الدرس الثامن والستون: تنبيهان حول الشروط المعتبرة في من يتولي أمر الأمّة
التاريخ: 09-06-2011
الأوّل: قد عرفت ممّا مرّ أنّ الشروط المعتبرة في من يتولي أمر الأمّة اثنا عشر شرطاً وهي: العقل، وكون عقله وافياً، والعدالة، وحسن التدبير، والشجاعة النفسانية على إبراز ما استحسنه صواباً، وسلامة الأعضاء والحواسّ، فهذه شرائط ستّة، والستّة الأخرى هي: البلوغ بحسب السنّ، والإسلام، والإثنا عشرية، والذكورة، وطهارة المولد، والحرّية
الأوّل: قد عرفت ممّا مرّ أنّ الشروط المعتبرة في من يتولي أمر الأمّة اثنا عشر شرطاً وهي: العقل، وكون عقله وافياً، والعدالة، وحسن التدبير، والشجاعة النفسانية على إبراز ما استحسنه صواباً، وسلامة الأعضاء والحواسّ، فهذه شرائط ستّة، والستّة الأخرى هي: البلوغ بحسب السنّ، والإسلام، والإثنا عشرية، والذكورة، وطهارة المولد، والحرّية.
فالستّة الأخيرة أمرها دائر بين الوجود والعدم، فإذا كان أحد واجداً لأي منها فلا يختلف هو مع واجد آخر له بالشدة والضعف. وأمّا الستّة الأولى فقد يختلف واجدوها بالشدّة والضعف، فقد يكونا عاقلين مثلا يكون عقل أحدهما أشدّ من الآخر بكثير مع اشتراكهما في أصل وجدان صفة العقل، ومثله الشروط الخمسة الأخر.
وحينئذٍ فإذا كان المفروض تعدّد واجدي هذه الصفات وكان بعض الأوصاف في أحدهم أشدّ فهل هو مقدّم على غيره ممّن يكون هذا الوصف فيه أضعف؟ أم لا فرق بينهم من هذه الحيثية؟
وقد سبق البحث عن هذا المعنى عند الكلام عن اعتبار العلم بالأحكام الشرعية أو بالموضوعات، واخترنا هناك أن الأعلم مقدّم على غير الأعلم، وهنا نحن بصدد تعميم هذا البحث بالنسبة إلى سائر الصفات اللازمة المتصوّر فيها الشدّة والضعف.
وقبل الورود في أصل البحث لابدّ من التنبّه لنكتة وهي: أنّ الدوران المذكور بين الأشد وصفاً وغيره إنّما هو بناءً على لزوم أن يكون وليّ أمر الأمة واحداً لا أكثر، ضرورة أنّه مع تجويز كونه أكثر من واحد فهنا احتمال أن يكون ولاية الأمر منقسمة بينهما بحسب ما يقتضيه ذاك الوصف، بل إذا اختلفا في موردٍ كان اللازم الأخذ بما يراه ذو الوصف الأشد إذا كان المورد مناسباً لهذا الوصف.
فمفروض الكلام اعتبار أن يكون وليّ الأمر واحداً لا اثنين ولا أكثر، وحينئذٍ فالحقّ أن يقال ـ بعد عدم وجود إطلاق أو عموم بمقتضي صحّة ولاية كلّ منهم ـ: إنّه لا يبعد تقدم الأشد وصفاً على غيره لوجوه:
(الأوّل) أنّه مقتضى حكم العقلاء بتقدمه، وهذا الحكم ممضيّ في الشريعة.
أما حكم العقلاء به فلأن المنساق عندهم من اعتبار الشارع لكل من هذه الشرائط الستّة أن يصل الأمّة إلى ما هو الأنسب لهم في تولي أمورهم. فالعقل وكونه وافياً يكون سرّ اعتباره أن يهتدي وليّ الأمر إلى التصميم المناسب بل الأنسب بحال الأمّة وتولّي أمورهم، ومثله العدالة فإنّ اعتبارها إنّما هو لأن لا يزلّ في تدبير أمورهم ولا يبدي تصميما يراه ذا ضرر أو قليل النفع بحالهم مع إمكان الوصول إلى النافع المحض. وهكذا حسن التدبير. كما أنّ وجود الشجاعة النفسانية إنّما يكون اعتباره لأن لا يسلب عنى الأمّة منفعة من أجل التأخير في إبراز ما يراه مصلحة مثلاً. كما أنّ سلامة الأعضاء لأن لا يكون مانعاً عن وصول الأمّة وأراضي الإسلام إلى ما هو الأصلح لهم ولها.
وبعبارة أخرى: أنّ اعتبار هذه الشرائط في الشرع عند العقلاء ليس محض تعبد شرعي، بل إنّهم يرون لاعتبارها تلك الأسرار والفوائد ويفهمون من أدلّة اعتبارها أنّ هذه الأسرار هي الداعية للشارع إلى اعتبارها. وحينئذٍ فالعقلاء أنفسهم يحكمون حكماً جزمياً بلا ريب بأنّ من كان أحد هذه الأوصاف فيه أشدّ من غيره يكون مقدّماً وأولى من هذا الغير، وهو المتعيّن لأن يلي إدارة أمر الأمّة. فأصل هذا الحكم العقلائي القطعي ممّا لا شبهة فيه.
وأمّا إمضاؤه في الشرع فقد مرّ في كلماتنا الماضية أنّه يدل عليه صحيحة عيص بن القاسم الواردة في نفس موضوع الكلام ـ أعني تقدّم ذي الوصف الأشدّ على غيره في تولي أمر الأمّة ـ فقد روى الكليني في روضة الكافي بسنده الصحيح عن عيص بن القاسم قال: سمعت أبا عبد الله (عليهم السلام) يقول: عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له، وانظروا لأنفسكم، فوالله إن الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي، فإذا وجد رجلاً هو أعلم بغنمه من الّذي هو فيها يخرجه ويجيء بذلك الرجل الّذي هو أعلم بغنمه من الّذي كان فيها، والله لو كانت لأحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرّب بها ثُمّ كانت الأخرى باقية فعمل على ما قد استبان لها، ولكن له نفس واحدة إذا ذهبت فقد ذهبت والله التوبة، فأنتم أحقّ أن تختاروا لأنفسكم، إن أتاكم آتٍ منّا فانظروا على أي شيء تخرجون... الحديث[1].
فهو (عليه السلام) في ابتداء الكلام أمر الشيعة بتقوى الله وبأن يتأمّلوا وينظروا نظرة صحيحة لأنفسهم في أمر التولّي والتبعية لأحدٍ،. ثُمّ بين مراده الأصيل بذكر راعي أغنامهم وما يأمرهم عقلهم فيه من إيكال أمر رعي أغنامهم إلى من يرونه أصلح. ونصّ على أنّ أمر أنفسهم أولى بالرعاية لكون نفس كلّ أحدٍ واحدة لا مجال للفتور فيما هو الأنسب لها، وذلك أنها إذا ذهبت فلا يكون مجال للرجوع إلى ما مضى وإصلاح الأمر، بل إذا ذهبت النفس فقد والله ذهبت التوبة ولم يكن مجال للرجوع في إصلاح أمرها. وبعد هذه التأكيدات فرّع عليها أنّ معاشر الشيعة أحق أن يختاروا لأنفسهم وأن ينظروا ويتأمّلوا في أنهم يتولّون من هو الصالح لأمر الولاية، فقال: إن أتاكم آتٍ منّا ـ يعني يجعل نفسه متولي أمر الأمّة ـ فانظروا على أي شيء تخرجون.
فقد بين مراده الأصيل بإرجاع الشيعة إلى هذا الحكم العقلائي، وأنّ الأعلم بإتيان ما هو المقصود من أمرٍ يوكل إليه مقدم علي غير الأعلم، وهو حكم عقلائي قطعي، وحيث إنّ ملاك حكم العقلاء في تقديم الأعلم ليس إلاّ لأن الأعلمية أولى باستيفاء المراد من العلم المحض، وأنه لا فرق بين شرط العلم عند العقلاء وبين سائر الشرائط الّتي لها دخل في الإتيان بالمقصود بالنحو المطلوب، فلا محالة يستفيد العقلاء من استشهاد الإمام (عليه السلام) بذاك البناء العقلائي أن بناءهم بما له من العرض العريض ممضي عنده (عليه السلام)، وأنّ من كان أحد الأوصاف الدخيلة في حسن الإتيان بالأمر الّذي يوكل إليه أشد وأكثر فيه من غيره فهو مقدمّ على الغير، ولا مجال معه لإيكال الأمر إلى ذاك الغير، وهذا هو الّذي نحن بصدده من أنّ ذاك الحكم العقلائي ممضيّ كما هو عندهم في الشرع أيضاً.
(الوجه الثاني) أنّه يدلّ عليه بعض آيات كلام الله المجيد:
1ـ فإن المستفاد من قوله تعالى ﴿ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾[2] أنّه إذا كان المقام مقام التبعية عن أحد وفرض في البين رجلان مثلاً أحدهما يعلم الحقّ ويهدي إليه، وثانيهما لا يعلم الحقّ ولا يهتدي بنفسه إليه إلاّ أن يهديه غيره، فالأول متعين بلزوم الإتباع ولا مجال معه لإتباع غيره، فيعلم منه أنّه إذا كان المقصود الوصول إلى الحقّ فاللازم إتباع من يهدي إليه. وحينئذٍ، فإذا كان شخصان أحدهما أحسن من الآخر في الهداية إلى الحق والصواب كان اللازم إتباعه في مقام الاختلاف مع الآخر، فإنّه بأحسنيّته من الآخر في الهداية إلى الحق يهدي إليه والآخر لا يهتدي إلاّ أن يهدى، فاللازم إتباع الأحسن. والنكتة الدقيقة الموجودة في الآية المباركة هي أنّ ملاك التقدم المذكور فيها ليس عنوان العلم بل إنّما هي عنوان التمكن من هداية الناس إلى الحق، وهي أمر قد يتحقق بالعلم بالواقعيات وقد يتحقق بمثل كونه أحسن تدبيراً وأكثر شجاعة وأعلى عدالة وأمثلها.
2ـ وقال الله تعالى حكاية عن نبي من أنبياء بني إسرائيل في مقام تثبيت ولاية وتقدّمه على غيره: ﴿قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾[3] ومفاده المطابقي أنّ الزيادة له في العلم والجهات الجسمانية الدخيلة في حسن إدارة أمور الرعية موجبة لتقديمه على الغير، وعطف الجسم على العلم موجب لأن يستفاد منه أن كلّ ما كان له دخل في حسن القيام بإدارة أمور الناس إذا كان في أحد أزيد من غيره، فهذه الزيادة توجب تقدّمه في صلاحية التولّي للأمور من غيره، فهو دليل واضحٌ على أنّ تقدم أحد في أيّ من الأوصاف اللازمة على غيره يوجب تعينّه لتصدّي الولاية، وهو المطلوب.
وقد تقدم ورود روايات دالّة على أن مفاد الآية المباركة لا يختص بمذهب اليهود بل هو أمر مرغوب عنه ممضي في شرع الإسلام أيضاً، فتذكر[4].
(الوجه الثالث) انه تدل عليه أخبار عديدة:
1ـ منها ما مضى آنفاً من صحيحة عيص بن القاسم عن الصادق (عليه السلام)[5]، فقد عرفت أنّ المستفاد منها عرفاً أنّ من كان أحسن تدبيراً في أداء ما يفوّض عليه في تولّي أمر الأمّة فهو مقدم وأولي بتولّي أمورهم ممّن ليس بهذه المثابة، وقد مرّ أنّ أحسنية أعمال هذه الولاية هي تمام الملاك لتقدّمه من دون أن يكون للأعلمية خصوصية أصلاً، ولا يخفى عليك أنّا إنّما أردنا من ذكر الصحيحة هناك أن نستدل بها لإمضاء الحكم العقلائي، وهنا نريد الاستدلال بها مع قطع النظر عن ذاك الإمضاء فلا تكرار.
2ـ ومنها ما رواه الكليني في أصول الكافي بسندٍ معتبر عم سدير بن حكيم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا تصلح الإمامة إلاّ لرجلٍ فيه ثلاث خصال: ورعٌ يحجزه عن معاصي الله، وحلمٌ يملك (يهلك ـ خ ل) به غضبه، وحسن الولاية على من يلي حتّى يكون لهم كالوالد الرحيم». قال الكليني: وفي رواية أخرى: «حتّى يكون للرعية كالأب الرحيم»[6].
ولا ريب ـ كما مرّ ـ ويشهد له التعبير بالولاية على من يلي عن خصلته الثالثة أنّ المقصود بالإمامة في الصدر هو الولاية، فقد نصّ على أنّ الولاية على الأمّة والرعية مشروطة بشرائط ثلاثة، ثالثها حسن الولاية على من يلي أمرهم، وحسن الولاية ليس إلاّ إعمال الولاية بالنحو المطلوب، فيدل على أنّ المطلوب شرعاً من ولي الأمر أن يأتي في إعمال الولاية بالنحو الحسن والمطلوب ما فوض إليه وأريد منه، وحينئذٍ فإذا كان هنا رجلان مثلاً واجدان لهذه الصفة إلاّ أن أحدهما يأتي بالمطلوب أحسن من الأخر فهذا الأحسن مقدّم عرفاً على ذاك الأخر، فإنّ نسبته حينئذٍ إلى الآخر نسبة العالم إلى الجاهل، فكما يقدّم العالم على الجاهل فهكذا يقدّم هذا الأحسن على غيره، فإنه المفهوم العرفي قطعاً في هذه المقامات، فتدبّراً جيداً.
3ـ ومنها قوله (عليه السلام) في نهج البلاغة وتمامه: أيها الناس، إنّ أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه وأعلمهم به، فإن شغب شاغب استعتب، فإن (وإن ـ خ ل) أبى قوتل[7].
ولا ريب في أنّ المراد بالأمر في قوله (عليه السلام): «هذا الأمر» إنّما هو أمر الولاية على الناس، وقد نصّ على أنّ أحق الناس به أقواهم عليه، ولا شك في أنّ هذه الأولوية إلزامية، ولذلك فرّع عليه أنّ من شغبه وأبي عن التبعية قوتل، وذلك أنّ القتال لا يكون إلاّ على أمر غير جائز، فولاية أقوى الناس على الأمّة متعيّنة واجبة. ومن الواضح أنّ الأقوائية إنّما تتحقّق بأشدّية الإنسان ولو في بعض الأوصاف الدخيلة في حسن إعمال الولاية، فالأشدية في بعض الصفات الستّ المذكورة عبارة أخرى عن الأقوائية، وصاحبها مقدم على غيره، وهو المطلوب.
4ـ ومنها ما رواه الكافي بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في من شرب الخمر مدّعياً الجهل بحرمته فأتوا به عند أبي بكر فلم يعلم حكم الله فيه، فجاء به أبو بكر وعمر عند علي (عليه السلام) ومعه سلمان، فقال علي (عليه السلام) لأبي بكر: ابعث معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار فمن كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه، فإن لم يكون تلا عليه آية التحريم فلا شيء عليه. ففعل أبو بكر بالرجل ما قال علي (عليه السلام)، فلم يشهد عليه أحدٌ فخلّى سبيله، فقال سلمان لعليّ (عليه السلام): لقد أرشدتهم، فقال عليّ (عليه السلام): إنّما أردت أن أجدّد تأكيد هذه الآية فيّ وفيهم ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾[8].
موضع الاستدلال هو ما أجاب به أمير المؤمنين (عليه السلام) سؤال سلمان.
وبيان دلالته: أنّه لا ريب في أن هؤلاء المخالفين الظلمة لا شك في أنّهم كانوا عالمين ببعض أحكام المسلمين فلا محالة كان الأمير (عليه السلام) أعلم منهم بمراتب، ففي هذه الأرضية استدل الإمام (عليه السلام) بالآية المباركة، وأراد أن يجدّد تأكيد الآية فيه وفيهم. فلا محالة يدلّ هذا الاستدلال على أنّ الآية الشريفة تدلّ على تقديم الأعلم على غير الأعلم. وبملاحة أن المذكور في الآية ليس عنوان العلم حتّى يتوهّم اختصاص مضمونها به، بل المذكور فيها من يهدي إلى الحق ومن لا يهتدي إلاّ أن يهدونه. فحاصل المستفاد منها ـ مع رعاية ما كان الإمام ناظر إليه ـ هو: أنّ من كانت هدايته إلى الحقّ أحسن من غيره فهو مقدم على هذا الغير، وهذه الأحسنية كما تكون بالأعلمية كذلك تكون بالأشدية في بعض الصفات الأخر. فبالنتيجة تدلّ الآية المباركة على أنّ ذاك الأشد من الغير في بعض الصفات مقدّم على هذا الغير قطعاً.
وهذا الّذي دلّ عليه الحديث قرينة صدق لما استظهرناه من الآية المباركة، فتذكر.
5ـ ومنها ـ وهو نظير لرواية أبي بصير المتقدّمة ـ ما عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة خطب بها قبل أيام من استشهاده: اسمعوا ما أتلو عليكم من كتابه المنزل على نبيه المرسل لتتعظوا به، فإنه والله عظة لكم فانتفعوا بمواعظ الله، وازدجروا عن معاصي الله، فقد وعظكم الله بغيركم، فقال لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى ـ إلى قوله تعالى ـ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾[9] يا أيها الناس، إنّ لكم في هذه الآيات عبرة لتعلموا أنّ الله تعالى جعل الخلافة والإمرة من بعد الأنبياء في أعقابهم، وأنّه فضّل طالوت وقدّمه على الجماعة باصطفائه إياه وزيادته بسطة في العلم والجسم، فهل تجدون الله عَزّ وجَلّ اصطفى بني أميّة على بني هاشم وزاد معاوية عليّّ بسطة في العلم والجسم؟![10].
وبيان الاستدلال به: أنّه (عليه السلام) في مقام إثبات تقدّمه على مثل معاوية بقوله تعالى: «وزاده بسطةً في العلم والجسم» والزيادة في بسطة العلم عبارة أخرى عن الأعلمية، إلاّ أنّ الزيادة في بسطة الجسم فضيلة أخرى ترجع إلى وجدانه (عليه السلام) الزيادة في صفة وحيثية أخرى لها دخلٌ فيه حسن إعمال الولاية وأحسنيته. فحاصل المستفاد من الآية المباركة هو: أنّ كلّ من كان له زيادة على الآخرين في بعض الصفات الدخيلة في حسن إعمال الولاية فهو مقدم عند الله تعالى عليهم في تولي أمر الأمّة، وهو المطلوب.
6ـ ومنها ـ وهو مثل ما في تمام النهج المذكور آنفاً ـ ما في كتاب سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أفينبغي أن يكون الخليفة على الأمّة إلاّ أعلمهم بكتاب الله وسنّة نبيّه، وقد قال الله ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى﴾[11] قال: ﴿وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾[12] وقال ﴿أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ﴾[13]... الحديث[14].
بيان الدلالة: أن استدلاله (عليه السلام) بالآية الأولى على أنّ الأعلم بالأحكام مقدّم على غيره في تصدي ولاية أمر الأمّة مع أنّ المفاد المطابقي للآية المباركة أنّ من يتمكن من هداية الناس أولى بالإتباع ممّن لا يهتدي بنفسه إلاّ إذا هداه غيره موقوف على أنّ وصف الهداية إنّما يكون اعتباره بملاحظة أنّ له أثراً معتدّاً به في العمل بما يتوقع من ولي ّالأمر في ولايته على الأمّة، وإلاّ فالهداية ليست منوطة بمجرّد العلم بالأحكام فقط، بل هي منوطة به وبمثل حسن التدبير والشجاعة على إبراز ما يراه حسناً للأمّة وبغيرهما ممّا أشير إليه. وعليه فيستفاد من الآية المباركة أهمّية كلّ ما تقف عليه هداية الناس وأمورهم إلى المجرى الصحيح، وهو كما عرفت تمام مبادي الصفات الست، فيدل الحديث على تقدّم الأقوى في بعضها على غير الأقوى، وهو المطلوب.
7ـ ومنها ما رواه الطبرسي في الاحتجاج في حديثٍ وصفه بالصحّة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال (عليه السلام) في مقام إثبات أن الولاية على الأمّة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حقّ خاصّ له، قال (عليه السلام) خطاباً لبني هاشم: أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً، ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لمكانكم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فأعطوكم المقادة وسلّموا لكم الإمارة، وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار، أنا أولى برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيّاً وميّتاً، وأنا وصيّه ووزيره ومستودع سرّه وعلمه، وأنا الصديق الأكبر والفاروق الأعظم، وأوّل من آمن به وصدٌقة، وأحسنكم بلاءً في جهاد المشركين، وأعرفكم بالكتاب والسنّة، وأفقهكم في الدين، وأعلمكم بعواقب الأمور، وأذربكم لساناً، وأثبتكم جناناً، فعلام تنازعونا هذا الأمر؟! أنصفونا إن كنتم تخافون الله على أنفسكم، ثمّ اعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفته الأنصار لكم، وإلاّ فبوؤا بالظلم والعدوان وأنتم تعلمون[15].
وقريب منه بل كأنه هو ما في كتاب طويل له مما قاله (عليه السلام) بنفس هذا الصدد قد نقله عنه (عليه السلام) في تمام نهج البلاغة، وقد حكينا متن عباراته في عداد ما ذكرناه من أدلّة اعتبار الأعلمية في وليّ الأمر، فتذكر[16].
وبيان الاستدلال بكلامه هذا: أنّه (عليه السلام) إنّما أثبت أحقيّته التعينيّة بالولاية بصفات هي فيه متحقّقة أزيد وأكثر وأقوي من غيره، وقد عدّ صفاتاً عديدة هي أعلميّته بالكتاب والسنّة، وبعواقب الأمور، وأنّه أذرب لساناً من جميع الناس ـ والذرب هو الفصاحة ـ وأنّه أثبت الناس جناناً فلا يخاف الحوادث المؤلمة أصلاً، وأنه أحسنهم بلاءً في جهاد المشركين فيقوى في جهاد الكفّار أو المعاندين أكثر من غيره، وهذه المجموعة من الصفات الّتي عدّ نفسها أقدم من غيره في الأتّصاف بها واستدلّ بأنّ أزيديته من الناس في ها توجب تقدّمه الحتمي في تولّي أمر الأمّة من غيره ترجع بالنهاية إلى أنّ كلّ من كان في الاتًصاف بوصوفٍ له دخل في حسن إعمال الولاية أزيد وأولى من غيره فهو المتعين لتولّي أمر الأمّة وهو نفس ما نحن الآن بصدد إثباته.
فبالجملة: فهذه الأدلة العديدة تامّة الدلالة على تقدّم من كان واجداً لبعض الصفات الستّ المذكورة بنحوٍ أزيد وأوفى من غيره، فهو متعين لتولّي أمر الأمّة، وأنّ مع وجوده لا تصل النوبة إلى من هو دونه، فالمطلوب ثابتٌ واضحٌ بحمد الله تعالى.
وممّا ذكرنا يتبيّن أنّه لو كان هنا اثنان مثلاً أحدهما يتفضّل على الآخر بصفةٍ واحدة والآخر يتفضلّ عليه بوصفين آخرين وهذان الوصفان كانا أعلى قدراً من تلك الصفة الواحدة فذو هذين الوصفين يكون مقدّماً على ذي الصفة الواحدة، والدليل عليه عين ما مرّ من الأدلة.
وهكذا يعرف الكلام في الصور الأخرى المتصورة، فتدبّر جيداًن والحمد لله تعالى.
التنبيه الثاني: هل يعتبر أن يكون ولي أمر الأمّة زمن الغيبة واحداً؟ أم يجوز أن يتولاه أكثر من واحد؟ وعلى الجواز فهل كلّ واحد مستقل؟ أو يجب عليهم الشورى؟ أو أمر آخر؟
قد مرّ في التنبيه الأوّل أنّ تقدّم الأفضل على غيره متوقف على اعتبار أن يكون وليّ الأمر واحداً، فلهذا نحتاج إلى البحث عن اعتبارها مضافاً إلى أنّه أمر محتاج إليه بنفسه إذا فرض وجود أكثر من واحد جميعهم متساوون في وجدان الصفات اللازمة في ولي الأمر، فعليه فالوحدة وإن لم تكن شرطاً في وليّ الأمر عدلاً للشرائط الأخر إلاّ أنّها مع ذلك على فرض اعتبارها تمنع عن فعلية الولاية على الأمّة لأكثر من واحدٍ بأي تفسير كان.
وكيف كان، فيمكن الاستدلال لاعتبار الوحدة في ولي الأمر بوجهين:
(الوجه الأوّل) أن يستدلّ له بمعتبر الفضل بن شاذان عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) المشتمل على كثير من علل الأصول وشرائع الإسلام، فقد رواه الصدوق بطوله في علل الشرائع وعيون الأخبار بسنده المعتبر، ففيه بعد ذكر علل وجوب معرفة الرسل وعلل جعل أولى الأمر ووجوب طاعتهم ما لفظه.
فإن قال قائل (فإن قيل ـ العلل) لا يجوز أن يكون في الأرض إمامان في وقت واحد أو أكثر من ذلك؟
قيل: لعللٍ منها: أنّ الواحد لا يختلف فعله وتدبيره، والاثنين لا يتفق فعلهما وتدبيرهما، وذلك أنا لم نجد اثنين إلاّ مختلفي الهمم والإرادة، فإذا كانا اثنين ثُمّ اختلفت هممهما وإرادتهما (وتدبيرهما)[17] وكانا كلاهما مفترضي الطاعة ولم يكن أحدهما أولى بالطاعة من صاحبه، فكان يكون في ذلك اختلاف الخلق والتشاجر والفساد، ثُمّ لا يكون أحد مطيعاً لأحدهما إلاّ وهو عاصٍ للآخر، فتعمّ معصيته (المعصية ـ العلل) أهل الأرض، ثُمّ لا يكون لهم مع ذلك السبيل إلى الطاعة والإيمان، ويكونون إنّما أتوا في ذلك من قبل الصانع الّذي (والذي ـ العلل) وضع لهم باب الإختلاف والتشاجر والفساد (وسبب التشاجرـ العلل) إذ أمرهم بإتباع المختلفين.
ومنها: أنّه لو كانا إمامين لكان لكل من الخصمين أن يدعو إلى غير الّذي يدعو إليه صاحبه (إليه الآخر ـ العلل) في الحكومة، ثُمّ لا يكون أحدهما أولى بأن يتبع صاحبه (صاحبه من الآخر ـ العلل) فتبطل الحقوق والأحكام والحدود.
ومنها: أنّه لا يكون واحد من الحجّتين أولى بالنطق (بالنظر ـ العلل) والحكم والأمر والنهي من الآخر وإذا (فإذا ـ العلل) كان هذا كذلك وجب عليهم أن يبتدئا بالكلام (الكلام ـ العلل) وليس لأحدهما أن يسبق صاحبه بشيءٍ إذا كانا في الإمامة شرعاً واحداً، فإن جاز لأحدهما أن يسبق صاحبه بشيءٍ إذا كانا في الامامى شرعاً واحداً، فإن جاز لأحدهما السكوت جاز السكوت للأخر (جاز للآخر مثل ذلك ـ العلل) وإذا جاز لهما السكوت بطلت الحقوق والأحكام وعطّلت الحدود وصار الناس كأنّهم لا إمام لهم[18].
بيان الاستدلال به: أنّ الحديث في باب الإمامة وولاية الأمر ذكر أموراً ثلاثة مستقلة: فأولاّ تعرّض لبيان سرّ جعل أولي الأمر وإيجاب طاعتهم بلا زيادة أصلاً على هذا، ثُمّ ثانياً تعرّض لسرّ وجوب أن يكون الإمام واحداً، ثُمّ ثالثاً تعرّض لسرّ وجوب أن يكون الإمام من جنس الرسول وآله. وكلّ من هذه الأمور الثلاثة وأجوبتها مستقلة لا يتوقّف شيء منها على الآخر، فإطاعة أولياء الأمر في الإسلام وجعلهم ثابتة عامة لكل من يراه الشرع صاحب الولاية من دون اشتراط العصمة فيه ولا اختصاص بخصوص المعصوم، فهكذا حديث وحدة الإمام الّذي هو عبارة أخرى عن وليّ الأمر أيضاً مطلق لا مجال لتخصيصه بخصوص المعصوم. ولعلّ إلى ذلك الإطلاق وعدم فرض العصمة بشير الوجه الأول والثاني من وجوه سرّ وحدة الإمامة، وإلاّ فالأئمة المعصومون (عليهم السلام) لا يتحقّق منهم الاختلاف العادي المذكور في الأول، ولا بطلان الحقوق والأحكام والحدود في الثاني، فإنّ حكمهم والحدود الجارية بيدهم واحد غير مختلف، كما أنّ آداب القضاء ورعايتها فيهم واحدة سواء. بل وهكذا الوجه الثالث من هذه الأسرار لا يتحقّق في الأئمة المعصومين (عليهم السلام).
فالحاصل: أنّ مسألة وجوب وحدة الإمام وولي الأمر أمر مستقل، ومدلوله أنّ الولاية الكبرى على الأمّة في الإسلام لابدّ وأن يكون الوليّ فيها واحداً من دون اختصاص له بالإمام المعصوم (عليه السلام) وبلا اختصاص له بزمن الحضور.
نعم، ما ذكره الحديث بعده من اعتبار أن يكون الإمام ووليّ الأمر من جنس الرسول وآله يقتضي اعتبار هذه الخصوصية في وليّ الأمر، إلاّ أنّه لا ريب باختصاصها بالأئمة المعصومين (عليهم السلام) المنصورين بأشخاصهم من الله تعالى في هذا المنصب الإلهي العظيم، وإلاّ فقد عرفت وجوب تأسيس الحكومة والولاية الإسلامية في زمن الغيبة، بل قد أشرنا إلى أنّه ربما لا يكون بأس بتأسيسها بيد الإمام غير المعصوم في زمن الحضور أيضا إذا لم يكن منه مانع واختصّ المانع بتأسيسها بيد المعصوم (عليه السلام)، وقد مرّ أيضاً البحث عن عدم قيام دليل على اشتراط القرشية ولا الهاشمية في هذا الولي حينئذٍ، فتذكّر.
وبالجملة: فدلالة الوجه الأوّل على اعتبار أن يكون وليّ الأمر واحداً تامّة.
(الوجه الثاني) أن يقال: إنّ هنا أدلّة عديدة تدل على اعتبار أن يكون الإمام المعصوم في كلّ زمان واحداً، كما أنّ هنا أيضاً أدلّة تدلّ على أنّ الحاجة إلى الإمام ـ بما أنّه إمام ـ أمران: أحدهما تعليم الإمام للناس أحكام الله تعالى فيكون له العلم الإلهي الوسيع بأحكام الله تعالى ومعارف الإسلام وأوجب الله عليه حفظ أحكامه عن الزيادة والنقصان، والأمر والثاني المطلوب منه أن يتولّى أمر الأمة ويعمل الولاية عليهم في جميع أمورهم. فإذا اعتبر فيه الوحدة وكان المطلوب منه ـ بما أنّه إمام ـ هذان الأمران فيستفاد من انضمامهما أن تحقق الولاية على الأمة مشروط بأن يكون وليّ الأمر واحداً. وأرى أنّ هذا الاستنتاج واضح وإنما المهم إثبات المقدمتين، فنقول:
أمّا اعتبار وحدة الإمام المعصوم في كلّ زمان فمضافاً إلى قيام ضرورة المذهب عليه فإنّ من الضروري عند الشيعة الإمامية الإثني عشرية أنّه ليس في كلّ زمان إلاّ إمام معصوم واحد، فمضافاً إليه يدلّ عليه روايات كثيرة.
1ـ فمن هذه الأخبار معتبر الحسين بن أبي العلاء ـ المروي في أصول الكافي ـ قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): تكون الأرض ليس فيها إمام؟ قال: لا، قلت: يكون إمامان؟ قال: لا، إلاّ وأحدهما صامت[19].
ورواه الصدوق في كمال الدين بسندٍ آخر معتبر عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله (عليه السلام) هكذا: قال: قلت له: تكون الأرض بغير الإمام؟ قال: لا، قلت: أفيكون إمامان في وقت واحد؟ قال: لا، إلاّ وأحدهما صامت، قلت: فالإمام يعرف الإمام الّذي من بعده؟ قال: نعم، قلت: القائم إمام؟ قال: نعم إمام ابن إمام قد أؤتمّ به قبل ذلك[20].
ورواه العلامة المجلسي في البحار عن كمال الدين، رواه في الباب الثاني من أبواب علامات الإمام وصفاته[21].
ودلالته على أنّ الإمام في كلّ وقت واحد واضحة، واختصاصه بالمعصوم بحكم الانصراف.
2ـ ومنها ما رواه الصدوق بسنده الصحيح في كمال الدين عن عبد الله بن أبي يعفور أنّه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) هل تترك الأرض بغير إمام؟ قال: لا، قلت: فيكون إمامان؟ قال: لا، إلاّ وأحدهما صامت[22].
3ـ ومنها ما في كمال الدين بسنده الموثق عن هشام بن سالم ـ في حديث ـ قال: قلت للصادق (عليه السلام): ... فهل يكون إمامان في وقت واحد؟ قال: لا، إلاّ أن يكون أحدهما صامتاً مأموماً لصاحبه والآخر ناطقاً إماماً لصاحبه. فأمّا أن يكونا إمامين ناطقين في وقت واحد فلا... الحديث[23].
4ـ ومنها ما في بصائر الدرجات بسندٍ صحيح عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) عالم هذه الأمّة، والعلم بتوارث وليس يمضي منّا أحداً حتّى يرى من ولده من يعلم علمه، ولا تبقى الأرض يوماً بغير إمام منّا تفزع إليه الأمّة، قلت: يكون إمامان؟ قال: لا، إلاّ وأحدهما صامت لا يتكلم حتّى يمضي الأوّل[24].
5ـ ومنها ما فيه أيضاً بسندٍ معتبر عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ترك الأرض بغير إمام؟ قال: لا، قلنا: تكون الأرض وفيها إمامان؟ قال: لا، إلاّ إمامان أحدهما صامت لا يتكلّم ويتكلّم الّذي قبله، والإمام يعرف الإمام الّذي بعده[25].
6ـ ومنها ما فيه أيضاً بسند صحيح عن الحسين بن أبي العلا، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): تترك الأرض بغير إمام؟ قال: لا، فقلنا له: تكون الأرض وفيها إمامان؟ قال: لا، إلاّ إمام صامت لا يتكلم ويتكلم الّذي قبله[26].
وهذه الأخبار أيضاً واضحة الدلالة على أنّ الإمام في كلّ زمان واحد، وهي أيضاً منصرفة إلى المعصوم، بل صحيحة ابن أبي يعفور في البصائر تنصّ عليه.
فهذه الأخبار لا ريب في دلالتها على اعتبار أن يكون الإمام في كلّ زمان واحداًَ، وهنا أخبار كثيرة أخر يستفاد منها أيضاً هذا المعنى، إلاّ أنّه لا حاجة إلى ذكرها بعد كون الأمر ضرورياً أيضاً، فالمقدّمة الأولى ثابتة.
وأما المقدمة الثانية فتدلّ على أن سر الحاجة إلى الإمام أن يهتدي به الناس إلى معالم دينهم، فتدلّ عليه أخبار كثيرة رما تبلغ حدّ التواتر، فنذكر بعضها:
1ـ منها موثّق إسحاق بن عمّار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن الأرض لا تخلو إلاّ وفيها إمام، كي ما إن زاد المؤمنون شيئاً ردّهم، وإن نقصوا شيئاً أئمة لهم[27].
ودلالته على أنّ من أسرار وجود الإمام الاهتداء بعلمه واضحة، بل ربما يقال بدلالته على الانتفاع العملي بإمامته لأنه وليّ أمر الأمّة، فيردّ بولايته الزيادات على الدين، ويتمّ بها ما ينقص منه. والإتصاف أنّه لا تبعد دعوى دلالته على كلا الأمرين.
2ـ ومنها صحيحة أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: والله ما ترك الله أرضنا منذ قبض آدم على نبينا وآله وعليه السلام إلاّ وفيها إمام يُهتدى به إلى الله، وهو حجّته على عباده، ولا تبقى الأرض بغير إمام حجّة الله على عبادة[28].
وهي في أصل الدلالة وحدودها مثل سابقها.
3ـ ومنها ما رواه الصدوق بسنده الصحيح عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الأوّل ـ يعني موسى بن جعفر (عليهما السلام) ـ قال: ما ترك الله عَزّ وجَلّ الأرض بغير إمام قط منذ قبض آدم على نبينا وآله وعليه السلام يهتدى به إلى الله عَزّ وجَلّ، وهو الحجة على العباد، من تركه ضلّ، ومن لزمه نجا حقّاً على الله عَزّ وجَلّ[29].
4ـ ومنها ما رواه الصدوق في كمال الدين بسنده الصحيح عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عَزّ وجَلّ: ﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾[30] فقال: كلّ إمام هاد لكل قوم في زمانهم[31].
5ـ ومنها ما رواه أيضاً فيه في الصحيح عن بريد بن معاوية العجلي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما معنى ﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾؟ فقال: المنذر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) الهادي، وفي كلّ وقت وزمان إمامٌ منّا يهديهم إلى ما جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)[32].
6ـ ومنها معتبر الفضيل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عَزّ وجَلّ: «إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» فقال: كلّ إمام هاد للقرن الّذي هو فيهم[33].
ودلالة هذه الأخبار على أنّ هداية الناس إلى معالم الإسلام من وظائف الإمام واضحة، والأخبار في هذه المعنى كما مرّ متواترة ونكتفي بما ذكرناه، ومع ذلك ففي الروايات الآتية لإثبات الجهة الثانية أيضاً دلالة عليه، فهذه الجهة من وظيفة الإمام بما أنّه إمام واضحة.
وأما الجهة الثانية من وظيفته وهي أنّ المطلوب من الإمام أن يتصدّى لولاية أمر الأمة فتدلّ عليه أيضاً روايات عديدة.
1ـ فمنها ما رواه الصدوق في الصحيح عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عَزّ وجَلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾[34] قال: الأئمّة من ولد علي وفاطمة (عليهما السلام) إلى أن تقوم الساعة[35].
والحديث كما ترى على أنّ الأئمّة هم أولو الأمر للمسلمين، وولاية الأمر عبارة أخرى عن تولي أمر الأمّة، فيدلّ على أنّ الإمامة مساوقة لتولي أمر الأمّة.
2ـ ومنها ما عن علل الشرائع بسندٍ صحيح عن عبد الرحيم القصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عَزّ وجَلّ: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾[36]
في من أنزلت؟ قال: أنزلت في الإمرة، إنّ هذه الآية جرت في الحسين بن عليّ وفي ولد الحسين (عليهم السلام) من بعده، فنحن أولى بالأمر وبرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من المؤمنين والمهاجرين، فقلت: لولد جعفر فيها نصيب؟ قال: لا، قال: فعددت عليه بطون بني عبد المطلب كلّ ذلك يقول: لا، ونسيت ولد الحسن (عليه السلام) فدخلت عليه بعد ذلك فقلت: هل لولد الحسن (عليه السلام) فيها نصيب؟ فقال: يا عبد الرحمن (يا أبا محمّد ـ خ ل) ما لمحمّدي فيها نصيب غيرنا[37].
فقد صرّح (عليه السلام) بأنّ الآية نزلت في الإمرة، وأنّ الإمرة مخصوصة بالأئمة المعصومين (عليهم السلام)، وواضح أنّ الإمرة هي توليّ أمر الأمّة، وكون أمورهم بأمره فالإمام مطلوب منه ولاية الأمر، فتولي أمرهم أيضاً وظيفة الإمام ومطلوب منه.
3ـ ومنها صحيحة إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ في خطبة له يذكر فيها حال الأئمّة وصفاتهم ـ إنّ الله أوضح بأئمّة الهدى من أهل بيت نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم) عن دينه ـ إلى أن قال: ـ فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين (عليه السلام) من عقب كلّ إمام... كلّما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماماً علماً بيّناً وهادياً نيّراً وإماماً قيّماً وحجة عالماً أئمة من الله يهدون بالحقّ وبه يعدلون... فالإمام هو المنتجب المرتضى... مسنداً إليه أمر والده صامتاً عن المنطق في حياته، فإذا انقضت مدّة والده... وبلغ منتهى مدّة والده (عليه السلام) فمضى وصار أمر الله إليه من بعده، وقلّده دينه وجعله الحجّة على عباده وقيّمه في بلاده... ونصبه علماً لخلقه، وجعله حجّة على أهل عالمه وضياءً لأهل دينه والقيّم على عباده، رضي الله به إماماً لهم...وأحيا به مناهج سبيله وفرائضه وحدوده، فقام بالعدل عند تخير أهل الجهل وتحيير أهل الجدل بالنور الساطع والشفاء النافع بالحق الأبلج والبيان اللائح من كلّ مخرج، على طريق المنهج الّذي مضى عليه الصادقون من آبائه (عليهم السلام) ... الحديث[38].
فهو (عليه السلام) في مقام بيان صفات الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، وقد ذكر مراراً أنّ الله تعالى جعلهم القيم على عباده وقلّدهم دينه وأحيا بهم فرائضه وحدوده، وكلّ من هذه الأمور لا يكون إلاّ إذا كان تولّي أمر الأمّة والدين بيده حتّى يكون قيّماً على الأمّة يراعي أحوالهم ويراقبهم فيهديهم تعليماً وخارجاً إلى الصراط الإلهي المستقيم، وإلاّ إذا كان عاملاً بما يطلب منه الدين الشريف من إجراء أحكامه من كلّ جهة فيتبين للناس معالمه ويجري حكم جهاده وقضائه وصدقاته وغنائمه ويهيّئ الخارج بحيث يعمل كلّ مسلم بما يريد الله منه ويحقق في الخارج العدل العام المطلوب في الشريعة وحينئذٍ يحيي فرائض الله فرائض الإسلام وحدوده والجامع لجميع ذلك أنّ عليه وإليه ولاية أمر الأمّة يهدي بالحقّ وبه يعدل، فالإمامة متعقّب لولاية أمر الأمّة.
والحديث الشريف كما ترى تضمّن أمر تعليم الناس لأحكام الدين ومعارفه، كما تضمن أنّ على الإمام تولّي أمر الدين والأمّة، فهو دليلٌ تامّ لإثبات كلا المطلوبين.
4ـ ومنها حديث عبد العزيز بن مسلم عن الرضا (عليه السلام) الّذي قد مرّ أنّه مروي في المجاميع الروائية للأصحاب، وأنّ علوّ مضمونه شاهد صدقٍ على صدوره من المعصوم (عليه السلام)، فقال عبد العزيز: كنا مع الرضا (عليه السلام) بمرو، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأداروا أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدي (عليه السلام) فأعلمته خوض الناس فيه، فتبسم ثُمّ قال: يا عبد العزيز، جهل القوم وخدعوا عن آرائهم، إنّ الله عَزّ وجَلّ لم يقبض نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تبيّان كلّ شيء، بيّن فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج إليه الناس كملاً، فقال عَزّ وجَلّ ﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾[39] وأنزل في حجّة الوداع وهي آخر عمره (صلى الله عليه وآله وسلم): ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾[40] وأمر الإمامة من تمام الدين، ولم يمض (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى بيّن لأمّته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحقّ، وأقام لهم عليّاً (عليه السلام) عَلماً وإماماً، وما ترك (لهم) شيئاً تحتاج إليه الأمّة إلاّ بيّنه، فمن زعم أنّ الله عَزّ وجَلّ لم يكمل دينه فقد ردّ كتاب الله، ومن ردّ كتاب الله فهو كافر به.
ثُمّ إنّه (عليه السلام) أكّد علوّ مرتبة الإمامة وتقدّمها على النبوّة والخلّة، وإنّها كانت بأمر الله في الصفوة من ذرية إبراهيم الخليل (عليه السلام) إلى أن صارت لنبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) ثُمّ قال: ثُمّ قلدها علياًَ (عليه السلام) بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله فصارت في ذريّته الأصفياء الّذي آتاهم الله العلم والإيمان بقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ﴾[41] فهي في ولد علي (عليهم السلام) خاصة إلى يوم القيامة، إذ لا نبيّ بعد محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمن أين يختار هؤلاء الجهّال؟! إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء، إنّ الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول ومقام أمير المؤمنين وميراث الحسن والحسين صلوات الله عليهم، إنّ الإمامة وزمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعزّ المؤمنين، إن ّالإمامة أسّ الإسلام النامي وفرعه السامي، بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحجّ والجهاد، وتوفير الفيء والصدقات، وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف... الحديث[42].
فالحديث المبارك جعل الإمامة إكمال الدين، وطبّقها على ولاية أمير المؤمنين الّتي بلّغها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغدير عملاً بأمر الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾[43]. فالحديث كالصريح في أنّ الإمامة ـ أعني ولاية أمر الأمة ـ من أعظم فرائض الدين الّذي عناية بها قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾[44] ونصّ على أنّ من زعم الخلاف فهو بحكم ردّ الكتاب وبمنزلة الكفر.
وبالجملة: فالحديث نصّ على أنّ ولاية أمر الأمّة حقيقة الأمة ولا يتصوّر انفكاكها عنها، فلا ريب في دلالته على تقوّم الإمامة بولاية أمر الأمّة، ودلالته على أنّ تولّي أمر الأمّة من وظائف الإمام أوضح وآكد من سائر الأحاديث بعناية أنّه فسّر الإمامة بالولاية على الأمّة، وهذه الخصوصية لم تكن في غيره.
فقد تحصّل ممّا ذكرنا: أنّ الإمام قد فوّض إليه وأوجب عليه بما أنّه إمام أمران: هداية الناس وتعليمهم لأحكام الله تعالى ومعالم دينه، وتولّي أمر الأمة وبلادهم في الخارج، وحينئذٍ فإذا دلّت الأدلّة المشار إليها في إثبات المقدّمة الأولى على أنّه لابدّ وأن يكون الإمام في كلّ زمانٍ واحداً فلا محالة يستفاد من انضمام هذه الأدلّة المذكورة في المقدمة الثانية إلى تلك الأدلة أنّ وليّ الأمر في كلّ زمان لابدّ وأن يكون واحداً كما هو المطلوب، والحمد لله تعالى.
ـــــــــــــــــ
[1] الكافي: ج 8 ص 264 الحديث 381، عنه الوسائل: الباب 13 من أبواب جهاد العدو ج11 ص 35 الحديث 1، وقد مرّ ذكره في ص 120 و203.
[2] يونس: 35.
[3] البقرة: 247.
[4] راجع ص 210 من الكتاب.
[5] قد مضت في ص 320 من الكتاب.
[6] الكافي: ج1 ص 407 الحديث 8، وقد مرّ ذكره في ص 177و 215 و234.
[7] نهج البلاغة: الخطبة 173، تمام نهج البلاغة: الخطبة 42 ص 414. وقد مرّ تقدم ذكرها في ص 217 و251 و265.
[8] الكافي: ج 7 ص 249 الحديث 4، والآية 35 من سورة يونس، وقد مرّ ذكر الخبر في ص 208 من الكتاب.
[9] البقرة: 246 و247.
[10] تمام نهج البلاغة: الخطبة 61 ص 510. وقد تقدم ذكرها في ص211.
[11] يونس: 35.
[12] البقرة: 247.
[13] الأحقاف: 4.
[14] كتاب سُليم: ص 118 وقد تقدم ذكره في ص 222 و253 و 257.
[15] الاحتجاج: ج1 ص73. وقد مرّ ذكره في ص 266.
[16] قد مرّ في ص 224 من الكتاب.
[17] ليس في نسخة العلل.
[18] عيون الأخبار: ج 2 الباب 34 ص 101، علل الشرائع: الباب182 ص 254 الحديث9.
[19] الكافي: ج1 ص 178 الحديث1.
[20] كمال الدين: ص 223 الحديث 17.
[21] البحار: ج 25 ص 107.
[22] كمال الدين: ص 233 الحديث 41، عنه البحار: ج25 ص 106.
[23] كمال الدين: ص416 الحديث9، عنه البحار: ج25 ص106.
[24] بصائر الدرجات: الباب 18 من ج10 ص 511 الحديث 20، عنه البحار: ج25 ص 107.
[25] المصدر السابق: ص 516 الحديث 44، عنه البحار: ج 25 ص 107.
[26] المصدر السابق: الباب 10 من ج 10 ص 486 الحديث 11، عنه البحار: ج 23 ص 51.
[27] الكافي: ج1 ص 178 الحديث 2و8.
[28] نفس المصدر.
[29] كمال الدين: ص 221 الحديث2.
[30] الرعد: 7.
[31] كمال الدين: ص 667 الحديث9.
[32] كمال الدين: ص667 الحديث10.
[33] الكافي: ج1 ص191 الحديث1.
[34] النساء: 59.
[35] كمال الدين: ص222 الحديث8.
[36] الأحزاب: 6.
[37] علل الشرائع: الباب 156 ص 206 الحديث4، عنه البحار: ج 25 ص 256.
[38] الكافي: ج1 ص 203 الحديث2.
[39] الأنعام: 38.
[40] المائدة: 3.
[41] الروم: 56.
[42] الكافي: ج1 ص 198 الحديث 1، وقد مرّ ذكره في ص 275.
[43] المائدة: 67.
[44] المائدة: 3.
احدث الاخبار
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
زوجة القائد"الحاج رمضان" تروي ذكرى من أدب الشهيد قاسم سليماني
العميد نقدي: قدرتنا الصاروخية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه خلال العدوان الصهيوامريكي
الشيخ نعيم قاسم: المقاومة جاهزة للدفاع ولديها ردع يمنع تحقيق العدو لأهدافه
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية