المكان: النجف الأشرف‏

 

المصدر: صحيفة الإمام، ج‏2، ص: 262 

 

المناسبة: استشهاد آية الله السيد محمد رضا سعيدي‏

 

الموضوع: تزايد تعداد المستثمرين الأمريكان في إيران‏

 

المخاطب: الفضلاء وطلبة العلوم الدينية في الحوزات‏

 

التاريخ 20 تير 1349 ﻫ. ش/ 7 جمادى الأولى 1390 ﻫ.ق[1]

 

بسمه تعالى‏

 

حضرات الأفاضل وطلبة الحوزات العلمية ـ أيّدهم اللّه تعالى.

 

الحوادث الأخيرة التي شهدتها إيران والتي توّجت بالقتل الفجيع للمرحوم السيد سعيدي، تثير فينا بالغ الأسى. إن المرحوم سعيدي ليس الوحيد الذي فقد الحياة في غياهب السجون نتيجة هذا الوضع، فما أكثر الأبرياء والمظلومين الذين يتعرضون في غياهب السجون إلى أشد أنواع الضرب المبرح وأقذع الشتائم وأبشع صور التعذيب والتعامل الوحشي لمجرد قولهم الحق.

 

إن اندفاع أصحاب الرساميل الشرقيين والغربيين صوب الأرض النهيبة إيران لغرض أسر الشعب الإيراني المظلوم، وأن هذه المائدة المشاع التي كانت لآماد طويلة مجتمعاً لليساريين واليمينيين والتي قسّمت بشكل علني فاضح أحياناً، أضحت اليوم أيضاً هدفاً يخطط لتقسيمه بمسميات أخرى وبمنتهى المكر والتضليل للرأي العام.

 

فمن جهة اندفع الخبراء اليساريون الساعون إلى أسر الشرق والشعوب الإسلامية نحو إيران وتحت غطاء تأسيس مصانع الحديد والصلب[2] (والتي يراد منها تحقيق منافع الاستعمار ونيل الحظوة لدى النظام الحاكم أكثر مما يراد منها تحقيق النفع للشعب). ومن جهة أخرى اندفع الخبراء وأصحاب الرساميل الأمريكان الكبار تحت غطاء (أضخم توظيف لرؤوس الأموال الأجنبية في إيران)[3] لأسر وتقييد الشعب المظلوم، وإلا فما الذي يدعو أصحاب الرساميل الذين تقدر اللحظة الواحدة من أوقاتهم- على ما تذكر بعض الصحف- بعشرات الآلاف من الدولارات، للاجتماع في طهران؟ هل اجتمعوا بدافع العطف والإنسانية؟ وهل أولئك الذين مرغوا الدنيا بالتراب والدماء وقتلوا عشرات الآلاف من البشر لمحض شهواتهم أصبحوا اليوم أصدقاء مقربين لنا؟ أم إن الذي دفعهم لذلك هو عظمة إيران وعظمة الشاه؟ أم أن سبب هذه المصائب- والجميع يعلم- هو تحقيق المنافع السياسية والاقتصادية العظيمة التي تُعدُّ إيران محطة حصادها الأولى‏ ثم تليها البلدان الإسلامية الأخرى وسائر بلدان الشرق؟ هذا من جهة. والهزيمة النفسية التي يعانى منها النظام الوضيع في إيران أمام الاستعمار الشرقي والغربي من جهة أخرى.

 

لن يخلّف استمرار وجود النظام سوى الفقر والفاقة للشعب. ليعلم الشعب الإيراني بان اللّه تعالى إذا أمهل هذا النظام المهزوم نفسياً أمام الأجانب والمتجبر على الشعب، فلن يكون ما حصل آخر المزايدات العلنية على ثروات هذه البلاد الرابضة على الكنوز.

 

إن على الشعب أن يتوقع أسوأ من هذا، إذا كان هناك أسوأ. فسوف تفوّض أمور الزراعة والصناعة والتعدين ومصادر الغابات، وحتى أمور توزيع البضائع على طول البلاد وعرضها والسياحة، إلى أصحاب الرساميل أولئك، ولن يبقى حينها للشعب الإيراني سوى الفقر والفاقة وسوى العمل في الحمل والنقل والسخرة لدى أولئك المتمولين.

 

على الجميع إيصال صوت معارضة الشعب للاتفاقيات الاستعمارية إلى العالم أجمع: إنكم لا تعلمون شيئاً عن طبيعة المخططات التي أُعدّت لهذه البلدان، وقد نوهت للشعب مراراً عن خطر دويلة إسرائيل وعملائها وألمحت إلى وجوب المقاومة السلبية. والامتناع عن التعامل معهم، فقد فتحوا اليوم الطريق نحو وقوع مصيبة اشدّ، وسوف يجعلون الشعب أسيراً لدى أصحاب الرساميل.

 

لذا فعلى جميع الفئات الإعلان عن معارضتهم قبل تنفيذ وإجراء هذه الأمور وظهور نتائجها المدمرة، وليوصلوا صوت مخالفة الشعب لهذه الاتفاقيات إلى جميع أنحاء العالم. وإنني أعلن أن أية اتفاقية تعقد مع أصحاب رؤوس الأموال الأمريكان أو سائر المستعمرين هي خلاف إرادة الشعب وخلاف أحكام الإسلام. كما أعلن أن رأي نواب المجلسين في إيران ليس قانونياً ومخالفاً للدستور ولإرادة الشعب، لأنهم ليسوا منتخبين من قبل الشعب. كما ينبغي إجراء استفتاء شعبي بإشراف مسؤولين دوليين محايدين في أمثال هذه الأمور، حتى تتضح رغبة الشعب الحقيقية.

 

إنني أعزّي الأمة الإسلامية عموماً والشعب الإيراني خصوصاً بمصابنا بمقتل هذا السيد الجليل القدر والعالِم المجاهد الذي قدَّم حياته في سبيل حفظ مصالح المسلمين وخدمة الإسلام.

 

وأسأل الباري تعالى دفع شرور النظام المتجبر وعملاء الاستعمار القذرين. والسلام على من اتبع الهدى.

 

روح اللّه الموسوي الخميني‏ 

 

ــــــــــــــــــــ

 

[1] ورد في صحيفة النور (المكونة من 22 مجلدا) وفي، ج: 1، ص: 154 أن تاريخ هذه الرسالة هو مرداد 1349.

 

[2] إشارة إلى تأسيس مصنع الحديد والصلب في أصفهان وتسليم إدارته إلى الخبراء الروس.

 

[3] إشارة إلى مجي‏ء وفد يضم مجموعة من المستثمرين الأمريكان يرأسهم (روكفلر) تلبية لدعوة من الشاه محمد رضا وتوقيعه على أضخم عقد للاستثمار في إيران والذي دفع الشهيد سعيدي إلى إصدار منشور بتوقيعه لمعارضة هذا الاتفاق مما أدى إلى اعتقاله ثم استشهاده.

 

[نبذة عن حياة الشهيد آية الله السيد سعيدي]