قامت الحركة الوهابية ـ التي تتبع عقيدة سلفية متشددة ـ منذ ظهورها سنة 1143هجرية/ 1722 ميلادية على يد محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي الحنبلي بمهاجمة كل المناطق الإسلامية المجاورة لها في شبه الجزيرة العربية، وخارجها ومن أشهر ما قامت به من أعمال شنيعة يندى لها جبين التاريخ الإسلامي ما يلي:
1- في 18 ذي الحجة 1216 هـ المصادف 22 نيسان 1801 م هاجم الوهابيون بقيادة سعود بن عبد العزيز مدينة كربلاء المقدسة حيث استغلوا ذهاب معظم أهالي كربلاء إلى النجف الأشرف لزيارة ضريح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في عيد الغدير، فذبحوا ما يزيد على ثلاثة آلاف من السكان ، ونهبوا البيوت و الأسواق ونفائس الضريح المقدس ، وقد أخذوا على الأخص صفائح الذهب بعد أن اقتلعوها من مكانها ، ثم هدموا الضريح المطهر.[1]
2- بعد سنتين وفي 1218 هـ /1803م هاجموا النجف الاشرف ومرقد أمير المؤمنين عليه السلام ولكن استعداد ودفاع أهل النجف عن مدينتهم أحبط هجومهم الحاقد.[2]
3- وفي عام 1218 هـ /1803 م هاجموا كربلاء مرة ثانية لكن أهل كربلاء كانوا قد استعدوا لهم فأحبط الله سبحانه وتعالى هجومهم الغادر.[3]
ومن جرائمهم الكبرى اعتداءهم الآثم على البقاع الطاهرة في بقيع الغرقد حيث مرت على البقيع فترتان هدمت فيها معالمه من قبور وضرائح وقباب من قبل الوهابيين العتاة:
الهدم الأول عام 1220هـ 1845م:
أقدم آل سعود على تدمير البقيع وذلك عام 1220 هـ فهدموا قبة آل البيت عليهم السلام وقبة الحمزة عليه السلام عم رسول الله صلى الله عليه وآله وكل القباب التي بالبقيع وخارج البقيع في المدينة المنورة ومكة[4].
وقد هاجم جيش ابن سعود المدينة من جنوبها، ودخلها من العوالي وقباء الإخوان وواصلوا زحفهم حتى اقتحموا السور ، يقول المؤرخ السعودي ابن بشر[5]:
(وفي أول هذه السنة قبل مبايعة غالب بايع أهل المدينة المنورة سعود على دين الله ورسوله السمع والطاعة، وهدمت جميع القباب التي وضعت على القبور والمشاهد وذلك أن آل مضيان رؤساء حرب وهما بادي وبداي ابني بدوي بن مضيان ومن تبعهم من عربانهم أحبوا المسلمين ووفدوا على عبد العزيز وبايعوه، وأرسل معهم عثمان بن عبد المحسن أبا حسين يعلمهم فرائض الدين وقرر لهم التوحيد. فأجمعوا على حرب المدينة ونـزلوا عواليها، ثم أمر عبد العزيز ببناء قصر فيها فبنوه وأحكموه واستوطنوه، وتبعهم أهل قباء ومن حولهم وضيقوا على أهل المدينة وقطعوا عنهم السوابل وأقاموا على ذلك سنين.
وأرسل عليهم سعود وهم في موضعهم ذلك الشيخ العالم قرناس بن عبد الرحمن صاحب بلد الرس المعروف بالقصيم. فأقام عندهم قاضيا ومعلما كل سنة يأتي إليهم في موضعهم ذلك. فلما طال الحصار على أهل المدينة وقعت المكاتبات بينهم وبين سعود من حسن قلفي واحمد الطيار والأعيان والقضاة وبايعوا في هذه السنة سنة 1221 هـ)[6].
ثم أعاد إبراهيم باشا بن محمد علي باشا والي مصر بنائها (سنة 1222 هـ) وكتب اسمه واسم أبيه واسم السلطان محمود في دائرة القبة الشريفة لحضرة الرسول صلى الله عليه وآله وقبة آل البيت العظام [7].
وكان من بين ما قاله الرحالة السويسري جان لويس بورخارت [8] عن مقبرة البقيع: (... وتبدو المقبرة حقيرة جداً. لا تليق بقدسية الشخصيات المدفونة فيها، وقد تكون أقذر وأتعس من أي مقبرة موجودة في المدن الأخرى التي تضاهي المدينة المنورة في حجمها... فالموقع بأجمعه عبارة عن أكوام من التراب المبعثر وحفر عريضة ومزابل)[9].
الهدم الثاني: الثامن من شوال عام 1344هـ
بعد زهاء ثمانين سنة من عملهم الإجرامي الأول استولى الوهابيون على البلدين المقدسين مرة ثانية وهدموا القباب وأحرقوا المكتبات وكانت تحتوي على الكتب القيمة والنادرة.
فعاد الوهابيون ليستولوا على المدينة المنورة مرة أخرى في عام 1344هـ الموافق لـ21 نيسان (إبريل) 1925م.
وكان من ذلك هدم بقيع الغرقد بما فيه من قباب طاهرة لذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته وخيرة أصحابه وزوجاته وكبار شخصيات المسلمين.
حيث قاموا بتهديم المشاهد المقدسة للائمة الأطهار (عليهم السلام) وأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد تعريضها للإهانة والتحقير بفتوى من وعاظهم.
فقد استفتوا في مسرحية - تحت التهديد والترهيب- علماء المدينة حول وجوب هدم القبور،حيث أرسل الوهابيون قاضي القضاة في نجد سليمان بن بليهد إلى علماء المدينة يستفتيهم حول بناء مراقد أولياء الله،وكان يحمل أسئلة متضمنة الأجوبة من وجهة نظر الوهابيين، وقد صدرت الفتوى بوجوب الهدم وذلك تحت التهديد![10].
وقد نشرت جريدة أم القرى الصادرة في مكة بعددها (69) في (17/ شوّال 1344هـ) نص الاستفتاء وجوابه ، وحدّدت تاريخ صدور الفتوى من علماء المدينة بتاريخ ( 25 / رمضان 1344 هـ )وقد أثارت ضجة كبيرة بين المسلمين.
جاء في كتاب الوهابية في الميزان: (فبعدما صدرت تلك الفتوى من خمسة عشر عالما من علماء المدينة،وانتشرت في الحجاز،بدأت السلطات الوهابية بهدم قبور آل الرسول (عليهم السلام) في الثامن من شوال من نفس العام،وقضت على آثار أهل البيت (عليهم السلام) والصحابة،ونهبت كل ما كان في ذلك الحرم المقدس من فُرش غالية وهدايا ثمينة وغيرها،وحولت تلك الزمرة الوحشية البقيع المقدس إلى ارض قفراء موحشة) [11]، فأصبح البقيع قاعاً صفصفاً لا تكاد تعرف بوجود قبر فضلا عن أن تعرف صاحبه.
وجاء أيضاً في مستدرك ما فات من أهل الدار تأليف عبد الرحيم بن حسن بن محمد حربي:
(أما هذه المرة وهي الثانية، فقد دخل الملك عبد العزيز المدينة المنورة مستلما لها من الشريف من شمالها، حيث كان العرضي التابع للإخوان معسكرا في الجرف والعيون، وحاصر المدينة مدة ستة أشهر، ويقول الأستاذ محمد حسين زيدان[12] في معرض حديثه عن دراسته وذكرياته: (.. نركض على الدرج نجد الأستاذ قد جلس، كنا نحيا ذلك والمدينة محاصرة، والدويش في قبا، والغرم في العوالي، والنشمي في العيون، والمدينة محكومة بحكام أربعة كل على حاله)) [13].
كانت رحى الحرب دائرة بين الشريف وابن سعود على المدينة، حتى انهزم الشريف وسلمت المدينة لأميرها محمد بن عبد العزيز، ووضع الناس السلاح، وعادت الحياة لسابق وضعها، وفي الرابع من شهر شوال (عام 1343 هجري ) من ضحى ذلك اليوم صارت فرق العساكر تطوف شوارع المدينة وكان شيخ الحرفة هو المعلم خضر شيحة[14] كانوا يأخذون المعلمين وعمالهم إلى البقيع، واحُد حيث مقام سيد الشهداء الحمزة عم الرسول صلى الله عليه وآله ويأمرونهم بهدم القباب، فباشر المعلمون الهدم مرغمين على ذلك لان فرقة من الإخوان تركب الخيل، وتحمل معها حزما من جريد النخل، تستحث بذلك المعلمين على الهدم [15] حتى ما مضت أيام قلائل إلا وكل القباب هدمت وأزيلت أنقاضها من البقيع ومقامات سيد الشهداء وإسماعيل والنفس الزكية..، وقد روى هذه القصة كثير من المعلمين الذين عاصروا هذه الحدث. ورواية أخرى يرويها احد المعمرين من أهل المدينة يقول: إن الشيخ عبد الله بن بليهد ـ قدم المدينة ودعا علماءها وتحاور معهم حتى برهن ـ وفقا لقناعته ـ أن زيارة القبور محرمة، وإنها بدعة في الدين، وشرك بالله، وانه يجب أن يتفق جميع علماء المذاهب الأربعة على تخريب القبب وهدمها ومنع الزيارة، ونظراً لذلك فقد منعت زيارة جميع المراقد، والمشاهد، وأغلقت أبواب البقيع، ومقبرة سيد الشهداء وكل المراقد، وصار الناس لا يجرؤن على زيارة البقيع وغيره، حتى تمكن القاضي بن بليهد من موافقة علماء المذاهب الأربعة على ذلك، فصدر الأمر بهدم جميع القباب وتخريبها، وما ذلك إلا اجتهاد شخصي من هذا الشيخ [16].
وراوي آخر يحدث: بأن القاضي واجه معارضة شديدة من الشيخ محمد علي بن تركي، الذي كان من العلماء الورعين الزاهدين المقيمين في المدينة كان متواضعاً في سمته، وهندامه، وقورا في مشيه، جذابا في حديثه، وقد عرفت من سيرته التي يتناقلها الناس، انه كان لا يأخذ راتبه إلا من إيراد البريد بزعمه انه الإيراد الحلال الذي لا تشوبه شائبة [17].
يصف الرحالة الغربي واسمه (ايلدون رتر)، المدينة المنورة بعد الجريمة الثانية التي نفذها الوهابيون عند استيلائهم على المدينة المنورة وقتلهم الآلاف من الأبرياء، يقول: (لقد هدمت واختفت عن الأنظار القباب البيضاء التي كانت تدل على قبور آل البيت النبوي.. وأصاب القبور الأخرى نفس المصير فسحقت وهشمت).
العزم على هدم قبر الرسول صلى الله عليه وآله
وتشير الوثائق والقرائن إلى أن الوهابيين لم يكتفوا بتلك الجرائم بل حاولوا مراراً هدم قبة الرسول صلى الله عليه وآله إلا أنهم غيروا رأيهم بسبب حدوث ردود فعل إسلامية قوية من مختلف البلدان الإسلامية.
جاء في كشف الارتياب: (وتريثوا خوفا من عاقبة الأمر عن هدم قبة النبي صلى الله عليه وآله وضريحه التي حالها عندهم كحال غيرها أو أشد لشدة تعلق المسلمين بذلك وتعظيمهم له وأدلتهم الآتية وفتواهم لا تستثني قبة نبي ولا غيره وما أعلنه سلطانهم في الجرائد من أنه يحترم قبة النبي صلى الله عليه وآله وضريحه يخالف معتقداتهم جزما ولا يراد منه إلا تسكين الخواطر ومنع قيام العالم الإسلامي ضدهم ولو أمنوا ذلك ما توقفوا عن هدمها وإلحاقها بغيرها بل كانوا بدأوا بها قبل غيرها ). [18]
انقطاع الحج من مصر والشام والعراق
ذكر الأمين في كشف الارتياب: (قال العلامة السيد جواد العاملي في حوادث سنة 1222 إنه تعطل الحج ثلاث سنين كما مر فيكون ابتداء انقطاعه من العراق سنة 1220 وذكر الجبرتي في حوادث سنة 1222 أن منها انقطاع الحج الشامي والمصري ( أقول ) وكان ابتداء انقطاع الحج من الشام في سنة 1221 ومن مصر في سنة 1222 كما مر فيظهر أن الحج انقطع من العراق أربع سنين ومن الشام ثلاث سنين ومن مصر سنتين ولا يعلم هل انقطع بعد ذلك أو لا)[19].
جريمة البقيع ووصف الرحالة الغربيين
يقول الرحالة السويسري جان لويس بورخارت ( 1231هـ): (تبدو مقبرة البقيع حقيرة جدا لا تليق بقدسية الشخصيات المدفونة فيها. وقد تكون أقذر وأتعس من أية مقبرة موجودة في المدن الشرقية الأخرى التي تضاهي المدينة المنورة في حجمها، فهي تخلوا من أي قبر مشيد تشييدا مناسبا، وتنتشر القبور فيها وهي أكوام غير منتظمة من التراب. يحد كل منها عدد من الأحجار الموضوعة فوقها... فالموقع بأجمعه عبارة عن أكوام من التراب المبعثر، وحفر عريضة ومزابل).
أما جبل أحد فيقول عنه هذا الرحالة بأنه وجد المسجد الذي شيد حول قبر حمزة (رض) وغيره من شهداء أحد مثل مصعب بن عمير وجعفر بن شماس وعبد الله بن جحش قد هدمه الوهابيون.. وعلى مسافة وجد قبور اثني عشر صحابيا من شهداء أحد: (وقد خرب الوهابيون قبورهم وعبثوا بها).[20]
ويقول الرحالة (ايلدون رتز) حيث زار البقيع عام 1925م أي بعد هدمه بعام واحد: (حينما دخلت إليه وجدت منظره كأنه منظر بلدة قد خربت عن آخرها، فلم يكن في أنحاء المقبرة كلها ما يمكن أن يشاهد سوى أحجار مبعثرة وأكوام صغيرة من التراب لا حدود لها، وقطع من الخشب مع كتل كثيرة من الحجر والآجر المنكسر فخربها كلها... لقد هدمت واختفت عن الأنظار القباب البيضاء التي كانت تدل على قبور آل البيت النبوي في السابق... وأصاب القبور الأخرى نفس المصير، فسحقت وهشمت)[21].
ولا بأس بالإشارة إلى أن جريمة هدم القبور فيها أهداف أخرى غير المعلنة منها الاستيلاء على الأموال التي كانت تزخر بها هذه المراقد المقدسة، فهؤلاء الأوباش كان همهم الإغارة ونهب الأموال، وهو واضح من فعلهم في كربلاء المقدسة كما أسلفنا ومحاولتهم ذلك في النجف الاشرف التي لم يوفقوا لنهبها، ونعرض لك أيها القارئ الكريم هذا النص للاطلاع على مآربهم الخسيسة.
جاء في تاريخ الجبرتي[22]: (...ويذكرون أن الوهابي استولى على ما كان بالحجرة الشريفة من الذخائر والجواهر ونقلها وأخذها ... إلى أن حضر الوهابي واستولى على المدينة واخذ تلك الذخائر فيقال انه عبى أربعة سحاحير من الجواهر المحلاة بالألماس والياقوت العظيمة القدر ومن ذلك أربع شمعدانات من الزمرد وبدل الشمعة قطعة الماس مستطيلة يضيء نورها في الظلام ونحو مائة سيف قراباتها ملبسة بالذهب الخالص ومنـزل عليها الماس وياقوت ونصابها من الزمرد واليشم ونحو ذلك وسلاحها من الحديد الموصوف كل سيف منها لا قيمة له وعليها دمغات باسم الملوك والخلفاء السالفين وغير ذلك) [23].
ـــــــــــــــــــــــ
[1] موسوعة العتبات المقدسة، جعفر الخليلي، 8 : 271.
[2] راجع: صفحات من تأريخ الجزيرة العربية الحديث، د. محمد عوض الخطيب، دار المعراج للطباعة والنشر ، ص176-17.
[3] المصدر السابق.
[4] وسائل في وصف المدينة المنورة صفحة 65.
[5] عثمان بن عبد الله بن عثمان بن أحمد بن بشر النجدي الحنبلي و المشهور بـ ابن بشر (1780 - 1871)م الموافق (1194 - 1288)هـ مؤرخ وأديب عاصر الدولة السعودية الأولى ودون أحداثها في كتابة عنوان المجد في تاريخ نجد. ويعتبر مؤرخ الوهابية ونجد وال سعود، ولد في مدينة جلاجل وتربى ونشأ .
[6] عنوان المجد في تاريخ نجد، عثمان بن عبد الله بن بشر، الجزء الأول، ص: 137.
[7] المصدر السابق: ص66.
[8] سمح محمد علي باشا وأولاده ـ نتيجة للتساهل الديني وعدم الاهتمام لهؤلاء الحكام ـ لمجموعة من الأوربيين بزيارة المناطق المقدسة في مكة والمدينة منهم الرحالة السويسري جان لويس بورخارت.
كان بورخارت عالما كبيرا زار مكة والمدينة سنة 1814 م وعاصر في سفره هذا الجيش الذي أرسله محمد علي باشا لقمع الوهابيين حيث سجل جميع ملاحظاته ـ وقد استوعب في ذلك عموم ما يحتاجه القارئ ويتوقعه من كتاب رحلات ـ في كتاب رجلته إلى الديار المقدسة.
وينبغي الإشارة إلى انه ادعى اعتناق الإسلام عند مجيئه إلى مصر أيام حكومة محمد علي باشا وسمى نفسه الشيخ إبراهيم وأقام علاقة مع محمد توطدت فيما بعد حيث التحق بجيش محمد الذي أعده لحرب الوهابيين.
استطاع بورخارت بذكاء إخفاء شخصيته ـ حيث يشك في اعتناقه الحقيقي للإسلام ـ .
وصل إلى المدينة المنورة صباح يوم 28 حزيران 1915 م بعد أداءه المناسك في مكة المكرمة.
[9] نقلاً عن كتاب جولات في بلاد العرب، الرحالة جون لويس بورخات.
[10] نص السؤال: ما قول علماء المدينة المنورة ـ زادهم اللّه فهماً وعلماً ـ في البناء على القبور، واتخاذها مساجد، هل هو جائز أم لا؟ وإذا كان غير جائز بل ممنوع منهي عنه نهياً شديداً، فهل يجب هدمها، ومنع الصلاة عندها أم لا؟.
وإذا كان البناء في مسبلة كالبقيع، وهو مانع من الانتفاع بالمقدار المبني عليه، فهل هو غصب يجب رفعه لما فيه من ظلم المستحقين ومنعهم استحقاقهم أم لا؟
الجواب: أمّا البناء على القبور فهو ممنوع إجماعاً، لصحة الأحاديث الواردة في منعه، ولذا أفتى كثير من العلماء بوجوب هدمه، مستندين بحديث علىّ (رضي اللّه عنه) أنّه قال لأبي الهياج: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول اللّه، أن لا تدع تمثالا إلاّ طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلاّ سويته» وأمّا اتّخاذ القبور مساجد والصلاة فيها وإيقاد السرج عليها فممنوع، لحديث ابن عباس: «لعن اللّه زائرات القبور المتخذين عليها المساجد والسرج»، رواه أهل السنن، وأمّا ما يفعله الجهال عند الضرائح من التمسح بها والتقرب إليها بالذبائح والنذور، ودعاء أهلها مع اللّه فهو حرام ممنوع شرعاً لا يجوز فعله أصلا .
[11] الوهابية في الميزان، الشيخ جعفر السبحاني، ص 54.
[12] محمد حسين زيدان(1992)
أديب كاتب خطيب صحفي محاضر، ولد في المدينة عام 1325 هـ وتلقى تعليمه بها في المسجد النبوي الشريف. ومدرسة العلوم الشرعية تخرج عام 1343 هـ. عمل في التدريس ثم في عدد من الوظائف الحكومية حتى أحيل إلى التقاعد عام 1374 هـ، وكان يزاول الكتابة في الصحف وله أسلوب سلس ومشوق. تفرغ بعد تقاعده للعمل الصحفي والإذاعي وعين رئيس تحرير مجلة الدارة في الرياض، من مؤلفاته: ذكريات العهود الثلاثة، رحلات الأوروبيين إلى نجد وشبه الجزيرة العربية.
للتوسع: موسوعة الأدباء السعوديين، أعلام الحجاز في القرن الرابع عشر والخامس عشر الهجري، تتمة الأعلام للزركلي.
[13] ذكريات العهود الثلاثة، محمد حسين زيدان، ص65, الطبعة الأولى 1408 هـ.
[14] المعلم وهو الأسطى باللهجة العراقية، وليس المدرس.
[15] والكلام لازال لعبد الرحيم بن حسن بن محمد حربي: منهم والدي حسن حربي ومعه اثنان جزاء عبد الحفيظ وحسن فواز الشريمي وقد أمروا بهدم قبة سيدنا حمزة ـ رضي الله عنه ـ فصعدوا على ظهر المسجد وبدأوا في أحداث درج للصعود به لإنـزال الهلال، فصاروا ينقرون في ظهر القبة المشرفة طيلة يومهم حتى وصلوا إلى الهلال وانـزلوه وقد أشرفت الشمس على المغيب، فأرادوا النـزول ومنعوهم "المتدية" إلا أن يخرقوا صحن القبة المقدسة فصاروا يتناوبون مرغمين على الضرب على القبة إلى أن سقطت طوية واحدة على القبر وسقطت معها العتلة التي يعملون بها وصاح كل من كان بالحرم الشريف من الزوار والمصلين، وقد أصيب من سقطت من يده العتلة بالإسهال فانـزلوه من على ظهر القبة وأدخلوه إلى العين فاعتسل، وتعاهدوا الثلاثة على ألا يقيمون في المدينة ولا يوما واحدا فسافروا إلى مكة ومن فجر اليوم الثاني بعد أن تعاهدوا وتواعدوا على الالتقاء في (آبار علي) وذهبوا إلى مكة سيراً على الأقدام، وعند وصولهم إلى مكة وجدوا الحال فيها مثل المدينة هدم في جميع القباب والمقامات، غير أنهم مجهولون لا يعرفهم احد فمنهم من اشتغل عاملا في مخبز، وآخر اشتغل عاملا عند احد الحجازين، وثالث اشتغل بسقي الماء، وظلوا بمكة ست سنوات لا يأتون إلى المدينة، ثم رجعوا إليها بعد ذلك.
[16] إنني أعتقد ذلك لا سيما أنني وجدت ما يؤيد ما ذهبت إليه من كتاب الثامن من شوال للسيد عبد الرزاق بن محمد بن عباس الموسوي آل المقرم قوله: إن هدم القبور من البقيع بأمر أبن بليهد وفتواه نقلا عن (الذريعة).
[17] موسوعة العتبات المقدسة الجزء الثالث ص325.
[18] كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبد الوهاب، السيد محسن الأمين(1371هـ)، ص55، تحقيق وتخريج : حسن الأمين، مكتبة الحرمين – قم.
[19] المصدر السابق، 37.
[20] راجع أضواء على معالم المدينة المنورة وتاريخها، حسين علي المصطفى، 194.
[21] راجع موسوعة العتبات المقدسة الجزء الثالث ص339.
[22] عبد الرحمن بن حسن برهان الدين الجبرتي ولد بالقاهرة سنة 1168هـ /1756م وتوفي بها سنة 1240 هـ / 182م، عاصر الجبرتي فترة انحلال النظام العثماني ومحاولات المماليك التمرد على النظام العثماني كما عاصر مجيء الحمل الفرنسي على مصر بقياد نابليون بونابرت سنة 1798م ، كما عاصر تولي محمد على باشا حكم مصر.
مؤرخ كبير من أشهر مؤلفاته مؤلفين هامين الأول هو " عجائب الآثار في التراجم والأخبار " وهو مؤلف من أربع مجلدات تمتد من سنة 1688م إلى سنة 1821م أرخ فيه لتاريخ مصر العام والخاص في ذلك الوقت ، أما المؤلف الثاني فهو "مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس" ويغطي فترة الاحتلال الفرنسي لمصر من سنة 1798م إلى سنة 1800م .
[23] عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبد الرحمن الجبرتي ، ج 3 – ص248 – 250.
تعليقات الزوار