في السنة الأخيرة من عمره الشريف أكد الإمام الخميني (قدس سره) على ضرورة تمييز الإسلام الحقيقي وفصله عن الإسلام المنحرف والمحرّف، فأطلق اصطلاح الإسلام المحمدي الأصيل على الإسلام الحقيقي، واصطلاح الإسلام الأمريكي على الإسلام المنحرف، وتبعا لذلك اعتبر مهمة تعيين الأطر والحدود العامة للإسلام المحمدي الأصيل من أهم الوظائف الملقاة على عاتق الحوزة والجامعة.

 

الخلاصة:

 

توجد رؤى ونظريات مختلفة عن الإسلام بحيث يمكن أن يصل الاختلاف بين نظريتين منها إلى درجة يستحيل فيها إمكان الجمع بين صحة هاتين النظريتين؛ لأن الحكم بصحة كليهما سيؤدي إلى اجتماع النقيضين أو ارتفاعهما. ولما كان الإسلام الحقيقي يمثل واحدة من هذه الرؤى والنظريات، لذا كان من الطبيعي الحكم بخطأ النظريات الأخرى وخروجها عن إطار الإسلام الحقيقي ومخالفتها له.

 

ونظرا لهذا الموضوع المهم أكد الإمام الخميني (قدس سره) في السنة الأخيرة من عمره الشريف على ضرورة التمييز والفصل بين الإسلام الحقيقي والأنواع المنحرفة والمحرّفة عن الإسلام، وأطلق اصطلاح الإسلام المحمدي الأصيل على الإسلام الحقيقي، واصطلاح الإسلام الأمريكي على الإسلام المنحرف، وعلى هذا الأساس اعتبر مهمة تعيين الأطر والحدود العامة للإسلام المحمدي الأصيل من أهم الوظائف الملقاة على عاتق الحوزة والجامعة.

 

وقد سعينا في هذه المقالة أولا إلى البحث باختصار عن أبعاد نهضة الإمام الخميني(قدس سره) ودورها في إحياء الإسلام الحقيقي، ثم تطرقنا إلى تعريف الإسلام المحمدي الأصيل والإسلام الأمريكي وضرورة التمييز والفصل بينهما، ثم بحثنا بشكل إجمالي الأطر والحدود العامة للإسلام المحمدي الأصيل من وجهة نظر الإمام الخميني (قدس سره).

 

كما بحثنا الأبعاد والأطر العامة للإسلام المحمدي الأصيل من وجهة نظر الإمام الخميني(قدس سره) في مجالات المعارف الدينية والعقائد والفقه والأحكام العملية والسياسة والمسائل الاجتماعية ومناهضة الظلم والدفاع عن المحرومين والمستضعفين، والعبادة، والأنس مع المعبود، والأخلاق والعرفان.

 

المقدمة:

 

بلا شك يعد الإمام الخميني (قدس سره) من أعظم الشخصيات الإسلامية بعد الأئمة المعصومين (عليهم السلام) التي أدت دوراً كبيراً في إحياء الدين الإسلامي طيلة السنوات الألف والخمسمئة من تاريخه. فمنذ تاريخ صدر الإسلام وخاصة فترة ما بعد الثورة الحسينية، تعد الثورة الإسلامية العظيمة التي قادها الإمام الخميني(قدس سره) نموذجاً موفقاً وناجحاً للثورات الإسلامية التي أعقبت تلك الفترة.

 

وعلى هذا الأساس، لم تكن نهضة الإمام الخميني(قدس سره) تقتصر على إحياء الأبعاد المعرفية والنظرية للدين الإسلامي؛ بل شملت نهضته إحياء الدين الإسلامي في أبعاده العلمية أيضا. فالرؤية الشاملة للإمام الخميني(قدس سره) لم تكن تقتصر على الأبعاد المعرفية فقط؛ بل كانت شاملة للأبعاد العلمية أيضا؛ لهذا لم يكن سماحته فقيها لامعا فحسب حتى يقتصر دوره على إحياء الأبعاد الفقهية للإسلام، كما إنه لم يكن متكلما وفيلسوفا فحسب حتى يقتصر دوره على إحياء الأبعاد العقائدية والوجودية للدين الإسلامي، كما لم يكن مفسراً للقرآن وعارفاً به أو محدثا وراويا للسنة الشريفة فحسب حتى يقتصر دوره على إحياء هذا العلم والمعرفة، كما لم يكن شخصية عرفانية ومعنوية عظيمة فحسب حتى يقتصر دوره على إحياء الأبعاد المعنوية والعرفانية للإسلام، كما لم يكن عالماً مهتما بالشؤون السياسية والحقوقية فحسب حتى يقتصر دوره على تعريف العالم بالأبعاد السياسية والحقوقية في الدين الإسلامي.

 

كذلك الحال بالنسبة للأبعاد العلمية، فلم يكن سماحته عابداً صرفاً حتى يقتصر على طرح الأبعاد العبادية للإسلام، ولم يكن حاكماً صرفاً حتى يقتصر دوره على التعريف بالحكومة الإسلامية، ولم يكن عالما مختصاً في الأخلاق فقط حتى يقتصر دوره على تطبيق الأخلاق الدينية، ولم يكن عارفاً صرفاً حتى يقتصر دوره على تعليم مراحل السير والسلوك لأهل العرفان والسلوك، ولم يكن متشرعاً صرفاً حتى يبين للعامة كيفية الالتزام بالفرائض والنوافل، كما لم يكن زاهداً فحسب حتى يقتصر دوره على تعريفنا بالزهد الإسلامي، ولم يكن ثورياً ومناضلاً فحسب حتى يقتصر دوره على مقارعة الأعداء والنضال والتضحية بالنفس والهجرة وتحمل معاناة الحبس والغربة والتضحية.

 

ومما تقدم ينبغي الاعتراف أن شخصية الإمام كانت شخصية عظيمة قل نظيرها ولم تلد الأمهات مثيلا لها أبداً، وحسب تعبير بعض الأعاظم قد تمر ألف سنة ولا تظهر فيها شخصية كشخصية الإمام الخميني[1](قدس سره)، وكما قال ولده المرحوم السيد أحمد الخميني(قدس سره): «كان روح الله الكامنة في جسد هذا الزمان، وروح الله تبقى خالدة إلى الأبد»[2].

 

فكان حقاً إنساناً كاملاً ومحلاً لاجتماع الأضداد وجامعاً لمختلف الأبعاد فكان شبيهاً لمولى الكونين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فنعم الأب ونعم الابن.

 

وبالطبع لم يكن الإمام وحيد زمانه في إحياء الدين فحسب؛ بل أدى دوراً استثنائياً لا مثيل له في إصلاح الرؤى والنظريات الدينية، وقد دون التاريخ هذا الدور ليبقى حياً وخالداً إلى الأبد في جميع الأعصار. فكان كالشمس المشرقة في سماء إيران الإسلامية والثورة الإسلامية التي ستبقى مشعلاً خالداً لهداية الأجيال طيلة مراحل التاريخ.

 

ولهذا السبب، إضافة إلى اهتمامه بتعريف الأبعاد المختلفة للإسلام كان الإمام(قدس سره) يحرص دائما على الإشارة إلى الانحراف الفكري والجمود والسطحية والتعريف الناقص للإسلام والأفكار اللقيطة والنظريات المنحرفة. وإضافة إلى اهتمامه بالجهاد والنضال ومقارعة الطاغوت والاستبداد والاستعمار والاستكبار العالمي، كان يهتم أيضا بالتصدي للخرافات والتحجر الفكري والتشدد الديني والأفكار اللقيطة والانحراف الديني، وكان في أغلب مؤلفاته وخطبه وكلماته وبياناته يحذر دائما مخاطبيه وينبههم إلى هذه المسألة.

 

ولهذا في السنتين الأخيرتين من عمره الشريف أطلق الإمام الراحل(قدس سره) اصطلاح «الإسلام المحمدي الأصيل» على الإسلام الحقيقي، وأطلق اصطلاح «الإسلام الأمريكي» للتعبير عن إسلام المتحجرين والمتشددين وذوي الأفكار اللقيطة، وكان يؤكد على استخدام هذين الاصطلاحين في أغلب بياناته وخطاباته؛ بل كان يعتبر إعادة تعريف الإسلام المحمدي وتمييزه وفصله عن الإسلام الأمريكي من أهم الواجبات السياسية. ففي بيانه الذي أصدره بمناسبة أربعينية استشهاد العلامة عارف حسين الحسيني قائد الشيعة في باكستان، قال سماحته: «اليوم وبعد أن عجز الاستكبار الشرقي والغربي عن المواجهة المباشرة مع العالم الإسلامي، لجأ إلى تجربة أسلوب الاغتيال وقتل الشخصيات الدينية والسياسية من جهة، ونشر وإشاعة ثقافة الإسلام الأمريكي من جهة أخرى. وكنا نتمنى لو كانت جميع الجرائم والتجاوزات التي تقوم بها القوى العظمى كتجاوز الاتحاد السوفيتي على دولة أفغانستان وشعبها المسلم البطل، تحدث بصورة علنية ومكشوفة حتى يتمكن المسلمين من هزيمتهم والنيل من سلطة هؤلاء الغاصبين وقوتهم الزائفة؛ لكن مواجهة الإسلام الأمريكي تتميز بتعقيداتها الخاصة مما ينبغي كشف جميع خباياها وأسرارها إلى المسلمين المستضعفين حتى يدركوا فداحة خطرها؛ لأن الكثير من الشعوب الإسلامية لا زالت وللأسف لا تميز الحد الفاصل بين الإسلام الأمريكي والإسلام المحمدي الأصيل، وبين إسلام المستضعفين والمحرومين وإسلام المتحجرين والمتشددين والرأسماليين والمرفهين، وتوضيح هذه الحقيقة والتمييز بين فكرين متضادين ومتعارضين في دين ومذهب واحد يعد من أهم الواجبات السياسية على المسلمين، بحيث لو كانت الحوزات العلمية قد تصدت لهذه المهمة لبقي سيدنا العزيز السيد عارف الحسيني حياً وماثلاً بيننا»[3].

 

وفي مقطع آخر من بيانه، قال سماحته: «إن وظيفة جميع العلماء هي التمييز بين هذين الفكرين المتضادين حتى يتمكنوا من إنقاذ إسلامنا العزيز من أيادي الشرق والغرب»[4].

 

وفي بيان آخر، قال الإمام الخميني(قدس سره): «ينبغي على الحوزة العلمية والجامعة أن تبين لجميع أفراد قوات التعبئة الأعزاء الأطر العامة للإسلام المحمدي الأصيل»[5].

 

وفي بيان آخر، قال سماحته: «ستتمكنوا إن شاء الله قدر استطاعتكم من بيان النقاط الغامضة في هذا الفكر وتوضيحها إلى الشعب الإيراني العظيم وجميع المسلمين في العالم الإسلامي، وتبينوا للشعب وخاصة الشباب المؤمن البطل الأطر العامة للإسلام المحمدي الأصيل التي تساعد على تقوية الغضب والحقد والكراهية الثورية ضد الرأسماليين في الغرب والشيوعيين المتجاوزين في الشرق، وكذلك تبينوا لهم كيفية مواجهة الرياء والحيلة والخديعة»[6].

 

سنسعى في هذا البحث المختصر قدر الإمكان إلى تبيين الإسلام الأصيل وتعيين أبعاده وحدوده وأطره العامة وتمييزه عن الإسلام الأمريكي؛ لهذا سنتطرق أولا إلى بيان معنى ومفهوم الإسلام الأصيل والإسلام الأمريكي، ثم نسعى إلى معرفة وتعيين أبعاد الإسلام الأصيل وتشخيص حدوده وأطره العامة.

 

معنى ومفهوم الإسلام المحمدي الأصيل والإسلام الأمريكي:

 

إن المراد من الإسلام المحمدي الأصيل هو الإسلام الحقيقي الأصيل الذي انتقل من قائده الأول النبي الأكرم (ص) بدون أي تحريف أو تزييف أو تجميل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ثم انتقل منه إلى الأئمة الآخرين من بعده الذين كانوا يلتزمون بتعاليمه في قولهم وعملهم وعقيدتهم وسلوكهم، ثم انتقل من هؤلاء الأئمة العظام إلى الأجيال التي أعقبتهم جيلاً بعد جيل حتى وصل إلينا بهذا الشكل. ومن البديهي أن يكون المقصود هو الإسلام الأصيل بجميع أجزائه وأبعاده، وأي نقص أو زيادة في هذه الأجزاء سيكون بمثابة تحريفه أو نقصه ويعد نقصاً في خلوصه وأصالته؛ لأن هذا النقص أو الزيادة يؤدي إلى تحريف حقيقة الإسلام وتغيير الإسلام الحقيقي بحيث يختلف من الناحية العملية اختلافاً كبيراً عن الإسلام الأصيل. وأحياناً لا يبقى من هذه الأنواع المحرّفة من الإسلام سوى ظواهر الدين البعيدة عن حقيقة الإسلام والدين الإلهي؛ لذا تتحول بسهولة إلى أديان تقع في خدمة مصالح الظلمة والطغاة، مما يفقدها القدرة على إنقاذ المحرومين والمستضعفين والدفاع عن المظلومين؛ بل تتحول إلى أديان تسعى لتبرير ظلم الطغاة وديكتاتورية الحكام، ويحاول المدافعون عنه إلى إيجاد المبررات الشرعية التي تبرر ما يقوم به الطغاة والحكام الظلمة من مظالم وجرائم وتجاوزات على حقوق الشعوب، وإسكات صوت المظلومين والمحرومين والمستضعفين وإخماد جذوة الحركات الشعبية المناهضة للطغاة. وقد أطلق الإمام الخميني(قدس سره) اصطلاح الإسلام الأمريكي للتعبير عن هذا الإسلام الظاهري المحرّف الذي لا يبدي أي معارضة لمصالح المستكبرين والطغاة.

 

وقد كان الإمام(قدس سره) يؤكد دائما على توضيح وتبيين الإسلام المحمدي الأصيل والإسلام الأمريكي والتمييز بينهما، ويسعى بجد إلى تعريفهما ووصفهما بشكل واضح وشفاف. فكان يصف في بعض خطبه وبياناته الإسلام المحمدي الأصيل، وفي خطب وبيانات أخرى يركز على وصف وتوضيح معنى الإسلام الأمريكي، في حين نجده في بيانات أخرى يصف كلا النوعين من الإسلام ويسعى بشكل عملي إلى طرح تعريف واضح وشفاف لكل واحد منهما.

 

ففي أحد بياناته يقول سماحته:

 

«يا أبنائي الأعزاء من المجاهدين إن الشيء الوحيد الذي ينبغي أن تفكروا فيه هو تقوية وإرساء أسس الإسلام المحمدي الأصيل؛ الإسلام الذي سيذل الغرب وفي مقدمتهم أمريكا الظالمة والشرق وفي مقدمتهم الاتحاد السوفيتي المجرم، وسيمرغ أنوفهم في التراب؛ الإسلام الذي يرفع رايته المستضعفون والمحرومون والفقراء في العالم، وأعداؤه هم الملحدون والكفار وأصحاب الثروة والمال؛ الإسلام الذي يتصف أتباعه دائماً بالزهد عن المال والثروة، في حين يكون أعداؤه الحقيقيون أصحاب الثروة والمحتالين وأصحاب السلطة والمتظاهرين بالتدين والصلاح»[7].

 

وفي بيان آخر، يقول سماحته: «... نعم، إن الدين الذي يصبح وسيلة لتسلط القوى العظمى والطغاة على الموارد والثروات المادية والمعنوية في الدول الإسلامية وغير الإسلامية، ويسعى لإجبار الناس على فصل الدين عن السياسة، هو دين يسعى لتخدير المجتمع، مما يجعله يفقد صبغة الدين الحقيقية؛ بل هو دين يطلق عليه شعبنا اصطلاح الدين الأمريكي»[8].

 

وفي بيان آخر، يشير الإمام (قدس سره) إلى كلا النوعين من الإسلام، فيقول: «ينبغي عليكم أن تبينوا للعالم كيف انتفض الشعب وثار ضد الظلم والطغيان والتحجر والرجعية والتخلف، وكيف تمكن من نشر فكر الإسلام المحمدي الأصيل بدلاً عن فكر الإسلام الملكي والإسلام الرأسمالي والإسلام اللقيط وباختصار بدلا عن الإسلام الأمريكي»[9]؛ ويصور الإمام في بيان آخر كلا النوعين من الإسلام، فيقول: «إن الفن الوحيد الذي يقبله القرآن ويؤيده هو الفن الذي يصقل حقيقة الإسلام المحمدي الأصيل، إسلام أئمة الهدى (عليهم السلام)، إسلام الفقراء والمحرومين، إسلام المعذَبين بقساوة ومرارة التاريخ المخجل من الحرمان والظلم. إن الفن الجميل الطاهر هو الفن الذي يواجه الرأسمالية الحديثة والشيوعية الدموية، ويسعى للقضاء على إسلام الرفاهية والتجمل والتظاهر، والإسلام اللقيط، وإسلام المداهنة والخضوع، وإسلام المرفهين، وباختصار الإسلام الأمريكي»[10].

 

وبالطبع من الممكن أن يعتقد الانسان بالإسلام الأصيل؛ لكنه من الناحية العملية يتبع الإسلام الأمريكي، كذلك يمكن أن يقترب الانسان في عمله من الإسلام الأصيل؛ لكن قوله وعقيدته ومعرفته ورأيه تنحرف تدريجياً عن الإسلام الأصيل وتقترب من الإسلام الأمريكي. وعلى هذا الأساس، ندرك أن الإسلام الأصيل يكون أعم من قول الانسان وفعله وعقيدته وسلوكه ليشمل جميع أبعاده الوجودية والشخصية بما فيها الأبعاد المعرفية والعقائدية والمعنوية والنفسية والعاطفية والأخلاقية والتربوية والعبادية والعملية والفقهية والسياسية والمعيشية والاقتصادية، وباختصار يشمل الإسلام الأصيل جميع الأبعاد الفردية والاجتماعية ويتضمن جميع أجزاء الدين وأبعاده، مما يعني أن ترك قسم من هذه الأبعاد أو زيادتها يكون بمثابة الخروج عن اطار الإسلام الأصيل.

 

الأطر العامة للإسلام المحمدي الأصيل وأبعاده وحدوده:

 

سنبحث في هذا القسم أهم الأبعاد والأطر العامة للإسلام المحمدي الأصيل، وهي كالتالي:

 

1- المعرفة الدينية والعقائدية

 

فيما يتعلق بالمعرفة الدينية، يعارض الإسلام الأصيل كل أنواع السطحية والجمود والتمسك بالظواهر، ويؤيد جميع أنواع النقد وطرح الآراء والحداثة والابداع والابتكار، ولا يتعرض أبداً للأفكار الجديدة بتهمة التكفير والتفسيق؛ بل يؤيد دائماً ويؤكد على النقد وطرح الآراء المستندة إلى الدليل والبرهان مع الالتزام بالأصول والأعراف والتقاليد الصحيحة، ويستفيد من الأساليب الجديدة والفعالة، ولا يتهرب أبداً من السؤال والاستفسار وطرح المسائل المعاصرة والاشكالات الفكرية، بل إن المسائل الجديدة ومقتضيات العصر تعد من أهم الأمور التي تشغل أذهان أتباع الإسلام الأصيل. إن الدين في الإسلام المحمدي الأصيل يتميز بالكمال والشمولية التي تجعله لا يكتفي بظواهر الكتاب والسنة؛ لأن الكتاب والسنة لهما ظاهر وباطن؛ بل حتى باطنهما له ظاهر وباطن أيضا؛ لهذا لا يقتصر اهتمام الدين بالفقه والأحكام لأنهما لا يمثلان سوى الأبعاد الظاهرية والعملية للدين. أما معرفة الأبعاد الباطنية والعقلية للدين في الإسلام الأصيل، فإنها تحتاج إلى الاستفادة من العقل والفلسفة كوسيلة وأداة لتحقيق هذه المعرفة؛ لذا الإسلام الأصيل ليس فقط لا يعارض العقل والفلسفة بل يستفيد من المنطق والفلسفة كأدوات ووسائل مهمة لكشف الاشكالات الفكرية وحلها، كذلك لا يعارض العرفان والكشف والشهود وإنما يستفيد من الكشف والشهود والسير والسلوك العرفاني لتحقيق المعرفة وإدراك الأبعاد المعنوية للدين والوقوف على أسراره.

 

إن المنهج العملي الذي اتبعه الإمام الخميني(قدس سره) في معرفة الدين وتعريفه يعد أفضل دليل على تأييد هذا البعد في الإسلام الأصيل. لقد كان الإمام فقيها عظيماً وفيلسوفاً وعارفاً استثنائياً، فبالإضافة إلى تعبده بظواهر الشرع كان يهتم كثيراً بتعريف وتبيين الأبعاد المعنوية والباطنية للدين، ومؤلفاته العرفانية والفلسفية خير دليل على هذا المدعى، كما يؤيده تفسيره العرفاني للقرآن الكريم؛ لكن للأسف حال دون إتمامه بعض السطحيين الذين لم يتحملوا ولم يدركوا معانيه من خلال الاعتراضات التي أبدوها في رسائلهم التي كانت تحمل في ظاهرها الخير والمصلحة العامة. وقد تحمل الإمام(قدس سره) في تلك الظروف والأوقات العصيبة الكثير من الآلام والمعاناة من أولئك السطحيين والمتحجرين، حتى قال في بعض كلماته: «في بداية مرحلة النضال الإسلامي إذا كنت تريد وصم الشاه بالخيانة سرعان ما يعترض عليك البعض ويقول: لكن الشاه من الشيعة! إن بعض المتحجرين الرجعيين كانوا يعتبرون كل شيء حراماً، ولم يكن أحد يمتلك القدرة على مواجهتهم أو الاعتراض عليهم. إن الآلام والمعاناة التي تعرض لها والدكم الكهل من هؤلاء المتحجرين أعظم من أي آلام ومعاناة تعرض لها من الآخرين... وقد كانت هذه الأمور من المسائل الشائعة في الحوزات العلمية بحيث كان كل من ينحرف عن جادة الحق يصبح بنظرهم أكثر تديناً، وكانوا يعتبرون تعلم اللغة الأجنبية كفراً وتعلم الفلسفة والعرفان إثماً وشركاً، حتى أنهم في المدرسة الفيضية رفعوا وعاء الماء الذي شرب منه ولدي المرحوم مصطفى، لا لشيء سوى لأني كنت أدرِّس الفلسفة. وأنا لا أشك أبداً أن الأوضاع لو كانت قد استمرت على هذه الحال، لأصبح وضع علماء الدين والحوزات العلمية مثل الوضع الذي مرت به الكنيسة في القرون الوسطى، لكن الله تعالى قد منّ بلطفه على المسلمين وحفظ للحوزات العلمية مكانتها ومجدها الحقيقي»[11]. 

 

وقد أشار الإمام إلى أن هذا الفكر مازال قائماً في الحوزات العلمية حتى الآن.[12]

 

ومن الأمثلة على بقايا هذا الفكر في الحوزات العلمية حتى بعد قيام الثورة الإسلامية، هو بعض المقالات والتعليقات التي كتبت اعتراضاً على التفسير العرفاني لسورة الفاتحة الذي بدأ به الإمام الخميني(قدس سره)، وقد منعته هذه الاعتراضات من الاستمرار في هذا التفسير بحيث لم يوفق سماحته سوى في إقامة خمس جلسات فقط اقتصرت على تفسير بسم الله الرحمن الرحيم، وتوقف عن تفسير بقية آيات سورة الفاتحة.

 

والمثال الآخر على وجود هذا الفكر في الحوزات العلمية، هو الاعتراضات التي صدرت في العام: (1367هـ.ش) رداً على الرسالة التي بعثها الإمام الخميني(قدس سره) لغورباتشوف رئيس الاتحاد السوفيتي آنذاك، حيث دعاه الإمام في تلك الرسالة إلى إرسال بعض الخبراء والمحققين الكبار لمطالعة ودراسة مؤلفات صدر الدين الشيرازي ومحي الدين بن عربي.[13]

 

فقد أصدر شخص -يدّعي أنه المسؤول عن دار نشر باسم حماة القدس- بياناً رد فيه على دعوة الإمام واعتبرها بعيدة عن الإسلام، وأشار فيه إلى الفتاوى التي أصدرها بعض الفقهاء المعاصرين في تكفير الملا صدرا ومحي الدين بن عربي، واعتبرهم خارجين عن الإسلام[14].

 

وعلى هذا الأساس، نجد أتباع الإسلام الأصيل في البعد العقائدي لا يكتفون بالعقائد السطحية والظاهرية وعقائد العوام؛ بل كانوا يرتقون في معرفة الأصول العقائدية حتى يصلون إلى أفضل عقائد التوحيد الأصيلة، ويمرون بجميع مراحل التوحيد النظري، ويظهرون التوحيد الخالص في جميع أبعادهم الوجودية، ولا يقتصرون في تطبيق التوحيد العملي على الأبعاد الفردية؛ بل يطبقون التوحيد الكامل في جميع أبعاد الفرد والمجتمع، ولتحقيق سعادة البشرية يسعون للوصول إلى الحياة المعنوية التي عبّر عنها القرآن باصطلاح الحياة الطيبة[15].

 

2- البعد الفقهي والأحكام العملية

 

لا يقتصر البعد الفقهي في الإسلام الأصيل على العمل بظواهر الأحكام فقط؛ بل يهتم كثيراً بفلسفة الأحكام وأسرارها مع الالتزام بالمحافظة على الظواهر والعمل بالأحكام الظاهرية للشريعة، ولا يضحي أبدا بغايات الدين وأهدافه وأسراره وبواطنه فداء لمقدماته وظواهره. وبالطبع، من البديهي أن لا يغفل الإسلام الأصيل عن الظواهر والأحكام الظاهرية بحجة الوصول لحقيقة الدين وأسراره وبواطنه، بل يرى أن طريق الوصول إلى الأسرار والبواطن يمر عبر الالتزام بظواهر الأحكام.

 

وعلى هذا الأساس، اهتم الإمام الخميني(قدس سره) بأسرار العبادات ومنها أسرار الصلاة والصوم والحج وغيرها؛ فعمد إلى تأليف الكتب العرفانية للوقوف على الأسرار والأبعاد المعنوية للعبادات إضافة إلى تأليفه الكتب الفقهية، ومما يؤيد هذه الحقيقة تأليفه لكتب مثل: «أسرار الصلاة» و«الآداب المعنوية للصلاة»، إضافة إلى البيانات التي كان يصدرها بمناسبة الحج والتي يؤكد فيها على ضرورة الاهتمام بأسراره وأبعاده المعنوية، أو الخطب التي كان يلقيها بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وضرورة الاهتمام بأسرار الصوم وأبعاده المعنوية[16].

 

ومن جهة أخرى، إن شمولية الإسلام وكماله جعلت الفقه في الإسلام الأصيل كاملا أيضا، فلم يقتصر اهتمامه بالأبعاد الفردية للإنسان، ولم يكتف بالأبعاد العبادية فقط؛ بل شمولية الإسلام الأصيل وجامعيته جعلته يهتم بجميع الأبعاد الفردية والاجتماعية للناس، لذا كان الفقه في الإسلام الأصيل قادراً على تلبية جميع احتياجات الناس في مختلف الظروف والأعصار ولمختلف القوميات والشعوب، لهذا اهتم الفقه في الإسلام الأصيل بالاستفادة من الأساليب والمناهج والأدوات الحديثة مع المحافظة في الوقت ذاته على السنن والأعراف والقيم الأصيلة والاستفادة من المساعي القيّمة والجهود المضنية التي بذلها علماء السلف والفقهاء العظام، مما جعل الفقه قادراً على الإجابة عن الأسئلة المطروحة وتلبية مقتضيات العصر وحل جميع المشاكل المعاصرة وتأمين احتياجات الناس في مختلف العصور. وهذا الأمر جعل الإمام الخميني(قدس سره) يعتبر الفقه في الإسلام الأصيل فقهاً تقليديا وفقها متجددا أيضا، وقادراً على تلبية احتياجات الناس في جميع العصور. وفي رده على تقرير الشورى الإدارية لرابطة المدرسين في الحوزة العلمية في قم، بتاريخ: 17/2/1368، والظاهر أنه كان البيان الأخير الذي أصدره سماحته، قال الإمام(قدس سره):

 

«إن شاء الله ستتمكن الحوزة بهمة العاملين فيها من الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الناس في عالمنا الإسلامي، لكن ينبغي أن لا ننسى هذه المسألة وهي ضرورة عدم تجاوز الأركان الثابتة للفقه والأصول المتعارفة في الحوزات العلمية. وبالطبع، إضافة إلى إشاعة الاجتهاد الجواهري بشكل قوي وثابت في الحوزات العلمية، ينبغي في الوقت ذاته الاستفادة من إيجابيات الأساليب والمناهج الحديثة والعلوم التي تحتاجها هذه الحوزات»[17].

 

وفي تاريخ: 3/12/1367هـ.ش، أصدر الإمام بياناً مهما خاطب فيه المراجع وعلماء الدين وأئمة الجماعة في مختلف مدن البلاد، قال فيه: «فيما يتعلق بمناهج الدراسة والتحقيق في الحوزات العلمية، أنا أعتقد بضرورة إتباع المناهج الفقهية المتعارفة التقليدية والاجتهاد الجواهري، وأرى عدم جواز التخلف أو الانحراف عنها، فالاجتهاد وفق هذا المنهج صحيح، لكنه لا يعني عدم تجدد الفقه الإسلامي؛ لأن عنصري المكان والزمان هما عنصران مهمان في عملية الاجتهاد. إذ يمكن أن تتخذ مسألة معينة حكماً خاصاً في الماضي، لكنها تتخذ حكماً جديداً في الحاضر تبعاً لتغير الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في النظام الجديد، أي المعرفة الدقيقة للعلاقات والظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في النظام الجديد، تجعل ذات الموضوع الأول الذي لم يختلف حسب الظاهر عما كان عليه سابقاً يتحول إلى موضوع جديد يتطلب بالضرورة حكماً جديداً خاصا به»[18].

 

وعلى هذا الأساس، في الوقت الذي كان فيه الإمام الخميني(قدس سره) لا يرى كفاية الاجتهاد المصطلح في إدارة المجتمع، كان يعتقد أن: «المجتهد ينبغي أن يكون مطلعا على المسائل المطروحة في عصره، إذ جميع أفراد الشعب والشباب وحتى العوام لا يمكن أن يقبلوا مجتهداً لا يبدي رأيا في المسائل السياسية؛ لأن من صفات المجتهد الجامع للشرائط معرفته بالأساليب التي ينبغي إتباعها في التصدي لأنواع الحيل والتشويه الثقافي السائد في العالم، وامتلاكه لبصيرة ورؤية اقتصادية، وإطلاعه على كيفية التعامل مع النظام الاقتصادي السائد في العالم، ومعرفته بمختلف الرؤى والنظريات السياسية وحتى السياسيين ومعادلاتهم السياسية التي يتحكمون بها، وإدراكه للظروف السياسية السائدة في العالم، ومعرفة نقاط قوة وضعف النظامين الحاكمين في العالم أي الرأسمالية والاشتراكية الذين يرسمان في الواقع ستراتيجية الحكومة والسلطة على العالم. كذلك ينبغي أن يتميز المجتهد بالوعي والذكاء والفراسة التي تمكنه من هداية وقيادة المجتمع الإسلامي بل وغير الإسلامي أيضا، وإضافة إلى الإخلاص والزهد والتقوى التي تعد من الصفات الضرورية التي تليق بمكانة المجتهد وشأنه، ينبغي أن يكون مديراً ومدبراً أيضاً. إن الحكومة من وجهة نظر المجتهد الحقيقي هي: الفلسفة العملية لجميع مسائل الفقه في جميع مرافق الحياة البشرية، وتمثل الصبغة العملية للفقه في التعامل مع جميع المشاكل الاجتماعية والسياسية والعسكرية والثقافية، فالفقه يمثل النظرية الحقيقية الكاملة لإدارة الإنسان والمجتمع من المهد إلى اللحد»[19].

 

وفي النهاية يصرح سماحته: «إن علماء الدين إذا لم يتعاملوا مع جميع المسائل والمشاكل المعاصرة، لا يمكنهم أن يدركوا عدم كفاية الاجتهاد المصطلح لإدارة المجتمع. فينبغي على الحوزات العلمية وعلماء الدين أن يتحسسوا دائماً نبض الفكر السائد والاحتياجات المستقبلية للمجتمع، وأن يسبقوا دائما الأحداث بعدة خطوات حتى يتمكنوا من تهيئة الموقف المناسب للتعامل معها، إذ من الممكن في السنوات القادمة أن تتغير الأساليب الشائعة في إدارة أمور الناس فتحتاج المجتمعات البشرية لحل مشاكلها إلى مسائل جديدة في الإسلام، لذا ينبغي على علماء الإسلام العظام التفكير الجدي من الآن بهذا الموضوع»[20].

 

3- المسائل السياسية والاجتماعية

 

أما في البعد السياسي والاجتماعي، فإن شمولية الدين والفقه الإسلامي تجعل الإسلام الأصيل لا يكتفي فقط بالأبعاد العبادية والفردية للدين، فيهتم بالأبعاد الاجتماعية أيضاً، وإضافة إلى سعيه لتحقيق التوحيد الفردي يسعى أيضاً إلى إيجاد مجتمع توحيدي في مختلف أبعاد الحياة البشرية؛ لذا يطرح الإسلام الأصيل نظريات وقوانين تساهم في هداية الناس في جميع الأبعاد الاجتماعية، وبالتالي فهو يعتبر الحكومة جزء من الدين ويرى السياسة عين الدين، ويعتبر وظيفة المتدينين السعي الجاد في المجال السياسي؛ لأن تحقيق القسط والعدالة الاجتماعية يعد أهم الأهداف السياسية والاجتماعية للدين الإسلامي. وفي هذا المجال، يقول الإمام الخميني(قدس سره):

 

 

 

«في الحقيقة، إن أهم وظيفة كانت عند الأنبياء (ع) إقامة نظام اجتماعي عادل عن طريق تطبيق القوانين والأحكام التي تتلازم بالطبع مع بيان الأحكام ونشر التعاليم والعقائد الإلهية؛ كما يتضح هذا المعنى من الآية الشريفة: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[21]. إن الهدف من بعثة الأنبياء بشكل عام هو هداية الناس لتنظيم أمورهم وترتيبها من خلال إقامة العلاقات الاجتماعية العادلة والسير في طريق الصلاح، وهذا لا يتحقق إلا بإقامة الحكومة وتطبيق الأحكام المختلفة، سواء وُفِّق النبي نفسه بإقامة الحكومة كما فعل الرسول الأكرم (ص) أو وُفِّق أتباعه فيما بعد بإقامتها وإقامة نظام اجتماعي عادل»[22].

 

إن الإمام الخميني(قدس سره) يعتبر فكرة فصل الدين عن السياسة من الأفكار التي روّج لها المستعمرون الغربيون، حيث يقول سماحته حول هذا الموضوع: «لقد ألقى المستعمرون الغربيون في أذهاننا أن الإسلام ليس له حكومة ولا يمتلك مستلزمات الحكومة وتشكيلاتها، وحتى لو افترضنا وجود بعض الأحكام فيه، فهو لا يمتلك المُنفِذ لهذه الأحكام، وخلاصة القول أن الإسلام لا يقوم سوى بوظيفة سنّ القوانين وتشريعها. ومن الواضح أن هذه الحملات الدعائية تعد جزء من مخططات المستعمرين لإبعاد المسلمين عن السياسة وإقامة الحكومة... وهذا الكلام هو ما يروّجه المستعمرون وعملائهم من السياسيين في بلادنا حتى يبعدوا الدين عن التدخل في تنظيم الأمور الدنيوية وتنظيم المجتمعات الإسلامية، مما يمكنهم من التسلط على شعبنا والسيطرة على ثرواتنا، فهذا هو هدفهم. فلو اقتصر اهتمام المسلمين على الصلاة والدعاء والذكر، لما تعرض لنا المستعمرون والدول الجائرة المتحدة معهم... فأثناء فترة احتلال الانجليز للعراق، سأل أحد القادة العسكريين الانجليز: هل ما يقوله هذا المؤذن من فوق المئذنة يضر بسياسة انجلترا في العراق؟ أجابوا: كلا، فقال: إذن ليقل ما يريد. نعم، إذا لم تتدخلوا في سياسة المستعمرين ولم تعترضوا عليها، ولم تعرفوا من الإسلام سوى هذه الأحكام التي تبحثوا فيها دائما ولا تتجاوزوا حدودها أبداً، فإن المستعمرين لن يتعرضوا لكم ولن يعارضوكم»[23].

 

في الأيام الأخيرة من عمره الشريف أي في تاريخ: (3/12/1367هـ.ش)[24]، وفي بيان وجَّهَه لعلماء الدين في مختلف مدن البلاد، قال الإمام الخميني (قدس سره): عندما يأس الاستكبار من القضاء تماما على تأثير رجال الدين والحوزات العلمية، اختار أسلوبين لتوجيه ضرباته: الأول طريق التهديد والقوة، والثاني طريق المكر والحيلة والاختراق في القرن المعاصر، وبعد أن رأى فشل أسلوب التهديد والقوة عمد إلى تقوية أساليب المكر والاختراق. إن أول وأهم ما قام به الاستكبار في هذا المجال هو الترويج لشعار فصل الدين عن السياسة فشاع هذا الأمر وللأسف في أوساط الحوزة العلمية وبين رجال الدين، حتى أصبح التدخل في السياسة دون شأن الفقيه والدخول في معركة السياسيين يتبعه تهمة التبعية للأجانب، وبالطبع تأثر رجال الدين المجاهدين من هذا الاختراق أكثر من غيرهم، ولا تتصوروا أن تهمة التبعية وعدم التدين أطلقها الأجانب فقط على رجال الدين، أبداً، بل كانت الضربات التي وجهها بعض رجال الدين الجهلة والواعين التابعين لأفكار الآخرين أشد وأكثر من الأجانب والغرباء.

 

«... إن الألم والمعاناة التي تعرض له والدكم الكهل من هؤلاء المتحجرين أعظم من أي ألم ومعاناة تعرض له من الآخرين. وبعد أن شاع شعار فصل الدين عن السياسة، وتحول الفقه حسب منطق الجهلة إلى الانغماس في الأحكام الفردية والعبادية، أصبح الفقيه مضطرا لعدم الخروج عن هذه الدائرة وهذا الفكر السائد، ودفعته لعدم التدخل في السياسة والحكومة، وأصبحت حماقة رجل الدين في علاقاته مع الناس فضيلة. وقد ادعى البعض أن احترام رجل الدين ومكانته ستزداد ما دامت الحماقة تملأ وجوده من رأسه حتى أخمص قدميه، وقد كانوا يعتبرون العالم السياسي ورجل الدين الواعي النشط شخصاً غير مرغوب به، وقد كانت هذه الأمور من المسائل الشائعة في الحوزات العلمية بحيث كان كل من ينحرف عن جادة الحق يصبح بنظرهم أكثر تدينا»[25].

 

4- مناهضة الظلم والدفاع عن المحرومين

 

ومن جهة أخرى، لما كانت إقامة القسط والعدالة الاجتماعية والنظام التوحيدي العادل بجميع أبعاده المختلفة، تعد أهم هدف سياسي واجتماعي في الإسلام؛ لذا يرى أتباع الإسلام المحمدي الأصيل أنهم مكلفون دائما بحماية المظلومين والمحرومين والمستضعفين والدفاع عنهم، ومواجهة الظلمة والمستبدين والطغاة والمستكبرين بلا هوادة. إذن، في البعد الاقتصادي يكون هدف الإسلام الأصيل هو توفير سبل العيش الكريم لجميع المحرومين والمستضعفين وتهيئة الوسائل المناسبة التي تكفل لجميع فئات الشعب المختلفة الاستفادة الكاملة من جميع النعم والمواهب الإلهية؛ لذا كان أتباع الإسلام الأصيل يعارضون دائماً وبشدة المترفين والمرفهين والمسرفين الذين يتألمون لمعاناة الآخرين ويأبون الصمت أمام ألم الجائعين وتخمة الشرهين.

 

وحول هذا الموضوع، يقول الإمام الخميني(قدس سره): «نحن مكلفون بنصرة وإنقاذ المظلوم والمحروم، ومكلفون بالدفاع عن المظلومين ومعاداة الظالمين، وهو ذات التكليف الذي أوصى به أمير المؤمنين (ع) في وصيته المعروفة لولديه المعصومَين، فيقول: وكونوا للظالم خصما وللمظلوم عونا»[26].

 

«... كذلك يقول أمير المؤمنين (عليه السلام)[27]: أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ، وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى العُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِم، وَلا سَغَبِ مَظْلُوم، لألقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها، وَلأَلفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْز»[28].

 

وفيما يتعلق برجال الدين والعلماء من أتباع الإسلام الأصيل، يقول الإمام الخميني(قدس سره): «إن علماء الإسلام العظام لن يخضعوا أبدا للرأسماليين وعبدة المال، وسعوا دائماً للمحافظة على هذا الشرف العظيم. ومن الظلم الفاحش أن يتهم البعض علماء الدين العظام أتباع الإسلام المحمدي الأصيل بأنهم يتعاونون مع الرأسماليين ويضعون أيديهم معهم في إناء واحد. ولن يغفر الله تعالى لكل من يروج مثل هذه الشائعات أو يفكر على هذا النحو؛ لأن علماء الدين الملتزمين متشددون مع الرأسماليين الطفيليين ولم ولن يتصالحوا معهم. فقد كان هؤلاء العلماء يمزجون دراستهم العلمية مع الزهد والتقوى والرياضة، وبعد أن ارتقوا المقامات العلمية والمعنوية، عاشوا حياة الفقر والحرمان ونبذ زخارف الدنيا وملذاتها، ولم يخضعوا لهوان المنّة والذلة أبداً. فالمتأمل في حياة علماء السلف يرى كيف اعتادت روحهم السامية على كسب المعارف والعلوم وهم يعيشون حياة الفقر والعوز، وكيف كانوا يدرسون العلوم على نور الشمعة وشعاع القمر، وعاشوا بقناعة وشهامة»[29].

 

إن موقف أتباع الإسلام الأصيل في الدفاع عن المحرومين والمستضعفين لم يكن شعاراً أو موقفاً مرحلياً مؤقتاً؛ بل كان موقفاً أصيلاً وشعاراً دائماً التزموا به قولاً وعملاً، حتى أنهم في حياتهم الشخصية والخاصة لم يفكروا في تحقيق مصالحهم الشخصية أو الأسرية إلاّ بما تقتضيه الضرورة من رفع حاجة أو دفع ضرر.

 

ويصف الإمام الخميني(قدس سره) بعض المدافعين عن الإسلام المحمدي الأصيل الذين التزموا دائماً بالدفاع عن المحرومين ومعاداة الظالمين ولم يتوانوا للحظة في التضحية والفداء بأنفسهم في هذا الطريق، ويذكر بعض أسمائهم، فيقول: «إن الفارق الكبير بين رجال الدين وعلماء الإسلام الملتزمين، وبين المتظاهرين والمتسترين بلباس الدين، يكمن في أن علماء الإسلام المناضلين كانوا هدفاً دائماً لسهام قوى الاستكبار العالمي المسمومة، وفي كل حادثة كانوا يصوّبون أولى سهامهم لتستهدف قلوبهم، في حين كان المتظاهرون بلباس رجال الدين يعيشون دائماً في كنف وحماية عبدة الثروة وطلاب الدنيا، ويروجون للباطل ويمدحون الظلمة ويدافعون عنهم.

 

فحتى الآن لم نرَ معمماً واحداً من معممي البلاط أو رجل دين وهابي تصدى للظلم والشرك والكفر، لاسيما لروسيا المعتدية وأميركا الظالمة. كما لم نرَ عالم دين صادق يعشق خدمة الله وعباده، تخلى لحظة واحدة عن نصرة المستضعفين في الأرض، ولم يناضل بكل كيانه ضد الكفر والشرك ومن أجل تحقيق أهدافه. وهذا ما كان عليه حال السيد عارف الحسيني، فقد كان من هؤلاء العلماء الصادقين. ولا شك أن الشعوب الإسلامية أدركت تماماً لماذا يكون أمثال مطهري وبهشتي وشهداء المحراب وبقية علماء الدين الأعزاء في إيران، وأمثال الصدر والحكيم في العراق، وأمثال راغب حرب وعبد الكريم عبيد في لبنان، وأمثال عارف الحسيني في باكستان، وعلماء الدين الواعين لمعاناة الإسلام المحمدي الأصيل صلى الله عليه وآله في كافة الدول؛ هدفاً للتآمر والاغتيال؟»[30].

 

5- العبادة والأنس مع المعبود

 

في البعد العبادي في ثقافة الإسلام الأصيل، لا تكون حقيقة الدعاء من سنخ القول والكلام؛ بل من سنخ الحال، حيث تعبّر الأقوال والكلمات عن الحالة المعنوية والباطنية للداعي، كما أن حقيقة العبادة لا تتمثل بظاهر أفعال العابد وأوراده وأقواله؛ بل تعبّر عن عبودية العبد للمعبود التي تستلزم نبذ عبودية غير الله والتسليم لعبودية المعبود الحقيقي. فعبادة العابد تحكي عن عبوديته لأن العبادة الظاهرية بدون العبودية لا تعدو سوى نوعاً من الرياء والنفاق الذي يمثل عين الكفر والشرك ويخالف حقيقة التوحيد في العبادة؛ لهذا يكون الدعاء الظاهري والعبادة الظاهرية من سنخ معين، والدعاء الحقيقي والعبادة الحقيقية من سنخ آخر؛ بل يلازم أحدهما الآخر. وعلى هذا الأساس، ينبغي القول: إن عبادة العابد تمثل صورة رمزية تبيّن العبودية الخالصة لله تعالى والانقطاع عن غيره، وتقام أحيانا بصورة فردية، وكثيراً ما تقام بصورة جماعية؛ لهذا ينشغل العابد في محراب عبادته بمواجهة الطغاة والشياطين، وينازع نفسه الأمارة بالسوء حتى ينال شرف العبودية لله الواحد الأحد.

 

وعلى هذا الأساس، التابع للإسلام الأصيل لا يغفل أبداً عن وظيفته في مواجهة الطغاة بحجة عبادة الله تعالى؛ لهذا مزج عبادته بالسياسة وجعل من نبذ الطاغوت شعاراً وعنواناً لصلاته حتى يتمكن من الإقرار بإلوهية الله، ولم يكتف في حجه أيضاً بأعمال الحج فقط؛ بل لبى نداء ربه في اتباع سنّة إبراهيم الخليل (عليه السلام) في تحطيم الأصنام والبراءة من نمرود وأتباعه في كل عصر وزمان.[31]

 

وفي الوقت ذاته، المواجهة مع الطاغوت والالتزام بمبادئ الثورة والنشاطات السياسية والاجتماعية لن تكون أبداً مانعاً من الارتباط والاتصال بعالم الغيب والأنس مع المعبود؛ لأن الأصل هو نبذ الطغاة ومواجهة المستكبرين والقيام بكافة النشاطات السياسية والاجتماعية وكذلك تطبيق التوحيد الحقيقي في الحياة الفردية والاجتماعية وعبودية الحق تعالى، لذا المؤمنون بالإسلام الأصيل لا يتنصلون أبداً عن عبوديتهم وعبادتهم لخالقهم بحجة مواجهة الطاغوت والاستكبار أو القيام ببعض النشاطات الاجتماعية والسياسية وتقديم الخدمة للناس، بل كل خدمة يقدمونها للخلق إنما يقومون بها كسباً لرضا الخالق.

 

وعلى هذا الأساس، كان الإمام الخميني(قدس سره) ملتزماً بأداء النوافل والأعمال المستحبة إلى جانب أداء الصلوات الواجبة والفرائض الأخرى، فرغم انشغاله في العبادة والدعاء والتضرع لله تعالى لمدة ساعة كاملة في أوقات صلوات الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء، كان ملتزماً طيلة سبعين سنة بأداء النوافل خاصة نافلة الليل، وكان يرتبط دائماً بربّه ارتباطاً عرفانياً وثيقاً. وفي الواقع، قد خلق منه هذا الارتباط الوثيق والأنس بالمعبود شخصية عجيبة محيّرة لا تخشى أحداً غير الله، بحيث واجه بمفرده جميع الطغاة والمستكبرين، ووقف بصلابة كالجبل الشامخ بوجه جميع الأعاصير والأمواج المتلاطمة لمختلف الأحداث والصعوبات.[32]

 

 

 

6- الأخلاق والعرفان

 

أما في مجال الأخلاق، فإن كسب فضائل الأخلاق ومكارمها وتجنب رذائل الأخلاق وأهواء النفس وفسادها، تعد جميعها من المستلزمات العملية للإسلام الأصيل، كذلك التقوى العملية والسير والسلوك المعنوي والتعالي الروحي والعرفان العملي المصاحب بالعرفان النظري، تعد أيضاً من الأهداف المهمة للإسلام الأصيل؛ لذا تعبّر أخلاق الإنسان دائماً عن إيمانه وعقائده، مما يجعل الالتزام بهذه الأخلاق من لوازم هذه العقائد والاعتقادات؛ بل إن العلاقة فيما بينها تعد نوعاً من العينية والاتحاد التي تحقق هذه المعتقدات وأنواع الأيمان في قلب الإنسان وروحه؛ لكن نموذجها العيني وانعكاسها الخارجي يظهر ويبرز جلياً في الأخلاق والعبادات والأحكام العملية؛ لذا مدى الالتزام بالأصول الأخلاقية والعملية تعبّر في الواقع عن مدى الاعتقاد والإيمان القلبي للإنسان[33]، حيث يقول الله تعالى في هذا المجال: {يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[34].

 

إذن، الإسلام الأصيل لا يتلخص فقط بالشعار والادعاء فقط؛ بل يستلزم تحققه في نفس الإنسان، التزامه العملي والأخلاقي في سلوكه وعمله، إذ لا فائدة من الإيمان بدون العمل الصالح، كما أن العمل بدون الإيمان لا يحقق سعادة البشر؛ لأن الحياة الطيبة وحياة الإيمان والدين التي تعبر عن السعادة الحقيقية للبشر إنما تتحقق في ظل وجود الإيمان المرتبط بالعمل الصالح، بحيث عبر عنه القرآن الكريم في قوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[35].

 

إن الإمام الخميني(قدس سره) وطيلة مراحل حياته من شبابه حتى آخر لحظات عمره الشريف كان معلماً للأخلاق ومهذباً للقلوب، كما قام بتهذيب نفسه وتربيتها حتى بلغ بها أعلى درجات التقوى، وهذا ما شهد له به العدو قبل الصديق، فحتى مخالفيه لم ينكروا أبداً فضائل ومكارم أخلاقه وتقواه العالية.[36]

 

كذلك في البعد المعرفي والديني لم يكن الإسلام الأصيل محدوداً بظواهر الدين؛ بل إن لبّ الدين وأساسه يكمن في باطنه وأسراره الخفية؛ ولهذا كان للكتاب والسنة ظاهراً وباطناً أيضاً، فبالإضافة إلى عين حجية الظواهر فيهما، فإن أساس ولبّ الكتاب والسنة يكمن في باطنهما وأسرارهما الخفية، كما أن هدف نزول كتاب الله هو معرفة الحق والسير والسلوك إلى الله والتقرب إلى الحق تعالى والوصول إلى الحياة المعنوية. وعلى هذا الأساس، لا يقتصر الإسلام الأصيل في البعد المعرفي على العقائد الظاهرية؛ بل إن الارتباط بعالم الغيب والمعرفة القلبية والحضورية لله تعالى إضافة إلى المعرفة العقلية والفلسفية به، تعد جميعها من أهداف الإسلام الأصيل، كذلك الكشف والشهود والمكاشفة والإلهام الغيبي والسير والسلوك المعنوي تعد أيضا جزءً مهماً من الإسلام الأصيل. وبالطبع، العرفان في الإسلام الأصيل يختلف عن عرفان المتصوفة من جهات عدة، منها:

 

أولا: إن العارف في الإسلام الأصيل يلتزم تماماً بظواهر الشرع، ولا يتذرع أبداً بمسائل السير والسلوك والوصول إلى الحق للتنصل من التعبد بالظواهر الشرعية والعبادات.

 

ثانيا: خلافاً لما هو متعارف بين المتصوفة يبتعد العارف في الإسلام الأصيل عن تقاليد المتصوفة ورسومهم وأعرافهم من التردد على الخانقاه[37] أو العيش في حالة شديدة من شضف العيش والزهد.

 

ثالثا: لا يهتم كثيراً بعلاقة المريد والمراد أو التسليم للرئيس والشيخ، وبدلا عن ذلك يلجأ للتمسك بأولياء الله تعالى وبالمعصومين(ع) والتوسل بهم والاعتقاد بشفاعتهم.

 

رابعا: لا يتخلى عن الاهتمام بالحياة السياسية والاجتماعية خلافاً لما يراه المتصوفة.

 

ورغم أن الإمام الخميني(قدس سره) قد سبق الآخرين في هذا المجال، وبلغ القمة في العرفان النظري والعرفان العملي إلى درجة ينبغي فيها على كبار علماء العرفان والحكمة شرح وبيان مؤلفاته العلمية والعملية التي كتبها في مرحلة شبابه[38]. ولأن الإمام لم يكن يدرِّس العرفان ولم يكن له تلميذ خاص في هذا المجال، لذا في الواقع، لم يكن هذا البعد في شخصيته العلمية والعملية واضحاً للعيان؛ لكن مؤلفاته العرفانية التي ألّف أغلبها في مرحلة شبابه كانت تعبّر بوضوح عن تبحره في العرفان النظري والعملي[39]. وإضافة إلى مؤلفاته العرفانية، كانت الكثير من بياناته ورسائله وخطبه التي كتبها وألقاها حتى آخر لحظات عمره الشريف مملوءة بنقاط عرفانية أصيلة، وهذه المؤلفات ستروي عطش المولهين بالعرفان والمعرفة إلى الأبد.

 

 

 

النتيجة:

 

وخلاصة ما جاء في البحث، نقول لإحياء الإسلام الأصيل ينبغي الالتزام بالنقاط التالية:

 

1- ينبغي الفصل من جهة المفهوم الماهوي بين الإسلام الأصيل والإسلام الأمريكي والتمييز بينهما.

 

2- ينبغي تعيين الحدود الفاصلة بين الإسلام الأصيل والإسلام الأمريكي.

 

3- ينبغي تعيين حدود الإسلام الأصيل وأبعاده، وملاحظة جميع هذه الأبعاد بنظرة شاملة وجامعة.

 

4- ينبغي التعريف بمؤلفات الإمام الخميني(قدس سره) وأفكاره العلمية وسيرته العملية إلى المجتمعات البشرية المعاصرة باعتباره أماماً وقائداً للإسلام الأصيل.

 

 

 

ـــــــــــــــــ

 

[1] البنيان المرصوص؛ الإمام الخميني(قدس سره) في البيان والبنان، آية الله الشيخ جوادي آملي، ص 200، قم، مركز انتشارات إسراء، الطبعة الأولى، 1375هـ.ش. وكان تعبير المؤلف بهذا الشكل: في كل ألف سنة يظهر فقيه مثل الإمام الراحل (قدس سره).

 

 [2] بيان المرحوم حجة الإسلام السيد أحمد الخميني بمناسبة وفاة الإمام الخميني(قدس سره)، الذي تم بثه من تلفزيون الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الرابع عشر من خرداد (الشهر الثالث) سنة: 1368هـ.ش.

 

 [3] صحيفة النور، ج: 21، ص8، مؤسسة الوثائق الثقافية للثورة الإسلامية بالتعاون مع انتشارات سروش، الطبعة الأولى، 1369هـ.ش.

 

 [4] نفس المصدر

 

 [5] نفس المصدر، ص 53، بيان بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس قوات تعبئة المستضعفين بتاريخ: 2/9/1367.

 

 [6] نفس المصدر، ص 113، في حكم تعيين رئيس مؤسسة التبليغ الإسلامي بتاريخ: 14/1/1368

 

 [7] نفس المصدر، ص: 59، بيان إلى مؤتمر المسؤولين والأعضاء في الشورى المركزية لجهاد البناء بتاريخ: 14/9/1367.

 

 [8] نفس المصدر، ص: 69، بيان إلى غورباتشوف رئيس الاتحاد السوفيتي السابق بتاريخ: 11/10/1367.

 

 [9] نفس المصدر، ص: 74، رسالة إلى السيد حميد روحاني حول تدوين تاريخ الثورة الإسلامية بتاريخ: 25/10/1367.

 

 [10] نفس المصدر، ص: 30، بيان في تجليل الفنانين الملتزمين، بتاريخ: 30/6/1367.

 

 [11] نفس المصدر، ص: 91، بيان إلى المراجع وأئمة الجمعة ورجال الدين في مختلف مدن البلاد بتاريخ: 3/12/1367.

 

 [12] نفس المصدر، ص: 92.

 

 [13] نفس المصدر، ص: 68.

 

 [14] لقد وقّع هذا الشخص في ذيل بيانه اسم «الأحقر آل إسحاق» حيث توجد نسخة من هذا البيان عندي الآن.

 

 [15] {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} ، (النحل: 97)

 

 [16] نفس المصدر، ج: 20، ص 82، 86 و 109.

 

 [17] نفس المصدر، ج: 21، ص: 130، تاريخ: 17/2/1368.

 

 [18] نفس المصدر، ص: 98.

 

 [19] نفس المصدر.

 

 [20] نفس المصدر، ص: 100.

 

 [21] سورة الحديد، الآية: 25.

 

 [22] ولاية الفقيه، ص: 59، طهران، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني(قدس سره)، الطبعة السابعة، صيف: 1377.

 

 [23] نفس المصدر، ص: 14- 16، بشيء من الاختصار.

 

 [24] 22/2/1989م.

 

 [25] صحيفة النور، ج: 21، ص: 91 بشيء من الاختصار.

 

 [26] نهج البلاغة، الرسالة: 47، ص: 321، مؤسسة نشر وتعليم الثورة الإسلامية، الطبعة الأولى، 1368.

 

 [27] نفس المصدر، الخطبة: 3، ص: 11.

 

 [28] ولاية الفقيه، ص: 28و29 بشيء من الاختصار.

 

 [29] صحيفة النور، ج: 21، ص: 90.

 

 [30] نفس المصدر، ص 7و8، بيان الإمام الخميني(قدس سره) بمناسبة أربعينية استشهاد العلامة السيد عارف الحسيني في تاريخ: 14/6/1368.

 

 [31] السيرة العملية للإمام ومؤلفاته مثل كتاب آداب الصلاة وكتاب سر الصلاة وبياناته في أيام الحج، تعد أهم المصادر التي يمكن الرجوع إليها في هذا الشأن.

 

 [32] ينبغي حول هذا الموضوع الرجوع إلى الكتب التي تبحث في السيرة العملية للإمام الراحل، ومن هذه الكتب كتاب (پا به ‏پاي آفتاب) في أربعة أجزاء تأليف أمير رضا ستودة، وقد تم طبعه في طهران في ربيع سنة 1373هـ.ش.

 

 [33] القرآن في الإسلام، العلامة الطباطبائي، ص: 10و11، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1376.

 

 [34] فاطر: 10.

 

 [35] النحل: 95.

 

 [36] راجع: پا به ‏پاي آفتاب، وكتاب (الأربعون حديثاً) وجنود العقل والجهل، من تأليفات الإمام الخميني(قدس سره).

 

 [37] هو المكان الذي يتخذه المتصوفة للعبادة فقط.

 

 [38] على سبيل المثال شرح سماحة آية الله الشيخ جوادي آملي لغورباتشوف بيان الإمام الخميني، كما شرح كتاب مصباح الهداية، حيث تم بث جزء من شرحه لكتاب مصباح الهداية عن طريق الإذاعة والتلفزيون.

 

 [39] ومن هذه المؤلفات: شرح دعاء السحر، سر الصلاة، آداب الصلاة، ومصباح الهداية.

 

المصدر: تبيان.