــــــــــــــــــ
[1] بقيادة متدينين ذوي مكانة عالية مثل: السيدين: البهبهائي والطباطبائي في 1342ﻫ.ق.
[2] الثورة الشاملة من أجل إبعاد وردع الامتيازات الأجنبية في عهد ناصر الدين شاه، بقيادة المرجع الكبير المقلد السيد ميرزا حسن الشيرازي.
[3] على يد مرجع التقليد الكبير الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي، في عام 1340ﻫ.ق.
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
المصدر: صحيفة الإمام، ج5، ص: 275
المحاور: مراسل صحيفة (لوتاكونتينوا) الإيطالية
التاريخ: 19 دي 1357ﻫ.ش. 10 صفر 1399ﻫ.ق.
الموضوع: سمات الحكومة الإسلامية وعلاقة الشعب بالقيادة
تعليقات الزوار