Skip to main content

الدرس الثاني والسبعون: الاستدلال لإثبات ولاية الفقيه بالروايات ـ القسم الثالث

التاريخ: 25-07-2011

الدرس الثاني والسبعون: الاستدلال لإثبات ولاية الفقيه بالروايات ـ القسم الثالث

(الرواية الخامسة):   منها ما روي عن رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) مما يبتدأ بطلبه لرحمة الله تعالى على خلفائه وهو مروي في كتب متعددة

(الرواية الخامسة):

 

منها ما روي عن رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) مما يبتدأ بطلبه لرحمة الله تعالى على خلفائه وهو مروي في كتب متعددة. فقد روى الصدوق في العيون فقال: حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي (المرورودي ـ خ ل) بمرو الرود في داره قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله النيسابوري قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة قال: حدثنا أبي في سنة ستين ومائتين قال: حدثني علي بن موسى الرضا (عَلَيهِما السَّلام) سنة أربع وتسعين ومائة.

 

وحدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الحوري بنيسابور قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني عن الرضا علي بن موسى (عَلَيهِما السَّلام).

 

وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الاشناني الرازي العدل ببلخ قال: حدثنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني عن داود بن سليمان الفرّاء عن علي ابن موسى الرضا عن آبائه (عليهم السَّلام) عن علي بن أبي طالب (عَليهِ السَّلام) قال: قال رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): اللهم ارحم خلفائي ـ ثلاث مرّات ـ قيل له: (يا رسول الله) ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون من بعدي ويروون أحاديثي وسنّتي فيعلّمونها الناس من بعدي[1].

 

ب ـ وروي في المجلس الرابع والثلاثين من الأمالي بقوله: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبي عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن محمد بن حسّان الرازي عن محمد بن علي عن عيسى بن عبد الله العلوي العمري عن أبيه عن آبائه عن علي (عَليهِ السَّلام) قال: قال رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): اللهم ارحم خلفائي ـ ثلاثاًـ قيل: يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يبلّغون حديثي وسنّتي ثم يعلّمونها أمّتي[2].

 

ج ـ وروى المحدّث النوري في المستدرك عن كتاب صحيفة الرضا (عَليهِ السَّلام) بإسناده عن آبائه (عليهم السَّلام) قال: قال رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): «اللهم ارحم خلفائي ـ ثلاث مرّات ـ قيل له: يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون من بعدي ويروون أحاديثي وسنّتي فيعلمونها الناس من بعدي.

 

قال: عوالي اللآلي عنه (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) مثله، وزاد: «أولئك رفقائي في الجنة»[3].

 

د: وفي البحار عن منية المريد: قال رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): رحم الله خلفائي فقيل: يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يحيون سنتي ويعلمونها عباد الله[4].

 

هـ: قال القطب الراوندي في كتاب لبّ اللباب عن النبي (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): قال: رحمة الله على خلفائي، قالوا: وما خلفاؤك قال: الذين يحيون سنتي، ويعلمونها عباد الله، ومن يحضره الموت وهو يطلب العلم ليحيي به الإسلام فبينه وبين الأنبياء درجة[5].

 

فالنبوي في هذه الكتب الأربعة ـ بل الخمسة كما ترى ـ مذيّل بذيل تعليم السنة للناس أو عباد الله، وسيأتي الكلام في ما عن لبّ اللباب.

 

و: وقال الصدوق في أواخر من لا يحضره الفقيه: وقال أمير المؤمنين (عَليهِ السَّلام): قال رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): اللهم ارحم خلفائي قيل: يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون من بعدي ويروون حديثي وسنتي[6].

 

ز: وروى في معاني الأخبار بقوله: أبي عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن داود اليعقوبي عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب (عَليهِ السَّلام) قال: قال رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): اللهم ارحم خلفائي، اللهم ارحم خلفائي، اللهم ارحم خلفائي، قيل له: يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي[7].

 

هذا متن النبوي المروي في هذه الكتب الخمسة، وقد عرفت اشتماله على زيادة هي غير موجودة في الفقيه والمعاني.

 

ح: وروى المتقي الهندي في كتاب كنز العمّال من كتب أهل الخلاف هكذا: رحمة الله على خلفائي، قيل: ومن خلفاؤك يا رسول الله؟ قال: الذين يحيون سنتي ويعلمونها الناس[8].

 

وهذه العبارة كما ترى قريبة مما رواه البحار عن منية المريد، والمستدرك عن لب اللباب.

 

وكيف كان، فالاستدلال بالنبوي موقوف على اعتبار السند وتمامية الدلالة.

 

أما السند فالرواة المذكورون في العيون بأسناده الثلاثة جميعهم مجاهيل، وهم بين المذكور في كتب الرجال ولم يوثقوا ومتروك الذكر فيها أصلا، إلاّ أن اسناده الثلاثة لا يشترك واحد منها مع الآخر حتى في أحد من هؤلاء الرواة، فكل من هذه الأسناد سند مستقل، وهو يوجب حصول الطمأنينة بصدق روايتهم، ويبعد احتمال الجعل فيها. هذا، مضافاً إلى أن المروي بكل منها ليس رواية واحدة بل المروي بكل واحد من هذه الاسناد مائة وثمان وثمانون رواية، وهذا النبوي هو الرقم الواحد والتسعون منها، فكثرة الروايات ووحدة المضمون ـ بل المتن في جميعها ـ قرينة موجبة للاطمئنان بالصدور عن الإمام أبي الحسن الرضا (عَليهِ السَّلام)، فكأن هؤلاء الرجال جمع من مشايخ الحديث العظماء جمعوا هذه الأحاديث عن الإمام (عَليهِ السَّلام) ورووا وبلغوا جميعها لمن تأخر عنهم إلى أن وصلت بيد الشيخ الصدوق رحمة الله عليه.

 

وسند أمالي الصدوق وإن كان معتبراً إلى الأشعري إلاّ أن محمد بن حسّان الرازي قال فيه النجاشي: «يعرف وينكر بين بين، يروي عن الضعفاء كثيراً». ولا أقل من أنه لا يستفاد منه تضعيفه بل ربما يحتمل الاعتماد عليه، وأنه لا بأس به غير الرواية عن الضعفاء، ومعه لا يعتنى بما عن ابن الغضائري من أنه ضعيف لكن الذي روى ابن حسان عنه هو محمد بن علي الصيرفي أبو سمينة الذي عد من الكذابين المشهورين، وعيسى بن عبد الله بن محمد العمري وهو وجدّه وأبوه مجاهيل وإن لم يرد فيهم ذم ولا تضعيف، فنفس السند لا يجوز الاعتماد عليه.

 

وكتاب صحيفة الرضا وإن عدّه صاحب الوسائل وهكذا المحدث النوري (رحمهما الله) من الكتب المعتبرة إلاّ أن جميع اسناده مشتمل في النهاية على أبي القاسم عبد الله ابن أحمد بن عامر الطائي الساكن بالبصرة عن أبيه، وكلاهما مجهولان، مضافاً إلى كون عدد آخر من الرواة قبلهما أيضاً مجهولين، ومضافا إلى اختلاف نسخ الصحيفة كما نص عليه المحدث النوري في خاتمة المستدرك عند بيان تقويم الكتاب، فراجع[9]، فلا يصح الاعتماد عليها.

 

وعوالي اللآلي رواياته مرسلة لا يمكن الاعتماد على شيء منها بنفسه.

 

ورواية منية المريد أيضاً مرسلة لا يصح الاعتماد عليها، وأضعف منها مرسل كنز العمال.

 

إلاّ أنه مع ذلك كله فدعوى الاطمئنان بصدور الحديث المزبور عن النبي (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) غير بعيدة، فإن كثرة الإسناد مع خلو كثير منها عن وجود رواٍ ضعيف توجب الاطمئنان عند العقلاء بالصدور، فيكون من حيث السند معتبراً. هذا بالنسبة إلى المشتمل في ذيله على جملة التعليم للناس.

 

وأما ما ليس فيه هذه الزيادة فرواية معاني الأخبار معتبرة إلى عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر، إلاّ أن عيسى وأباه وجده مجاهيل وإن لم يرد في واحد منهم تضعيف، فهي بنفسها غير معتبرة السند.

 

وأما خبر من لا يحضره الفقيه فهو مرسل، إلاّ أن له امتيازين:

 

أحدهما: أن الصدوق بما له من العلم والتقوى أسنده جزماً إلى المعصوم (عَليهِ السَّلام) وهو عالم بأن إسناد ما لم يثبت اعتباره إلى المعصوم حرام ، فإسناده الجزمي كاشف عن ثبوت صدور هذا الكلام عن المعصوم عنده.

 

والامتياز الثاني أن الصدوق في مقدمة الفقيه تعهّد بأنه لا يورد في كتابه هذا إلاّ رواية كانت صحيحة فقال: وصنّفت له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لئلا تكثر طرقه وإن كثرت فوائده، ولم أقصد فيه المصنفين في إيراد جميع ما رووه بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته وأعتقد فيه أنه حجة في ما يني وبين ربي تقدس ذكره وتعالت قدرته. وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول وإليها المرجع، مثل كتاب حريز بن عبد الله السجستاني، وكتاب عبيد الله بن علي الحلبي، وكتب علي بن مهزيار الأهوازي، وكتب الحسين بن سعيد... وغيرها من الأصول والمصنفات التي طرقي إليها معروفة في فهرس الكتب التي رويتها عن مشايخي وأسلافي رضي الله عنهم، وبالغت في ذلك جهدي مستعيناً ومتوكلاً عليه ومستغفراً من التقصير، وما توفيقي إلاّ بالله، عليه توكلت وإليه أنيب، وهو حسبي ونعم الوكيل[10].

 

فترى تعهده الأكيد على إيراد خصوص ما يحكم بصحته ويعتقد أنه حجّة بينه وبين الله وما يستخرجه من الكتب المشهورة التي عليها المعول وهو يبالغ جهده في العمل بهذا العهد، فهو (قدّس سرّه) شهد بصحة جميع الروايات التي أودها فيه، والصحة في كلام القدماء وإن لم تكن بمعناها المصطلح عليه في لسان المتأخرين من كون راوي الحديث إمامياً عدلاً إلاّ أن معناها اللغوي كون الشيء بلا أي نقص متصور، فلا محالة أن الحديث الصحيح ليس إلاّ ما كان مسلم الصدور عن المعصوم (عَليهِ السَّلام)، ولا ريب في أنه حجة وطريق معتبر عند المتأخرين جميعاً، فقد شهد الصدوق (قدّس سرّه) بأن جميع روايات هذا الكتاب طرقها معتبرة يصح الاعتماد عليها.

 

واعتماده على تصحيح أو رد شيخه محمد بن الحسن بن الوليد لحديث كما يستفاد من بعض كلماته كقوله في الفقه في باب صوم التطوع وثوابه من الأيام المتفرقة: وأما خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه فإن شيخنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه) كان لا يصححه ويقول: إنه من طريق محمد بن موسى الهمداني وكان كذاباً غير ثقة، وكل ما لم يصححه ذلك الشيخ قدس الله روحه ولم يحكم بصحته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح[11].

 

وكقوله في العيون ذيل حديث الميثمي الوارد في علاج الأخبار المتعارضة: قال مصنف هذا الكتاب (رضي الله عنه): كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) سيئ الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي ـ راوي هذا الحديث ـ وإنما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب لأنه كان في كتاب الرحمة، وقد قرأته عليه فلم ينكره وروى لي[12].

 

فهذا الاعتماد ليس إلاّ اعتماداً على من عرفه بحسن العرفان لثقات الرواة وغير الثقات، فهو مثل الاعتماد على قول الأصحاب كتب الرجال مثل النجاشي والشيخ، وقد أشار في كلاميه هذين إلى أن ابن الوليد يرى الهمداني غير ثقة، وأنه كان سيئ الرأي في المسمعي، فأشار إلى ملاك مقبول بنفسه عند المتأخرين أيضاً في قبول الحديث وردّه، فليس في شيء منهما طعن على اعتبار ما أفاده في مقدمة الفقيه، فلا مجال لعدم قبول ما أفاده بهذه الجهة كما طعنه عليه بعض الأعلام في رجاله، إلاّ أنه مع ذلك كله فالمستفاد من مقدمة الفقيه شهادة الصدوق بأن هذا النبوي صحيح السند وحجة بين العبد وبين الله، لكنه بعد قبوله ليس دليلاً آخر غير ما قدمناه على اعتبار سنده، فيحتمل فيه أن الصدوق أيضاً من طريق كثرة سندا الحديث اطمأن بصدور الحديث وأسنده جزماً إلى المعصومين (عليهم السَّلام) فهو تأييد لما  ذكرناه. وكيف كان، فلا ينبغي الريب في اعتبار سند النبوي الشريف.

 

وأما اختلاف رواية الفقيه والمعاني مع سائر المصادر في عدم ذكر تعليم السنة للناس فلا يوجب سقوط المشتمل على هذه الزيادة عن الاعتبار، وذلك لاحتمال العمد منه إلى هذا الحذف لكون غرضه من ذكر الحديث مجرد بيان فضل نقل الأخبار فليس مثله اختلافاً في المتن، مضافاً إلى أنه إذا دار الأمر بين اشتباه الحذف واشتباه الزيادة فاشتباه الزيادة ضعيف عند العقلاء لا يصار إليه عندهم، مضافاً إلى ما عرفت من الاطمئنان بصدور المشتمل على هذا الزيادة فالمتحصل أن النبوي معتبر من حيث السند.

 

وأما دلالته فإنه (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) طلب من الله أن يرحم خلفاءه، وفسّر الخلفاء بالذين يأتون من بعده يروون أحاديثه وسنته ويعلمونها الناس، وعنوان ما فسّر الخلفاء به يشمل الفقهاء، فإنهم راوون للأحاديث ويعلمون مفادها ويعلّمون مفادها الناس بمثل الإفتاء بها، فهؤلاء خلفاء الرسول (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم)، والخلافة معناها القيام مقام أحد فيها كان له من الوظائف والاختيارات. وحيث إنه لا ريب في أنه كان علي النبي (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) إبلاغ الأحكام الإلهية والمعارف الإسلامية إلى الناس وكان له إعمال الولاية بالنسبة لجميع أمور المسلمين بل عامة الناس فكان هذا وظيفةً عليه واختياراً خاصّاُ به زمن حياته فهؤلاء الخلفاء أيضاً كان لهم بعد وفاته هذه الوظيفة وتلك الاختيارات، وثبوت هذه الاختيارات الوسيعة لأحد عبارة أخرى عن فعلية حق إدارة أمور الناس له، وهو المطلوب.

 

إلاّ أنه مع ذلك يمكن أن يناقش في دلالته من وجهين: تارةً من حيث كون المراد بهؤلاء خصوص الفقهاء، وأخرى من حيث إرادة ولاية الأمر من الخلافة.

 

(أما الأول) فإما بدعوى أن المراد بهؤلاء الخلفاء خصوص الأئمة المعصومين (عليهم السَّلام) الذين لا ريب في ثبوت ولاية أمر الناس لهم ـ وقد مرت الاستدلالات الكثيرة القطعية على هذا المطلب في أول الكتاب ـ فلا يدخل فيهم الفقهاء. وإما بدعوى أن ما جاء في تفسير الخلفاء منه قوله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): «الذين يأتون من بعدي ويروون أحاديثي وسنتي ويعلمونها الناس» عبارة أخرى عن الراوين للأحاديث الناقلين للناس الذين يروون عنهم، وليس هؤلاء إلاّ مشايخ الحديث، ولا شبهة في أن شيخ الحديث ربما كان فقيهاً كشيخ الطائفة إلاّ أن شمول النبوي له إنّما يكون لعناية أنه يروي الحديث ويعلمه الناس لا بلحاظ أنه من الفقهاء وبالجملة: فالنبوي يدل على ولاية الرواة لا الفقهاء.

 

إلاّ أن الإنصاف ضعف كلا الأمرين، وذلك أن العنوان المذكور لا ريب في شموله لعموم الناس إذا رووا أحاديث النبي (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) وسنته وعلموها الناس، فلا مجال لدعوى اختصاصه من هذه الجهة بخصوص الأئمة المعصومين (عليهم السَّلام)، بل في التعبير عنهم (عليهم السَّلام) بهذا العنوان نحو تنقيص لهم بعد ثبوت أنهم (عليهم السَّلام) معادن علم الله وخزائنه، ولذلك كان شمول العنوان المزبور لهم أيضاً محل ريب. وكيف كان، فلا ريب في عموم العنوان المذكور لغيرهم ممن يروى الأحاديث والسنن ويعلمه الناس.

 

وأما شبهة إرادة الرواة فهي أيضاً ضعيفة، وذلك أن مفاد التفسير أن هؤلاء الخلفاء هم الذين يروون جميع أحاديثه وسنته ويعلمونها الناس، فإن إرادة جميع أحاديثه وسنته هي ما يستفاد من إضافة «أحاديث» و «سنة» إلى الضمير المضاف إليه.

 

فرواية أحاديثه وسنته (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) إنّما هي رواية جميعها، فيكون مفاد «ويعلمونها الناس بعده» تعليم جميع الأحاديث والسنة لهم وحينئذٍ فمن الواضح أن ما يستظهر من مثل العبارة عند العرف أن هؤلاء الناس ليسوا من لا شأن له إلاّ نقل الألفاظ والأعمال من دون عناية بفهمه لما يدل عليه اللفظ والعمل، بل من كان راوياً لجميع كلماته وأفعاله الدالة على أحكام الإسلام ومعارفه ليس إلاّ فقيهاً عالماً بالإسلام، وعلى هذا المعنى يدل ما ورد عنهم (عليهم السَّلام) من الأمر بكتابة الحديث وحفظ الكتب، ولذلك أيضاً كان صاحب هذه الكتب من أصحاب الأئمة (عليهم السَّلام) مرجع بيان الأحكام لعامة الناس.

 

ولتوضيح هذا الأمر لا بأس بملاحظة بعض الروايات الواردة في كل من الأمرين:

 

1ـ فممّا يدل على الأمر بكتابة الحديث موثقة عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد الله (عَليهِ السَّلام): احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها[13].

 

فإنه (عَليهِ السَّلام) أمر بالمراقبة وحفظ كتبهم التي لا ريب في أنها كتب الأحاديث المروية، ولا ريب في أنه يستفاد من الأمر بالاحتفاظ بها أن أصل كتابة الحديث أمر مستحسن واستحسانها أوجب مطلوبية حفظها، وقد علل سر هذا الأمر وعلته بقوله (عَليهِ السَّلام) «فإنكم سوف تحتاجون إليها». وواضح أن الاحتياج إلى الكتب ليس إلاّ لأجل الحاجة إلى الوقوف إلى رواياتها للعمل بها، فتدل الرواية على أن سر الأمر بكتابة الحديث أن يؤخذ بالأحاديث ويعمل بها، وهو ما ذكرناه.

 

2ـ ومنها وما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عَليهِ السَّلام) يقول: اكتبوا، فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا[14].

 

فقد أمر أصحابه بكتابة الأحاديث وعلله بأنهم لا يحفظون الأحاديث إلاّ من طريق الكتابة. وبعد وضوح أن حفظ الحديث مقدمة للعمل به ففي الرواية دليل على أن حفظ الأحاديث وروايتها للناس إنّما هو للعمل بها، وهو سر الأمر بكتابتها.

 

3ـ ومنها رواية المفضل بن عمر قال: قال لي أبو عبد الله (عَليهِ السَّلام): اكتب وبث علمك في إخوانك، فان مت فأورث كتبك بنيك، إنه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلاّ بكتبهم[15].

 

 فقد أمر (عَليهِ السَّلام) بكتابة الحديث وحفظ الكتاب لأن يصل إلى من بعدهم من الورثة وهم محتاجون إلى الروايات المكتوبة في هذه الكتب ولا يأنسون إلاّ بما فيها، ففي الرواية دلالة واضحة على أن أمر الرواة بكتابة الأحاديث إنّما هو لأن تقع الروايات بيد الناس بعدهم ويعملون بها، وهو ما ذكرناه.

 

وفي الباب أخبار أخر عديدة تدل على ما قلناه.

 

وأما ما يدل على الإرجاع بصاحب هذه الكتب:

 

1ـ ففي صحيحة أبي هاشم (داود بن القاسم) الجعفري قال: عرضت على أبي محمد العسكري (عَليهِ السَّلام) كتاب يوم وليلة ليونس، فقال لي: تصنيف من هذا؟ قلت: تصنيف يونس مولى آل يقطين، فقال: أعطاه الله بكل حرف نورا إلى يوم القيامة[16].

 

2ـ وفي رواية بورق البوشجاني قال: خرجت إلى سر من رأى ومعي كتاب يوم وليلة، فدخلت على أبي محمد (عَليهِ السَّلام) وأريته ذلك الكتاب وقلت له: إن رأيت أن تنظر فيه وتصفحه ورقة ورقة، فقال: هذا صحيح ينبغي أن تعمل به[17].

 

 والروايتان ـ كما هو واضح ـ دليل على وجوب العمل بالروايات التي رواها يونس في كتابه هذا، وفيهما دلالة على أن أخذ الأحاديث من الرواة إنّما هو مقدمة للعمل بها، ولذلك كانتا منت أدلة ما قدمناه.

 

وفي الباب روايات أخر دالة على اعتبار كتاب يوم وليلة ليونس[18].

 

فهذه الأخبار العديدة تدل على أن يونس بن عبد الرحمن صاحب هذا الكتاب الشريف الصحيح الذي ينبغي أن يعمل به، وقد وردت روايات متعدد معتبرة السند على إرجاع الناس إليه لأخذ معالم الدين:

 

1ـ ففي صحيح عبد العزيز بن المهتدي والحسن بن علي بن يقطين جميعاً عن الرضا (عَليهِ السَّلام) قال: قلت: لا أكاد أصل إليك أسألك عن كل ما أحتاج إليه من معالم ديني، أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما احتاج إليه من معالم ديني؟ فقال (عَليهِ السَّلام): نعم[19].

 

2ـ وفي صحيح عبد العزيز بن المهتدي ـ وكان وكيل الرضا (عَليهِ السَّلام) وخاصته ـ قال: سألت الرضا (عَليهِ السَّلام) وقلت: إني لا ألقاك كل وقت فعمن آخذ معالم ديني؟ قال (عَليهِ السَّلام): خذ عن يونس بن عبد الرحمن[20].

 

فمثل هذه الروايات إذا انضمت إلى قول النبي (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) وتفسيره للخلفاء بالذين يروون حديثه وسنته يعلم من جميعها أن أولئك الرواة هم الفقهاء والعالمون بمعالم الدين لا أنهم مجرد ضابطي ألفاظ الأحاديث.

 

وفي رواية رواها الكشي في رجاله عن الملقب بفورا من أهل البوزجان بنيسابور أن أبا محمد الفضل بن شاذان (رحمه الله) كان وجّهه إلى العراق إلى حيث به أبو محمد الحسن بن علي صلوات الله عليهما، فذكر أنه دخل على أبي محمد (عَليهِ السَّلام) فلما أراد أن يخرج سقط منه كتاب في حضنه ملفوف في رداءٍ له، فتناوله ابو محمد (عَليهِ السَّلام) ونظر في ـ وكان الكتاب من تصنيف الفضل ـ وترحّم عليه، وذكر أنه (عَليهِ السَّلام) قال: أغبط أهل خراسان بمكان الفضل بن شاذان وكونه بين أظهرهم[21].

 

فترحمه (عَليهِ السَّلام) على الفضل بعد النظر في كتابه ترغيب منه في تصنيف كتب أحاديث الأئمة (عليهم السَّلام)، وإظهار غبطته لأهل خراسان بكون الفضل بين أظهرهم تحسين وأمر برجوع الناس إلى الفضل لأخذ معالم الدين عنه، وهو ما قدمناه.

 

فبالجملة: لا ينبغي الريب في أن المراد من الذين يروون أحاديث النبي (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) وسنته هو الفقهاء لا مجرد الرواة الذين ينقلون ألفاظ الأحاديث أو أعمال المعصومين (عليهم السَّلام).

 

 (وأما الثاني) فلأن الخلافة وإن كانت بمعنى القيام مقامه في ما له وعليه ـ ولذلك كان احتمال اختصاص المراد منها مجرد أن هؤلاء الفقهاء يروون الأحاديث والسنن باطلاً لأن رواية الحديث والسنة لم تكن شغلاً للنبي (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) ولا من اختياراته ـ إلا أنه مع ذلك أن الحديث ليس في مقام جعل الخلافة لهم حتى يكون له إطلاق في أن الفقهاء يقومون مقامه في كل ما كان له من الوظائف والاختيارات بل إنّما أطلق الخلافة بالنسبة إليهم وهي صادقة بملاحظة كون الفقهاء في مقام تبليغ الإسلام الشريف بمعارفه وأحكامه، ولا ريب في أن تبليغه كان من أعلى وظائف النبي (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم)، فلعلّ ميزان صدق الخليفة عليهم كان مجرد هذا العمل الإلهي الإسلامي، ولا إطلاق له يقتضي ثبوت الخلافة لهم في تولّي إدارة أمور المسلمين أيضاً.

 

إلاّ أنه لا يبعد استظهار إن الهدف الأصيل له (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) من قوله: «اللهم ارحم خلفائي» إبداء الخلافة لطائفة إجمالاً، فبيّن هذا المعنى في قالب الاسترحام من الله لهم، والناس المخاطبون لما لم يكونوا يعلمون أن هؤلاء الخلفاء من هم قاموا بصدد الاستفسار عنه (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) بقولهم له: «ومن خلفاؤك؟» فأجابهم الرسول بأنهم الفقهاء الذين يأتون من بعدي يروون معارف الإسلام ويعلمونها الناس. وحينئذ فإذا كان في مقام إبداء خلافتهم عنه فهذه العبارة مثل أن يقول: إن فقهاء أمتي بعدي خلفائي. ولا ينبغي الريب في أن الخلافة فيه مطلقة شاملة للخلافة في تعليم الإسلام وفي تولّي إدارة أمور الناس، وليس مثل هذه العبارة من قبيل إطلاق الخليفة على أحد كي لا يقتضي من وجود ملاك ما لصدقه عليه ولا يكون له إطلاق.

 

لكنّه مع ذلك كله فلقائل أن يقول: إنه قد مر عن قريب قيام أدلة معتبرة على أن ولي الأمر زمن الحضور وزمن الغيبة لابد وأن يكون واحداً، والنبوي بناءً على ما مرّ يدل بوضوح على أن جميع الفقهاء كل في عرض الآخرين تثبت له منصب ولاية أمر المسلمين ولا يمكن الأخذ به، فلعله لابد وأن يراد من الخلافة المذكورة فيه الخلافة في مثل التبليغ للمعارف والأحكام الإسلامية مما لا بأس بتعدّد الواجدين لها.

 

بل إن هنا إيراداً قوياً آخر لا يمكن مع العناية إليه إرادة الخلافة في تولّي إدارة أمور المسلمين من النبوي، وذلك أنه كما لا ريب بحسب أصول المذهب في أن ولي أمر الأمة بعد النبي (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) وفي زمن حضور الأئمة المعصومين (عليهم السَّلام) هو نفس أولئك المعصومين لا يشاركهم في ولاية الأمر غيرهم فهكذا قد وردت روايات كثيرة مستفيضة فيها أخبار متواترة دالّة على أن خلفاء النبي (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) بعده في أمر الولاية على الأمة منحصرون في أولئك الأئمة الاثني عشر، وحينئذ لا يمكن ثبوت الخلافة والولاية على الأمّة بعده للفقهاء.

 

ولنذكر من هذه الروايات من باب الأنموذج عدّة منها:

 

1ـ فقد روى الصدوق في العيون وكمال الدين بإسناده عن يحيى بن أبي القاسم (أبي بصير) عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي (عليهم السَّلام) قال: قال رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): الأئمة بعدي اثنا عشر، أولهم علي بن أبي طالب، وآخرهم القائم، هم خلفائي وأوصيائي وأوليائي، وحجج الله على أمتي بعدي، المقرّ بهم مؤمن، والمنكر لهم كافر[22].

 

 2ـ وروى في كمال الدين بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: لما أنزل الله عز وجل على نبيه محمد (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ﴾[23] قلت: يا رسول الله عرفنا الله ورسوله فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعته؟ فقال: هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين بعدي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، ثم الحسن والحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر فإذا لقيته فأقرئه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم سميّي وكنيّي حجة الله في أرضة وبقيّته في عبادة ابن الحسن بن علي (عَلَيهِم السَّلام)، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها... الحديث[24].

 

فكلنا الروايتين صرّحتا بأن خلفاء النبي بعده هؤلاء الأئمة المعصومين الاثنى عشر، وهو قول الرسول، وهو في صدد البيان، فتدلان ـ لا سيما الثانية في بيان تفسير آية الولاية وبيان المراد بأولي الأمر ـ على انحصار وليّ أمر المسلمين بعده في خصوص الأئمة المعصومين (عليهم السَّلام).

 

3ـ وروى أيضاً فيه بإسناده عن علي بن أبي حمزة عن الصادق عن آبائه (عليهم السَّلام) عن رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) ـ في حديث ـ: فقام جابر بن عبد الله الأنصار فقال: يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟ قال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ـ فذكر الأئمة المعصومين إلى القائم (عليهم السَّلام) ثم قال: ـ هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي، من أطاعهم فقد أطاعني، ومن عصاهم فقد عصاني...[25].

 

4ـ وروى أيضاً فيه بإسناده عن يحيى بن أبي القاسم عن الصادق عن آبائه (عليهم السَّلام) أنه قال رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): الأئمة من بعدي اثنا عشر، أوّلهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم، هم خلفائي وأوصيائي وأوليائي، وحجج الله على أمتي بعدي، المقرّ بهم مؤمن، والمنكر لهم كافر[26].

 

5ـ وروى أيضاً فيه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عَليهِ السَّلام) ـ بعد أن ذكر (عَليهِ السَّلام) تصريح رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) بإمامته وإمامة المعصومين الآخرين (عليهم السَّلام) وأنه (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) قال مشيراً إلى قوله تعالى ﴿وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ﴾[27]: إن عدد الأئمة بعده بعدد البروج وبعدد الشهور ـ: فقال السائل: فمن هم يا رسول الله؟ فوضع رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) يده على رأسي فقال: أولهم هذا وآخرهم المهدي، ومن والاهم فقد والاني ومن عاداهم فقد عاداني... وبهم يخرج بركات الأرض، هؤلاء أصفيائي وخلفائي وأئمة المسلمين وموالي المؤمنين[28].

 

6ـ وروى أيضاً فيه بإسناده عن الحسن بن علي العسكري عن آبائه عن رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) أنه قال في حديث: يا ابن مسعود، علي بن أبي طالب إمامكم بعدي وخليفتي عليكم، فإذا مضى فابني الحسن إمامكم بعده وخليفتي عليكم، فإذا مضى فابني الحسين إمامكم بعده وخليفتي عليكم، ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد أئمتكم وخلفائي عليكم، تاسعهم قائم أمتي ـ إلى أن قال وهو رافع يديه إلى السماء ـ اللهم والٍ من والى خلفائي وأئمة أمتي بعدي، وعادٍ من عاداهم، وانصر من نصرهم، واخذل من خذلهم...[29].

 

ورواه عنه وروى مثله البحار عن احتجاج الطبرسي[30].

 

7ـ وروى أيضاً فيه بإسناده عن سليم بن قيس الهلالي قال: رأيت عليّاً (عَليهِ السَّلام) في مسجد رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) في خلافة عثمان، وجماعة يتحدّثون ويتذاكرون العلم والفقه، فذكرنا قريشاً وشرفها وفضلها وسوابقها ـ وبعد أن ذكر ما استشهد أمير المؤمنين (عَليهِ السَّلام) لإمامته بحديث غدير خم وذكر نزول آية إكمال الدين بولايته قال: ـ فكبّر رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) وقال: الله أكبر بتمام النعمة وكمال نبوتي ودين الله عز وجل وولاية علي بعدي، فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله، هذه الآيات خاصّة لعلي؟ قال: بلى فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة، قالا: يا رسول الله، بيّنهم لنا، قال: علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي، ثم ابني الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد ـ إلى أن ذكر ما قاله علي (عَليهِ السَّلام) مخاطباً لمن في المسجد ـ: أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) قام خطيباً لم يخطب بعد ذلك فقال: يا أيها الناس، إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فتمسكوا بهما لئلا تضلّوا (لن تضلوا ـ خ ل) فإن اللطيف الخبير أخبرني وعهد إليّ أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فقام عمر بن الخطاب وهو شبه المغضب فقال: يا رسول الله، أكل أهل بيتك؟ فقال: لا، ولكن أوصيائي منهم، أوّلهم أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي ووليّ كل مؤمن من بعدي، هو أوّلهم، ثم ابني الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين، واحد بعد واحد حتى يردوا عليّ الحوض...؟ فقالوا كلّهم: نشهد أنّ رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) قال ذلك...[31].

 

8ـ وروى أيضاً فيه بإسناده عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي اثنا عشر، أولهم اخي وآخرهم ولدي، قيل: يا رسول الله، ومن أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب. قيل: فمن ولدك؟ قال: المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً...[32].

 

9ـ وروى الصدوق في الأمالي بإسناده عن الحسين بن خالد عن الرضا (عَليهِ السَّلام) قال: قال رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): من أحب أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليوالٍ علياً بعدي، وليعادِ عدوه، وليأتم بالأئمة الهداة من ولده، فإنهم خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي وسادة أمتي...[33].

 

والروايات بهذا المضمون كثيرة تبلغ حدّ التواتر قطعاً، ونكتفي من باب الأنموذج بما نقلناه، وجميعها تدلّ على أن رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) صرح بأن الخلفاء بعده منحصرون في الأئمة الاثني عشر المعصومين (عليهم السَّلام)، ونفس الخلافة عنه مضافاً إلى صراحة بعض هذه الروايات وعلاوة عمّا مضى من الأدلة الكثيرة في أول الكتاب تدلّ وتقتضي أنهم أولياء أمر الأمة وأولى بهم من أنفسهم بعد الرسول (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم)، فلا محالة لا يمكن أن يراد بالخلافة الثابتة للفقهاء في النبوي المذكور ولاية أمر الأمة والجمع العقلائي بين هذه الروايات الكثيرة وبين النبوي المذكور ولاية أمر الأمة والجمع العقلائي بين هذه الروايات الكثيرة وبين النبوي أن يحمل ويراد بالخلافة المذكورة فيه الخلافة عنه في تبليغ أحكام الدين ومعارف الإسلام.

 

ولا مجال بعد ذلك لأن يراد بهذه الخلافة الخلافة الجزئية التي ربما تثبت لأحد تحت راية وليّ الأمر الأصلي وبنصبه ـ كما ثبتت لمالك الأشتر بالنسبة لمصر ـ فإن ظاهر النبوي إثبات الخلافة للفقهاء بكلام رسول الله، ولا ينبغي الريب في أن هذه الخلافة مثل ما كانت ثابتة له (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) وهي ولاية وسيعة على الناس كما هو واضح، فهذا الجمع جمع تبرّعي غير مقبول عند العقلاء، والجمع العقلائي المقبول هو ما عرفت من حمل خلافة النبوي على غير الولاية كما عرفت.

 

(الرواية السادسة) موثقة السكوني:

 

فقد روى الكليني في أصول الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله (عَليهِ السَّلام) قال: قال رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: يا رسول وما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم[34].

 

وفي المستدرك: عن نوادر السيد فضل الله الراوندي بإسناده الصحيح عن موسى بن جعفر عن آبائه (عليهم السَّلام) قال: قال رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): (فذكر مثله)[35].

 

وفي المستدرك أيضاً عن دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السَّلام) عن رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) أنه قال في حديث: والفقهاء أمناء الرسل ـ وذكر مثله ـ إلاّ ان في آخره كآخر نقل النوادر: «فاحذروهم على أديانكم»[36].

 

والكلام تارة عن اعتبار سند الحديث وأخرى عن دلالته:

 

أما سنده فلا مغمز فيه إلاّ بوقوع النوفلي والسكوني فيه، فأما السكوني وهو إسماعيل بن مسلم أبو زياد فلم يقل أحد من الأصحاب بعدم وثاقته، بل منتهى ما قيل فيه أنه عامّي، والمستفاد من كلام الشيخ في العدة انه ثقة، وذلك أنه صرح في موضع منها ـ بعد التعرض لحكم روايات ترويها فرق الشيعة المختلفة ـ: فأما من كان مخطئاً في بعض الأفعال أو فاسقاً في أفعال الجوارح وكان ثقة في روايته متحرزاً فيها فإن ذلك لا يوجب رد خبره ويجوز العمل به، لأن العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه وإنما الفسق بإعمال الجوارح يمنع من قبول شهادته وليس بمانع من قبول خبره، ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم[37].

 

وهذه العبارة وإن صرّحت بعدم اعتبار العدالة في حجية خبر الواحد إلاّ أنها نص أيضاً في اعتبار كون الراوي ثقة متحرزاً عن الكذب في حجيّته، وحينئذ فإذا انضمت هذه العبارة إلى ما أفاده قبله في الخبرين المتعارضين بقوله: «وأما العدالة المراعاة  في ترجيح أحد الخبرين على الآخر فهو أن يكون الراوي معتقداً للحق مستبصراً ثقة في دينه متحرجاً من الكذب غير متهم في ما يرويه، فأما إذا كان مخالفاً في الاعتقاد لأصل المذهب وروى مع ذلك عن الأئمة (عليهم السَّلام) نظر في ما يرويه، فإن كان هناك من طرق الموثوق بهم ما يخالفه وجب إطراح خبره، وإن لم يكن هناك ما يوجب إطراح خبره ويكون هناك ما يوافقه وجب العمل به، وإن لم يكن من الفرقة المحقة خبر يوافق ذلك ولا يخالفه ولا يعرف لهم قول فيه وجب أيضاً العمل به لما روي عن الصادق (عَليهِ السَّلام) أنه قال: «إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها في ما رووا عنّا فانظروا إلى ما رووا عن علي (عَليهِ السَّلام) فاعملوا به» ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث بن كلّوب ونوح بن درّاج والسكوني وغيرهم من العامة عن أئمتنا (عليهم السَّلام) في ما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه»[38]. فبانضمام العبارتين إلى الأخرى يعلم أن محل بحثه في أخبار هؤلاء من العامة من كان منهم ثقة في روايته وإلاّ لما كانت روايته واجدة لأصل شرط جواز العمل بها وعليه، فدعوى دلالة عبارته هذه على كون السكوني ثقة صحيحة لا مجال للشبهة فيها.

 

ويزاد على ما مرّ تصريح المحقق في المعتبر وغيره بأن السكوني ثقة، وهكذا تصريح فخر المحققين وغيره به، ولا يعتني بالشبهة فيها. ويؤيد كونه ثقة رمي المخالفين له بالضعف، فإن الظاهر أن وجهه هو رجوعه إلى الأئمة المعصومين (عليهم السَّلام).

 

وأما الحسين بن يزيد النوفلي فلم يرد في قدحه سوى ما في رجال النجاشي من أنه قال قوم من القميين: إنه غلا في آخر عمره. لكن عقبه النجاشي وضعّف هذا المقال بأن قال: والله أعلم، وما روينا له رواية تدل على هذا، له كتاب التقية... وله كتاب السنة[39]. ولعل منشأ قول هذا القوم فيه هو روايته روايات دالة على فضائل جمة للأئمة المعصومين (عليهم السَّلام) مما يعد الآن من كمالاتهم البينة، وكانت هذه الأخبار بعيدة عن أذهانهم حتى رموه إلى الغلو. وأرى أن الرجوع إلى مثل هذه الأخبار العديدة التي رواها الصدوق في كتاب التوحيد وإلى ما ذكره (قدّس سرّه) ذيلها وتوجيهاً لها شاهد صدق لما ذكرناه.

 

وكيف كان، فروايات السكوني بحسب الغالب رواها عنه النوفلي بحيث يستلزم قبول روايات السكوني قبول رواية النوفلي، مضافاً إلى ما يستفاد من كلام فخر المحققين حيث صرح بموثّقية خبر رواه النوفلي عن السكوني، فراجع كتب الرجال.

 

فالحاصل: أن سند الحديث في الكافي موثق، وقد عرفت روايته في نوادر الراوندي وحكم صاحب المستدرك بأنّ سنده فيه صحيح، فالرواية من جهة السند معتبرة.

 

وأما دلالتها فقد صرّحت بان الفقهاء أمناء الرسل، والرسل عام يشمل نبي الإسلام أيضاً، فالفقهاء أمناء رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم)، وحيث إنه كان أولى بالمؤمنين بأنفسهم فهذه الأولوية تثبت للفقهاء بمقتضى أنهم أمناؤه، وهو المطلوب.

 

إلاّ أن هذا البيان ضعيف جداً، فإن الأمناء جمع الأمين، والأمين ممن اؤتمن على شيء فجعل عنده أمانه ووديعة، ولا ريب في عدم جواز الخيانة فيها، بل الله يأمر أن تؤدى الأمانات إلى أهلها، وما يتصور أن يكون أمانة من النبي إلى الفقهاء هو أحكام الإسلام ومعارفه، فعليهم أن يحفظوها ويؤدوها بلا زيادة ولا نقيصة إلى المسلمين، وهذا لا ربط له بتولي أمر الأمة.

 

إلاّ أنّه يمكن الاستدلال لولاية الفقيه بمقتضى هذه الأمانة بوجهين:

 

أحدهما بما في معتبر الفضل بن شاذان النيسابوري عن الرضا (عَليهِ السَّلام) في مقام بيان سرّ الاحتياج إلى وليّ الأمر في الإسلام، قال: فإن قال قائل: ولِمَ جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم؟ قيل: لعلل كثيرة:

 

منها: أن الخلق لما وقفوا على حدّ محدود وأمروا أن لا يتعدوا تلك الحدود لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلاّ بأن يجعل عليهم فيها أميناً بأخذهم بالوقت عند ما أبيح لهم ويمنعهم من التعدي على ما حظر عليهم، لأنه لو لم يكن ذلك لكان أحد لا يترك لذته ومنفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيم يمنعهم من الفساد ويقيم فيهم الحدود والأحكام.

 

ومنها: أنه لو لم يجعل لهم إماماً قيماً أميناً حافظاً مستودعاً لدرست الملة وذهب الدين وغيرت السنن والأحكام ولزاد فيه المبتدعون ونقص منه الملحدون وشبّهوا ذلك على المسلمين، إذ قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين مع اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتت حالاتهم، فلو لم يجعل فيها قيما حافظاً لما جاء به الرسول الأول لفسدوا على نحو ما بيّناه وغيرت الشرائع والسنن والأحكام والإيمان، وكان في ذلك فساد الخلق أجمعين...[40].

 

فالحديث جعل منشأ اعتبار الولاية شرعاً لأولياء الأمر أنّ الحدود والأحكام الإلهية أمانات منه تعالى. ففي الوجه الأول أفاد أن تحقق هذه الأحكام إنما هو بأن يكون من عنده هذه الأمانات مراقباً على تحققها بحيث لا يتخلف أحد عن العمل بها أصلاً ومؤتمناً على إجراء الحدود والتأديبات الإلهية وعلى القضاء الإسلامي والحكم بأن يردّ حق كل ذي حق إليه، وهو عبارة أخرى عن ولاية هذا الأمين على الأمة ووجوب قيام هذا الأمين بهذه الوظيفة ووجوب إطاعة الأمة عنه. وفي الوجه الثاني أن المؤتمن على هذه الأمانات لابدّ وأن يراقب بقاءها كما جعلها الله تعالى بحيث لا يقع فيها نقص ولا زيادة، وهو لا يكون إلاّ بأن يكون ذاك الأمين وليّ أمر على الأمة.

 

فالحديث دالّ على أن مقتضى كون الأحكام ومعارف الإسلام أمانة عند أحدٍ كالنبي والأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، وأن يكونوا هؤلاء الأمناء أولياء الأمر على الأمة واجبي الطاعة، وإذا دلّت موثقة السكوني على أن الفقهاء أمناء رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) فلا محالة يكون ما كان عنده من الله أمانة ينتقل إلى الفقهاء ويكون بيدهم أمانة. وقد دلّ حديث العلل على أن مقتضى ذلك أن يكون الأمين على الأحكام والمعارف الإسلامية وليّ أمر الأمة فيتم المطلوب.

 

لكنه يرد عليه ما قد سبق نظيره ذيل النبوي «اللهم ارحم خلفائي». وحاصله: أن ضرورة المذهب وقيام روايات كثيرة متواترة يقتضيان انحصار ولاية الأمر على الأمة بعد الرسول (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) في الأئمة المعصومين (عليهم السَّلام) كل واحد منهم في زمانه وبعد موت الإمام السابق. ومن الواضح أن الإمام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه الشريف حيّ وإمام ووليّ أمر الأمة في زمن الغيبة أيضاً ومع ذلك فلا يبقى مجال لأن يقال بولاية الأمر للفقهاء تلك الولاية الكبرى الكلية أصلاً، وبعد ذلك فلابدّ وأن يراد من إطلاق الأمانة المدلول عليا بالموثقة خصوص الأمانة في حفظ الأحكام والمعارف الإسلامية وتبليغها للناس. وهذا هو الوجه الأول.

 

الوجه الثاني: أن يقال: إن الأمة الإسلامية كانت في زمن حياة الرسول (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) بيده وتحت ولايته فإذا مات تبقى أمّته بعده أمانة منه بيد فقهاء الأمة، فعلى الفقهاء أن يدبروا إدارة أمر الأمة بعده كما كان هو يدبر أمورهم زمن حياته»، وهذا عبارة أخرى عن ثبوت الولاية لهم.

 

وأنت تعلم بأن الإيراد المذكور على هذا الوجه الأول يرد على الوجه الثاني أيضاً، فإن  مقتضى الأدلة القطعية أن أمة الإسلام بعد الرسول (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) جعلت انحصاراً تحت ولاية الأئمة المعصومين (عليهم السَّلام) كل منهم في زمانه، ومعه لا مجال لإدارة هذا المعنى من الأمانة المدلول عليها في الموثقة.

 

ـــــــــــــــــ

 

[1] عيون الأخبار: ج2 الباب 31 ص 24 الحديث 4 (ذكر السند) وص 37 الحديث 94 (متن الحديث) عنه الوسائل الباب 8 من أبواب صفات القاضي ج18 ص66 الحديث53.

 

[2] الأمالي للصدوق: ص109، عنه الوسائل: الباب8 من أبواب صفات القاضي ج18 ص65 الحديث 50.

 

[3] المستدرك: الباب 8 من أبواب صفات القاضي ج17 ص 287 الحديث10.

 

[4] البحار: ج2 ص 25 الحديث 83.

 

[5] المستدرك: الباب 8 من أبواب صفات القاضي ج 17 ص 300 الحديث 48.

 

[6] من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 420 ج 5919، عنه الوسائل: الباب 8 من أبواب صفات القاضي ج18 ص 65 الحديث 50.

 

[7] معاني الأخبار: ص 374، عنه الوسائل: الباب 8 من أبواب صفات القاضي ج18 ص 66 الحديث 53 وفي نقله نقص بل زيادة.

 

[8] كنز العمال: ح10 ص 229 الحديث 29209.

 

[9] خاتمة المستدرك: ج19 الفائدة الثانية الرقم 41 (ج1 من الخاتمة) ص 217ـ 221.

 

[10] من لا يحضره الفقيه: ج1 2 ص2ـ4.

 

[11] من لا يحضره الفقيه: ج2 ص90.

 

[12] عيون أخبار الرضا (عَليهِ السَّلام): ج2 الباب 30 ص 21 ذيل الحديث 45.

 

[13] الكافي: ج 1 ص 52 الحديث 10 و9، عنه الوسائل: الباب 8 من أبواب صفات القاضي ج 18 ص 56 الحديث 17 و16

 

[14] نفس المصدر.

 

[15] الكافي: ج1 ص 52 الحديث 11، عنه الوسائل: الباب المتقدم الحديث 18.

 

[16] الوسائل: الباب 8 المتقدم ج 18 ص 72 و71 الحديث 80 و76 و74 و75.

 

[17] نفس المصدر.

 

[18] نفس المصدر.

 

[19] رجال الكشي: 490 الحديث 935، عنه الوسائل: الباب 11 من أبواب صفات القاضي  ج 18 ص 107 الحديث 33.

 

[20] رجال الكشي: 483 الحديث 910، عنه الوسائل: الباب 11 من أبواب صفات القاضي ج 18 ص 107 الحديث 34.

 

[21] رجال الكشي: ص 542 الحديث 1027، عنه الوسائل: الباب 8 من أبواب صفات القاضي ج 18 ص 72 الحديث77.

 

[22] العيون: ج1 الباب 6 ص 59 الحديث 28، كمال الدين: الباب 24 ص 259 الحديث 4، عنهما البحار: ج 36 ص 244 الحديث 57.

 

[23] النساء: 59.

 

[24] كمال الدين: الباب 23 ص 253 الحديث3، عنه وعن كفاية الأثر البحار: ج36 ص250 الحديث67.

 

[25] كمال الدين: الباب 24 ص 258 الحديث 3، عنه وعن كفاية الأثر والاحتجاج في البحار: ج 36 ص 252 الحديث 68.

 

[26] كمال الدين: الباب 24 ص 259 الحديث 4، عنه وعن كفاية الأثر والاحتجاج في البحار: ج36 ص 333 الحديث 194 وقد تقدم ذكره آنفاً.

 

[27] البروج: 1.

 

[28] كمال الدين: الباب 24 ص 259 الحديث 5، عنه البحار: ج 36 ص 253 الحديث 69.

 

[29] كمال الدين: الباب 24 ص 261 الحديث 8.

 

[30] البحار: ج 36 ص 246 الحديث 59.

 

[31] كمال الدين: الباب 24 ص 274 ـ 279 الحديث25، وص 280 الحديث27.

 

[32] نفس المصدر.

 

[33] الأمالي: آخر المجلس 5 ص 13، عنه البحار: ج 38 ص 92 الحديث5.

 

[34] الكافي: ج1 ص 46 الحديث 5.

 

[35] المستدرك: الباب 35 من أبواب ما يكتسب به ج13 ص 124 الحديث 8.

 

[36] المستدرك: الباب 11 من أبواب صفات القاضي ج 18 ص 312 الحديث 5.

 

[37] العدة: ج 1 ص 152.

 

[38] المصدر السابق: ص 148.

 

[39] رجال النجاشي: ص 38 الرقم 77.

 

[40] علل الشرائع: الباب 182 ص 253 الحديث 9.

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة