إنّ الاستكبار بما يعنيه من روح التكبّر وعدم الاكتراث بقيم الشعوب الأخرى والتدخّل في شؤونها, والتلبّس بلباس الحق, هو عينه ما تسمعونه الآن في تصريحات زعماء أمريكا، فَهُم يتحدّثون عن تدخّلهم في شؤون العراق أو غيره من البلدان, وكأنهم يملكون الدنيا، وإنه لمِن النادر حقاً أن يعثر المرء على حكومةٍ تتحدث بمثل ما يتحدث به هؤلاء حول دول الشرق الأوسط، فَهُم يعتبرون هذه الدول ملكاً لهم! وهذا ما يعنيه الاستكبار.
لقد ما رسوا الضغوط على نظام الجمهورية الإسلامية؛ لكنهم أخفقوا، وما تشاهدون اليوم من عربدةٍ واستعراض القوة التي يقوم بها الأمريكان, ما هو إلاّ طبع القوى الإستكبارية؛ إذ لابدّ من أن يعربدوا ويهددوا، بل إنَّ جانباً مهماً من قوّتهم تغذّيه هذه التهديدات، فَهُم يرهبون شَعْباً ما ومسؤوليه، وتحت طائلة هذه الرهبة يفرضون عليه مآربهم، وهنا تكمن القضية، وإلاّ فأمريكا ليست بتلك القوة بحيث تشنّ هجوماً على بلدٍ من دون تكاليف باهضة مرهقة.
كلا, فهم يلجأون للهجوم العسكري متى اقتضى الأمر، غاية الأمر أنّ أول شرط لذلك أن يعلموا بعدم إخفاق هذا الهجوم العسكري أو يُردُّ إلى نحورهم، إذ إنهم لا يتحمّلون مثل هذا الخطر حيثما احتملوا وجود إمكانية المقاومة.
والثاني: إنهم يلجأون للهجوم العسكري متى ما عجزوا عن فرضِ إرادتهم على ذلك البلد عن طريق آخر، فهم يحاولون فرض مآربهم على هذا البلد عبر التهديد والزعيق والضجيج والتصدّي السياسي والقوةِ الإعلامية.
لقد جرَّب الأمريكان كل شيء بحق وطننا العزيز وشعبنا الشجاع الصامد المظلوم، فكان مما جرّبوه الزعيق والتهديد والإرعاب وتمرير مآربهم من خلال هذا الإرعاب، وإنّ ما يطمحون إليه فيما يخص بلدنا العزيز وفيما يخصّكم أنتم الشعب الإيراني المقدام المؤمن ـ وبالذات أنتم الشباب ـ عبارة عن مجموعة من الأمور التي يسعون من أجلها سويّة وهي:
أولاً: زعزعة عزيمة المسؤولين للقيام بالخطوات الجوهرية لبناء البلد؛ وذلك عبْر إثارتهم للاختلاف والفتور والقنوط, وشراء ذمم البعض ـ لا قدَّر الله ـ والحيلولة دون اهتمام الحكومة في إيران ـ باعتبارها حكومة إسلامية قد رفعت لواء الإسلام عالياً ـ بالمطالبات الحقّة للجماهير، وهذه تعتبر من المهام الضرورية للنظام الذي يحاول إعادة بسط هيمنته على وطننا, ونشْب مخالبه في جسد هذا الشعب كما في السابق، فإذا ما نجحوا في هذه المهمة ستكون النتيجة زرع الفتور لدى الجماهير إزاء النظام الإسلامي؛ لذلك فإنكم تشاهدون دأبهم على الترويج في وسائل إعلامهم الواسعة الانتشار: بأَنّ الشعب لم ينل مطالبه, وهو ناقم وقد استحوذ عليه الفتور.
المهمة الثانية التي يحاولون تحقيقها هي: إضعاف الأواصر والحوافز الجوهرية, التي من شأنها المحافظة على هذا الشعب مقاوماً متوحّداً في مواجهتهم، وحرف المعتقدات, وزعزعة الإيمان وقتل الآمال, وتصوير آفاق المستقبل حالكةً مظلمةً غامضة, وأداتهم في ذلك وسائل الإعلام التي تتميز بقوّتها الخارقة على الصعيد العالمي, وإنجاز مهام ضخمة لأصحابها، فاعلموا ـ وأنتم تعلمون ـ إنّ أهم وسائل الإعلام في العالم ـ سواءً وكالات الأنباء أو محطّات الإذاعة والتلفزيون أو الصحف المشهورة ـ إنما هي ملك الرأسماليين الذين يمثّلون القواعد الأساسية للاستكبار العالمي، فالأخبار التي يبثّونها في العالم يجري تنظيمها بما ينسجم مع مصالحهم.
تعليقات الزوار