Skip to main content

ذبيح عيد الأضحى الشهيد عباس بابائي

التاريخ: 02-08-2007

ذبيح عيد الأضحى الشهيد عباس بابائي

"كان شهيدنا العزيز هذا إنساناً مؤمناً ومتقياً وجندياً عاشقاً ومضحياً، وثابتاً وصامداً في خصوصياته هذه طوال فترة معرفتي به

"كان شهيدنا العزيز هذا إنساناً مؤمناً ومتقياً وجندياً عاشقاً ومضحياً، وثابتاً وصامداً في خصوصياته هذه طوال فترة معرفتي به. لم يكن يفكر في مصالحه الشخصية ابداً، بل كان همّه مصالح سلاح الجو والثورة والإسلام.. كان قائداً متواضعاً وحميماً جداً مع من تحت إمرته، لكنه شديد لا يطيق الأعمال السيئة والقبيحة.. كان هذا الشهيد العزيز ثورياً حقيقياً وصادقاً. وإنني اغتبطه كثيراً وأشعر أنني تأخرت عنه في هذا الميدان الملحمي العظيم".

من بيانات ولي أمر المسلمين (حفظه الله)

في وصف الشهيد بابائي  

المولد

ولد الشهيد عباس بابائي في 14/9/1329هــ ش [4/12/1950م] في مدينة قزوين من عائلة مؤمنة، وسمّي (عباس) تيمناً بقمر بني هاشم أبي الفضل العباس (ع).  

الدراسة

أنهى الشهيد بابائي المرحلة الابتدائية في مدرسة (دهخدا) والمرحلة المتوسطة في مدرسة (نظام وفاي) بمدينة قزوين. وبعد نيل شهادة الدبلوم شارك في امتحانات الجامعة فرع الطب ونجح فيها، إلا أن رغبته الشديدة في الطيران، جعلته يلتحق بكلية الطيران في القوة الجوية، وبعد إنهاء الدورة التعليمية الأولى، بُعث إلى أمريكا لإكمال الدراسة.

ورغم المظاهر البراقة والأجواء الفاسدة في أمريكا، إلا أن الشهيد لم ينجذب إليها أبداً نظراً لإيمانه القوي الراسخ، واستطاع إنهاء دورته الدراسية بنجاح والعودة إلى وطنه. ووظف في عام 1351هــ ش [1972م] بدرجة ملازم ثانٍ في قاعدة دزفول الجوية.

وبعد ضم طائرات اف ــ 14 المتطورة إلى سلاح الجو الإيراني، انتخب الشهيد بابائي نظراً لذكائه وتجربته، للطيران بهذه الطائرات، وانتقل إلى قاعدة اصفهان الجوية.  

نشاطه في الثورة وبعدها

إثر اشتداد نضال الشعب الإيراني المسلم ضد النظام الملكي، نشط الشهيد بابائي كعنصر ثوري في القوة الجوية، وبدأ كفاحه مع سائر العناصر الثورية في القوة الجوية ضد النظام الطاغوتي.

وبعد انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني (قده)، وإضافة إلى مسؤولياته الأخرى في القوة الجوية، انتخب مسؤولاً في الاتحاد الإسلامي للقاعدة الجوية الثامنة باصفهان، وعمل على حراسة الثورة الإسلامية وقيمها.  

المسؤوليات ومدارج الكمال

وبعد أن أثبت جدارته في إدارة عمله إدارة إسلامية صحيحة، ولالتزامه الديني، رُقّي إلى درجة مقدم وعيّن قائداً لقاعدة اصفهان الجوية. ورغم كثرة وظائفه ومسؤولياته إلاّ أنه لم يغفل عن خدمة المحرومين والمستضعفين، فقد استفاد من الامكانات المتوفرة في القاعدة، وبادر على إعمار القرى المحرومة أطراف القاعدة وكذا في ضواحي مدينة اصفهان، وقدّم خدمات في مجال إيصال الماء والكهرباء وسائر الخدمات الصحية والتعليمية في هذه المناطق.

واستمر الشهيد بابائي في طيّ مدارج الرقي والتقدم، فخلال فترة تصديّه لقيادة القاعدة الجوية باصفهان أثبت جدارته وحسن إدارته وجعل من قاعدته إحدى القواعد المهمة في إيران، وإثر ذلك عيّن عام 1983م مساعداً للعمليات في القوة الجوية برتبة عقيد، ونقل إلى القيادة العامة بطهران.

أما منزلة ومقام الشهيد بابائي فلم تكن في هذه المناصب والرتب، فتمتع الشهيد بروح تضحوية عالية وشجاعته وإيثاره طوال سنوات الحرب المفروضة على الدولة الإسلامية، دوّنت صفحات ذهبية ومشرقة في تاريخ الثورة الإسلامية والدفاع المقدس. لقد قضى الشهيد بابائي القسم الأعظم من عمره إما في الطلعات الجويّة والتي بلغت أكثر من ثلاثة آلاف ساعة، أو في صورة تعبوي متواضع في جبهات الحرب الغربية والجنوبية ومقرات الجيش، ولهذا كان معروفاً لدى التعبويين، وكان عوناً وفيّاً لقادة المقرات.

هذا وقد قام الشهيد بابائي منذ عام 1364هــ ش [1985م] حتى لحظة استشهاده بستين مهمّة جوية ناجحة تماماً.  

خصوصيات الشهيد

التواضع واجتناب التكبر وأيّ نوع من التشريفات الزائدة جعلت من الشهيد بابائي إنساناً مهذباً بحيث إذا تواجد بين من دونه من الجنود، كان من الصعب تشخيصه بل يستحيل أحياناً، حتى حدث كثيراً أن نودي خطأً كتعبوي أو جندي عادي!

ومن أجل حسن أداء المهمات الجوية ودقّتها لم يكتفِ الشهيد بالإشراف عليها فحسب، بل كان سبّاقاً إلى أدائها بنفسه؛ فكان أول طيار يقوم بامتحان المهمة في جميع العمليات، وذلك لرفع المشاكل والأخطار المحتملة. كما كان ضمن المجموعة الأولى للطيارين الذين قاموا بمهمة التزود بالوقود في السماء ليلاً.

وفي عام 1366هــ ش [1987م] ارتقى إلى درجة عميد تقديراً له على جدارته وشجاعته التي تجلّت في الدفاع عن أهداف الثورة الإسلامية وردع القوى المعادية.  

لحظة الوصال

وأخيراً حانت لحظة الوصال، فعرجت روحه إلى بارئها وهو يؤدي مهمة جوية على مواقع العدو بتاريخ 5/8/1987م وعمره لم يبلغ الــ (37) عاماً، تاركاً مَنْ يذكرنا به ابنين وبنتاً.

يذكر أنه كانت للشهيد محاورة بينه وبين أقربائه قبل أيام من استشهاده وكانوا قاصدين الذهاب إلى الحج، حيث قال لهم: "سألتحق بكم في مكة المكرمة يوم عيد الأضحى"! والعجيب أن استشهاده كان يوم عيد الأضحى.

يقول العميد نادري الذي كان برفقة الشهيد بابائي في آخر طلعة جوية، عن كيفية استشهاده:

"أقلعنا أنا والشهيد بابائي بطائرة مقاتلة صباح 15/5/1366هــ ش [5/8/1987م] من مطار تبريز للقيام بمهمة جوية داخل العمق العراقي، وعند بلوغ الهدف، أمر الشهيد بإلقاء القنابل، فأصابت الهدف بنجاح، وفي طريق عودتنا إلى القاعدة وعبورنا من منطقة سردشت، قال لي الشهيد بابائي: خفض من ارتفاع الطائرة قليلاً لنشاهد المناظر الخضراء والخلابة في المنطقة.. وكان يناجي نفسه في هذه الحالة.. ويردّد: الله أكبر، الله أكبر، وإذا بصوت انفجار يطرق سمعي، ثم انقطع صوت الشهيد بابائي. سعيت من خلال المرآة مشاهدة الشهيد بابائي والمقعد الخلفي لكنّي لم أنجح، وبعد سعي ودقة كثيرة توجهت أن الكرسي في مكانه لكن الشهيد غير موجود. استولى عليّ رعب عجيب، وتصورت أنه ــ أثناء حدوث ذلك الانفجار ــ لمست يد الشهيد خطأً زر الكرسي (القاذف)، وقذف الشهيد إلى الخارج، ولهذا زاد اضطرابي ووحشتي، لكني في تلك اللحظة نسيت كل شيء وكان همّي الوحيد هو إيصال المقاتلة سالمة وسريعاً إلى القاعدة، وأبلغت القاعدة فوراً بالأمر. واتخذت كل الإجراءات اللازمة في المطار للهبوط الاضطراري. واستطعت ــ بصعوبة بالغة ــ من الهبوط سالماً في المطار. وبعد الهبوط نظرت فوراً إلى المقعد الخلفي، فوجدته محطماً تماماً وأن شظيةً أصابت رقبة الشهيد فذبحته من الوريد إلى الوريد فاستُشهد في نفس اللحظة.. وهناك انتبهت إلى أنّني شيّعت الشهيد بابائي في السماء لعدّة كيلومترات!

فسلام الله عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة