Skip to main content

إمام الجماعة في توجيهات الإمام الخامنئي

التاريخ: 01-09-2009

إمام الجماعة في توجيهات الإمام الخامنئي

المسجد منـزل إمام الجماعة   يجب أن نعرف أهمية المساجد، وأهمية اللقاءات الدينية، وأن لا نتجاهل المسجد

المسجد منـزل إمام الجماعة

 

يجب أن نعرف أهمية المساجد، وأهمية اللقاءات الدينية، وأن لا نتجاهل المسجد. أنا لا أتفق مع رجال الدين الذين يعملون في بعض الدوائر وفي الوقت نفسه يؤدون وظيفة إمام الجماعة بمسجد معين، لا أتفق معهم لأنهم لا يذهبون إلى المسجد لإقامة صلاة الجماعة ليوم أو يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع، وعندما نسأل: لماذا ؟ يقول: مشغول، أو أعمالي كثيرة. أو يذهب إلى الصلاة متأخراً، الناس ينتظرون جالسين في صفوف الصلاة، ثم يأتي بعد حين مسرعاً، وربما يحمل بيده حقيبة دبلوماسية ! أنا أخالف هذا الأسلوب. إمام الجماعة يجب أن يعتبر المسجد بيته ومحله وإدارته، وعندما يدخل المسجد يكون« كالسمكة في الماء »، يحس أن هذا مكانه، ولا يتعجل مغادرته، هذا هو الصواب، وكذلك في الاجتماعات الدينية، المسجد بطبيعة الحال في الدرجة الأولى، وبعده الاجتماعات الدينية في الدرجة التالية، ولدينا كثير من الأعراف في هذا المجال والحمد لله. هذه وظيفتنا الأولى ويجب أن نعتز بها[1].

 

شروط العلاقة مع الناس

 

هذه العلاقة مع الناس في المسجد واللقاءات الدينية من الأعمال المؤثرة،ولكن لها شروطها. قبل أربعين أو خمسين عاماً اطلعت على كتاب للمرحوم الشيخ محمد باقر البيرجندي ـ وهو من علماء خراسان الكبار ومن تلامذة الميرزا الشيرازي، وأبوه المرحوم آيتي البيرجندي كان من العلماء الكبار أيضاً وقد رأيته ـ اسم الكتاب:« لؤلؤ ومرجان در شرايط پله‌ى اول ودوم منبر روضه‌خوانان »، ولعله للمرحوم الميرزا حسين النوري، الآن شككت فيه. في تلك الأيام، أي قبل مئة عام، وضع عالم حر فاضل دارس شروطاً للعتبة الأولى والثانية في الخطابة من على المنبر، وهذه الشروط اليوم أصبحت ألف ضعف. أنتم تواجهون جميع شرائح المجتمع ويجب أن تهيّـئوا أنفسكم، رجال الدين جميعاً يلتقون عوام الناس والمثقفين والشباب والشيوخ والنساء والرجال والفقراء والأغنياء والمنتمين إلى مختلف الفئات السياسية ويجب أن يعدّوا أنفسهم لكل هؤلاء، انظروا كم يبدو ذلك صعباً [2].

 

كيف نكون مؤثرين؟

 

إننا كرجال دين أيدينا ليست مبسوطة ولكن سمعتنا واسعة. لقد توليت بنفسي إمامة الجماعة لعدة سنين وأعرف كيف يجب التعامل مع الناس، فعندما تنتهي الصلاة استدر وأجلس أمامهم، وأقرأ تسبيحات الزهراء، وكانوا يقبلون فيرون الطريق مفتوحاً، كان الشباب يأتون: أنيقهم وتاجرهم وملتحيهم وحليقهم، وكانت الموضة في ذلك الوقت هي لبس الفراء مقلوباً بين الشباب الخنافس. وفي يوم ذهبت إلى الصلاة ورأيت أحد أولئك الشباب أهل الموضة قد دهن شعره وجلس في الصف الأول إلى جانب المتدينين وأهل السوق الخيرين وأصحاب المحاسن البيضاء، أحسست أن لدى هذا الشاب ما يقوله لي، فنظرت إليه نظرة المجيب، وأعطيته الأذن ليأتي ويتحدث، فتقدم وقال: إذا أجلس في الصف الأول هل في ذلك إشكال ؟ قلت: لا، وأي إشكال في ذلك؟ أنت مثل الآخرين. قال: هؤلاء الأخوة يقولون: إن فيه إشكالا. قلت: هؤلاء الأخوة يقولون مالا يجدي نفعاً ! ومن يومها لم ينقطع تردد هذا الشاب على المسجد، ولم يترك إمام الجماعة، وهكذا حصل: لم يتركني. عندما كنت أذهب إلى المسجد كان من بين مئة شخص تسعون شخصاً من الشباب على الأقل. ولم يكن لدي معين خاص، لا معين معنوي كبير، ولا مادي، ولكنني كنت مع الناس.

 

إذا أردتم أن تكونوا مؤثرين فالسبيل إلى ذلك هو أن تقرّبوا القلوب إلى بعضها، وتطهّروا النفوس، وتخلصوا في أعمالكم، وتعملوا لوجه الله تعالى، عندها سينـزل عليكم بركاته 3.

 

رجل الدين في الجامعة

 

اعتقد أنه في كثير من الأماكن وربما في أغلبها من الممكن لرجل الدين أن يتخذ منهجاً ويعمل بنحو يمكنه من أن يقول عنه الجميع ـ حتى ذلك الطالب الجامعي الذي لا يتفق معه في الأسلوب والفكر السياسي، أو كما يقال: في الاتجاهات والصلات ـ: إنه رجل صالح حقاً.بل يرى فيه الملاذ لأن يبث إليه أحزانه ويطلعه على مشاكله النفسية وعقده الفكرية، وإذا ما أراد يوماً أن يصلي صلاة صحيحة يأتم به في المسجد. ويجب أن يتبع في الجامعات هذا الأسلوب وهو أن يكون رجل الدين صاحب مسجد الجامعة يجلس هناك ويتصدى للبحث والنقاش وسينجذب إليه الطلبة لا محالة. ومن الطبيعي أن لا يأتي بعضهم لمدة، وبعض آخر يحاول المشاكسة، ولكن الطالب الجامعي بحاجة إلى من يعامله معاملة الأب ويحل مشاكله. إذا كان هكذا رجل دين هناك فلا يمكن للطلبة أن لا يرجعوا إليه، بل سيأتيه ذلك الطالب قهراً لأن له عقدة روحية [4].

 

طعم إمامة الجماعة الحسنة

 

يجب الاهتمام جداً بالمساجد. أنا اعتقد كثيراً بسنة إمامة الجماعة، وربما لم يقبلها بعضهم، ولأنني كنت مدة إمام جماعة فأنا أعلم أن هذا العمل كم هو مفيد ومؤثر ومشحون بالجد والنشاط. وأغلب من لم يتصد لإمامة الجماعة لا يعرف ماذا تعني، وبعضهم ممن صلى في المسجد وخرج سريعا لمتابعة أعماله، أولئك يجهلون معناها أيضاًً [5].

 

إمامة الجماعة تعني...

 

إمامة الجماعة تعني أن يعتقد المرء أن المسجد محل عمله حقاً، فيذهب إليه قبل وقت الصلاة بل قبل الآخرين، ويتفقد أوضاعه فإذا رأى ما يخل بمظهره أزاله، ويفرش سجادته لينتظر مجيء الناس، ويسعى إلى أن يلتقيهم فرداً فرداً، ويتودد إليهم ويسأل عن أحوالهم، ويمشي في حل مشاكلهم بما يتيسر له، لا أنه يرهن نفسه لخدمات الناس ـ ففي بعض المساجد يوجد مثل ذلك وهو خطأ قطعاً ـ ويجلس هناك ليراجعه الناس ويبثون إليه شجونهم، فإذا أتم الصلاة بيـّن لهم بعض المسائل وشيئاً من التفسير وتحدث إليهم، ثم ينهض ويخرج، أي يخصص ساعة من وقته بذلك المكان [6].

 

أمام الجماعة محطة للمحبة

 

أرى أنه لو كان إمام الجماعة شخصاً مفيداً ومؤثراً ومباركاً سيغدو محط تعاطف الناس ومحبتهم، وفي ظل إمام جماعة كهذا حينما يشير على أولئك الذين يحضرون مسجده، بل حتى على من لا يجد متسعاً من الوقت ليذهب إلى المسجد ولكنه يعلم عن بعد وسمع من الآخرين أن هذا الرجل كم هو خير وصالح،حينما يشير عليهم بإنجاز عمل معين فلا يحتاج إلى ميزانية ولا إلى سلطة قانونية وإبلاغ عمومي، وسينجز ذلك العمل وفقاً لرأيه وقوله [7] .

 

ـــــــــــــــــــــ

 

[1] لقاء ولي أمر المسلمين مع علماء الدين 17/8 / 1385.

 

[2] المصدر السابق.

 

[3] تصريحات ولي أمر المسلمين خلال لقائه بمسؤولي التوجيه العقائدي السياسي في قوات الأمن 23 / 10 / 1383.

 

[4] تصريحات ولي أمر المسلمين خلال لقائه بأعضاء المجلس المركزي لممثلي الولي الفقيه في الجامعات ومسؤولي مكاتب الممثلية 8 / 7 / 1369.

 

[5] المصدر السابق.

 

[6] المصدر السابق.

 

[7] المصدر السابق.

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة