الآداب المعنوية للصلاة، الإمام الخميني: في الغسل وآدابه القلبية
التاريخ: 15-12-2018
يقول أهل المعرفة أن الجنابة هي الخروج عن وطن العبودية والدخول في الغربة وإظهار الربوبية ودعوى المنيّة والدخول في حدود المولى والاتصاف بوصف السيادة والغسل للتطهير من هذه القذارات والاعتراف بالتقصير. وقد ذكر بعض المشايخ في ضمن عشرة فصول، مئة وخمسين حالا لابد للعبد السالك التطهير منها في خلال الغسل يرجع أغلبها أو كلها إلى العزة والجبروت وكبرياء النفس وحب النفس ورؤيتها .
الفصل السادس
في الغسل وآدابه القلبية
يقول أهل المعرفة أن الجنابة هي الخروج عن وطن العبودية والدخول في الغربة وإظهار الربوبية ودعوى المنيّة والدخول في حدود المولى والاتصاف بوصف السيادة والغسل للتطهير من هذه القذارات والاعتراف بالتقصير. وقد ذكر بعض المشايخ في ضمن عشرة فصول، مئة وخمسين حالا لابد للعبد السالك التطهير منها في خلال الغسل يرجع أغلبها أو كلها إلى العزة والجبروت وكبرياء النفس وحب النفس ورؤيتها .
يقول كاتب هذه الأوراق: الجنابة هي الفناء في الطبيعة والغفلة عن الروحانية والغاية القصوى لكمال السلطنة الحيوانية والبهيمية، والدخول في أسفل السافلين والغسل هو التطهير من هذه الخطيئة والرجوع عن حكم النفس التي فنيت في الطبيعة وابتليت بغرور الشيطان .
فالآداب القلبية للغسل هي ألاّ يتوقف السالك في حين غسله بتطهير الظاهر وغسل البدن الذي هو القشر الأدنى والحظ الدنيوي، وتكون جنابة باطن القلب وسرّ الروح موردا لعنايته، ويكون غسله أهم في نظره فيتجنب عن غلبة النفس البهيمية والشأن الحيواني على النفس الرحمانية والشؤون الرحمانية ويتوب عن رجز الشيطان وغروره ويطهر باطن الروح الذي هو نفخة إلهية وقد نفخ فيه بالنفس الرحماني عن الحظوظ الشيطانية وهي التوجّه إلى الغير الذي هو أصل الشجرة المنهية حتى يليق بهذا التطهير للدخول على جنة أبيه آدم عليه السلام .
وليعلم أن الأكل من هذه الشجرة شجرة الطبيعة والإقبال على الدنيا والتوجه إلى الكثرة هو أصل أصول الجنابة، وما دام لم يطهر من هذه الجنابة بانغماسه في ماء الرحمة للحق تعالى أو تطهيره التام بذاك الماء الذي يجري عن ساق العرش الرحماني والخالص عن التصرف الشيطاني لا يليق للصلاة التي هي حقيقة معراج القرب فإنه لا صلاة إلا بطهور، وقد أشار إلى ما ذكر في الحديث الشريف في الوسائل عن الشيخ الصدوق رضوان الله عليه قال:
وبإسناده قال: "جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أعلمهم عن مسائل، وكان فيما سأله أن قال : لأي شيء أمر الله تعالى بالاغتسال من الجنابة ولم يأمر بالغسل من الغائط والبول ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أن آدم لما أكل من الشجرة دبّ ذلك في عروقه وشعره وبشره فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كل عرق وشعرة في جسده، فأوجب الله عز وجل على ذريّته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة" . الخبر .
وفي رواية أخرى عن الرضا عليه السلام: " إنما أمروا بالغسل من الجنابة ولم يأمروا بالغسل من الخلاء وهو أنجس من الجنابة وأقذر من أجل أن الجنابة من نفس الإنسان وهو شيء يخرج من جميع جسده، والخلاء ليس هو من نفس الإنسان وإنما هو غذاء يدخل من باب ويخرج من باب " .
وظاهر هذه الأحاديث وان كان عند أهل الظاهر هو أن النطفة لما كانت تخرج من جميع البدن فوجب غسل جميعه . وهذا مطابق لرأي جمع من الأطباء والحكماء الطبيعيين ولكن تعليله عليه السلام بأكل الشجرة كما في الحديث الأول ونسبة الجنابة إلى النفس كما في الحديث الثاني يفتح طريقا إلى المعارف لأهل المعرفة والإشارة لأن قضية الشجرة وأكل آدم منها من أسرار علوم القرآن وأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام، وكثير من المعارف مرموز فيها، ولذا جعلوا عليهم السلام في الأحاديث الشريفة قضية آدم، والأكل من الشجرة علّة لتشريع كثير من العبادات ومن جملتها باب الوضوء والصلاة والغسل وصوم شهر رمضان وكونه ثلاثين يوما وكثير من مناسك الحج، وفي نيّتي منذ سنين أن أفرد رسالة في هذا الباب ولكن الاشتغالات الأخر منعتني عن ذلك، وأسأل الله تعالى التوفيق والسعادة لذلك .
وبالجملة، فأنت يا ابن آدم وقد جعلت بذرا للّقاء وخلقت للمعرفة واصطفاك الله تعالى لنفسه وخمّرك بيدي جماله وجلاله وجعلك مسجودا للملائكة ومحسودا لإبليس إذا أردت أن تخرج عن جنابة أبيك الذي هو أصلك وتليق للقاء حضرة المحبوب وتحصل استعدادا للوصول إلى مقام الإنس وحضرة القدس فلا بد لك من أن تغسل باطن قلبك الذي هو محفل لجناب الجميل وجمال الجليل عن حب الدنيا وشؤونها الخبيثة التي هي رجز الشيطان فان جنة لقاء الحق تعالى محل الاطهار ولا يدخل الجنة الا الطيب .
* شست وشوئي كن وآنكه بخرابات خرام * . ( مصراع من بيت للشاعر العارف الحافظ الشيرازي يقول :
تنظف عن القذارات ثم يقصد الخرابات . الخرابات في الأدب الفارسي محل اجتماع السكارى وفي الأدب العرفاني يعبّر به عن مجتمع المجذوبين والمصعوقين من تجليات الجلال والجمال ).
احدث الاخبار
السيد الحوثي: الاستقرار لن يبقى في المنطقة ما دام الاحتلال مستمر في فلسطين
ثروة باقية؛ المقاومة في لبنان من نشوء الحالة الإسلاميّة إلى التأسيس حتى «طوفان الأقصى»
قائد الثورة الإسلامية: الخلاف بين الجمهورية الإسلامية وأمريكا جوهري، وليس تكتيكيا
التبيين في نهج السيّدة الزهراء عليها السلام*
قيم الحياة الزوجيّة في سيرة أهل البيت عليهم السلام
عمائــــــم سلكت درب الشهادة (1)
الشيخ نعيم قاسم: أمريكا ليست وسيطا نزيها ودعم المقاومة واجب
زوجة القائد"الحاج رمضان" تروي ذكرى من أدب الشهيد قاسم سليماني
العميد نقدي: قدرتنا الصاروخية اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه خلال العدوان الصهيوامريكي
الشيخ نعيم قاسم: المقاومة جاهزة للدفاع ولديها ردع يمنع تحقيق العدو لأهدافه
الاكثر قراءة
أحكام الصوم للسيد القائد الخامنئي
ما أنشده الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في حق الإمام الخامنئي
أربعون حديثاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)
أربعون حديثا عن الإمام الهادي (ع)
مختارات من كلمات الإمام الخامنئي حول عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
مبادئ الإمام الخميني العرفانية
أربعون حديثاً عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)
ماذا يقول شهداء الدفاع عن العقيلة؟.. الشهيد السيد إبراهيم في وصيته: لقد ذهب زمان ذل الشيعة+ صور
شهيد المحراب (الثالث) آية الله الحاج السيد عبد الحسين دستغيب
تقرير مصور عن شهداء الحجاز الذين استشهدوا في جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية