الحكومات في البلاد الإسلامية السبب في مشاكل المسلمين الأساسية

 

التاريخ 25 آذر 1360 ه- ش/ 19 صفر 1402 ه- ق‏

 

المكان: طهران جماران‏

 

الحضور: القادة ومدراء التوجيه السياسي العقدي، خريجو كلية ضباط الدرك مجلس توحيد الفيضية والجامعة السيد الموسوي التبريزي (النائب العالم للثورة) العناصر القضائية للنيابة العامة للثورة موظفو إدارة الإرشاد وتعيين العاملين المسئولون وطلاب معهد التمريض التابع للقوة الجوية المقاتلون المتوجهون نحو جبهات القتال‏

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم‏

 

عتاب الحكومات في البلاد الإسلامية

 

إن اجتماع الفئات المختلفة من العسكريين والمدنيين ورجال الدين والطلبة وسائر الشرائح في مكان واحد وعملهم بهدف واحد من بركات الإسلام والثورة الإسلامية. كيف كان يمكنكم أيها السادة أن تجتمعوا في مكان واحد في النظام السابق الذي كان مولعاً بالفصل بين رجال الدين والجامعة وبين العسكري والمدني وكان يجعل كل فئة في مواجهة الفئة الأخرى من خلال إيجاد الفتنة أو الإعلام وكيف كان يمكنكم أن تقوموا بالنشاطات لأجل هدف واحد خاصة إذا كان ذلك الهدف النهوض بالإسلام والثورة الإسلامية وتعزيز الجمهورية الإسلامية يجب علينا ألا نعاتب أمريكا كثيراً وإن كانت هي أم الفساد. لكن عتابنا وصراخنا يجب أن يرتفع على هذه البلاد الإسلامية وحكوماتها. لقد دعا الإسلام إلى وحدة الصف كثيراً وطبق ذلك عملياً حيث أن هناك أياماً تسبب تعزيز الوحدة مثل عاشوراء وأربعينية الإمام الحسين. ويصر القرآن على عدم تفرق الناس والمسلمين وأن يكونوا يداً واحدة معتصمين بجبل الله[1]. يجب على أمريكا حسب طروحاتها القائمة على إيجاد الخلاف بين المسلمين أن تستغل ذلك وأن تنهب جميع ما يملكه المسلمون وجميع ثراوتهم وأن تصنع من المسلمين أناساً مستهلكين إنهم يعملون ذلك لمقاصدهم الدنيئة، ولا نتوقع منهم غير ذلك، لكننا نشتكي من المسلمين أي من زعماء المسلمين ويجب أن نرفع صراخنا بسببهم حيث يسمون أنفسهم بحماة المسلمين ويعملون خلافاً لنص القرآن الكريم وسنة رسول الله الأعظم وضد مصالح البلاد التي يسيطرون عليها إن مشكلة المسلمين تكمن في هذه الحكومات القائمة والخلافات التي تظهر بأيدي هؤلاء أنفسهم. فلولا المشروع الأمريكي وهذا المشروع الأمريكي الثاني على يد فهد[2] والمشاريع الأخرى التي ستظهر لما كانت إسرائيل لتسمح لنفسها بضم مرتفعات الجولان إلى أراضيها. إن هذه المشاريع قد سببت الخلافات وفتحت الطريق أمام إسرائيل ولا تظنوا أن الموضوع ينحصر في مرتفعات الجولان فحسب بل إنه يتعداه إلى أمور أخري ولا يظنّن أحد أن هذه المؤسسات والأجهزة التي تم تأسيسها من قبيل المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان وإذ أمثالها تهدف إلى عمل شي‏ءٍ لمصالح الشعوب. ولا تظنوا أبداً أن معارضة هذه المؤسسات ستؤثر على جرائم إسرائيل وأمثال إسرائيل. لقد عارضت أمريكا ضمّ هذه الأراضي أيضاً ولكن هل يوجد هناك إنسان عاقل يجهل أن إسرائيل لا تقدم على هذه. الأعمال إلّا بالحصول على موافقة أمريكا والتفاهم معها. إن المشكلة تكمن في لامبالاة الحكومات التي تضحي بمصالحها وبثرواتها لتكسب في المقابل الذل لها ولشعوبها. إن مشكله المسلمين والإسلام تكمن في لامبالاة بعض الحكام وخيانة البعض الآخر منهم.

 

دعوة الشعوب إلى الثورة ضد إسرائيل‏

 

إذا كانت الشعوب جالسة تنتظر من الحكومات أن تمنع إسرائيل وتمنع القوى الأخرى التي تريد إذلالها ونهب الثروات فإن هذا توقع في غير محله. انظروا كيف سببوا الخلافات بين العرب أنفسهم بهذه المشاريع كما يريدون إيجاد الخلاف داخل حكومتنا الإسلامية ببعض الدعايات القائلة بشراء الأسلحة من إسرائيل ونسبة الإرهاب إليها ونسبة ما يجري في البحرين إليها. إن هذه تخطيطات ضد المسلمين ويفتحون طريق الخلافات كل يوم ويزيدون من هوة الخلافات بين الحكومات وبدأوا بعملهم للحصول على النتائج التي يريدونها.

 

إن قضية انضمام مرتفعات الجولان إلى أراضي إسرائيل الغاصبة هي بداية الطريق وإن إسرائيل لن تعبأ بالمنظمات الدولية العميلة لأمريكا وذلك بدعم أمريكي فلتعارض هذه المنظمات ما شاءت فإن إسرائيل تقوم بأعمالها.

 

على المسلمين ألا يتقاعسوا عن العمل لكي تعمل الحكومات لهم شيئاً. أو تنقذ الإسلام من الصهيونية. يجب ألا يجلسوا على أمل قيام المنظمات الدولية بعمل لهم. على الشعوب أن تثور ضد إسرائيل عليها أن تثور وتجبر حكوماتها على الوقوف في وجه إسرائيل وألا تكتفي بشجبها وإدانتها. حتى أولئك الذين تربطهم علاقات الأخوة بإسرائيل يقومون بإدانتها ولكنها إدانة تبدو جادّة ولكنها في الواقع نوع من المزاح. إذا كان المسلمون جالسين ينتظرون مساعدة أمريكا أو عملائها لهم فإن هذه القافلة لن تبلغ غايتها إلى الأبد.

 

إن إحدى المناسبات التي تم اختيارها منذ سنوات طويلة لوحدة المسلمين هي مناسبة الأعياد مثل مولد الرسول الأكرم وسائر المواليد وسائر أيام الله التي يجب احترامها والاجتماع فيها في محافل تودي إلى تعزيز وحدتهم.

 

صوت النفاق من مهبط الوحي‏

 

ففي قضية مولد الرسول سلام الله عليه- الذي دعا بعض علماء إيران أي السيد المنتظري[3] إلى جعل الثاني عشر حتى السابع عشر من ربيع الأول مناسبة احتفال للمسلمين حتى تؤدي إلى وحدة المسلمين نجد مرة أخري أحد رجال الدين من الغافلين عن قضايا الإسلام والتابعين للآخرين يرفع صوته بأن هذا شرك. وبأن احترام النبي شرك وكذلك الاحتفال به إنه يقوم بالتنديد بإيران وإن هدفه معروف. إنه رجل الدين التابع للبلاط ويريد تنفيذ أهدافهم يقف ضد المسلمين ويعلن بأن احترام رسول الله شرك إن رجل الدين هذا لا يعرف معني الشرك. فإذا كان احترام رسول الله شركاً فإن رسول الله هو أول مشرك وإن الله تبارك وتعالي أول مشرك إذ احترم الرسول بحيث أن اسمه يذكر في جميع الصلوات ولو لم يذكر في بعض مواضع الصلاة لبطلت الصلاة. إذا كان احترام الرسول بعد استشهاده أو وفاته صلي الله عليه وآله- حسب رأي هذا العالم ورفاقه الجهلاء التابعين للبلاط شركاً فإن جميع المسلمين الذين يصلون بعد وفاة الرسول الأكرم ويسلمون عليه في صلواتهم وكذلك هذا العالم نفسه إذا كان يصلي لكانوا مشركين جميعاً. ليس ذلك إلا لأن بعض هؤلاء المعممين الذين دسّوا أنفسهم باسم المفتي لبعض بلاد المسلمين لإيجاد الخلافات. إن صوت الوحدة يرتفع من إيران ولكن صوت الخلاف يرتفع من الحجاز. إن عالم دين يرفع صوت النفاق من مهبط الوحي الذي دعا منه رسول الله الناس إلى الاعتصام بحبل الله ويصرخ للنفاق وإن إيران التي يعتبرها هذا العالم مشركة فإن نداء الوحدة يرتفع منها. هل إن الاحتفال برسول الله شرك؟ ألا يعلم ما هو الشرك؟ أم أنه يدري ذلك ولكنه يريد إيجاد الفتنه بين المسلمين؟ إن شكوانا من علماء البلاط الفاسدين، ومن الحكومات التي تقبل هؤلاء العلماء كعملاء لها. إن أمريكا يجب أن تقوم بتلك الأعمال لأهدافها ويجب عليها أن تخلق الفتنة لمقاصدها ولكن لماذا هؤلاء العلماء ولماذا هذه الحكومات؟ انتم تملكون سلاح البترول فإذا ما أوقفتم تدفق النفط يوماً واحداً على الغرب والشرق لتمكنتم من تركيعهما إنكم تقدمون أسعار البترول هدية لأمريكا وسائر القوى الكبرى وتذللون أنفسكم إن هذا هو الضربة ضد المسلمين والإسلام. إنهم يوجهون كل تهمه إلى الإسلام وإلى إيران التي تخالف إسرائيل منذ بداية هذه النهضة وأحد أسباب مخالفة هذه النهضة مع الشاه كانت تعود إلى أنه لماذا كان يساند إسرائيل. ولكن هذه الأبواق التي ينفخ فيها أتباع أمريكا تتهم إيران بشراء الأسلحة من إسرائيل وإن بعض المطرودين من إيران يؤكدون هذا الأمر.

 

الحكومات الإسلامية أساس مشاكل المسلمين‏

 

إن مصيبة المسلمين هي أنهم رغم امتلاكهم لهذه الثروات الهائلة والأراضي الشاسعة وعدد مليار نسمة تقريباً- يجب عليهم أن يطيعوا القوى الكبرى بسبب انحراف أقلية تحكمهم اليوم بعد أن تحررت إيران من قيود الأسر ووجهت ضربة قوية إلى أمريكا وسائر القوى وقامت بطردها من البلاد وانسجم أفراد الشعب من رجال الدين والجامعيين وأفراد الجيش والدرك ولن يسمحوا بتدخل القوى الأخرى في شؤون البلاد إن كل هذا لن يستسيغه ذلك العالم العميل لأمريكا والتابع لها كما لن تستسيغه الحكومات العميلة فهي تحاول بكل جدية للقضاء على هذا الانسجام والقضاء على وحدة الصف هذه إن إيران بكل ما لديها من القوة وما ستكسبه من القوة لاحقاً إن شاء الله لن تفكر أبداً في الاعتداء على شعب آخر أو بلد آخر مهما كان ضعيفاً بل هي تساندهم إن لديها قدرة سوف تستخدمها لدعم سائر المسلمين إن صدام قد انخدع إذ يستخدم قدراته للقضاء على الإسلام وعلى الثورة الإسلامية واليوم عندما وجد نفسه على حافة الهلاك يحاول بكل وسيلة أن يستمد من البلاد التي تشاطره الرأي أن تنقذه من هذه الورطة ولن تستطيع ذلك.

 

تجلي النور الإلهي في هذا البلد

 

أخوتي أيها الإخوة في الجيش أيها الأخوة العسكريون أيها الأخوة في الحرس أيها الأخوة من رجال الدين أيها الأخوة الجامعيون أيها الأخوة المزارعون والصناعيون وسائر الشرائح، قدّروا هذا الانسجام الذي لديكم لقد تجلي الإسلام في بلادكم وتجلي النور الإلهي في بلادكم قدرّوا هذا التجلي الإلهي. واصلوا نشاطاتكم قدر الإمكان ووسعوها، وسعوا نشاطاتكم على أفراد الجيش والحرس والتعبئة (البسيج) وسائر القوات المسلحة وسائر القوات الشعبية في الجبهات وأينما كانوا أن يواصلوا نشاطاتهم ويوسعوها وأن يقطعوا أيدي هؤلاء المجرمين من بلادهم وألا يسمحوا لهم باستعادة قواهم وأن يمنعوا القوى الأخرى من إمدادهم بالمساعدات وألا يفسحوا لهم المجال. على الإخوة خلف الجبهات أن يهتموا بالعمل والتوجه إلى الجبهات بشكل طوعي وأن يحلوا هذه القضية بسرعة. إن نشاط الشباب رغم حجمه الكبير إلّا أنه يحتاج إلى التوسع أكثر وإلى التحسين أكثر من ذي قبل وأن يعدوا أنفسهم للوقوف في وجه هذه القوى الكبرى. قدروا هذه النعمة الإلهية التي ألّفت بين قلوبكم وهي من النعم الكبرى التي منّ الله تبارك وتعالي على المسلمين وأشار إليها في القرآن منّة على المسلمين (إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم)[4] إنها من النعم الإلهية الكبرى إذ أن جمعاً من الناس من فئات مختلفة كانت مختلفة مع بعضها البعض سابقاً ولم يكن يربطها رابط في السابق اجتمعت اليوم وتردد هتافاً واحداً وصوتاً واحداً وكلها تريد الإسلام واستقلال بلادها. كما تريد التحرر من جميع قيود القوى الكبرى وقد حققت ذلك بحمد الله. صونوا هذه النعمة الكبيرة وإذا شعرتم بنقص في أمر من أمور الحرب لضعف أدائنا عليكم بسد هذا النقص.

 

لابد من تعظيم هذه الأيام العظيمة من أربعينية الإمام الحسين وعاشوراء وأمثالهما وعظّموا أيام استشهاد أحبابنا مثل يوم استشهاد الشهيد مفتح[5] ومن كانوا في خدمة الإسلام فقتلهم أعداء الإسلام إنكم قدمتم الشهداء لنيل الاستقلال وعليكم أن تصونوا هذا الاستقلال والحرية بأي شكل ممكن وأن تساعدوا جميعاً الجبهات حتى تزول هذه المشكلة إن شاء الله وتبدأ الحكومة بإعادة الإعمار حفظكم الله جميعاً وأيدكم وزاد هذا الانسجام والوحدة وألفّ بين جميع شرائح الشعب في جميع أرجاء البلاد وآمل أن يهدي هؤلاء الشباب المنخدعين ليعودوا إلى أحضان الإسلام وأن يكفوا عن هذا الانخداع.

 

و السلام عليكم ورحمة الله‏

 

                                                          صحيفة الإمام، ج‏15، ص: 377 ـ 381

 

 ـــــــــــــــ

 

[1] آل عمران 103( و اعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا).

 

[2] العاهل السعودي.

 

[3] السيد حسين على منتظري أصدر بياناً واعتبر الثاني عشر من ربيع الأول وحتى السابع عشر منه« أسبوع الوحدة» بين المسلمين من الشيعة والسنة.

 

[4] إشارة إلى الآية 103 من سورة آل عمران.

 

[5] الشهيد محمد مفتح من دعاةالوحدة بين الحوزة والجامعة استشهد بتاريخ آذر 58 ه- ش.