سليماني في منزل «ذو الفقار»... معزِّياً
التاريخ: 16-05-2016
بعد يومين من الهجوم الإسرائيلي على القنيطرة في كانون الثاني 2015، زار قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، العميد قاسم سليماني، روضة الشهيدين في الغبيري
بعد يومين من الهجوم الإسرائيلي على القنيطرة في كانون الثاني 2015، زار قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، العميد قاسم سليماني، روضة الشهيدين في الغبيري. انتشرت صورة له وهو يتلو آيات من القرآن فوق ضريحي الشهيد عماد مغنية وابنه جهاد.
قبل الوصول إلى هناك، كان قد توجه إلى منزل عائلة الشهيد جهاد، وعزى أهله وإخوته، وخاله السيد مصطفى بدر الدين.
ليلة السبت الماضي، تكرّر المشهد. حضر سليماني مجدداً إلى الغبيري، لكن هذه المرة ليعزّي عائلة بدر الدين به.
ليست المرة الأولى التي يدخل فيها «بيت الأحزان»، حيث أضيفت صورة جديدة إلى صور الشهداء. يجلس صديق العائلة بين جميع أفرادها، يتلو الآية القرآنية (ولا تحسبنّ الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يُرزَقون)، ليبدأ الحديث حاملاً سبحة ترابية في يده اليمنى، فيما يزيّن خاتم عقيق يده اليسرى. توجه بالكلام إلى أم الشهيد، السيدة أم عدنان: «لقد فقدنا قائداً وأخاً عزيزاً. هذا المصاب هو مصاب للأمة الإسلامية، إذ إن شخصية كشخصية السيد ذو الفقار لا يمكن اختصار خسارتها في بلد أو منطقة أو ضاحية».
وأضاف: «عائلة مجاهدين قدّمت الحاج رضوان وشاباً مثل جهاد، ليس جديداً عليها أن تقدّم المزيد من الشهداء».
كان ذو الفقار يستحضر طيف عماد وجهاد. لا ينسى أن يذكرهما دائماً، لكن في الفترة الأخيرة ارتفعت، حسب مقربين منه، نسبة الكلام عنهما. لقد قرب الموعد، وما استحضار طيفهما إلا دليل على ذلك.
منذ عهد بعيد، ٤٠ سنة من الجهاد والعطاء، كان السيد ذو الفقار يتحدث عن طلبه للشهادة، مؤكداً أنها هدفه الأسمى. قد تحققت أمنيته، وهو ما كان ينتظره منذ انطلاقة المقاومة: «كنَّا على يقين بأن قائداً مثل ذو الفقار يطلب الشهادة منذ ريعان شبابه، ومنذ بدايات انطلاقته مع المقاومة. لذلك، ليس مفاجئاً أن تنتهي حياته بها، لا موتاً على الفراش»، يؤكد سليماني. ثم يهمس لعلي، ابن الشهيد الذي خيَّم عليه حزن الهجران: «ستكون أنت على مسار أبيك، قدوة ــ مثله ــ لجيلك، ولكل الشباب».
جلس نحو ثلث ساعة، وبعدها توجه إلى روضة الشهيدين. البداية من ضريحَي الشهيد عماد، والسيّد ذو الفقار. جثا وتمتم بآيات قرآنية. ثم مرَّ على أضرحة الشهداء مسلِّماً؛ يقرأ الأسماء، ويسأل عن بعضهم. أثناء عبوره بهدوء تام بينهم، استحضر ذكرى القائد علي فياض «علاء البوسنة» الذي قضى شهيداً على طريق خناصر ــ حلب في شباط الماضي. سأل عن ضريحه، ليأتيه الجواب بأنه في بلدته أنصار. سلَّم على عوائل الشهداء الموجودة هناك، والتقى، صدفةً، بجريح من جرحى المقاومة يزور رفاقه، لترتسم ابتسامة وديعة على شفتيه.
صافح الحاج قاسم
عائلات الشهداء في الروضة، وسأل عن ضريح «علاء البوسنة»
كان سليماني يستغرب كيف يغيب السيد ذو الفقار، منذ بدء الأحداث في سوريا، عن عائلته لشهرين أو ثلاثة، ليعود بعدها أياماً قليلة، يعوّض فيها عن كل ما فاته تجاههم.
يؤكد من عاشروه أن بدر الدين كان يحرص على ألّا تفوته مناسبة تخصّ أحد أفراد عائلته دون تقديم هديته. واجباته العائلية متقدّمة على كل شيء، حتى على الأمور الأمنية. عام 2012، وفي عرس ابنته، أصرَّ بعد انتهاء الزفاف على الحضور إلى القاعة، والتقاط الصور التذكارية مع العائلة والعروس. كذلك تأتي «صلة الرحم» في مقام «المقدّس» لديه. واظب على زيارة أخيه المريض، دون مراعاة للأمور الأمنية، أسبوعياً في المستشفى بعدما أُصيب عام 2007 بالسرطان إلى حين وفاته بعدها بسنتين.
يهمه أن تجتمع العائلة على مائدة إفطار شهر رمضان، ويتابع تفاصيل أخبار كل الذين حوله، من صغيرهم إلى كبيرهم. ينصح المقبلين منهم على الجامعات، بالاختصاصات التي يجب أن يدرسوها. ويوجههم لسبب محدّد: «إذا لم تتمكن من خدمة المقاومة على الصعيد العسكري، فاخدم مجتمع المقاومة باختصاص يفيدهم».
على الصعيد الفني، يحب الأناشيد القديمة. لا يقترب من الجديدة على تنوّعها. يتابع أفلام «هوليوود»، التي يلتفت فيها إلى التصوير وحبكة السيناريو. في لبنان قدَّم إلى المشرفين على مسلسل «الغالبون»، فرقة من القوة الخاصة لحزب الله، حتى يمثلوا المشاهد العسكرية المطلوبة فيه، إذ إنها تحتاج إلى من يتقنها حسب تعبيره.
كانت العائلة تنتظر حضوره من جديد لرؤية وجهه، والأمل يغذي انتظارها، لكن لمرة أخيرة، كان خيراً له إخفاء وجهه عن المشتاقين إليه.
لا سُبات هنا في هذا المنزل، بل يقظات تلحقها يقظات. لقد اعتاد أهله الشهادة، والسؤال نفسه يتردّد إلى ما لا نهاية: «أرضيتَ يا ربّ؟»، يلحقه الجواب نفسه أيضاً: «خذ حتى ترضى».
المنزل بات مأهولاً، مرة جديدة بالذكريات. تعرّفنا إليه بقدر من الصمت، وبهجة المعرفة. بعد 55 عاماً، عمره لا يختصر برقمين وفاصلة. لا صور تُمحى، ولا مكان يزول بعدما حفرت إنجازاته فيه. من بدء المقاومة إلى يومه الأخير، لم ينتقص الزمان من تفاصيله شيئاً. وها هو قد خرج إلى الضوء، كما ستخرج بعض إنجازاته يوماً. ومهما كُشف، سيبقى المكتوم أكثر، وأعظم سراً.
المصدر: جريدة الأخبار
احدث الاخبار
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
زوجة القائد"الحاج رمضان" تروي ذكرى من أدب الشهيد قاسم سليماني
العميد نقدي: قدرتنا الصاروخية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه خلال العدوان الصهيوامريكي
الشيخ نعيم قاسم: المقاومة جاهزة للدفاع ولديها ردع يمنع تحقيق العدو لأهدافه
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية