الإنسجام الإسلامي في خطاب ومواقف خليفة الإمام الراحل
التاريخ: 18-08-2008
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}(1)
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}(1).
قد لا يسع المقال الحديث عن شخصيات أهدت للحياة الإنسانية مسيراً ملؤه النجاح والعزة والكرامة، وعن مواضيع لها الأولوية وهي مهملة ، لا يلتفت إليها وأغفل عنها عشرات السنين بل قرون متمادية وما أحوجنا إليها.
الكلام عن شخصية الإمام الخميني(رحمه الله) حديث عن شخصية شق طريقه في سماء الإسلام والإيمان ، والعلم والعرفان ، فأشرف على أمة قهرها أعداؤها، ودأبوا يمعنون في قمعها وإذلالها، فأنار بإشراقه ظلمة الديجور الذي يلفها، وكشف بشاعة المظالم التي تكتنفها استبداد الساسة بآرائهم، وكذب ومراوغة المسؤولين في تعاملهم، وثراء المرابين الفاحش في أوساطهم، وفقر الأغلبية المدقع في مجتمعاتهم، وشيوع المنكرات والفواحش بين مترفيهم، وتعالي وطاغوتية كبرائهم، واستخذاء واستكانة فقرائهم، فأثار فيهم النخوة الإسلامية، وحب القيم الإنسانية والتطلع إلى التحرر من أسر الطغاة، والتطلع إلى رحاب العزة والكرامة وسعادة الدارين، الدنيا والآخر.
فتظافرت الجهود وتعاضدت الهمم، والتفت الجماهير حول قائدها وغلا مرجل تذمرها، وتدخلت العناية الإلهية في توفير الأسباب والعلل، وتوفيق الجهود (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ) حتى تفجر البركان، فكانت الثورة الإسلامية في إيران، فالتهمت الظالمين وأزالت هيمنة الطغاة المترفين وأطاحت بأعظم ركيزة للاستعمار في المنطقة، واستقرت دعائم الجمهورية الإسلامية في إيران، رغم الحروب العسكرية والاقتصادية والإعلامية والحصار الاقتصادي وتصاعد الإرهاب في الداخل وكثرة الاغتيالات وتزايد المؤامرات وزرع الجيوب والألغام، ووضع الموانع في طريقها فتجاوزتها جميعها، بحكمة وهمة وإيمان وصبر وشجاعة قائدها ومؤسسها سماحة آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني (رحمه الله).
والمسيرة مستمرة على نفس النهج وبقوة الخطى الإيمانية التي رسمها الإمام الراحل بقيادة تلميذه الوفي الفقيه الحكيم الشجاع، المدبر آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، رغم كل المحاولات والتهديدات الأمريكية، والتي تحاول أن تقف حجر عثرة أمام كل مشاريع التنمية والازدهار والوحدة والإخوة والتطور في جميع مجالات الحياة بإرادة شعبية إسلامية تنبع من همم أبنائها وتعتمد على عقولها وتستند إلى كفاءاتها الداخلية، بعيدة عن كل ألوان الفتن والاستفزاز والتجبر، داعية الجميع إلى التكاتف والتعاضد وتقوية لحمة الأمة الإسلامية الواحدة، وتحقيق آمالها وأمانيها وعدم الاعتماد على أعدائها، أو الخوف منهم والوقوع في الفخ الذي طالما نصبه الاستعمار والصهيونية الصليبية للإيقاع بين أبناء الشعوب الإسلامية، وزرع العداوة والبغضاء فيما بينهم، وخلق أعداء وهميين ونسيان العدو الصهيوني الغاصب، الذي يسعى ليل نهار من اجل إحكام سيطرته في المنطقة، وملاحقة كل مسلم على وجه الأرض أينما حل.
ونحن اليوم في ذكرى إرتحال الإمام الخميني (رض) إذ نحيي هذه الذكرى ونحياها. ونمجد مثل هذه الشخصية العظيمة، إنما نمجد المبادئ الخيرة، والقيم الشريفة، والتفاني النزيه في الله، ولكي نستفيد من الدروس والعبر التي نحصل عليها منها، ونصلح بها شؤوننا ونصحح بها مواقفنا، ونبني بها مستقبلنا وحاضرنا ونشيد بها عزتنا وكرامتنا.
قبل الدخول في الموضوع من المناسب أن نعرف أنّ الانسجام مطلب إسلامي وتوحيدي في كل العصور وهو أساس العزة والقوة وبه ترتفع شوكة الأمة وتضعف سيطرة أعدائها.
إنّ شعار الوحدة والانسجام الذي أطلقه الإمام الخامنئي لم يكن اعتباطاً، أو يفهم منه البعد المذهبي والوطني كما يروّج له الغرب ودوائره الاستعمارية، بل هو في الواقع أطروحة كبرى تعبر عن هدف إيديولوجي شامل، تستوعب مختلف جوانب الحياة، الثقافية والاجتماعية والسياسية والتربوية.
ولا يخفى على أحد مكانة القرآن عند المسلمين جميعا فهو فضلا عن انه كتاب هداية ورشاد، وفصل في الأحكام، فهو يعد الكتاب الأول للمسلمين الذي يحمل الشريعة الغراء الخاتمة وتعاليم الوحي، يقول الصدق، وينطق الحق، وكما ورد عن نبينا الأكرم(ص): «إن هذا القرآن هو حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع...» (2). فكل ما يدعو إليه وينشده فهو حكم يجب على المسلمين جميعاً امتثاله وكل ما يرغب عنه ويذمه يصبح واجباً على المسلمين تركه والانتهاء عنه.
رغم أنّ الأخوة الدينية حقيقة إسلامية لا غبار عليها، لكن بما أن الاختلاف والتمذهب داخل الامجتمع الإسلامي قد بدأ يأخذ حيزا واسعا بعد ارتحال الرسول الكريم(ص) لدرجة أن صار كل مسلم يجد نفسه في مواجهة مع غيره يخالفه في الرأي، وازداد الواقع سوءا بحيث أصبح المسلمون يتحدثون عن ضرورة أو عدم ضرورة الوحدة في داخل المجتمع المسلم. وهل لذلك قواعد أو أحكام شرعية تدعمه أو لا؟
مع أنّ الفقهاء والمتكلمين قد اخذوا هذه القضية من المسلمات العقلية التي لا تحتاج إلى نظر، ومن البديهيات التي يجزم بها العقلاء، ولا داعي إلى الالتفات إلى مبناها الفقهي.
لكن هناك من سعى جاهداً إلى تطبيق دعوات القرآن في مجال الأخوة والانسجام داخل المجتمع على محيطه «المتمذهب» فقط، والواقع أن الأخوة الدينية القرآنية صادقة على كل المسلمين تجاه أهل الكتاب وغيرهم.
فالآيات القرآنية الواردة في هذا الباب كثيرة وكل منها يتحدث عن أمر معين فتارة تذم الاختلاف لما يسبب من مضار للأمة كما سبب للأمم السالفة، وأخرى تدعو للابتعاد عن ظاهرة الاختلاف فالتفرقة، وآيات تشرح المباني الكلية للانسجام والوحدة هذه الآيات لوحدها تحتاج إلى دراسة معمقة تستكشف منها أهمية هذا الموضوع وخطورته وآثاره على الحياة الإنسانية والإسلامية.وقد قال عز من قائل:
ـ {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}(3).
فالاختلاف أمر اختياري سببه الأهواء والميول النفسية، وهو شامل لكل الأمور، وقد أدى إلى نتائج خطيرة انعكست على الحياة الإنسانية، ولا زال مستمراً، والمذموم منه هو الذي ينبع عن عناد ، بالباطل وخروج عن الصراط المستقيم.
ـ {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (4).
فعلة الاختلاف هو الطغيان والعناد ودور الأنبياء مواجهة هذا الطغيان.
ـ {وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (5).
فالاختلاف رحمة للناس ولكن هو للاختبار وظهور معادن الأمم.
ـ {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (6).
في الآية دعوة إلى الجماعة ونهي عن الاختلاف والفرقة التي مصيرها الهلاك.
ـ {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} (7).
الدعوة إلى الانسجام قديمة بقدم الرسالات
ـ {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} (8).
خروج المتفرقين من الدين حيث أنّ النبي ليس منهم، فهم يبتعدون عن نهج النبي(ص) الذي بني على الوحدة والانسجام.
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (9).
الاعتصام بحبل الله هو الأصل في الانسجام الصحيح والوحدة الإسلامية لا الوحدة على أساس القومية والإقليمية والتعصب القبلي والمصالح المشتركة واللغة والعرق والعنصر.. بل وحدة قلبية، إيمانية أساسها التقوى والعمل في سبيل الله.
وآيات أخرى تدعو الجميع إلى اتخاذ القرآن أساساً للأخوة والانسجام.
وما ورد في السنة الشريفة ليس بقليل في الأهمية من التركيز والتأكيد على مبدأ الانسجام والوحدة والابتعاد عن الفرقة وعدم التلاحم، ليس عجيبا أن تتقهقر جحافل المسلمين عن فتح أوروبا وآسيا الوسطى وتتراجع عن الأندلس وصقلية وما منيت به الدولة الإسلامية خاصة في القرون الأخيرة أيا كان نتيجة طبيعية لواقع هشِّ قد عاشه المسلمون، انعدم فيه التلاحم والانسجام بين فئاتهم وطبقاتهم، وهو ما أشار إليه النبي الأعظم(ص) في خطبة له: «أيها الناس ، أوصيكم بما أوصى به الله في كتابه: من العمل بطاعته، والتناهي عن محارمه.. إنّ الاختلاف والتنازع والتثبط من أمر العجز والضعف ، وهو مما لا يحبه الله ولا يعطي عليه النصر والظفر...» (10).
وهو القائل أيضاً: «إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم، يأخذ الشاة الشاذة والقاصية والناحية، فعليكم بالجماعة والألفة..» (11).
ويؤكد (ص) في حديث آخر على أهمية رص الصفوف والتقارب بقوله(ص) «رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بين الأعناق، فوالذي نفسي بيده، إني لأرى الشيطان يدخل من خلل العسف كأنها الخذف»(12) بل يوصي بالتواصل وعدم التقاطع بقوله(ص) «عليكم بالتواصل والتباذل، وإياكم والتقاطع والتحاسد والتدابر، وكونوا عباد الله أخواناً»(13).
والمستفاد من هذه الأحاديث عن النبي(ص) يمكن تلخيصه في النقاط التالية:
1 - الانسجام والوحدة وصية إلهية موجهة إلى البشرية كافة هي أن الحياة لا تستقيم إلا بها والوصية الإلهية تعني سنة وقانوناً في الحياة من دونها لا تستمر الحياة على النهج السوي.
2- التفرق والتنازع يجر الإنسانية إلى الضعف والعجز، التي تؤدي به إلى الهلاك، وبارتفاع التفرقة والحركة نحو الوحدة يستطيع الإنسان أن يرسم آفاق المجد والصبر والتنمية في جميع مجالات الحياة.
3- الضعف الناتج عن التفرقة أمر مذموم وغير محبوب عند الله ومادمنا على هذا الحال فلن نجد نصرا ولا ظفرا لان النصر يأتي نتيجة للقوة القائمة على الانسجام والوحدة.
4- الابتعاد عن الجماعة الألفة والأخوة والانسجام يجعل من الإنسان طعمة سائغة لذئاب الجن والإنس من الشياطين، والوسيلة الوحيدة لطرد شياطين الجن والإنس تتوقف على الائتلاف والانسجام في سبيل الله.
5- رص الصفوف والتقارب من العناصر المؤثرة في إحكام الأمة الواحدة وسد أبواب النفوذ الممزق في أوساط المجتمع الإسلامي من قبل أعدائها.
6- التواصل وعدم التقاطع من ركائز الحياة الإسلامية، وهي الدليل على العبودية لله، والعكس هو الذل والخنوع أمام الاستكبار الخارجي والاستبداد الداخلي.
إنّ دعوة القرآن والسنة النبوية واضحة وهما المعيار في الحياة والرجوع إلى غيره لما لا يعود على الأمة الا بالنزاع والاختلاف، ومن ثم التحرك نحو الفشل والسقوط، وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (14).
وما ورد عن أئمة أهل البيت(ع) بخصوص الوحدة والانسجام الإسلامي لا يمكن حصره في هذه الصفحات، ونذكر هنا ما أشار إليه أمير المؤمنين علي(ع) في كلامه (ع) :« فإياكم والتلون في دين الله، فان جماعة فيما تكرهون من الحق خير من فرقة فيما تحبون من الباطل، وان الله سبحانه لم يعط أحداً بفرقة خيراً ممن مضى ولا ممن بقي»(15).
فالخير كل الخير في المجتمع الإسلامي لا يمكن له أن يتحقق بالفرقة والتشتت بل بالوحدة والجماعة يتحقق الخير والصلاح والازدهار في البلاد الإسلامية؛ وهي نعمة إلهية بفقدها سوف نخسر حقيقة الحياة وسعادة الدارين؛ والإمام (ع) يحذر من التفرق في خطبة له قائلا: «فانظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء مجتمعة، والأهواء مؤتلفة، والقلوب معتدلة، والأيدي ، والسيوف متناصرة والبصائر نافذة، والعزائم واحدة، ألم يكونوا أرباباً في أقطار الارضين، وملوكا على رقاب العالمين! فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخر أمورهم حين وقعت الفرقة، وتشتت الألفة، واختلفت الكلمة والأفئدة وتشعبوا مختلفين، وتفرقوا متحازبين، قد خلع الله سبحانه عنهم لباس كرامته، وسلبهم غضارة نعمته، وبقي قصص أخبارهم فيكم عبراً للمعتبرين»(16).
وهل يا ترى توجد ابلغ من هذه العبارات النافذة لتشرح قمة آثار الانسجام والوحدة والألفة وما آلت إليه الأمم عندما اختلفت وتشعبت وصارت أحزابا لا ترى إلا صنم وجودها وتحولت في النهاية إلى روايات تاريخية تسطر في كتب الملل والنحل لعل أحداً يعتبر بهؤلاء في حياته الفردية والاجتماعية.
إنّ الانسجام الإسلامي كما لاحظنا ضرورة دينية وعقلانية ووطنية لا يمكن تجاهله والتأكيد الوارد في خطاب خليفة الإمام الخميني الراحل ناظر إلى كونه أصلاً إسلامياً أساسياً لابد من معرفته ومعرفة كيفية تحققه والوقوف أمام الموانع التي تقف دون تحقيقه.
الانسجام الإسلامي:
عندما نتبع كلمات الإمام الخامنئي في بيان العقيدة من الانسجام الإسلامي تنكشف حقيقة وأهمية الموضوع الذي نحن بصدد بيانه، يقول الإمام الخامنئي بمناسبة المبعث النبوي الشريف:
الانسجام الإسلامي معناه أن تعرف البلدان المسلمة قدر الأمة الإسلامية الكبرى. لن ينفعنا التخوف شيئا، ولن تنفعنا معاداة بعضنا البعض شيئا. لن ينفعنا تكريس اختلافاتنا القومية والطائفية؛ الشيعية السنية أو العربية العجمية شيئا، الأمة الإسلامية منظومة عظمى تتمتع بإمكانات هائلة وأرصدة كبرى، لكن العالم الغربي مزقنا وجعلنا نقف بوجه بعضنا، جعل قومياتنا سلاحا لمواجهة أخوتنا المسلمين، وقد وقعنا بسبب جهلنا وغفلتنا في هذه المؤامرة وسقطنا في هذا الفخ، يجب أن نصحو على أنفسنا..
لم نجامل حين قلنا إن هذا العام هو عام الانسجام الإسلامي . نحن نرى المؤامرات التي تحاك ضد العالم الإسلامي، ونرى الجهود التي تبذل والأموال التي تنفق من أجل التفرقة بين الإخوان، ولكي نوظف طاقاتنا ضد بعضنا ولكي لا نتقدم إلى الإمام، إننا نعاني من تخلف كبير. العالم الإسلامي يعاني من تخلف كبير. علينا التقدم في مجالات العلم والتقنية»(17).
وقد أشار الإمام الخميني الراحل في مواقفه الوحدوية أيضاً إلى ما ذكر وعباراته أكثر من أن تحصى وهو صاحب المقولة الشهيرة «إنّ الذين يفرقون بين السنة والشيعة ليسوا سنة ولا شيعة». وهو القائل أيضا: «إن الثورة الإسلامية لم تشهد بحمد الله ـ أي خلاف بين السنة والشيعة، ينبغي أن يعيش الكل بحب وإخوة».
وقد اتسمت مدرسته الفكرية والفقهية والسياسية بهذه السمة فتربى عليها أتباعه»(18).
والانسجام هو ليس الذوبان في الآخر أو هيمنة مذهب على آخر، إنما هو دفع الخلاف والدعوة إلى الإخوة والمحبة والوقوف في صف واحد، يقول الإمام الخامنئي:
«ندعو جميع الأخوة في العالم الإسلامي من أي مذهب كانوا إلى الوحدة والإخاء.. لا نريد أن يكون ثمة خلاف.
لا نريد تكريس أنفسنا بإلغاء الآخرين. هذه النقطة على جانب كبير جداً من الأهمية، وهذا هو الإنسجام الإسلامي الذي تحدثنا عنه»(19).
فالانسجام لا يتحقق إلا بتظافر جهود الجميع من حكومات وشعوب وعدم العون من أي طرف هو الذي جعلنا متأخرين في تحقيق هذا الهدف، يشير الإمام الخامنئي إلى هذه النقطة مخاطبا الحكومات بقوله:
«على الحكومات أيضاً أن تقدم كل العون لتحقيق الاتحاد والوحدة والتآلف بين أبناء الأمة الإسلامية، لأنه إذا وجدت الأمة مكانتها ووزنها، أصبحت عندئذ داعمة لحكوماتها، وغدت هذه الحكومات قادرة على الصمود وعدم الارتماء في أحضان أميركا أو بريطانيا بسبب ضغطها وخوفها لأنها أصبحت تحظى بدعم الأمة الإسلامية»(20).
إنّ التأكيد المستمر على ضرورة المحافظة على الانسجام الإسلامي مشهود في خطابات ورسائل الإمام الخامنئي في المناسبات المتعددة، والمطالبة بعدم استقرار المذاهب وبث الفرقة بات واضحا وصريحا.
(إنّ استفزاز المذاهب الإسلامية في الوقت الحاضر وإثارة الفرقة بين المسلمين سيلحق الضرر بالإسلام، والتحرك باتجاه المصالح الأميركية والصهيونية.. إنّ أعداء الإسلام يحاولون من خلال النزعة الاستكبارية وأنواع الحيل والذرائع ، بث الفرقة والخلاف بين المذاهب والفرق الإسلامية»(21).
وعندما تكون الفرقة هي السلاح الأخطر على العالم الإسلامي فالانسجام هو السبيل الوحيد لمواجهته والتغلب على أعداء الإسلام:
«الانسجام مطلوب دوما، ولابد للأمة الإسلامية أن تنشد الاتحاد دائما، بيد أنّ تسمية هذه السنة باسم الانسجام الإسلامي كالقمة في سلسلة من الجبال، والسبب واضح، لأن سياسة أعداء الإسلام والمسلمين قامت على أساس التفرقة . يريدون بث الخلاف بين المسلمين، فهذا أجدى لهم من أية حرب عسكرية، أو تحرك سياسي، أو تحد اقتصادي، والأرضيات مهيأة للأسف، بعضها يتصل بالتاريخ، وبعضها بجهلنا خلال عهدنا الراهن، ماعدا الاختلاف بين القوميات والشعوب المتعددة، يركزون على الاختلاف المذهبي بين الشيعة والسنة - لو لم تكن قضية التشيع والتسنن لعكفوا على المذاهب الفرعية داخل كل واحدة من هاتين الفرقتين يؤججون نيران النزاع بينها، لكنهم لا يفعلون ذلك حاليا ـ لأن قضية التشيع والتسنن بحد ذاتها أداة مناسبة لبث الخلاف بين المسلمين، وهذا ما نراه حاليا في كل مكان»(22).
التمسك بالإسلام
من أهم العوامل المؤثرة في تحقيق الانسجام الإسلامي هو التمسك المستمر بالمبادئ الإسلامية، وعدم التنحي أو التغافل عنها في اشد الظروف، إنّ الثورة قامت واستمرت باسم الإسلام، وان كل المؤامرات التي حاكها الاستكبار ضد النهضة الخمينية كانت من اجل تمسك هذه النهضة بالإسلام، في كل مراحلها، وكان الإمام الراحل يعد الانتصار ثمرة إسلامية لا غير يقول الإمام الخميني رحمه الله عام 1979:
إن ما حدث في إيران من ثورة معلول لعاملين: الأول ـ وهو الأهم من غيره ـ هو أن الشعب ألتحم مع الإسلام في مسيرته، بمعنى أن إيران من أقصاها إلى أقصاها كانت تطالب بالإسلام. والأمر الثاني: إن جميع الأصناف والقطاعات اتحدت وتلاحمت فيما بينها»(23).
وفي حديث آخر يؤكد ما قال سابقاً: «إن سر انتصارنا يكمن في أن نهضتنا لم تكن سياسية فقط، أو لإنقاذ النفط من التبعية فحسب، وإنما كانت تمتلك بعدا معنويا إسلاميا، شبابنا كانوا يتمنون الشهادة ويستقبلونها تماما كما كان المسلمون في صدر الإسلام»(24).
كما ذكر الإمام الخميني (رحمه الله) إنّ الإسلام هو العامل الأساسي الذي ألف بين قلوب أبناء الشعب الإيراني، ودعاهم للوقوف إمام الطغاة والمستبدين في الداخل والمستكبرين الغزاة من الخارج. ومن هذا المنطلق يشير الإمام الخامنئي إلى هذه الحقيقة بقوله: «إنّ الثورة الإسلامية قامت من اجل تحقيق برامج الإسلام السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إيران، وعلى صعيد العلاقات الدولية وبالاستناد إلى التعاليم الإسلامية فأنها ترفض نظام الهيمنة الجائر، وتسعى لتحقيق السلام والأمن والسعادة لجميع الشعوب، ولهذا السبب فان نظام الهيمنة العالمية يتحدى النظام الإسلامي وهذه الحقيقة يجب أن لا تنسى مطلقا»(25).
إنّ الغرب والشرق قد بعث برسائل عديدة يطالب بها إيران أن تهتم بشؤونها الداخلية دون الدفاع عن قضايا المسلمين في كافة بقاع الأرض؛ فكان الرد واضحا وحقا للمبادئ الإسلامية التي لا ترضى للمسلم أن لا يهتم بأمور المسلمين «ما يؤلمهم إنّ هذه الثورة هي ثورة إسلامية لا يهمها ما إذا كان الشعب الفلسطيني شيعيا أم سنياً، وهي تدافع عنهم بغض النظر عن انتمائهم، وهي تدافع عن الحركة العظيمة للبنانيين وعن أية مجموعة إسلامية في أي بقعة من العالم، تتولى حركة من اجل الإسلام، وهذا هو ما يزعجهم، وإلا لو أقدمنا على إغلاق الحدود وقلنا لا شأن لنا بالبلدان السنية والجماعات السنية، لما كان لهم شأن بنا، لا أمريكا ولا إسرائيل ولا الانجليز، فهؤلاء هم ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، لأنها هي للإسلام وللأمة الإسلامية»(26).
فالإسلام الذي ندعو إليه ليس الذي تقوم عليه الجماعات المتطرفة والبعيدة عن ذوي البنية الفقهية المتينة والنظرة العصرية للأمور.
إنّ الإسلام المبني على الفقه والمبادئ الفقهية يشرح المسائل المختلفة ويقدم إجابات دينية للحاجات المستجدة هو الإسلام الذي ينبني على العلم والورع معا بحيث يلاحظ الناس بكل وضوح عدم حرص أهل العلم على الدنيا. يقول الإمام الخامنئي «حفظه الله» .
«عندما نتحدث عن الإسلام والإيمان ، يتصور البعض أننا نروج لفكر متحجر يرفض التعامل مع الآخرين، ويخطّئ كل فكر أو منطق آخر، كالفكر الذي تروج له المجاميع المتطرفة.. نحن نقدم للعالم رسالة خاصة ملء سطورها بالأفكار المتجددة والحديثة، مفكرون مجددون أمثال الإمام الخميني (قدس سره) في كافة المجالات حتى الفقهية منها، حتى أنكم تشعرون بعمق تأثير هذه الرسالة على الشعوب الإسلامية. عندما يتصفحونها ويتذوقونها كالشهد».
ويؤكد سماحته أن «ظهور الإسلام وحركته كانت لأجل إدارة حياة البشرية، وهذا المعنى يختلف جوهريا ومعنويا عن أية حركة أخرى، يروم الإسلام إدارة الدنيا الآخرة، وأن يتولى مهمة التكامل والرقي الحقيقي للإنسان إلى جانب إدارة حياته اليومية»(27).
إنّ الأمة الإسلامية لو تمسكت بإسلامها وطبقت الشريعة وأحكامها وسلكت أخلاق الإسلام فإنه مما لا شك فيه سوف تؤسس مجتمعا متماسكاً ومنسجما متجهاً نحو أهداف الإسلام السماوية مقدما اطروحة الحياة العملية ليس للمسلمين فقط بل لكافة أبناء البشر لان نبينا بعث رحمة للعالمين وللناس كافة.
مواجهة العدو بعد معرفته
المجتمع الإسلامي يواجه تحديات خطيرة داخلية وخارجية، فثغرات الداخل هي التي تهم العدو الخارجي استغلالها بل وتحويل نقاط قوتها إلى ضعف.
فبموازاة معالجة الثغرات الداخلية لابد علينا معرفة العدو الخارجي الذي لا يألو جهدا في هجماته المتتالية عسكرياً، إعلامياً، اقتصادياً و... ضد مجتمعنا المنهك من ضرباته أبان القرون السالفة.
المفروض بداية معرفة العدو الحقيقي في مسيرتنا الإسلامية التكاملية كي لا نبدع لنا عدواً وهمياً يشغلنا عن الواقع المؤسف المعاش.
إنّ معرفة العدو الذي صب الويلات على الأمة الإسلامية وسعى في بلاد الإسلام فساداً بالغزو والقتل والنهب وزرع الفتن والفرقة ومواجهة هذا العدو، وفضح مخططاته المدمرة، خطوة أساسية في تحقيق الانسجام الإسلامي فيما بين أبناء الأمة والحكومات الإسلامية.
الاستكبار العالمي هو العدو الحقيقي للأمة الإسلامية في عالمنا المعاصر كما يراه الإمام الخميني .
فالاستكبار العالمي يتمثل بالغرب، وزعامة الولايات المتحدة الأميركية كقوة سياسية واقتصادية وعسكرية تعمل على نهب ثرواتنا وممتلكاتنا وأراضينا المحتلة في ظل شعارات براقة وجوفاء بلا روح ممدة للحياة كالديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الشر والإرهاب وهم أصله ـ واستتباب الأمن وإنقاذ الشعوب وفتح أبواب الحرية و.. وأوضح دليل على عدم تطابق الشعارات ومعانيها الحقيقية ما يحصل من نهب وقتل وهدم وإهانة للمقدسات وتعذيب السجناء بأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي وصمت العالم الغربي دولا وشعوبا، بل ومساندتهم للمعتدي أحياناً، كتصريحات المستشارة الألمانية والبابا بنديكت السادس تجاه الكيان الصهيوني ـ وتعتبر كل هذه التحديات حقا مشروعا في طريق توعية الشعوب المستضعفة وإرجاع حقوقها المستلبة، وكل من يطالب بوقف العمليات الإجرامية ، يعد بعيدا عن معرفة هذه الشعارات ومعانيها الحقيقية! وترتكب هذه الجرائم في البلدان الإسلامية على مسمع ومرأى كل الدول العربية والغربية، وعلى رأسها أميركا، والتي تدعم وتباشر بكل ما يحصل في بعض البلاد المسلمة.
فالإمام الخميني(رحمه الله)، يرى أنّ «أميركا هي العدو الأول للشعوب المستضعفة» ولذلك سماها الشيطان الأكبر، منطلقاً في هذا لأمن عقدة نفسية تجاه أميركا، بل من السياسة السلطوية الأميركية تجاه الدول المستضعفة، ولاسيما الدول الإسلامية تلك السياسة التي خلفت مآس ومشاكل متفاقمة، أدخلت الشعوب المستضعفة ودولها في دوامة العجز الاقتصادي، والتحديات الاجتماعية والهزّات السياسية التي لا تنتهي فصولها. لم يكن عداء الإمام للشعب الأمريكي أو الغربي بل للسلطة السياسية المعادية ومحافله يقول الإمام الخميني الراحل في هذه المجال:
«إننا لا نعادي أي شعب، لقد جاء الإسلام لجميع الملل.. إننا أصدقاء ومع من يتعامل معنا إنسانيا.. إننا نحب الإنسان وكان نبينا العظيم يحب الإنسان أيضاً، وتحمل من اجل البشر المشاق والصعوبات، وإننا نتبعه في ذلك؛ هناك علاقات متبادلة واحترام متقابل.. إننا نريد السلم، نريد العيش في ظل السلم مع جميع الناس في العالم، نريد أن نكون مسالمين مع جميع الناس، نريد العيش وسط شعوب العالم، لكنهم «المستكبرون» لا يسمحون لنا به»(28).
إنّ الاستكبار سدُّ منيع أمام تحقق الانسجام الإسلامي، وهدمه وفتح الباب للأخوة والتآلف أمراً لابد منه فلازالت نداءات الإمام الخميني (رحمه الله) مدوية.
«فيا أيها المسلمون في أنحاء العالم وياأيها المستضعفون المتأثرون، ويا أيها البحر الإنساني اللامتناهي ، انهضوا ودافعوا عن كيانكم الإسلامي والوطني»(29).
ويقول أيضاً: (على المسلمين أن ينهضوا فهم منتصرون في نهاية المطاف، وسيتنصرون.. وان أمريكا لن تستطيع أن تقف أمام المسلمين»(30). «إنّ هؤلاء يرون حديث سقوطهم وفنائهم في كل مكان من العالم، فحتى السود في أمريكا يعلنون ذلك، أنهم يرون الإسلام قدرة متقدمة تعبئ بنفسها الشعب والأجنحة المتدينة والعناصر المظلومة، وإننا لنرجو بمشيئة الله أن يؤدي هذا لثورة المستضعفين في العالم للقضاء على القوى العظمى»(31).
وعبارات الإمام الراحل لا تحد بهذا المقدار وان اكتفينا به والنهج مستمر إلى يومنا هذا في طريقة فضح الاستكبار وأعداء الإسلام على لسان خليفة الإمام الراحل وكيفية مواجهة هؤلاء الأعداء.
ويصرح الإمام الخامنئي بكل وضوح:
إن عدو الأمة الإسلامية الغادر، يتمثل اليوم في مديري المراكز الاستكبارية والقوى التوسعية والعدوانية، ممن يعتبرون الصحوة الإسلامية تهديدا كبيرا لمصالحهم اللامشروعة، وسداً أمام سيطرتهم الغاشمة على العالم الإسلامي، إن على جميع الشعوب المسلمة ـ وفي مقدمتهم السياسيون وعلماء الدين والمثقفون والقادة الوطنيون في كل دولة ـ إن يشكلوا الصف الإسلامي الموحد ويعززوا من قوته وصلابته أمام هذا العدو المعتدي. عليهم أن يستعينوا بكل عناصر القوة وان يجعلوا الأمة الإسلامية قوية فعلاً.
إنّ التحلي بالعلم والمعرفة والحكمة والتدبير واليقظة، والشعور بالمسؤولية والالتزام بها والإتكال على الله والأمل بالوعد الإلهي، ونفي النظر عن التوجهات التافهة الحقيرة أمام رضا الله والعمل بالواجب. هذه هي العناصر الرئيسية لقوة الأمة الإسلامية واقتدارها مما يحقق للأمة ما تصبو إليه من عز واستقلال وتقدم في المجالين المادي والمعنوي ، ويحبط مشاريع العدو التوسعية وتطاول على الدول الإسلامية»(32).
لقد كشف سماحته مؤامرات الاستكبار العالمي بعبارات وجيزة مشيرا إلى عناصر القوة في الأمة الإسلامية لمواجهة المخابرات الصهيونية ـ الاستكبارية وإفشال مخططاتهم الجهنمية مستمدين العون من الله والاعتماد على الشعوب والعقول والقدرات الداخلية مبتعدين عن الأنانية وحب الذات، فعلى الجميع الانتباه إلى مؤامرات الأعداء التي لا تترك مجالاً إلاّ ونفذت من خلاله رغبة للحصول على مطامعها اللامتناهية.
وكما كان يؤكد الإمام الراحل (رحمه الله) على فشل القوة في عصر الصحوة الإسلامية أمام امتنا فخليفته أيضاً يؤكد على: أنّ احد مؤشرات اضمحلال المسار غير العادل للعلاقات الدولية هو فشل أمريكا التي كانت بصدد تأسيس إمبراطورية أحادية المحور في العالم، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، في تحقيق أهدافها، وهي الآن تعتبر أكثر دولة في العالم نفورا»(33).
واليوم يستغل العدو أهم نقطة لحلحلة الانسجام الإسلامي وهي إمارة الفتنة والفرقة بين السنة والشيعة بمختلف والوسائل، وأينما كان، ولذلك نشاهد أن الإمام الخامنئي في عدة مناسبات يؤكد على هذه النقطة لخطورتها؛ الأمر الذي قد نواجهه من خلالها. وفي خطاب له بيوم الغدير يذكر سماحته: ثمة عدو كبير اليوم لا هو سني ولا شيعي ولا له أدنى ميول لأي من الفرق الإسلامية. لكنه يقترب من السني ويوسوس له بشيء ويقترب من الشيعي ويوسوس له بشيء من اجل أن ينشب النزاع والحرب بينهما ينبغي الحذر من العدو.. ينبغي عدم نسيان العدو. يجب التنبه في كل الأمور إلى ان هناك عدواً قد يستغل غفلتنا. ويوجه لنا ضرباته، هذه منهجية يعلمنا اياها القرآن الكريم. لا حظوا كم يتكرر اسم الشيطان في القرآن من أوله إلى آخره. لِمَ لم يقل لمرة واحدة والى النهاية أن هناك شيطانا؟ من اجل أن لا ينسى في ميدان الحياة ـ وهو ميدان التحديات والكفاح والحياة زاخرة بالتحديات والكفاح ، أن لا ننسى العدو.. وان لا ننسى الله تعالى حامينا وسندنا، ولا ننسى الشعور بمسؤولية التواجد في الساحة هذا هو العامل المؤثرة المهم جدا»(34).
الصحوة الإسلامية
إن امتنا الإسلامية مرت بفترات طويلة عمتها غفوة وشملها تحذير وضياع مقيت يعتصر له القلب ألَماً، فعدم الفهم الصحيح للإسلام، وهجوم الأفكار والمدارس الوضعية الحديثة وضعف الحكومات في اتخاذ البرامج الوقائية وعدم توفر الحرية للدفاع عن المبادئ الإسلامية في البلاد الإسلامية كلما ساعدت على ذلك، وقد ظهرت موارد الصحوة الإسلامية منذ بداية القرن السالف، وكلما انتشرت الصحوة في البلاد الإسلامية ومن أوساط أبناء الأمة الإسلامية كلما عم الانسجام فيما بينهم؛ لان الوعي أساس كل التغييرات الايجابية والصحوة هي أساس الوعي في عالمنا الإسلامي.
في الظواهر التي أكدها الإمام الخميني في كلماته، وسعى بجد لتحقيق الإيمان بها في ذهن الجماهير موضع الإيمان بمستقبل الصحوة الإسلامية ، بحيث لا تشوبه إي شائبة ولا يساوره أي شك في تحقيق هذا الغد المرتقب، وطبيعي أن الأمل الكبير يلعب دوره في تحريك الهمم نحو صنعه ويشد العزيمة على تحقيقه. وبعد مراجعة كلامه «رحمه الله» تكتشف عنصر الإيمان بنحو الانتفاضة الإسلامية كل مكان في رسالة له بقوله «رحمه الله».
«إنني على الرغم من شيخوختي وعدم حصولي على ما كنت آمله ـ لأمل كل ثقة أن تستمر شعلة هذه النهضة التي انطلقت في السنين الأخيرة بتأييد الله تعالى وأدت للتقارب بين العلماء والمثقفين»(35).
ويشير في رسالة أخرى إلى أهمية الوعي واليقظة قائلا:
«إن نقطة الوضوح التي تزيدني في أواخر عمري أملا تتركز في هذا الوعي واليقظة التي تسري في هذا الجيل الشاب، إنها روح سارية بكل سرعتها وهي بحول الله تعالى ستصل إلى نتائجها الحتمية فتقطع أيادي الأجانب وتبسط العدالة الإسلامية»(36).
إن انتشار الصحوة الإسلامية في العالم الإسلامي يعني الابتعاد عن الغفلة عن تعاليم الإسلام والاتجاه نحو العلم والأخلاق والعلاقات الاجتماعية السليمة مما يؤدي إلى الاقتدار المعنوي والعزة والوحدة والانسجام ومقاومة القوى الطامعة والمتطاولة والمعتدية على ثروات امتنا الإنسانية والفكرية والمادية وقد أشارة خليفة الإمام الراحل إلى أهمية هذا الجانب في المجتمع الإسلامي بقوله:
واضح أن صناعة المجتمع وصناعة الحضارة ـ وهي من أكبر أهداف الإسلام ـ غير متاحة من دون إثارة الأعداء. ففي صدر الإسلام أثار تشكيل النظام والمجتمع الإسلامي عداء البعض. وكذا الحال اليوم. الشعوب المسلمة اليوم تشعر في أنفسها بروح العزة الإسلامية لكونها مسلمة، الصحوة الإسلامية ظاهرة حقيقية برزت إلى السطح شاء أعداء الأمة الإسلامية ذلك أم أبوه (37). ويصف سماحته في خطاب آخر ثمار هذه الصحوة بقوله: «.. طبعا ثمة صعوبات ينبغي الصبر عليها لكن هذه الصعوبات مقدمة للراحة والحرية والعزة وبلوغ النصر والثمار الطبيعة لسيادة الإسلام والتحرر من قبضة القوى الظالمة»(38).
الجانب المعنوي والأخلاقي
عندما تتحلى الأمة وقيادتها بالأخلاق والقيم المعنوية والإنسانية وتبتعد عن الأنانية والأهواء الذاتية فإنها سوف تمهد لفتح القلوب على بعضها وتؤسس لأرضية الانسجام والتآلف، والجانب المعنوي قد أغفله الغرب التكنولوجي ودخل في مطبات لا يمكن التخلص منها بسهولة مع أنه يتحرك نحو القمة في الاختراعات المادية والعلوم العصرية فهو بحاجة إلى منقذ له من وادي التيه اللاخلاقي المظلم، الذي يكاد أن يحول الحياة البشرية إلى رهينة بأيدي سوداء لا يتحملها الكثير، وكما تؤكد الآيات القرآنية على هذا الجانب «قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا». وان التغيير الحقيقي لا يتحقق إلا به كما ذكرت الآية {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم} فنجاح المجتمع الإسلامي وانسجامه يتوقف على ورعه وتقواه وإيمانه الخالص بالله الواحد لكي ينتقل من نقطة الضعف إلى القوة ومن الفرقة إلى الوحدة ومن الذل إلى الكرامة وهذا ما أكده الإمام الخميني الراحل (رحمة الله عليه) بقوله: «إن على المسلمين أن يوجدوا التحول المطلوب، التحول من الخوف إلى الشجاعة، التحول من التوجه للدنيا إلى الإيمان والى الله ، فان منشأ كل الانتصارات أن نتحول إلى موجودات إسلامية إنسانية إيمانية كما أراد الله لنا»(39). وقد كان يؤكد الإمام الراحل على إحياء وتعظيم شعائر الله والحضور في بيوت الله واعتبارها القاعدة للانطلاق في كل أعمالنا السياسية وغيرها، واغتنام أيام الحج والأعياد الإسلامية لتتحول إلى تظاهرة إسلامية كبرى لإبداء عظمة المسلمين وشوكتهم. وعن اثر المساجد في المجتمع يقول الإمام الخميني الراحل: «إن كل الحركات الإسلامية منذ صدر الإسلام إنما استمدت انطلاقتها من المسجد، لقد كان المسجد محلا لتعبئة القوى ضد الكفر والشرك، وأنتم باعتباركم من رواد المساجد يجب أن تحولوا المساجد إلى قواعد للإسلام وللحركة الإسلامية ليتم قطع أيادي الشرك والكفر وتأييد المستضعفين قبال المستكبرين» وقد كان يدعو دائما إلى استثمار المناسبات العبادية كالحج لصالح تزكية النفس وتقوية البنية الاعتقادية والسياسية، والذي جاء في كثير من نداءاته أيام الحج قبل وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وقد قام بالدور نفسه خليفته في الدعوة إلى التزكية وتقوية الجانب المعنوي واستثمار المناسبات الإسلامية لتقوية الجانب الروحي والمعنوي في أوساط الأمة الإسلامية وفي حديث للإمام الخامنئي عن دور التزكية على المستوى الاجتماعي يقول:
«التزكية الأخلاقية شيء ضروري لكل بلد، المحبة بين الإفراد وانتشار الإنصاف بينهم ومراعاة حال الآخرين في التخطيط لشؤون الحياة الإنسانية، والرحمة والمروءة بين الناس هي الظواهر التي تثبت السكينة في الحياة الإنسانية، إذا كنا نلاحظ الحياة البشرية اليوم تحترق بنيران انعدام الامن أكثر من السابق ـ انعدام الأمن أعظم بلاء ابتليت به الإنسانية اليوم، أو انه من أعظم البلايا البشرية على الأقل، فالناس لا يشعرون بالأمن داخل عوائلهم، ولا في مناخ حياتهم الاجتماعية ولا في داخل بلدانهم وأوطانهم ـ فما هذا إلا بسبب السياسات والتعطش للهيمنة وانعدام الأخلاق وابتعاد البشر عن التزكية»(40).
القضية الفلسطينية
وتبقى القضية الفلسطينية هي المسألة الأولى في عالمنا الإسلامي وإذا لم تحل بشكل عادل فسوف لن يشهد العالم برمته السلام والأمن والاستقرار؛ لأن الظلم المستمر والمتمادي في فلسطين المحتلة سوف يشعل نار الغضب الإسلامي ومن ثم العالمي ليحرق الظالم أين ما كان ويستعيد لأصحاب الحق أراضيهم ويرجعهم إلى أوطانهم مهما طال الانتظار وارتفعت الخسائر وزهقت الأرواح وهدمت الدور وذبحت الأطفال والشيوخ واستبيحت الحرمات.
إنّ العالم لإسلامي مهما اختلف في القضايا العالقة لكنه متفق في القضية الفلسطينية وعودة أراضيها وعدم التطبيع الكيان الغاصب مهما كانت الضغوط الخارجية والتبعية الداخلية. وقد نادى الإمام الخميني بالحق المشروع للفلسطينيين من زمن الاحتلال إلى زمن الارتحال بأعلى صوته واعتبر الجمعة الأخيرة (من شهر رمضان لكل عام) رمزاً للانسجام والوحدة بين المسلمين للتكاتف والتعاطف مع الشعب الفلسطيني لاسترجاع حقوقه.
إنه يعتبر يوم القدس يوم الإسلام، ويوم الحكومة الإسلامية التي ستسود العالم الإسلامي كله، يوم قهر القوى العظمى. ويوم انطلاقة المسلمين من عقالهم لإحقاق حقوقهم، ويوم الرد العملي على تغافل القوى الكبرى لحقيقة الصحوة الإسلامية.
إن الإمام الخميني يعتبر الوجود الإسرائيلي جرثومة فساد لا غير ولابد من إزالتها، وإلا سيبقى جسد العالم العربي والإسلامي مريضا بوجودها: «على قادة الدول الإسلامية أن ينتبهوا إلى أنّ جرثومة الفساد هذه التي زرعت في قلب العالم الإسلامي، لا يراد من خلالها القضاء على الأمة العربية فحسب، بل خطرها وضررها يهدد الشرق الأوسط بأسره. فالمخطط المرسوم يقضي بقيام الصهيونية بالسيطرة والاستيلاء على العالم الإسلامي، واستعمار أوسع للأراضي والمواد الغنية للبلدان الإسلامية».
وقد شاهدنا في الفترات الأخيرة كيف حاول الصهاينة بمساندة الاستكبار الأمريكي للسيطرة على الشرق الأوسط، تارة من خلال خارطة الطريق وأخرى باسم الشرق الأوسط الجديد أو الكبير كلها باءت بالفشل بحمد الله ببركة سواعد المجاهدين من أبناء الأمة الإسلامية في فلسطين ولبنان ودعم الشعوب لهم. وفي ندائه لأبناء الانتفاضة الفلسطينية بتاريخ 14/4/1982 يدعو الإمام الراحل بالنصر لهم ويطالب الحكومات أن لا تقف مكتوفة الأيدي حيال التجاسر على الله ورسله الكرام على مرأى ومسمع كل المسلمين رغم إمكاناتهم المادية والمعنوية.
وإيران اليوم أيضاً تصرح وعلى لسان قائدها دفاعا عن القدس وفلسطين مطالبة بخروج الصهاينة وعودة الفلسطينيين إلى ديارهم، ومحاكمة المجرمين في الولايات المتحدة وفي إسرائيل وكل الداعمين لهذا الكيان الغاصب. ولقد كشف الإمام الخامنئي زيف كل الادعات الغربية الداعية للدفاع عن حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، وذلك بمخالفة أقوالهم لأفعالهم في الساحة العملية وفي كلمة له يقول:
إنّ الذين يتبجحون بالدفاع عن حقوق الإنسان، لو كانوا صادقين في أقوالهم، يجب عليهم التحدث عن حقوق الشعب الفلسطيني. وهل تعرفون شعبا عانى من التعذيب خلال الخمس والأربعين عاما الأخيرة بقدر معاناة الشعب الفلسطيني، الذي تعرض إلى المآسي، وفقد الأعزاء وتم تجاهل حقوقه؟ لماذا يعترض الذين يزعمون الاهتمام بحقوق الإنسان لو تعرض بعض الناس في بقعة من بقاع العالم لإحدى هذه المآسي، بينما، يتجاهلون كل هذه المآسي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني؟»(41). ويقول أيضاً: «لقد كانت القضية الفلسطينية من أسوأ أحداث القرن الماضي ولعلها كانت اسوأها جميعا»(42).
ويؤكد سماحته على أنّ إدارة الكيان الصهيوني قد تحولت إلى أيدي أجهزة الاستكبار العالمي، وهذا يعني أنّ الكفر كله من خلال الكيان الصهيوني يقوم بمحاربة الإسلام كله في القضية الفلسطينية، وقد قال سماحته:
«إنّ الذين يخططون السياسات الصهيونية اليوم ليسو يهودا، بل إن شؤون الكيان الصهيوني تتم إدارتها سواء في الداخل أو في الخارج من قبل العناصر الأساسية في أجهزة الاستكبار العالمي»(43).
ويؤكد الإمام الخامنئي إنّ هذه القضية الفلسطينية لا تحل بالتدخل الأمريكي بل تزداد شدة وإحكاماً... وان الجبهة المدافعة عن الصهيونية قامت بخطوات كثيرة لتضييع حقوق الشعب الفلسطين.
ومنها عقد مؤتمر انابولس، إلا أنّ الضمائر الحية والأحرار يقفون إلى جانب الشعب الفلسطيني ويقدمون للدعمه. فإن الرؤية الحاكمة في إيران الإسلام حول القضية الفلسطينية من بداية انتصار الثورة الإسلامية إلى يومنا هذا هي الرؤية القائمة على زوال إسرائيل من جغرافيا العالم الإسلامي وعودة الأمن والسلام إلى العالم كله.
هناك عوامل أخرى لها الدور الكبير في تحقيق الانسجام وفقاً لرؤية الإمام وخليفته نذكرها من دون تفصيل؛ كدور العلماء والمجاهدين في سبيل الله، وإحياء الشعائر الإسلامية ودور المرأة المسلمة في إيجاد التلاحم، والعودة إلى فهم القرآن بدقة والدعوة إلى المصالحة بين الشعوب والحكام باحترام الحكام لآراء شعوبها ودعم الشعوب لحكامها في مواجهة الاستكبار ودعوة الدول الإسلامية إلى التكاتف والتعاون الثقافي، والتبادل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية و.. واحترام حقوق الإنسان المسلم من قبل السلطات الإسلامية، والذي يؤدي إلى احترام الآخرين له .. كل هذه الأمور لها الدور المؤثر في تحقيق الانسجام الإسلامي الذي على أساسه تنطلق الأمة نحو السعادة والعزة والكرامة الإسلامية، وآمل أن يحقق مؤتمركم المبارك بأبحاثه الغنية نجاحا باهرا ويرفد المكتبة الإسلامية بالأبحاث الإسلامية القيمة المقدمة له، وأرجو لكل المشرفين والساعين في إقامة المؤتمر كمال التوفيق من العلي القدير.
ــــــــــــــــ
1- القصص/ 5 .
2- مستدرك الحاكم 1/555.
3- يونس/ 19.
4- البقرة/ 213.
5- المائدة/ 48.
6- آل عمران/ 105.
7- الشورى / 13- 14.
8- الأنعام/ 159.
9- آل عمران/ 103.
10- بحار الأنوار 20/126 حديث / 50.
11- كنز العمال 1/206 حديث 1027.
12- العهود المحمدية للشعراني/ 89 .
13- مستدرك الوسائل 9/49 حديث 24.
14- الأنفال/ 46.
15- نهج البلاغة خطبة 177.
16- نهج البلاغة خطبة 192.
17- كلمة الإمام الخميني بمناسبة ذكرى المبعث النبوي الشريف بتاريخ 11/8/2007م .
18- لمحات من فكر بعض الشخصيات التقريبية ـ محمد علي التسخيري ص 18.
19- كلمة الإمام الخامنئي بمناسبة عيد الغدير بتاريخ 29/12/ 2007.
20- كلمة في ملتقى علماء السنة والشيعة بتاريخ 15/11/2007.
21- كلمة الإمام الخميني في مولد فاطمة الزهراء(ع) بتاريخ 6/7/2007.
22- كلمة الإمام الخامنئي مع مسؤولي الحج بتاريخ 14/11/2007.
23- كلام الإمام ج 10 ص 147.
24- كلام الإمام ج 10 ص 129.
25- في حديث له مع سفراء الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الخارج بتاريخ 31/8/2007
26- كلمة الإمام الخامنئي في ملتقى علماء السنة والشيعة 15/12/2007.
27- كلمته بمناسبة عيد الغدير بتاريخ 29/12/2007.
28- كلام الإمام ج 12 و 121.
29- كلام الإمام ج 15 ص 167.
30- كلام الإمام ج 10 ص 69.
31- كلام الإمام ج 15 ص 221.
32- محاضرة موجة إلى حجاج بيت الله الحرام 19/12/2007.
33- لدى استقباله رئيس نيكاراغوا بتاريخ 10/6/2007.
34- في خطبة بيوم الغدير 29/12/2007.
35- كلام الإمام ، ج 6 ص 28.
36- كلام الإمام ج 10 ص 69 .
37- كلمة الإمام الخامنئي بمناسبة عيد المبعث النبوي بتاريخ 15/10/2001 .
38- كلمة بمناسبة عيد المبعث النبوي بتاريخ 2/2/1992.
39- كلام الإمام ج 15 ص 60.
40- كلمة الإمام الجانبية بمناسبة المبعث النبوي بتاريخ 10/8/1387.
41- كلمة الإمام الخامنئي في لقاء المشاركين في المؤتمر الدولي لدعم الثورة الإسلامية للشعب الفلسطيني بتاريخ 19/10/1991م.
42- خطبة الجمعة بتاريخ 6/1/1992.
43- خطبة صلاة الجمعة بتاريخ 18/5/2985.
احدث الاخبار
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
زوجة القائد"الحاج رمضان" تروي ذكرى من أدب الشهيد قاسم سليماني
العميد نقدي: قدرتنا الصاروخية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه خلال العدوان الصهيوامريكي
الشيخ نعيم قاسم: المقاومة جاهزة للدفاع ولديها ردع يمنع تحقيق العدو لأهدافه
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية