Skip to main content

الدرس الخامس والخمسون:الأمر الثالث والرابع من الأموال الّتي لعامّة المسلمين

التاريخ: 01-01-2011

الدرس الخامس والخمسون:الأمر الثالث والرابع من الأموال الّتي لعامّة المسلمين

الأمر الثالث والرابع من الأموال الّتي لعامّة المسلمين   الأموال المنقولة الّتي تغتنم من الكفّار ولم تكن ممّا حواه العسكر   وهكذا الأُسراء الّذين هم أيضاً كذلك   وتوضيح المقام: أنّه لا كلام عند الأصحاب أنّ ما يُغتنم من الكفّار بعد أن ظهر عليهم جند الإسلام ممّا كان معهم وحواه عسكرهم من الأموال المنقولة وهكذا كلّ من أخذ منهم ممّن كان يقاتل المسلمين أو كان معهم من النساء والذراري فأسروا فهي بعد إخراج الخمس وسائر ما يؤخذ من الغنائم فهي كلّها للمقاتلين، ولمكان اختصاصها بهم ولم تكن بيد وليّ الأمر ومن أمواله ولا ملكاً لعامّة المسلمين فلذلك لم نتعرّض لها

الأمر الثالث والرابع من الأموال الّتي لعامّة المسلمين

 

الأموال المنقولة الّتي تغتنم من الكفّار ولم تكن ممّا حواه العسكر

 

وهكذا الأُسراء الّذين هم أيضاً كذلك

 

وتوضيح المقام: أنّه لا كلام عند الأصحاب أنّ ما يُغتنم من الكفّار بعد أن ظهر عليهم جند الإسلام ممّا كان معهم وحواه عسكرهم من الأموال المنقولة وهكذا كلّ من أخذ منهم ممّن كان يقاتل المسلمين أو كان معهم من النساء والذراري فأسروا فهي بعد إخراج الخمس وسائر ما يؤخذ من الغنائم فهي كلّها للمقاتلين، ولمكان اختصاصها بهم ولم تكن بيد وليّ الأمر ومن أمواله ولا ملكاً لعامّة المسلمين فلذلك لم نتعرّض لها.

 

كما أنّه قد عرفت أنّ غير المنقول من الأراضي والعقار والمساكن ونحوها الّتي تؤخذ منهم فهي داخلة في الأراضي المفتوحة عنوةً وهي للمسلمين قاطبة.

 

وأمّا من أسر منهم من النساء والذراري وغيرهم ممّن لم يكن في عسكرهم وهكذا الأموال المنقولة الّتي تُغنم منهم وقد كانت في بلادهم ودورهم ولم تحوها العسكر فهل هي مختصّة بعد إخراج الخمس عنها بالمقاتلين أم كانت من أموال المسلمين قاطبة؟

 

واللازم أوّلاً ملاحظة أقوال الأصحاب ثُمّ التبيّن عمّا تقتضيه الأدلّة فنقول:

 

إنّ الرجوع إلى كلماتهم يعطي أنّهم هنا على مسلكين: فجمعٌ منهم أفتوا بأنّ الغنائم الّتي حواها عسكر الكفّار للمقاتلين والتي لم يحوها العسكر لعامّة المسلمين من دون تفريق بين الأسارى والأموال الأخر. كما أنّ جمعاً آخر صرّحوا بأنّ الأموال المنقولة سواء فيها الأسرى والأموال الأخر وسواء أخذت من العسكر أو من دورهم وبلادهم فهي للمقاتلة خاصّة وأنّ ما لقاطبة المسلمين هي خصوص الأموال غير المنقولة الّتي قد يعبّر عنها بالمفتوحة عنوةً.

 

وبوجد فيهم جمعٌ آخر عبّروا بأنّ ما حواه العسكر للمقاتلين خاصّة من دون تعرّض، لأنّ ما لم يحوه العسكر لمن هو؟ وإليك نصّ عباراتهم:

 

أما الجمع الأوّل:

 

1ـ فقد قال الشيخ في باب مَن يجب قتاله من جهاد النهاية: كلّ من خالف الإسلام من سائر أصناف الكفّار يجب مجاهدتهم وقتالهم، غير أنّهم يتقسمون قسمين: قسم لا يقبل منهم إلاّ الإسلام والدخول فيه أو يُقتلون وتسبى ذراريهم وتؤخذ أموالهم، وهم جميع أصناف الكفّار إلاّ اليهود والنصارى والمجوس. والقسم الآخر هم الّذين تؤخذ منهم الجزية، وهم الأجناس الثلاثة الّذين ذكرناهم، فإنّهم متى انقادوا للجزية وقبلوها وقاموا بشرائطها لم يجز قتالهم ولم يسغ سبي ذراريهم، ومتى أبوا الجزية أو أخلّوا بشرائطها كان حكمهم حكم غيرهم من الكفّار في أنّه يجب عليهم القتل وسبي الذراري وأخذ الأموال[1].

 

فهو (قدس سرّه) في هذه العبارات قد تعرّض لما يؤخذ من الكفّار من الغنائم وأنّها جميع أموال غير أهل الكتاب بلا شرط وأموال أهل الكتاب أيضاً إذا أبوا الجزية أو أخلّوا بشرائطها وأنه يقتل أنفسهم مطلقاً أو بالشرط حسب المورد ويؤخذ ذراريهم فيكونون أسارى وكانوا من الغنائم ولم يتعرّض لأنّ هذه الغنائم لمن هو؟

 

ثُمّ قال ـ في باب قسمة الفيء وأحكام الأسارى ـ منها: كلّ ما غنمه المسلمون من المشركين ينبغي للإمام أن يخرج منه الخمس... والباقي على ضربين: ضربٌ منه للمقاتلة خاصّة دون غيرهم من المسلمين، وضربٌ هو عامٌ لجميع المسلمين مقاتلتهم وغير مقاتلتهم، فالذي هو عامّ لجميع المسلمين فكلّ ما عدا ما حواه العسكر من الأرضين والعقارات وغير ذلك فإنّه بأجمعه فيء للمسلمين مَن غاب منهم ومَن حضر على السواء. وما حوى العسكر يقسّم بين المقاتلة خاصّة ولا يشركهم فيه غيرهم[2].

 

وكلامه هذا إذا ضمّ إلى ما قد سبق ممّا حكيناه يدل على أنّ جميع الغنائم من المشركين ينقسم إلى ما حواه العسكر فيكون للمقاتلة خاصّة وإلى ما لم يحوه فيكون لعامّة المسلمين، وقد صرّح في عبارته السابقة بأن الأسراء أيضاً من جملة الغنائم فجرى فيهم أيضاً هذا التفصيل.

 

ثُمّ إن موضوع كلامه الثاني وإن كان خصوص ما يغنم من المشركين إلاّ أنّه قد صرّح في عبارته الأولى بأنّ حكم أهل الكتاب أيضاً حكم غيرهم من الكفّار إذا أبوا الجزية أو أخلّو بشرائطها فلا محالة يجري هذا التفصيل في غنائم أهل الكتاب أيضاً. وكيف كان، فعبارته الثانية شاملة للأسراء ولم يذكر بعدها ما ينافي هذا الشمول، فشمولها متبع كما لا يخفى، هذا كلامه في النهاية.

 

وأمّا في الخلاف فقال في كتاب الفيء وقسمة الغنائم منه: مال الغنيمة لا يخلو من ثلاثة أحوال: ما يمكن نقله وتحويله إلى بلد الإسلام مثل الثياب والدراهم والدنانير والأثاث والعروض، أو يكون أجساماً مثل النساء والولدان، أو كان ممّا لا يمكن نقله كالأرض والعقار والبساتين. فما يمكن نقله يقسّم بين الغانمين بالسويّة... ـ ثُمّ نقل خلاف العامّة. ثُمّ قال: ـ دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم[3].

 

فموضوع كلامه في هذه المسألة ما يمكن نقله إلى بلد الإسلام، وقد حكم عليه بتقسيمه بين خصوص الغانمين وادّعى عليه إجماع الفرقة، وهو مطلق يشمل ما حواه العسكر وغيره، لاسيّما وقد فسّر الغنيمة في أول الكتاب بقوله: «كلّ ما يؤخذ بالسيف قهراً من المشركين يسمّى غنيمة بلا خلاف»[4] فإنّه أيضاً عامّ يشمل ما أخذ وقد حواه العسكر وغيرها، فلا يبعد أن يسند إليه التعميم هنا في ما يمكن نقله كما يأتي عن مبسوطه.

 

ثُمّ قال: الأسير على ضربين: ضربٌ يؤسر قبل أن تضع الحرب أوزارها... وأسيرٌ يؤخذ بعد أن تضع الحرب أوزارها ـ فذكر قتل الأوّل وإبقاء الثاني[5] ـ ولم يتعرّض لأنّ مالك الأُسراء مَن هو؟

 

ثُمّ قال: ما لا ينقل ولا يحوّل من الدور والعقارات والأرضين... إلى آخره[6]. فذكر أنّها مفتوحة عنوةً ولجميع المسلمين.

 

2ـ وقد قال القاضي ابن البرّاج في كتاب الخمس من المهذّب: باب الغنائم، كلّ ما يغتنمه المسلمون من الكفّار فيجب إخراج الخمس منه ابتداءاً ويصرف الباقي إلى ما يستحقّه، وذلك على ضربين: أحدهما يختصّ المقاتلة دون غيرهم من جميع المسلمين، والآخر لا يختصّ مقاتلاً دون غيره بل هو لجميع المسلمين المقاتلة منهم وغير المقاتلة، والذي يختصّ المقاتلة دون غيرهم هو ما حواه العسكر فقط... وما لا يختصّ بمقاتل دون غيره ويكون لجميع المسلمين فهو كلّ ما اغتنمه المسلمون ما لم يحوه العسكر من الأراضي والعقارات وغير ذلك، فإنّ جميعه لكافّة المسلمين المقاتل منهم وغير المقاتل والغائب منهم والحاضر على السواء[7].

 

وقد أفتى كما ترى بالتفصيل في مالك كلّ ما يغتنمه المسلمون من الكفّار بين ما حواه العسكر وما لا يحويه، فجعل مالك الأوّل خصوص المقاتلة ومالك الثاني كافّة المسلمين، وكلا العنوانين كما ترى يعمّ الأسير وغيره، فإنّ الأسير وإن لم يكن قبل أن يؤسر مالاً إلاّ أنّه إذا أسر يصير مالاً وغنيمة وربما يكون ممّا حواه العسكر وربما يكون ممّا لا يحويه حسب اختلاف موضع أسره، والأراضي والعقارات وكلّ ما لا ينقل تكون بحسب الطبع ممّا لا يحويها العسكر، وهي كما عرفت ملك لعامّة المسلمين.

 

وقال (قدس سرّه) في كتاب الجهاد منه: باب الأسارى، الأسارى على ضربين: أحدهما يجوز استيفاؤه، والآخر لا يُستبقى؛ فالذي يجوز استيفاؤه كلّ أسير أخذ بعد تقضّي الحرب والفراغ منها والذي لا يُستبقى هو كلّ أسير أخذ قبل تقضّي الحرب والفراغ منها...[8].

 

فذكر قسمي الأسير إلاّ أنّه لم يذكر لشيءٍ منهما أنّه لمن هو؟ فيرجع فيه لا محالة إلى ما سبق منه في كتاب الخمس لكنّه قال في الفروع الّتي ذكرها لبحث الأسارى: وإذا سُببت المرأة وولدها لم يجز للإمام أن يفرّق بينهما فيعطي الأمّ لرجل ويعطي ولدها الآخر، بل ينظر، فإن كان في الغانمين من يبلغ سهمه الأمّ والولد دفعهما إليه وأخذ فضل القيمة أو يجعلهما في الخمس، فإن لم يبلغها باعهما وردّ ثمنهما في المغنم[9].

 

فربما يستفاد من قوله: «بل ينظر، فإن كان في الغانمين مَن يبلغ سهمه الأمّ والولد دفعهما إليه» أنّ المالك للأسراء يكون منحصراً في خصوص الغانمين وهو لا يوافق الإطلاق أو العموم المستفاد من كلامه في كتاب الخمس، اللّهمّ إلاّ أن يمنع إطلاقه ويقال: إنّه ليس من هذه الجهة في مقام البيان وإنّما هو في مقام الإشارة إلى وجود موردٍ مّا لأن لا يباع الأمّ وولدها بل يعطيا لأحد، فتدبّر جيداً.

 

3ـ وقال السيد أبو المكارم ابن زهرة في جهاد الغنية: ويغنم من جميع مَن خالف الإسلام من الكفّار ما حواه العسكر وما لم يحوه من الأموال والأمتعة والذراري والأرضين ـ ثُمّ قال بعد ذكر اخذ الصفوة وما ينوب الإمام والخمس من الغنيمة ـ: ويقسّم ما بقى مما حواه العسكر بين المقاتلة خاصّة... وما لم يحوه العسكر من غنائم مَن خالف الإسلام من الكفّار من أرضٍِ وعقارٍ وغيرها، فالجميع للمسلمين المقاتل منهم وغير المقاتل والحاضر والغائب... ودليل ذلك كلّه الإجماع المتكرّر وفيه الحجّة[10].

 

فقد فصّل كما ترى في الغنائم بين ما حواه العسكر وما لم يحوه وحكم بأنّ ما لم يحوه العسكر فهو لجميع المسلمين ولا يختصّ بالمقاتلين وادّعى عليه إجماع الأصحاب، وواضح أنّ ما لم يحوه العسكر يشمل غير المنقول كالأراضي والدور والمنقول كالأسرى الّذين أسروا وهم ساكنون في بلدهم ودارهم ولم يحضروا العسكر وأموال هؤلاء أيضاً.

 

4ـ وقال ابن إدريس في كتاب الخمس من السرائر: الخمس يجب في كلّ ما يُغنم من دار الحرب، ما يحويه العسكر وما لم يحوه وما يمكن نقله إلى دار الإسلام وما لا يمكن من الأموال والذراري والأرضين والعقارات والسلاح والكراع وغير ذلك ممّا يصحّ تملّكه وكان في أيديهم على وجه الإباحة أو الملك ولم يكن غصباً لمسلم[11].

 

فهنا قد بيّن المراد من الغنائم وأفاد أنّها تشمل كلّّ مال وإن كان أسيراً وأنّها تعمّ ما حواه العسكر وما لم يحوه، ثُمّ قال بعد ذلك في باب قسمة الغنائم والأخماس: كلّ ما يغنمه المسلمون من دار الحرب من جميع الأصناف الّتي قدّمنا ذكرها، فما حواه العسكر يُخرج منه الخمس بعد ما يصطفي الإمام (عليه السلام) ما يختاره» ما لم يجحف بالغانمين وأربعة أخماس ما يبقى يقسّم بين المقاتلة. وما لم يحوه العسكر من الأرضين والعقارات وغيرها من أنواع الغنائم يُخرج منه الخمس والباقي يكون للمسلمين قاطبة مقاتلهم وغير مقاتلهم مَن حضر ومَن لم يحضر مَن وُلِد ومَن لم يولد[12].

 

وعبارته هذه كما ترى تعمّ جميع أنواع الغنائم وقد فصّل صريحاً بين ما حواه العسكر وما لم يحوه كما سبقه.

 

ومثله أفاد في كتاب الجهاد من السرائر، فقال: كلّ ما يغنمه المسلمون من المشركين ينبغي للإمام أن يُخرج منه الخمس... بعد اصطفاء ما يصطفيه، والباقي على ضربين: ضربٌ منه للمقاتلة خاصّة دون غيرهم من المسلمين، وضربٌ هو عامٌ لجميع المسلمين مقاتلهم وغير مقاتلهم، فالذي هو لجميع المسلمين فكلّ ما عدا ما حواه العسكر من الأرضين والعقارات وغير ذلك فإنّه بأجمعه فيء للمسلمين مَن غاب منهم ومَن حضر على السواء. وما حواه العسكر يقسّم بين المقاتلة خاصّة ولا يشركهم فيه غيرهم[13].

 

وكلامه هنا أيضاً كما ترى عامّ لجميع أنواع المغانم، وقد فصّل بين ما حواه العسكر وغيره.

 

ثُمّ قال في كتاب الجهاد منه: والأسارى فعندنا على ضربين: أحدهما أخذ قبل أن تضع الحرب أوزارها... فإنّه لا يجوز للإمام استيفاؤه بل يقتله... والضرب الآخر هو كلّ أسير يؤخذ بعد أن تضع الحرب أوزارها ـ فذكر أنّه لا يُقتل ـ [14].

 

ومفاد العبارة كما ترى إنّما هو بيان لمن يُقتل ومن يُستبقى من أسراء الكفّار من دون ذكر أنّ مالكهم مَن هو؟ فلا محالة يجري فيمن يُستبقى ويسترقّ منهم التفصيل المذكور السابق بين مَن كان في العسكر ومَن لم يحوه كما لا يخفى.

 

فهؤلاء الأعلام الأربعة من قدماء أصحابنا الأعاظم الأخيار قد فصّلوا بين ما حواه العسكر من الغنائم فيختصّ بالمقاتلين وما لم يحوه، فهو عامّ لقاطبة المسلمين، وقد ادّعى الإجماع عليه صاحب الغنية.

 

وأمّا الجمع الثاني من الأصحاب أعني الّذين حكموا بأنّ جميع الغنائم سواء ما حواه العسكر وما لم يحوه مختصّة بالمقاتلين، وإنّما يستثنى منها خصوص الأراضي والأموال غير المنقولة المفتوحة عنوةً حيث إنّها لقاطبة المسلمين فهم أيضاً عدّة من الأعاظم:

 

1ـ قال الشيخ في المبسوط ـ في فصل أصناف الكفّار وكيفية قتالهم ـ: الكفّار على ثلاثة أضرب: أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى فهؤلاء يجوز إقرارهم على دينهم ببذل الجزية، ومَن له شبهة كتاب فهم المجوس فحكمهم حكم أهل الكتاب... ومتى امتنع أهل الكتاب من بذل الجزية قوتلوا وسُبيت ذراريهم ونساؤهم، وأموالهم تكون فيئاًَ[15].

 

فقد حكم بأخذ أموال أهل الكتاب وسبي نسائهم وذراريهم إذا امتنع أنفسهم من بذل الجزية، ومعلومٌ أنّ جميعها يكون غنيمة.

 

وقال أيضاً فيه ـ في حكم ما يُغنم وما لا يُغنم ـ: إذا فُتح بلد من بلاد الحرب فلا يخلو من أن يُفتح عنوةً أو صلحاً، فإن فُتح عنوةً كانت الأرض المُحياة وغيرها من أموالهم ما حواه العسكر وما لم يحوه العسكر غنيمة، فيخمّس الجميع فيكون الخمس لأهله... ثُمّ يُنظر في الباقي فكلّ ما حواه العسكر وما لم يحوه العسكر ممّا يمكن نقله إلى دار الإسلام فهو للغانمين خاصّة يقسّم فيهم على ما نبيّنه، وأمّا الأرضون المُحياة فهي للمسلمين قاطبة وللإمام النظر فيها بالتقبيل والضمان على ما يراه، وارتفاعها يعود على المسلمين بأجمعهم وينصرف إلى مصالحهم الغانمون وغير الغانمون فيه سواء[16].

 

ودلالته على أنّ جميع الأموال المنقولة المغتنمة من أهل الحرب للغانمين خاصّة سواء كانت ممّا حواه العسكر أو ممّا لم يحوه العسكر صريحة. نعم حيث إنّ الموضوع فيه أموالهم فلعلّه لا يشمل الأسير الّذي كان حرّاً قبل الأسر لعدم كونه من أموالهم وإن دخل فيها عبيد وإماء الكفّار إذا أخذوا منهم، لكنّه سيأتي في العبارة التالية ما يستفاد منه أنّ الأُسراء وسائر الغنائم على حكم سواء.

 

وقال أيضاً فيه: ـ في أقسام الغنيمة ـ: الغنيمة على ثلاثة أقسام: أحدها ما يكون مالاً يمكن نقله وتحويله إلى دار الإسلام مثل الدنانير والدراهم والأثاث وغير ذلك، وثانيهما ما يكون أحسابا مثل النساء والولدان، وثالثهما ما لا يمكن نقله ولا تحويله مثل الأرضين والعقارات والشجر والبساتين.

 

فما ينقل ويحوّل يُخرج منه الخمس فيكون لأهله والأربعة أخماس يقسّم بين الغانمين بالسوية... ولا يجوز أن يعطي منها مَن لم يحضر الوقعة.

 

فإمّا النساء والولدان إذا سُبوا فإنّهم يرقّون بنفس السبي من غير أن يسترقّوا ويملكهم من الغانمين في الوقت الّذي يملكون الأموال الّتي قدمناها الّتي تُحوّل وتُنقل، ولا يجوز قتلهم بحال لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن قتل النساء والصبيان، فأمّا الرجال البالغون المأسورون فقد بيّنا أنّهم على ضربين: ضرب أُسِروا قبل أن تضع الحرب أوزارها، والآخر مَن يؤسر بعد ذلك، فالأوّل الإمام مخيّر بين القتل وقطع الأيدي والأرجل وتركهم حتّى ينزفوا، والقسم الآخر مخيّر بين ثلاثة أشياء: بين الاسترقاق والمنّ والمفاداة تخييراً شرعياً، لكن يعمل من ذلك ما هو الأصلح للمسلمين.

 

وأمّا ما لا ينقل ولا يحوّل من العقار والدور فإنّها لجميع المسلمين مَن حضر القتال ومَن لم يحضر، ويكون الناظر فيه الإمام[17].

 

فهو (قدس سرّه) كما ترى قد قسّم الغنيمة ثلاثة أقسام، وصرّح بأنّ المنقول منها مختصّ بالغانمين وظاهر قوله: «يملكهم من الغانمين في الوقت الّذي يملكون الأموال الّتي قدّمناها الّتي تحوّل وتنقل» أنّ النساء والولدان إذا سُبوا كانوا ملكاً لخصوص الغانمين وقد عطف عليهم الرجال البالغين إذا استرقّوا، فالأسراء كلّهم أيضاً ملك للغانمين، ويشهد أيضاً لهذا الاختصاص في كلا القسمين قوله في خصوص القسم الثالث: «إنّها لجميع المسلمين مَن حضر القتال ومَن لم يحضر» فإنّ تخصيصه بهذا التعميم دليلٌ على أنّه لا تعميم في القسمين الأوّلين.

 

وبالجملة: فالعبارة واضحة الدلالة على اختصاص القسمين الأوّلين بخصوص الغانمين كما أنّها بإطلاقها دالّة على أنّه لا فرق في شيء من الأقسام بين ما حواه العسكر وما لم يحوه، وهذا هو الّذي نحن بصدده، فقد أفتى في المبسوط بخلاف ما أفتى به في النهاية كما عرفت.

 

2ـ وقال أبو الصلاح الحلبي (المتوفّى سنة 447 ﻫ) في جهاد الكافي: مغانم المحاربين على ضربين: أحدهما يصحّ نقله وهو الأموال والسلاح والرقيق والكراع وأمثال ذلك، والثاني لا يصحّ نقله وهو الأرضون والرباع.

 

الضرب الأوّل من المغانم، يجب في جميع ما غنمه المسلمون من ضروب المحاربين... إحضاره إلى وليّ الأمر، فإذا اجتمعت المغانم كان له إن كان إمام الملّة أن يصفى قبل القسمة لنفسه... وأن يبدأ بسدّ ما ينوبه من خلل في الإسلام وثغوره ومصالح أهله... ثُمّ يُخرِج الخمس من الباقي لأربابه ويقسّم الأربعة الأخماس الباقية بين مَن يقاتل عليها دون مَن عداهم من المسلمين.

 

القسم الثاني من الغنائم أراضي المحاربين خمس ـ فذكر أقسامها وأنّ الأرض المفتوحة عنوةً يصرف خراجها إلى أنصار الإسلام ـ[18].

 

فالمذكور في القسم الأوّل هي الأموال المنقولة الشاملة بصراحة للعبيد المأخوذة من يد الكفّار، وقد حكم بأنّ ما يبقى منها بعد إخراج الصفوة وغيرها للمقاتلين دون مَن عداهم من المسلمين، ولم يفرّق بين ما كان منها قد حواه العسكر وغيرها، ولا ينبغي الريب في أنّ إطلاقها شامل لما لم يحوه العسكر أيضاً لا سيّما وأنّ الأرض والعقار المعدودين من القسم الثاني يكونان ممّا لا يحويهما العسكر، فهو أيضاً قائل بمقالة الشيخ في المبسوط وأنّ المنقول من الغنائم مطلقاً ملكٌ لخصوص الغانمين.

 

3ـ وقال أبو الحسن الحلبي في كتاب الجهاد من إشارة السبق: ولا يُغنم من محاربي البغاة إلاّ ما حواه الجيش... فأمّا من عداهم من الكفّار والمحاربين فيغنم منهم ذلك وغيره من أهل وذرّية ورباع وأرض. وتقسّم الغنيمة المنقولة بين المجاهدين سهمان للفارس وسهم للراجل... وما لا يمكن نقله من العقارات والأرضين فيء لجميع المسلمين حاضرهم وغائبهم ومقاتلهم وغيره[19].

 

وعبارته دالّة على أن الأموال المنقولة من الغنائم الصريحة الشمول للأُسارى مختصّة بالمجاهدين خاصّة، وعمومها شامل لما حواه العسكر ولما لم يحوه كما مرّ بيانه في عبارة الكافي.

 

4ـ وقال ابن حمزة في كتاب الجهاد من الوسيلة ـ بعد تفسير الغنيمة المبحوث عنها بما يستفاد بالغلبة من دار الحرب ـ: وهو أيضاً قسمان، إمّا أمكن نقله أو لم يمكن، فالأوّل ضربان: أموال وسبايا، فالأموال تُخرج منها الصفايا للإمام قبل القسمة... ثُمّ تُخرج منها المؤن... ثُمّ يُخرج الخمس من الباقي لأهله ثُمّ يقسّم الباقي بين مَن قاتل ومَن هو في حكمه للراجل سهم وللفارس سهمان... والسبايا هي الذراري والنساء وقد ذكرنا حكمهما... والثاني يخرج منه الخمس والباقي للمسلمين قاطبة وأمره إلى الإمام، وما يحصل من غلاّته يصرف في مصالح المسلمين[20].

 

فقد حكم بأنّ الأموال المنقولة بعد إخراج الصفوة والمؤن والخمس تقسّم بين خصوص المقاتلين وقد عطف عليها السبايا الّتي هي الذراري والنساء، فإنّ الظاهر أنّ المراد من قوله: «وقد ذكرنا حكمهما» هو نفس ما ذكره في الأموال المنقولة وإلاّ فلم يذكر منهما في ما سبق ذكر أصلاً. وكيف كان فإطلاق أو عموم الأموال والسبايا شامل لما حواه العسكر وما لم يحوه فبالنتيجة يكون مفاد عبارته أيضاً هو ما استفدناه من المبسوط.

 

5ـ وقال المحقّق في كتاب الجهاد من الشرائع: ـ في الطرف الرابع من أطراف الركن الثاني: في الأسارى، وهم ذكور وإناث، والإناث يُملكن بالسبي ولو كانت الحرب قائمة، وكذا الذراري، والذكور البالغون يتعيّن عليهم القتل إن كانت الحرب قائمة ما لم يسلموا... وإن أسروا بعد تقضّي الحرب لم يُقتلوا وكان الإمام مخيّراً بين المنّ والفداء والاسترقاق...

 

الطرف الخامس في أحكام الغنيمة، والنظر في الأقسام وأحكام الأرضين وكيفيّة القسمة. أمّا الأوّل فالغنيمة هي الفائدة المكتسبة سواء اكتسبت برأس المال كأرباح التجارات أو بغيره كما يستفاد من دار الحرب, والنظر هنا يتعلّق بالقسم الأخير، وهي أقسام ثلاثة: الأوّل ما يُنقل كالذهب والفضّة والأمتعة، وما لا يُنقل كالأرض والعقار، وما هو سبي كالنساء والأطفال.

 

والأول ينقسم إلى ما يصحّ تملّكه للمسلم وذلك يدخل في الغنيمة وهذا القسم يختصّ به الغانمون بعد الخمس والجعائل...

 

وأمّا ما لا ينقل فهو للمسلمين قاطبة وفيه الخمس...

 

وأمّا النساء والذراري فمن جملة الغنائم ويختصّ بهم الغانمون وفيه الخمس لمستحقّه[21].

 

فقد بيّن أوّلاً في الطرف الرابع الّذين من الكفّار يُملكون بالسبي ويصيرون من الغنائم، ثُمّ في الطرف الخامس بيّن الأموال المنقولة وغير المنقولة الّتي تغتنم، وذكر فيه حكم الأقسام الثلاثة، وأنّ غير المنقول لجميع المسلمين والسبايا والأموال المنقولة لخصوص الغانمين. ومن الواضح أنّ موضوع كلامه في الأقسام الثلاثة مطلق وشامل لما اغتنم وكان ممّا حواه العسكر ولما لم يحوه العسكر فهو مثل ما نقلناه عن المبسوط.

 

6ـ وقد تعرّض العلاّمة في عدّة من كتبه للمطلب موافقاً لما في الشرائع نذكر منها ما يلي:

 

ألف: فقال في جهاد القواعد ـ في الفصل الثالث من المقصد الثالث ـ: مطالبه ثلاثة:الأوّل المراد بالغنيمة هنا كلّ ما أخذته الفئة المجاهدة على سبيل الغلبة... وأقسام الغنيمة ثلاثة: ما يُنقل ويحوّل من الأمتعة وغيرها، وما لا يُنقل ولا يُحوّل كالأراضي، وما هو سبي كالنساء والأطفال.

 

والأوّل: إن لم يصحّ تملّكه فليس غنيمة... وإن صحّ كالذهب والفضة والأقمشة وغيرها أخرج منه الخمس والجعائل وما يصطفيه الإمام لنفسه والباقي للغانمين خاصّة سواء حواه العسكر أو لا وليس لغيرهم فيه شيء...

 

الثاني: ما لا يُنقل يُخرج منه الخمس. والباقي للمسلمين قاطبة لا يختصّ به الغانمين مثل الأرض، فإن فُتحت عنوةً فإن كانت مُحياة فهي فيء للمسلمين قاطبة لا يختص به الغانمون...

 

الثالث: السبايا والذراري، وهي من الغنائم، يُخرج منها الخمس والباقي للغانمين خاصّة[22].

 

فقد صرّح بأنّ ما ينقل للغانمين خاصّة وإن لم يحوه العسكر، وكلامه في السبايا أيضاً مطلق شامل لما لم يحوه العسكر أيضاً.

 

ب: وقال في كتاب الجهاد من التذكرة ـ في الفصل الرابع الّذي في الغنائم، بعد تفسير الغنيمة في مورد البحث بالفائدة المكتسبة بالقتال والمحاربة ـ: وأقسامه ثلاثة: ما يُنقل ويحوّل كالأمتعة والأقمشة والدوابّ والنقدين وغيرها، وما لا يُنقل ولا يحوّل كالأراضي، وما هو سبي كالنساء والأطفال[23].

 

البحث الأوّل في ما يُنقل ويُحوّل...: ما يحويه العسكر ممّا يُنقل ويُحوّل... ما يصحّ تملّكه غنيمة إن أخذته الفئة المجاهدة على سبيل الغلبة... أمّا الغنيمة فهي للغانمين خاصّة يُخرج منها الخمس لأربابه والباقي للغانمين خاصّة[24].

 

ثُمّ قال (رحمه الله): لو رفع في المغنم مَن يُعتق على بعض الغانمين لم يُعتق حصّته ما لم يقع في حصّته... قاله بعض الشافعية. وقال الشيخ: الّذي يقتضيه المذهب أن نقول: ينعتق منه نصيبه منه ويكون الباقي للغانمين وبه قال أحمد... لنا ما تقدّم أنّ الملك يثبت للغانمين بالاستيلاء التامّ وقد وجد، ولأنّ ملك الكفّار قد زال ولا يزول إلاّ إلى المسلمين وهو أحدهم فيكون له نصيب مشاع في الغنيمة فينعتق عليه ذلك النصيب...[25].

 

ثُمّ قال في البحث الثالث: في الأسارى ضربان: ذكورة وإناث والذكور إمّا بالغون أو أطفال وهم مَن لم يبلغ خمس عشرة سنة، فالنساء والأطفال يُملكون بالسبي... ويكون حكمهم مع السبي حكم سائر أموال الغنيمة: الخمس لأهله والباقي للغانمين... ثُمّ ذكر حكم البالغين[26].

 

وقال في البحث الخامس من مباحث الباب الثاني في كيفية القسمة: أوّل ما يبدأ الإمام بعد إحراز الغنيمة بدفع [السلب والمؤن والرضخ]... ثُمّ يفرز خمس الباقي لأهله وتقسّم أربعة الأخماس الباقية بين الغانمين...[27].

 

ثُمّ قال (رحمه الله): إذا خرج الإمام من الغنيمة... ما تحتاج الغنيمة إليه مدّة بقائها يقسّم الباقي بين الغانمين خاصّة ممّا ينقل ويحوّل من الأموال الحاضرة...[28].

 

فقد صرّح عديداً بأنّ المنقول من الغنيمة أو الغنيمة بقولٍ مطلق يقسّم بين الغانمين خاصّة، وموضوعه مطلق يعمّ ما حواه العسكر وما لم يحوه، وهكذا في مسألة البحث عن انعتاق جزء العبد الّذي كان في الغانمين مَن ينعتق عليه بأنّ الملك يثبت للغانمين بالاستيلاء التامّ وبأنّ ملك الكفّار قد زال إلى المسلمين هؤلاء الغانمين، والموضوع هنا أيضاً ملطق يشمل مَن لم يحوه العسكر، وهكذا صرّح في السبايا بأنّ حكمهم  حكم سائر أموال الغنيمة.

 

وبالجملة: فالمتأمّل في كلامه يقطع بأنّه لا يفرّق في الأموال المنقولة ولا في السبايا بين ما حواه العسكر وما لم يحوه وبأنّه قائل بمقالة الشيخ الماضية.

 

ج ـ وقد تعرّض للمسألة في المنتهى قريباً ممّا في التذكرة، فقال في كتاب الجهاد منه ـ بعد تعريف الغنيمة وتقسيمها أقساماًَ ثلاثة كما مرّ ـ البحث الأوّل فيما ينقل ويحوّل... مسألة:... إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مختصّاً بالغنائم... ثُمّ نسخ ذلك وجعلت للغانمين خاصّة أربعة أخماساً، والخمس الباقي لمستحقّه، قال الله تعالى: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ﴾ الآية، فأضاف الغنيمة إليهم وجعل الخمس للأصناف الّتي عدّوها المغايرين للغانمين، فدلّ على أنّ الباقي لهم. وروى الجمهور عن النبيّ أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «الغنيمة لمن شهد الوقعة»[29] ولا نعلم فيه خلافاً.

 

مسألة: ما يحويه العسكر ممّا يُنقل ويحوّل... ما يصحّ تملّكه للمسلمين فإنّه يصير غنيمة، ويختصّ به الغانمون إجماعاً بعد الخمس والجعائل... وأربعة الأخماس الباقية تكون للمقاتلة...[30].

 

أقول: فالمسألة الأولى واضحة الظهور في أنّ أربعة أخماس الغنائم للمقاتلين الغانمين، وبما أنّها بمنزلة توضيح للآية المباركة فكما أنّ ما غنمتم المذكور في الآية شامل لأنواع الغنائم ما حواه العسكر وما لم يحوه فهكذا الغنائم المذكورة في المسألة. نعم لعلّ موضوع المسألة الثانية خصوص ما حواه العسكر إلاّ أنّه غير منافٍ لإرادة العموم من المسألة الأولى كما لا يخفى.

 

وقال فيه أيضاً ـ في الفرع الثالث من فروع البحث الثاني في أحكام الأسارى ـ: المال الّذي يفادى به [يعني يعطيه الرجل الأسير المأخوذ بعد تقضّي الحرب ويرفع اليد عنه ويكون حرّاً] يكون غنيمة للغانمين، لا يقال: الغانمون لا حقّ لهم في الأسير فإنّ الإمام مخيّر فيه فكيف يكون لهم حقّ في بدله؟ لأنّا نقول: لا نسلّم أنّ الغانمين لا حقّ لهم في الأسير وتخيير الإمام إنّما هو فيما يتعلّق بمصلحة المسلمين في الأسير لأنّه لم يصر مالاً، فإذا صار مالاً يتعلّق حقّ الغانمين به لأنّهم أسروه وقهروه، وهذا كثير النظائر؛ فإنّ مَن عليه الدَين إذا قُتل عمداً لم يكن لأرباب الدَين حقّ على القاتل، فإن اختار الورثة المال ورضي به القاتل تعلّق حقّهم حينئذٍ فيه[31].

 

فموضوع هذه المسألة الرجل الأسير الّذي أخذه بعد انقضاء القتال، وهو مطلق من حيث كون الرجل داخلاً في محاربي العسكر ومعهم ومن حيث كونه غير داخل فيهم، وقد حكم بمقتضى جوابه عن الإيراد بأنّه لمّا صار هذا الأسير مالاً تعلّق حقّ الغانمين به وصار غنيمةً لهم لكون الغانمين هم أسروه وقهروه، فهذه المسألة أيضاً تدلّ بإطلاق موضوعها وبمقتضى الدليل المذكور فيها على أنّ الغانمين يختصون بالغنائم وإن لم تكن ممّا حواه العسكر.

 

ثُمّ إنّه (قدس سرّه) ذكر مسألة انعتاق من يُعتق على بعض الغانمين بقدر نصيبه إذا وقع في الغنيمة، ومسألة أنّ أربعة أخماس الغنيمة بعد إخراج الخمس والمؤن ملكٌ للغانمين، ومسألة تقسيم الباقي من الغنيمة بعد إخراج ما يُخرج بين خصوص الغانمين قريب ممّا في التذكرة اكتفينا بما نقلناه عنها عن نقله منه أيضاً، فراجع[32].

 

فالمستفاد من المنتهى أيضاً أنّه قائل فيه أيضاً بأنّ الغنائم المنقولة والأسراء مختصّة بالغانمين بلا فرق بين ما حواه العسكر وما لم يحوه كما هو مختار الشيخ (قدس سرّه) في المبسوط.

 

7ـ وهذه الفتوى هي المستفادة من إطلاق عبارة الشهيد في اللمعة حيث قال: «والمنقول بعد الجعائل والرضخ والخمس والنقل وما يصطفيه الإمام يقسّم بين المقاتلة ومَن حضر حتّى الطفل المولود بعد الحيازة قبل القسمة». ونكتفي بهذا المقدار من أقوال الجمع الثاني.

 

وأمّا الجمع الثالث أعني الّذين عبّروا بأنّ ما يحويه العسكر من الغنائم ملكٌ لخصوص الغانمين من غير تعرّض لما لا يحويه.

 

1ـ فقد قال الكيدري في كتاب الجهاد من إصباح الشيعة: ويغنم من جميع مَن خالف الإسلام من الكفّار ما حواه العسكر وما لم يحوه من الأموال والأمتعة والذراري والأرضين... وبعد إخراج الصفايا والخمس من الغنيمة يقسّم ما يبقى ممّا حواه العسكر بين المقاتلة خاصّة لكلّ راجل سهم ولكلّ فارس سهمان.

 

ثُمّ ذكر حكم وجوب قتل من أسر قبل تقضّي الحرب ووجوب إبقاء من أسر بعده[33] ولم يتعرّض لحكم الأموال المغتنمة ممّا لم يحوه العسكر.

 

ولا يبعد أن يقال ـ لا سيّما بقرينة تصريحه أوّلاً بأنّه يغنم ممّا حواه العسكر وما لم يحوه ـ : إنّ تخصيص ما حواه العسكر من الغنائم بحكم اختصاصه بالمقاتلة يدلّ بالمفهوم أنّ ما لم يحوه العسكر ليس خاصّاً بهم كما قال به الشيخ في النهاية وجمعٌ آخر على ما عرفت.

 

2ـ وقريبٌ منه عبارة العلاّمة في إرشاد الأذهان حيث قال في كتاب الجهاد منه: المقصد الثالث في الغنيمة، ومطالبه ثلاثة: الأوّل كلّ ما ينقل ويحوّل ممّا حواه العسكر ممّا يصحّ تملّكه يُخرِج الإمام منه الجعائل... والخمس لأربابه والباقي يقسّم بين الغانمين ومَن حضر القتال وإن لم يقاتل حتّى الطفل...

 

فتقييده المنقولات الّتي خصّها بالغانمين ومَن في حكمهم بخصوصية ما حواه العسكر دالّ بالمفهوم أنّ الغنائم المنقولة إذا لم تكن ممّا حواه العسكر فليست مختصّة بهم، فتكون فتواه في الإرشاد مخالفة لما مرّ عن كتبه الأخر كما وقع نضيره للشيخ في النهاية والمبسوط.

 

فتحصّل من جميع ما ذكرناه من أقوال هؤلاء الأعاظم من الأصحاب: أنّ مسألة الغنائم المنقولة في الأسراء وسائر الأموال ذات قولين عندهم، فجمعٌ منهم قالوا بأنّ خصوص ما حواه العسكر مختصّ بالغانمين، وأمّا ما لم يحوه العسكر فهو لجميع المسلمين، وقد ادّعى عليه الإجماع في الغنية كما عرفت. وجماعة آخرون قالوا بعدم الفرق بين القسمين, وأنّ جميع الغنائم المنقولة مختصّة بالغانمين وإن كانت ممّا لم يحوه العسكر، وقد مرّ نقل إجماع الطائفة على هذا الإطلاق عن الشيخ في الخلاف في خصوص الأموال المنقولة غير الأسارى.

 

ومنه تعرف أنّ ما في الجواهر بعد ذكر قول المحقّق في الأموال المنقولة غير الأسارى: «وهذا القسم يختصّ به الغانمون بعد الخمس والجعائل من قوله: ثم يقسم الباقي بين الغانمين كمل صرح به غير واحد بل عن الغنية والمنتهى الإجماع عليه بل لعلّه محصّل[34] ليس على ما ينبغي فإنّ صاحب الغنية قائل بالقول الآخر وادّعى الإجماع على ذلك القول، كما أنّ المذكور في المنتهى هنا كما عرفت قوله: «ولا نعلم فيه خلافاً» وهو دون دعوى الإجماع، وبعد ذلك كلّه فدعوى الإجماع المحصّل ممّا لا مجال لها أصلاً.

 

بل الحقّ أنّ المسألة ذات قولين ادّعى بعض القائلين بكلّ منهما الإجماع على مقالة واللازم هو إتباع ما تقتضيه الأدلّة وحينئذٍ فنقول:

 

إنّه قد وردت روايات متعدّدة يستفاد منها أنّ الغنيمة بعد إخراج الخمس منها للمقاتلين وإطلاق الغنيمة المذكورة فيها شامل لما حواه العسكر ولما لم يحوه فتكون أدلّة على فتوى الشيخ في المبسوط.

 

1ـ فمنها ما رواه الشيخ بسندٍ صحيح عن ربعي بن عبد الله بن الجارود عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له، ثُمّ يقسّم ما بقي خمسة أخماس ويأخذ خمسه، ثُمّ يقسّم أربعة أخماس بين الناس الّذين قاتلوا عليه... الحديث[35].

 

فلا ريب أنّه (عليه السلام) ينقل فعل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمغنم بصدد بيان حكم المغنم في الشرع الأقدس والصحيحة واضحة الدلالة على أنّ الأربعة الأخماس الباقية من المغنم حكمها التقسيم بين الّذين قاتلوا عليها وهو ناش عن أنّها ملكٌ لهم فيقسّم بينهم، والمغنم المذكور وإن اختصّ بالمنقول بقرينة جعله فاعلاً لقوله: «أتاه» إلاّ أنّه مطلقٌ من جهة كونه ممّا يحويه العسكر أو ممّا لا يحويه.

 

2ـ ومنها ما عن الكافي في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الغنيمة فقال: يخرج منها خمس لله وخمس للرسول، وما بقي يقسّم بين مَن قاتل عليه وولى ذلك[36].

 

فموضوع السؤال والجواب فيه الغنيمة وإطلاقها كما عرفت شامل لكلا القسمين فيدلّ على المطلوب كما مرّ.

 

3ـ ومنها ما عن الكافي في الصحيح عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): السرية يبعثها الإمام فيصيبون غنائم كيف يقسّم؟ قال: إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الإمام عليهم أُخرج منها الخمس لله وللرسول وقسّم بينهم أربعة أخماس، وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلّ ما غنموا للإمام يجعله حيث أحبّ[37].

 

فموضوعها الغنائم الشاملة للقسمين فتدلّ كما عرفت على المطلوب.

 

4ـ ومنها ما عن الكافي والتهذيب في الصحيح عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي عن أبي عبد الله (عليه السلام). والصحيح ينقل حديث دخول جمع من المعتزلة عليه (عليه السلام) يدعونه إلى أن يدخل معهم في بيعة محمّد بن عبد الله بن الحسن، ثُمّ يذكر محاجّته (عليه السلام) مع عمرو بن عبيد المعتزلي الّذي كان كالنائب عن هذا الجمع، وبلغت المحاجة إلى أنّه لو ظفرتم على الكفّار ودعوتموهم إلى الجزية، فقال (عليه السلام) له: فإن هم أبوا الجزية فقاتلتهم فظهرت عليهم كيف تصنع بالغنيمة؟ قال: أُخرِج الخمس وأُقسّم أربعة أخماس بين مَن قاتل عليه، قال (عليه السلام): أخبرني عن الخمس مَن تعطيه؟ فلم يقو على الجواب الصحيح وقال: لا أدري، قال (عليه السلام): فأراك لا تدري فدع ذا.

 

ثُمّ قال (عليه السلام): أرأيت الأربعة أخماس تقسّمها بين جميع مَن قاتل عليها؟ قال: نعم، قال (عليه السلام): فقد خالفت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سيرته... الحديث[38].

 

وبيان دلالته: أنّه (عليه السلام) سأله بقوله: «كيف تصنع بالغنيمة» وأجابه بقوله: «أخرِج الخمس وأُقسّم أربعة أخماس بين مَن قاتل عليه» فلم يردّ الإمام عليه أصل إخراج الخمس ولا قسمة الأربعة أخماس بين من قاتل عليه مع أنّه (عليه السلام) بصدد تقريعه وبيان جهله بالأحكام الشرعية، وقد نبّه على جهله في موارد عديدة قبل هذا السؤال والجواب وبعده، فسكوته (عليه السلام) عن الردّ عليه دليل على إمضائه (عليه السلام) لهذا الجواب فيكون الجواب كأنّه صدر عن شخص الإمام (عليه السلام)، وقد عرفت دلالة هذه العبارة على اختصاص ما يبقى من الغنيمة بمن قاتل عليها وأنّ إطلاق الغنيمة شامل لما حواه العسكر ولما لم يحوه وهو المطلوب.

 

5ـ ومنها ما رواه الكافي والتهذيب عن حفص بن غياث قال: كتب إليّ بعض إخواني أن أسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن مسائل من السنن [السيرة ـ يب] فسألته وكتبت بها إليه فكان فيما سألته: أخبرني عن الجيش إذا غزوا أرض الحرب فغنموا غنيمة ثُمّ لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوا إلى دار الإسلام [السلام ـ كا] ولم يلقوا عدوّاً، حتّى خرجوا إلى دار الإسلام [السلام ـ كا] هل يشاركونهم [فيه ـ يب] فقال: نعم... الحديث[39].

 

وبيان دلالته: أنّ السائل فرض أنّ الغنيمة مختصّة بالجيش الّذين غنموها وإنّما سؤاله عن أنّ الجيش الآخر هل يشاركونهم وأجابه الإمام (عليه السلام) بأنّهم أيضاً مشاركون، فاختصاص الغنيمة بمن غنموها مورد تأييد الإمام (عليه السلام) أيضاً والغنيمة فيه مطلقة تعمّ كلا القسمين، فهذا الخبر أيضاً دالّ على المطلوب إلاّ أنّ في سنده كلاماً جدّاً.

 

6ـ ومنها ما رواه البيهقي في السنن الكبرى في كتاب السير في الباب الرابع منه بسنده عن عبد الرحمن بن مسعود عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال: الغنيمة لمن شهد الوقعة[40].

 

والظاهر من الوقعة هو وقعة الحرب ومَن شهدها هم الحاضر فيها المغتنم للغنيمة، وحيث إنّ الغنيمة فيه مطلقة تشمل ما حواه العسكر وما لم يحوه فهذا الحديث أيضاً كالأخبار الماضية يدل على المطلوب.

 

ثُمّ إنّه قد وردت روايات أخر في أنّه إذا أخذ الكفّار من أولاد المسلمين ومماليكهم ثُمّ ظفر عليهم المسلمون واستردّوه في غنائمهم فربما يخرج ما أخذوه عن الغنيمة ثُمّ تقسّم، فربما يراد التمسّك بإطلاق الغنيمة في هذه الأخبار للقسمين والتمسّك بها للمطلوب، لكنّ الإنصاف أنّها في مقام مجرّد بيان أنّها لا تدخل في الغنيمة ولا إطلاق فيها كما يظهر لمن تأمّلها، فراجع[41].

 

7ـ ومنها ما رواه العيّاشي في تفسيره عن ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول في الغنيمة: يُخرج منها الخمس ويقسّم ما بقي فيمن قاتل عليه وولي ذلك، فأمّا الفيء والأنفال فهو خالص لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)[42].

 

ودلالته على المطلوب واضحة مثل ما مرّ.

 

8ـ ومنها ما في تفسير العياشي أيضاً عن ابن الطيّار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال يُخرج خمس الغنيمة ثُمّ يقسّم أربعة أخماس على مَن قاتل على ذلك أو وليه[43].

 

والظاهر قراءة «وليه» فعلاً ماضياً ويكون معناه «ولي الغنيمة» بمعنى تصدّي لاغتنامها فيرادف قوله: «قاتل على ذلك». وكيف كان فالغنيمة فيه مطلقة شاملة لكلا قسميها، فهذا الخبر أيضاً دالّ على المطلوب.

 

9ـ ومنها ما في المستدرك عن دعائم الإسلام عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: الغنيمة تقسّم على خمسة أخماس، فيقسّم أربعة أخماس على مَن قاتل عليها والخمس لنا أهل البيت... الحديث[44].

 

10ـ ومنها ما فيه عن الدعائم عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: أربعة أخماس الغنيمة لمن قاتل عليها، للفارس سهمان وللراجل سهم[45].

 

وهذان الخبران أيضاً يدلاّن على المطلوب بالبيان الّذي مضى فيما سبقهما.

 

فهذه أخبار عشرة عدّة منها معتبرة السند وجميعها دالّ بإطلاق لفظ الغنيمة أو المغنم فيها لكلا قسمي الغنيمة على المطلوب، وأنّ الغنيمة تختصّ بمن قاتل عليها.

 

إلاّ أنّ هنا روايتين تدلاّن على أنّ ما يختصّ بالمقاتلين هو خصوص ما يحويه العسكر من الغنائم دون ما لا يحويه.

 

إحداهما: رواية حمّاد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح (عليه السلام) قال: الخمس من خمسة أشياء: من الغنائم والغوص ومن الكنوز ومن المعادن والملاحة، يؤخذ من كلّ هذه الصنوف الخمس فيجعل لمن جعله الله له ويقسّم الأربعة أخماس بين مَن قاتل عليه وولي ذلك ـ ثُمّ ذكر مصرف الخمس تفصيلاً وسرّ جعل الخمس وأن للإمام صفو المال وأنّ له سد النوائب بغنيمة دار الحرب ثُمّ قال: ـ وليس لمن قاتل شيء من الأرضين ولا ما غلبوا عليه إلاّ ما احتوى عليه العسكر... الحديث[46].

 

ورواه الشيخ في التهذيب في باب قسمة الغنائم بسندٍ آخر فيه ضعف عن حمّاد بن عيسى قال: رواه لي بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الأوّل (عليه السلام)[47].

 

ولا بأس بسند الحديث وإن كان فيه إرسال فإنه كما عرفت معمول به مضافاً إلى أنّ سند الكافي إلى نفس حمّاد معتبر وحمّاد من أصحاب الإجماع كما ذكره الكشّي.

 

فالإمام (عليه السلام) وإن ذكر أوّل الحديث أنّه «يقسّم الأربعة الأخماس بين مَن قاتل عليه»  وظاهره كظاهر الروايات الماضية يقتضي بإطلاقه أنّ أربعة أخماس الغنائم سواء فيها ما كان ممّا يحتوي عليه العسكر وما كان ممّا لا يحويه للمقاتلة إلاّ أنّ قوله (عليه السلام) بعده: «وليس لمن قاتل شيء من الأرضين ولا ما غلبوا عليه إلاّ ما احتوى عليه العسكر» أنّه ليس لهم ممّا غلبوا عليه ومنه الغنائم إلاّ ما احتوى عليه العسكر، وهو مقيّد واضح خاصّ بالنسبة إلى إطلاق صدر الحديث وإطلاق غيره من الأخبار.

 

وقد عرفت أنّ مفاد الحديث في هذا الاستثناء معمولٌ به بل قد ادّعى عليه صاحب الغنية الإجماع، فليس فيه شبهة إعراض الأصحاب عنه، ولعلّ من يعمل به كان منشأه أنّه يرى ضعف سنده، لكنك قد عرفت اعتباره ويقوّى اعتباره أنّ صاحب السرائر الّذي لا يعمل بأخبار الآحاد قد أفتى بمفاده كما عرفت قوله عند ذكر كلمات الأصحاب.

 

وثانيهما: ما رواه الشيخ في التهذيب بإسناده عن عليّ بن الحسن بن فضّال عن جعفر بن محمّد بن حكيم عن جميل بن درّاج عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّما تصرف السهام على ما حوى العسكر[48]. وأخرجه عنه صاحب الوسائل وفيه أنّ في نسخة «إنّما تضرب»[49].

 

وبيان دلالته: أنّ قوله (عليه السلام): «إنّما تصرف» ظاهره حصر صرف السهام على خصوص ما حواه العسكر، وصرف السهام ظاهره صرف سهام التقسيم لما حواه العسكر فينصرف إلى الغنائم المأخوذة ممّا حواه العسكر الّتي تقسّم بين المقاتلين فينحصر تقسيم الغنائم في خصوص تلك الغنائم. وهذا الّذي استفدناه من الحصر هو الظهور المستفاد من العبارة الّتي في مقام بيان ذكر مصرف السهام ولم نعتمد على ذكر لفظة «إنّما» الّتي قيل إنّها للحصر لما ناقشنا هذا القول في محلّه.

 

وهذه الدلالة تأتي في نسخة «إنّما تضرب» أيضاً كما هو ظاهر للمتدبّر. فدلالة هذه الرواية أيضاً تامّة إلاّ أنّ فيها كلاماً في سندها، وذلك أنّ إسناد الشيخ إلى عليّ بن الحسن وإن كان معتبراً كما فصّلناه في كلماتنا السابقة إلاّ أنّ جعفر بن محمّد بن حكيم لم تثبت ثقته، فإنّ الّذي نقل عنه الكشّي أنّه قال في جعفر: «ليس بشيء» وإن كان رجلاً مجهولاً، إلاّ أنّه مع ذلك فلا شاهد على وثاقة جعفر أصلاً، نعم قد حكى السيّد العلاّمة الخوئي في معجمه أنّه من رجال كامل الزيارات لكّنه أيضاً لا حجة فيه على توثيقه. نعم إنّ روايته مؤيّدة لرواية حمّاد بن عيسى التامّة سنداً ودلالة على ما عرفت.

 

ـــــــــــــــــــــــ

 

 [1] النهاية ونكتها: ج2 ص6ـ7.

 

 [2] النهاية ونكتها: ج2 ص9.

 

 [3] الخلاف: ج4 ص189 ـ 190 مسألة 15.

 

 [4] الخلاف: ج4 ص181 مسألة1.

 

 [5] الخلاف: ج4 ص190ـ 191 مسألة17.

 

 [6] الخلاف: ج4 ص194 مسألة18.

 

 [7] المهذّب: ج1 ص185ـ 186.

 

 [8] المهذّب:ج1 ص316ـ318.

 

 [9] المهذّب:ج1 ص316ـ318.

 

 [10] الغنية: ص203ـ 205.

 

 [11] السرائر: ج1 ص485و491.

 

 [12] السرائر: ج1 ص485و491.

 

 [13] السرائر: ج2 ص9و12.

 

 [14] السرائر: ج2 ص9و12.

 

 [15] المبسوط: ج2 ص9.

 

 [16] المبسوط: ج2 ص28ـ 29.

 

 [17] المبسوط: ج2 ص69.

 

 [18] الكافي في الفقه: ص258 ـ 260.

 

 [19] إشارة السبق: ص144ـ 145.

 

 [20] الوسيلة: ص203ـ 204.

 

 [21] شرائع الإسلام: ج1 ص288ـ293 طبعة إسماعيليان ـ قم.

 

 [22] القواعد:   ص491ـ 494.

 

 [23] التذكرة: ج9 ص119 و121 مسألة76.

 

 [24] التذكرة: ج9 ص119 و121 مسألة76.

 

 [25] التذكرة: ج9 ص147 مسألة92.

 

 [26] التذكرة: ج9 ص154ـ 155 مسألة94.

 

 [27] التذكرة: ج9 ص235 مسألة134.

 

 [28] التذكرة: ج9 ص236 مسألة136.

 

 [29] قد جعل نفس العبارة عنوان الباب 9 من خمس صحيح البخاري [ج 4 ص 513، الباب 845] غير ناقل له عن أحد، ولم ينقل في الصحاح الأخر. ونقله البيهقي في كتاب السير عن عليّ (عليه السلام) وعن أبي بكر وعمر، فراجع ج 9 ص 50 و51.

 

 [30] المنتهى: ج2 ص922 الطبعة الرحلية.

 

 [31] المنتهى: ج2 ص928 الطبعة الرحلية.

 

 [32] المنتهى: ج2 ص948و949 الطبعة الرحلية.

 

 [33] إصباح الشيعة: ص190.

 

 [34] الجواهر: ج21 ص147.

 

 [35] الوسائل: الباب1 من أبواب قسمة الخمس ج6 ص356 الحديث3.

 

 [36] الوسائل: الباب41 من أبواب جهاد العدوّ ج11 ص86و84 الحديث5و1، عن الكافي: ج5 ص45 و43.

 

 [37] الوسائل: الباب41 من أبواب جهاد العدوّ ج11 ص86و84 الحديث5و1، عن الكافي: ج5 ص45 و43.

 

 [38] الكافي : ج 5 ص 25 ـ 26 ، التهذيب : ج6 ص 150 ، عنهما الوسائل : الباب 41 من أبواب جهاد العدوّ ج 11 ص 77 الحديث 3 .

 

 [39] الكافي : ج5، ص 44 ، التهذيب : ج 6 ص 145 ـ 146 ، عنهما الوسائل : الباب 37 من أبواب جهاد العدوّ ج 11 ص 77 الحديث 1 .

 

 [40] السنن الكبرى للبيهقي: ج9 ص51.

 

 [41] الوسائل: الباب 35 من أبواب جهاد العدوّ ج11 ص73ـ 75.

 

 [42] تفسير العياشي: ج 2 ص 61 و62 ، عنه المستدرك : الباب 36 من أبواب جهاد العدوّ، ج11 ص 96 الحديث1.

 

 [43] تفسير العياشي: ج 2 ص 61 و62 ، عنه المستدرك : الباب 36 من أبواب جهاد العدوّ، ج11 ص 96 الحديث1.

 

 [44] رواهما عن الدعائم المستدرك: الباب36 من أبواب جهاد العدوّ، ج11 ص96 الحديث3.

 

 [45] الكافي: ج1 ص540.

 

 [46] رواهما عن الدعائم المستدرك: الباب36 من أبواب جهاد العدوّ، ج11 ص96 الحديث4.

 

 [47] التهذيب: ج4 ص128، عنهما الوسائل: في الباب 1 من أبواب قسمة الخمس، ج 6 ص 358 الحديث8، والباب 41 من أبواب جهاد العدوّ ج11 ص84 الحديث2.

 

 [48] التهذيب: ج4 ص148.

 

[49] الوسائل: الباب41 من أبواب جهاد العدوّ ج11 ص86 الحديث7.

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة