نداء الإمام الخميني بمناسبة مجزرة السابع عشر من شهريور، عام: 1357 (الجمعة السوداء)

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم‏

 أيّها الشعب الإيراني الشجاع والشريف:

 أثبت الشاه مرّة أخرى بإعلانه الأحكام العرفية في طهران والمدن الإيرانية الكبرى أنّ حكومته لا تحظى بأية شعبية، فإعلان الأحكام العرفية ليس له مسوّغ قانوني، بل هو جريمة، ومن أصدر الأمر بذلك مجرم خاصة وأن المظاهرات كانت تجري في هدوء تامّ باعتراف الإذاعة والتلفزيون الإيراني. لم ير الشاه طريقاً أفضل لقتل الناس العزل المظلومين من إصدار الأحكام العرفية.

لقد شهدت طهران وسائر المدن الإيرانية المهمة الأخرى في المدّة الأخيرة مسيرات هادئة أرادت الكشف عن ظلامة الشعب ومخالفته لمجرم يتحكّم به 35 عاماً، ولا يحتاج إثباتُ جرائمه وجناياته للبلاد وخرقه للدستور إلى دليل.

 لقد كان الإعراب عن المخالفة للمجرم الذي عرّض كيان الشعب للفناء من قبل أناس بلغوا مرحلة كمال الوعي السياسي والديني، فقاموا بنشر الورود على الجيش، لكن حكومة الوفاق الوطني قد أدانتهم بحجّة رفع شعارات مخالفة للدستور في حين أن شعاراتهم كانت رفضاً لمن يقوم بخرق الدستور، أي: الشاه.

 لقد كانت الشعارات على نظام غير شرعي مفروض فرضاً، كانت إعلان ظلامة، والشاه يريد أن ينتقم من هذا الشعب الأعزل، ويطلق عليهم نيران الرشاشات بحجج واهية، ويخنق أصوات الناس في حناجرهم حتّى بعد فوات الأوان، فالشعب الإيراني الواعي والمظلوم أدرك الحقائق. ليست لديّ معلومات دقيقة عن حجم الخسائر في الأرواح سواء القتلى أو الجرحى في أنحاء إيران، لكنّ وكالات الأنباء أعلنت وقوع مئات القتلى في صفوف الناس، وهناك أخبار وردت من إيران تؤكّد قتل أكثر من ألف نسمة.

 على الشعب الإيراني الشجاع في هذا الوقت أن يسرع بأي نحو ممكن إلى إيصال الدم والأدوية والطعام إلى هؤلاء الجرحى الذين لا يُحصَون، وألّا يضنّ بمساعدة مالية لأجل ذلك. إن وجه إيران اليوم ملوّن بلون الدم، وتظهر البطولة والعمل والنشاط في كلّ مكان، وطريق أمير المؤمنين وسيَّد الشهداء هكذا، وليت الخمينيَّ رُزِقَ الوقوف إلى جانبكم في جبهة الدفاع، ليقتل في سبيل الله- تعالى. أيّها الشعب الإيراني! تأكدوا أنّ النصر حليفكم آجلًا أم عاجلا.

 لقد أراد الشاه إشراك علماء الدين الشرفاء ورجال السياسة المحترمين في مجزرته من خلال حكومة الوفاق الوطني، لكن خديعته هذه انكشفت بسرعة (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً)[2]. على العالم أن يعرف أنّ هذا هو الانفتاح السياسي في إيران وهذه حكومة الشاه الديمقراطية، وهذا جزاء العمل بالدين الإسلامي حسب منطق الشاه وحكومته. وهم يقومون اليوم بسجن الناس ونفيهم بحجج واهية، يجب أن يسحق العلماء والمثقفون تحت وطأة أقدام جلاوزة الشاه لكي لا يفكر أحد بعدها في الحرية.

 أيّها الشعب الإيراني المحترم! إنكم قررتم الخلاص من شرّ نظام الشاه، وقد أكدتم في الاستفتاء العام الذي جرى في الثالث والرابع[3] من شهر شوّال في حضور محللين سياسيين من جميع أنحاء العالم أن نظام الشاه ليس له مكان في العالم، وقد انعكس ذلك في الصحف الأجنبية. فاطمئنوا أن أية قدرة لا تستطيع مواجهتكم وأنتم في حالة الثورة والوعي هذه.

 أيها الجيش الوطنيّ الإيراني! لقد رأيتم أن الشعب يُحبّكم، وينثر الورود في وجهكم، وتعرفون جيّداً أن هؤلاء الناهبين قد جعلوكم وسيلة لقتل إخوانكم للاستمرار في ظلمهم، فالتحقوا بصفوف إخوانكم الذين تركوا الشاه، وانضموا إلى صفوف الشعب، ليهاجموا الأعداء. انهضوا ولا تقبلوا موت شعبكم، ولا ترضوا بقتل إخوانكم وأخواتكم، سجّلوا بطولاتكم في التاريخ الذي يسير بشكل موافق لطموحات الشعب الإيراني بأسرع ما يمكن، واستأصلوا جذور الخيانة والظلم.

 يا علماء الإسلام العظام وأيّها السياسيون الكبار الذين لا تخيفكم ضغوط الشاه، إنكم رمز الثقة بالنفس والقدرة الروحية لهذا الشعب، ليس عليكم اليوم الاستقامة والمقاومة فحسب، بل عليكم أن تعززوا المعنويات العالية الداعية إلى المقاومة في المجتمع، وأن توحّدوا صفوفكم أكثر لمواجهة عدوّ الشعب الإيراني.

 أرجو من الله تعالى نصرة الإسلام والمسلمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 روح الله الموسوي الخميني‏

 ــــــــــــــــــ

التاريخ: 18 شهريور 1357هـ ش/ 6 شوال 1398هـ ق‏

 المكان: النجف الأشرف‏

 المناسبة: مجزرة 17 من شهريور الوحشية (الجمعة السوداء)

 المخاطب: الشعب الإيراني‏

 المصدر: صحيفة الإمام، ج‏3، ص: 391


يوم السابع عشر من شهريور عام 1357هـ ش. (أيلول 1978) والمشهور بالجمعة السوداء يعد واحداً من أيام التضحية والجهاد في تاريخ الثورة الإسلامية. وتفصيل الحادثة: فبعد المظاهرات الحاشدة المنقطعة النظير في يوم 13 شهريور (4/9/1978) بعد صلاة عيد الفطر في طهران, خرجت مظاهرات مشابهة في يوم 16 شهريور ( 7 سبتمبر) في طهران وتقرر أن تقام مظاهرات أخرى في صباح اليوم التالي (صباح الجمعة) في ميدان جاله (ميدان الشهداء) في طهران. وتحركت الجماهير صباح يوم الجمعة نحو هذا الميدان ووصل عدد المجتمعين إلى مائة ألف شخص وذلك في حدود السادسة صباحاً. حاصرت قوات الشاه الميدان المذكور من جميع الجهات ووجهوا فوهات البنادق نحو الجماهير ـ وفي هذه الساعة بالذات أعلن في الراديو بشكل مفاجئ عن قيام الأحكام العرفية في طهران وعشرات المدن الأخرى ـ وفتحت قوات النظام النار ضد الناس واستشهد في هذا اليوم المئات من المواطنين إضافة إلى مئات الجرحى.

 [2]  النساء: الآية: 76.

 [3]  الموافق ليومي الأربعاء الخامس عشر والخميس السادس عشر من شهر شهريور عام: 1357 هـ ق.

تاریخ اول نشر في: 07-09-2011