الدرس الثاني والستون: المقام الثاني صفات وليّ الأمر زمن الغَيبة ـ القسم الأول
التاريخ: 17-03-2011
لم يتعرّض فقهاؤنا العظام لشرائط وليّ الأمر زمن الغَيبة في كتبهم الفقهية ـ بحسب المعمول والغالب ـ ولعلّ السرّ فيه أنّ المسألة لم تكن مبتلى بها للناس، فإن ولاية أمر المسلمين وإن جعلها الإسلام للنبيّ ثُمّ للأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين إلاّ أنّ الطواغيت اللئام قد منعوا استقرار الأمر في مقرّه وأخذوه بيدهم غاصبين له إلاّ في مدّة يسيرة بايعوا فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) عليه ثُمّ حاربوه في هذه المدّة أيضاً إلى أن انتهى الأمر إلى قتله وشهادته، وبعده لم يوافقوا على قيام الإمام الثاني (عليه السلام) بالأمر، وقتلوا بعده سيّد الشهداء عليه وعلى أولاده وأصحابه آلاف التحية والسلام، وكان الأمر على هذا المنوال حتّى قتلوا أئمتنا المعصومين (عليهم السلام)، وغاب إمام العصر من بين الناس حفظاً لنفسه وخوفاً عن قتله، واستدام أمر ولاية أمر المسلمين في بلاد المسلمين على هذه الرواية، وتولّى أمرهم مَن لم يكن أهلاً له شرعا
لم يتعرّض فقهاؤنا العظام لشرائط وليّ الأمر زمن الغَيبة في كتبهم الفقهية ـ بحسب المعمول والغالب ـ ولعلّ السرّ فيه أنّ المسألة لم تكن مبتلى بها للناس، فإن ولاية أمر المسلمين وإن جعلها الإسلام للنبيّ ثُمّ للأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين إلاّ أنّ الطواغيت اللئام قد منعوا استقرار الأمر في مقرّه وأخذوه بيدهم غاصبين له إلاّ في مدّة يسيرة بايعوا فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) عليه ثُمّ حاربوه في هذه المدّة أيضاً إلى أن انتهى الأمر إلى قتله وشهادته، وبعده لم يوافقوا على قيام الإمام الثاني (عليه السلام) بالأمر، وقتلوا بعده سيّد الشهداء عليه وعلى أولاده وأصحابه آلاف التحية والسلام، وكان الأمر على هذا المنوال حتّى قتلوا أئمتنا المعصومين (عليهم السلام)، وغاب إمام العصر من بين الناس حفظاً لنفسه وخوفاً عن قتله، واستدام أمر ولاية أمر المسلمين في بلاد المسلمين على هذه الرواية، وتولّى أمرهم مَن لم يكن أهلاً له شرعا. فبهذه الجهات كانت ولاية أمر مَن جعله الشارع وليّ الأمر أمراً غير واقع ولا مبتلى به للناس ولا سيّما لشيعة أهل البيت (عليهم السلام). نعم، إنّ إخواننا العامّة التابعين ـ في العمل ـ لهؤلاء الطغاة الجائرين كانت المسألة مبتلى بها لهم فتعرّضوا لشرائط وليّ الأمر.
وكيف كان فعلماؤنا الأبرار (قدس سرّهم) كانوا لا يتعرّضون لشرائط وليّ الأمر في كتبهم الفقهية، وإنّما يتعرّضون لشرائط الوليّ والإمام في الكتب الكلامية، وبما أنّ الإمام عندهم هو الإمام المعصوم (عليه السلام) فلا يصل مجال للبحث عن شرائط وليّ الأمر زمن الغَيبة.
وبعد ذلك كلّه فقد تعرّض لشرائط وليّ الأمر العلاّمة (قدس سرّه) في كتابه التذكرة في كتاب الجهاد في فصل قتال أهل البغي وذكر له شرائط خمسة عشرة بعضها ـ مثل العصمة ـ مختصّ بالإمام المعصوم (عليه السلام)، فقال: قد جرت العادة بين الفقهاء أن يذكروا الإمامة في هذا الموضع ليُعرف الإمام الّذي يجب اتّباعه ويصير الإنسان باغياً بالخروج عليه، وليست من علم الفقه بل هي من علم الكلام، فلنذكر كلاماً مختصراً فنقول: يشترط في الإمام أمور: الأوّل أن يكون مكلّفاً، فإنّ غيره مولّى عليه في خاصّة نفسه فكيف يلي أمر الأمّة؟![1]
أقول: قبل الورود في البحث عن شرائط وليّ الأمر ينبغي التنبّه لنكتة هي أنّ جعل مسألة الإمامة وبيان أوصاف الإمام من علم الكلام إنّما يصحّ في إمامة الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) بعناية أنّ الاعتقاد بإمامتهم من أصول المذهب وعلم الكلام يبحث عمّا يجب الاعتقاد به. وأمّا ولاية وليّ الأمر الّذي هو غير المعصوم (عليه السلام) فليست ممّا يجب الاعتقاد به بل هي أمر اعتباريّ موضوع لاختيارات ووظائف لوليّ الأمر يُبحث عنها أيضاً في علم الفقه، فالبحث عن أصل ولايته بحثٌ عن موضوع أحكام فقهية كالبحث عن ولاية الآباء على صغارهم مثلاً وكالبحث عن ولاية الفقيه على الأمور الحسبية، كما أنّ البحث عن الأحكام المترتّبة على ولاية الأمر لنفس وليّ الأمر أو لغيره من أفراد الأمة بحثٌ فقهيٌ كالبحث عن حكم وليّ الصغار وحكم الفقهاء الّذين بيدهم الأمور الحسبية.
بل الدقّة في المطلب تعطي أنّ البحث الكلامي بالنسبة للإمام المعصوم (عليه السلام) إنّما هو مجرّد تفسير الإمام والإمامة وإثبات أنّ الأئمّة الإثني عشر (عليهم السلام) أئمّة لكي يجب الاعتقاد بإمامتهم، وأمّا الأحكام المترتبة على الإمام (عليه السلام) من أنّ الأنفال والخمس مثلاً ملكٌ له وأنّ إليه أمر الجهاد والدفاع أوّلاً وأخيراً إلى غير ذلك وأنّ على الناس التسليم لأمرهم (عليهم السلام) فهي كلّها أحكام فقهية يجب البحث عنها في علم الفقه.
وكيف كان، فيشترط في وليّ الأمر غير المعصوم (عليه السلام) أمور:
أحدهما: أن يكون عاقلاً
وهو داخل في الشرط الأوّل الذي ذكره العلاّمة (رحمه الله)، فإنّه جعل الشرط الأوّل أن يكون مكلّفاًٍ، ومن المعلوم أنّ العقل شرط التكليف. والدليل على اشتراطه وجوه:
1ـ منها: أنّ العقلاء يحكمون بأنّ العقل شرط لمن يفوّض إليه التصدّي لأمرٍ لا يتمّ إلاّ بالعقل وإن كان من الأمور الصغيرة فلا ريب في احتياج إدارة أمور المسلمين الّتي هي من أهمّ الأعمال إلى عقلٍ قويّ، فقد عرفت في المباحث السابقة عظم وسعة اختيارات وليّ الأمر وأهميّة وظائفه وتكاليفه بحيث لا يقدر على التصدّي لها كما هو حقّه إلاّ مَن كان عاقلاً جدّاً، وهذا الحكم العقلائي بهذا الاشتراط أمضاه الشارع قطعاً، لا بلحاظ أنّ إجراء مصاديقه كان بمرآه ولم ينكر عليه حتّى يورد عليه بأنّ أمر الولاية لم يكن بيد المسلمين الماشين على طريق الشريعة بل بيد الطغاة الجائرين على مَن جعله الله وليّ الأمّة كما عرفت. بل لأنّه يستفاد إمضاء هذا الحكم الارتكازي العقلائي من بعض الأخبار الصحاح.
ففي صحيحة عيص بن القاسم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له، وانظروا لأنفسكم، فوالله إنّ الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي، فإذا وجد رجلاً هو أعلم بغنمه من الّذي هو فيها يخرجه ويجيء بذلك الرجل الّذي هو أعلم بغنمه من الّذي كان فيها، والله لو كانت لأحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرّب بها ثُمّ كانت الأخرى باقية فعمل (يعمل ـ الوسائل) على ما قد استبان لها ولكن له نفس واحدة إذا ذهبت فقد ذهبت والله التوبة، فأنتم أحقّ أن تختاروا لأنفسكم، إن أتاكم آتٍ منّا فانظروا على أيّ شيء تخرجون... الحديث[2].
بيان الدلالة: أنّه (عليه السلام) في بيان اعتبار العلم أو الأعلمية في مَن يكون في مقام إدارة أمور المسلمين قد أرجع الناس المكلّفين إلى ما يحكمون به بمقتضى عقلهم، وبأنكم حيث تحكمون باعتباره في مثل رعي أغنامكم فكيف لا تحكمون به فيمن يلي أمركم، بل أنتم أحقّ أن تختاروا لأنفسكم. فهذا الحكم العقلائي هو ما ذكرناه من أنّ العقلاء يحكمون بمقتضى فطرتهم باعتبار شرائط في مَن يتصدّى أمراً، فمن هذه الشرائط العلم بكيفية الفعل بل الأعلمية بها، ومنها أن يكون عاقلاً بل وأن يكون قادراً وأن يكون أميناً عادلاً في الإتيان بجمع ما يجب رعايته في هذا العمل، فقد أمضى الإمام (عليه السلام) هذا الحكم العقلائي باعتبار العقل أيضاً.
2ـ ومنها: أن أدلّة اعتبار العلم بكيفية إدارة الأمر على ما ينبغي أو الأعلمية بها أيضاً تدلّ بالالتزام على اعتبار العقل أيضاً، وذلك أنّ المستفاد من أدلّة اعتباره أن الولي إذا كان عالماً بالكيفية الّتي يجب أن تكون إدارة الأمور عليها فلا محالة يأتي بتلك الكيفية اللازمة. وواضح أنّ رعاية تلك الكيفية المعلومة إنّما هي في العاقل الّذي يلتزم بما يجب الإتيان بها، وإلاّ فالمجنون لا يقتضي علمه بتلك الكيفية أن يراعيها في مقام العمل، إذ الباعث على رعاية ما علم لزوم إثباتها هو العقل وهو فاقد له.
والأدلّة الدالّة على اعتبار العلم أو الأعلمية في وليّ الأمر سيأتي البحث عنها في محلّه إلاّ أنّه لا بأس بالإشارة إلى بعضها. فمنها نفس حكم العقلاء المذكور فإنّهم كما عرفت يحكمون باعتباره وحكمهم مضى شرعاً كما مرّ. ومنها نفس صحيحة عيص الّتي مرّ ذكرها آنفاً، فإنّها واضحة الدلالة على اعتبار العلم بل وعلى تقديم الأعلم على غيره كما عرفت. ومنها ما في ذيل صحيحة عبد الكريم بن عتبة الهاشمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) الواردة في حكم قيام محمّد بن عبد الله بن الحسن قبال خلفاء الجور، فإنّ في ذيلها: «ثُمّ أقبل ـ أي الإمام الصادق (عليه السلام) ـ على عمرو بن عُبيد فقال: يا عمرو اتّق الله، وأنتم أيّها الرهط فاتّقوا الله، فإنّ أبي حدّثني ـ وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله وسنّة نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: مَن ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين مَن هو أعلم منه فهو ضالٌ متكلّف[3]. ودلالتها على اعتبار العلم بل الأعلمية في مَن يريد أن يقوم بإدارة أمر المسلمين واضحة.
3ـ ومنها: أنّ أدلّة اشتراط التكليف بالعقل تدلّ على أنّ المجنون لا يصلح لأن يكون وليّ أمر الأمّة. بيانه: أنّك قد عرفت أنّ ولاية الأمر ملازمة لأن تتعلّق تكاليف إيجابية مهمّة بوليّ الأمر، فإنّ اختيارات وليّ الأمر وسيعة جدّاً، وبتبعه تكاليفه أيضاً كثيرة كذلك، ويكون قوام ولاية الأمر بتلك الاختيارات والتكاليف، فهو المكلّف الأصيل بإدارة أمور الأمّة في جميع الجهات، وهو المخاطب الأصيل في أمر الجهاد والدفاع، وفي أمر القضاء, وفي أمر جواز الارتباط مع الدول الأخرى ومنعه، وفي أمر التصميم الأصيل بالنسبة للأمور الاقتصادية والتجارية والزراعية، إلى غير ذلك من الأمور الوسيعة الّتي بها قوام المسلمين ديناً ودنياً. فإنّ كان وليّ الأمر مجنوناً فلا محالة يكون أصل هذه الإيجابات مرفوعة عنه، ورفعها يؤدّي إلى عدم حصول تلك الغايات الّتي هي الأساس للولاية بحيث لا يكون للولاية معنى مع عدم إيجابها، ولذلك لا معنى لرفع تلك التكاليف عن وليّ الأمر فإنّه في الحقيقة بمعنى عدم الولاية.
والأدلّة الدالّة على اعتبار العقل في تعلّق التكليف بالإنسان كثيرة جدّاً، نذكر منها صحيحة محمّد بن مسلم ـ المروية في الكافي ومحاسن البرقي وأمالي الصدوق ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لمّا خلق الله العقل استنطقه ثُمّ قال له: أقبل فأقبل، ثُمّ قال: أدبر فأدبر، ثُمّ قال: وعزّتي وجلالي ما خلقتُ خلقاً هو أحبّ إليّ منك، ولا أكملتك إلاّ في مَن أحبُ، أما إنّي إياك آمر وإياك أنهى، وإياك أعاقب وإياك أثيب[4].
وموضع الاستدلال هو الجُمل الأربع الأخيرة، فإنّها دالّة بتقديم ضمير الخطاب الّذي حقّة التأخير على حصر التكليف بالوجوب والحرمة وحصر العقاب والثواب على خصوص العقل، فإذا لم يكن لأحدٍ عقل فلا محالة لا تكليف عليه ولا عقاب، وهو ما ذكرناه.
4ـ ومنها: أن يقال بأنّ تقوّم ولاية أمر الأمّة بلزوم رعاية الأهداف المذكورة آنفاً واضحٌ عند العقلاء جدّاً، بحيث لا تجتمع الولاية مع إمكان أن لا يعتبر تحقّقها، وبما أنّ المجنون لا يُعتمد عليه في تحقيق هذه الغايات الأصيلة أصلاً فلا محالة أنّه لا محال لإيكال الولاية إليه، فإنّ إيكالها إليه إنّما هو بمعنى عدم اليأس بأن لا تحقّق، وهو مناقض مع لزوم تحقّق الولاية.
وأمّا ما استدلّ به العلاّمة في عبارته الماضية وتبعه بعض المعاصرين في دراساته[5] «من أنّ غير المكلّف ومنه المجنون رفع عنه القلم ويكون مولّى عليه في خاصّة نفسه فكيف يجعل وليّاً على المسلمين» فهو نفسه ليس إلاّ استبعاداً محضاً لأن ّتوليته على المسلمين محتملة إلاّ أنّها بعيدة جدّاً، والعمدة في الاستدلال ما ذكرناه.
الشرط الثاني: أن يكون عقله وافياً كاملاً
وأن لا يكون ناقص العقل سفيهاً
والمراد بكمال العقل هنا ليس كماله في مجرّد التصرّفات المالية الّتي يتولاّها وليّ الأمر وهي على ما مر كثيرة، بل المراد كماله وعدم نقصانه في جميع الأمور الّتي تحت اختياره، ويكون أخذ التصميم المناسب فيها من وظائفه حتّى يكون أمره بالجهاد والدفاع في محلّه، ومعرفته بالأفراد المناسبة لكلّ منصب وشغل حكومي تامّة، ونصبه لكلّ أحدٍ في أي الأشغال جيّداً وفي موضعه، وهكذا الأمر في جميع ما بيده.
والدليل عليه ثلاثة ممّا استدللنا به على اعتبار العقل، فإنّ العقلاء يحكمون باعتباره فيه، وقد عرفت أنّ حكمهم ممضيّ شرعاً. وهكذا أدلّة اعتبار العلم أو الأعلمية تقتضي اعتبار كمال عقله بالبيان الّذي عرفته، كما أنّ اعتبار كمال العقل في وليّ الأمر أيضاً كاعتبار أصله ممّا يلزمه وتتقوّم به الولاية، فإنّه لولاه لما تُحقّق الغايات المطلوبة الداعية إلى جعل وليّ الأمر. نعم لا مجال للاستدلال بأدلّة رفع التكليف لأنّ المفروض أنّ سفه الإنسان لا يرفع التكليف عنه.
لكنّه يمكن الاستدلال لاعتبار كمال العقل بقوله تعالى ﴿وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً﴾[6] بيان أنّ الأموال المذكورة فيه قد أضفيت إلى المخاطبين الّذين هم عامة المسلمين أو عامّة الناس. ولا ريب في شمولها للأموال الّتي يكون مصرفها الأمور العامّة ـ وإن شملت الأموال الّتي لشخص السفيه أيضاً ـ فقد نهى الله تعالى عن إيتاء الأموال العامّة بيد السفهاء فتدلّ الآية بوضوح على عدم جواز تسلط السفهاء على الأموال العامّة. وبما أنّه تعالى قد وصف هذه الأموال بقوله: «الّتي جعل الله لكم قياماً» فيوضّح هذا التوصيف الخصوصية والميزة الّتي لهذه الأموال. وعلاوة عنه يدلّ على أنّ ملاك هذا النهي عن الإيتاء إنّما هو منوطية أمر الناس بهذه الأموال. وفي الحقيقة أنّ تقوّم أمر الأمّة هو تمام السرّ لهذا النهي، ومعلوم أنّ هذا السرّ بعينه موجودٌ في جميع الأمور المهمّة الّتي بيد وليّ الأمر، فبهذا اللحاظ تدلّ الآية المباركة على اعتبار العقل الوافي في وليّ الأمر في جميع المجالات.
ولعلّه إلى هذا المعنى الّذي استفدناه من الآية المباركة يشير ما في نهج البلاغة ضمن كتابٍ كتبه الإمام (عليه السلام) إلى أهل مصر مع مالك الأشتر حين ولاّه إمارتها ففيه: وإنّي من ضلالهم الّذي هم فيه والهدى الّذي أنا عليه لعلى بصيرةٍ من نفسي ويقينٍ من ربّي، وإنّي إلى لقاء الله لمشتاق وحُسن ثوابه لمنتظر راج، ولكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمّة سفهاؤها وفجّارها فيتّخذوا مال الله دُولاً وعبادَه خَوَلاً والصالحين حرباً والفاسقين حزباً، فأنّ منهم الّذي قد شرب فيكم الحرام وجُلِد حدّاً في الإسلام[7].
وجه الإشارة: أنّه (عليه السلام) أعلن حزنه من أن يلي أمر الأمة سفهاؤها وفجّارها، وبيّن سرّ هذا الحزن بقوله «فيتّخذوا مال الله» فإنّ الظاهر أنّ السفاهة المقارنة للفجور تؤدّي إلى هذا الفساد وهو إخراج لأموال الأمّة ـ المعبّر عنها بأموال الله ـ عن مقرّها ومصرفها الأصيل وجعلها تتداول في أيدي السفهاء الفجّار، فالأموال الّتي جعلها الله قياماَ للناس تخرج عن مقرّها المطلوب لها.
إلاّ أنّه يمكن أن يقال: إنّ السفاهة المذكورة في هذا الكتاب المبارك لم يرد بها نقص العقل المقابل لكماله، بل الظاهر أنّ المراد به مثل عنوان السفه الوارد في قوله تعالى: ﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ﴾[8] فإنّ المراد بالسفاهة فيه أيضاً ليس السفاهة الموجبة للحجر من التصرّف المالي بل نقص العقل الّذي يوجب الرغبة عن الدين الإلهي إلى الكفر.
وقد نقل العبارة المذكورة في تمام نهج البلاغة في كتاب آخر له (عليه السلام) هكذا: ولكن أسىً يريبني وجزعاً يعتريني وحزناً يخامرني من أن يلي أمر هذه الأمّة سفهاؤها وفجّارها فيتّخذوا مالَ الله دُوَلاً وعباد الله خَوَلاً...[9].
فبيان دلالته والنقاش فيه قريبٌ ممّا مرّ، ويكفي لإثبات المطلب الوجوه المتقدمّة.
الشرط الثالث: أن يكون بالغاً ومكلّفاً
وقد مرّ أنّ هذا الشرط داخل ضمن الشرط الأوّل المذكور في التذكرة. والمقصود مَن اشترط أنّ الصبيّ غير البالغ وإن فرض كونه في إدارة أمور المسلمين كبير كالبالغين واجداً لجميع الشرائط بل كان فرداً ممتازاً ربما يدبر أمورهم أحسن من البالغين أيضاً، فمع ذلك كلّه فنفس عدم بلوغه سنّ التكليف مانعٌ عن ولايته، فاشتراط البلوغ يكون تعبّدياً لا مجال للاستدلال له بحكم العقلاء الّذي قد عرفت أنّه ممضيٌ في الشرع، وذلك أنّ تمام الملاك عند العقلاء أن يكون مَن يتصدّى أمر الولاية قادراً على إدارة الأمور، وهو مفروض التحقّق ـ على الفرض ـ في الصبيّ أيضاً.
كما أنّك عرفت عدم تمامية الاستدلال لاعتباره بمجرّد أنّ الصبي مولّى عليه فلا يصلح لأن يكون وليّ أمر الأمة، فإنّه قد مرّ أنّ هذا المطلب مجرّد استبعاد ولا حجّة فيه.
وحينئذٍ فالصحيح أن يستدلّ له بالأدلّة الكثيرة الدالّة على أنّ الصبيّ غير البالغ ليس مكلّفاً بأيّ تكليف إلزامي وجوباً كان أو تحريماً، وذلك لما مرّ من أنّ قوام تحقّق الولاية بتكاليف إلزامية لا تتحقّق إلاّ معها، فنفي هذه التكاليف عن الصبيّ يلزمه عدم صلوحه لأن يصير وليّاً، وهذه الأدلّة وإن كانت كثيرة ربما بلغت الأخبار الدالّة عليها حدّ التواتر إلاّ أنّا نقتصر هنا على ذكر روايتين:
إحداهما: معتبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّ أولاد المسلمين موسومون عند الله شافعٍ ومشفّع، فإذا بلغوا اثنتي عشرة سنة كُتبت (كانت ـ خ ل) لهم الحسنات، فإذا بلغوا الحلم كُتبت عليهم السيئات[10].
فترى أنّه شرط في كتابة السيئات عليه أن يبلغ الحلم، فما لم يبلغ لا تُكتب عليه سيّئة. وواضح أنّ السيئة عبارة عن فعل حرام أو ترك واجب فهما لا يُكتبان عليه، وعدم كتابته عليه في معنى عدم مؤاخذته كما لا يخفى.
ثانيتهما: موثّقة عمّار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الغلام متى تجب عليه الصلاة؟ قال: إذا أتى عليه ثلاث عشرة سنة، فإن احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة وجرى عليه القلم. والجارية مثل ذلك، إن أتى لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجب عليها الصلاة وجرى عليها[11].
فقد شرط جريان قلم التكليف على الصبيّ أو الصبية بالبلوغ السنّي المعبّر عنه بالاحتلام والحيض، فإذا لم يبلغا هذا الحدّ فقلم التكليف أو قلم المؤاخذة لا يجري عليهما، وهو عبارة أخرى عن رفع القلم عنه الوارد في أخبار عديدة أخرى، فالموثّقة أيضاً تدلّ على المطلوب بالبيان الّذي مرّ.
ثُمّ لا يستشكل دلالتها بأنّها جعل السنّ الموجب للبلوغ ثلاث عشرة سنة، وهو خلاف المعروف من فتاوى الأصحاب، فالموثّقة معرض عنها. وجه عدم الاستشكال أنّ الموثّقة تدلّ على أمرين: إناطة تعلّق التكليف على البلوغ السنّي، وكون السنّ ثلاثة عشرة سنة، ولو سلّم الإعراض فإنّما هو في خصوص الأمر الثاني، وإلاّ فالأوّل معمول عليه بل متّفق عليه، كما أنّ ملاكية الاحتلام والتحيّض مأخوذ بها أيضاً. وبالجملة فلا إيراد في تمامية الاستدلال بالموثّقة.
الشرط الرابع: أن يكون مسلماً
وقد ذكره العلاّمة في التذكرة شرطاً ثانياً، وقد يستدلّ لاعتباره بأنّ العقلاء يحكمون باعتباره[12]، بملاحظة أنّهم كما يحكمون باعتبار العقل والقدرة والأمانة في مَن يحوّل إليه أمر فهكذا يحكمون باعتبار الاعتقاد بما يحوّل إليه إذا كان مبنيّاً على أمر اعتقادين وحيث إنّ إدارة أمور المسلمين بالنحو المطلوب مبنية على رعاية أمور إسلامية فلا محالة يجب اعتقاد وليّ الأمر بالإسلام، فالعقلاء يحكمون باعتباره، وقد عرفت أنّ هذا الحكم العقلائي ممضى عند الشريعة أيضاً.
إلاّ أنّ لقائل أن يمنع حكم العقلاء باعتبار اعتقاد مَن يفوّض الأمر إليه اعتقاداً موافقاً له، وذلك أنّ تمام الملاك عندهم فيه أن يكون آتياً بما يفوّض إليه كما هو المطلوب. فإذا كان أحد لا يعتقد بصحّة ما يراد منه لكنّه كان من جهة الأمانة بمرتبةٍ يُطمأنّ بإتيان ما يفوّض إليه كما يراد فلا يعتبر معه اعتقاده، بل تمام مطلوب العقلاء إتيان ما يراد منه كما يراد، وهو حاصل على الغرض، فهذا الدليل غير تامّ.
ويستدلّ له من القرآن الكريم بآيات متعدّدة:
1ـ منها ما في ذيل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا 140 الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾[13].
وبيان دلالته: أنّه تعالى قد حكم حكماً جزميّاً بأنّه لا يجعل للكافرين أيّ سبيل على المؤمنين، ولا ريب في أنّ السبيل على أحدٍ هو ما يوجب تفوّقاً عليه سواء كان مثل الحجّة والاستدلال أو كان ولاية عليه بحيث كان تحت أمره أو كان غيره ممّا يشابهه. وأنت تعلم أنّ لوليّ الأمر وظائف واختيارات يكون معها في كثير من الموارد ولاية على المؤمنين الرعايا، كما إذا أمرهم بالجهاد الابتدائي أو الدفاعي، وكما إذا نصبهم للقضاء أو إدارة بعض الإمارات الحكومية، وكما إذا شاء تأسيس شارع يلزمه التصرّف في مال أحدٍ بغير إذنه، إلى غير ذلك من موارد كثيرةٍ وحينئذٍ فإذا كان وليّ الأمر كافراً لزم جعل سبيل له في تلك الموارد، وقد نفى الله تعالى كلّ سبيل يتصوّر له على المؤمنين. وواضح أنّ المراد بالمؤمنين هم المعتقدون بالإسلام، فالآية تدلّ على عدم جعل ولايةٍ للكافر عليهم.
2ـ ومنها آيات عديدة تنهى عن أن يتّخذ المسلمون الكفّار أولياء لأنفسهم، كما في قوله تعالى: ﴿لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ﴾[14].
وبيان الاستدلال به واضح، حيث نهى عن اتّخاذ المؤمنين للكافرين أولياء والوليّ هو المستولي على الأمور، والنهي حجّة على الحرمة، فلا يجوز اخذ الكافر وليّ أمر الأمّة الإسلامية، ومن المعلوم أنّ المراد بالمؤمنين هو المسلمون، فتدلّ الآية على المطلوب.
وقال تعالى أيضاً: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنـزلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾.
فظاهر الآية الأولى إنشاء اللعن أو الإخبار بوقوع اللعن على جمعٍ من بني إسرائيل عصوا واعتدوا وصاروا كافرين. والآية الثانية أفادت إقامتهم على المنكر الّذي فعلوه. وبيّنت الآية الثالثة إحدى المعاصي والمنكرات الّتي كانوا يفعلونها، وهي أخذ الكفّار أولياء لأنفسهم، وحكمت الآية المباركة بأنّه عمل سيئ قدّموه لأنفسهم ويوجب سخط الله عليهم والخلود في العذاب، فلا محالة يكون تولّي الكفّار من أشدّ المعاصي. والآية الرابعة حكمت بتّاً بأنّ هذا الانحراف والبقاء عليه إنّما هو من جهة أنّهم لم يؤمنوا بنبي الإسلام وبما أنـزل إليه، وإنّهم لو كانوا آمنوا به لما اتّخذوا الكفّار أولياء فتدلّ على أنّ الإسلام العزيز لا يجتمع مع أخذ الكافر وليّ أمر، وعلى أنّ لازم الإسلام نفي تولّي الكفّار. وعليه فاختصاص النهي المستفاد من الآيات السابقة بأولئك الكفّار من بني إسرائيل لا يوجب اختصاص الحرمة بهم بل هي سارية في المسلمين والإسلام أيضاً. على أنّ توهّم ذاك الاختصاص إنّما هو بناءً على رجوع الضمير في قوله: «ترى كثيراً منهم» إلى أولئك «الّذين كفروا» كما لعلّه الظاهر، وإلاّ فإن رجع الضمير إلى جمع من المنافقين الّذين أظهروا الإسلام لما كان لتوهّم هذا الاختصاص مجالٌ أصلاً.
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي...﴾ الآية[15].
فقد نهى الله المسلمين أن يتّخذوا عدوّ الله وعدوّ أنفسهم وليّ أمرهم، وفسّر المراد بهذا العدوّ بقوله في الذيل: «وقد كفروا بما جاءكم من الحق» فملاك العداوة له تعالى هو الكفر بما جاء به نبيّ الإسلام من الحقّ، فكلّ كافر بالإسلام عدوٌّ لله وللمسلمين، ويكون مفاد الآية المباركة النهي عن اتّخاذ الكفّار وليّ أمر المسلمين.
وقريبٌ من هذه الآيات الآية 88و89 من سورة النساء، والآية 23 من سورة التوبة، والآية57 من سورة المائدة فإنّها عامّة للنهي عن اتّخاذ جميع الكفّار أولياء. وأيضاً يقرب منها الآية 51 من سورة المائدة، إلاّ أنّها مختصّة بالنهي عن اتّخاذ اليهود والنصارى أولياء. ولعلّ المتتبع المتأمّل يظفر بآيات أخر.
وربما يستشكل دلالة هذه الطائفة من الآيات بأنّ دلالتها مبنية على إرادة المتولّي للأمور من الوليّ المذكور فيها، وهو غير مسلّم، فإنّ الولاية يراد منها النصرة والمحبّة أيضاً، وشيءٌ منهما لا يلازم تولّي الأمور، ومع احتمال إرادة واحدةّ منهما تسقط هذه الطائفة عن الحجيّة.
ولكنّه يمكن الجواب عن هذا الاستشكال بوجهين:
أحدهما: أنّه قد وردت ذيل بعض هذه الآيات روايات تفسّر الولاية المذكورة فيها يتولّى أمور الأمّة:
1ـ فقد قال عليّ بن إبراهيم في تفسيره في سورة المائدة: حدّثني أبي قال: حدّثني هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوم من الشيعة يدخلون في أعمال السلطان ويعملون لهم ويحبّونهم ويوالونهم، قال: ليس هم من الشيعة ولكنّهم من أولئك. ثُمّ قرأ أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية: «لعن الّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ـ إلى قوله ـ ولكنّ كثيراً منهم فاسقون» قال: الخنازير على لسان داود، والقردة على لسان عيسى، وقوله: «كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون» قال كانوا يأكلون لحم الخنـزير ويشربون الخمر ويأتون النساء أيّام حيضهنّ. ثُمّ احتجّ الله على المؤمنين الموالين للكفّار: «ترى كثيراً منهم يتولّون الّذين كفروا ـ قوله ـ ولكنّ كثيراً منهم فاسقون» فنهى الله عَزّ وجَلّ أن يوالي المؤمن الكافر، إلاّ عند التقية[16].
بيان دلالته: أنّ الإمام (عليه السلام) بعد الحكم على مَن يدخل في أعمال السلطان أنّه ليس من الشيعة بل هو من زمرة هؤلاء الولاة الظلمة، وقرأ هذه الآيات المتضمّنة للتوبيخ لمن كان من بني إسرائيل يتولّى الّذين كفروا فهو دليل على أنّ المتولّي المذكور في قوله تعالى: «يتولّون الّذين كفروا» بمعنى أخذهم وليّ الأمر فيكون «الأولياء» المذكور في سائر الآيات بهذا المعنى ويكون الإمام (عليه السلام) في مقام تطبيق مفاد هذه الآيات على مَن يدخل في أعمال سلطان الجور، وهو في معنى عدم اختصاص الآيات بهؤلاء الطائفة من بني إسرائيل وجريانها في المسلمين أيضاً. فحاصل معناها المنع عن أخذ الكفّار أولياء أمر الأمّة، وهو المطلوب وهذا الّذي ذكرناه يتمّ وإن كان من عبارة «ثُمّ احتجّ الله على المؤمنين... الخ» من عبارات عليّ بن إبراهيم نفسه لا من عبارات الإمام (عليه السلام) كما هو واضح.
إلاّ أنّ سند الحديث غير تامّ لعدم توثيق مسعدة بن صدقة العامي البتري.
2ـ وفي رواية تفسير النعماني ـ المنقولة عن رسالة المحكم والمتشابه للسيّد المرتضى ـ عن عليّ (عليه السلام) قال: وأمّا الرخصة الّتي صاحبها فيها بالخيار[17] فإنّ الله نهى المؤمن أن يتّخذ الكافر وليّاً، ثُمّ منّ عليه بإطلاق الرخصة له عنه التقية في الظاهر أن يصوم بصيامه ويفطر بإفطاره ويصلّي بصلاته ويعمل بعلمه (يعمل بعمله ـ نسخة البحار) ويُظهر له استعمال ذلك موسّعاً عليه فيه، وعليه أن يدين الله في الباطن بخلاف ما يظهر لمن يخالفه من المخالفين المستولين على الأمّة، قال الله تعالى: ﴿لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ﴾[18] فهذه رخصة تفضّل الله بها على المؤمنين رحمةً لهم ليستعملوها عند التقية في الظاهر، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ الله يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يحبّ أن يؤخذ بعزائمه[19].
فقد فسّر اتّخاذ الكافر وليّاً المذكور في الآية المباركة ـ في صدر الحديث ـ بأن يجعل الكافر بحسب ظاهر الأمر وليّ الأمر في أعمال فيصوم إذا صام الكافر ويفطر إذا أفطر. فالحديث دليلٌ واضح على إرادة هذا المعنى من الآية المباركة. وقد طبّق مفاد الآية المباركة على اتّخاذ المخالفين المستولين على الأمّة أيضاً فجوّز اتخاذهم أولياء الأمر تقيةً وبحسب الظاهر. فدلالته على المطلوب تامّة إلاّ أنّ سنده غير تامٌ لوقوع أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي المجهول، ووقوع الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني وأبيه الواقفيّين اللذين عدّهما ابن فضّال كذّابين فيه[20].
ثمّ إنّ صاحب البحار بعد نقل هذا الحديث المروي في تفسير النعماني عنه بطوله قال: أقول: وجدت رسالة قديمة مفتتحها هكذا: «حدّثنا جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي (رحمه الله) قال: حدّثني سعد الأشعري القمّي أبو القاسم (رحمه الله) وهو مصنّفه: ... روى مشايخنا عن أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنـزل القرآن على سبعة أحرف... وساق الحديث إلى آخره[21].
ولذلك فقد روي في المستدرك هذا الحديث عن البحار عن رسالة سعد بن عبد الله[22]. وكيف كان، فبعد فرض اعتبار نفس الرسالة فسندها أيضاً كما ترى لا يخلو من إرسال. هذا هو الوجه الأوّل من الوجهين.
وثانيهما: أنّه لو فرضنا أنّ الولاية في الآيات المباركة بمعنى النصرة والحبّ فلا ينبغي الريب في أنّه يستفاد من تحريم أخذ الكافر ناصراً ومحبوباً حرمة أخذه وليّ الأمر بطريق أولى قطعاً، فإنّ ولاية أمر المؤمنين مرحلة عظيمة من الاعتماد والقيمة، وإذا كان الكافر لا يليق تلك المرتبة الدانية فعدم لياقته لهذا المرتبة العالية بطريق أولى. فدلالة هذه الطائفة من الآيات على اعتبار الإسلام في وليّ الأمر تامّة بلا ريب ولا إشكال.
3ـ ومنها آيات عديدة من القرآن الكريم تنهى عن إطاعة الكفّار.
وبيان الاستدلال بمثلها: أنّه قد عرفت في البحث عن اختيارات وليّ الأمر أنّ عظم مرتبته وقوام أمر الولاية يقتضي وجوب إطاعة ولي الأمر في موارد عديدة مهمّة، كيف لا وبيده أمر الجهاد والدفاع ونصب أمراء الحرب وإليه نصب القضاة وتأسيس الإدارات الكثيرة المختلفة ونصب عمّالها وسائر عمّال الحكومة وإليه أمر تأسيس الشوارع والجدد وتوسيعها إلى غير ذلك من أمور لا تنفكّ عن أوامر عديدة منه لابدّ لتحقّق الولاية وتقوّم أمور المسلمين من وجوب إطاعتها، بحيث لو لم تكن إطاعتها واجبة لما تحقّق للرعايا مصلحة أصلاً، فوجوب إطاعة ولي الأمر ممّا لابدّ منه وحينئذٍ فإذا دلّت الآيات المباركات على عدم جواز إطاعة الكفّار فال محالة لا يصلح الكافر لأن يكون وليّ أمر الأمّة الإسلامية.
فمن هذه الآيات قوله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾[23].
المنهيّ عن إطاعة هو كلّ من أغفل الله قلبه عن ذكره واتّبع هواه ومعلوم أنّ الكافر من أجلى مصاديق هذا العنوان الكلّي وإن خوطب به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ أنّ الصلة المذكورة تعطي أنّ اتّصافه بهذه الأوصاف هو تمام الملاك للنهي عن إطاعته، وهذا الاتّصاف يكون علّة المنع والنهي عن إطاعته بالنسبة إلى كلّ أحد.
ومنها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾[24].
ومنها قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾[25].
ومنها قوله تعالى: ﴿فَاصبِر لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾[26].
والمخاطب بالنهي عن إطاعة الكفّار وإن كان هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ أنّ من المعلوم أنّ سرّ هذا النهي هو عدم صلوح الكافر لأن يطاع ولذلك تلغى الخصوصية عنه عرفاً، ويستفاد منه حرمة إطاعة الكفّار على كلّ أحد.
بل كيف يتوهّم إيجاب إطاعة الكفّار الّذين قابلهم الله تعالى بأنواع الخزي وعدم الاعتبار واللاشأنية في القرآن الكريم؟ فقد قال تعالى فيهم: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ﴾[27].
وقد أمر بقتل أهل الكتاب منهم بقوله تعالى: ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾[28].
فإذا كان هذا حال أهل الكتاب فالمشركون ومَن لا يعتقد بخالق أصلاً أولى بهذه الإهانات.
وقد قال في مطلق الكفّار: ﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾[29].
إلى غير ذلك من الآيات المتضمّنة لأنواع الإهانات.
وحينئذٍ فالكافر المستحقّ لأنواع هذه الإهانات كيف يمكن أن يكون عند الله أهلاً لأن يصير وليّ أمر أمّة الإسلام وواجب الطاعة عليهم؟!
هذا كلّه في الاستدلال لاعتبار الإسلام في وليّ أمر الأمّة بالكتاب الشريف.
وأمّا السنة فربما يستدلّ منها بالنبوي: «الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه» وهذا النبويّ إنّما ذكره الصدوق في من لا يحضره الفقيه في باب ميراث أهل الملل فقال ما نصّه: «والمسلم يرث الكافر والكافر لا يرث المسلم، وذلك أنّ أصل الحكم في أموال المشركين أنّها فيء للمسلمين وأنّ المسلمين أحقّ بها من المشركين، وأنّ الله عَزّ وجَلّ إنّما حرّم على الكفّار الميراث عوبةً لهم بكفرهم وكما حرّم على القاتل عقوبةً لقتله، فأمّا المسلم فلأيّ جرم وعقوبة يحرم الميراث؟! وكيف صار الإسلام يزيده شرّاً مع قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) «الإسلام يُزيد ولا ينقص» ومع قوله (عليه السلام): «لا ضرر ولا إضرار في الإسلام» فالإسلام يُزيد خيراً ولا يزيده شرّاً، ومع قوله (عليه السلام) «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه»[30].
فهذه الرواية إنّما وقفنا عليها في مجاميعنا الروائية في هذا الموضع ولم نقف عليها في موضعٍ آخر، وقد أخرجوها المعلّقون على الفقيه من كتب أهل السنّة، فهي بحسب السند عندنا مرسلة لكنّها كما ترى قد اعتمد عليها الصدوق في الإفتاء بأنّ المسلم لا يُحرم من الإرث، فاعتماده عليها علاوة على ما أفاده في مقدّمة الفقيه من أنّ الأخبار الّتي يرويها فيه تكون حجّة بينه وبين الله تعالى يكون دليلاً على أنّه يراها خبراً معتبراً. هذا من حيث السند.
وأما الاستدلال بها لما نحن فيه فبيانه: أنّه قد مرّ أنّ ولاية وليّ الأمر تستلزم وجوب إطاعته على المسلمين في مواضع عديدة بحيث يكون قوام تحقّق الولاية به، ولا يمكن تفكيك الولاية عن هذا الوجوب، فلا محالة يلزم من ولايته وجوب إطاعة المسلمين له ومع فرض أنّه كافر فوجوب طاعة المسلم عنه علوّ للكفر على الإسلام وقد نفاه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: «الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه».
فبالجملة: اعتبار الإسلام في وليّ الأمر لا ريب فيه، وحينئذٍ ينبغي البحث عن المراد بالإسلام.
تفسير الإسلام:
لا ينبغي الريب في أنّ الإقرار بالتوحيد والنبوة والمعاد معتبر في تحقّق الإسلام، وإلى الإقرار بالنبوة يؤول اشتراط أن لا يكون مقرّاً بضروريّات الإسلام، وحينئذٍ فهل يتقوّم الإسلام بمجرّد هذه الاعتقادات والإقرار بها أم يعتبر في قوامه أمر أزيد؟
مقتضى أدلّة كثيرة عدم اعتبار أمر أزيد منها، ونحن نشير إلى بعض هذه الأدلّة من باب الأنموذج:
1ـ روى محمّد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (عليهما السلام) قال: الإيمان إقرار وعمل والإسلام إقرار بلا عمل[31].
2ـ وروى سماعة بن مهران في الموثّق قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن الإسلام والإيمان أهما مختلفان فقال: إنّ الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان، فقلت: فصفهما لي، فقال: الإسلام شهادة أن لا إله إلاّ الله والتصديق برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، به حُقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس، والإيمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام وما ظهر من العمل به، والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة، إنّ الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر، والإسلام لا يشارك الإيمان في الباطن وإن اجتمعا في القول والصفة[32].
3ـ وروى في المعتبر سفيان بن السمط قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الإسلام والإيمان ما الفرق بينهما؟ فلم يُجبه، ثُمّ سأله فلم يُجبه، ثُمّ التقيا في الطريق وقد أزف[33] من الرجل الرحيل، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): كأنّه قد أزف منك رحيل؟ فقال: نعم، فقال: فالقني في البيت، فلقيه فسأله عن الإسلام والإيمان ما الفرق بينهما؟ فقال (عليه السلام): الإسلام هو الظاهر الّذي عليه الناس: فشهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحجّ البيت وصيام شهر رمضان فهذا الإسلام، وقال: الإيمان معرفة هذا الأمر مع هذا فإن أقرّ بها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلماً وكان ضالاًّ[34].
فقد فسّر الصحيحة الأولى أنّ الإسلام مجرّد الإقرار ولا عمل يعتبر فيه. ووافقتها الموثّقة مفسّراً له بأنّه الشهادة بالتوحيد والتصديق برسالة نبيّ الإسلام. والمعتبر الأخير لم يزد في الإقرار اللازم على ما فيها وإنّما زاد عليها إتيان الصلاة والحجّ وصيام شهر رمضان وإيتاء الزكاة ولم يزد عليها شيئاً آخر ولم نجد في الروايات ما يتضمّن أكثر ممّا في هذه المعتبرة. وعليه فجميع فرق الإسلام من الإمامية بأصنافها وغير الإمامية داخلة تحت عنوان الإسلام وواجدة لهذا الشرط الرابع.
ــــــــــــــــــ
[1] التذكرة: ج9 ص343 المسألة 236.
[2] الكافي: ج8 ص264 الحديث381، عنه الوسائل: الباب 13 من أبواب جهاد العدوّ ج11 ص 34 الحديث1.
[3] الوسائل: الباب9 من أبواب جهاد العدوّ ج11 ص28 الحديث2، أخرجه عن الكافي.
[4] الوسائل: الباب3 من أبواب مقدّمة العبادات ج1 ص27 الحديث1، أخرجه عن المصادر الثلاثة، وفي الباب أخبار عديدة ومعتبرة آخر، فراجع.
[5] الدراسات: ج1 ص285.
[6] النساء:5.
[7] نهج البلاغة: الكتاب 62 ص452.
[8] البقرة: 130.
[9] تمام نهج البلاغة: الكتاب 75 ص895.
[10] الوسائل: الباب4 من أبواب مقدّمة العبادات ج1 ص30 الحديث1، أخرجه عن الكافي.
[11] الوسائل: الباب4 من أبواب مقدّمة العبادات ج1 ص32 الحديث12، أخرجه عن التهذيب.
[12] راجع الدراسات: ج1 ص276.
[13] النساء: 140 و141.
[14] آل عمران: 28.
[15] الممتحنة: 1.
[16] نفسير القمي: ج1 ص176، عنه الوسائل: الباب 45 من أبواب ما يكتسب به ج12 ص 138 الحديث10.
[17] نسخة البحار المطبوعة حديثاً هكذا: وأمّا الرخصة الّتي ظاهرها خلاف باطنها... الخ.
[18] آل عمران: 28.
[19] الوسائل: الباب 25 من أبواب مقدمة العبادات ج1 ص81 الحديث1، البحار: ج93 ص29.
[20] راجع البحار: ج93 ص3، وخاتمة الوسائل.
[21] البحار: ج93 ص97.
[22] المستدرك: الباب23 من أبواب مقدّمة العبادات ج1 ص143 الحديث1.
[23] الكهف: 28.
[24] الأحزاب: 1.
[25] الأحزاب: 48.
[26] الإنسان: 24.
[27] التوبة: 2.
[28] التوبة: 29.
[29] الأنفال: 38و39.
[30] من لا يحضره الفقيه: ج4 ص234 الحديث5719، عنه الوسائل: الباب 1 من أبواب موانع الإرث ج17 ص276 الحديث11.
[31] الكافي: ج2 ص24 الحديث2.
[32] الكافي: ج2 ص25 الحديث1.
[33] أي قرُب وحلّ ودنا.
[34] الكافي: ج2 ص24 الحديث4.
احدث الاخبار
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
زوجة القائد"الحاج رمضان" تروي ذكرى من أدب الشهيد قاسم سليماني
العميد نقدي: قدرتنا الصاروخية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه خلال العدوان الصهيوامريكي
الشيخ نعيم قاسم: المقاومة جاهزة للدفاع ولديها ردع يمنع تحقيق العدو لأهدافه
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية