Skip to main content

رؤية القائد لمخاطر التفرقة في العالم الإسلامي

التاريخ: 29-01-2008

رؤية القائد لمخاطر التفرقة في العالم الإسلامي

نحن نملك العديد من الوسائل للدفاع عن حقنا ومشروعيتنا، فلدنيا الحجم السكاني الكبيرة، والثروات الهائلة، والكفاءات العالية، والتراث المعنوي العريق؛ الأمر الذي يمنح شعبنا المزيد من القدرة على التصدي للمتغطرسين

نحن نملك العديد من الوسائل للدفاع عن حقنا ومشروعيتنا، فلدنيا الحجم السكاني الكبيرة، والثروات الهائلة، والكفاءات العالية، والتراث المعنوي العريق؛ الأمر الذي يمنح شعبنا المزيد من القدرة على التصدي للمتغطرسين. نحن نملك تاريخ ثقافي وحضاري عريق قل نظيره في العالم، ولدينا الكثير من  الإمكانات، ولدينا كل عناصر القوة والدفاع، والسؤال المطروح هو لماذا لا نبادر إلى الدفاع؟ لماذا لا يصدر عنا أي رد فعل على الساحة؟ الجواب: لأننا غير متحدين وغير متكاتفين، وقد تم فصلنا وعزلنا عن بعضنا البعض بشتى الحجج والذارئع، إن جيش عظيم وكامل التجهيز مثل الأمة الإسلامية وضع تحت رحمة التقسيم والتفرقة التي أوجدتها مجاميع لا هم لها سوى الإقتتال والتحارب فيما بينها والتخوف من بعضها البعض والإعتداء على بعضها البعض والنيل من بعضها البعض، في ظل هذه الأوضاع فمن الطبيعي أن يعجز هذا الجيش عن فعل شيء (1).

 

أ- عرضة لأطماع أعداء الإسلام

 

إن أهم خطر يواجهها العالم الإسلامي هو خطر التفرقة، إننا إنفصلنا عن بعضنا البعض ولم نضع أيدينا بأيد بعض، فطمع العدو بنا، نحن نقترح على جميع الدول والحكومات في العالم الإسلامي وجميع الشعوب الإسلامية أن تلتزم بالوحدة والتضامن والتقارب، فلابد من تجاوز الخلافات والتخلي عنها، ومادام بالإمكان حل الكثير من الخلافات، فعلينا أن نبادر إلى حلها، وبعض الخلافات قد لا تحل في فترة قصيرة لهذا يجب التغاضي عنها وتجاوزها، وهذه النقطة بالذات هي التي تلحق الضرر بالصهاينة والأمريكان، وقد حشدوا جميع طاقاتهم لمواجهتها (2).

 

ب – مجال لتغلغل الأعداء

 

1- المشكلة التي تعاني منها الدول والمناطق التي استطاع الأمريكان أن يتغلغلوا إليها ويحتلوها عسكرياً؛ تكمن في داخل هذه الدول، والتي تتمثل في إنعدام الإرادة والعزم على المواجهة والصمود لدى شعوب وحكومات هذه الدول، فعندما يسود الشعب التضامن والإتحاد والإيمان والعزم وتكون هناك علاقة قوية وارتباط وثيق بين الشعب والحكومة فإن الإستكبار يخسأ ولا يتمكن من فعل شيء، وقد أملت التجربة على الأمريكان هذه الحقيقة وهم أعرف بها من غيرهم (3).

 

2- لقد جاء في الحديث "المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه" (وسائل‏ الشيعة ج12 ص231)، لذا فمن الضروري أن نولي لوحدة الكلمة بين المسلمين أهمية أكثر من السابق، وذلك لأن التفرقة هي مجال لتغلغل أعداء العالم الإسلامي (4).

 

ج – تساعد على تقوية أعداء الإسلام

 

على شعوب المنطقة والفرق الإسلامية وأتباع الديانات المختلفة في لبنان وفي جميع الدول الإسلامية أن يمدوا يد الوحدة والتكاتف لبعضهم البعض، ولا يسمحوا للتفرقة بينهم أن تتسبب في تقوية الأعداء (5).

 

د – تسبب المظلومية للإسلام

 

1- إن السبب الرئيس في تعرض الشعب الفلسطيني لمثل هذا المصير المرّ؛ وتعرض الجسد الفلسطيني لكل أصناف التنكيل والأعمال الدموية والمصائب الجمة والحزن والألم الذي أثار حزن كل النفوس الحرة؛ سببه هو الإختلاف في كلمة المسلمين،  فلو كانت هناك وحدة في الكلمة لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليها، إن السبب في وجود العراق تحت رحمة المحتل هو الإختلاف في كلمة المسلمين، والسبب في ما نشهده اليوم من تعرض دول الشرق الأوسط لعربدة الولايات المتحدة؛ يعود إلى الإختلاف في كلمة المسلمين، ولو أراد المسلمون أن يتخلصوا من هذا الوضع المزري، وأراد الشعب الفلسطيني أن يتخلص من أوضاعه الحالية، وأرادت الشعوب في أفغانستان والعراق وسائر البلاد الإسلامية أن تتخلص من الضغوط التي تتعرض لها من قبل الأعداء، فإن الطريق الوحيد هو وحدة الكلمة ووحدة الشعب والدول ووحدة الشعارات. وعيد الفطر هو يوم التضامن والوحدة (6).

 

2- غريب ما يحدث اليوم في العالم.. الكثير من المزاعم التي تطلق حول حقوق الإنسان، أما عندما يخص الأمر الشعوب الإسلامية فإن كل تلك المزاعم يتم نسيانها، فما هو سر هذا الإستعداء الذي يكنه الأعداء والقوى العالمية للإسلام؟ وما هي طبيعة هذه الحرب الصليبية التي يشنها هؤلاء ضد الإسلام؛ والتي يرى الإنسان آثارها بوضوح في كل مكان؟ ولماذا كل هذا الظلم والتعسف الذي يتعرض له المسلمون في شتى أنحاء العالم وفي كل مكان يسنح للأعداء أن يتحكموا بهم؟ ما سبب كل ذلك؟ السبب هو وجود حالة من التفرقة بين المسلمين وحالة من الإختلاف داخل الأمة الإسلامية، والنزاع بين الدول الإسلامية وهذه التفرقة مفتعلة من قبل الأعداء (7).

 

هـ - سبب لضعف المسلمين وذلتهم

 

1- لو كان أتباع القرآن والإسلام – من أية فرقة وطائفة – صادقون في ذلك ويسعون إلى إبقاء القرآن عزيزاً وعظيماً، فعليهم أن يدركوا بأن هذه النداءات المخادعة وهذه الأقلام الأجيرة وهذه الأموال القذرة والخبيثة التي تنفق في بعض الدول لزرع بذور التفرقة والإختلاف هدفها هو النيل من رفعة الإسلام، وهذا ما يريده الأعداء (8).

 

2- إن المسلمين اليوم هم أحوج ما يكونوا إلى الأخوة، وإن شعار "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم" (الحجرات، 10) هو الشعار الأكثر جدية اليوم، وإن السبب في كل هذه المهانة والذلة التي يتعرض لها المسلمين في أنحاء مختلفة من العالم يعود إلى حالة التفرقة والتناحر فيما بينهم، فلو كان المسلمون متحدون لما تعرضت فلسطين إلى ما تتعرض له، ولا كان وضع البوسنة وكشمير وطاجيكستان والمسلمون في أوروبا بالشكل الذي هو عليه من ضنك العيش، ولما تعرض المسلمون في أمريكا إلى كل هذا التعسف ، فالسبب في كل ذلك هو حالة التفرقة والإختلاف التي نعيشها (9).

 

 و - يحول دون تحقيق المسلمين لسيادتهم ورفعتهم

 

1- هناك إمكانية أن يحصل المسلمون على سيادتهم إلا إننا عندما نمعن النظر نجد المسلمين – وللأسف – عرضة للبلاء، وخاضعون لأعداء الدين، أي أنهم استسلموا لأعدائهم أما طواعية ورغبة أو خوفاً من التهديد والعنف الذي تعرضهم له القوى الأجنبية، إن حالة التشتت التي يعيشها المسلمون هي من أكبر المصائب في الوقت الحاضر (10).

 

2- عندما يقوم الإعلام في إحدى الدول بشن حملة ضد أحد المذاهب الإسلامية، فيقابله الإعلام في دولة أخرى بحملة مشابهة؛ فذلك يعني أن الصراعات السياسية أخذت قالباً فكرياً ومذهبياً ودينياً، وأخذت المجموعات المختلفة تتقاتل إنطلاقاً من أرضية فكرية وتعصبات دينية، وهذا الأمر يعتبر من أكبر الموانع التي تحول دون تحقيق المسلمين لرفعة الإسلام وسيادته (11).

 

3- إن من يحول دون تحقيق الأمة الإسلامية عظمتها وعزتها وإقتدارها؛ هو جزء من المنظومة التي تسعى إلى تدمير هذه المكاسب الكبيرة، وإن من يحول دون تحقيق الوحدة والعزة والإقتدار - الذي يصب في المنهج الإلهي وليس من أجل الغرور والتفاخر ولا من أجل التسلط وإذلال الشعوب الأخرى ولا من أجل شن الحروب ضد الضعفاء في العالم بل من أجل تحقيق القيم الإلهية ومفهوم التوحيد- مثل هؤلاء قد ارتكبوا ظلما واجحافاً بحق البشرية، فما يتعرض له العالم الإسلامي اليوم من ضربات هي نتيجة التخلي عن هذه المكاسب الكبيرة (12).

 

ز ـ التفرقة بين المسلمين هي أم المصائب

 

1- لقد حاولت قبل ساعة أن أعد المصائب التي تعرض لها العالم الإسلامي: فوجدت الدم المسلم يسفك في شتى أنحاء العالم؛ في فلسطين وفي البوسنة وأفغانستان وكشمير وطاجيكستان والهند وغيرها من البلدان الأخرى، وهي مجمل المصائب التي يتعرض لها العالم الإسلامي، إلا أن أكبر هذه المصائب على الإطلاق - والتي هي أم المصائب حقاً - هي حالة التشتت والتفرقة بين المسلمين وغفلتهم وإبتعادهم عن الأمة الأسلامية الكبرى، وهذا ما يجب إصلاحه وخلق تحول حقيقي فيه (13).

 

2- من بين جميع الأمراض التي يعاني منها المسلمون، فإن أكبرها على الإطلاق هي حالة التفرقة والاختلاف، إننا لم نعمل بوصية قرآننا الكريم التي قال فيها "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا" (آل عمران، 105) ولم نعمل أيضاً بالوصية الأخرى التي تقول: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" (آل عمران، 103)، وحالة الضعف والهوان التي يعيشها المسلمون هي نتيجة لهذه التفرقة، لأن التفرقة تشكل العامل الرئيس في استمرارية حالة الضعف لدى المسلمين، وإن كل حقب تاريخية عانت من شتى أنواع الأمراض، لكن المرض الأول لهذا العصر هو إنعدام وحدة الكلمة لدى المسلمين (14).

 

3- إنّ التفرقة هي السم الزعاف للعالم الإسلامي. فهذه التفرقة تقيم الحواجز بين الشعوب وتنزغ بين القلوب (15).

 

ح - يؤدي إلى الانزلاق في وحل خيانة الإسلام والمسلمين

 

1- إن النتيجة التي سيخلص إليها المرء من جميع التحليلات وعمليات البحث عن العلل والأسباب وراء ما يعاني منه العالم الإسلامي؛ هي: إن حالة التفرقة هي أساس كل هذه المشاكل، فلو كان المسلمون متفقون فيما بينهم، فسيمنحهم ذلك المزيد من الدفء وقوة القلب ولن يكونوا ضحية عمليات التخويف التي يقودها الأعداء ضدهم، إن الشعور بالخوف والرعب من القوى الدولية المتسلطة؛ هو نتيجة الشعور بالوحدة وإنعدام السند، ولو شعرت إحدى الدول أو الشعوب بهذا الرعب والخوف فذلك بسبب شعورها بالوحدة. ولو أحست الشعوب والدول الإسلامية بدفء العلاقة الحميمة بينها وأدرك الدول أن شعوبها تقف خلفها وتساندها، وأدركت الشعوب بأن حكوماتها مصممة على إحقاق حقوقها،  واطمأنت إلى أن الشعوب الأخرى تساندها وتتضامن معها؛ فلا يكون هناك مجال لحالة التخويف والإرعاب التي يبثها الإستكبار في صفوف الشعوب ورؤساء الدول، فأول ثمار الوحدة هو الشعور بالقوة والعزة، وأول نتائج التفرقة والتشتت هو شعور الإنسان بالفراغ الداخلي "وتذهب ريحكم" فتنعدم حالة الحيوية والنشاط في داخل الإنسان وداخل الشعوب (16).

 

2- إن من يسعى في الوقت الحاضر إلى إحداث الشقاق والتفرقة في صفوف المسلمين والمذاهب الإسلامية – في وقت هناك حاجة ملحة للوحدة والتكاتف لمواجهة أعداء الدين وأعداء الإسلام وأعداء القرآن – فإنه يرتكب خيانة عظمى بحق الإسلام والمسلمين، وهذا ما يجب أن يدركه الجميع (17).

 

ط ـ الغفلة من العدو الحقيقي

 

لأنَّ اليوم هو يوم إتحاد المسلمين.إنظروا الى مقدار ما ينفقه العدو من أموال لفك أواصر الوحدة التي تتمتع بها الشعوب الإسلامية في الوقت الحاضر. انظروا الى أوضاع العراق؛ وكذلك الى المناطق الإسلامية الأخرى كيف تعاني الى حدّ ما من الصراع مع قادة المؤامرات التي تستهدف إثارة الفرقة بين الطوائف والفرق والقوميات والشعوب الإسلامية بذرائع مختلفة. يقتلون هذا وذاك، ويزرعون البغض والأحقاد في قلب هذا وذاك، للحيلولة دون الإنتباه لعدو العالم الإسلامي الإساسي، وقادة التسلّط والسيطرة على هذه المنطقة من العالم.

 

ـــــــــــــــ

 

1- كلمة القائد خلال لقاءه بمسؤولي البلاد والضيوف المشاركين في مؤتمر الوحدة 8/ 5/ 2004

 

2- خطاب القائد لدى لقاءه الضيوف المشاركين في مؤتمر العالم الإسلامي 22 / 12 / 2003

 

3- خطاب القائد أمام حشد من الجماهير بمناسبة عيد الغدير 30/ 1/ 2005.

 

4- خطاب سماحته أمام حشد من التعبويين (البسيج) وعلماء الدين وأساتذة وطلاب محافظة خراسان من أهل السنة، وحشد جماهيري من مدينة اردستان والمسؤولين والموظفين في الجمارك الحكومية وحشد من أعضاء حزب الله اللبناني 25/ 9/ 1989.

 

5- بيان سماحته للتنديد بجرائم الكيان الصهيوني في لبنان 1/ 8/ 2006.

 

6- كلمة سماحته خلال لقاءه بمسؤولي البلاد بمناسبة عيد الفطر السعيد 25/ 7/ 2006.

 

7- كلمة سماحته لدى استقباله مسؤولي البلاد في ذكرى ميلاد الرسول الأكرم (ص) والإمام جعفر الصادق (ع) 14 / 9/ 1992.

 

8- خطاب سماحته أمام حشد من المتطوعين (البسيج) وعلماء الدين وأساتذة وطلاب محافظة خراسان من أهل السنة، وحشد جماهيري من مدينة اردستان والمسؤولين والموظفين في الجمارك الحكومية وحشد من أعضاء حزب الله اللبناني 25/ 9/ 1989.

 

9- كلمة سماحته لدى استقباله مسؤولي البلاد في ذكرى ميلاد الرسول الأكرم (ص) والإمام جعفر الصادق (ع) 4 / 9/ 1993.

 

10- كلمة سماحته خلال لقاءه بمسؤولي البلاد بمناسبة عيد الفطر السعيد 24/  2/ 1993.

 

11- خطاب القائد أمام الضيوف المشاركين في إجتماعات الدورة الأولى للمجلس الدولي الأعلى التابع لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية 21/ 9/ 1991

 

12- كلمة سماحته أمام المسؤولين والمشرفين على شؤون الحج 15/ 1/ 2003

 

13- كلمة سماحته خلال لقاءه بمسؤولي البلاد بمناسبة عيد الفطر السعيد 24/  2/ 1993.

 

14- كلمة سماحته لدى استقباله مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلامية المعتمدين لدى طهران  04/11/2004

 

15- خطاب القائد أمام حشد من الجماهير في ذكرى ميلاد الإمام علي بن أبي طالب (ع) 7/ 8/ 2006.

 

16- كلمة سماحته خلال لقاءه بمسؤولي البلاد بمناسبة عيد الفطر السعيد 15/ 11/ 2001.

 

17- كلمة سماحته أمام المسؤولين والمشرفين على شؤون الحج 6/ 1/ 1997

 

18- كلمة سماحته في ذكرى ميلاد الرسول الأكرم (ص) والإمام جعفر الصادق (ع) 17 / 4/ 2006. 

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة