Skip to main content

الاستقلال الاقتصادي ومواجهة الحظر الاقتصادي

التاريخ: 13-03-2010

الاستقلال الاقتصادي ومواجهة الحظر الاقتصادي

الفصل الأول: الاستقلال الاقتصادي   معني الاستقلال الاقتصادي   معني الاستقلال الاقتصادي هو أن يقف الشعب والبلد علي قدميه في كل جهوده الاقتصادية ولا يحتاج إلي أحد، وليس معناه أن الشعب المتمتع بالاستقلال الاقتصادي سوف لن يتعامل مع أحد في العالم، لا، ليس التعامل دليل ضعف

الفصل الأول: الاستقلال الاقتصادي

 

معني الاستقلال الاقتصادي

 

معني الاستقلال الاقتصادي هو أن يقف الشعب والبلد علي قدميه في كل جهوده الاقتصادية ولا يحتاج إلي أحد، وليس معناه أن الشعب المتمتع بالاستقلال الاقتصادي سوف لن يتعامل مع أحد في العالم، لا، ليس التعامل دليل ضعف. شراء شيء وبيع شيء والتعامل والتحاور التجاري هذه ليست مؤشرات ضعف. ولكن يجب أن تكون بحيث يستطيع الشعب توفير وتأمين احتياجاته الرئيسية أولاً وثانياً يجب أن يكون له وزنه في المعادلات والتبادلات الاقتصادية في العالم، ولا يستطيع الآخرون إقصاءه بسهولة، ولا يستطيعون محاصرته بسهولة، ولا يستطيعون ابتلاعه بسهولة، وإملاء كل ما يريدون عليه. البلدان المتقدمة اقتصادياً اليوم والتي تتمتع بقدرات معينة وهي للأسف البلدان التي تمارس الاستعمار والاستكبار في العالم، إذا أرادت تبادل بضاعة مع بلد من البلدان والتعامل والتعاطي معه، تفرض عليه بعض الأمور. الاقتصاد المستقل للبلد هو الشيء الذي يحتاجه ذلك البلد والذي يكون ممكن التأمين داخل البلد مثل معامل البلد أو أن يعمل الجميع وأن يري عمال البلد العمل واجبهم الإنساني والوجداني والديني. والعامل ليس الشخص الذي يعمل في المعمل فقط، فكل شخص يقوم بعمل مفيد في هذا البلد هو عامل. الكاتب والفنان والمعلم والمبدع والباحث كلهم عمال.

 

أهمية الاستقلال الاقتصادي

 

الاستقلال الاقتصادي فوق الاستقلال السياسي، ويجب علي مسؤولي البلاد ونواب المجلس والمعنيين بالشؤون الاقتصادية الاهتمام بقطع كل ألوان التبعية في مجال النقد والآليات والأعمال الاقتصادية والمجالات الاقتصادية الأخرى. الاستقلال الاقتصادي بالنسبة للبلد ضرورة حيوية. حينما تكون الخيوط الاقتصادية في البلد مربوطة بالأجانب فمعني ذلك أن شريان الحياة والتموين الذي يحتاجه هذا الجسد مربوط بمكان آخر، وإذن، سيكون القرار بأيدي الآخرين.

 

معظم البلدان الثورية في القرن الحالي كانت تميل إلي المعسكر الشرقي. وكانت تستفيد من البلدان والقوي الشرقية. مثلاً عندما قام الصين بثورته كان الاتحاد السوفيتي – الذي يعدّ أخاه الأكبر والمتقدم عليه في الثورة الاشتراكية – يساعده اقتصادياً وصناعياً ويبعث له الخبراء والمتخصصين لفترة قد تزيد عن عشرة أعوام. وكذلك كان الحال بالنسبة لسائر البلدان الشيوعية. لكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية من أجل قطع خيوط الارتباط والتبعية الاقتصادية، اعتمدت ولا تزال فقط علي الإرادة القوية لشعبها والمواهب المتألقة للإيرانيين.

 

مقدمات الاستقلال الاقتصادي

 

البلدان التي تبلغ طور الاستقلال تكون الخطوة الأولي في استقلالها هو أن تجعل نظامها السياسي مستقلاً، بمعني أن تؤسس لها حكومات مستقلة عن نفوذ القوي الأجنبية. أي إنها لم تكتف بالسير في طريق الاستقلال الاقتصادي. الاستقلال الاقتصادي أصعب وأبعد منالاً من الاستقلال السياسي. تلاحظون أنه ليس من السهل قطع أواصر النفوذ والسيطرة الاقتصادية للقوي والدول الأجنبية. إذا أراد بلد السير في درب الاستقلال الاقتصادي سيحتاج إلي طاقات بشرية كفوءة ومصادر تدرّ عليه العائدات، وإمكانيات هائلة، وعلوم وتخصص وتعاون علمي وصناعي دولي، والكثير من الأمور الأخرى. البلدان الثورية والبلدان الحائزة علي استقلالها تواً تعاني الكثير من أجل توفير كل هذه المقدمات والأدوات التي يستدعيها الاستقلال الاقتصادي.

 

علي البلدان المستقلة أن تستطيع حسب تشخيصها ومصلحتها إنتاج البضائع والأمتعة التي تحتاجها في داخل البلاد باستخدام مصادرها وإمكاناتها المتاحة لها. عليها بإبداعها وجهودها وبقوة إدارتها، وكذلك بالوحدة التي يتحلي بها الشعب حول محور الحرية والاستقلال، وكذلك بمعرفة المؤامرات والأساليب والحيل الإعلامية للعدو، السير نحو الحرية والاستقلال الاقتصادي الكامل.

 

تأثير الاستثمار الثقافي في الاستقلال الاقتصادي

 

الطاقات البشرية هي كل شيء بالنسبة للبلد. إذا لم تكن هناك طاقات بشرية فلن يكون هناك أي شيء. بعض البلدان التي قامت بثوراتها قبل إيران بعدة سنوات، وأحرزت نجاحات في المجالات الاقتصادية والصناعية وما إلي ذلك، كرّست جلّ اهتمامها وبرامجها في بداية ثوراتها علي تربية وإعداد الكوادر والطاقات البشرية إلي درجة أن بعض هذه البلدان لديها الآن طاقات بشرية كفوءة وماهرة تصدّرها إلي الخارج. إي إن بلدهم فاض بهذه الطاقات البشرية وبات مستغنياً عنها ولم يعد يستوعب كل هؤلاء المتخصصين، ولم يعد وضعهم الاقتصادي يتسع للاستفادة من كل هؤلاء المتخصصين، لذلك راحوا يصدّرونهم للخارج. وهذه الطاقات البشرية هي التي أوصلتهم إلي مستويات جيدة علي الرغم من عدم امتلاكهم عائدات جيدة مثل النفط.

 

إذا تم توجيه الميزانية من العملة الأجنبية أو المحلية نحو العمل الثقافي فينبغي الالتفات إلي أنه: رغم عدم فائدة هذه الميزانية للشؤون الاقتصادية وإدارة أمور البلد الاقتصادية علي المدى القريب، ولكن بعد فترة وجيزة من هذا المدى القريب – وليس في المدى البعيد – ستعود هذه الميزانية بمردودات مباشرة علي البلد. إذا تم التفكير بصورة صحيحة سيكون ذلك لصالح اقتصاد البلاد. أي إذا تم تخصيص ميزانية وإمكانيات أكثر للمشاريع الثقافية – خصوصاً الثقافة التعليمية – فسوف لن تخسر البلاد، لأن هذا بحد ذاته سينتج الإمكانيات للبلاد في المستقبل.

 

شروط الاستقلال الاقتصادي

 

الشرط الأول هو أن ينجز كل شخص العمل الذي يقع علي عاتقه بصورة جيدة. يقول: « رحم الله أمرءاً عمل عملاً فأتقنه ». ينبغي السعي لإنجاز الأعمال بشكل صحيح ومتقن وكامل وغير منقوص. هذه من الشروط التي لو تحققت لأمكن تحقيق الاستقلال الاقتصادي.

 

الشرط الثاني هو الإبداع والابتكار في بيئة العمل والجهد الاقتصادي في البلاد. ما أحسن أن تنفق المعامل الحكومية ومعامل القطاع الخاص مقداراً من عائداتها علي البحث العلمي، والتقدم بالعمل إلي الأمام، وتحسين النوعية في إنتاج البضائع. لماذا يجب أن تقعد البلدان النامية ليقوم الآخرون في أوربا أو مناطق أخري من العالم بالبحث العلمي، ويتعلمون هم منه؟ إذن يجب أن يحققوا ويبدعوا ويتقدموا بالإنتاج إلي الأمام ويرفعوا من مستوي الجودة والكمية.

 

الشرط الثالث هو أن تهبّ مؤسسات البلاد العلمية لمساعدة اقتصاد البلاد. ليعمل علماء الجامعات ومفكروها لصالح الحكومة. ولتعتمد الحكومة علي العلماء والمفكرين المتواجدين في الجامعات، والذين يدرّسون هناك، ولا يتصوروا أن بحث المفكر الأوربي الفلاني وكلامه هو هكذا دائماً.. يقولون اليوم شيئاً ويأتي بعد عشرين سنة أو بعد عشر سنوات أو بعد خمس سنوات شخص آخر أو عالم آخر يبطل ذلك الكلام ويطلق كلاماً آخر. لماذا يجب قبول كل ما يقوله الغربيون دون قيد أو شرط، والقعود والاستماع لهم والقبول منهم؟ عليكم أن تجدوا الشيء الصحيح. علماء الاقتصاد في كل بلد يجب أن يجدوا الشيء المناسب لظروف بلادهم ومعتقداتهم وخصائص وطنهم وأوضاعهم الاقتصادية.

 

الهيمنة الاقتصادية

 

البلدان الخاضعة للهيمنة لم يكن لها في يوم من الأيام اقتصاد ناهض. أحياناً قد تتمتع برونق ظاهري، حيث نجد رونقاً اقتصادياً ظاهرياً في بعض البلدان الخاضعة للهيمنة، لكن بنيتها الاقتصادية متهدمة، إي إذا سدّوا عليها أنبوباً واحداً، أو أغلقوا حساباً واحداً، أو تدخلوا اقتصادياً، سينهار كل شيء ويفني. استطاع رأسمالي واحد جرّ عدة بلدان في جنوب شرق آسيا خلال شهرين أو ثلاثة إلي الإفلاس، وهي بلدان كانت تتمتع بتنمية ورونق اقتصادي جيد نسبياً. جاء رئيس أحد تلك البلدان بمناسبة ما إلي طهران في تلك الأيام والتقي بي وقال: أقول لك فقط إننا أصبحنا فقراء تماماً خلال ليلة واحدة! رأسمالي أمريكي يهودي واحد سحب الخيط من البناء الشبيه بالدمى والعرائس وانهار كل شيء. أينما يحتاج الأمريكان يضخون خمسين أو ستين ملياراً – خمسين ملياراً لهذا وثلاثين ملياراً لذاك – وحيثما لا يحتاجون لا يضخّون وتحلّ الويلات بذلك البلد. وضخّ الأموال هنا بمعني بناء تلك الدمية مرة أخري، وتشييد ذلك البناء العرائسي بشكل آخر. علي كل حال لا يسمحون لاقتصاديات تلك البلدان بالاستحكام والنهوض.

 

دور الاقتصاد المستقر في الاستقلال السياسي والثقافي

 

حققت الثورة الإسلامية الاستقلال السياسي للشعب الإيراني. ومنحت هذا الشعب الجرأة للوقوف بوجه نظام الهيمنة غير العادل في العالم. ولكن إذا أراد هذا الشعب الحفاظ علي هذا الاستقلال السياسي وهذا الوقوف الثقافي مقابل المهيمنين العالميين فعليه تعزيز ركائزه الاقتصادية. وسيكون هذا بمثابة تجذير للاستقلال في البلاد. وهو رهن بالإنتاج والعمل وازدهار العمل والإبداع في القطاعات المختلفة، من مراكز الأبحاث والمختبرات إلي بيئة الورشات والمزارع وكل مكان. عندئذ سيسكت أعداء الشعب الإيراني السفاحون الهتاكون ويعتزلوا جانباً.

 

الفصل الثاني: الحظر والمحاصرة الاقتصادية

 

تطور المحاصرة

 

كل حالات التقدم في الثورة الإسلامية حصلت حينما كان أعداء إيران – أعني أمريكا وحلفاءها السياسيين ‌والاقتصاديين وغيرهم – يهددون إيران علي الدوام. كانوا يقولون لها دوماً: « سوف تحاصرون اقتصادياً ». يقولون دوماً: « ستموتون من الجوع ». يقولون دوماً: « سوف تسدّ طرق البناء في هذا البلد »، والعشرات من التهديدات الأخرى. والحمد لله فإن كل هذا التقدم الذي حصل كان علي الرغم من التهديدات والعدوان والضغوط.

 

تأثير الحظر الاقتصادي في التقدم الاقتصادي

 

من بدء الحرب وإلي الآن سار نظام الجمهورية الإسلامية وتقدم مسافة طويلة كما بين الأرض والسماء. يهددون إيران بالحظر الاقتصادي والمحاصرة الاقتصادية! في فترة المحاصرة الاقتصادية ذاتها حصلت إيران علي كل هذه الإمكانيات. المحاصرة الاقتصادية من شأنها أن تدفع القوي المؤمنة والمخلصة والموهوبة في البلاد إلي مزيد من التحرك والعمل. استطاع الشباب الإيرانيون في أصعب فترات الحظر الاقتصادي صناعة أسلحة لا يمتلكها سوي الأمريكان وحكومات معدودة أثيرة لدي أمريكا. صاروخ « تاو» المضاد للدبابات صنعه شباب هذا البلد، وفي أية ظروف؟ كانت الأبواب كلها مغلقة في وجوههم، لكنهم صنعوه. طبعاً برز الموضوع النووي بسبب حساسية العالم اتجاهه، وإلا ثمة بموازاة هذا المشروع مشاريع أخري تم إنجازها في القطاعات الأخرى ليست أهميتها بأقل من هذا المشروع، لكنها ليست ذات طابع عسكري ودفاعي. حصل كل هذا في ظروف الحظر الاقتصادي والضغوط السياسية والاقتصادية وتقلب الحسابات والمواعيد وتصعّب بلدان كان لها علاقات اقتصادية مع إيران لكنها كانت تماطل وتشاكس، ومع ذلك استطاعت إيران فعل الكثير. إنها لإمكانية كبيرة جداً بالنسبة لشعب من الشعوب أن يكون قادراً.

 

إذا أغلقت الأبواب بوجه إيران في بعض المواطن فينبغي معرفة قدر ذلك. وإذا كانت الأبواب مفتّحة فسوف لن تسمح روح الكسل والتساهل عند الإنسان بالوصول إلي نتائج تذكر. لا بد من دوافع ومحفزات كبيرة تدفع الإنسان للسعي والجهد في الأعمال. الذين يبدعون دوماً إنما يفعلون ذلك لأن سياقهم العلمي يفرض عليهم ذلك ثم تصبح الأمور عليهم سهلة. ثم إن الأموال والاستعمار في العالم تقف من ورائهم. الغربيون يهيمنون علي العالم اليوم بواسطة علومهم. هم لديهم دوافعهم. وعلي البلدان التي فرض عليها التخلف العلمي أن تكون لها دوافعها للتقدم والحركة. ومن عوامل إيجاد الحوافز أن تكون الطرق مسدودة.

 

معارضة تقدم إيران

 

معسكر الرأسمالية والاستعمار يضغط بكل قدراته السياسية والمالية والاقتصادية وبكل شبكاته الإعلامية عسي أن يستطيع فرض التراجع والاستسلام علي شعب إيران، لا بالنسبة لحقوقه النووية فقط – والحق النووي أحد حقوق الشعب الإيراني – بل يريدون للشعب الإيراني أن يتراجع عن حقه في العزة والاستقلال والقدرة علي اتخاذ القرار وحقه في التقدم العلمي . يسير الشعب الإيراني اليوم في طريق التقدم العلمي والصناعي والتقني ويروم تعويض قرنين من التأخر في عهود الطواغيت، وهؤلاء مضطربون ولا يريدون لشعب إيران – الواقع في هذه المنطقة الحساسة من العالم وباعتباره رافع راية الإسلام – إحراز هذه النجاحات. لذلك يمارسون ضغوطهم ، لكن الشعب الإيراني صامد.

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة