اعتبر قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي، أن جزءاً مهماً من مكانة إيران العالمية يعود إلى التقدم العلمي والتكنولوجي الذي حققته وقال: يجب علينا إثراء البلاد علمياً من خلال الحفاظ على هذه المكانة، رغم أن قوى الاستكبار لا تروق لها هذه القدرة والمكانة لإيران.

 

وأكد سماحته قائد الثورة الإسلامية، في لقاء استمر ساعتين ونصف مع حوالي 3000 طالب جامعي وممثل عن التنظيمات السياسية والاجتماعية والثقافية والعلمية في الجامعات، أن إيجاد غد أفضل من اليوم هو هدف رئيسي للبلاد ، ودعا الجامعيين والتنظيمات الطلابية إلى تقديم حلول جديدة لتحقيق هذا الهدف الأساس والتقدم دون انتكاسات مادية ومعنوية للبلاد وقال إن  إعداد العلماء، وإنتاج العلوم وتوجيه هاتين المقولتين هي المهام الثلاث الرئيسية للجامعة.

 

واعتبر طبيعة البيئة الطلابية بأنها تتميز بالبهجة والحيوية والإثارة والمطالبة والاندفاع وأشار إلى ضرورة متابعة القضايا التي طرحها ممثلو التنظيمات في هذا اللقاء، وقال أن أي مقترح يجب أن يكون واقعياً وناضجا ويسهم في حل عقد المشاكل إلى جانب تميزه بالعمق التحليلي والفكري.

 

وأكد الإمام الخامنئي، ردا على كلام أحد ممثلي التنظيمات الطلابية حول الفرق بين وجهة نظر سماحته الآن مع العام 2002 بشأن "العدالة"، أكد أن الفرق هو أن إصراري على العدالة بات اكبر.

 

ووصف شهر رمضان بأنه شهر طيب من حيث ظهور الجوانب المعنوية في المجتمع، بما في ذلك رواج جلسات التلاوة، وأوصى الجامعيين بالعمل من اجل المحافظة على النورانية والنقاء الذي تحقق في هذا الشهر، مضيفًا أن الطريقة الرئيسية لتحقيق هذا الهدف هو تجنب ارتكاب الخطيئات.

 

واعتبر سماحة قائد الثورة الإسلامية السبب في ارتكاب بعض الذنوب هو الغفلة عن كون بعض الأفعال تعد ذنوبا وقال: إن بعض الأقوال  والكتابات في الفضاء الافتراضي التي تتم دون بحث وتدقيق ودقة هي نموذج من الإثم جراء الغفلة ويجب أن يكون الإنسان مسؤولا أمام الله عنها.

 

 

وأضاف: بالطبع لا ننصح بالتحفظ، وعدم الانتقاد أو الاعتراض، ولكن يجب أن نتوخى الدقة الكافية في كل قول وعمل.

 

ووصف سماحة آية الله الخامنئي، الجامعي بأنه عنصر شاب وقوي ومتحمس ومن اهل "العلم والفكر والمعرفة " وواعد، وقال: بالنظر إلى هذه الخصائص، فان المتوقع من الجامعيين هو أن يكونوا نشيطين وحساسين تجاه المستقبل.

 

وأضاف: لو قام المجتمع الطلابي، بالتفكير والتخطيط، بإعداد منظومة عملية وقيمية لمستقبل البلاد وحدد الطريق للمضي قدمًا نحو ذلك، فان مشاكل البلاد بعد 5 سنوات، ستكون أقل بالتأكيد.

 

وعد سماحته تلبية القضايا التي صرح بها في اللقاءات الطلابية في السنوات الماضية بأنها من بين توقعات القيادة من التنظيمات الطلابية وقال: كما قيل مراراً فإن الوظيفة الأساسية للطالب هي الدراسة، ولكن إلى جانب ذلك، فإن النظر إلى الناس والمجتمع وتقديم الحلول للمشكلات يعدان من واجبات الطلاب الحتمية.

 

*"غداً أفضل من اليوم" الهدف الكبير والرئيسي للبلاد

ووصف آية الله الخامنئي شعار "غداً أفضل من اليوم" بأنه الهدف الكبير والرئيسي للبلاد وأكد: لتحقيق هذا الهدف الأساسي، يجب علينا تحديد مُثُل محددة.

 

واعتبر قائد الثورة أن معرفة الموقع الراهن للبلاد هو الخطوة الأولى للتحرك نحو المثل العليا وتحقيق غد أفضل وقال: إن البعض يجهل هذه الحقيقة الحاسمة والرئيسية في أن النظام الثوري الراهن هو ثمرة سلسلة من الجهاد العصيب والمعقد في مواجهة عهد الطاغوت الأسود.

 

وأضاف: بالطبع، العديد من أهداف الثورة لم تتحقق بعد، لكن الاهتمام المستمر بـ "الطبيعة الثورية للدولة" و"فهم حقائق الأمس" يجب أن يكون دائمًا موضع اهتمام المجتمع الطلابي من أجل ان يكون الحكم الذي نطلقه على اليوم صحيحا.

 

وفي شرحه وقائع النظام البهلوي الفاسد الخائن والعميل، قال قائد الثورة: في ذلك الوقت، على رأس بلد عظيم مثل إيران، كانت تحكم الشعب عائلة منحطة بها كل أنواع الفساد. بالإضافة إلى ذلك، ساد الاستبداد المطلق في إدارة المجتمع، وبخلاف اليوم، لم يشارك الشعب في شؤون البلاد ولم يكن لهم حساب.

 

ومن الحقائق الأخرى التي كانت قبل الثورة أشار سماحته إلى "الاستبداد السياسي وطاعة الأجانب في قمع الشعب، وتفاهة البقايا الثقافية للغرب، والفجوة الطبقية الشديدة، وعدم الإحساس بالعدالة، والتمييز الشديد للغاية، والامتيازات الخاصة التي كان يتمتع بها جميع المسؤولين والمرتبطين بالبلاط".

 

وأضاف: علمياً، على الرغم من وجود أساتذة جيدين وكفوئين في الجامعات، إلا أنه لم يتم إنتاج منتجات علمية وصناعية وتكنولوجية وموثوقة في الجامعات، وكان الفهم الخاطئ القائل بعدم قدرة المجتمع الإيراني على تحقيق العلوم العالمية أحد المسلمات الذهنية عند حكام عهد الطاغوت.

 

وفيما يتعلق بالهوية الجمعية، وصف آية الله الخامنئي إيران في عهد نظام بهلوي بأنها كانت تدور في فلك الأجانب سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا ، ووصف ذلك الوضع بأنه كان مخزيا، وقال: إن المعركة ضد ذلك الواقع المرير للغاية بدأت في أوائل العشرينات من القرن الماضي هـ.ش (عقد الأربعينات من القرن الميلادي الماضي) بوجود ذوي الآراء المختلفة، والتي بلغت ذروتها، في حركة تأميم النفط، التي فشلت بسبب الانقلاب الأمريكي البريطاني في 28 مرداد (19 آب/أغسطس عام 1953) وعلى يد البلطجية، وكانت هزيمة الحركة الوطنية بانقلاب البلطجية هي في الحقيقة إذلال للشعب الإيراني.

 

ووصف سماحة آية الله الخامنئي الشكل المتطور لهذه النضالات بأنه نضال الشعب بقيادة علماء الدين وقيادة الإمام الخميني ضد نظام الطاغوت وقال: لقد حشد الإمام الشعب في شكل حركة دينية ووطنية وجاءت الثورة بهذه الطريقة، وكانت شهادة الميلاد التاريخية للشعب الإيراني.

 

*"الجمهورية" و"الإسلامية" صلب الثورة

واعتبر "الجمهورية" و"الإسلامية" بأنهما صلب الثورة وأشار إلى تصويت كل الشعب تقريباً، حتى أولئك الذين لا يؤمنون بالإسلام، لتأسيس الجمهورية الإسلامية، وأضاف: في الوقت نفسه، أثيرت الشكوك حول إمكانية توافق الديمقراطية وتصويت الشعب مع إطار الإسلام، حيث أعطى رجال قانون بارزون أجوبة واضحة على تلك الشبهات.

 

وقال قائد الثورة: يمكن تلخيص مُثُل الجمهورية الإسلامية في عنوانين عامين هما "إدارة البلاد على الطريقة الإسلامية" و"تقديم نموذج لشعوب العالم في الإدارة الجيدة للبلاد" وعليكم أيها الجامعيون في الحلقات واللقاءات الفكرية والدراسية والتواصل مع الخبراء المؤمنين بالثورة، أن تعملوا وتجتهدوا في تجديد سبل تحقيق هذين العنوانين.

 

واعتبر مؤشرات إدارة البلاد على الطريقة الإسلامية بأنها متجسدة في نهج البلاغة مثل الأمر الذي وجهه أمير المؤمنين (ع) لمالك الأشتر وأضاف: إن إدارة البلاد على الطريقة الإسلامية تعني السير على طريق الإسلام وتحقيق التقدم المادي والمعنوي المستمر دون الرجوع إلى الوراء.

 

*العدالة تعني رفض الفجوة الطبقية في استغلال الفرص العامة

واعتبر آية الله الخامنئي الرفاهية العامة والأمن الجسدي والمعنوي والتقدم العلمي وتوسيع الصحة والحفاظ على شبابية السكان وجميع أنواع البناء والابتكارات والعدالة هي العناوين الرئيسية للتقدم المادي وقال: العدالة التي يجب أن تُفهم بشكل صحيح، يعني رفض الفجوة الطبقية، وذلك في استغلال الفرص العامة، ووضع الفرص المتساوية في متناول الشعب، لأن خلق امتياز خاص في استغلال الفرص ظلم ومناقض للعدالة.

 

ووصف نشر المقالات في الفضاء الافتراضي ضد الأشخاص الذين لا تتاح لهم فرصة الرد لأي سبب من الأسباب بأنه مثال على عدم تكافؤ الفرص وبالتالي ضد العدالة وأضاف: العدالة ليست فقط في الأمور المالية، ولكن أيضا في مسائل السمعة والوظيفة والكرامة.

 

كما عدّ قائد الثورة الأخلاق والتدين والتعاون وأسلوب الحياة الإسلامية والتضحية والكفاح من بين موضوعات التقدم المعنوي وقال: إن تحقيق كل هذه المكونات والموضوعات المادية والمعنوية يحتاج إلى تخطيط وتفكير جديد وحديث. وعلى المجتمع الطلابي مع همومه ومطالبه أن يعمل ويجتهد بشكل مستمر في هذا المجال.

 

*تقديم أنموذج الدولة للعالم

وقال إن المثل الأعلى الثاني للجمهورية الإسلامية، وهو تقديم نموذج الدولة للعالم، هو في الواقع الرحمة والإحسان لشعوب العالم، وقال: لقد تحقق هذا المثل الأعلى إلى حد ما والعديد من الأحداث التي تثير الشباب وعلى مستوى المنطقة والعالم تبعث على الفخر بوطنكم ومجتمعكم وثورتكم.

 

وفي جزء آخر من كلمته، وصف سماحة آية الله الخامنئي المعرفة بأنها الركيزة الأساسية للجامعة وشدد على المهام الرئيسية الثلاث للجامعة، أي "إعداد العالم" و"إنتاج المعرفة" و"تحديد الاتجاه لإعداد العالم وإنتاج العالم"  وقال: إن جامعات العالم لديها مشاكل في الواجب الثالث، يعني تحديد الاتجاه لإعداد العلماء وإنتاج العلوم، وبسبب هذا تصبح منتجاتها أدوات لقوى الاستكبار والصهيونية.

 

*جزء مهم من مكانة إيران العالمية يعود إلى التقدم العلمي والتكنولوجي

وشدد على ضرورة الاهتمام بهذه المهام الثلاث الهامة من قبل جميع عناصر الجامعة، بما في ذلك الإداريين والأساتذة والطلاب والكتب المدرسية، واعتبر أن جزءاً مهماً من مكانة إيران العالمية يعود إلى التقدم العلمي والتكنولوجي الذي حققته البلاد وأضاف: يجب حماية البلاد من خلال الحفاظ على هذه المكانة ومن أجل الإثراء العلمي، بطبيعة الحال، فإن القوى الاستكبارية لا تروق لها هذه القدرة وهذه المكانة لايران.

 

وفي الجزء الأخير من كلمته، قال سماحته: يجب أن تكون التنظيمات الطلابية فعالة خاصة في البيئة الطلابية وداخل الجامعة، بينما هذا التأثير غير مرئي أو أنه ضئيل الآن.

 

وأشار إلى أن هناك محاولات في الجامعات تسعى للإيحاء للطالب الجامعي الإيراني بان شخصيته تكمن في السير على خطى الغرب، وقال أن المنظمات الطلابية يجب أن تقف بنشاط ضد هذه المحاولات.

 

ونصح قائد الثورة أعضاء التنظيمات الطلابية بتعزيز رصيدهم الفكري والنظري، وقال: بدون رصيد فكري قوي لا يمكن للفكر الثوري أن ينتشر، في حين أن التنظيمات نفسها قد تنهار بسبب هذا الضعف، وهو ما حدث أيضاً في بعض الأحيان.

 

وأضاف: مع وجود وجهة نظر نقدية، يجب أن تكون لديكم أيضًا نظرة فخورة للتطورات العديدة في مختلف أنحاء البلاد وأن تفتخروا بهذه التطورات.

 

ووصف آية الله الخامنئي التنظيمات الطلابية بأنها من الفرص العظيمة للبلاد وقال: لا حرج في الاختلاف في الرأي بين التنظيمات، ولكن كما أكدت وكررت في بداية العام، لا ينبغي أن تؤدي الاختلافات الفكرية إلى مشاجرات على أي مستوى من مستويات المجتمع والمؤسسات.