الإمام الخميني حالة فريدة في المرجعيات الشيعية والقيادات الإسلامية، فلم يشهد تاريخنا الإسلامي المعاصر شخصية مثله كشخصيته، امتلكت الشجاعة والإصرار على المواصلة والتحدي رغم كل التحديات والظروف، من أجل تحقيق هدف الإسلام في إقامة حكم الله في الأرض.
إن انتصار الإمام الخميني خلق مرحلة جديدة من الوعي الإسلامي، فقد صنع (قدس سره) تياراً ثورياً واعياً يواجه القوى الإستكبارية ويجاهد من اجل إقامة حكم الله في الأرض، وهو حلم كاد أن يموت في النفوس بعد الإحباطات المتكررة التي تعرّضت لها الأمة الإسلامية.
قبل الإمام الخميني لم يكن مراجع الدين يفكّرون بإقامة دولة إسلامية عن طريق الثورة، وكانوا يعارضون أي نشاط في هذا الاتجاه. وقد تعرّض الإمام نفسه إلى نقد شديد ومضايقات عديدة ومحاولات تشويهية من قبل الكلاسيكيين من العلماء والمراجع، لكن محاولاتهم باءت بالفشل .. فإذا الخميني قوّة جبارة تقهر وتكتسح.. وإذا بمدرسته خط متنام يزداد قوة واتساعاً.
لقد تعرّفت الأمة على مرجعها الإمام الخميني عن قرب، فليس هناك أي حاجز بينه وبينها، كان معها وهو في إيران.. ومعها وهو المنفى.. لم تبعده المسافات الجغرافية عنها لأنّها في قلبه ولأنّه في قلبها.
هذه العلاقة الرائعة بين المرجع وجماهيره، جعلته لا يجد أي مشكلة في طريقه الطويل مهما كانت الصعاب والتحديات، كما جعلت جماهيره لا تجد أي صعوبة في السير وراءه لأنَّها أدركت جيدا أنَّه يسير بها إلى حيث يريد الإسلام.
نستعيد حضور الإمام الخميني وتراثه الفقهي والفكري في ضوء تجربته الغنية في مقارعة الاستكبار والمستكبرين، لنقرر أنَّ مؤثرات مدرسته السياسية لا تزال مزدهرة في ركائز الانتفاضة في فلسطين، ومقومات المقاومة الإسلامية في لبنان، وبمراجعة نهج الإمام الراحل في بلورة مفهوم المقاومة قرآنياً نجده رضوان الله عليه ينطلق من غرساتها الأولى داخل مقاومة النفس ومغالبتها وتطويعها بالجهاد الأكبر، لتطمئن إلى فردوس الطمأنينة وسلام المؤمن مع ذاته.
إن انتصار الثورة الإسلامية على الأرض الإيرانية كان انتصاراً نسبياً على غطرسة الاستكبار ومكائده، وكان بإمكان هذا الانتصار أن يتقدم أكثر نحو مشروع نهضوي إسلامي على مستوى الأمة كلّها لولا بعض الأخطاء التي اقترفناها، وفي طليعتها تبادل الاتهامات المجانية والتنابذ بالتخوين والتخوين المضاد، ولا داعي في وصف مشهدنا الإسلامي المتعارض المتناقض المتآكل المتحارب المنتحر، قاتلاً وقتيلاً.
ما أحوجنا اليوم إلى أن نقرأ القرآن من جديد، ونرتّله من جديد بصوت الإمام الخميني الذي تفرّد بين الأمة بأنَّه لم يكن يخشى في الله لومة لائم، فبلّغ رسالة الله ولم يخش إلا الله.
من جهة أخرى، لازالت الشخصيات العلمية والسياسية والثقافية الروسية تولي اهتماماً خاصاً برسالة الإمام الخميني)(رضوان الله عليه) إلى زعماء الاتحاد السوفيتي السابق وتصفها بالخالدة والسرمدية.
ففي هذا الإطار وصف وزير دفاع الاتحاد السوفيتي السابق الجنرال ديميتري يازوف رسالة الإمام الخميني(رضوان الله عليه) إلى غورباتشوف بأنها وثيقة ورسالة نابعة من الشفقة تزخر بالنصائح والحكم والتاريخية، حذّر فيها قادة الاتحاد السوفيتي من المخاطر التي تحيط بهم وذلك من منطلق دركه العميق والواعي للواقع السوفيتي.
وأضاف يازوف: أن الإمام الخميني (رضوان الله عليه) ومن منطلق دركه العميق للسياسات الامبريالية أراد للحيلولة دون سوق العالم نحو الأحادية ولذلك دعا قادة الاتحاد السوفيتي عدم الوقوع في شرك الرأسمالية الغربية وأنَّ مواصلة الإصلاحات بالاتكال على الشعب والعودة إلى الرب.
من جهته قال رئيس مجلس الإفتاء الروسي راويل عين الدين في لقائه الأخير مع الهيئة البرلمانية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في موسكو قال: إن ميخائيل غورباتشوف اعترف بعظمة هذه الرسالة وعظمة شخصية الإمام الخميني(رضوان الله عليه) وأعلن أن الرسالة تحظى بمفاهيم عميقة وفلسفية وأنها هزّت مشاعري لكن للأسف في ذلك الحين لم نتمكن من تلبية هذا النداء. وأكّد عين الدين خلود رسالة الإمام الخميني(رضوان الله عليه) قائلاً: بعد فترة وجيزة شاهدنا انهيار الاتحاد السوفيتي وانقسامه إلى عدّة بلدان مستقلة وتوجهت شعوب هذه البلدان إلى الدين وإن رؤساء هذه الدول قاموا بإنشاء المساجد والكنائس والاهتمام بالمعنوية وعبادة الرب.
تعليقات الزوار