Skip to main content

الدرس الرابع والسبعون: تعيين ولي أمر الأمة بالقُرعة

التاريخ: 29-08-2011

الدرس الرابع والسبعون: تعيين ولي أمر الأمة بالقُرعة

بالتأمل في الأخبار المتقدمة آنفاً تندفع الشبهة المزبورة ويكون ولي الأمر الفعلي هو الفقيه الواحد الذي قام بتصدي إدارة أمر الأمة

بالتأمل في الأخبار المتقدمة آنفاً تندفع الشبهة المزبورة ويكون ولي الأمر الفعلي هو الفقيه الواحد الذي قام بتصدي إدارة أمر الأمة. نعم، إذا فرض قيام أكثر من واحد معاً بتصدي إدارة أمر الأمة وكان الكل ـ كما هو الفرض ـ جامعين لجميع الشرائط بلا تفاضل أصلاً فيحدث هنا سؤال عن أن وليّ الأمر أي منهما أو منهم هل كلاهما أو جميعهم؟ أو أن الوظيفة في هذه الصورة شيء آخر؟

 

ولا يبعد أن يقال: إن الوظيفة حينئذٍ لتعيين ولي الأمر ـ أي لتعيين من يقوم بتصدي إدارة أمور المجتمع فيصير وليّ أمرهم ـ هي الرجوع إلى القرعة، فمن أصابته القرعة قام به ويصير وليّ أمر المسلمين. ومن الواضح أنه بعد افتراض أنّ الفقهاء الذين تهيئوا لتصدي إدارة الأمور استووا في جميع الشرائط اللازمة الاعتبار في ولاية الأمر، فليس ولي الأمر حينئذٍ واقعاً معينا عند الله اشتبه علينا بل لا واقع معين أصلاً، والقرعة إذا جرت فإنما تجري لتعيين من عليه القيام بإدارة أمر المجتمع في ما لا واقع معين أصلاً، فلابدّ في مشروعية الرجوع إلى القرعة من قيام دليل معتبر على عموم جريانها في موارد لا يكون فيها واقع معين، فنقول:

 

إن دليل مشروعية أصل القرعة في الإسلام إنّما هو الروايات العديدة الواردة على مشروعيتها، وهذه الروايات إما عامّة أو مطلقة، وإمّا روايات خاصّة تضمنت جريان القرعة في موارد مخصوصة.

 

والروايات الخاصّة إما واردة في موارد لها واقع معين مجهول لنا، وإما واردة في موارد لا واقع معين لها أصلاً.

 

أما القسم الأول من هذه الروايات الخاصّة:

 

1ـ فمنها صحيح الحلبي ومحمد بن مسلم ـ المروي في الكافي ـ عن أبي عبد الله (عَليهِ السَّلام) قال: إذا وقع الحرّ والعبد والمشرك بامرأةٍ واحدة في طهرٍ واحد فادّعوا الولد أقرع بينهم، فكان الولد للذي يخرج سهمه[1].

 

2ـ ومثله صحيح الحلبي ـ المروي في التهذيب ـ عن أبي عبد الله (عَليهِ السَّلام) قال: إذا وقع الحرّ والعبد والمشرك على امرأةٍ في طهرٍٍ واحد فادّعوا الولد أقرع بينهم، وكان الولد للذي يقرع[2].

 

ولعلّه هو نفس الصحيحة الأولى واختلافهما في لفظ الجملة الأخيرة من باب النقل بالمعنى.

 

فيما أن الجماع من الثلاثة كان في طهر واحد ـ ومن الواضح أن النطفة الواحدة لا تنعقد إلاّ بماء واحد ـ فلا محالة يكون الولد لواحدٍِ معين واقعاً مجهولاً عندنا، فمورد الحديث من هذا القبيل، إلاّ أنه لا دلالة على العموم أو الإطلاق لجميع الموارد المماثلة فيه.

 

3ـ ومثلهما صحيح سليمان بن خالد ـ المروي في التهذيبين ـ عن أبي عبد الله (عَليهِ السَّلام) قال: قضى عليّ (عَليهِ السَّلام) في ثلاثة وقعوا على امرأة في طهر واحد وذلك في الجاهلية قبل أن يظهر الإسلام، فأقرع بينهم فجعل الولد لمن قرع، وجعل عليه ثلثي الدية للآخرين، فضحك رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) حتى بدت نواجذه، قال: ولا أعلم فيها شيئاً إلاّ ما قضى علي (عَليهِ السَّلام)[3].

 

وهو في المضمون مثل ما سبق، وقوله (عَليهِ السَّلام): «وذلك في الجاهلية...» توضيح لوجه مشروعية كون الولد لصاحب الماء وإن كان الوقاع زنا.

 

4ـ ومثل هذا الأخير صحيحة معاوية بن عمّار ـ المروي في التهذيبين ـ عن أبي عبد الله (عَليهِ السَّلام) قال: إذا وطئ رجلان أو ثلاثة جارية في طهر واحد فولدت فادّعوه جميعاً أقرع الوالي بينهم فمن قُرع كان الولد ولده ويرد قيمة الولد على صاحب الجارية... الحديث[4].

 

5ـ ومثلها صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عَليهِ السَّلام) قال: إذا وقع المسلم واليهودي والنصراني على المرأة في طهر واحد أقرع بينهم، فكان الولد للذي تصيبه القرعة[5].

 

6ـ وفي صحيح حريز ـ المروي عن المشايخ الثلاثة ـ عن أحدهما (عَلَيهِما السَّلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عَليهِ السَّلام) باليمن في قوم انهدمت عليهم دار لهم، فبقى صبيان أحدهما مملوك والآخر حر، فأسهم بينهما فخرج السهم على أحدهما، فجعل المال له واعتق الآخر[6].

 

وكون مورده مما له واقع معين أقرع لتعيينه واضح.

 

إلى غير ذلك من أخبار كثيرة ربما يأتي بعضها.

 

أما القسم الثاني من هذه الروايات الخاصّة الواردة في الإقراع في موارد لا واقع معين لها:

 

1ـ فمنها صحيحة محمد بن مسلم ـ المروية في التهذيب ـ عن أبي عبد الله (عَليهِ السَّلام) في الرجل يكون له المملوكين فيوصي بعتق ثلثهم، قال (عَليهِ السَّلام): كان علي (عَليهِ السَّلام) يسهم بينهم[7].

 

وكون مورده ممّا لا واقع له معين بعناية أنه أوصى بعتق ثلث عبيده وهو قابل للانطباق على أي ثلث منهم محتمل ولا واقع له معين كما هو واضح، ومن الحكم بالقرعة يعلم أنه لم يكن مراد الموصي إيكال أمر التعيين إلى الوصي، وإلا فما كانت إلى القرعة حاجة.

 

2ـ ومثله خبر محمد بن مروان عن الشيخ ـ يعني موسى بن جعفر ـ عن أبيه (عَلَيهِما السَّلام) قال: إن أبا جعفر (عَليهِ السَّلام) مات وترك ستين مملوكاً فأعتق ثلثهم فأقرعت بينهم وأعتقت الثلث[8].

 

فالصدوق في من لا يحضره الفقيه قد رواه في كتاب الوصية هكذا[9]، لكنه نفسه رواه في باب العتق وأحكامه بهذه العبارة: «روى محمد بن مروان عنه (عَليهِ السَّلام) ـ والضمير بقرينة سابقة يرجع إلى أبي عبد الله (عَليهِ السَّلام) ـ أنه قال: إن أبي ترك ستين مملوكاً وأوصى بعتق ثلثهم فأقرعت بينهم فأخرجت عشرين فأعتقتهم»[10]. ولعله مأخوذ مما سبق.

 

وهكذا رواه الشيخ في باب العتق وأحكامه من التهذيب[11] مثل ما جاء في من لا يحضره الفقيه في باب العتق وأحكامه. والأمر سهل.

 

3ـ ومنها صحيحة عبيد الله بن علي الحلبي ـ المروية في من لا يحضره الفقيه والتهذيبين ـ عن أبي عبد الله (عَليهِ السَّلام) في رجل قال: أول مملوك أملكه فهو حر فورث سبعة جميعاً، قال (عَليهِ السَّلام): يقرع بينهم ويعتق الذي خرج سهمه[12].

 

وبيان دلالته: أن مراد الرجل أن يكون مملوك واحد يملكه أول مرة فهو حرّ، فلا محالة كان واحداً من السبعة بلا تعيين واقعي أصلاً.

 

4ـ ومنها صحيحة محمد بن مسلم ـ المروية في من لا يحضره الفقيه ـ قال: سألت أبا جعفر (عَليهِ السَّلام) عن رجل يكون له مملوكين فيوصي بعتق ثلثهم، قال: كان علي (عَليهِ السَّلام) يسهم بينهم[13].

 

وبيان دلالتها: مثل ما ذكرنا ذيل صحيحته المنقولة عن التهذيب.

 

إلى غير ذلك من الأخبار التي ربما يأتي بعضها. هذا كله في الروايات الخاصة.

 

وأما الروايات العامة أو المطلقة فهي متعددة:

 

1ـ فمنها صحيحة إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله (عَليهِ السَّلام) في رجل قال: أول مملوك أملكه فهو حرّ، فورث ثلاثة، قال (عَليهِ السَّلام): يقرع بينهم، فمن أصابته القرعة أعتق، قال: والقرعة سنّة[14].

 

فمورد الحديث أن يقول أحد بأن مملوكاً واحداً يرثه أول مرّة فهو حرّ فحيث ورث مماليك ثلاثة أول مرة فلا محالة كان ذاك الذي بنى على إعتاقه داخلاً ضمن هؤلاء الثلاثة بلا تعيين واقعي له، فحكم (عَليهِ السَّلام) أولاً بأن طريق تعيينه هو القرعة. ومن الواضح أن مورد هذه القرعة ما لا واقع معين له بحسب الواقع إلاّ أن نفس هذه القرعة في ذاك المورد لا دلالة فيها على ثبوت القرعة ومشروعيتها في كل مورد لعدم دليل فيه على التعميم، إلاّ أنه (عَليهِ السَّلام) بعد ذلك أفاد قاعدة شرعية كلية بقوله (عَليهِ السَّلام): «والقرعة سنة». فهذه العبارة مطلقة لا ينبغي الريب في شمول إطلاقها لجميع الموارد التي هي مثل مورد الرواية ليس لها واقع معين، فلا محالة تدل على ثبوت القرعة ومشروعيتها في مورد بحثنا الذي يكون من يتصدى إدارة أمر الأمة واحداً لا أزيد ولا تعيّن له واقعاً، فحيث إنه يجب تعيين هذا الواحد الذي لا تعيّن واقعي له فاللازم الرجوع إلى القرعة بهذا الهدف، كما في المورد المذكور في صدر الحديث حرفاً بحرف.

 

2ـ ومنها صحيحة منصور بن حازم ـ المروية في محاسن البرقي ـ قال: سأل بعض أصحابنا أبا عبد الله (عَليهِ السَّلام) عن مسألة، فقال له: هذه تخرج في القرعة، ثم قال: وأي قضية أعدل من القرعة إذا فوّض الأمر إلى الله عز وجل؟! أليس الله تبارك وتعالى يقول: ﴿ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ ﴾[15]؟

 

وبيان دلالتها: أن الإمام (عَليهِ السَّلام) بعد بيان حكم مورد السؤال بأنّ هذه تخرج في القرعة أفاد اعتبار القرعة بقوله (عَليهِ السَّلام) «أي قضية أعدل من القرعة إذا فوّض الأمر إلاّ الله» وهو تنصيص على اعتبار القرعة ونتيجتها إذا فوّض الأمر إليه تبارك وتعالى، وهذا المقال لا قرينة فيه على عنايته (عَليهِ السَّلام) بمورد خاص، بل إن كل مورد يتصور فيه القرعة ـ أعني ما كان مورد النظر فيه غير معلوم ـ سواء كان واقعاً متعيناً مجهولاً عند المقترع أم لم يكن له تعين أصلاً فهو مجرى القرعة، وتشهد لذاك التعميم الأخبار المتعددة التي مرّ ذكرها عند عد الأخبار الخاصة، فالإمام (عَليهِ السَّلام) ينص على اعتبار القرعة وأنها قضية في تلك الموارد أعدل قضاء وقضية، فإنه إذا فوّض الأمر إلى الله ورجع إلى القرعة فالله تعالى يقضي في المورد أحسن القضاء وأعدله ويجب الأخذ بإتباع هذا القضاء الأعدل. وبعد ذلك استشهد (عَليهِ السَّلام) لكون القرعة قضاءً مرضيّاً عند الله بقوله تعالى: ﴿ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ ﴾.

 

وبالجملة: فدلالة الصحيحة على اعتبار القرعة في الشريعة وعند الله تعالى واضحة، وهي كما عرفت مطلقة شاملة لمثل مورد كلامنا مما لا واقع متعين له أيضاً. فدلالة صحيحة إبراهيم بن عمر على اعتبار القرعة في ما لا واقع متعين له بالتنصيص بقرينة موردها، ودلالة هذه الصحيحة عليه بالإطلاق.

 

ومما ذكرناه نعرف تمامية الاستدلال لاعتبار قاعدة القرعة بقول مطلق بما أسنده جزما في من لا يحضره الفقيه إلى الصادق (عَليهِ السَّلام) فقال: «وقال (عَليهِ السَّلام): أي قضية أعدل من القرعة إذا فوّض الأمر إلى الله، أليس الله يقول: ﴿ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ ﴾»[16]؟ فإسناده الجزمي إلى الإمام شاهد على ثبوت مضمونه من الإمام (عَليهِ السَّلام) عنده فيكون بحسب السند معتبراً مضافاً إلى أنه تعهد في أول هذا الكتاب أن لا يذكر فيه إلاّ ما وصل إليه من الثقات، فسنده معتبر ودلالته على اعتبار القرعة بقول مطلق أيضاً تامة كما عرفت.

 

3ـ ومنها ما رواه الصدوق بسنده الصحيح عن محمد بن الحكيم أنه قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر (عَلَيهِما السَّلام) عن شيء فقال لي: كل مجهول ففيه القرعة، فقلت: إن القرعة تخطئ وتصيب، فقال (عَليهِ السَّلام): كل ما حكم الله عز وجل به فليس بمخطئ[17].

 

ورواه الشيخ في التهذيب بسند آخر عن محمد بن حكيم (حكم ـ خ ل)[18].

 

ورواه الشيخ أيضاً في النهاية بقوله: روي عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عَليهِ السَّلام) وعن غيره من آبائه وأبنائه (عليهم السَّلام) من قولهم: كل مجهول ففيه القرعة فقلت له: إن القرعة تخطئ وتطيب، فقال: كل ما حكم الله به فليس بمخطئ[19].

 

فسند الصدوق في من لا يحضره الفقيه إلى محمد بن حكيم صحيح ومحمد بن حكيم نفسه ثقة بدليل ورود بعض الأخبار المعتبرة فيه الدالة عليه وبدليل رواية جمع من أجلاء الأصحاب عنه فيهم عدّة من أصحاب الإجماع لا سيما ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى اللذين لا يرويان إلاّ عن ثقة. نعم في سند التهذيب موسى بن عمر وعلي بن عثمان ويحتمل جدّاً أن يكون الأول موسى بن عمر بن يزيد بن ذبيان الصيقل الذي هو مجهول كما أن علي بن عثمان مجهول.

 

وأما محمد بن حكم الذي ذكر في نسخة الوسائل فالظاهر أنه من اشتباه النسخة ويشهد له أن المذكور في نسخة التهذيب التي بالأيدي محمد بن حكيم بلا ذكر بدل أصلاً.

 

فالحاصل: عدم اعتبار سند التهذيب، ويحتمل أن يكون مرسل النهاية متخذاً عنه فلا يعتمد عليه، إلاّ أن هذا كله لا يضر باعتبار سند من لا يحضره الفقيه، فالرواية ـ في المجموع ـ معتبرة السند.

 

وأما دلالتها فقد نص الإمام (عَليهِ السَّلام) بأن «كل مجهول ففيه القرعة» فموضوع القرعة هو الشيء المجهول يقرع لأن يصاب ذاك المجهول فيؤخذ به، وكون شيء مجهولاً كما يصدق عليه إذا كان بحسب نفسه أمراً له تعين واقعي كان تعينه الواقعي الذي له غير معلوم بل مجهولاً، فهكذا يصدق على شيء خاص لابد وان يعرف لتترتب عليه وظيفة شرعية. ومورد كلامنا من القبيل الثاني، فإنه بعد أن كان تأسيس الدولة الإسلامية واجباً لابد منه وبعد أن كان اللازم أن يتصدى إدارة أمر الأمة رجلاً واحداً جامعاً للشرائط المعتبرة في ولي الأمر وكان هذا الواحد أحداً من هذا الجمع الذين تهيّأ لتصدي إدارة أمر الأمة فلابدّ لنا من الوصول إليه، فهذا الأحد واحد من أفراد الجمع، وهو غير معلوم عندنا، فهو شيء مجهول لابدّ من الوصول إليه وكل من آحاد هذا الجمع يحتمل أن يكون هو هذا الواحد ولذلك تفرع بينهم لنصل إلى هذا الواحد ويعمّه عموم الكبرى المنصوص عليها في كلامه (عَليهِ السَّلام) وتكون القرعة طريقاً شرعياً لتعيينه.

 

وبالجملة: فلا ينبغي الريب في اقتضاء العموم المذكور لاعتبار القرعة في أمثال هذه الموارد أيضاً. وهو كما يعمّ ما إذا كان له تعيّن واقعي مجهول عندنا يعم هذه الموارد أيضاً.

 

4ـ ومنها ما رواه الكليني في كتاب النكاح من الكافي بسندٍ صحيح، والصدوق في باب الحكم بالقرعة من الفقيه أيضاً بسنده الصحيح، والشيخ في التهذيبين بسنده المعتبر عن الكليني بنفس سنده جميعاً عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي جعفر (عَليهِ السَّلام) قال: بعث رسول الله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) عليّاً (عَليهِ السَّلام) إلى اليمن فقال له حين قدم: حدثني بأعجب ما ورد عليك، قال: يا رسول الله أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطؤها جميعاً في طهر واحد، فولدت غلاماً واحتجوا (فاختلفوا ـ الفقيه) فيه كلّهم يدّعيه، فأسهمت بينهم (ثلاثة ـ الفقيه) وجعلته للذي خرج سهمه وضمّنته نصيبهم. فقال النبي (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): أنه ليس من قوم تنازعوا ثم فوّضوا (تقارعوا وفوّضوا ـ الفقيه) أمرهم إلى الله إلاّ خرج سهم المحقّ[20].

 

ورواه الشيخ في موضع آخر من التهذيب بسند آخر معتبر إلى عاصم بن حميد عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر (عَليهِ السَّلام)[21].

 

فسند الحديث وإن كان مرسلاً في النقل الأخير من التهذيب إلاّ أنه غير مرسل في غيره بل منقول عن أبي بصير، وأبو بصير وإن كان يحتمل أن يكون ليث المرادي وأن يكون يحيى بن أبي القاسم إلاّ أنه لا يوجب ضعف السند بعد أن كان كلاهما ثقة، فالحديث معتبر السند.

 

وأما دلالته فمورد صدره هو الاقتراع في ما ليس لواقعه تعيّن ـ كما مرّ بيانه سابقاً ـ إلاّ أن ذيله مشتمل على كبرى كلية منقولة عن النبي (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم) وهو قوله: «ليس من قوم تنازعوا ثم فوضوا (تقارعوا وفوّضوا ـ الفقيه) أمرهم إلى الله إلاّ خرج سهم المحقّ» وصدر هذه الكبرى وإن اشتمل في بعض النسخ على التنازع، وفي بعض آخر على التقارع ولعل التقارع أعم من التنازع، إلاّ أن من المحتمل جدّاً بل الأظهر أن يكون ذكر التنازع إنّما هو لبيان سرّ الذهاب إلى التقارع، فليس بينهما اختلاف من هذه الجهة، إلاّ أن ذيلها المعبّر بقوله (صلّى اللهُ علَيهِ وآلهِ وَسلّم): «خرج سهم المحق» يوجب اختصاص مفادها بما إذا كان في البين واقع متعين قد جهل، فلا يعم مثل محل البحث مما ليس في البين واقع متعين. وبعبارة أخرى: المحقّ هو من أو ما كان الحقّ له، وهو لا محالة متعين في الواقع لا يعم ما لا تعين له واقعاً، اللهم إلاّ أن يراد به ما كان الحق له ولو بعناية القرعة، فإن القرعة طريق يتعين بها ما كان في الشرع ذا حق والقرعة وسيلة لتعيينه، إلاّ أن الإنصاف أن استظهار هذا المعنى من المحق مشكل فالاحتجاج بهذه الكبرى لما نحن فيه غير تام، والله العالم.

 

5ـ ومنها ما رواه الصفار في بصائر الدرجات قال: حدثنا أحمد بن محمد عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن يحيى الخثعمي عن عبد الرحيم القصير عن أبي جعفر (عَليهِ السَّلام) قال: كان علي (عَليهِ السَّلام) إذا ورد عليه أمر ما أنزل به كتاب ولا سنة رجم فأصاب، قال أبو جعفر (عَليهِ السَّلام): وهي المعضلات[22].

 

ورواه المفيد في الاختصاص بهذا السند إلاّ أن فيه: «أمر لم يُنزل به...»[23].

 

وفي بصائر الدرجات أيضاً: حدثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد والبرقي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الله بن مسكان عن عبد الرحيم قال: سمعت أبا جعفر (عَليهِ السَّلام) يقول: إن علياً (عَليهِ السَّلام) إذا ورد عليه أمر لم يجئ به كتاب ولا سنة رجم به ـ يعني: ساهم ـ فأصاب. ثم قال: يا عبد الرحيم تلك المعضلات[24].

 

ورواه بنفس السند في الاختصاص إلاّ أن فيه «لم يجئ فيه كتاب ولم تجئ به سنّة» وفي آخره: «وتلك من المعضلات». وفي سنده «عن عيسى بن عمران الحلبي» مكان «عن يحيى الحلبي». والظاهر «يحيى» كما في البصائر فإن يحيى بن عمران الحلبي من أعاظم الثقات، وعيسى بن عمران الحلبي غير مذكور في الرجال.

 

ورواه البصائر بأربعة أسانيد أخر عن عبد الرحيم[25]، والآخر: «حدثنا محمد ابن موسى عن موسى الحلبي عن أبي عبد الله (عَليهِ السَّلام) قال: كان أمير المؤمنين (عَليهِ السَّلام) إذا ورد عليه ما ليس في كتاب ولا سنة نبيه فيرجمه فيصيب ذلك، وهي من المعضلات[26].

 

وسند الحديثين في البصائر معتبر، وهكذا سند واحد من الأربعة إلاّ أسانيده الثلاثة الأخر غير واضحة الاعتبار، إلاّ أن في جميع هذه الأسانيد الستّة راويها الآخر عبد الرحيم القصير، وهو لم يظهر اعتباره. وهكذا الأمر في سندي الاختصاص مضافاً إلى أن سنده إلى احمد بن محمد بن عيسى غير معلوم. كما أنّ سند الحديث الأخير المروي في البصائر عن أبي عبد الله (عَليهِ السَّلام) أيضاً غير معلوم الاعتبار.

 

فبالجملة: فسند الحديث غير معتبر.

 

وأما دلالته فموضوع الحديث ما إذا ورد أمرٌ لم يجئ به كتاب ولا سنة، وبما أن الكتاب والسنة يبيّنان حكم الأمور فلا يبعد أن يكون المراد به ما ليس حكمه مذكوراً في الكتاب ولا في السنة فيكون حينئذٍ أمراً غير مذكور الحكم في الشريعة ويكون المصير إلى القرعة لتعيين الحكم الشرعي الكلّي، المصير إليها فيه لم يقل به أحد في ما نعلم، ولعلّه لذا قال الإمام (عَليهِ السَّلام) بعد ذكر الحديث والاقتراع عن أمير المؤمنين (عَليهِ السَّلام): «وهي المعضلات» أو «من المعضلات» ومفاده أن الالتجاء إلى القرعة لأن يتبين بها الحكم من المعضلات التي ليس لغير أمير المؤمنين (عَليهِ السَّلام) أو لغير الإمام المعصوم (عَليهِ السَّلام) الالتجاء إليها. وهذا المعنى محتمل في الحديث جدّاً فلا يصح لنا الرجوع إليه، إذ مثل هذه القرعة إنّما هو لأمير المؤمنين (عَليهِ السَّلام) أو لمن هو مثله.

 

وإرادة هذا المعنى وإن كانت غير مناسبة لمراحل علم الأئمة المعصومين (عليهم السَّلام) بالأحكام كلّها إلاّ أنه مع احتمال إرادته جدّاً لابد وأن يفوّض الحديث إليهم (عليهم السَّلام) ولا حجة لنا فيه.

 

إلاّ أن الروايات الثلاثة العامة الأول معتبرة السند وتامّة الدلالة على أن القرعة مسيرٌ معتبر شرعي في ما إذا لم يكن المورد أمراً له تعيّن بحسب الواقع فتعمّ ما نحن فيه فيخرج بإصابة القرعة الفقيه من الفقيهين أو الفقهاء الذين كلهم واجدون لجميع الشرائط المعتبرة في من يتولى إدارة أمر الأمة فيتصدى من أصابته القرعة، وبتصدّيه لإدارة الأمور تصير ولايته فعلياً ويصير وليّاً فعلياً للأمة.

 

وبعد مفروضية اجتماع الشرائط اللازمة فيه لا مجال لاستبعاد أن يكون المرجع النهائي هنا القرعة، فإن القرعة لكل أمر مشكل، وما حكم الله تعالى به فليس بمخطئ كما أفاده الإمام موسى بن جعفر (عَلَيهِما السَّلام).

 

وينبغي بعد ذلك التنبيه على أمرين:

 

الأول: لا ريب في أنه إذا أصابت القرعة فقيهاً من هؤلاء الفقهاء المتعددين الذي تهيّئوا لإدارة أمر الأمة وكان جميعهم واجدي الشرائط فهذا الفقيه الذي أصابته القرعة يجب عليه أن يتصدى إدارة أمر الأمة وعلى الناس أن يتبعوه، فإنه بتصديه لإدارة الأمور يصير ولي أمر الأمة بالفعل، وإطاعة أمر ولي الأمر واجبة شرعاً كما هو بديهي، لكنه إذا تولى جميع الناس أو جمع كثير منهم عن قبول ولايته فما هو الحكم الشرعي هنا؟ هل ولاية الأمر متعينة فيه ولا يجوز العدول عنه إلى آخر؟ أم يجوز الانتقال إلى فقيه آخر ممن هو أيضاً جامع لجميع الشرائط؟

 

وجه تعين الوالية فيه هو ما عرفت من أن مقتضى الأدلة الشرعية أن اللازم في موضوع البحث هو الرجوع إلى القرعة ووجوب إتباع ما أدّت إليه القرعة وهو نفس من أصابته، وأنه يصير بالتصدي لإدارة أمر الأمة وليّاً لهم ولأمورهم بالفعل، فالشرع قد جعل لهم وليّ أمر إليه وعليه إدارة الأمور، ويكون عدم إطاعة الناس عنه مثل توليهم عن إطاعة المعصومين الذي جعلهم الله أولي الأمر، فكما أن أولئك المعصومين (عليهم السَّلام) أولو أمر الأمة ولا يوجب تولّي الناس عنهم انسلاب ولايتهم ويصير الناس بتولّيهم عن إطاعتهم محرومين عن الفوائد الكثيرة التي قدّرها الله تعالى واعتدها للأمة ويكون سرّ هذه المحرومية نفس عصيان الأمة ولا يجب بعد ذلك من باب قاعدة اللطف أن يجعل لهم ولياً آخر فهكذا الكلام في ولاية الفقيه الذي أوجب الله تعالى إطاعته وجعله وليّ الأمر ولو عقيب إصابة القرعة التي أوجب الله تعالى الالتجاء إليها.

 

وبعبارة أخرى: يكون الحرمان عن هذه الفوائد مثل الحرمان عن الفوائد المترتبة على حضور وليّ العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف مترتباً عن عصيان الناس، ولذلك قال الأعاظم فيه: «وغيبته منّا» فلا دليل على انتقال أمر الولاية إلى فقيه آخر أو إلى عدول المؤمنين.

 

ووجه جواز بل وجوب الانتقال إلى فقيه آخر جامع للشرائط هو عين ما مرّ منا في وجوب تأسيس الدولة الإسلامية زمن الغيبة، فإنه هناك أيضاً يمكن طرح هذا الإيراد بأن الله تبارك وتعالى قد قام بعنايته التامة بجعل النبي والأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين أولي أمر الأمة، والأمة أنفسهم منعوا عن إعمال هذه الولاية فلا دليل على وجوب بل شرعية ولاية الأمر لغيرهم، والأمة أنفسهم منعوا الناس وأنفسهم أن يتمتعوا ببركات الولاية الإسلامية وعدم تصدي أولياء الأمر لإعمال الولاية وغيبتهم منا.

 

إلاّ أنا أجبنا عن هذه الشبهة بأن المستفاد من أدلة عديدة من الآيات والروايات أن الله تبارك وتعالى بلطفه العميم لمّا شاء للأمة أن يكون لهم من يحفظ الأحكام الإلهية ويتصدى للبركات المترتبة على وجود ولي الأمر فلذلك جعل لهم أولي الأمر، فإذا منع جمع عاصون ظالمون عن تولي هؤلاء وكان هنا إمكان تولي أحد آخر وإن كان فاقداً لبعض الكمالات فهو يجعل الولاية له مراعياً لوجدان الصفات اللازمة مهما أمكن.

 

وبعبارة أخرى أن الهدف الأصيل من جعل ولي الأمر هو ترتب الآثار المترتبة على وجود ولي الأمر وفعلية إعمال الولاية، وهذا الهدف أوجب ولاية من هو في أعلى مراتب الكمالات ـ أعني العصمة ـ فإذا لم يمكن الوصول إلى ولايته وإن كان لمنع بعض الناس فلا يجوز رفع اليد عن ذاك الهدف الأصيل بمقدار ما  أمكن، وبهذه العلة المستفادة من الأدلة استفدنا وجوب تشكل ولاية إسلامية بيد من كان واجداً لجميع الشرائط التي مرّ اعتبارها ـ أعني الفقيه الواجد لها جميعاً ـ وحينئذٍ فإذا اقتضت الأدلة أن يحرز هذا الفقيه بالقرعة وأصابت القرعة أحداً إلاّ أنه منع عن تصديه لإدارة أمر الأمة بعض الناس فنفس هذا البيان يقتضي المسير إلى من هو دونه مراعياً للأقرب إلى جامع جميع الشرائط فالأقرب.

 

وهذا الوجه قوى متين جدّاً ومنه يعرف أنه إن وجد مانع ـ والعياذ بالله ـ عن إعمال الولاية وإدارة أمر الأمة بيد الفقهاء فلابد من الرجوع إلى تولي عدول المؤمنين العالمين ولو بالتقليد بالأحكام والوظائف التي على ولي الأمر، فيجب عليهم مع مراعاة الأقرب فالأقرب تصدي أمر الولاية ويجب على الأمة إتباعهم بل منه تعرف مشروعية ولاية الفقيه الواجد للشرائط في زمن حضور الإمام (عَليهِ السَّلام) غير مبسوط اليد إذا أمكن لهذا الفقيه تولّي إدارة أمر الناس في ناحية من الأرض، وذلك أن الولاية الشرعية وإن كانت للإمام (عَليهِ السَّلام) إلاّ أن طائفة من الناس ظالمين وعاصين إذا منعوه عن القيام بمقتضى هذه الولاية ولم يصيروا حاضرين لنصرته بل منع الناس عن نصره، فلم يتحقق مقتضى فعلية ولايته، لكن لا هؤلاء الظلمة ولا غيرهم لم يمنعوا الفقيه الواجد للشرائط أن يتولى إدارة أمور الناس في ناحية خاصة، فحينئذٍ تلك الأدلة الدالة على أن الهدف الأصيل الإلهي الموجب لجعل منصب الولاية للإمام (عَليهِ السَّلام) توجب جعل تلك الولاية لمن هو واجد لجميع الشرائط اللازمة ما عدا العصمة، بل نتنزل من هذا الفقيه أيضاً إلى من هو دونه من الفقهاء الآخرين أو العدول من المؤمنين مراعياً للأولى فالأولى.

 

ولا مجال لأن يقال بأنّ دلالة الأدلة الموجبة لتعيّن ولاية المعصوم الدالة على بطلان ولاية غيره تقتضي عدم مشروعية ولاية الفقيه أو غيره مع حضوره. وذلك أن هذه الأدلة ـ كما مرّ في ما سلف ـ إنّما تمنع ولاية من كان مقابل المعصوم (عَليهِ السَّلام) لا ولاية من هو من شيعته التابعين بتمام المعنى له، وإنما يقوم بتصدي إدارة أمر المسلمين لمحض العمل بالوظيفة ولأجل أن لا تقع أحكام الله معطلة والواجبات مهملة والأهداف الإلهية المطلوبة للنبي والإمام غير حاصلة.

 

الأمر الثاني: هل الفقيه الواجد للشرائط إذا صار ولي أمر الأمة فولايته إنما هي منصب شرعي جعلها الله تعالى له ابتداءً فهو ولي أمر الأمة بجعل الله تعالى كما ان المعصوم (عَليهِ السَّلام) أيضاً كذلك؟ أم أن هذا الفقيه نائب عن الولي المعصوم قد جعله الإمام المعصوم وليّاً على الأمة نيابةً عن نفسه كما جعل أمير المؤمنين (عَليهِ السَّلام) مالك الأشتر ولياً على مصر؟

 

الحق في جواب هذا السؤال أن قول الإمام الكاظم (عَليهِ السَّلام) في معتبر علي ابن أبي حمزة: «لأن المؤمنين الفقهاء حصون الإسلام كحصن سور المدينة لها»[27] ظاهر في ثبوت هذه المنزلة للفقهاء في شريعة الإسلام من دون إشعار فيه أصلاً بأن هذه المنزلة أعطيت لهم بالنيابة وبجعل النبي أو الإمام لهم حصوناً نيابة عنهم (عليهم السَّلام)، بل هو مثل قول الله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾[28] منزلة إلهية لهم، وهكذا قوله (عَليهِ السَّلام) في الخطبة المباركة «... وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظّة ظالم...»[29] دالّ على ثبوت وظيفة إلهية على العلماء والفقهاء من دون أن يكون هنا أثر من النيابة. ومثلهما قول أبي عبد الله الحسين (عَليهِ السَّلام) في رواية تحف العقول خطاباً للفقهاء: «وأنتم أعظم الناس مصيبةً لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تسعون (لو يسعون ـ خ ل) ذلك بأن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله، الأمناء على حلاله وحرامه، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة، وما سُلبتم ذلك إلاّ بتفرّقكم عن الحقّ...»[30] فإنه واضح الدلالة على أن تصدي إدارة أمر الأمة وظيفة شرعية عليهم. وأن تفرّقكم وإهمالهم أوجب انسلاب هذه المنزلة عنهم.

 

وأما قوله عجل الله تعالى فرجه الشريف في توقيع إسحاق بن يعقوب: «فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليكم»[31] فربما ينقدح منه في الذهن أن وجوب الرجوع إلى الفقهاء لمكان أنهم حجة الإمام (عَليهِ السَّلام) على الشيعة، وكونهم حجته عليهم لا يكون إلاّ إذا كانوا نائبين عنه على الناس، فالتوقيع المبارك مخالف لتلك الروايات الثلاث.

 

إلاّ أن التأمل في التوقيع أيضاً يوجب بطلان هذا الانقداح وذلك أن كون الفقهاء حجته (عَليهِ السَّلام) لا ينحصر ملاكه بما ذكر بل لعل سرّه ما مرّ منا عند البحث عن أهداف ولاية ولي الأمر، فإنا قلنا هناك وصرح به في مثل رواية علل الفضل بن شاذان أن الهدف من جعل ولي الأمر أن لا يصير حكم من أحكام الله تعالى معطلاً غير معمول به، فيما أن الإمام المعصوم ولي أمر الأمة فالمطلوب منه إحياء جميع أحكام الدين وما يريده الله تعالى، فبهذه العناية إذا كان الفقيه وليّ أمر الأمة فكما أنه حجة من الله تعالى على الأمة لأن الله تعالى جعله وليّ أمر عليهم لأن يحيي بولايته وبه أحكام الله فهكذا هو حجّة الإمام المعصوم الذي طلب الله منه إحياء الدين وأحكامه، فالفقيه بهذا البيان في عين أنه حجة الله على الأمة حجّة الإمام (عَليهِ السَّلام) أيضاً، فلا تخالف في مفاد الأخبار، والأمر بعد ذلك سهل.

 

ـــــــــــــ

 

[1] الكافي: ج5 ص 490 الحديث 1، عنه الوسائل: الباب 57 من أبواب نكاح العبيد والإماء ج 14 ص 567 الحديث 3.

 

 [2] التهذيب: ج6 ص 240 الحديث 26، عنه الوسائل: الباب 13 من أبواب آداب كيفية الحكم ج18 ص 187 الحديث1.

 

 [3] التهذيب: ج 8 ص 169 الحديث 15، الاستبصار: ج 3 ص368 الحديث 5، عنهما الوسائل: الباب 57 من أبواب نكاح العبيد والإماء ج14 ص 566 الحديث 2.

 

 [4] التهذيب: ج8 ص 169 الحديث 14، الاستبصار: ج3 ص 368 الحديث 4، عنهما الوسائل: الباب 57 من أبواب نكاح العبيد والإماء ج14 ص 566 الحديث 1، وأخرجه عن الفقيه في الباب 13 من أبواب كيفية الحكم ج18 ص 190 الحديث14.

 

 [5] الوسائل: الباب 4 من أبواب ميراث الغرقي ج17 ص 592 الحديث 1. وراجع الباب 13 من أبواب كيفية الحكم ج18 ص 189 الحديث 8.

 

 [6] الوسائل: الباب 10 من أبواب ميراث ولد الملاعنة ج17 ص 571 الحديث1.

 

 [7] التهذيب: ج6 ص 240 الحديث 21، عنه الوسائل: الباب 13 من أبواب كيفية الحكم ج18 ص 188 الحديث 3.

 

 [8] الوسائل: الباب 75 من أبواب الوصايا ج13 ص 465 الحديث 1 أخرجه عن المشايخ الثلاثة، والباب 13 من كيفية الحكم ج18 ص 189 الحديث 10 أخرجه عن التهذيب والفقيه.

 

 [9] من لا يحضره الفقيه: ج4 ص 215 الحديث 5506.

 

 [10] المصدر السابق: ج3 ص 119 الحديث 3454.

 

 [11] التهذيب: ج8 ص 234 ج 76.

 

 [12] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص 94 الحديث 3395، التهذيب: ج8 ص 225 الحديث 44، الاستبصار: ج4 ص 5 الحديث 3 عن عبد الله بن سليمان، عنها الوسائل: الباب 13 من أبواب كيفية الحكم ج 18 ص 190 الحديث 15، وأخرجه الوسائل عن التهذيب أيضاً في الباب 57 من أبواب العتق ج 16 ص 58 الحديث 1.

 

 [13] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص 94 الحديث 3396، عنه الوسائل: الباب 13 من أبواب كيفية الحكم ج 18 ص 191 الحديث 16.

 

 [14] التهذيب: ج6 ص 239 الحديث 20، عنه الوسائل: الباب 13 من أبواب كيفية الحكم ج 18 ص 187 الحديث 2.

 

 [15] المحاسن: باب القرعة ج2 ص 439 الحديث 2 طبعة المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السَّلام)، عنه الوسائل: الباب 13 من أبواب كيفية الحكم ج18 ص 191 الحديث 17، وأخرجه أيضاً عن أمان الأخطار للسيد بن طاووس: ص 85 طبع النجف الأشرف، والآية المذكورة 141 من سورة الصافات.

 

 [16] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص 92 الحديث 3391، عنه الوسائل: الباب 13 من أبواب كيفية الحكم ج18 ص 190 الحديث 13

 

 [17] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص 92 الحديث 3389، عنه الوسائل: الباب 13 من أبواب كيفية الحكم ج18 ص 189 الحديث 11.

 

 [18] التهذيب: ج 6 ص 240 الحديث 24، عنه الوسائل: الباب 13 من أبواب كيفية الحكم ج18 ص 189 الحديث 11.

 

 [19] النهاية: ص 346، عنه الوسائل: الباب 13 من أبواب كيفية الحكم ج18 ص 191 الحديث 18.

 

 [20] الكافي: ج5 ص 491 الحديث 2، التهذيب: ج8 ص 170 الحديث 16، الاستبصار: ج3 ص 369 الحديث 6، عنها الوسائل: الباب 57 من أبواب نكاح العبيد والإماء ج 14 ص 567 الحديث 4 ورواه الصدوق في الفقيه: ج3 ص 94 الحديث 3399، عنه الوسائل: الباب 13 من أبواب كيفية الحكم ج 18 ص 188 الحديث 6.

 

 [21] التهذيب: ج6 ص 238 الحديث 16، عنه الوسائل: الباب 13 من أبواب كيفية الحكم ج 18 ص 188 الحديث 5.

 

 [22] بصائر الدرجات: الباب 7 من ج8 ص 389 الحديث1.

 

 [23] الاختصاص: ص 210.

 

 [24] البصائر: الباب 7 من ج8 ص 389 الحديث 4، الاختصاص: ص 310، عنهما المستدرك: الباب 11 من أبواب كيفية الحكم ج17 ص 378 الحديث 14.

 

 [25] بصائر الدرجات: الباب 7 من ج8 ص389 الحدي 2و3و5و6

 

 [26] المصدر السابق: ص 390 الحديث 7.

 

 [27] الكافي: ج1 ص 38 الحديث 3.

 

 [28] الأحزاب: 6.

 

 [29] نهج البلاغة (صبحي الصالح): الخطبة 3 ص 50.

 

 [30] تحف العقول: ص 238.

 

 [31] كمال الدين: ص 484 الحديث 4، عنه الوسائل: الباب 11 من أبواب صفات القاضي ج18 ص101 الحديث 9.

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة