التاريخ: الأحد 8/ 11/ 1357هـ ق. 9/ 2/ 1399هـ ش. 28/ 1/ 1979م.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ أيّ مصيبة تصيب الشعب الإيراني، هي عبء ثقيل على عاتقي، ولا أستطيع تحمل أعبائه، لقد حدثت مجازر خلال اليومين أو الثلاثة الماضية تثير الأسى. كنت قد قررت أن أذهب إلى أحبائي الإيرانيين وأخدم بين صفوفهم، فإذا أريقت دماؤهم ـ لا سمح الله ـ أكون مشاركاً لهم، ولكن يد الخيانة تحركت فحالت دون ذهابي![1] وسأتوجه ـ بإذن الله ـ في أول فرصة إلى إيران! لقد بُعث الأنبياء ـ عليهم السلام ـ لإسعاد البشرية. إنهم كانوا يريدون إيصال الإنسان إلى الكمال اللائق بالإنسانية. ونهضنا نحن أيضاً تبعاً للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم) لإيصال هذا الشعب المحروم إلى الكمال اللائق به. ذلك الشعب الذي عانى من الحرمان والقهر طيلة حكم النظام الملكي، وقد سلب الأعداء جميع ثروته! نريد إنقاذ الجيش من حالة التطفّل. كنا مستائين من منح ((الحصانة)) للأمريكيين، وقد أعلنا استنكارنا، إننا نريد أن نجعل الحكومات مستقلة! أما هؤلاء يقولون نريد أن نكون عبيداً! لا يصرحون بذلك لفظاً، ولكنهم عملياً كذلك.
إن عملنا هو تطبيق لما قاله الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلّم): إنا نسحب هؤلاء بالسلاسل إلى الجنة والسعادة! يجب أن نجرَّ هؤلاء المتمردين بالسلاسل إلى السعادة! إننا نريد أن تكونوا سادة، تديرون بلادكم بأنفسكم، وتكون خيرات البلاد لسكان ((الحفائر)). نريد أن تكونوا آدميين. ألا تريدون ذلك؟! تدَّعون فقط؟! منذ البداية كنا نعاني من الادِّعاءات. كان الحديث دائماً ماذا قال جلالته، وماذا قالت جلالتها، ماذا نريد أن نفعل، ونريد أن نوصل البلاد إلى ((الحضارة الكبرى))! وعندما ذهب، رأينا أنه لم يعمل أي شيء، لقد خرَّب جميع مظاهر الحضارة!
لا تنسوا أن جميع المحن نزلت بنا بفعل هذا الخبيث محمد رضا! ليس لنا معه شيء عندما يدفن. كانوا إلى الآن يقولون، إذا ذهب الشاه يصبح النظام شيوعياً! ونسأل الآن: ها قد ذهب الشاه هل صار النظام شيوعياً؟! فالآن لا وجود للنظام الملكي ولا للشاه، كان الشاه يقول إن لم أكن موجوداً فستتجزأ البلاد. فيأخذ الإنجليز قطعة منها والروس قطعة والأمريكان قطعة، لقد زال الشاه الآن فهل قُسِّمت بلادنا؟!
كنا إلى الآن نعاني من تبجُّحات محمد رضا خان ومجازفاته، والآن نعاني من أنصار القومية وشبه هذا الكلام. يذهبون إلى مقبرة الدكتور مصدّق[2]، وإننا لم نصدِّق أولئك ولا نصدِّق هؤلاء! واليوم أيضاً نفس الخطة ونفس الحالة. فهم الآن أيضاً يقتلون ويسلبون. وكلاهما مرفوضان، غاية الأمر أن اسم ذاك كان شاهِنشاهياً، وقد جاء هذا باسم الوطنية والجمهورية الديمقراطية! إنهم ضد الإسلام ومع الجمهورية. إنهم ضد الشطر الثاني (من الجمهورية الإسلامية) وهو الإسلامي. إنهم أعداء الإسلام، لأن الإسلام يحول دون المصالح الشخصية ولا يسمح لهؤلاء المتجبرين أن يعيشوا عيشة المترفين. إن الإسلام يهذِّب حياتهم ويصلحها، ولا يسمح بتسلط الأجانب على المسلمين. الإسلام يمنع التسلط بالقوة! والآن يقولون انتهينا من دكتاتورية محمد رضا خان وصِرنا إلى دكتاتورية ((المَلالي))! ترى أين هم من الدكتاتورية؟! ما الذي ارتكبه هؤلاء؟! نحن لا نمنع عن شيء سوى الفساد! فالناس أحرار وأنتم الذين لا تسمحون لهم بأن يكونوا أحراراً. يجب أن يكون الشعب يقظاً، لا يظن أننا انتصرنا وأخرجنا محمد رضا! قد تغيرت الظروف وجاءت ظروف أخرى. لقد جاؤوا إلى الساحة أحياناً بالسلاح وأخرى بالمصالحة، والآن بسلاح ((الديمقراطية الإسلامية))! وكان ذلك القزم[3]يدعي الإسلام أيضاً!
يقول الإسلام: ((تنح أنت) (يا بختيار))! الإسلام لا يقبل الحكومة الجائرة. إنكم ظلمة. والإسلام يرفض الظلم. لقد حارب الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم) الظلم ثلاثاً وعشرين سنة، وأنتم بسطتم الظلم. ففي أمس الأول قتلتم شبابنا، إنكم سفاكون. نريد إنقاذكم من عسف المستعمرين، وتريدون البقاء تحت نير الاستعمار! فليعلم جيشنا أننا نريد أن نجعلهم مستقلين، إلا أنه يحول دون ذلك هؤلاء الاثنان والثلاثة الموجودون في القيادة، فاطردوهم، أجبروا هؤلاء العملاء على التنحي عن مناصبهم!
سأتوجه بإذن الله إلى إيران في أول فرصة، وسأقوم كأول خطوة بتشكيل حكومة إسلامية تعتمد على أحكام الإسلام وأصوات الناس. فالناس يرغبون في أن تكون لهم حكومة عادلة. لا تظنوا أن ((معرفة)) الجمهورية الإسلامية أمر عسير، إنهم يتظاهرون بعدم الفهم! الجمهورية يعرفها الجميع، وإسلاميتها تعني أن يكون محتواها إسلامياً. إن للإسلام أحكاماً في مجال السياسة والمجتمع وجميع المواضيع. إن هؤلاء السادة لا يخالفون الجمهورية، إنهم يخالفون إسلاميتها، وإن كان كذلك، فلا إيمان لباطنه وذاتهم، وهم ليسوا بمسلمين!
إننا نريد أن يكون الجيش مستقلاً، ولا يأتي عقيد من أمريكا ويذل أميراً من أمراء الجيش، فيا أيها المشير! إننا نريد إنقاذك، ألا تريد ذلك؟! ألا تفهم ذلك؟! يجب أن ننقذك بالقوة! إن شبابنا في الجيش ليسوا ككبار قادته الذين فقدوا فطرتهم السليم لكثرة ما قتلوا من الناس. أيها الشباب! أعينوا البلاد وجيشكم. لا تسمحوا لهؤلاء الكهول الأربعة الذين جمعوا أموالنا وهرَّبوها إلى الخارج ليبقوا الوضع على ما كان عليه، غيِّروا هذا الوضع!
لقد قلت لا يستطيع رئيس الوزراء اللقاء بي إلا إذا كتب استقالته وأعلنها![4] وعليه أن يستقيل إن كان عاقلاً، ويأتي إلى هنا ويتوب ويصبح كسائر الناس. وما أريده من الاستقالة، ليس المعنى القانوني للاستقالة، إنه ليس رئيساً للوزراء كي يستقيل، ولكني ذكرت كلمة الاستقالة لحفظ ظاهر الكلمة، وإلا فما معنى الاستقالة؟! يجب أن يعلن أساساً: أنا لست برئيس للوزراء. وأنا أقول له الآن إنك ستندم. ألم تشاهد كيف ندم سيِّدك وأخذ يتوسل، فلم يقبل منه الشعب؟!
إننا نريد صلاح المجتمع، نحن نتبع الأنبياء الذين جاؤوا لإصلاح المجتمع. نحن متألمون وآسفون للأزمات التي شهدتها إيران. إن جماعة العلماء يريدون إنقاذكم، ويقولون لكم عن طريق الوعظ اتبعوا الإسلام ومبادئه! فإذا قبلتم، فسنعتبر الذين لم يرتكبوا جرائم خطيرة منا، وإذا لم تقبلو، سنفرض الحق عليكم بقوة لتتوقفوا عن الجرائم! فكما أن هتاف الشعب أخرج هذا الطفيلي ـ فأنتم لا شيء ـ وسيخرجكم أيضاً! كونوا آدميين وسارعوا إلى التوبة ففي ذلك صلاحكم! أنا أريد صلاحكم. وعلى الشعب الإيراني الصمود في هذا الوقت. سيكون نصرهم قريباً إن شاء الله. أسأل الله لكم جميعاً السلامة، حفظكم الله ووفّقكم وأيدكم!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــ
[1] إشارة إلى إغلاق مطارات إيران.
[2] كان شاهبور بختيار قد تحدث في الأيام الأولى من شهر بهمن 1357هـ ش (= أواخر شهر يناير 1979) مع بعض القوميين حول ذهابهم إلى قرية (أحمد آباد) ونقل جثمان المرحوم الدكتور مصدّق منها إلى مقبرة شهداء (ثلاثين تير)، وقد صرح بذلك شاهبور بختيار نفسه يوم 5/ 11/ 1357 = 25/ 1/ 1979 عند زيارته مرقد المرحوم مصدّق.
[3] إشارة إلى الشاه.
[4] إشارة إلى الشائعة التي راجت في تلك الأيام بأن الإمام(قده) قد أعلن موافقته لاستقبال شاهبور بختيار في باريس وهو رئيس الوزراء!
تعليقات الزوار