Skip to main content

إيران في أيد أمينة وربانها لا يخطئ اتجاه البوصلة

التاريخ: 29-03-2011

إيران في أيد أمينة وربانها لا يخطئ اتجاه البوصلة

مرة أخرى يخطئ الغرب ومن ورائه بعض اليسار "الديني" التائه أو المضلل أو بعضه الآخر المرتبط حول إيران عندما يفكر أن بإمكانه إن يحول الأنظار عما يجري من حراك ثوري شعبي في الأقطار العربية المختلفة نحو إيران

مرة أخرى يخطئ الغرب ومن ورائه بعض اليسار "الديني" التائه أو المضلل أو بعضه الآخر المرتبط حول إيران عندما يفكر أن بإمكانه إن يحول الأنظار عما يجري من حراك ثوري شعبي في الأقطار العربية المختلفة نحو إيران.

 

وقديما قيل "من جرب المجرب كان عقله مخرب " فقد طنطنوا كثيرا وجمعوا جمعهم وشدوا هممهم ووجهوا النداءات من خلال عشرات المواقع الالكترونية والإذاعات الناطقة بالفارسية والعبرية وبعض الناطقة بالعربية أيضا وللأسف الشديد, من أجل أن تقوم القيامة في إيران.

 

ولكن مرة أخرى خذلهم الشارع الإيراني ولم ينزل إلى حيث أرادوا, قثبت من جديد أنهم لا يتقنون قراءة مجتمعاتنا, وكما قال الإمام الخميني رحمه الله : الحمد لله الذي جعل أعدائنا حمقى.

 

لم أكن أريد الكتابة عن الداخل الإيراني الآن لأن الوضع العربي الثوري مشتعلا بما يوحي بقرب قيامة القيامة هناك حيث المنازلة المرتقبة التي بات يرتعد منها العدو حتى قبل وصول صواريخ حزب الله إليه, إذ كانت "طوابير" من العصافير المهاجرة وحدها كافية لتهز كيانه وتنزل جمهوره إلى الملاجئ مرعوبين, فكيف إذا جد الجد وحانت ساعة المواجهة ؟.

 

ومع ذلك سأكتب لأقول أن أحمدي نجاد هذا الذي ترغبون في هزه ربح المعركة السياسية والدعائية والنفسية بالأساس قبل أن تبدأوها ضده وأتحدى أن يثبت أحد خلاف ذلك.

 

فقبل سنوات عديدة تعود إلى معركته الرئاسية الأولى أي قبل نحو ست سنوات نزل الرجل إلى الميدان وحسه الداخلي يحدثه عن ثمة "شيطنة" ما تحضر له ولبلاده فكان شعار حملته الانتخابية : لقد جاءكم رجل من جنس الناس.

 

ويومها زاحمه أو نافسه على كرسي الرئاسة أربعة محافظين وإصلاحيين اثنين وكسب المعركة باكتساح, لا لشيء إلا لأنه كان يعرف أنه عندما ينزل إلى الشارع والميدان مع جمهور الجيلين الثالث والرابع من الثورة المطالبين بإسقاط الامتيازات عن كبار القوم من الرعيل الأول ممن تكلست أجسادهم أو ترهلت أفكارهم واستكانت أنفسهم إلى الحياة السلطوية والدنيوية فإذ به يربح معركة يوم "الغضب" الشارعية ضد كل ما هو طويل العمر في مدار التمتع في امتيازات السلطة وثقيل الإطالة على كرسي الحكم وبامتياز وهكذا كانت دورة الغضب الأولى, ولم يتعلم الكبار الدرس.

 

وأما قبل سنتين من الآن أي في دورة المنافسة الثانية على الرئاسة, فقد قيل له "أن الناس هذه المرة قد جمعوا لك فاخشاهم ولا تناصبهم الخصام جملة واحدة".

 

لكنه مع ذلك قرر أن يعلن" جمعة الرحيل " فإذا به يهاجم الأحزاب والأسماء جميعا الكبار منهم والصغار ويصوب على زعيمهم وركنهم الركين في سلم الطبقة السياسية التقليدية ولم ينجو منه يسار أو يمين ولا إصلاحيين أو محافظين إلا وقد أصابه أو صب عليه كل ما يملك من حجج وبراهين فأشعل النار في خيمهم جميعا, وأفلح مرة أخرى ولكن هذه المرة ليس في تخسيرهم في معركة صناديق الاقتراع فحسب بل وفي إخراجهم من اللعبة تماما حتى صاروا يسمون عند جمهور العامة وأصحاب أبصائر من كبار القوم برموز الفتنة وهكذا تم كسب معركة النزول إلى الشارع لأمد طويل.

 

ذلك أن المعركة هذه المرة كانت أشبه "بالحرب الكونية على العونية " كما يقول إخواننا اللبنانيون, أي أن الخارج والداخل كان قد حشد لأحمدي نجاد "مشيطنا" إياه باعتباره الخطر الأكبر على الأمن والاستقرار والسلام والسلم الأهلي ليس في إيران لوحدها بل وفي المنطقة والعالم فإذا به يحشد لهم كل التاريخ وكل الجغرافيا وكل الايدولوجيا وكل "أساطير الأولين والآخرين".

 

وبذالك يكون أحمدي نجاد قد نجح ليس فقط في اختراق الجمع وتفتيت "الحرب الكونية على النجادية" بل إنه تمكن في جر أعتى وألد أعداء ولاية الفقيه وعتاة المنظرين لمقولة نهاية الدين والايدولوجيا وخطر تمدد ولاية الفقيه ليس فقط من أهل الداخل بل ومن الخارج أيضا ليأتوا "صاغرين" إلى "عرين الولاية" ليسلموا على ربانها ويقفوا أمامه مشدوهين والأكثر "خشوعا" من غيرهم في حضرة السيد القائد, أقصد وزراء الكتائب والقوات في حكومة سعد الحريري أثناء زيارتهم الرسمية لطهران في نهاية السنة المنصرمة.

 

طبعا كان ذلك بعد انتصاره الأهم في خوض جدال الحرب والسلام مع العدو الصهيوني على أبواب فلسطين المحتلة عندما تحداهم في بنت جبيل معلنا من هناك بأن الجبهة المقاومة ودولة لبنان العظمى باتت ممتدة من سواحل الأبيض المتوسط إلى بحر قزوين وبحر مرمرة, أثناء زيارته التاريخية إلى لبنان.

 

أما اليوم وبعد أن تمكنت فرقاطاته من عبور قناة السويس متوجهة إلى البحر المتوسط, من سويس ميدان التحرير طبعا إلى لاذقية الأسد, وهو يستعد لإرسال وزير خارجيته إلى مصر الحرة فيما يتوجه هو إلى الرياض رغم انف جيفري فيلتمان فإنه من الحماقة بمكان أن تفكر واشنطن في نقل المعركة من شوارع عرب الغضب ضد الاستبداد والتبعية والصهيونية وسيدتهم أمريكا إلى شوارع طهران التي تشهد أكثر أيامها حيوية ونشاطا واستعدادا في مواجهة المرجفين في المدينة من صغار اللاعبين ممن لفظهم الشعب الإيراني يوم قال لهم أنه قد اختار ذلك الرجل الذي يمشي في الأسواق ويأكل الطعام معهم على كبار القطط السمان من زمان.

 

إذن فإن الثورة والغضب والرحيل الذي يطالب به بعض من استفاقوا متأخرا على "حفلة طهران" إنما قد حصل في الواقع على مرحلتين مرة قبل ست سنوات ومرة قبل سنتين عندما كانت "الجماعة" نياما.

 

أعرف أن البعض سيشتعل غضبا وحنقا وهو يقرأني الآن ظنا منه أنني أكتب هذا دفاعا عن شخص أحمدي نجاد أو إرضاء لهذا أو ذاك أو أنه قد يفكر أنني من السذاجة بمكان بحيث أنني صدقت أو أروج لمقولة أن إيران "جنة" العاشقين.

 

مخطئ هو الآخر و"أحمق من حبنقة" كما يقول المثل العربي القديم من يفكر بهذا أو مجرد أن يخطر بباله مثل هذا الاعتقاد ولا أجد فائضا من الوقت للرد على مثل هذه الترهات.

 

فالأمر أبعد من ذلك بكثير وربان السفينة يفكر في ما وراء البحار الدافئة منها المليئة باللؤلؤ جنوبا إلى المتوسطة في ميادين جولانها إلى الحمراء من كثافة مرجانها, وبالتالي فإن حكومة نجاد المتنازع عليها ليست سوى مسافر في قطار يقترب نزولها في محطتها الأخيرة, فيما القطار يسرع الخطى نحو حيفا ويافا والجليل وما بعد الجليل, والربان لا يكل ولا يمل, لاسيما بعد اشتعال الثورة العربية الكبرى من المحيط إلى المحيط.

 

إنها اللحظة التاريخية الأكثر جمالية في إبداع الشعوب وعبقرية الأمم, وطهران وربانها يعرفان تماما أولويات المعركة في كل مرحلة ولذلك كانوا قد بكروا في "كتابة فروضهم" قبل حلول موسم الطوفان حتى يتسنى لهم قطاف ثمار السنوات السمان القادمة بعد انتهاء السنوات العجاف, ولولا ذلك لما عبروا القناة ومصر الجديدة ترتل الترحيب بهم: ادخلوها بسلام آمنين.

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة