Skip to main content

الدرس الرابع والستون: المقام الثاني، صفات وليّ الأمر زمن الغَيبة ـ القسم الثالث

التاريخ: 07-04-2011

الدرس الرابع والستون: المقام الثاني، صفات وليّ الأمر زمن الغَيبة ـ القسم الثالث

الشرط السابع: أن يكون رجلاً   فلا تصلح المرأة لأن تكون وليّ الأمر، ويستدلّ له بآياتٍ من القرآن الكريم وأخبارٍ من السنّة

الشرط السابع: أن يكون رجلاً

 

فلا تصلح المرأة لأن تكون وليّ الأمر، ويستدلّ له بآياتٍ من القرآن الكريم وأخبارٍ من السنّة.

 

أمّا الآيات:

 

1ـ فمنها قوله تعالى ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ...﴾[1].

 

بيان الاستدلال: أنّه تعالى حكم بأنّ الرجال قوّامون على النساء والقوّام فسّره في مجمع البيان بقوله: «يقال: رجل قيّم وقيّام وقوّام، وأصل البناء للمبالغة والتكثير». فقد صرّح بوحدة كلّ من الصيغ الثلاث من جهة المعنى، ومن المعلوم أنّ القيّم هو مَن يسوس الأمر، فقد قال الخليل في العين: «قيّم القوم: مَن يسوس أمرهم ويقوّمهم» فيكون مفاد هذه الفقرة أنّ الرجال قيّمون على النساء يكون تدبير أمرهنّ إليهم، فلا محالة لا يجوّز الله أن يكون تقويم أمر الرجال إلى النساء، فإنّه مخالف لحكم الآية، وحيث إنّ ولاية الأمّة لا تكون بأن يكون وليّ الأمر وليّاً ومقوّماً لأمر جميعهم من الرجال والنساء فولاية المرأة على أمورهم مخالفة لمفاد الآية. ولفظ الرجال في الآية عامٌ شامل لجميع الرجال كشمول النساء فيها لجميع النساء، فلا محالة دلالة الآية المباركة تامّة لا مجال لتوهّم اختصاصها بأمر الأزواج والزوجات.

 

ويؤكّد هذا التعميم ويشهد له الاستدلال الأوّل المذكور بعد هذه الفقرة بقوله تعالى: «بما فضل الله بعضهم على بعض» فإنّه لا ريب في أنّ المراد من البعض الأوّل هم الرجال ومن البعض الثاني المفضّل عليه النساء، فيصير حاصل مفاد العلّة أنّ سرّ كون الرجال قوّامين على النساء هو التفضيل التكويني الّذي جعله الله تعالى في الخلقة للرجال على النساء، فرعاية لهذه الفضيلة التكوينية حكم الله تعالى بكون الرجال قوّامين على النساء. ومن الواضح أنّ هذه الفضيلة الوجودية لا تختصّ بخصوص الأزواج، بل الرجل بما أنّه رجل له هذه الفضيلة على المرأة بما أنّها امرأة، فلا محالة يكون أثر هذه الفضيلة ـ أعني القوامية ـ أيضاً عامّة في جميع الرجال. ومن المعلوم أنّ مفاد الآية المباركة تفضيل جنس الرجل على جنس المرأة فلا ينافيه أن تكون امرأة في مورد خاصّ أفضل من رجل خاصّ، وذلك أنّ حكم الآية العامّ جارٍ بعمومه على جميع الموارد والمصاديق، فلا تصلح لأيّة امرأة أن تكون قوّامةً على الرجال آخذاً بعموم الآية الشريفة.

 

قال الشيخ في التبيان هنا: والمعنى أنّ الرجال قوّامين على النساء بالتأديب والتدبير لما فضّل الله الرجال على النساء في العقل والرأي... ويقال: رجل قيّم وقوّام وقيّام[2].

 

وقال الطبرسي في مجمع البيان: أي قيّمون على النساء مسلّطون عليهنّ في التدبير والتأديب والرياضة والتعليم.

 

فهما أيضاً ـ كالآخرين ـ فسّرا الآية المباركة بالمعنى الّذي قد عرفت عمومه، وهذا العموم شامل لجميع الأشخاص ولجميع الأحوال، ولذلك يقتضي كون تقديم أمر الزوجة أيضاً بيد زوجها كما لا يخفى.

 

وقد يتوهّم أنّ عموم لفظة «الرجال» واقتضاء الاستدلال الأوّل المذكور في الآية وإن اقتضى التعميم المزبور إلاّ أنّه ينافيه الاستدلال الثاني ـ أعني قوله تعالى: «وبما أنفقوا من أموالهم»ـ فإنّ إنفاق المال إنّما يكون على خصوص الزوجات والأولاد، فهو قرينة على اختصاص الآية بأمر خصوص الأزواج والزوجات، وبه يخصّص عموم لفظ «الرجال» الواقع صدرها.

 

إلاّ أنّ هذا التوهّم مندفع بأنّه لا ملزم لاختصاص مدلول الدليل الثاني أيضاً بخصوص الإنفاق على الزوجات بل إنّه أيضاً عامٌ، ومدلوله إنفاق الرجال في جميع الأرض من أموالهم في المصارف اللازمة للإنفاق فيها، فإنّ أمر إدارة أمور الأرض والتقليب والتقلّبات فيها إذا كان بيد الرجال فالإنفاق في مصارفه أيضاً يكون بيدهم ومن أموالهم، فهذا الدليل الثاني أيضا عامٌ وإن كان شاملاً للإنفاق على الزوجة والأولاد أيضاً كسابقه.

 

فإن قلت: إنّ مقتضى ظاهر الآية بنفسها وإن كان العموم إلاّ أنّها وردت في مورد اختلاف رجل وزوجته، فشأن نزولها دليلٌ على اختصاص مفادها بخصوص الأزواج والزوجات، ففي تبيان الشيخ ما لفظه: وسبب النزول هذه الآية ما قاله الحسن وقتادة وابن جريح والسدّي أن رجلاً لطم امرأته فجاءت إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) تلتمس القصاص، فنزلت الآية: «الرجال قوّامون على النساء»[3]. ونقله الطبرسي أيضاً في مجمع البيان بقوله: قال مقاتل: نزلت الآية في سعيد بن الربيع بن عمرو وكان من النقباء وفي امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير، وهما من الأنصار، وذلك أنّها نشزت عليه فلطمها فانطلق أبوها معها إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: أفرشتُه كريمتي فلطمها، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لتقتصّ من زوجها، فانصرفت مع أبيها لتقتصّ منه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ارجعوا، فهذا جبرئيل أتاني وأنزل الله هذه الآية، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «أردنا أمراً وأراد الله أمراً، وما أراد الله خير» ورفع القصاص[4]. ثُمّ ذكر عن الكلبي ثُمّ عن أبي ورق أنّها نزلت في زوجين آخرين إلاّ أنّ قصّتهم قريبة ممّا ذكر.

 

قلت: إن سلّم أنّ الآية المباركة نزلت في امرأة وزوجها إلاّ أنّه لا يدلّ على اختصاص العموم المذكور فيها بخصوص الزوجين بل هو أيضاً يجتمع مع أن تكون القاعدة الّتي تدلّ عليها الآية قاعدة كلّية عامّة تعمّ الزوجين أيضاً كما عرفت، كيف لا وهو المترقّب المعهود في شأن نزول آيات أخر كثيرة.

 

ثُمّ إن الصدوق قد روى بإسناده في علل الشرائع عن الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جدّه الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأله أعلمهم عن مسائل، فكان في ما سأله أن قال له: ما فضل الرجال على النساء؟ فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): كفضل السماء على الأرض، وكفضل الماء على الأرض، فالماء يحي الأرض وبالرجال تحيى النساء، لولا الرجال ما خلقت النساء، يقول الله عَزّ وجَلّ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾. قال اليهودي: لأيّ شيءٍ كان هكذا؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): خلق الله تعالى آدم من طين ومن فضلته وبقيّته خلقت حواء، وأوّل مَن أطاع النساء آدم فأنزله الله تعالى من الجنّة، وقد بيّن فضل الرجال على النساء في الدنيا، ألا ترى إلى النساء كيف يحضن ولا يمكنهنّ العبادة من القذارة والرجال لا يصيبهم شيء من الطمث؟ قال اليهودي: صدقت يا محمّد[5].

 

ورواه في أماليه أيضاً[6].

 

فهذه الرواية أيضاً كما ترى دليل على إرادة العموم الّذي استظهرناه من الآية، فإنّ سؤال اليهودي كان عن فضل الرجال على النساء وسبب هذا الفضل، فمورد سؤاله جنس الرجال وقبيله على جنس النساء، وجوابه (صلى الله عليه وآله وسلم) متعرّض لبيان هذا العموم وسببه. وحاصل السبب الأوّل لهذا الفضل هو: أنّ النساء خلقن من فضلة طين الرجل وبقيّته، فطين الرجال هو الأصل والنساء مخلوقات من فضل هذا الطين، فكان لما له الأصل فضيلة. كما أنّ حاصل سببه الثاني هو: أنّ الرجال لا يعرضهم نقص الطمث وقذارته بخلاف النساء فإنّهنّ يصبن بها، وواضح أنّ كلا السرّين عامٌ لجميع الرجال والنساء، فالحديث أيضاً شاهد على إرادة العموم من الآية المباركة. إلاّ أنّ في سند الحديث أبا الحسن البرقي الّذي لم نعرفه مضافاً إلى أنّ الحسن بن عبد الله نفسه أيضاً مجهول.

 

فحاصل الكلام ذيل الآية المباركة: أنّ دلالتها على المطلوب تامّة.

 

2ـ ومنها قوله تعالى: ﴿أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾.

 

والاتّضاح المراد به أكثر المناسب ذكر آيات آخر قبلها وبعدها وهي في زمرتها، فقال الله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ * أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ * وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾[7].

 

فالآيات المباركات كما ترى في مقام نقل قول جمع من الكفّار بأنّ لله تعالى أولاداً هنّ بنات له تعالى، وكأنّ هذه البنات هنّ ملائكة الله الّذين هم عباد الرحمن ومن جملة مخلوقاته. وقد قبّح مقالتهم وقرعها بأنّها تؤول إلى أن يكون له تعالى جزء ومثل، بعناية أنّ الولد ينشأ من أجزاء بدن الوالدين وهو حاكٍ عن حقيقتهما وهو تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً، كما قرعها تارةً بأنّه لا دليل لهم على أنّ الملائكة إناث لكي يكون له تعالى بنات، وأخرى بأنه على فرض تسلّم إمكان أن يكون له ولد فهذا التقسيم تقسيم غير مستقيم: «أم اتّخذ ممّا يخلق بنات وأصفاكم بالبنين» مع أنّهم أنفسهم يزعمون البنت أخسّ القسمين بحيث تصير وجوههم مسودّة إذا بشّروا بالبنت الّتي جعلوها مثلاً للرحمن وولداً له تعالى. فبعد هذا الإبطال والتقريع لمقالتهم الفاسدة أعلن وصرّح بضعف واقعي في قبيل النساء يوجب تأكيداً آخر على بطلان تقسيمهم وجعلهم البنات أولاداً له تعالى فقال: «أوَ مَن يُنشّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين» فهذا القول منه تعالى يدلّ بوضوح أن جنس مَن جعل ولداً له تعالى ـ أعني الأنثى من الإنسان ـ أنّها تنشأ في الحليلة والزينة، وليس لها إلاّ الأنس بالذهب والجواهر، ولا تأنس بما يحتاج إلى القوّة والتعقّل حتّى أنّها لا تبين ولا تظهر في مقام الدفاع عن النفس أو إقامة الدليل على المدّعى إذا كان لها خصم في محضر القاضي، فجنس مَن جعلوه أولاداً له تعالى في هذه المرتبة من الضعف فكيف جعلوه ولداً وبنتاً له تعالى؟

 

هذا الّذي ذكرناه إيضاحٌ وبيانٌ مختصر لما يستفاد من الآية المباركة إذا لوحظت الآيات الأخر الّتي هي أيضاً في زمرتها، فقد صرّح الله تعالى بانّ جنس المرأة وقبيلها لا تأنس إلاّ بالحلي ولا قوة لها على الحضور اللازم في مثل مجلس القضاء ليقيم الدليل على الدعوى أو يدفع عن ما ادّعى عليه، فإذا كان جنسها هذا الجنس فكيف تصلح لأن تصير وليّ أمر الأمّة الّذي تكون إدارة جميع أمور الأمّة بيده ومن وظائفه، بل لا محيص من أن يكون وليّ الأمر من جنس الرجال فإنّهم يعيشون في جميع مجالات العيش والحياة ويقدرون على حلّ الغوامض بقوّة التعقّل والتفكير ويقومون قبال كلّ واهية ويدفعون كلّ عدوّ ومهاجم.

 

فالإنصاف أنّ الآية المباركة تامّة الدلالة على المطلوب.

 

3ـ ومنها قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾[8].

 

بيان الاستدلال به: أنّ الفقرة الأولى من الفقرتين دلّت على أن للنساء من الحقّ مثل الّذي عليهنّ وكلا الحقّين بنحو معروف مستحسن، وصرّحت الفقرة الثانية بأنّ للرجال درجة ومزية على النساء، والرجال عامٌ يعمّ جميع المصاديق منهم، وهكذا الأمر في النساء فإن صار أمر ولاية الأمّة إلى امرأة صارت هذه ألامرأة ذات درجة ومزية على جميع الأمّة الّذين منهم الرجال، وهو خلاف مفاد الآية المباركة.

 

لكنّ التحقيق أنّه لا عموم في الرجال ولا في النساء المذكورين في الآية المباركة، بل المراد بالرجال هو الأزواج وبالنساء زوجاتهنّ، وهو يظهر بالتأمّل في مفاد الآية الشريفة بتمامها، فقد قال الله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ﴾.

 

فالآية المباركة كما ترى مختصّة بالمطلقات من النساء وأزواجهنّ، والأحكام المذكورة فيها أيضاً أحكام لهم ولهنّ، ولا مجال لتوهّم إرادة العموم في شيءٍ منها، فليس سبيل للاستدلال بها على المطلوب، اللّهمّ إلاّ أن يراد بها مجرد استئناس وتأييد، وإلاّ  فلا حجّة فيها أصلاً.

 

4ـ ومنها قوله تعالى : ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾[9].

 

والاستدلال إنّما هو بالفقرة الثانية حيث نهى الله النساء عن التبرّج، والتبرّج هو الظهور من البرج أي القصر، فنهى النساء أن يخرجن من قصورهنّ وبيوتهنّ وأن يظهرن أنفسهنّ في المجامع والرجال، وعليه فلا مجال لهنّ في تصدّي أمر ولاية الأمّة، فإنّ من لوازمه الّتي لا تنفكّ عنه الظهور الأعلى في المجامع، إذ لا يمكن إدارة أمر الناس إلاّ به، فالنساء منهيّون عنه قطعاً، وهو المطلوب.

 

إلاّ أنّ الحقّ هنا أيضاً (أوّلاً) أنّ هذه الآية الشريفة كآياتٍ أخر قبلها وآية أخرى بعدها[10] خاصّة بنساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكيف لا وهذه الآيات تبدأ بقوله تعالى: «يا أيّها النبي قل لأزواجك...» الآية وبعد آيتين منها يخاطب الله نساءه بقوله تعالى «يا نساء النبي» وبقوله مرّة أخرى «يا نساء النبي» ويأمرهنّ بوظائف وينهاهنّ عن منهيّات، وهذا التبرّج إحدى هذه المنهيّات والاختصاص بهنّ واضح فلا مجال للاستدلال بها.

 

و(ثانياً) لو سلّم العموم فالمنهيّ عنه ليس مطلق التبرّج بل تبرّج الجاهلية الأولى وتصدّي إدارة أمر الأمّة في زمن غَيبة صاحب الأمر عجّل الله تعالى فرجه الشريف لم يعلم كونه تبرّج الجاهلية الأولى، فلعلّ ذاك التبرّج هو القيام في مقابل وليّ الأمر الّذي جعله الله تعالى ولي الأمر، فلا دلالة من هذه الجهة أيضاً على المطلوب.

 

وممّا يدلّ على أنّ المراد تبرّج خاصّ ما رواه الصدوق في كمال الدين بإسناده عن عبد الله بن مسعود قال: قلت للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): يا رسول الله مَن يغسّلك إذا متّ؟ قال: يغسّل كلّ نبيّ وصيّه، قلت: فمن وصيّك يا رسول الله؟ قال: علي بن أبي طالب، قلتك كم يعيش بعدك يا رسول الله؟ قال: ثلاثين سنة، فإنّ يوشع بن نون وصيّ موسى عاش بعد موسى ثلاثين سنة، وخرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسى (عليه السلام) فقالت: أنا أحقّ بالأمر منك، فقاتلها فقتل مقاتليها وأسرها فأحسن أسرها، وإنّ ابنة أبي بكر ستخرج على علي في كذا وكذا ألفاً من أمّتي فيقاتلها فيقتل مقاتليها ويأسرها فيحسن أسرها، وفيها أنزل الله عَزّ وجَلّ: «وقرن في بيوتكن ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى» يعني صفراء بنت شعيب[11].

 

فقد فسّر تبّرج الجاهلية الأولى بخروج صفراء بنت شعيب على وصيّ موسى (عليه السلام) وطبقها على خروج عائشة على أمير المؤمنين وصيّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا دلالة في هذه الآية أيضاً.

 

وهذا تمام الكلام عن الآيات.

 

وأمّا الأخبار فاستدلّ أو يمكن الاستدلال لاعتبار الذكورة في ولي ّالأمر بعدّةٍ منها:

 

1ـ فمنها ما رواه في الكافي بسندٍ معتبر عن سدير بن حيكم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تصلح الإمامة إلاّ لرجلٍ فيه ثلاث خصال: ورعٌ يحجزه عن معاصي الله، وحلمٌ يملك به غضبه، وحُسن الولاية على مَن يلي حتّى يكون لهم كالوالد الرحيم.

 

قال الكليني: وفي رواية أخرى: حتّى يكون للرعية كالأب الرحيم[12].

 

بيان الدلالة: أنّه ـ كما مرّ ـ لا ريب في أنّ المراد بالإمامة فيه هو ولاية الأمر بقرينة قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذكر الصفة الثالثة: «وحسن الولاية على مَن يلي...» فقد حكم بأنّ الولاية على الأمّة لا تصلح إلاّ لرجلٍ فيه الخصال المزبورة، فاشترط أوّلاً في من تصلح الولاية له أن يكون رجلاً وأوجب فيه خصالاً ثلاثا، فلا محالة مَن لم يكن رجلاً فلا تصلح له الولاية وإن اجتمعت له أكثر من هذه الصفات الجملية.

 

وتوهّم أنّ المراد بالرجل هو الإنسان ويلغى الخصوصية عنه كما إذا قيل: إن شكّ رجل بين الثلاث والأربع فيبني على الأربع، مدفوعٌ بأنّ إلغاء الخصوصية إنّما يصحّ عند العرف إذا لم يحتمل اعتبار الخصوصية، كما في المثال، فإنّ المفهوم منه عرفاً أنّ البناء على الأربع حكم الشكّ بلا دخل فيه لخصوصية الشاك، وأمّا مع احتماله فلا مجال لإلغاء الخصوصية أصلاً، واحتمال اعتبارها في بحث الولاية قائمٌ وموجود قطعاً سيّما في كلام صدَر بعنوان ذكر شرائط الولاية، ولاسيّما مع علم من الشرع القويم من التأكيد على حفظ النساء وأنّها عيّ وعورة وغير ذلك ممّا ربّما يأتي بعضها أثناء هذا البحث.

 

2ـ ومنها ما رواه الصدوق في الخصال بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول: ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا جماعة، ولا عيادة مريض، ولا اتّباع الجنائز، ولا التلبية، والهرولة بين الصفا والمروة، ولا استلام الحجر الأسود، ولا دخول الكعبة، ولا الحلق إنّما يقصّرن من شعورهنّ، ولا تولّى المرأة القضاء، ولا تولّى (لا تلي ـ الوسائل) الإمارة، ولا تُستشار... الحديث[13].

 

وموضع الاستشهاد قوله (عليه السلام): «ولا تولّى الإمارة» فإنّه لا ريب في نفي صلاحيّتها للإمارة، والإمارة إمّا أن تشمل ولاية أمر الأمّة الّتي هي مورد البحث وإمّا أن يراد منها الإمارة على مثل قرية أو قرى وبلدة أو بلاد، وهي أضيق من إمارة أمر الأمّة، فيدلّ عدم صلوحها لهذا الضيق على أنّها لا تصلح للإمارة الواسعة بطريق أولى قطعاً فعلى أيّ حال يدل الحديث على عدم صلوح المرأة لولاية أمر الأمّة.

 

ولا مجال لتوهّم أنّ لفظة «تولّي» مصدر معطوف على المصادر السابقة كدخول الكعبة واستلام الحجر، فغاية مفاده نفي أن تكون الإمارة وظيفة على النساء وهو لا يستلزم نفي صلاحيّتها لها.

 

وذلك أنّ هذه اللفظة ليست مصدراً بل فعلاً مضارعاً منفيّاً أريد به عدم الصلاح كما تشهد له جملته السابقة ـ أعني قوله: «ولا تولّي المرأة القضاء» ـ فإنّه لا شكّ في كونه فعلاً وإلاّ لم يجئ بعده فاعله ـ أعني لفظ «المرأة» ـ مضافاً إلى أنّ نسخة الوسائل «لا تلي» وهو فعل قطعاً.

 

وبالجملة: فدلالة الحديث على عدم صلوحها لتصدّي ولاية الأمر بلا شبهة. نعم في سنده ضعف لوقوع مجاهيل فيه.

 

3ـ ومنها ما عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لابنه الحسن المجتبى (عليه السلام) أو ابنه محمّد ابن الحنفية من النهي عن أن يملّك المرأة ما جاوز نفسها، وتفصيل الأمر:

 

أنّه قد روى الكليني في كتاب النكاح من الكافي بسندين: أحدهما عن الباقر والثاني عن الصادق (عليهما السلام) أنّهما قالا: في رسالة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الحسن (عليه السلام): لا تُملّك المرأة من الأمر منا يجاوز نفسها، فإنّ ذلك أنعم لحالها وأرخى لبالها وأدوم لجمالها، فإنّ المرآة ريحانة وليست بقهرمانة، ولا تَعدُ بكرامتها نفسَها واغضض بصرها بسترك، واكففها بحجابك، ولا تُطمعها أن تشفع لغيرها فيميل عليك من شَفَعت له عليك معها، واستبقِ من نفسك بقية، فإنّ إمساكك نفسك عنهنّ وهنّ يرين أنّك ذو اقتدار خير من أن يَرينَ منك حالاً (يَرينَ حالك ـ الوسائل) على انكسار[14].

 

ورواه في نهج البلاغة ضمن وصيّة له إلى الحسن (عليه السلام) بهذه العبارة: «ولا تملّك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها، فإنّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، ولا تَعدُ بكرامتها نفسَها ولا تُطمعها في أن تشفع لغيرها، وإيّاك والتغاير في غير موضع غيرة، فإنّ ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم والبريئة إلى الريب»[15].

 

أقول: إنّ في السند الأول للكافي إرسالاً في أوّله ووقوع جعفر بن عنبسة وعباد بن زياد الأسدي وهما مجهولان، كما أنّ في سنده الثاني مضافاً إلى الإرسال وقوع علي بن حسّان الهاشمي وعبد الرحمن بن كثير وهما ضعيفان.

 

وقال في الكافي ـ بعد ذكر الحديث المذكور ـ أحمد بن محمّد بن سعيد عن جعفر ابن محمّد الحسني عن علي بن عبدك عن الحسن بن ظريف بن ناصح عن الحسين بن علوان عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) مثله، إلاّ أنّه قال: كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذه الرسالة إلى ابنه محمّد رضوان الله عليه.

 

ونقل الصدوق في من لا يحضره الفقيه ضمن وصية طويلة لأمير المؤمنين (عليه السلام) لابنه محمّد ابن الحنفية أنّه قال: يا بنيّ، إذا قويت فاقو على طاعة الله عَزّ وجَلّ، وإذا ضعفت فاضعف عن معصبة الله عَزّ وجَلّ، وإن استطعت أن لا تُملّك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فافعل، فإنّه أدوم لجمالها وأرخى لبالها وأحسن لجمالها، فإنّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فدارِها على كلّ حال وأحسن الصحبة لها فيصفو عيشك[16].

 

وسند الفقيه إلى هذه الوصية هكذا: فقد رويته عن أبي عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن حمّاد بن عيسى عمّن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام)[17].

 

وهذا السند كما ترى تامٌ إلى حمّاد بن عيسى الّذي كان ثقة في حديثه صدوقاً، إلاّ أنّه لم يذكر مَن رواه عن الصادق (عليه السلام)، فهو مرسل بالنهاية، إلاّ أنّ حمّاد من أصحاب الإجماع الّذين ذكرهم الكشّي، فلعلّه يكتفي به في اعتبار السند إلاّ أنّه قد مرّ منّا عدم الاكتفاء به.

 

كما أنّ الرجال المذكورين في الكافي لهذه الوصية ثقات إلاّ عليّ بن عبدك فإنّه مجهول الحال.

 

فنبيّن أنّ سند وصيّته للإمام المجتبى كسند وصيّته لابن الحنفية غير تامٌ إلاّ أنّ الأولى وقعت في نهج البلاغة وتصير مؤيّدة به.

 

وأمّا دلالتها: فموضع الاستدلال هو قوله (عليه السلام): «لا تملّك المرأة من الأمر ما يجاوز نفسها» بتقريب أنّه (عليه السلام) قد نهى أن يجعل تحت اختيار المرأة وتملّك ما يجاوز نفسها، فكلّ ما لا يرتبط بنفس المرأة فقد نهى أن يجعل تحت اختيارها. ومن الواضح أنّ تصدّي ولاية أمر الأمّة لا يكون إلاّ بأنّ يكون إليها إدارة أمر الأمّة، فجعلها لها تمليكٌ لها ما يجاوز نفسها جدّاً فيكون غير مشروع، وهو المطلوب.

 

وأنت إذا تأمّلت سائر الجمل الّتي ذكرت عقيب هذه الجملة في جميع النسخ وفي كلتا الوصيّتين تعرف أنّ المراد بالمرأة المذكورة هي زوجة الإنسان الّتي تعيش معه ويتصوّر بالنسبة إليها تغاير زوجها، فلا محالة يراد من الأمر المحوّل إليها ما يرتبط بعيشها مع زوجها وفي بيتها ودارهما الشخصي، فربما لا يعمّ الأمر أمراً كان عامّاً كعموم الأمور المحوّلة إلى وليّ الأمر، إلاّ أنّه مع ذلك فقد علّل هذا النهي في كلتا الوصيتين بقوله (عليه السلام): «فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة» وهذه العلّة تدلّ على أنّ جنس المرأة جنس لا يستطيع أن يتحمل ما يجاوز نفسها، فإذا كان هذا الحال جنس المرأة فكما لا يستطيع تحمّل أمرٍ يجاوز نفسها في عيشها الشخصي فلا محالة لا تستطيع تحمّل أمرٍ عامٌ كما في ولاية أمر الأمّة، دلالة الحديث تامّة وإنّما الكلام في سنده كما عرفت.

 

4ـ ومنها ما رواه القمّي في تفسيره بإسناده عن عبد الله بن عبّاس قال: حججنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حجّة الوداع فأخذ بحلقة باب الكعبة ثُمّ أقبل علينا بوجهه فقال: ألا أخبركم بأشراط الساعة؟ وكان أدنى الناس منه يومئذٍ سلمان رحمة الله عليه فقال: بلى يا رسول الله، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ من أشراط القيامة إضاعة الصلوات واتّباع الشهوات والميل إلى الأهواء ـ إلى أن قال: يا سلمان، فعندها تكون إمارة النساء ومشاورة الإماء وقعود الصبيان على المنابر ويكون الكذب طرفاً والزكاة مغرماً والفيء مغنماً ويجفو الرجل والديه ويبرّ صديقه ويطلع الكوكب المذنّب. قال سلمان: وأنّ هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسي بيده... الحديث[18].

 

فالحديث متضمّن لأمور منكرة جدّاً فقد عدّ منها إمارة النساء والإمارة إمّا عامّة لولاية أمر أمّة وإمّا مختصّة بأقصر منها كالإمارة على قرية أو قرى، وواضح أنّ كونها منكرة يلزمه أن تكون الولاية على الأمّة أشدّ منها إنكاراً. وبالجملة: فلا ينبغي الريب في دلالتها على أنّ ولاية أمر الأمّة للنساء منكرة غير جائزة. إلاّ أنّ في سند الحديث رجالاً مجهولي الحال، فراجع.

 

5ـ ومنها ما رواه في الكافي بسندٍ معتبر عن رجلٍ من أصحابنا يكنّى أبا عبد الله رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: كلّ امرئٍ تدبّره امرأة فهو ملعون.

 

ورواه الصدوق مرسلاً[19].

 

فحكم (عليه السلام) بملعونية كلّ من دبّر أمره امرأة، فلا محالة يكون تدبير أمر الأشخاص الرجال بيد امرأة مبغوضاً في الشريعة، ولمّا كانت ولاية أمر الأمّة بامرأة تستلزم تدبير أمر رجال الأمّة ونسائها بتلك المرأة كانت ولايتها لأمرهم مبغوضة غير واقعة شرعاً. فدلالة الحديث على المطلوب تامّة إلاّ أنّ في سنده رفعاً.

 

6ـ ومنها ما رواه صاحب تحف العقول ضمن نقل قصار كلمات النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: لن يفلح قومُ أسندوا (أسدّوا ـ خ ل) أمرهم إلى امرأة[20].

 

وإسناد أمر القوم إلى امرأة عبارة أخرى عن كون الولاية عليهم وعلى أمورهم إليها، وإن لم ينحصر فيها فلا ريب في شمول إطلاقه لها، والإسداد ـ كما في نسخة أخرى ـ عبارة أخرى عن الإسناد، وهما بمعنى واحد، فقد حكم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّ ولاية أمر الأمّة بالمرأة توجب أن لا تفلح الأمّة فتكون ولايتها لأمر الأمّة منكرة غير مشروعة. إلاّ أنّ في سنده إرسالاً.

 

وفي المستدرك عن المناقب أنّ رجلاً قال عند المجتبى (عليه السلام) أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا يفلح قومٌ ملكت عليهم امرأة[21].

 

ودلالته واضحة إلاّ أنّ سنده أيضاً مرسل عن رجلٍ مجهول الحال.

 

ثُمّ إنّ مضمون هذا المرسل لم نقف عليه في غير التحف والمناقب من مجاميعنا الروائية، إلاّ أنّه قد رواه العامّة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) في مجاميعهم.

 

ففي صحيح البخاري في كتاب المغازي في باب كتاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى كسرى وقيصر بسنده عن الحسن عن أبي بكرة قال: لقد نفعني الله بكلمةٍ سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أيّام الجمل بعد ما كدت أنّ ألحق بأصحاب الجمل فأُقاتل معهم، قال: لمّا بلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ أهل فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى قال: لن يفلح قومٌ ولّو أمرهم امرأة[22].

 

ورواه باختصار ما بهذا الإسناد عن أبي بكرة في كتاب الفتن[23].

 

ورواه في سنن البيهقي في كتاب آداب القاضي بلفظ إسحاق بن الحسن الحربي، ثُمّ قال: وفي رواية هشام: «ملّكوا أمرهم امرأة» رواه البخاري في الصحيح عن عثمان بن الهيثم[24].

 

أقول: وهو ما أخرجناه عن صحيحه.

 

وفي سنن الترمذي في كتاب الفتن بسندٍ آخر عن الحسن عن أبي بكرة قال: عصمني الله بشيءٍ سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لمّا هلك كسرى قال: مَن استخفوا؟ قالوا: ابنته، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لن يفلح قومٌ ولّوا أمرهم امرأة، قال: فلمّا قدمت عائشة تعني البصرة ذكرت قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فعصمني الله به، قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حَسن صحيح[25].

 

وفي مستدرك الحاكم في كتاب الفتن والملاحم بإسناده عن أبي بكرة قال: لما كان يوم الجمل أردت أن آتيهم أقاتل معهم حتّى ذكرت حديثاً سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه بلغه كسرى أو بعض ملوك الأعاجم مات فولّوا أمرهم امرأة فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يفلح قومٌ تملكهم امرأة[26]. فقال صاحب المستدرك: هذا حديثٌ صحيح الإسناد.

 

ورواه أحمد في مسنده في أحاديث أبي بكرة نقيع بن الحرث بن كلّدة بلا ذكرٍ لقصّة يوم الجمل مرّات ستّ. تارتين بلفظ «لن يفلح قومٌ أسندوا أمرهم إلى امرأة»[27]، وأخرى مثله بتبديل «لن» بـ «لا»[28]، ورابعة بلفظ «لن يفلح قومٌ تملكهم امرأة»[29]، وخامسة مثله بتبديل «لن» بـ «لا»[30]، وأخيراً بلفظ «ما أفلح قومٌ يلي أمرهم امرأة»[31].

 

ورواه النسائي في سننه في كتاب آداب القضاء تحت عنوان النهي عن استعمال النساء في الحكم بسنده عن الحسن عن أبي بكرة قال: عصمني الله بشيءٍ سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لمّا هلك كسرى قال: مَن استخفوا؟ قالوا: ابنته، قال: لن يفلح قومٌ ولّوا أمرهم امرأة[32].

 

فهذا الكلام الّذي نقلوه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحكموا كما عرفت بصحّته قد رواه أبي بكر ولفظه وإن كان مختلفاً إلاّ أنّ جميع الألفاظ المنقولة تتّفق في الدلالة على أنّه لا يفلح قومٌ جعلوا وليّ أمرهم امرأة، وهو بعينه مفاد المرسل المنقول في تحف العقول كما مرّ.

 

فدلالة النبوي تامّة وإنما الكلام في سنده.

 

7ـ ومنها ما رواه في تحف العقول في عداد قصار كلمات النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنيائكم سمحاءكم وأمركم شورى بينكم فظهرُ الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأموركم إلى نسائكم فبطنُ الأرض خيرٌ لكم من ظهرها[33].

 

فموضع الاستدلال أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) عدّ أحد الأمور الّتي توجب أن يكون بطن الأرض خيراً للمسلمين من ظهرها ما أفاد بقوله: «إذا كان... أموركم إلى نسائكم» وكون أمور الناس إلى نسائهم يعمّ ما إذا كان أمر الإنسان في بيته وفي أموره الشخصية إلى امرأة فيكون إليها تدبير أمر الأمّة، فولايتها على الأمّة أيضاً أحد الأمور الثلاثة المستنكرة الّتي توجب أن يكون بطن الأرض خيراً للناس من ظهرها. فدلالة هذا الحديث أيضاً تامّة إلاّ أنّ سنده مرسل.

 

8ـ ومنها ما تدلّ على أنّ النساء عيٌّ وعورة، فقد روى الكليني بسندٍ صحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): النساء عيٌّ وعورة، فاستروا العورات بالبيوت، واستروا العيّ بالسكوت[34].

 

ورواه الصدوق أيضاً مرسلاً فقال: وقال ـ يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ: إنّما النساء عيٌّ وعورة، فاستروا العورة بالبيوت، واستروا العيّ بالسكوت[35].

 

وقد روى الكليني بسند معتبر عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تبدأوا النساء بالسلام ولا تدعوهنّ إلى الطعام، فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: النساء عيٌّ وعورة، فاستروا عيّهنّ بالسكوت، واستروا عورتهن بالبيوت[36].

 

بيان الاستدلال بها أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل النساء عيّاً وعورة، العيّ ـ على ما ذكره الأصحاب ـ هو العجز عن التكلّم، والعورة ما يستحيى منه وينبغي ستره، وفرّع عليه الأمر بستر عيّهنّ بأن يسكتن، وبستر كونهنّ عورة، بأن لا يخرجن من البيوت، وأمر الرجال بأن يستروهنّ بالسكوت وبالمقام في البيوت.

 

فإذا كان هذا شأن المرأة ومقامها عند الشارع تبارك وتعالى فهو لا يجتمع مع أن تبرز كمال البروز وتتصدى لأمر الولاية على أمّة الإسلام.

 

والأمر بسترهنّ وإن كان استحبابياً إلا أن مجرد رؤية الشارع للنساء عورات يقتضي أن لا يجوز لهنّ كمال البروز اللازم لولاية الأمر كما لا يخفى.

 

9ـ ومنها أخبار تدلّ على أنّها ناقصة العقل، والاستدلال بها بملاحظة أن ولاية أمر الأمّة تحتاج إلى عقل ودراية قوية يقدر بها وليّ الأمر على إدارة الأمور كما هو حقّها، فإذا كان عقل المرأة ناقصاً فلا تصلح لها، فمن هذه الأخبار:

 

أ: خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) خطب بها بعد فراغه من حرب الجمل: معاشر الناس إن النساء نواقص الإيمان نواقص الحظوظ نواقص العقول، فإمّا نقصان إيمانهنّ فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيّام حيضهنّ، وأمّا نقصان عقولهنّ فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد...[37].

 

وما ذكره (عليه السلام) من عدّ شهادة امرأتين بمنزلة شهادة رجل واحد إنّما هو من قبيل ذكر المثال لما ادّعاه أوّلاً، وإلاّ فما أفاده ابتداءً فهو أمرٌ كلّي يصحّ به الاستدلال كما عرفت.

 

وقد روى ابن ماجة في سننه قريبا من هذا المضمون عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد روى عن عبد الله بن عمر عن رسول الله أنّه قال: يا معشر النساء، تصدّقن وأكثرن من الاستغفار فأنّي رأيتكنّ أكثر أهل النار. فقالت امرأة منهنّ جزله: ما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أعلب لذي لبّ منكنّ. قالت: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين؟ قال: أمّا نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا من نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلّي وتفطر في رمضان فهذا من نقصان الدين[38].

 

أقول: لفظة «جزلة» معناها ذات رأي وهي صفة امرأة والرواية ـ كما ترى ـ مثل الخطبة السابقة.

 

ب: وروى الكليني بسندٍ معتبر عن سليمان بن جعفر الجعفري عمّن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما رأيت من ضعيفات الدين وناقصات العقول أسلب لذي لبّ منكنّ[39].

 

ورواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه مرسلاً بقوله: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)...[40].

 

ج: وفي الكافي ـ ضمن حديث مالك بن أعين ـ قال: حرّض أمير المؤمنين صلوات الله عليه الناس بصفّين ـ إلى أن قال: ـ ولا تهيّجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم، فإنهنّ ضعاف [ضعيفات ـ النهج] القوى والأنفس والعقول...[41].

 

ورواه في نهج البلاغة ضمن وصية له لعسكره قبل لقاء العدوّ بصفّين[42].

 

د: وفي من لا يحضره الفقيه ـ ياي فضل الأولاد ـ: وقال الصادق (عليه السلام): إذا أصاب الرجل ابنةً بعث الله عَزّ وجَلّ إليها ملكاً فأمرّ جناحه على رأسها وصدرها وقال: ضعيفة خُلقت من ضعف، المتّفق عليها مُعان[43].

 

دلّ على أنّ المرأة ضعيفة من جميع الجهات، فيدلّ على ضعفها ونقصها من ناحية العقل أيضاً.

 

وتوجد بهذا المضمون أخبار أخر ربما يأتي بعضها إن شاء الله تعالى.

 

10ـ ومنها روايات تدلّ على أنّ المرأة لا تصلح لأن تُستشار ويؤخذ برأيها، فإنّها إذا كانت من ناحية الرويّة والتفكر بهذه المرحلة من الضعف فلا محالة لا تصلح لأن تتصدى أمراً يحتاج إلى قوّة الدراية، فمن هذه الروايات:

 

أ: خبر سليمان بن خالد ـ المرويّ في كتاب النكاح من الكافي ـ قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إيّاكم ومشاورة النساء، فإنّ فيهنّ الضعف والوهن والعجز[44].

 

ب: وفي نهج البلاغة ـ ضمن وصية أمير المؤمنين إلى ابنه الحسن (عليهما السلام) ـ وفي الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رسالة الأمير إلى الحسن (عليهما السلام): إيّاك ومشاورة النساء، فإنّ رأيهنّ إلى أفن [الأفن ـ الكافي] وعزمهنّ إلى وهن [الوهن ـ الكافي][45].

 

فصدر خبر سليمان وهذه الرواية التحذير من مشاورة النساء، وذيلهما علّة لهذا التحذير ومن أخبار الطائفة السابقة.

 

ج: وفي الكافي بسندٍ معتبر عن محمّد بن خالد البرقي رفعه إلى أبي جعفر (عليه السلام) قال: ذُكر عنده النساء فقال: لا تشاوروهنّ في النجوى ولا تطيعوهن في ذي قرابة[46].

 

ومثله ما رواه فيه عن عمرو بن عثمان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ وفي حديث ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): النساء لا يشاورن في النجوى ولا يطعن في ذوي القربى[47].

 

دلّ الحديثان على أنّ النساء لا يصلحن لأن يشاورن، وهو ما ذكرناه، اللّهمّ إلاّ أن يقال بأنّ المنهيّ فيهما ليس مطلق المشاورة بل المشاورة في خصوص النجوى، وحينئذٍ فيحتمل فيهما أن يكون لخصوص تعلّقها بالنجوى خصوصية، ولعلّ سرّ الاختصاص أنّ المرأة لا يُعتمد عليها في حفظ الأسرار فلا دلالة فيهما على المنع عن مطلق المشاورة.

 

د: وفي الكافي بإسناده عن إسحاق بن عمّار رفعه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد الحرب دعاء نساءه فاستشارهنّ ثُمّ خالفهنّ[48].

 

دلّ الحديث على أنّ النساء لا يصلحن لأن يؤخذ برأيهنّ ولذا كان يخالفهنّ، اللهمّ إلاّ أن يقال: إنّه مختصّ بالرأي في خصوص الحرب فلا إطلاق له كالسابقين عليه.

 

ه: وروى الصدوق في الفقيه ضمن حديثٍ رواه عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في وصيته لعليّ (عليه السلام): ليس على النساء جمعة ولا جماعة... ولا تولّى القضاء ولا تستشار...[49].

 

ومثله ما عن الخصال في رواية جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول: ليس على النساء... جمعة ولا جماعة... ولا تلي الإمارة ولا تُستشار...[50].

 

و: وفي الكافي بسندٍ معتبر عن يعقوب بن يزيد عن رجل من أصحابنا يكنّى أبا عبد الله رفعه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): في خلاف النساء البركة[51].

 

بيان دلالته: أنّ خلاف النساء يتصوّر في أن يشاورن فيبرزن رأياً، فمخالفة رأيهنّ مخالفة لهنّ، وقد ذكر (عليه السلام) بأنّ في خلافهنّ البركة، وهو ما ذكرناه من عدم صلوحهنّ لأن يشاورن. وإن قيل بأنّ خلافهنّ يتصوّر أيضاً في ما إذا أمَرنَ بشيء فإذا لم يُطَعن كان خلافاً لهنّ، قلنا: نعم، إلاّ أنّ شموله لذلك المورد لا يمنع عن شموله لما ذكرناه، فالاستدلال به لما نحن فيه أيضاً صحيح.

 

ز: وفي نهج البلاغة في عداد الحِكم المنقولة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: يأتي على الناس زمان لا يقرّب فيه إلاّ الماحل، ولا يظرّف فيه إلاّ الفاجر، ولا يضعّف في إلاّ المنصف، يعدّون الصدقة فيه غرماً، وصلة الرحم مَنّاً، والعبادة استطالة على الناس، فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير الخصيان[52].

 

وبيان دلالته: أنّ ذلك الزمان زمان مذموم مملوّ بالفساد والمقبّحات كما يظهر من خصوصيّاته المذكورة، فعليه يكون السلطان بمشورة النساء أيضاً قبيحاً. ومن المعلوم أنّ قبحه للاستفادة فيه عن مشورة النساء، فيدلّ على ما ذكرنا من عدم صلوحهنّ للمشاورة. إلاّ أنّ في نسخة تمام نهج البلاغة «بمشورة الإماء» فلا دلالة لما نحن فيه.

 

فهذه الطائفة من الأخبار روايات مستفيضة تدلّ على المطلوب كما عرفت، ولا يضرّ باعتبارها بعد الاستفاضة ضعف سند كثير منها.

 

11ـ ومنها أخبار تنهى عن إطاعة النساء والاستدلال بها ببيان أنّه من الواضح تقوّم ولاية الأمر إنّما هو بوجوب الإطاعة عن وليّ الأمر فيما يأمر به ممّا يراه مصلحة للأمّة، فإذا كانت الإطاعة عن النساء منهية فلا محالة لا تصلح المرأة لأن تكون وليّ أمر الأمّة، وهذه الأخبار عديدة:

 

أ: ففي صحيح عبد الله بن سنان ـ المرويّ في الكافي ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) النساء فقال: اعصوهنّ في المعروف قبل يأمرنكم بالمنكر، وتعوّذوا بالله من شرارهنّ وكونوا من خيارهنّ على حذر[53].

 

ب: وفي نهج البلاغة: في خطبةٍ خطب بها بعد فراغه من حرب الجمل: معاشر الناس، إنّ النساء نواقص الإيمان... فاتّقوا شرار النساء وكونوا من خيارهنّ على حذر، ولا تطيعوهنّ في المعروف حتّى لا يطمعن في المنكر[54].

 

وروى من قوله: «اتقوا شرار النساء... إلخ» عنه (عليه السلام) في الكافي أيضاً[55].

 

ج: وفي رواية ابن عمير ـ المروية في علل الشرائع ـ رواها عن غير واحد عن الصادق عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: شكا رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) نساءه، فقام عليّ (عليه السلام) خطيباً فقال: معاشر الناس، لا تطيعوا النساء على حال، ولا تأمنوهنّ على مال، ولا تذروهنّ يدبّرن أمر العيال، فأنّهنّ إن تركن وما أردن أوردن المهالك وعصين أمر المالك... الحديث[56].

 

د: وروى في الكافي بسندٍ معتبر عن عمرو بن عثمان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: استعيذوا بالله من شرار نسائكم، وكونوا من خيارهنّ على حذر، ولا تطيعوهنّ في المعروف فيدعونكم إلى المنكر... الحديث[57].

 

ه: وروى فيه أيضاً بسند معتبر عن عمرو بن عثمان عن المطّلب بن زياد رفعه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تعوّذوا بالله من طالحات نسائكم، وكونوا من خيارهنّ على حذر، ولا تطيعوهنّ في المعروف فيأمرنكم بالمنكر[58].

 

و: وروى فيه بسندٍ موثّق عن السكوني عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): طاعة المرأة ندامة[59].

 

ز: وروى في الموثّق عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أطاع امرأته أكبّه الله على وجهه في النار، قيل: وما تلك الطاعة؟ قال: تطلب منه الذهاب إلى الحمّامات والعرسات والعيدات والنياحات والثياب الرقاق[60].

 

والاستدلال بالأخير بملاحظة أنّ المراد أنّ طبع المرأة يطلب هذه الأمور غير المستحسنة فلا يختص النهي عن طاعتهنّ بخصوص المذكورات كما أنّ إرادة خصوص الزوجة من «امرأته» المذكورة فيها بل وفي بعض ما سبقها لا تضرّ باستفادة عموم النهي للإطاعة عن جميع النساء، وذلك أيضاً لما ذكرناه من المستفاد منها أنّ السرّ في هذا النهي أنّ المرأة لا تصلح لأن تطاع، زوجة كانت أو غير زوجة.

 

12ـ ومنها أخبار تنهى عن اختلاط النساء بالرجال وعن خروجهنّ إلى صلاة الجمعة والعيد، فإنّه إذا كان الشرع ينهاهنّ عن هذا المقدار من البروز والاختلاط فلا ينبغي الريب في أنّه لا يجوز لهنّ مثل ولاية أمر الأمّة.

 

أ: فقد روى الكليني في المعتبر عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): نبّئت أنّ نسائكم يدافعن الرجال في الطريق، أما تستحون؟!

 

قال الكليني عقيبه ما نصّه: «وفي حديث آخر: أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أما تستحيون ولا تغارون نساؤكم يخرجن إلى الأسواق ويزاحمن العلوج[61].

 

ب: وروى الكليني في الموثّق عن محمّد بن شريح قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن خروج النساء في العيدين، فقال: لا، إلاّ عجوز عليها منقلاها ـ يعني الخفّين ـ [62].

 

ج: وروى في المعتبر عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن خروج النساء في العيدين والجمعة: فقال: لا إلاّ امرأة مسنّة[63].

 

واستثناء العجوز والمسنّة، في الخبرين شاهد على أنّ الشارع لا يرغب في أن تقع النساء موقعاً ربما ينظر إليه مَن يرغب في النساء، فيدلّ على عدم جواز تصدي إدارة أمور الأمّة للنساء بطريقٍ أوضح.

 

فالحاصل: أنّه قد وردت روايات كثيرة عديدة ربما بلغت حدّ التواتر علاوةً على أنّ فيها معتبرات السند تدلّ على أنّ المراد أنّ المرأة لا تصلح لأن تلي أمر إدارة أمور الأمّة. وقد مرّت دلالة آيات أيضاً عليه. ويظفر المتتبّع بأخبار أخر في الوسائل والمستدرك وغيرهما تدلّ على هذا المعنى. فبالجملة: اشتراط الذكورة في وليّ الأمر لا ريب فيه.

 

ـــــــــــــــــــــ

 

 [1] النساء: 34.

 

 [2] التبيان: ج3 ص189.

 

 [3] التبيان: ج3 ص189.

 

 [4] مجمع البيان: ج3 ص43 الطبعة الإسلامية.

 

 [5] علل الشرائع: الباب 286 ص512.

 

 [6] أمالي الصدوق: المجلس 35 ص157 ح1.

 

 [7] الزخرف: 15ـ 19.

 

 [8] البقرة: 228.

 

 [9] الأحزاب: 33.

 

 [10] الآيات تبدأ من الآية 28 وتختتم بالآية 34، فراجع.

 

 [11] كمال الدين: مقدمة الصدوق للكتاب ص27، عنه تفسير البرهان: ذيل هذه الآية.

 

 [12] الكافي: ج1 ص407 الحديث8.

 

 [13] الخصال: ص585 الحديث12، عنه الوسائل: الباب123 من أبواب مقدمات النكاح، ج4 ص175 الحديث1.

 

 [14] الكافي: ج5 ص510 الحديث3، عنه الوسائل: الباب 87 من أبواب مقدّمات النكاح ج14 ص120 الحديث1.

 

 [15] نهج البلاغة (صبحي صالح) قسم الرسائل الرقم: 31 ص405.

 

 [16] الفقيه: ج4 ص392 ضمن ح5837، عنه الوسائل: الباب 87 من أبواب مقدّمات النكاح ج14 ص120 الحديث3.

 

 [17] الفقيه: ج4 ص413 المشيخة.

 

 [18] تفسير القمّي: ج3 ص303، عنه الوسائل: الباب 49 من أبواب جهاد النفس ج11 ص276 الحديث22.

 

 [19] الكافي: ج5 ص518 الحديث 10، من لا يحضره الفقيه: ج3 ص468 الحديث 4622، عنهما الوسائل: الباب 96 من أبواب مقدمات النكاح ج14 ص131 الحديث4.

 

 [20] تحف العقول: ص35.

 

 [21] المستدرك: الباب74 من أبواب مقدمات النكاح ج14 ص 263 الحديث6 ورواه في البحار أيضاً عن المناقب، فراجع: ج43 ص342.

 

 [22] صحيح البخاري: ج6 (3) ص316 الحديث866.

 

 [23] المصدر السابق: ج9 (5) ص687 الحديث1923.

 

 [24] سنن البيهقي: ج10 ص117.

 

 [25] سنن الترمذي: ج4 الباب 17 من كتاب الفتن ص528 الحديث2262.

 

 [26] المستدرك على الصحيحين: ج4 ص524.

 

 [27] مسند أحمد: ص38 و47و51و 43 و50.

 

 [28] نفس المصدر.

 

 [29] نفس المصدر.

 

 [30] نفس المصدر.

 

 [31] نفس المصدر.

 

 [32] سنن النسائي: ج4 ص227.

 

 [33] تحف العقول: ص36.

 

 [34] الكافي: ج5 ص535 الحديث4.

 

 [35] من لا يحضره الفقيه : ج3 ص 390 الحديث 4372 . عنهما الوسائل: الباب 24 من أبواب مقدّمات النكاح ج 14 ص 42 الحديث 4 . ورواه أيضاً عن أمالي الشيخ : ص 585 الحديث 14 وص 662 الحديث 26 . وراجع مثل هذا الباب من مستدرك الوسائل .

 

 [36] الكافي: ج5 ص535 الحديث1، عنه الوسائل الباب130 من أبواب مقدّمات النكاح ج14 ص 173 الحديث1.

 

 [37] نهج البلاغة (صبحي صالح): الخطبة 80 ص106.

 

 [38] سنن ابن ماجة: ج2 ص326.

 

 [39] الكافي: ج5 ص322 الحديث1.

 

 [40] الفقيه: ج3 ص390 الحديث4371.

 

 [41] الكافي: ج5 ص39 الحديث39.

 

 [42] نهج البلاغة قسم الرسائل الرقم 14 ص373.

 

 [43] الفقيه: ج3 ص482 الحديث4700.

 

 [44] الكافي: ج5 ص517 الحديث8، عنه الوسائل: الباب 96 من أبواب مقدّمات النكاح ج14 ص131 الحديث2.

 

 [45] نهج البلاغة: قسم الرسائل الرقم 31 ص405، الكافي: ج5 ص338 الحديث7، عنه الوسائل: الباب 24 من أبواب مقدّمات النكاح ج14 ص41 الحديث2.

 

 [46] الكافي: ج5 ص517 الحديث6، عنه الوسائل: الباب 96 من مقدّمات النكاح ج14 ص131 الحديث1.

 

 [47] الكافي: ج5 ص518 الحديث12، عنه الوسائل: الباب 96 من أبواب مقدّمات النكاح ج14 ص 131 الحديث 6.

 

 [48] الكافي: ج5 ص518 الحديث11، عنه الوسائل: الباب 4 من أبواب مقدّمات النكاح ج14 ص 92 الحديث 4.

 

 [49] الفقيه: ج 4 ص 364 الحديث 5762 ، عنه الوسائل : الباب 117 من أبواب مقدّمات النكاح ج 14 ص 155 الحديث6.

 

 [50] الوسائل: الباب: 123 من أبواب مقدّمات النكاح،  ج: 14 ص: 162 الحديث1.

 

 [51] الكافي: ج: 5، ص: 516 الحديث9، عنه الوسائل: الباب 96، من أبواب مقدمات النكاح، ج: 14، ص: 131 الحديث: 3.

 

 [52] نهج البلاغة: الحكمة 102، ص: 485، تمام نهج البلاغة: الخطبة 22 ص: 303.

 

 [53] الكافي: ج5 ص516 الحديث2، عنه الوسائل: الباب 94 من أبواب مقدمات النكاح ج 14 ص128 الحديث1.

 

 [54] نهج البلاغة: الخطبة80 ص105.

 

 [55] الكافي: ج5 ص517 الحديث5، عنه الوسائل: الباب المذكور ج14 ص 128 الحديث2.

 

 [56] علل الشرائع: الباب288 ص513، الفقيه: ج3 ص554 الحديث4900، الأمالي للصدوق: ص275 ح6، عنها الوسائل: الباب 94 من أبواب مقدّمات النكاح ج14 ص 129 الحديث 7.

 

 [57] الكافي: ج5 ص518 و 517 الحديث11و7، عنه الوسائل: الباب المذكور ج14 ص129 الحديث5و3.

 

 [58] نفس المصدر.

 

 [59] المصدر السابق: 417 الحديث4و3، عنه الوسائل: الباب95 من أبواب مقدّمات النكاح: ج14 ص 130 الحديث2و1.

 

أقول: راجع هذه الأبواب من أبواب مقدّمات النكاح من مستدرك الوسائل فإنّه توجد فيها أخباراً أخر.

 

 [60] نفس المصدر.

 

 [61] الكافي: ج5 ص537 الحديث6، عنه الوسائل: الباب 132 من أبواب مقدمات النكاح ح14 ص 174 الحديث 1و2 والعلوج: جمع العلج وهم الكفار مطلقاً.

 

 [62] الكافي: ج 5 ص 538 الحديث 1 و 2، عنه الوسائل: الباب 136 من أبواب مقدّمات النكاح ج14  ص 176 و 177 الحديث 1 و 2.

 

أقول: راجع إلى مثل هذه الأبواب من المستدرك أيضاً فإنّ فيها أخباراً أخر.

 

 [63] نفس المصدر.

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة