ولاية غير الفقيه
التاريخ: 01-08-2009
خطبة الجمعة (377) 24 رجب 1430ﻫ 17 يوليو 2009م أولاً: لا اعتراض في عالمنا الوضعي، وفي عالمنا الديني العادي على ولاية وحكومة غير الفقيه بما هو غير فقيه ومن حيث هذا السلب بعد التسليم بنظام الحكم الذي يحكم باسمه، والشرعية القانونية لوصوله لمنصب الحكومة حسب ذلك القانون
خطبة الجمعة (377) 24 رجب 1430ﻫ 17 يوليو 2009م
أولاً: لا اعتراض في عالمنا الوضعي، وفي عالمنا الديني العادي على ولاية وحكومة غير الفقيه بما هو غير فقيه ومن حيث هذا السلب بعد التسليم بنظام الحكم الذي يحكم باسمه، والشرعية القانونية لوصوله لمنصب الحكومة حسب ذلك القانون.
ثم إنه لا حكم بلا حكومة، ولا حكومة بلا حكم.
وإذا كان اعتراض فإنما هو على شرعيَّة النظام، أي نظام، أو شرعية وصول الحاكم إلى الحكم حسب ذلك النظام.
فهناك نظام حكم ديمقراطي يعتمد الخيار الحر للشعوب ولو نظريّاً، وهناك حكم يفرض نفسه بالقوّة، ويوجد نظام حكم دستوري، وآخر غير دستوري، وحكم وراثي تكسبه صلة الأبوَّة والبنوة أو الأخوّة.
ويوجد اعتراض على نوع هذا النظام أو ذاك؛ وهو اعتراض نظري في الأكثر اليوم.
وقد يطعن في اكتساب الشخص صفة الحكم بعد الاعتراف بشرعيّة النظام، كما في الاعتراض على نزاهة الانتخابات التي أوصلت الشخص المعيّن إلى الحكم في النظام الديمقراطي.
أمّا بعد التسليم بأصل النظام، وصحة الطريق الذي يعتمده في الوصول إلى الحكم فلا اعتراض من أحد على حكم الحاكم وولايته.
ثانياً: وبعد هذا التسليم الواسع في عالمنا اليوم بولاية غير الفقيه وعدم الاعتراض عليه من حيث هذا الوصف يأتي الاعتراض على حكومة ولاية الفقيه العادل.
وهذا الاعتراض إما أن يكون من المسلم أو غير المسلم هذا من جهة.
ومن جهة أخرى إما أن يكون اعتراضاً على أصل النظام الديني، والحكم باسم الدين، ومن منشئه، وتحت نظره، وأخذ الشرعية منه، وإن كان بتوسيط البيعة الحرة التي تعني التصويت الانتخابي الحر، وإما أن يكون اعتراضاً على وصف الفقاهة أو العدالة في الحاكم، للتأثير السلبي لكلا الوصفين أو أحدهما على كفاءة الحكم ونزاهته وعدم تفرّده.
وقالوا بأن ولاية الفقيه لون من فرض الوصاية على الآخرين، واتهام لهم بالقصور، وهو نوع من تهميش كفاءات الآخرين وعزلها وإقصائها.
ثالثاً: الكلام مع غير المسلم في اعتراضه على المنشأ الديني الإسلامي للحكم يسبقه الكلام عن قيمة الدين والإسلام ودورهما في الحياة، ولهذا الكلام مكان آخر، وكذلك بالنسبة للكلام عن شرط الفقاهة وإيجابيته وسلبيته التي تلحق بالحكم، أما العدالة فلا أظن بعاقل ممن يرجّح الخير على الشر يسجّل اعتراضاً عليه.
أما الكلام مع المسلم في اعتراضه على حكومة الفقيه وولايته فإن كان من جهة المنشأ الديني لهذه الحكومة، وأن الدّين لا يصلح منشأ للحكم مطلقاً للفقيه أو غير الفقيه، لعادل أو غير عادل، فإن كان ذلك بحجة دينية فلو ثبتت وهي على خلاف الضرورة الدينية في الإسلام فإن فيها تخطئة لرسول الله صلى الله عليه وآله الذي حكم باسم الدين وأخذ شرعية حكمه منه، وتخطئة لكل من نظرتي الإمامة، والخلافة عند المسلمين، لأن الخلافة عند من يقول بها إنما تقوم على أن الدين يحكم، وكذلك الإمامة، فلو خطَّئنا الحكم باسم الدين وعلى أرضية الدين ومن منشأ الدين فقد ألغينا شرعية حكم رسول الله صلى الله عليه وآله فضلا عمن بعده من معصوم أو غير معصوم.
وإن كان بحجة خارج الإسلام وعلى خلاف رأيه ففي ذلك مفارقة واضحة، وعدول من هذا المسلم عن إسلامه ولو في هذه المسألة وهو جَرح عظيم في إسلامه، وأمر يدخله في عداد الآخرين في النقاش المتعلق بهذا الموضوع.
ولو كان هذا المسلم لا يبدي اعتراضا على الرجوع إلى الدين في الحكم، وإضفاء الشرعية على الحكومة من خلاله، ولكن اعتراضه ينصبّ على الحكومة باسم الإسلام لو اشترط فيها الفقاهة والعدالة، أو حتّى جوزت للفقيه العادل أن يحكم لكان ذلك من المنكر الذي لا يستقيم مع دين الله في شيء، ولا مع عقل، ولا نظر عقلائي.
الدين يقول بأن العدالة مانعة، والدين يقول من فهمني لا يصلح حاكما؟! العقل يرى أن العدالة مانع للحكم؟! يرى أن العلم والفهم مانع للحكم؟!
رابعاً: ولنسأل ما هي حكومة الفقيه وولايته والتي تستحق كل هذا الاستغراب والاستبشاع والإنكار والتهريج والضجيج والاستهجان والمواجهة والمحاربة؟
إنها تعني أن الشريعة وهي لا ترى في الأصل ولاية لأحد على النّاس إلا بأمر الله سبحانه قد أعطت إذناً للفقيه العادل الخبير الكفوء في غياب الرسول صلّى الله عليه وآله، وعموم المعصوم عليه السلام عن الساحة العملية لحياة المسلمين بحيث لا يمكن الرجوع إليه – أي المعصوم – في الحكم وتدبير الأمور في الزمن الطويل؛ أعطته أن يتولى منصبَ الحكومة حيث يمكنه ذلك، وعلى المسلمين أن يختاروه على غيره لهذا الأمر ويعينوه عليه، ويدخلوا في البيعة له فيه، فإذا ذهب المسلمون عمليا إلى هذا الخيار، أو أخذ به بلد من بلدانهم تمّت الحكومة الفعلية لمن اختاروه من الفقهاء العدول ولو في حدود المكان الذي تمت له البيعة في إطاره.
ولا بد أن تكون البيعة على كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله، ليحكما العلاقة بين الطرفين، ويكون لهما الفصل في محل الخلاف، وإذا وضع دستور معين يأخذ كل أحكامه من الكتاب والسنة وجرت البيعة في إطاره فهي بيعة على الكتاب والسنة والحاكمية إنما تكون لهما عليه .
وعليه فإن الحكومة دستورية على الفرضين، والطريق إلى فعليتها هي البيعة، واختيار النّاس.
وإذا تم للفقيه العادل الوصول إلى موقع الحكم بهذه الطريقة، وكان عليه أن يتقيد في حكومته بالصلاحيات المعطاة له دستوريّاً، ولا يتعداها، وكانت ولايته في مساحة الشأن العام وما يتعلق بها من حياة الأفراد، وحَكَمَ من خلال المؤسسات الدستورية، واستعان بأهل الخبرة، وكان تحت رقابة مؤسسة معتمدة من الدستور فما هو محل الاعتراض على هذه الحكومة الإسلامية الشعبية، وأين هي الوصاية التي تستقل هذه الحكومة بها عن باقي أنواع الحكومات؟! وكيف تجب طاعة كل الحكومات الأخرى إلا هذا النوع من الحكومة؟!
يمكن فرض الآتي في سبب الاستنكار، وعدم الطاعة:
1. شرط الفقاهة وهي علم اجتهادي بالشريعة. ولو كان كذلك فمعناه تقديم الجاهل على العالم، واشتراط الجهل في موقع الحكومة.
2. شرط العدالة. ومعناه أن الفِسق والظلم والتحلل مقدّم على العدل والاستقامة والالتزام.
3. الاحتكام إلى الشريعة. وإذا صح لغير المسلم أن يتفوه بهذا فإنه لا يصح للمسلم. وغير المسلم سبق أن النقاش معه يأتي في الرتبة قبل هذه المسألة.
4. أخذ الشرعية من الإسلام، والكلام فيه كالكلام في سابقه.
5. قيام فعلية الحكم وثبوته للفقيه العادل من بيعة الناس واختيارهم. وهذا إذا طرح من الديكتاتوريين فإنه لا ينبغي طرحه من الديمقراطيين. العيب أن الناس بايعوه!! المانع من طاعة حكومته أن الناس بايعوه، وأن بيعته حرّة؟!
6. أن تكون للفقيه العادل حكومة بعد إذن الشريعة واختيار النّاس. وهذا من أغرب ما يُستغرب. وهل يوجد حاكم بلا حكومة؟!
وعدم الاعتراف بصلاحية الحكم، وعدم الوجوب الدستوري، أو الشرعي الإلهي لطاعة هذا المنتخب يجعلنا محتاجين إلى منصب آخر تكون له صلاحية نفاذ الحكم مثل منصب رئيس الوزراء.
فلما كانت ملكة بريطانيا بلا مسمّى احتاج ذلك البلد إلى من له الإسم والمسمى ليملأ فراغ الحكومة وتنفذ أوامره الحكومية على المحكومين في حدود الصلاحيات المتاحة له من ناحية دستورية.
والحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
اللهم انصر الإسلام وأهله، وأذل النفاق وأهله، اللهم ادفع عن المؤمنين والمسلمين كل سوء، وأعز دينك برغم أنف الكافرين والمنافقين والظالمين، والحمد لله رب العالمين.
اللهم اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين والمؤمنات أجمعين، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. وصل على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾
ـــــــــــــــــــــ
1 - ومن كان كذلك لابد أن يُتّقى.
2 - مكارم الأخلاق – الطبرسي ص 207.
3 - خطب منه ابنته.
4 - يصلي ويصوم ويحج لكن له مزاجا حادا، ولا صبر له على الطرف الآخر، ويضيق صبره بأقل سبب، ربما شح بالمال بحيث يضيق به صدر أهله.
5 - ميزان الحكمة ج2 ص1183.
6 - المنبت الطيب. أصل هذا الشخص ذكرا كان أو أنثى، وصلاح الأم، وصلاح الأب، وكلما ارتقى مستوى البيت إيمانا ونسبا، كلما ساعد ذلك على العشرة الطيبة، والنسل الكريم.
7 - كنز العمال ج16 ص296.
8 - أتأمرني يا رسول الله بالنكاح ؟ بلحاظ خصوصيات الشخص، التي ربما كان رسول الله صلى الله عليه وآله على اطلاع بها وإن كان يعرف أن الإسلام يحبذ النكاح في أصله.
9 - وسائل الشيعة (آل البيت) ج20 ص38.
10 - التقي لا ينفي الصفات الأخرى، وإن التقوى هنا في قبال عدم التقوى. أتختار التقي على الغني أم تختار الغني المترف والذي لا تقوى له على التقي؟ أتختار ومن أقوى الأقوياء، أتختاره على صاحب التقوى أم تختار صاحب التقوى والصحة معتدلة، على هذا القوي الفولاذي الشديد؟ فذكر التقي هنا لا يلغي لحاظ الصفات الأخرى المطلوبة في الزواج.
11 - مكارم الأخلاق – الطبرسي ص204.
احدث الاخبار
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
زوجة القائد"الحاج رمضان" تروي ذكرى من أدب الشهيد قاسم سليماني
العميد نقدي: قدرتنا الصاروخية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه خلال العدوان الصهيوامريكي
الشيخ نعيم قاسم: المقاومة جاهزة للدفاع ولديها ردع يمنع تحقيق العدو لأهدافه
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية