الشهيد نضال حبيب النشابة
التاريخ: 01-08-2007
رسم قبره بين قبري رفيقي دربه، وعاهد عبدالحميد أن يلحق به في أربعينيته، فكان له ما أراد…! من الذي يستطيع أن يهزم بطلاً عشق الشهادة، وأي مرتزق يقوى على تهديد من يهوى النضال ويتحدى الطغاة؟! نضال حيبيب أحمد النشابة آخر الثلاثي الذي هزم فلول مرتزقة نظام آل خليفة في شوارع الدراز وأزقّتها، وباستشهاده طويت صفحة ناصعة من الجهاد في تلك المنطقة المجاهدة
رسم قبره بين قبري رفيقي دربه، وعاهد عبدالحميد أن يلحق به في أربعينيته، فكان له ما أراد…! من الذي يستطيع أن يهزم بطلاً عشق الشهادة، وأي مرتزق يقوى على تهديد من يهوى النضال ويتحدى الطغاة؟! نضال حيبيب أحمد النشابة آخر الثلاثي الذي هزم فلول مرتزقة نظام آل خليفة في شوارع الدراز وأزقّتها، وباستشهاده طويت صفحة ناصعة من الجهاد في تلك المنطقة المجاهدة.
في مساء يوم السبت الأسود (الأول من أبريل 1995)، وبينما انتشرت قوات الشغب على شارع البديع وخصوصاً في منطقة بني جمرة حيث وضع الشيخ الجمري وعائلته تحت الإقامة الجبرية، كان نضال النشابة وحده يتحدى فلول المرتزقة ويتسلل إلى الشارع العام ليزرع اسطوانة الغاز ويشعل النار فيها لتنفجر بكل قوة وترهب أعداء الشعب. وحده كان هناك شاهداً حياً على ارهاب السلطة وتقاعس الكثيرين ممن يكبرونه سناً وتجربة ووجاهة.. فدتك القلوب يا فارساً ترجّل عن مهره ليقاتل الأعداء وحيداً. ومن الذي بقي معه بعد أن فارقه رفيقا دربه، عبد القادر الفتلاوي وعبد الحميد قاسم؛ أربعة شهور مضت على استشهاد الأول وأربعون يوماً على رحيل الثاني، وما بين هذه الفترة وتلك كانت البلاد تعج بقصص النضال والمقاومة؛ كانت الحياة مستحيلة لهذا الشاب الذي لم يتجاوز التاسعة عشرة من العمر بعد أن آلى على نفسه أن لا يعيش مقيداً، وان لا يقع فريسة بأيدي الجلادين مثل عادل فليفل وخالد والمعاودة. لقد قرر أن يستشهد لأنه أحس أنه من أهل الآخرة.
لقد شارك نضال في التظاهرات منذ بداية الأحداث، واعتبرها سبيلاً للحرية وبداية طريق جديد للشعب. وقد قال ذات مرة لأحد رفاق طريقه: "لقد بدأت طريقاً جديداً ولن أرجع عنه إلاّ بالشهادة". كان شخصاً عادياً بسيطاً يحب كل الناس ويحبونه، مرحاً حتى مع جده، متحركاً لا يقر له قرار، عصبياً :هائجاً سرعان ما يهدأ، قوي الشخصية مع تواضع، مراوغ سياسي في الحديث عندما لا يريد أن يفهم الآخرون ما لديه. أرخى لنفسه العنان لممارسة الرياضة وركوب الخيل وسبر اغوار البحر، بتوازن لم يخل بشخصيته الجادة. كان نضال ثالث اخوته الخمسة مع اخت سادسة، وكان طالباً بالصف الثاني من المرحلة الثانوية ــ قسم الفندقة ــ، دائم الحضور في المآتم والمواكب الدينية.
كانت علاقته بالشهيد عبدالحميد قاسم متميزة إلى الدرجة التي جعلت صداقتهما جامعة لهما حياة وموتاً.. كانا صديقين منذ الصغر، وقد اشتدت هذه الصداقة وترعرت مع الأيام حتى أصبحا يفكران بعقل واحد وخصوصاً منذ بداية الانتفاضة. كانا يشعران بمسؤوليتهما الكاملة عن مشاركة منطقتهما في الانتفاضة، وكانا يقومان معاً بلصق المنشورات والكتابة على الجدران، وبقي نضال يقوم بذلك بعد استشهاد عبدالحميد. وكان مع عبد القادر ليلة استشهاده، وسمع الطلقات التي أودت بحياته. وحين أصيب عبد الحميد في احدى التظاهرات في منطقة الدراز، حمله نضال إلى منزل مجاور وعالجه ثم عادا ليستمرا في المواجهة مع قوات الشغب. ومن هنا فقد كان خبر استشهاد صديقه صعباً عليه، فقد طلقّ الحياة منذ أن سمع الخبر، فكان يقول: اللهم ارزقني الشهادة بعد عبدالحميد. وعندما قال له والد الشهيد: لا تقل هذا فإن الله سيطيل عمرك، قال: إن من يمشي في هذا الطريق له واحد من مصيرين: فإمّا الشهادة أو التعذيب في السجون. وأما أنا فقد اخترت الشهادة ولا شيء غيرها. وكان يكرر القول بأنه سوف يلحق بــ (عبدالحميد). ولقد رسم قبره وحدده على التراب بجانب قبر عبدالحميد، وقال انه يريد أن يكون قبره بين قبري عبدالحميد وعبدالقادر. وكثيراً ما قال انه سيلتحق بــ(عبدالحميد) في أربعينيته...! ومن شدة حبه له كان يزور قبره كل ليلة، ويبكي عنده ويخاطبه مخاطبة الأحياء، ثم يشعل الشموع على القبر قبل أن ينصرف. كما كان يقول: انتم السابقون ونحن اللاحقون يا حميد. وكتب هذه العبارة على خزّانة ملابسه. كما قال لأمه: "إنني مادمت قد اخترت هذا الطريق فلن يوقفني شيء حتى أصل القبر".
جلس الشهيد نضال عند قبر الشهيد عبدالحميد للمرة الأخيرة في ليلة أربعينيته، حيث قال له: اجعل لي مكاناً بينك وبين عبدالقادر لأنني آتٍ إليكما يا حبيبيَّ. وبعدها ذهب إلى مجلس اصدقائه لكي يحضر تأبين الشهيد عبدالحميد، وفي ذلك المكان نال ما أراد من الله.
كانت المخابرات قد جاءت في اول مرة لنضال وكان خارج المنزل حيث كان قد خرج لتوّه، وما لبثوا ان جاؤوا مرة أخرى وفتشوا بيته وبحثوا عنه ولم يجدوه. وعندما علم قال انه لن يبقى في المنزل، وأخبر اخوته بأنه لن يسلم نفسه إلى الجلادين، وبقي خارج منزله أسبوعين مطارداً لا يدخل المنزل إلاّ بضع دقائق ليقضي حاجته. وظل ينام ويأكل خارج المنزل خلال تلك الفترة التي تعرضت العائلة فيها إلى اعتداء من جهاز المباحث ثلاث مرات. واعتقل كل من له صلة بنضال أو يعرفه، وحتى بعد استشهاده.
وفي آخر يوم (الخميس) جاء الشهيد إلى منزله، الساعة التاسعة صباحاً وقال لأمه انه متعب جداً لأنه لم ينم طوال الليل وانه يريد ان يأخذ قسطاً من الراحة، فنام حتى الثالثة بعد الظهر، ثم استحمّ ولبس فانيلة (قميصاً) سوداء، فسألته أمه: لماذا؟ فقال: اليوم أربعينية الشهيد عبدالحميد. وخرج بعد ان صلى، وسدد ما عليه من ديون وارجع بعض نقود العمل التي كانت معه لكي لا تبقى في ذمته. ثم ودع من رأى حتى من كان لا يودعهم عادة وانصرف! في تلك الليلة جاء الجلاوزة إلى منزله وفتشوه واعتقلوا أخويه؛ ويبدو انهم قاموا بمراقبة شديدة للشهيد في تلك الليلة حتى وصل منزل السيد مهدي، أحد اصدقائه، وعندها اقتحم الجلاوزة المنزل، فقام السيد مهدي بتسليم نفسه، بينما حاول نضال الخروج من النافذة، إلاّ أن القتلة عاجلوه بسيل من الرصاص اصابته ثماني عشرة منها..! نقل إلى المستشفى الساعة الثانية عشرة عند منتصف الليل ولقي ربه الساعة الثانية من صباح الخامس من مايو 1995. ودفن في مقبرة الغريفة (قرب الجفير) بالقرب من مرقد الشيخ ميثم البحراني، وذلك بناء على نصائح من البعض الذين قالوا إن عدداً كبيراً من الشهداء سوف يسقط فيما لو شيع الشهيد نضال في منطقة الدراز.
لقد وعد نضال أخاه عبدالحميد أن يلقاه في أربعينية، فلم يخلف وعده! وبوفاة الشهيد نضال غاب الثلاثي البطل الذي أذاق قوات الشغب دروساً بليغة وأدخل الرعب في قلوب الظالمين.
احدث الاخبار
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
زوجة القائد"الحاج رمضان" تروي ذكرى من أدب الشهيد قاسم سليماني
العميد نقدي: قدرتنا الصاروخية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه خلال العدوان الصهيوامريكي
الشيخ نعيم قاسم: المقاومة جاهزة للدفاع ولديها ردع يمنع تحقيق العدو لأهدافه
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية