ثقافة المقاومة بين العودة الى الذات
التاريخ: 14-05-2008
"منظومتي مالك بن نبي وعلي شريعتي" ونموذج الوعد الصادق أ ـ العودة إلى الذات ومقاومة الاستعمار في المنظومة الإفكارية لمالك بن نبي قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (سورة الرعد: من الآية 11)
"منظومتي مالك بن نبي وعلي شريعتي" ونموذج الوعد الصادق
أ ـ العودة إلى الذات ومقاومة الاستعمار في المنظومة الإفكارية لمالك بن نبي
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (سورة الرعد: من الآية 11)..[1]
وقال النبي (ص): (يُوشك أن تَدَاعى عليكم الأمم كما تداعى الأكِلَة إلى قصعتها ' فقال قائل:' أوَ مِن قلّة نحن يومئذ يا رسول الله ؟!! ' قال:' بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعنَّ الله من صدور عدوّكم المهابة منكم وليقذفنَّ في قلوبكم الوهن ' قالوا وما الوهن يا رسول الله ؟' قال:' حب الدنيا وكراهية الموت)[2].
من خلال هذه الآية القرآنية وهذا الحديث الشريف، لخّص المفكر الإسلامي مالك بن نبي داء الأمة ودواءها.
وكأني بمالك بن نبي باستشهاده بهذه الآية وبذلك الحديث قد أصّل المتجدّد وجدّد المتأصّل في حياة هذه الأمة.
وكأني به وببساطة متناهية قد ردّ بأسلوب غير مباشر على مشروع 'استحالة التأصيل' الذي احتل مساحة لا يستهان بها في المشهد الثقافي لعصرنا الراهن.
بناء الذات ومقاومة خطط الاستعمار تشكّلان الركيزتين الأساسيتين لمشروع مالك بن نبي الحضاري، أو ما سُمّيَ بمشكلات الحضارة وبناء شبكة العلاقات الاجتماعية.
كقاريء قرأ تراث مالك بن نبي كاملاً أو على الأقل ما نُشر منه حتى الآن ـ وإن كنا لا نوافقه في قراءاته لبعض المناحي التاريخية ـ لو طُلب مني أن أُلخص مشروعه التنويري ـ بمعزل عن منهجه في قراءة التاريخ الإسلامي ـ خلال دقائق معدودة، لقلت من دون تردّد أو توقّف، أن مشروع مالك المبثوث على صفحات الورق يتلخص في خمس نقاط أو 'رافعات' محورية:
1 ـ رافعة: إن غنى المجتمع لا يُقاس بما يملكه من أشياء بل يُقاس بما يملكه من أفكار[3].. لأن التفاعل الحضاري عند 'مالك' إنما يتم بالتفاعل بين ثلاثة عوالم: 'عالم الأشياء، وعالم الأفكار، وعالم الأشخاص'[4]..
واستشهد مالك لذلك بالحرب العالمية الثانية وما خلفته من دمار هائل لألمانيا وكذلك لروسيا[5].. فـ 'عالم الأشياء' تمّ تدميره تدميراً شبه كليّ، ومع ذلك استعادت ألمانيا عافيتها الاقتصادية بمدّة وجيزة من خلال الخطة الخمسية للدكتور 'شاخت'[6]، وذلك بسبب شبكة 'عالم الأفكار' الحيّة[7] في 'عالم الأشخاص' لأمة تبغي الحياة.
وبالمقابل لم تنجح خطة 'شاخت' الاقتصادية في أكبر بلد مسلم وهو أندونيسيا[8]، بسبب عدم توافر شبكة الأفكار اللازمة أي 'عالم الأفكار'[9]، في بنية 'عالم الأشخاص' لذلك المجتمع المسلم.
2 ـ رافعة: الاستعمار ـ من دون تمييز بين استعمار أو آخر ـ يملك مُعامِليْن: معامِل 'المعمِّر' أي المستعمِر نفسه، ومُعامِل 'القابلية للاستعمار'[10] لدى الشعب المُستعمَر..
والقابلية للإستعمار مفهوم مُبتَكَر، ابتكره هذا المفكّر العملاق، وأراد به أن أي شعب من الشعوب أو أمة من الأمم لم تكن لديه أو لديها مُعامِل القابلية للإستعمار[11] فلا يمكن للمعامِل الآخر أي المستعمِر أن يُحكم قبضته على ذلك الشعب، مهما تكن قدرات ذلك المعامِل الآخر.
وبالمقابل إن كان معامِل القابلية للإستعمار – ويسمّيه 'مالك' في دراسات أخرى بـ 'مركَّب التبعيّة'[12] - موجوداً في أمة ما، تكون نصف الطريق قد تعبّدت أمام المعامِل المستعمِر، فتسقط تلك الأمة صريعة تحت بيْدق الذل والاستهانة وامتهان الكرامة، لأن المستعمِر يسعى إلى تحطيم إرادة الشعوب المستعمَرة[13]، كما يسعى إلى إبراز تفوّقه على تلك الشعوب حتى ولو لم يكن متفوقاً بالفعل، لذا يرى مالك بن نبي أن فرنسا بعد هزيمتها المنكرة عام 1870م أحست بأنها لم يعد لها هيبة و “بدلاً من أن يدفعها شعورها بالنقص إلى الرفع من قيمة شعبها، فإنها _ رغبة منها في إقرار التوازن بين المعمِّرين والمستعمَرين _ عمدت إلى الانتقاص من قيمة هؤلاء الآخرين، وتحطيم القوة الكامنة فيهم، فمنذ ذلك الحين بدأ الحط من قيمة الأهالي يُنفّذ بطُرق فنية، كأنه معامِل جبري وُضع أمام قيمة كل فرد بقصد التنقيص من قيمته الاجتماعية”[14].
وفي المقابل نقول إن معنى انعدام وجود 'معامِل القابلية للإستعمار' كما هو في مفهوم مالك بن نبي، معناه 'ثقافة المقاومة'، وهو المصطلح الذي تستخدمه النُّخب الشعبويّة الواعية في الوقت الراهن. فلا يوجد فرق بين المعنيين.
3 ـ رافعة: معادلة صنع الحضارة: إنسان + تراب[15] + زمن (من دون إغفال الدين الذي يشكّل منظومة القيم) = حضارة[16].
وضع 'مالك' رحمه الله هذه المعادلة الهندسية للتدليل على أن الإنسان هو محور الوجود أولاً وأخيراً[17]، وعلى أن قيمة الإنسان تتحدّد بعمله، وأن لهذا العمل برمجة تخطيطية مرتبطة بزمن محدّد لأن الزمن غير مفتوح إلى ما لا نهاية بسبب محدودية الأعمار وقانون الموت الفردي، وأن عمل الإنسان المزمَّن يكون من أجل تراب الوطن أو على تراب الوطن من ناحية، أو أن التراب هو 'عالم الأشياء' أو عالم المواد الأوليّة التي تتشكّل منها عناصر العمل الذي يساهم في بناء حضارة المجتمع العمراني والخدماتي من ناحية ثانية. كل ذلك يترافق مع منظومة قيميّة يحدّدها الدّين، فبدونها قد تتحوّل الحضارة إلى وحش ضارٍ يهدّد المجتمعات الأخرى وتحمل تلك الحضارة المتوحشة في رحمها في الوقت عينه عواملَ فنائها. ولا ننسَ أبداً أن مالك بن نبي شدّد على نبذ الاختلاف بين المؤمنين في المجتمع الحضاري وأكّد على التعاون التام بين أفراد المجتمع من خلال استشهاده بالحديث الشريف 'المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا'[18].
4 ـ رافعة: تراكم التجارب وحركيّتها في المجتمع من أجل التطوير والتحديث نحو الأفضل والأحسن..
يستعرض مالك بن نبي الفرق الجوهري بين المجتمع الطبيعي أو البدائي[19] الذي لم يعدّل بطريقة محسوسة المعالم التي تشكّل شخصيته منذ وجوده وممارسته للحياة، وبين المجتمع التاريخي الذي وُلد في ظروف أوليّة معينة لكنه عدّل فيما بعد صفاته الجذرية وفقاً لنظام التطوّر وقانونه المحكوم بالسّنن الإلهية العاملة في الكون.
ويضرب مالك أمثلة للمجتمعات الساكنة أو البدائية أو الطبيعية، فيمثّل بالمجتمع الموجود في مستعمرة النمل أو مستعمرة النحل للتدليل على المجتمع الطبيعي ذي المعالم الثابتة، كما يضرب أمثلة للمجتمعات الساكنة والبدائية ذات المعالم الثابتة فيمثّل بالقبيلة الأفريقية في عصر ما قبل الاستعمار والقبيلة العربية في العصر الجاهلي.
هذه المجتمعات لم تطوِّر حركيتها الظاهرية باتجاه التغيير نحو الأفضل بواسطة تراكم التجارب، بل بقيت تمارس حياتها غرائزياً من دون تعديل أو تجديد، فلم تتقدّم أو تتطوّر، فحياتها هي هي على وتيرة واحدة منذ نشوئها وممارستها للحياة.
وبالتالي فإن أي مجتمع يسعى إلى الحضارة يجب عليه أن يستفيد من تجاربه ويتحرّك باتجاه تطوير حياته من خلال قانون 'التدافع والتعارف' بتعبيرنا، أو الأيديولوجية التي تحكم السنن التاريخية[20] وتغيير شبكة العلاقات الاجتماعية بتعبير مالك بن نبي، ومن دون ذلك ستبقى القابلية للإستعمار والتخلف وامتهان إنسانية الإنسان عنواناً للمجتمعات التي لا تأخذ بهذه الأيديولوجية أو لم تأخذ بقانون 'التعارف والتدافع' في سبيل تطوير المجتمع وصناعة الحضارة.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} (سورة الحجرات: من الآية 13)
{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} (سورة البقرة: من الآية 251)
5 ـ رافعة: مفهومَيْ 'الصحة' و'الصلاحية'[21] والتفريق بينهما..
وهذه نظرية تُضاف إلى ابتكارات مالك بن نبي المُبدعة، وهي من المفاهيم الثنائية المحورية التي برع فيها مالك بن نبي، وهي في نفس الوقت نظرية قابلة للتعميم بقوة، وكأن 'مالك' يشير ـ في وجه من الوجوه الكثيرة لهذه النظرية ـ إلى أن الصلاحية هي مقياس أخذنا للنصوص والأفكار العامة، أما مدى 'صحة' هذا النص فهي ليست من وظيفتنا وإنما هي وظيفة طبقة خاصة من المحققين، بل ننظر نحن إلى صلاحية النص لمجتمعنا وأفراده فإن كان صالحاً أخذنا به، وإن لم يكن صالحاً تركناه لغيرنا كي يختبر صلاحيته، فمالك بن نبي يدعو إلى عدم رد النصوص والحكم عليها بالخطأ لمجرد عدم صلاحيتها، وإنما يدعو إلى تركها مرحلياً وإلى الأخذ بما هو صالح في الوقت نفسه..
ولله درّه كم وفّر بهذه النظرية على الأمة من خلافات هامشية وكلامية، فهذه النظرية قد تكون في المدى القريب أو البعيد ركيزة أساسية لقلع جذور الخلاف والتنافر بين جملة المذاهب الإسلامية من جهة، وإلى ردع الداعين إلى مشروع القطيعة المعرفية أو 'القطيعة الابستمولوجية' الذين أحكموا مجلوباتهم وتنظيراتهم في نقد الإسلام من خلال استشهادهم بعدم صلاحية بعض النصوص الإسلامية في بناء الأمة في الوقت الحالي أو على المدى البعيد من جهة ثانية.
وبالخلاصة يرتكز مشروع مالك بن نبي في بناء الحضارة على مفصليْن ارتكازيين هما:
1 ـ العودة إلى الذات من خلال التفاعل بين عالم الأشخاص[22] وعالم الأفكار وعالم الأشياء[23]، وطبقاً للمعادلة الثلاثية التي تفيد أن ناتج الحضارة يتكوّن من (إنسان + تراب + زمن 'محدّد، مع إضافة منظومة قِيَميّة متمثلة بالدين')[24]، ومن ثم الأخذ بكل ما له صلاحية للأمة من نصوص التراث مع عدم رد ما لا يصلُح.
وهذه العودة أيضاً تتحقّق بأن تدرك الأمة الفارق بين (الحضور) و(الوجود)، وقد حدّد مالك بن نبي رحمه الله أننا أمةٌ موجودةٌ ولكن غير حاضرة، فـ وجودنا يعني وجود مجتمعٍ وثقافةٍ وعلاقاتٍ وإنتاج.. لكن حضورنا يستلزم - طبقاً لمفهوم الحضارة - شروطاً من أهمّها أن نكون أمةً تستطيع أن تحقق مفهوم الشهادة على العالمين، والشهادة تستلزم أن نصيغ نموذجاً بشرياً يجعل جميع مَن يراه يوقنُ أنه النموذج الأمثل، وأنَّ تركَ ذلك النموذج بشكلٍ متعمدٍ فيه خسارة للإنسانية.. ومن ثمّ نكون شهوداً على العالمين - ليس فقط في يوم القيامة – وإنما في الدنيا من خلال تقديم نموذجٍ حضاري يحدّد طبيعة علاقات الإنسان مع الله، وعلاقاته مع الإنسان، ومع الطبيعة. وبهذا المعنى نقول أننا لسنا إلى هذه اللحظة في هذا الطور لأننا أمة موجودةٌ وجوداً مادياً ولكنها غير حاضرة لأنها غير شاهدة.
2 ـ مقاومة المستعمِر من خلال ثقافة مقاوِمة تتلخص بنبذ 'القابلية للإستعمار' سواء كانت تلك القابلية ذاتية ناشئة عن العجز، أو كانت مفروضة من قِبل المستِعمر نفسه، ويتم ذلك من خلال عملية التغيير التي أسسها مالك على قاعدة الآية القرآنية التي تربط التغيير الخارجي للمجتمع بتغيير ما في النفس أي بتغيير حزمة الشروط في المجتمع.
وأيضاً بعدم الوهن الذي ورد في الحديث الشريف وذلك من خلال بذل الحياة الفردية في سبيل التقدّم (وهو عكس: كراهية الموت)، ومن خلال نبذ التعلّق بالحياة القائمة على البذخ والاستهلاك وسيادة السلعة (أي: نبذ حب الدنيا).
ب ـ العودة إلى الذات ومقاومة الاستعمار أو الاستثمار أو الاستحمار في المنظومة الإفكارية لعلي شريعتي
تتجسد مشكلتنا الراهنة في أننا نعيش في عصر تطرح فيه قضايا العولمة والعالمية، وتنميط البشر، والغزو العسكري المباشر وغير المباشر، ومسخ الهوية، خصوصاً هوية الُمقدّس، ليتماهى مع الرؤية الأوروبية المادية، التي لم يسلم منها حتى المسيح حيث أن مظهر المسيح في أوروبا كما يقول شريعتي 'أضحى مظهراً للعقل الجماعي الغربي، ليس له علاقة بالمسيح أبداً، فالعقل الأوروبي يظهر بصورة المسيحية'. أي صورة المادية البحتة.
ويتساءل شريعتي ' من أين فهمنا هذا؟ منه، من سيّدته مريم، من سيّده عيسى. إن مريم امرأة فلسطينية يهودية. انظروا أنتم إلى مريم الغرب: شقراء، عيونها شهلاء، وهندامها يشبه السيدة الفرنسية. امراة فلسطينية إذاً كيف أصبحت الآن فرنسية؟. وعيسى نفسه من العنصر الإسرائيلي حسناً، الشكل الإسرائيلي معلوم كيف هو، والآن نرى أن شكل عيسى ـ الذي هو إله الغرب ـ من حيث العنصر يكون أوروبياً، عيناه خضراوان، شعر أشقر، وهيكله وشكله أبيض البشرة، وأنه 'ألن ديلون' تماماً.
لماذا يتغيّر عنصر المسيح؟ لأن المسيحية لا ترتبط بعدُ بفلسطين، لا ترتبط بعيسى'[25].
هكذا أوجز شريعتي بعقله الفاحص ومنطقه المتماسك وبيانه الرفيع، الصورة المادية لعقل الغرب المستعمِر، الذي سعى ويسعى إلى تنميط تلك الصورة وفرضها على بقية الشعوب. فما دام الغرب قد مسخ هوية إلهه وهوية والدة ذلك الإله، فهو لا يتورّع عن مسخ أي هوية أخرى.
وعلي شريعتي هو أحد المفكرين البارزين الذين أصّلوا نظرياً ومارسوا واقعياً تلك المواضيع التي تتعلق بالهوية وضرورة العودة إلى الذات والمقاومة الثورية لمشاريع الاستعمار في محاولة جادة وصادقة منه لتوصيف حقيقة المآزق التي تعيشها الأمة وطرح الحلول لها.
وكل قاريء لمشروع علي شريعتي الحضاري يتلمس بعمق أنه صاحب ذمّة عالية في عالم الفكر والسياسة والاجتماع والدِّين، ولأنه مفكّر موسوعي غزير الانتاج يصبح من الصعب على الفرد منّا أن يحيط بمفاصل مشروعه الثقافي العام من دون اللجوء إلى دراسات موسعة تستغرق الكثير من الوقت.
وجرياً على الأسلوب الذي اتبعتُه في تلخيص مشروع مالك بن نبي الحضاري الذي يتقاطع مفصليّاً مع الكثير من طروحات علي شريعتي، فإنني ألخص مشروع شريعتي في ثلاث نقاط (رافعات) اختصاراً للوقت، مع الإشارة إلى أوجه التقاطع بينه وبين مالك بن نبي.
1 ـ رافعة: العودة إلى الذات..
وهذا المفهوم من المفاهيم التعميرية المرموقة في منظومة على شريعتي الإفكارية إن لم يكن هو الأبرز والأهم والأشمل، فحرث فيه شريعتي طويلاً واعتبره المصدر الينبوعي لكل المفاهيم الفرعية الأخرى.
ومعنى العودة إلى الذات عند شريعتي هو 'العودة إلى الثقافة والأيديولوجية[26] الإسلامية، وإلى الإسلام، لكن لا كتقليد أو وراثة أو كنظام عقيدة موجودة بالفعل في المجتمع بل إلى الإسلام كأيديولوجية وإيمان..'.[27]
'وفي هذا المجال هناك سورة مستقلة في القرآن الكريم، وفي هذه السورة يُصوَّر كل إنسان – وهو في نظر القرآن يساوي الإنسانية جمعاء – بأنه بذرة. ورسالة الإنسان في مواجهتها من الطبيعي أن تكون رسالة الفلاّح. فإذا أحسن الفلاّح العمل، فإن البذرة تنمو من جنين التراب والطين، وتتفتّح، وتتهيّأ كل العوامل المادية والعلمية من أجل إنمائها على خير وجه، حتى تورق ويحين أكلها. وعلى هذا النسق يجني الفلاح ثمرةً من بذرته. وهذا على عكس الفلاح الغافل الجاهل المتساهل المهمل، أو الخائن الذي ينسى بذرته، وبالتالي تضيع هذه البذرة تحت التراب، وتختفي وتتحلّل في زوايا النسيان، وحينذاك يبقى الفلاح خائباً خالي الوفاض. وفي هذه التربية لا يستند القرآن الكريم حقيقة إلى مسائل ذهنية أو مثالية أو ميتافيزيقية، لكنه يستند في كل الظواهر والمظاهر إلى عواملَ الطبيعة:
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا {1} وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا {2} وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا {3} وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا {4} وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا {5} وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا {6} وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا {7}، هذه هي العوامل المقدّسة التي ينبغي أن تستخدم في بناء النفس، وفي إنبات هذه البذرة المدفونة داخل طبائعنا، وداخل الجبر الوراثي والتاريخ والنظام الاجتماعي لنا. وهنا: أنت المسؤول، أنت فلاح بذرتك: 'قد أفلح من زكّاها' أي تعهّد تلك البذرة بالرعاية، 'وقد خاب مَن دسّاها' أي أخفاها في باطن التراب'[28].
وانتقد شريعتي 'الذات الممسوخة'[29]، ودعا إلى 'إخلاء الذات' من التقاليد الالتقاطية[30]، واعتبر أن مفهوم إخلاء الذات من المفاهيم المعاوِنة لمفهوم العودة إلى الذات، حيث يمكن للمجتمعات العربية والإسلامية أن تتغير عن طريق وعيها ومعرفتها بأنها ممسوخة ومقلِّدة أولاً، ثم تمارس عملية التخلية من هذا المسخ والفساد ثانياً، ثم تُعيد بناء نفسها عن طريق عودتها لذاتها الناصعة ووعيها المستقل ثالثاً.
إذا تحقّقت العودة إلى الذات في المجتمع، أصبحت تلك الذات ذاتاً ثورية بتعبيره[31]، وذاتاً مقاوِمة بتعبيرنا، فتتسلّح بالوعي المستقلّ والإيمان[32]، وتبدأ بممارسة نهضتها من خلال مقاومتها لـ 'الاستحمار = الاستعمار = الاستثمار' المباشر وغير المباشر، سواء كان استحماراً قديماً أي بأساليب قديمة كإثارة الخلافات الطائفية والمذهبية والنزاعات الدينية من أجل تمرير مشاريع الاستعمار والنهب، أو استحماراً جديداً أي بأساليب مبتكرة وجديدة.
وصف شريعتي الدين الإسلامي بأنه دين الوعي الثوري الاحتجاجي ذو الإيديولوجية الكفاحية[33]، ووصف الذات الثورية التي عادت إليه بأنها ذات مناضلة اجتماعياً تستند إلى 'النباهة' أولاً، و 'العمل'[34] ثانياً، و 'العبادة'[35] ثالثاً، وبذلك تكون قد استعادت 'فعاليتَها الاجتماعية' بصورة ركيزيّة، وتكون أيضاً قد استيقظت من 'قرون النوم' الطويلة بحسب وصف مالك بن نبي لتمارس دورها الرائد في الحياة الحضارية.
ولعلّه من غير المُمِل أن ندرج هنا فقرة قصيرة لعلي شريعتي يحدّد فيها طبيعة 'الذات الثورية' المُسلمة في تعاطيها مع الآخر. وهذه الفقرة من وجهة نظرنا تساهم اليوم في رَجْرَجَة الصورة الإعلامية التي أشاعها الاستعمار عن الذات الثورية الحقيقية من أنها ذات إرهابية عنيفة تحقد على الآخر ولا تقبل الرأي أو العقيدة المخالِفة. كما تساهم هذه الفقرة في الرد على مَن أساء إلى الإسلام مؤخراً من خلال إلصاق تهمة التغلّب بالسيف على الأمم الأخرى به. يقول شريعتي: 'وبالرغم من أن الإسلام يعتبر نفسه ديناً إلهياً، ويرى أن رسوله مرسَل من السماء، ومن قِبَل الله ومن أجل هداية الناس إلى الطريق القويم، مع كل هذا يُعلن أنه {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ }(البقرة: من الآية256). وإن كل سعينا من أجل تنبيه الناس إلى التمييز بين طريق الغي وطريق الرّشد، وبعد ذلك فالخيار في يدهم، الخيار الحُر. ويكتب 'علي' لواليه: (أشعِر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم. ولا تكوننّ عليهم سَبُعاً ضارياً تغتنم أُكُلَهم، فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق...)[36]. وشاعر متشائم كفيف شكّاك ووحيد في ريف المعَرَّة، يستطيع مع عزلته وضعفه أن يجهر باعتراضه على إيمان الحاكم وإسلام الحاكم، وحتى على الله والدين، ويبقى آمناً. في وقت كانت سلطة الإسلام قد اجتاحت الشرق والغرب، وجعلت الأمبراطوريات الكبرى في العالم تجثو على ركبتيها. وحتى في ظل نظام بني العباس، كان هناك علماء مثل (ابن أبي العوجاء) أو (ابن الكواء)، وكانا من ماديّي ومُلحدي عصرهما، يستطيعان بحرية وطمأنينة فكرية القيام بالسخرية من الحج، وهو من أكثر أركان الإسلام قداسة عند المسلمين. وليس ذلك في خلوة فكرية أو بين جمعٍ من الصِّحاب، بل في مكة وأمام الجميع.'[37].
مفهوم العودة إلى الذات عند شريعتي ـ من خلال منهجية بناء الذات الثورية المناضلة ضد المسخ والفساد من الداخل ومقاومة الاستحمار من الخارج ـ تقاطع مع السياق الحضاري لمالك بن نبي في نظريته المتمركزة على التفاعل بين عالم الأفكار والأشخاص والأشياء.
2 ـ رافعة: جغرافية الكلمة[38]..
شكّل هذا المفهوم قاعدة موضوعية في مكتوبات شريعتي، واعتنى بغرسه في حقل الجماعة والنحنُ وفي حقل الشخصية الاسهاميّة، وفسّره بقوله: 'أقصد بجغرافية الكلمة أنه يمكن معرفة صحة قضية فلسفية أو علمية أو أدبية أو بطلانها بمعايير المنطق والإستدلال والتجربة.
لكن بالنسبة للقضية الإجتماعية ينبغي أن تكون لدينا معلومات عن زمانها ومكانها ثم نقرّر في شأنها، لأنه في العلوم تكون القضايا إما صحيحة أو غير صحيحة، لكن في المجتمع والسياسة ليس الأمر بهذه البساطة، لأن كل القضايا الاجتماعية ذات ارتباط وثيق بالمعايير الخارجية، والقضايا الالتزامية ينبغي أن تتدخل مباشرة في الحكم عليها لأنه أحياناً تكون قضية ما صحيحة في حدِّ ذاتها، ومنطقية ومعقولة وذات قيمة، ويكون طرحها في أرضية معينة وفي زمان معين مرضاً وانحرافاً وفساداً وكارثة.
وعلى العكس تكون قضية ما خرافة في حدِّ ذاتها ولا منطق لها وغير صحيحة من وجهة نظر الواقع الفلسفي والعلمي أو الفني والأدبي بل وتكون أيضاً قبيحة ومبتذلة، بينما قد تكون هي ذاتها في أرضية معينة وفي زمن معين عاملاً ايجابياً بنّاءً.'[39]
ويقول شريعتي: 'إن غفلتنا عمّا أسمّيه جغرافية الكلمة تركَ ميدان المجتمع خالياً ودون عقبات أمام الإستعمار المحتال الخبير في الغرب، لكي يستطيع بطرح ما هو قابل للرد من الناحية الفلسفية والعلمية والأدبية والفنية أن يحول دون ما ينبغي طرحه بالفعل.'[40]
وبسبب أننا فقط لم نكن واعين بالقضية القائلة لكل مقامٍ مَقال ولكل موضوعٍ مَقام، يؤكد شريعتي، على أنه لا ينبغي أن تخدعنا الكلمات والألفاظ كالحرية، الشعب، حكم الجماهير، أصوات كل أفراد الأمة، الانتخاب الديمقراطي.. وكلمات من هذا القبيل ينبغي فقط أن تُعطى معانٍ في ظرفها الزماني والمكاني، لأن هذه الكلمات في ظروف أخرى لا يمكن أن تُعطي أي معنى، وهذه الكلمات تأخذ الشكل والإحساس والاتجاه في المجتمع من خلال الظروف العينية والواقعية لذلك المجتمع، وهي في كل جغرافيا سياسية واجتماعية ذات معاني خاصة وتأثير خاص، إنها غير مفاهيم من قبيل كروية الأرض ومركزية الشمس والدورة الدموية وهذا القبيل من المصطلحات العلمية التي هي في كل مكان وفي كل وقت ذات معاني ثابتة ومحدودة. ومن هنا فإن ما يثمر نتائج عظيمة جداً وراقية في مجتمع ما، قد لا يحمل في ثناياه بالنسبة لمجتمع آخر، إلا الخراب والضعف، وتكون نتيجته شؤماً وضرراً على هذا المجتمع.
لا نستطيع أن نتوسّع أكثر في نظرية جغرافية الكلمة عند شريعتي، فالنظرية مديدة وعميقة الجذور في الأصالة وعلم الاجتماع، لكن شريعتي أعطاها بُعداً حركيّاً في مشروعه الحضاري المقاوِم، فسدّ الباب على المستعمِر الوافد بسياساته القامعة إلى المجتمع المسلم، داعياً إلى عدم الاقتباس عنه، مشدداً على تمحيص نظرياته ومقايستها بما ينسجم مع الواقع الاجتماعي والسياسي الذي يحمل المصلحة للأمة.
نظرية جغرافية الكلمة عند شريعتي تقاطعت بامتياز مع مفهومي (الصحة والصلاحية) عند مالك بن نبي، وقد تمّ توظيف النظريتين بإحكام كقاعدتين لتنظيم أسلوب التفكير والسلوك في المجتمع المسلم.
رافعة: أصالة الإنسان في الإسلام والوحدة التاريخية..
الإنسان هو محور الدين، ومحور التشريعات والرسالات السماوية، والدين بنظر شريعتي إنما له اتجاه واحد من السماء إلى الأرض، أي إلى الإنسان، وليس الدين من الأرض إلى السماء، أي ليس هناك دين لأجل الدين.
والوحدة التاريخية بنظر شريعتي مصطلح علمي له أصله الفلسفي والعقائدي في الإسلام.. فالحوادث المتفرقة التي تقع في مقاطع زمانية ومكانية مختلفة إنما تسير باتجاه واحد وترتبط فيما بينها ارتباطاً منطقياً وفق قوانين العليّة، وتشكل كل واحدة منها حلقة في سلسلة متصلة منذ بداية التاريخ البشري 'آدم' إلى نهاية نظام التناقض والنزاع في التاريخ، وهذا ما يُطلق عليه اسم 'التسلسل المنطقي والحتمية التاريخية'.
وهذا يعني أن شريعتي يؤمن بالحتمية التاريخية ولكن لا على أساس الصراع الجدلي الأعمى الذي يكون فيه الإنسان مجرد ألعوبة لا إرادة له، وإنما على أساس القوانين المنطقية التي تجعل الإنسان مختاراً في أن يفرض إرادته على إرادة التاريخ. قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }.
ومع ذلك فإن شريعتي لا يقلّل من أهمية التاريخ بل أنه يعترف بسلطة التقاليد والأعراف ولكن في الإطار الصحيح لا غير، وليس: 'التاريخ عبارة عن أكاذيب وابتداعات يصدقها الجميع' كما يدّعي (نابليون)[41]، وليس التاريخ 'علم صيرورة الإنسان' كما يقول البروفسور (أوت شاندل)[42]، ولكن يجب أن يكون ذلك تابعاً لإرادة الإنسان واختياره وليس العكس وقد صرّح القرآن بذلك مراراً، قال تعالى في ذم الكافرين: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ}.
هذا يعني أن للأعراف والتقاليد دورها الكبير في سلوك الأفراد ولكن قد يكون التاريخ مشوهاً نتيجة الجهل والعصبية والأطماع والسلطة.. عندئذ يأتي دور الأنبياء والرسل والمصلحين كي يصحّحوا مسيرة الإنسانية.
فمثلاً إن حركة الإمام الحسين سبط رسول الله (ص) ليست حركة مبتورة ولم يخرج الحسين لأجل يزيد فقط، ولأنه منحرف وشارب للخمر وقاتل للنفس المحترمة، بل كانت حركة الإمام الحسين امتداداً لحركة واحدة تجري في تيار الزمن وتنتقل من آن إلى آن، هي عبارة عن حركة رسالتها التاريخية إنقاذ الناس وتكامل الإنسان. في مقابل هذه الحركة الإسلامية تقف القوى الأخرى المحادّة لله والمحاربة للناس وهي أيضاًً تتوارث تاريخها الملطخ بدماء المستضعفين جيلاًً بعد جيل، ولهذا فالحرب قائمة دائماً وفي كل مكان بين محورين (الله وإبليس) (هابيل وقابيل) (إبراهيم والنمرود) (موسى وفرعون) (يحيى وهيرودس) (عيسى وقيصر) (محمد وقريش) الخ..
والسبب من وجهة نظر شريعتي هو: 'ثلاثي التاريخ المشؤوم' (السلطة، الاقتصاد، الدين المنحرف) (فرعون، قارون، بلعم بن باعوراء)[43].
مثلّث قاعدته المال، وضلعاه السلطة والتديّن المنحرف.
يرى شريعتي أن قتْلَ هابيل[44] الراعي على يد قابيل[45] مالك الأرض يعني انتهاء مرحلة الشراكة والمساواة ودخول التاريخ إلى مرحلة الزراعة والملكية[46]، فتُسيطر الطبقة الثرية القوية على مصير الطبقة الفقيرة الضعيفة، ويحكم النظام القابيلي على تاريخ الإنسان[47]. وفي الحقيقة إن حفظ هذا النظام لا يتيسر كما يقول' ميكافيلي' فقط عندما يكون الإنسان ذئباً بل لا بد من أن يكون ثعلباً، فكونه ذئباً يعتمد على السيف والمال، وكونه ثعلباً يعني أنه يستند إلى الدين . (فرعون يصعد على رقاب الفقراء، وقارون يفرغ جيوبهم، وبلعم بن باعوراء[48] يقول: (أنتم لستم مسؤولين لأن كل ما يحصل هو حاصل بإرادة الله ومشيئته) (لا تشْكوا من الحرمان ولا تتألموا فإنكم ستجزَوْن في مكانٍ آخر) (اصبروا على كل شيء لكي يضاعف الله لكم الأجر)[49].
يتقاطع علي شريعتي هنا بقوة مع مالك بن نبي، في تأصيل الإنسان من ناحية، وفي شروط التغيير الاجتماعي النابعة من مسؤولية الفرد المسلم واختياره، وفي مقاومة الظروف الداخلية التي تستغل الإنسان وتشدّه نحو الأسفل، وكذا مقاومة الظروف الخارجية الناتجة عن استغلال الاستعمار، وبالتالي فإن الخيط الناظم الذي يجمع بين المنظومتين الإفكاريتين لكلا العملاقين هو: العودة إلى الذات وثقافة المقاومة
ج ـ نموذج الوعد الصادق بين منظومتيْ: العودة إلى الذات وثقافة المقاومة
لو طُلب مني أن ألخّص منظومَتَيْ ابن نبي وشريعتي بثلاث كلماتٍ فقط لقلتُ من دون إبطاء أو زحزحة: الحرث، والانغراس، والتعمير..
ولو طُلب منّي أن أوصّف نموذج الوعد الصادق من خلال العلاقة التفاعلية بين أداء رجال المقاومة وخلفيّتهم الفكرية والثقافية لقلتُ: حرثوا وغرسوا وعمّروا..
وبعبارة أسْطَع وأضْحَى: المقاوِم هو ذات منغرسة اجتماعياً في علائقيّة تعميرية متراحمة، وجذور تثميرية راسخة، ومستقبليّات واعِدة.
المقاوِم خرج من فرديّته ليتحوّل إلى مواطن صالح داخل الدار العالمية للثقافة والفكر والأخلاق والعمل والعبادة.
ولكي ندخل إلى التلافيف الجوهرية الرابطة بين المفهوم النظري للعودة إلى الذات والمقصد العملي لثقافة المقاومة، لا بد لنا من الدخول إلى الثلاثيات المفقودة التي جذّرها المقاومون من خلال نموذج الوعد الصادق[50]..
ثلاثية الانتصار:
ما هو النصر؟
كلّ فردٍ جعل لنفسه هدفاً أو مجموعة أهداف ثم عمل على تحقيقها وأتمها، فهذا الفرد يكون قد انتصر.
وكل جماعة وضعت نصب عينيها هدفاً أو مجموعة أهداف وعملت على إنجازها وتحقيقها، وحققتها، فهذه الجماعة تكون منتصرة.
وكل فردٍ أو جماعة، واجهت عدواً، ومنعته من تحقيق أهدافه، فإن هذا الفرد وتلك الجماعة، تكون منتصرة.
فالانتصار له وجهان: إما أن تحقق الجماعة أهدافها.. وإما أن تمنع الجماعة عدوّها من تحقيق أهدافه.
فإذا حققت الجماعة أهدافها، وفي الوقت نفسه منعت العدو من تحقيق أهدافه، فالنصر يتحول إلى 'نصْرَين'.
وهناك نصر ثالث في البين.. وهو شخصية القائد.
فالقائد الجامع للصفات القيادية الحاسمة، من الوعي والإيمان والمسؤولية والنزاهة والإطلاع على دقائق الأمور ومتابعة شؤون الناس باهتمام، يلعب دوراً مهماً في إيصال الجماعة إلى أهدافها.
إن قلتْ: أن هناك الكثير من القادة الذين جمعوا هذه الصفات أو المواصفات بل أكثر منها، لم ينجحوا في إيصال الجماعة إلى أهدافها، فكيف تصف شخصية القائد بأنها 'نصر'؟
قلتْ: إن شخصية القائد المنصوص عليها هنا، جمعت عنصراً آخر لم يتوفّر للكثير من القادة الصالحين عبر التاريخ، ألا وهي ثقة شعب العدو وبعض قادة ذلك العدو من المدنيين ـ إن صحّ التعبير ـ والعسكريين بهذا القائد وصدقه وشفافيته وأخلاقه..! وهذا عامل حاسم في اعتبار شخصية القائد بحدّ ذاتها 'نصر'.
جذّرت مسلكية المقاومة في مواجهة الحرب العدوانية التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على لبنان 'نموذجاً' لهذه الثلاثية الرائدة، التي قلّما جمعتها أمة في تاريخها، حيث استطاعت أن تحقق أهدافها، وأن تمنع العدو على حدٍّ سواء من تحقيق أهدافه باعتراف العدو الصريح والواضح، وأن تمتلك في الوقت عينه شخصية القائد التي تختزن النصر والتي حملت اسم 'نصر الله'.
النصر ليس نصراً واحداً، بل هو ثلاثة انتصارات.. فعلاً إنها ثلاثية رائعة.
ثلاثية 'الخلفية الإيمانية، والإعداد، والقيادة الحكيمة':
الخلفية الإيمانية:
شكّلت الخلفية الإيمانية بكافة تشعّباتها أرضية خصبة للمقاومين، درجوا عليها منذ نشأتهم، ورضعوها في طفولتهم، واشتدّت لحمتها في بيئتهم التي تُعتبر مدرسة حقيقة لتخريج الثائرين على الظلم، الرافضين للفساد، المتعطشين للعدل والحرية، الذين يرفضون الذلّ والهوان، ويتمسكون بالكرامة والعزّة، ولا حياة لأفراد هذه البيئة خارج هذه التوصيفات.
كانت المجالس الحسينية (وهي عزاء الحسين) مدرسة متنقلة يتعلمون فيها، تعاليم دينهم، وينهلون منها دروس تفسير القرآن العظيم والمفاهيم الإسلامية، والفقه، والتاريخ الناصع للإسلام وأئمة المسلمين، وسيرة نبيّهم الكريم صلى الله عليه وآله، وأخلاقه العظيمة 'وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ'.
هذه الخلفية الإيمانية شكّلت الحلقة الأولى من تكوين شخصية المقاوم الرسالية، وهي العنصر الرئيس الذي يحتّم على الفرد المقاوم أن يكون مسؤولاً أمام ربّه أولاً، وأمام نفسه ثانياً، وأمام بقية الناس ثالثاً.. فالمقاوم يعلم تمام العِلم أن ما يقدّمه من خير فلنفسه وإن أساء فعليها، وهذه التقدير نابع من إيمانه بربّه وبقرآنه {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}.
إنها مدرسة متكاملة للمسؤولية الدقيقة أمام الله تعالى، ومن هنا نفهم كيف يثبت هؤلاء المقاومون أمام الأهوال، ويُخاطَبون بـ 'تزول الجبال ولا تزول أقدامكم'.. هذه الحقيقة، أنتجتها خلفية المقاوِم الإيمانية.
الإعداد والأخذ بالأسباب:
لم يترك المقاومون شؤونهم للمصادفات، ولم يركنوا للظروف على علاّتها، بل استمدوا من قرآنهم ضرورة الإعداد ما استطاعوا من عناصر القوة لمواجهة عدوّهم، فأخذوا بقوله تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}.. فأعدّوا ما استطاعوا بالفعل، وبذلوا جهداً كبيراً في عملية الإعداد.
ولم يكتفِ المقاومون بما حقّقوه من انتصارات خلال فترة مقاومتهم الطويلة لأعداء الأنبياء والإنسان، كما لم يكتفوا بالإعداد الجيّد بل أضافوا إلى هذه العناصر عنصراً جديداً، استلهموه أيضاً من قرآنهم ألا وهو عملية الأخذ بالأسباب العِلمية والعملية، وهذه الأسباب تشمل التدريب العملي على ما في أيديهم، وتشمل أيضاً تطوير ما في أيديهم من وسائل ومعدات، وقد نجحوا في هذا الأمر نجاحاً كبيراً، شهد به العدو قبل الصديق. وهذا الأمر ذكره الله تعالى في قصة ذي القرنيْن، فبعد أن أعطاه الله الأسباب 'أَتْبَعَ سَبَباً'.. فلم يجلس مكتوف الأيدي ليستمتع بالأسباب التي أسبغها الله عليه، بل نهض للأخذ بالأسباب وللتفتيش عن المستضعفين والمظلومين أينما كانوا من الأرض ابتغاء نصرهم وإعزازهم.
القيادة الحكيمة:
عرّفنا القيادة فيما سبق من القول، وقلنا أن القيادة تلعب دوراً هاماً في صنع النصر بل تكون هي بحدّ ذاتها 'نصراً'..
إلا أن القيادة الحكيمة لا تأتي أولاً، وإنما تأتي ثالثاً في ترتيب الأولويات. لأن القائد الحكيم بالغاً ما بلغ لا تنتفع الأمة منه في تحقيق النصر ما لم يكن لديه من الأتباع ثلّة مؤمنة مدربة واعية! فكم من قائد حكيم مرّ في تاريخنا وهو يتحسّر على مجموعة رسالية تنهض معه لتحقيق المباديء ونشر الخير والفضيلة فلم يجد.. ولو أردت أن أورد أمثلة لذلك لطال بنا المقام ولخرجنا بمجلد كامل إن لم نقل بمجلدات.
ثلاثية الخلفية الإيمانية والإعداد والقيادة الحكيمة، جلّاها مجاهدو المقاومة الإسلامية بأسطع تجلياتها في معركتهم الأخيرة في مواجهة العدوان الإسرائيلي الوحشي على لبنان.
ثلاثية المقاوم 'المقاوم المجاهد، المقاوم الصامد، المقاوم الرَّافد':
المقاوم المجاهد:
المقاوم المجاهد هو المقاوم الذي امتشق سلاحاً في مواجهة العدو، أو هو المقاوم الذي يقوم بأي دور تسنده إليه القيادة العسكرية في الميدان.
هذا المقاوم، هو الذي يصنع النصر في الدرجة الأولى، وهو الذي يتحمل مسؤولية مواجهة العدو، وعليه تتوقف 'بوصلة' المعركة، فإن انهزم! انهزمت الجبهة.. وإن ثبت وصير! انتصرت الجبهة، فهو 'ميزان' المعركة وعليه تتوقف نتائجها.
هذا المقاوم، عرفته الأمة في المواجهات الأخيرة إن لم نقل عرفه العالم أجمع.
المقاوم الصامد:
المقاوم الصامد، هو المواطن الذي ثبت في مكانه وصمد في أرضه، وكان مكانه من الأرض يقع ضمن الدائرة التي يستهدفها العدو بنيرانه.
نموذج هؤلاء المقاومين شهدناه بكثرة، ومن بين هؤلاء كان العدد الأكبر من شهداء الوطن، بل إن الهجمة الشرسة للعدو تركّزت على هذه الفئة من المقاومين بعد اليوم الخامس تقريباً من بداية العدوان، وكل مَن تابع شريط الأحداث الميدانية على الشاشات المرئية يتيقّن من أن ثلثيْ هجمات العدو الجوية والصاروخية استهدفت عائلات هؤلاء المقاومين الصامدين ومن كل الفئات والأعمار.
المقاوم الرافد:
وهو الشخص أو الهيئة أو الجماعة أو المؤسسة التي ترفد المقاومين الصامدين والمجاهدين بأي نوع من أنواع الرِّفادة.
والمقاومون الرَّافدون ليسوا بالضرورة من المواطنين اللبنانيين حصراً بل قد يكونوا على امتداد العالم أجمع.
وأنواع الخدمات التي قدمها المقاومون الرافدون كانت كثيرة ومتنوعة، سواء على مستوى الكلمة المعبِّرة في الإعلام أو في التجمعات المناصرة للمقاومة، أو في التظاهرات الحاشدة، أو في المساعدات الطبيّة أو العينية أو المادية، أو أي شكل من أشكال الدعم، هؤلاء بحق هم من المقاومون الذين رفدوا المقاومة بقسميها: المجاهد والصامد.
هذه الثلاثية المباركة للمقاومين: المجاهدين والصامدين والرافدين تجلّت ناصعة بأبهى صورها في مواجهة العدوان الارهابي الصهيوني الأمريكي الأخير على لبنان.
هاتان الثلاثيتان عايشناهما ميدانياً، ومنهما نتوصل إلى السياقات الحضارية الدافعة المتضمنة ثلاثية علي شريعتي 'المنهج، الإيمان، التضحية' التي يساوقها ثلاثية مالك بن نبي التفاعلية 'عالم الأفكار وعالم الأشخاص وعالم الأشياء'.
ويرمز شريعتي بكلمة 'المنهج' إلى كل أبواب المعرفة التي يستطيع الإنسان أن يراكمها خلال مشوار حياته، وخصوصاً تلك الأبواب من المعرفة التي تساعد الفرد على خدمة الإنسان في مجتمعه قبل الانتقال إلى خدمة الإنسانية في المجتمع الكبير.
ويؤكّد شريعتي على أن 'المنهج' يجب أن يكون موضوعياً وجريئاً بحيث يمكّن الإنسان من اكتشاف الحقائق، ويحمل هذا المنهج في طيّاته على الدوام ملامح الإسلام الأولى بكل عناصرها الإنسانية لناحية تأصيل العلاقات الاجتماعية القائمة على الأخوة والمحبة والتعاضد.
أما 'الإيمان' فإنما يكون من وجهة نظر شريعتي 'أمام كعبة الله'، أي في تقديس كل ما له ارتباط بالذات الإلهية، سواء على مستوى العقيدة، أو على مستوى فهم التعاليم واحترامها، أو لناحية تثميرها، والالتزام بها.
وأما 'التضحية' فتكون أمام 'بيوت الناس'. ورمز شريعتي بذلك إلى أن تحقيق المباديء على مستوى المنهج وعلى مستوى الإيمان؛ بحاجة للدماء من أجل تحقيق العدل والحرية والعيش الكريم لعامة الناس.
هذه الثلاثية وضعها علي شريعتي في مواجهة الثلاثية المعاكسة لها وهي 'فرعون، وقارون، وبلعم بن باعوراء'.
فالقرآن يرمز بفرعون إلى السلطة الحاكمة الظالمة الغاشمة.. ويرمز بقارون: إلى السلطة الاقتصادية الشرهة.. وببلعم بن باعوراء: إلى السلطة الدينية الرسمية، أو ما اصطلح على تسميته بوعاظ السلاطين.
ثلاثية في مقابل ثلاثية...لا نستطيع أن نحصي عدد المؤسسات العاملة التي أسستها المقاومة في لبنان لخدمة الناس، ولا الخدمات المتنوعة التي يقدمها أفرادها لعامة الناس من كل الألوان والأطياف، ولكننا نستطيع أن نقول إن خير ما يعبّر عن منهج المقاومة في إطار الخدمات ما جاء على لسان سيد شهدائها الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد السيد عباس الموسوي مخاطباً المواطنين 'سنخدمكم بأشفار عيوننا'. وكفى بها من كلمة معبِّرة[51].
'المنهج الإيماني' في شرع المقاومين يتمحور على إيصال النفع للناس وخدمتهم حتى ولو كلفهم ذلك 'التضحية' بأنفسهم وبذل دمائهم.
فالمقاوم عندما يدافع عن الأرض التي هي أرض الناس، وعن أرزاق الناس، وعن أعراض الناس، ويسقط شهيداً مضرجاً بدمائه في سبيل ذلك، فهل يعني ذلك غير أنه ضحّى أمام 'أبواب الناس'!.. نعم، لقد ضحّى أمام أبواب الناس.
إن قلتْ: المقاوم يعمل في سبيل الله ويجاهد في سبيل الله ويستشهد في سبيل الله، فكيف تقول بأنه يعمل ويجاهد ويستشهد في سبيل الناس!؟
قلتْ: النتيجة واحدة، سبيل الله هو سبيل الناس.. فالله في صف الناس، في صف الفقراء، في صف المستضعفين، وليس في صف فرعون وقارون وبلعم بن باعوراء ومَن والاهم.
بل بقليل من التأمل نجد أن ما نسبه الله تعالى في القرآن لنفسه على المستوى الاقتصادي والمادي والاجتماعي هو للناس بلا منازع.. قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}، والحال أن الله تعالى غني عن العالمين، والقرض يكون لعباد الله الفقراء والمحتاجين[52].
وقال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ}، والحال أن هذا البيت هو بيت الله تعالى
يروى أن الإمام جعفر بن محمد الصادق كان إذا تصدّق على فقير، قبّل يده مباشرة، فقيل له في ذلك، فقال: في يد الله وقعت!.. أي الصدقة وقعت في يد الله، والحال أن الصدقة وقعت في يد الفقير.. وهذا إن دل فإنما يدل على مدى الترابط الوثيق بين تقديم العون والنفع للناس وبين رضا الله تعالى، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه..
وضمن هذا السياق اكتنز شريعتي مفهوماً ابتكارياً حيث قرّر أن القرآن الكريم قد ابتدأ بكلمة (الله) واختتم بكلمة (الناس) بل إن السورة الأخيرة من القرآن الكريم قد سُميت بسورة الناس، وبمجرد أن نفتح القرآن ونلقي نظرة عادية على أوله وآخره نلتفت إلى أن الإسلام يعتمد أساساً على كلمة 'الله'، وكلمة 'الناس'، دون أي التفات للَّون والعنصر والشكل والطبقة، فالحركة القرآنية بين المُفتتح والمُختتم في الكتاب العزيز هي حركة تبادلية بين الله والناس[53].
والآيات والنصوص التي تشهد على ارتباط رضا الله تبارك وتعالى بخدمة الناس أكثر من أن تُحصى في هذه العجالة.
لقد سطّر المقاومون ثلاثية 'المنهج الإيماني المُضحّي' جليّة واضحة أمام أعيننا كأروع ما تكون التضحية في مواجهتهم للعدوان الأمريكي الإسرائيلي الغاشم على لبنان.
هذه الثلاثيات هي ترجمة حيّة وناطقة للبناء الفكري والعقائدي والعملي لكل مقاوم وشريف في أرجاء الأرض، وهي تعكس نقاط التقاطع التي تكلمنا عنها في إفكاريتَيْ شريعتي وابن نبي ترجمها المقاومون في لبنان ماضياً وحاضراً، بل يستطيع المُنصف أن يتأمل ما تقدّم بعناية ويقايسه بما شاهده وسمعه وقرأه عن المقاومين خلال الحرب وقبلها، ليتأكد من جديّة هؤلاء المقاومين الأسطورة في أقوالهم وأفكارهم وأعمالهم وقلوبهم وإيمانهم وتضحياتهم.
ولا يسعني في نهاية هذا البحث إلاّ أن أتقدم بخالص شكري ووافر عرفاني من الصديق العزيز سماحة الشيخ منذر آل فقيه على مساندته ورعايته؛ لإتمام هذا البحث، وانجازه بهذه الصيغة.
والحمد لله رب العالمين.
_________________________
[1] مواطن الاستشهاد بالآية المباركة: بن نبي، مالك، ميلاد مجتمع، ص: 79 – 80 ، دار الفكر - دمشق، ط3، 1986م، إعادة: 2002م : 'وهكذا نرى أن كل ما يغيّر النفس، يغيّر المجتمع، ومن المعلوم أن أعظم التغييرات وأعمقها في النفس قد وقعت في مراحل التاريخ مع ازدهار فكرة دينية'.. أيضاً، را: بن نبي، مالك، المسلم في عالم الاقتصاد، ص: 61. وأيضاً، را: بن نبي، مالك، دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين، ص: 57. وأيضاً، را: بن نبي، مالك، تأملات، ص: 79. وأيضاً، را: بن نبي، مالك، وجهة العالم الإسلامي، ص: 47. وأيضاً، را: بن نبي، مالك، شروط النهضة، ص: 25 - 31.
[2] بن نبي، مالك، ميلاد مجتمع، ص: 29 - 42، مصدر سابق... (المرض الاجتماعي).
[3] بن نبي، مالك، ميلاد مجتمع، ص: 37 ، مصدر سابق. 'لا يُقاس غنى المجتمع بكميّة ما يملك من (أشياء)، بل بمقدار ما فيه من أفكار'.
[4] بن نبي، مالك، ميلاد مجتمع، ص: 31 – 33 – 37 – 38 46 – 47، مصدر سابق. أيضاً، را: بن نبي، مالك، تأملات، ص: 22، وص: 26 '.. فإذا ما أدركنا حقيقة هذا الفرد ومشاكله والصعوبات التي تنتج منه، أدركنا المشاكل التي تنتج من عالم الأشخاص، والصعوبات التي تقوم فيه'.
[5] بن نبي، مالك، تأملات، ص: 59، دار الفكر، دمشق، ط1، 1979م، إعادة 2002م.
[6] بن نبي، مالك، المسلم في عالم الاقتصاد، ص: 56 ، دار الفكر بدمشق، ط1، 1979 . 'ألمانيا لا تستعيد مركزها الاقتصادي فحسب، بل تضيف إليه مكتسبات جديدة، تجعلها من الدول الرائدة اقتصادياً، وتضع عملتها في مصف العملات الصعبة التي ينتظر منها أحياناً نجدة الدولار عندما يفقد النَّفَس في السوق العالمية'.
[7] 'الأفكار الحية' هو مصطلح وضعناه في مقابل: 'الأفكار القاتلة' و 'الأفكار الميتة'، وهما مصطلحان ابتكرهما مالك بن نبي، والأول عنى به: تلك الأفكار التي نستعيرها من الغرب، والثاني عنى به: ما يجول بأنفسنا من أفكار قد فقدت الحياة.. را: بن نبي، مالك، في مهب المعركة، ص: 129.
[8] بن نبي، مالك، المسلم في عالم الاقتصاد، ص: 56 ، مصدر سابق. 'تخرج أندونيسيا من تجربتها في تطبيق مخطط شاخت، ليس فحسب من دون أي حصيلة في الميدان الاقتصادي، بل متورطة نفسياً في الشعور بالهزيمة أمام واقع مرير'. أيضاً، را: بن نبي، مالك، تأملات، ص: 54 – 57 – 58.
[9] بن نبي، مالك، مشكلة الثقافة، ص: 45، دار الفكر، دمشق، ط4، 1984م، إعادة 2002م ..'وبذلك تكون المقدرة الخلاقة هي قوة (الأفكار) إذ أن الحرب لم تستطع أن تهدّها، بل أتاحت لألمانيا أن تنهض مرة أخرى بعد اندحار الهتلرية، فها نحن أولاً نرى العجلة تتوقف دون أن تتوقف الحركة'.
[10] بن نبي، مالك، شروط النهضة، ص: 143، دار الفكر بدمشق، تصوير 1986م. وقد بسط ابن نبي رحمه الله الكلام في هذه الموضوع في الفصل الأخير من كتاب شروط النهضة، تحت عنوان (الاستعمار والشعوب المستعمرة).
[11] بن نبي، مالك، شروط النهضة، ص: 31، مصدر سابق. 'ولا يذهب كابوسه (أي الاستعمار) عن الشعب – كما يتصور البعض – بكلمات أدبية أو خطابية، وإنما بتحوّل نفسي، يصبح معه الفرد شيئاً فشيئاً قادراً على القيام بوظيفته الاجتماعية، جديراً بأن تُحترم كرامته، وحينئذ يرتفع عنه طابع 'القابلية للاستعمار'، وبالتالي لن يقبل حكومة استعمارية تنهب ماله، وتمتص دمه، فكأنه بتغيير نفسه قد غيّر وضعَ حاكميه تلقائياً إلى الوضع الذي يرتضيه'.
[12] بن نبي، مالك، في مهب المعركة، ص: 22 – 23، دار الفكر، دمشق، ط3، 1981، إعادة 2002م. 'مركب تبعيّة: المركّب الذي ينزع من الطفل الفكرة والرغبة في تكوين إرادة وسلطة شخصيتين، حيث لا يرى فيهما جدوى، بل يراهما مستحيلتين'. وص: 30 – 31.
[13] بن نبي، مالك، وجهة العالم الإسلامي، ص: 92، دار الفكر، دمشق، ط1، 1986، إعادة 2002م. 'والحق أن سهم الاستعمار ماحق، إذ هو يسحق بصورة منهجية كل فكرة وكل جهد عقلي أو محاولة للبعث الأخلاقي أو الاقتصادي؛ أعني: كل ما من شأنه أن يتيح لحياة أبناء المستعمرات مخرجاً أياً كان'.
[14] بن نبي، مالك، شروط النهضة، ص: 146، مصدر سابق.
[15] 'تجنبنا قصداً أن نستخدم في هذه المعادلة مصطلح (مادة) وفضلنا عليه مصطلح (تراب) والغرض من هذا الاختيار هو تحاشي اللبس في كلمة (مادة): حيث أنها تعني في باب الأخلاق مفهوماً مقابلاً لكلمة (روح)'. بن نبي، مالك، شروط النهضة، حاشية ص: 44 – 45، مصدر سابق.
[16] بن نبي، مالك، ميلاد مجتمع، ص: 29، مصدر سابق. أيضاً، را: بن نبي، مالك، تأملات، ص: 171 'حضارة = رجل + تراب + وقت. فأنا إذن حينما أحاول التخطيط لحضارة فليس عليّ أن أفكر في منتجاتها، وإنما في أشياء ثلاثة: في الإنسان والتراب والوقت. فحينما أحل هذه المشاكل الثلاثة حلاً علمياً، بأن أبني الإنسان بناءً متكاملاً، وأعتني بالتراب والزمن فإنني حينئذ قد كوّنت المجتمع الأفضل، كوّنت الحضارة التي هي الإطار الذي فيه تتم للفرد سعادته، لأنه يقدّم له الضمانات الكافية الاجتماعية'. وص: 199. وأيضاً، را: بن نبي، مالك، شروط النهضة، ص: 44 – 45، مصدر سابق.
[17] بن نبي، مالك، تأملات، ص: 77 - 78، مصدر سابق. 'أما الإسلام فإنه يمنح الإنسان قيمة تفوق كل قيمة سياسية أو اجتماعية، لأنها القيمة التي يمنحها له الله في القرآن في قوله: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ )(الإسراء: من الآية70)، فهذا التكريم يكون – أكثر من الحقوق والضمانات – الشرط الأساسي للتعبير اللازم في نفس الفرد، طبقاً للشعور الديمقراطي سواء بالنسبة للأنا أو بالنسبة للآخرين، والآية التي تنص على هذا التكريم تبدو وكأنها نزلت لتصدير دستور ديمقراطي يمتاز عن كل النماذج الديمقراطية الأخرى'.
[18] بن نبي، مالك، ميلاد مجتمع، ص: 39، مصدر سابق. 'وعليه فإذا ما بلغ المجتمع ذروة نموّه فإن شبكته الاجتماعية تكون: ل1 = ن (ن - أ)، أعني الحد الأقصى. وهذه هي الحالة التي يشير إليها حديث رسول الله (ص): المؤمن للمؤمن.......'. راجع أيضاً ص: 12، وص: 57، المصدر نفسه.
[19] بن نبي، مالك، ميلاد مجتمع، ص: 9 – 10، مصدر سابق.
[20]بن نبي، مالك، شروط النهضة، ص: 48 – 49، مصدر سابق.'..بل يجب التأمل في سنن التاريخ التي لا تغيير لها، كما أشار إليها القرآن الكريم (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الفتح:23)
[21] بن نبي، مالك، دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين، ص: 60 – 61، دار الفكر، دمشق، ط1، 1978، إعادة 2002م. 'كل فكرة لها جانبان: جانب الصحة، وجانب الصلاحية. قد تكون فكرة ما صالحة وليست صحيحة وقد تكون فكرة صحيحة وفقدت في الطريق صلاحيتها لأية أسباب'.
[22] بن نبي، مالك، القضايا الكبرى، ص: 56، دار الفكر، دمشق، ط1، 1991، إعادة 2002م. 'ومجموع الأشخاص ليس إلا: (الإنسان) باعتباره كائناً اجتماعياً'.
[23] بن نبي، مالك، ميلاد مجتمع، ص: 27، مصدر سابق.. '.. هذه العوالم الثلاثة لا تعمل متفرقة، بل تتوافق في عمل مشترك تأتي صورته طبقاً لنماذج أيديولوجية من (عالم الأفكار)، يتم تنفيذها بوسائل من (عالم الأشياء)، من أجل غاية يحددها (عالم الأشخاص). أيضاً، را: بن نبي، مالك، تأملات، ص: 22. وأيضاً، را: بن نبي، مالك، مشكلة الثقافة، ص: 48 .
[24] بن نبي، مالك، ميلاد مجتمع، ص: 29 ، مصدر سابق. ' (فالشخص) في ذاته ليس مجرد فرد يكوّن النوع، وإنما هو الكائن المعقّد الذي ينتج حضارة. وهذا الكائن هو في ذاته نتاج الحضارة، إذ هو يدين لها بكل ما يملك من أفكار وأشياء. وبعبارة أخرى كل من العوالم الاجتماعية الثلاثة يتفق مع الصيغة التحليلية التالية: ناتج حضارة = إنسان + تراب + وقت'.
[25] شريعتي، علي، الإنسان والإسلام، ص: 275، دار الأمير للثقافة والعلوم، ط1، 2006م.
[26] '.. إن الفلاسفة لم يكونوا ممَن يصنعون الأيديولوجية، الناس هم الذين يوجدون الإيديولوجية، ولهذا فإن أبرز قادة الأيديولوجية وصانعيها ومخططيها وحاملي رسالتها، هم الأنبياء، الذين نهضوا ـ بنص القرآن وتأييد التاريخ ـ من بين الجماهير. وفي اعتقادي، أن صفة (الأُمي) لنبي الإسلام هي بهذا المعنى، هو شخص من (الأُمة) من (الأُميّين)، لا من الحكماء العلماء والشعراء والأمراء و.......'. شريعتي، علي، الإنسان والإسلام، ص: 269، مصدر سابق.
[27] شريعتي، علي، العودة إلى الذات، ص: 27، دار الأمير للثقافة والعلوم، ط1، 2006 م.
[28] شريعتي، علي، بناء الذات الثورية، ص: 21 – 22، دار الأمير للثقافة والعلوم، ط1، 2005م.
[29] '.. هذا الوعي هو عبادة الله الذي جرّه رجال الدين إلى الابتذال، وهو الاشتراكية التي بدّلها الشيوعيون إلى اقتصادية حتمية عمياء مادية، وهو الحرية التي جعلتا الرأسمالية نقاباً للنفاق والخداع. والثورة الفكرية هدفها معرفة هذا المَسخ الذي يُعد أعظم مسخ في زماننا. وفي نفس الوقت الوصول إلى لياقة ذهنية تستطيع أن تحقق الوحدة بين مفاهيم العبادة والعمل والنضال الاجتماعي'. شريعتي، علي، بناء الذات الثورية، ص: 66 – 67، مصدر سابق.
[30] 'كانت إحدى زميلاتي اللائي تلفين دراستهن في أمريكا تقول: (أثناء عودتي من أمريكا، رأيت النساء الأوروبيات أكثر أناقة من الأمريكيات، ثم أتيت إلى طهران فرأيت النساء الطهرانيات أكثر أناقة من النساء الأوروبيات، ثم ذهبت إلى محافظتي فرأيت الأقلية العصرية من نساء تلك المحافظة أكثر أناقة من الطهرانيات) وقلت لها: (لو كنتِ قد واصلتِ المسير وذهبتِ إلى المحافظات الأصغر بل إلى بعض القرى، لرأيتِ أن اللائي أتينَ إلى طهران لدّة أيام واشتغلنَ خادمات أو طاهيات أكثر عصريةً من الأمريكيات. هذه قاعدة عامة، لماذا؟ هو نوع من الصراع النفسي، عندما يحس أحد بمركّب نقص تجاه آخر، فإذا رد الفعل الطبيعي عنده أن يعوّض هذا النقص أن يقلّده، ويصل بنفسه إلى مستواه'. شريعتي، علي، مسؤولية المثقف، ص: 101 – 102، مصدر لاحق. أيضاً، را: ص 121 – 122 من نفس المصدر. وأيضاً، را: شريعتي، علي، تاريخ الحضارة، ص: 516 – 518، دار الأمير للثقافة والعلوم، ط1، 2006م.
[31] 'إعداد الذات ثورياً في صورة أصل وأصالة وهدف، أي أن يوهب الجوهر الوجودي للذات تكامله'. شريعتي، علي، بناء الذات الثورية، ص: 16 – 17، مصدر سابق.
[32] 'الإيمان يحطّم السلطات دائماً، حتى وإن كان في قلب شخصٍ ضعيف، وكانت السلطات مجهّزة بأحدث القدرات. هذا تزامن جبري. وعلى حد قول القرآن (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً )(البقرة: من الآية249). هذا قانون جبر إلهي أو جبر التاريخ – لا فرق -، ولهذا يشير القرآن: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص:5) بأية سلطة؟ هل يريد أن يقوم بمعجز نحيبي؟ كلا، هل يريد أن يقدّم السلاح؟ كلا، إنه الإيمان. لازم ذلك واقتضاؤه هو الإيمان الواعي، أي الأيديولوجية'. شريعتي، علي، الإنسان والإسلام، ص: 303 – 304، مصدر سابق.
[33] 'ولهذا نرى في التاريخ أن العلم لم يُثِر صراعاً أبداً، وكذلك الفلسفة لم توجد الصراع أبداً، وإن كان الاختلاف ما بين العلم والفلسفة كثيراً ولا يزال، ولكن الأيديولوجيين هم فقط الذين أوجدوا الحروب، التضحيات، وكذلك الجهاد العظيم في تاريخ البشرية. هذه هي طبيعة الأيديولوجية واقتضاؤها: الإيمان، المسؤولية، الصراع، والتضحية'. شريعتي، علي، الإنسان والإسلام، ص: 268، مصدر سابق.
[34] 'والعمل الصالح في الإسلام على خلاف التصوّر الديني الذي فهم به هذا المصطلح اليوم، فهو ليس العمل الديني فحسب، بل هو في نفس الوقت العمل المادي والعمل الإنتاجي'. شريعتي، علي، بناء الذات الثورية، ص: 51 – 52، مصدر سابق.
[35] شريعتي، علي، بناء الذات الثورية، ص: 42 وما بعدها، مصدر سابق. 'والمقصود من العبادة هو الاتصال الوجودي المستمر بين الإنسان والله. الإله الذي هو منبع الروح والجمال والهدف والإيمان وكل قيمنا الإنسانية، وبدونه يغوص كل شيء في مستنقع العبث واللامعنى والابتذال' : ص: 45.
[36] نهج البلاغة، ص: 53، شرح الشيخ محمد عبده.
[37] شريعتي، علي، بناء الذات الثورية، ص: 65، مصدر سابق.
[38] شريعتي، علي، مسؤولية المثقف، ص: 80 – 81، دار الأمير للثقافة والعلوم، ط1، 2005م.
[39] شريعتي، علي، العودة إلى الذات، ص: 365-366، مصدر سابق.
[40] شريعتي، علي، العودة إلى الذات، ص: 366، مصدر سابق.
[41] شريعتي، علي، الإنسان والتاريخ، ص: 18، دار الأمير للثقافة والعلوم، ط1، 2006م.
[42] شريعتي، علي، الإنسان والتاريخ، ص: 18، مصدر سابق.
[43] 'تؤكد لنا القَصَص الواردة في التوراة والكتب المرتبطة بها وكذلك قصص القرآن والروايات أن أعتى قوة جابهت رسالة النبي موسى وألحقت بها أشد الضربات هي حركة (السامري) و(بلعم بن باعوراء)'. شريعتي، علي، دين ضد الدين، ص: 35، دار الأمير للثقافة والعلوم، ط1، 2003م.
[44] 'هابيل يمثّل مرحلة من مراحل التاريخ البشري، المرحلة التي كانت فيها حياة الإنسان تقوم على أساس الطبيعة والصيد وتدجين الحيوانات، أي أن الطبيعة كانت هي مصدر الإنتاج'. شريعتي، علي، الإنسان والإسلام، ص: 59 . أيضاً، را: شريعتي، علي، تاريخ الحضارة، ص: 205 – 217، مصدر سابق.
[45] 'قابيل يمثّل دوراً من أدوار تاريخ الإنسان، بحيث يكون فيه مصدر الإنتاج انحصارياً، وتوجد فيه المُلكيّة الفردية والشخصيّة الانحصارية'. شريعتي، علي، الإنسان والإسلام، ص: 59، مصدر سابق.
[46] 'قابيل كان يمثّل مرحلة، بحيث يحدّد قطعة من أرض الله، ويثبت اسمه على مصدر الإنتاج هذا، ثم يستثمر الآخرين ويستعبدهم، ويجبرهم على العمل له في مصدر إنتاجه واقتصاده، مقابل حصولهم على لقمة الخبز'. شريعتي، علي، الإنسان والإسلام، ص:60، مصدر سابق.
[47] '.. يسود قابيل والروح القابيلية على فلسفة تاريخ الإنسان.. مَن هو قابيل؟ رأينا مَن هو: قابيل ديِّن، لم يُنكر الله، ولم يقُل: ما هو الله، وليس له وجود، وهذه الأقوال تافهة، لأنه يذهب ويُقدِّم قرباناً. قابيل يُدين بدِين آدم، وكذلك هابيل. ولكن هذا الدِّين يكون لدى الشخصين دينيْن متضادّين، أحدهما يبرّر دوافع قابيل، والآخر يكون سبباً في تحقّق الحقائق وفضيلة هابيل، وهذان الدّينان يتحاربان على طول التاريخ'. شريعتي، علي، الإنسان والإسلام، ص: 61، مصدر سابق.
[48] '..هناك أكثرية جماهيرية اسمها (الناس)؛ وهناك قطب ضد هؤلاء الناس... هو القطب القابيلي الذي له ثلاثة وجوه: وجه اقتصادي، ووجه سياسي، ووجه ديني، المال والقوة والدّين.. ثلاثة ماهر موجودة في القرآن وتتكرّر دائماً، وهي موجودة في التوراة أيضاً: أحدها فرعون باعتباره نموذج السلطة، والثاني قارون باعتباره نموذج الثروة والرأسمال الاقتصادي، والثالث بلعم بن باعورا، الروحاني الذي بيده الدين، هؤلاء الثلاثة هم نماذج الطبقة القابيلية'. شريعتي، علي، الإنسان والإسلام، ص: 62 – 63، مصدر سابق. أيضاً، را: شريعتي، علي، الإنسان والتاريخ، ص: 35 – 43، مصدر سابق.
[49] شريعتي، علي، دين ضد الدين، ص: 71، مصدر سابق.
[50] آل فقيه، منذر، 'مقال': الوعد الصادق 'تجذير الثلاثيّات المفقودة'، كتاب الوعد الصادق، ص: 41 – 47، دار الأمير للثقافة والعلوم، ط1، 2006 م.
[51] 'وينبغي على المثقف أن يدرك وأن يعلم أن القوى الرجعية المنحرفة – التي كانت دائماً معادية للبشر تمتطي كواهلهم وتسيطر على= =مصائرهم – استخدمت الدين كسلاح بتّار لخداع الناس وصرف أحاسيسهم عن مصائرهم الحالية، وحصرهم فيما يتعلّق بالماضي، وتبديل المشاكل الحقيقية الراهنة عندهم إلى مشاكل ذهنية، وجذب اهتمامهم باسم الدين من مرحلة ما قبل الموت إلى مرحلة ما بعد الموت، وذلك لكي تحول بين المسلمين وبين مزاولة حياة حرّة كريمة فوق الأرض، وتنقل مُثُلهم التي يتوقون إلى تحقيقها في هذه الحياة إلى الحياة الآخرة، ونتيجة لذلك فهم يصوّرون الذين – وهو من أعظم الطاقات المعنوية التي تدفع الناس إلى الكفاح في حياتهم الدنيا – في صورة تجلب الأنظار والأسماع والقلوب من الحياة الدنيا إلى الآخرة، واعتبروا التفكير في الحياة الدنيا نوعاً من الفساد والانحطاط باسم الدين، ونشروا في المجتمع نوعاً منحرفاً من الزهد والميل إلى الآخرة'. شريعتي، علي، مسؤولية المثقف، ص: 139، مصدر سابق.
[52] را: شريعتي، علي، دين ضد الدين، ص:53 – 54، مصدر سابق.
[53] شريعتي، علي، دين ضد الدين، ص: 61 – 62، مصدر سابق. أيضاً، را: شريعتي، علي، الأمة والإمامة، ص: 31 – 36، دار الأمير للثقافة والعلوم، ط1، 2006م.
احدث الاخبار
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
زوجة القائد"الحاج رمضان" تروي ذكرى من أدب الشهيد قاسم سليماني
العميد نقدي: قدرتنا الصاروخية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه خلال العدوان الصهيوامريكي
الشيخ نعيم قاسم: المقاومة جاهزة للدفاع ولديها ردع يمنع تحقيق العدو لأهدافه
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية