الإمام الخميني .. قراءة هادئة في منهجه الثوري

2007-08-21

ليث راجي ـ لندن

بدأ الحديث عن الإمام الخميني في أوساط الجماهير في إيران عام 63 م بعد أن تحدى الإمام آنذاك الشاه وواجه حكم الاعدام واشتهر في أوساط طلبة العلوم الدينية الذين استجابوا لدعوته في مواجهة حكومة الشاه وسقط الآلاف منهم صرعى في انتفاضة خرداد المشهورة عند الايرانيين. ونجحت ضغوط المؤسسات الدينية في منع الشاه من تنفيذ حكم الاعدام، ونفى الشاه الإمام خارج ايران وقضى الإمام أغلب مدة نفيه في مدينة النجف الدينية في العراق. إلاّ ان الإمام ظهر ولأول مرة في الاوساط السياسية العالمية وصار موضوعا لمراكز الابحاث ومؤسسات الخبر والاعلام الدولية عام 78م، وظهرت صورته في الصحف واجهزة التلفزيون كشيخ مسن من مشايخ المسلمين اختارته الملايين الثائرة في إيران كزعيم ومرشد لثورتها ضد الشاه وبديلا عنه. وزعزعت الثورة في إيران حسابات الدول الكبرى ودفعت بالمنطقة وشعوبها وحكامها إلى مرحلة جديدة، من ابرز سماتها ظهور التيار الإسلامي والمسمى، في التعبير الغربي الدارج بالاصولي، على المسرح السياسي المحلي والدولي. ولم تنقطع المقالات والتحليلات منذ ذلك الوقت حول الرجل الذي دخل في ساحة السياسة الدولية، واقترن اسمه بالتيار الأصولي الإسلامي في الشرق الأوسط خصوصا وفي بلدان العالم الإسلامي، كما اقترن اسمه بولادة الجمهورية الإسلامية بقيادة علماء الدين في إيران، وقد اجمع المراقبون على قوة وأهمية وأثر الإمام الخميني على المنطقة واجيالها القادمة وعلى استمرار آثاره لأجيال عديدة بعد وفاته.

ليس من المستغرب ان يشهد القراء سيلا من المقالات المتناقضة بحق الإمام بعد وفاته ومزيجا من المواقف والآراء ما بين محب ومبغض، وعدو وصديق. فقد تميز الإمام الخميني بمواقف واضحة غير مساومة ولم يترك مجالاً للمداهنة والمزايدة مع أي من الأطراف سواء كانت دولا بترولية مجاورة أو دولا كبرى نووية معادية. ومن الطبيعي إذن أن تتفاوت ردود الفعل من الصرخة المدوية التي أطلقها الإمام والموقف الصلب الذي وقفه في التمسك برؤيته للمبادئ الإسلامية. فالموقف من الإمام الخميني صار علامة ومفترق طريق ومقياساً للحكم على الحركات والدول والشخصيات ومثارا لاختلاف الآراء. ويعود سبب ذلك إلى الموقف الواضح الصريح وغير المساوم الذي اتخذه الإمام طيلة حياته والذي بدت آثاره على المسرح العالمي منذ تولي الإمام السلطة في إيران.

علاقته بايران

شهد العالم أجمع علاقة فريدة من نوعها بين الإمام الخميني والجماهير في إيران، لا تضاهيها علاقة أخرى بين قائد وشعبه، وقد أجمع أصدقاء وأعداء الإمام على حد سواء على طاعة جماهير إيران له وتعلقهم به الآن أنهم اختلفوا في تأويل هذه الظاهرة وتحليلها والتعليق عليها. فقد صوتت الملايين لصالح الإمام عام 79م بدماء شهدائها وتظاهراتها المليونية ومنحته الثقة وطالبته بالرجوع إلى إيران واستلام زمام الأمور. وليست ظاهرة انقياد الجماهير إلى القائد وتطلعها إلى المنقذ بجديدة، فلا تخلو حقبة زمنية أو منطقة في العالم من ظاهرة القائد المنقذ. إلاّ أن الفريد في ظاهرة الإمام هو الانقياد الطوعي لفترة زادت على العشر سنوات مرت فيها إيران بأقسى الظروف وأحلكها .

لقد التزمت جماهير إيران بطاعة الإمام طيلة السنوات العشر الماضية وفي فترة الحرب والمقاطعة الدولية والمؤامرات الداخلية لزعزعة الدولة والثورة الفتية. وفي كل تلك الفترات الصعبة الشديدة، تطلعت الجماهير إلى خطابات الإمام ونداءاته لرفع المعنويات ورص الصفوف. والتزمت الجماهير بقرار الإمام في الاستمرار بالحرب كما التزمت بقرار وقف الحرب وعلى الرغم من املها وتطلعها إلى النصر القريب. كما قبلت الجماهير المعيشة الصعبة وشحة المواد الكمالية والتضحية بالغالي والنفيس طيلة السنوات الماضية امتثالا لأوامر الإمام ومنهجه. والتشييع الجماهيري له ووحدة صف العلماء قد قطع جدال الساسة والمراقبين وأجاب على تساؤلاتهم عن استمرار شعبية الإمام.

والسبب الذي يطرحه الإسلاميون لتفسير ظاهرة انقياد الجماهير للإمام هو في تمثيله النقي الصادق لضمير الجماهير المسلمة، فالإسلام هو في ضمير الأمة، مهما ضعفت وانحرفت عن دينها، ومتى ما شهدت الأمة رجلا عالما بالإسلام ممتثلا لأوامره صادقا في لهجته ومنهجه، فستنقاد له. كما مثل الإمام مصالح الجماهير في إيران، فالسيادة والكرامة واستقلال الإرادة عن الشرق أو الغرب هو أمل وطموح تعيشه الأمم والشعوب الإسلامية وقد مثل الإمام هذه المعاني و المصالح بصدق واتخذ موقفا شديداً ورفض كل اشكال وألوان المساومة.  

الأنظمة السياسية

كان من الطبيعي أن تعادي الإمام أغلب المؤسسات السياسية الحاكمة في بلدان المسلمين والمرتبطة بعجلة السياسة والاقتصاد الغربي، بعد ان بعث الأمل عند شعوب المسلمين وجدد ثقتهم بأنفسهم ودعاهم إلى التخلص من المؤسسات المتسلطة عليهم والأنظمة السياسية غير المنتخبة والحاكمة بقوة السلاح والممثلة لمصالح خارجية. لقد شهد الإمام انهيار الدولة العثمانية وتجزئة بلاد المسلمين وتنصيب بريطانيا وفرنسا للملوك والحكام على المسلمين وقيام الأنظمة الهزيلة على أسس غربية ومستوردة ومعادية لتراث الأمة ومصالحها. كما شهد الإمام ضياع فلسطين وتراجع الحكام المسلمين أمام القوى الكبرى وتزايد النفوذ الأميركي والروسي بعد الحرب العالمية الثانية ونمو نفوذ شركات الاحتكار والبترول وسيطرتها على المنطقة وتواطؤها مع الأنظمة السياسية ضد الشعوب، وشهد الإمام قيام العديد من الحركات الاصلاحية والثورات والانتفاضات إلاّ أنه كلما نجحت انتفاضة أو ثورة أو حركة تحررية في منطقة من مناطق العالم سارعت القوى الكبرى لتطويقها وترويضها أو اجهاضها وضربها.

وقد أدت معاصرة الإمام لهذه التجارب إلى ولادة قناعات راسخة عن السياسة المحلية والدولية، وهذا ما يفسر رؤية الإمام الواضحة وموقفه الصلب والمعادي للقوى الكبرى والطعن في نواياهم وتحركاتهم ودعوة الأمة والجماهير إلى التخلص من نفوذهم في كل العالم الإسلامي وإزالة الأنظمة المرتبطة بهم. كما دعا إلى مراقبة الثورة والدولة في إيران ومنع نفوذ الغرب من دخول البلاد مرة أخرى.

وكان من الطبيعي أن يهدد الإمام المعادلة الدولية من خلال دعوته الصادقة إلى قيام أنظمة جماهيرية شعبية للتخلص من نفوذ وهيمنة الدول الكبرى والدعوة إلى إزالة "اسرائيل" وتحرير القدس ووحدة المسلمين وإنشاء إطار سياسي موحد لمصالحهم ومستقل عن إرادة ومصالح الدول الكبرى، واعتبر الإسلام هو الاطار السياسي والحضاري لربع سكان الكرة الأرضية. وهذا ما يفسر ردة الفعل المحلية والدولية من إيران والمحاصرة السياسية والاقتصادية ومنع الأسباب المادية عن إيران لكي تتعرقل خطة الإمام ودعوته السياسية وليعجز عن تحقيق شعاراته الإسلامية.

شعوب المسلمين

استطاع الإمام ان يخترق الكثير من الحواجز الإعلامية التي تطوق الشعوب الإسلامية وان يصل إلى ضمائر الملايين من المسلمين في أقصى الشرق الإسلامي، وفي قلب الصين وقبائل أفريقيا والاقليات المسلمة في الغرب والشعوب الإسلامية في بقية أنحاء العالم. فقد وقفت وسائل الاعلام في العالم الإسلامي بالقدر الذي سمحت لها الظروف موقفا مشوها ومعاديا للامام ولعبت على أوتار المذهبية والأقليمية والقومية لعزل تأثير الإمام عن الشعوب المسلمة، وتحركت رؤوس الأموال النفطية والاستشارات الغربية والصهيونية لتوجه أكبر خطة دولية لتطويق الثورة وتحجيمها واشغالها، ولعب الاعلام دورا بارزا في تشويهها وعزل تأثير رمزها، ولعل أبرز حدث هو مذبحة مكة والفتنة التي اشتعلت نيرانها بقرار مبيت مرسوم وكذلك فتنة الحرب الضروس التي أودت بحياة المسلمين ودمرت ثرواتهم ومواردهم. ودخلت السعودية بزعامتها الدينية التقليدية، الصراع الاعلامي ضد إيران واشتدت حملات الاثارة الطائفية، وقد نجح المخطط إلى حد ما في بلبلة الرأي عند بعض المسلمين إلاّ أنه فشل في النيل من الإمام كرمز للحركة الإسلامية الأصولية في العالم ودوره القائد المعادي للقوى الكبرى الصهيونية وكممثل لمصالح المسلمين ومدافع عن الإسلام وحرماته. فمهما اختلفت آراء جمهور المسلمين فيه، فقد اتفقت كلمتهم على تمثيل الإمام لمصلحة الإسلام وشعوب المسلمين واستعداده للتضحية بالغالي والرخيص من أجل الإسلام ومعاداته للغرب وعدم اكتراثه بجبروتهم وطغيانهم وأسلمتهم وثقته العالمية بالمسلمين وقدراتهم على الانتصار. وبقى الإمام رمزا للمسلمين ولم ينحصر دوره بالشيعية أو بإيران أو بالأوساط الدينية والحركات الإسلامية بل صار رمزا سياسياً ثوريا فريدا في عصره. كما بعث الإمام الأمل في النفوس وجدد الثقة بالنفس وبالقيم والتراث الإسلامي الذي تنازلت عنه، من الناحية العملية، كل الحكومات والأنظمة في بلاد المسلمين، وموقف الإمام من سلمان رشدي واعلانه للحكم الشرعي قد كلفه وكلف ايران الكثير على صعيد السياسة الدولية بينما امتنعت مراكز الدين والزعامات التقليدية، بما فيها المملكة العربية السعودية، عن الجهر برأيها وضلت تلف وتدور مفتشة عن المواقف التي تقلل من سخط الشعوب المسلمة ومن دون أن تؤثر على علاقتها بالغرب.  

الطموحات والانجازات

اصطدمت طموحات الإمام الكبيرة في تحقيق كلمة الله في الأرض وتحكيم إرادته من خلال الإسلام والمسلمين وإرجاعهم أمة وسطا بمجموعة عقبات منعت تحقيق طموحات الإمام في عمره وأخرتها بعد وفاته.

فقد شهد الإمام تحرير إرادة إيران واستقلال القرار الإيراني عن تأثير الدول الكبرى وتحقيق حرية اختيار الشعب لممثليه، كما نجح الإمام في هدم مؤسسات النظام الشاهي الملكي وأرسى أسسا لنظام جديد على ضوء الإسلام. أما طموحات الإمام التي لا زالت معلقة فهي زوال "إسرائيل" وتحرير الشعوب المسلمة من نير الأنظمة السياسية المرتبطة بالدول الكبرى.

ومن طموحات الإمام بناء الدولة الإسلامية بمؤسسات وأجهزة قوية ومعاصرة لتضاهي نظائرها في الدول الكبرى. وقد قطعت الدولة الإسلامية في إيران شوطا طويلا وارست أسس النهضة العمرانية والحضارية الشاملة إلاّ أن سنوات الحرب العجاف والمحاصرة الدولية قد عرقلت سير التجربة وأخرت ثمراتها. لقد شهد الإمام طموحات الأمة في الثورة على الشاه والتخلص من النفوذ الأميركي وفشل المخططات الدولية لاسقاط الثورة وابعاد الإسلام عن الحياة كما استمرت الجماهير في تأييدها والتصاقها بالثورة وقادتها.

ومن الصعب الفصل بين الإمام وبين الثورة وتجربة الدولة الإسلامية في إيران، فالثورة الإيرانية نتاج لظروف تأريخية وتراكمت لعوامل عديدة ومتنوعة، اقتصادية وسياسية واجتماعية، إلاّ أن نجاح الثورة لم يكن ليتم لولا وجود القائد المقتدر، ويعود سبب استمرار الثورة والدولة في أحلك الظروف إلى عوامل عديدة من أهمها شخصية الإمام. كما يتحمل الإمام ومدرسته في التفكير والاجتهاد الإسلامي مسؤولية واضحة عن التجربة في إيران وعلاقاتها الدولية وأوضاعها الداخلية. فقد اقترن اسمه بقرار الاستمرار في الحرب واحتلالها السفارة الأمريكية ومعاداة "إسرائيل" وأميركا وبالثورة الثقافية والتغييرية داخل إيران، وقد حصل الإمام على طاعة الجماهير له والتزمت الجمهورية الإسلامية بسياسته طيلة فترة حياته وهيئت نفسها للاستمرار على هذا الخط بعد وفاته.

 

الإمام في الميزان

يصعب على الكثير دراسة الإمام وتجربته بشكل موضوعي، فقد صار من خلال تأريخه العريق في العلم والاجتهاد والنضال السياسي والجهاد الإسلامي ومواقفه الواضحة ميزانا تقاس به المواقف والشخصيات والحركات. فقد ذاب الإمام في الإسلام ومنابعه ومناهجه واجتهد ليمثل مدرسة متميزة في الفكر والعمل الإسلامي. ليس من المستغرب أن يكون الإمام رمزا وزعيما للحركة الإسلامية المبدئية المسماة بالأصولية، فهو مجتهد ديني فهم الإسلام بشكله النقي وبدون شوائب واجتهد في تطبيق الإسلام على مستوى الدولة والحياة السياسية الدولية في القرن العشرين. وقد سبق الإمام العديد من الزعماء الإسلاميين الأصوليين وفي العديد من البلدان الإسلامية وأثروا بشكل كبير على مجرى الأحداث في بلادهم وأسسوا حركات إسلامية لا تزال فاعلة إلى يومنا هذا وتفاوتت أثارهم وشهرتهم، مثل مالك بن نبي وجمال الدين الأفغاني وحسن البنا والعشرات من العلماء والمصلحين. إلاّ أن النجاح الكبير الذي تحقق على يد الإمام والشهرة التي اكتسبها قد جعل من الإمام قائداً متميزا وبالتالي تميز منهجه عن غيره من المصلحين. وليس المقصود هنا هو الحكم على بقية المناهج الإسلامية الأصيلة أو القادة المبدئيين، فاختلاف الظروف والممارسات وحجم التجربة التي يعيشها العلماء والقادة الإسلاميون يعني بالنتيجة اختلاف مناهجهم. فهي تمثل درجات متفاوتة من نضج التجربة الإسلامية. ومن الطبيعي إذن أن تشهد الأمة في المستقبل نضجا أكبر وتكتشف قيمة منهج الإمام من جهة وبعض الجوانب المحدودة فيه أيضاً من جهة أخرى. فالقادة، مهما بلغوا في قدراتهم البشرية هم أبناء مرحلتهم وقد يميل بعض العامة إلى التقديس والمغالاة وقد تستمر حالة التقديس لسنوات بل لاجيال فتمنع التقييم الموضوعي لتجاربهم وخصوصا إذا حصلوا على قدسية التدين والتقوى والزعامة الإسلامية. وتعود الكثير من الخلافات السياسية والمذهبية في تأريخ العالم الإسلامي إلى غياب الموضوعية في دراسة سيرة الصحابة والخلفاء الراشدين مثلا، فعلى الرغم من اجماع المسلمين بأنهم خارج دائرة العصمة ومعرضون للاخطاء وانهم مجتهدون في آرائهم وأحكامهم، فنرى، من الناحية العملية، طغيان قدسية الصحابة إلى الحد الذي يمنع التقييم الموضوعي لتجربتهم والكشف عن محدودية أو نقص اجتهاداتهم.  

خط الإمام

تميز الإمام عن غيره من زعماء وقادة الحركة الإسلامية في هذا القرن بأمور عديدة، فقد اتخذ الإمام منهجا واضحا ومحدداً اشتهر عند عامة الناس في إيران بخط الإمام. والمقصود به هو أسلوب الإمام في فهم الإسلام والعمل الإسلامي وقيادة الأمة وتحديد الأولويات. فالإمام مجتهد ديني، يصيب ويخطئ في اجتهاداته، وقد يتفق ويختلف مع غيره من العلماء والمجتهدين والزعماء والقادة السياسيين. إلاّ أن الأحداث قد أثبتت إيمان الجماهير بخط الإمام وقدرتها على السير إلى الإمام وتحقيق الثورة والاستقلال عن الغرب باتباع خطه. فمن سمات خط الإمام إيمانه بقدرة الجماهير المسلمة ودعوته المستمرة إلى وحدتها وإيمانه بالمستضعفين والمحرومين ودورهم في البناء والاعمار وترسيخه لمبدأ الشهادة والتضحية من أجل القيم والأهداف النبيلة وتحديه على المستوى العملي للقوى الكبرى وإزالة نفوذها وتحرير إرادة الشعوب والدول عن نفوذهم وإيمانه المطلق بوجوب إزالة "إسرائيل". وقد خرق الإمام خرافات سائدة في الأمة عن فصل الدين عن السياسة وبرهن على قدرة الجماهير على مواجهة القوى والأنظمة المتمترسة بالأسلحة الثقيلة المدمرة، كما دعا الإمام إلى ولاية الفقيه الجامع لشرائط العلم والتقوى والقدرة واللياقة السياسية، وهي شكل من أشكال الخلافة الإسلامية والتي انتهت منذ سقوط الدولة العثمانية. إلاّ انها واجب ديني أفتى الإمام بوجوبها ودعا المسلمين إلى الالتزام بها وتوسيع دائرة نفوذها. ومن غير الطبيعي أن تقف دائرة الاجتهاد عند مواقف الإمام وسياسته، فقد أوضح في حياته من خلال قرار وقف الحرب مثلا، تبديلا في الموقف العملي لما تقتضيه الظروف ومن دون الاخلال بالمقاييس المبدئية.  

الحسابات السياسية عند الإمام

أثار موضوع الحسابات السياسية مجموعة تساؤلات في أوساط الإسلاميين وعلى المستوى النظري والعملي. فقد فرض الإمام واقعا سياسياً جديداً على المسرح الدولي بعد أن أقام الخلافة الإسلامية وأسس نظاما على أساس الإسلام بعد ركود دام قرابة القرن من الزمن. وواجه علماء المسلمين وحركاتهم تحديات ضخمة ومسؤوليات