وصف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي بأنه إمام عظيم في القيادة والتقوى والفقه والاجتهاد.

 

وأفادت قناة المنار الفضائية أن السيد نصر الله قال خلال افتتاح المؤتمر الفكري حول الإمام الخامنئي: "إن معرفتي الشخصية والمباشرة عن قرب بسماحة الإمام الخامنئي تعود إلى العام 1986 حيث أتاحت لي اللقاءات الكثيرة أن أتعرف إلى الكثير من أفكاره وآرائه ومبانيه وطريقة تفكيره وطريقة تحليله للأحداث وعلى منهجه في القيادة والإدارة واتخاذ القرار فضلا عن المواصفات الأخلاقية الرائعة التي يتحلى بها".

 

وتابع السيد نصر الله: "من معرفتي وبعد متابعتي وبعد الاطلاع على الكثير من الشهادات نستطيع القول أننا بين يدي إمام عظيم في القيادة والتقوى والفقه والاجتهاد إننا بين يدي إمام يملك رؤية شاملة وعميقة ومتينة قائمة على الأسس التالية: أولاً المباني الفكرية، ثانياً معرفة الحاجات والمشاكل، ثالثاً معرفة الإمكانات المتاحة، رابعاً، معرفة الحلول المناسبة والمنسجمة مع الأصول والأسس ولذلك نجده يقارب كل الأحداث والتطورات والموضوعات بوضوح وعمق انطلاقا من هذه الرؤية الشاملة ومع كل الشرائح التي يلتقيها وعلى اختلاف تخصصاتها ستجد انك أمام قائد يحيط بالموضوع إحاطة عارف حتى بالتفاصيل ويتحدث فيه كصاحب اختصاص ويقدم فيه كل جديد".

 

وأضاف: "إننا نجد أنفسنا أمام شخصية عظيمة واستثنائية من هذا النوع ونرى أن الكثيرين في هذه الأمة لا يعرفون عنها إلا القليل ندرك كم هو مظلوم هذا القائد في أمته وحتى في إيران وحتى في البعد الأبرز والأوضح في شخصيته وهو البعد القيادي والسياسي، ولأنك أمام شخصية يحاصرها الأعداء ولا يؤدي حقها الأصدقاء بكل ما للكلمة من معنى مسؤوليتنا أن نعرف الأمة على هذا الإمام العظيم لتستفيد من بركات وجود هكذا قائد وفقيه ومفكر لخير حاضرها ومستقبلها ودنياها وآخرتها وهي التي تواجه من التحديات ما لم تواجهه امتنا خلال كل العقود والقرون السابقة وهذه هي مهمة هذا المؤتمر البالغة الأهمية والحساسية".

 

وتابع قائلاً: "خلال مؤتمر مدريد 1991، في تلك المرحلة نتيجة أن هناك معادلات دولية تبدلت وتغيرات كبيرة حصلت في العالم والمنطقة والإدارة الأمريكية أعلنت تصميمها على انجاز تسوية اعتقد الكثيرون وساد شبه إجماع على أننا أصبحنا على مشارف تسوية وأن الأميركيين سيفرضون ذلك، وفي ذلك الوقت كان للإمام رأي خارج هذا الإجماع وقال حينها: إن هذا المؤتمر لن يصل إلى نتيجة وأن هذه التسوية لن تنجز وأن أميركا لن تستطيع أن تفرض ذلك واليوم وبعد مضي ما يقارب العشرين سنة نستمع إلى أطراف مشاركة في المفاوضات وبعض الشخصيات التي كانت في مؤتمر مدريد واستمرت في التفاوض عندما تتحدث عن عقدين من الخيبة والإحباط والتيه والضياع الذي أدت إليه ما يسمى بالمفاوضات".

 

وأضاف السد نصر الله: "في العام 1996 الكل يذكر التطور أو الاختراق الكبير الذي حصل في المفاوضات الإسرائيلية السورية وما قيل عن وديعة رابين واستعداد اسحق رابين للانسحاب إلى خط الرابع من حزيران 1967 أي من الجولان وصولا إلى خط الرابع من حزيران وسادت حالة في منطقتنا حيث بدا الكل يقول هناك تسوية ستنجز والشرط الأساسي لانجاز التسوية هو إقرار إسرائيلي إلى حدود 4 حزيران وأن الأمور أصبحت في نهايتها وأن الأمور تحتاج إلى بعض التفاصيل وجاء من يقول لنا لا تتعبوا أنفسكم خصوصاً أن المقاومة كانت في خط بياني تصاعدي وكانوا يقولون لنا الأمور انتهت ولا داعي لتقدموا تضحيات بل هناك من دعانا لأن نبدأ بترتيب أمورنا على قاعدة أن التسوية قد أنجزت ودعانا لنعيد النظر حتى ليس فقط بماهيتنا كحركة مقاومة بل باسمنا وهيكلياتنا وبرنامجنا السياسي وكان أي خطأ بتقدير سيكون له تداعيات خطيرة، وما أنجز بعد العام 1996 ما كان لينجز لكن يومها قال الإمام بوضوح أنا لا اعتقد أن هذا الأمر سيتم ولا اعتقد أن هذه التسوية بين إسرائيل وسورية وبالتالي مع لبنان ستنجز وأنا اقترح عليكم أن تواصل المقاومة عملها وجهادها بل تصعّد في عملها وجهادها لكي تحقق انجاز الانتصار ولا تعيروا آذانكم وعقولكم لكل هذه الفرضيات والاحتمالات والدعوات، وبعد عودتنا كان رابين يخطب وتقدم متطرف صهيوني وأطلق النار عليه فقتل وقام مقامه شيمون بيريز".

 

وتابع يقول "في ظرف كانت حركتا حماس والجهاد بشكل خاص قد تعرضتا لضربات قاسية جدا حتى ظن البعض أن لا حول ولا قول للمقاومة الفلسطينية على تنفيذ عمليات فكانت العمليات الاستشهادية في القدس وتل أبيب التي هزت الكيان الصهيوني ثم جاء التوتر مع الجنوب اللبناني وانعقدت قمة في شرم الشيخ جمعت قادة العالم للدفاع عن إسرائيل ولإدانة ما سمي بالإرهاب وحدد بالاسم حماس والجهاد وحزب الله ووجهت تهديدات وصدرت قرارات بمحاصرة هذه الحركات الإرهابية ثم كانت معركة عناقيد الغضب في نيسان 96 التي جاء بعدها نتانياهو وعادوا إلى المربع الأول".

 

واعتبر سماحته أن" الإمام الخامنئي كان يتحدث عن مبدأ انتصار المقاومة وكان دائما يقول أنه مؤمن بذلك انطلاقا من إيمانه العقائدي، وبعد عام 1996 كان يقول إن الإسرائيلي في وضع كالعالق بالوحل فلا هو قادر على التقدم واجتياح لبنان من جديد ولا هو قادر على الانسحاب ولا هو قادر على البقاء في مكانه، وعلينا أن ننتظر ماذا سيفعل ولكن الأمر مرهون بعمل المقاومة، في أواخر العام 1999 حصلت انتخابات رئاسة الحكومة في إسرائيل بين نتانياهو باراك والأخير حدد أنه سينسحب من لبنان في تموز والجو في سورية ولبنان كان انه سنصل إلى هذا الموعد ولن ينسحب وباراك سعى للحصول على ضمانات وترتيبات أمنية مع الحكومة اللبنانية أو مع الرئيس حافظ الأسد وفشل والمناخ السائد أنه لن ينسحب ومن السهل على باراك عندما يحين الموعد أن يقول سعيت للحصول على ضمانات ولكن فشلت ولم استطع الانسحاب، ونحن على مستوى المقاومة كنا نتبنى وجهة النظر هذه وأيضا كان لنا لقاء مع الإمام الخامنئي وشرحنا وجهة نظرنا ولكن كان له رأي آخر وهو قال أن انتصاركم في لبنان قريب جدا جدا وهو أقرب مما تتوقعون وهذا كان خلاف كل التحليل والمعلومات بل حتى في المعلومات لم يكن هناك تحضيرات إسرائيلية للانسحاب وقال للإخوة حضروا نفسكم لهذا الانجاز، ماذا سيكون موقفكم وخطابكم السياسي بعد الانسحاب لذلك لم نفاجأ بالانسحاب وكنا قد حضرنا أنفسنا جيداً".

 

وأضاف: "في حرب تموز والتي كانت حربا عالمية على مستوى القرار وعربية على مستوى الدعم وإسرائيلية على مستوى التنفيذ وكان العنوان سحق المقاومة في لبنان وقد شهدتم جميعاً قساوة وعنف الهجمة الإسرائيلية حيث كان الحديث عن أي انتصار بل الحديث عن النجاة والخروج بستر وعافية هو اقرب إلى الجنون لأنك في حركة مقاومة معروفة الإمكانيات وفي بلد صغير ويتآمر عليها العالم كله وتشن عليها حرب بهذه الضراوة والقساوة. وصلتني رسالة شفهية حملها احد الأصدقاء إليّ إلى الضاحية الجنوبية وكانت الأبنية تتهاوى بالقصف الإسرائيلي رسالة شفهية من عدة صفحات لكن سأقتصر على بعض الجمل قال الإمام الخامنئي في تلك الرسالة يا إخواني هذه الحرب هي أشبه بحرب الخندق، حرب الأحزاب عندما جمعت قريش ويهود المدينة والعشائر والقبائل كل قواها وحاصرت رسول الله (ص) وأخذت القرار باستئصال وجود هذه الجماعة المؤمنة هذه حرب مشابهة لتلك وستبلغ القلوب الحناجر ولكن توكلوا على الله، أنا أقول لكم أنتم منتصرون حتماً بل أكثر من ذلك أقول لكم عندما تنتهي هذه الحرب بانتصاركم ستصبحون قوة لا تقف في وجهها قوة, من كان يمكن أن يتوقع أو يصل لاستنتاج من هذا النوع وخصوصا في الأيام الأولى للحرب".

 

وتابع  السيد حسن نصر الله "بعد أحداث 11 أيلول كيف اهتزّت العقود والقلوب والأنفس واعتقد كثيرون أنّ منطقتنا قد دخلت في العصر الأميركي وفي ظل هيمنة وسيطرة أميركية مباشرة وأن هذه السيطرة الأميركية سوف تبقى في منطقتنا لمئة عام أو مئتي عام والبعض خرج ليشبّه الحرب الأميركية الجديدة بالحروب الصليبية ويقيس احتلالها بتلك المرحلة، وأنا كنت في زيارة لإيران وتشرفت بلقاء الإمام الخامنئي وسألته عن رأيه وقال لي خلاف كل ما كان شائع في المنطقة ويوما كانت الكثير من الحكومات والقوى السياسية تتداول كيف يتدبر أمورها في المنطقة، وحتى بعض المسؤولين في إيران كانوا يأتون إليه ويقولون: إن هذه هي الوقائع الجديدة وعلينا البحث عن تسوية مع أميركا وكان يرفض انطلاقا من رؤية إستراتيجية للمنطقة، وقال لي: لا تقلقوا الولايات المتحدة الأميركية وصلت إلى الذروة إلى القمة هذه بداية الانحدار عندما يأتون إلى أفغانستان والعراق إنهم ينحدرون إلى الهاوية هذه بداية نهاية أميركا ومشروعها في منطقتنا ويجب أن تتصرفوا على هذا الأساس، وهذا الكلام مبني على معطيات. وقال عندما يعجز المشروع الأميركي عن حماية مصالحها من خلال الأنظمة في المنطقة ومن خلال الجيوش والأساطيل في المنطقة وتضطر أن تأتي بكل أساطيلها إلى المنطقة هذا دليل ضعف ويؤكد جهل حكام المنطقة بشعوبهم الذي ينتمون إلى ثقافة الجهاد والمقاومة ولذلك ما يحصل ليس مدعاة للخوف بل مدعاة للأمل".

 

وتوجه الأمين العام لحزب الله للحضور بالقول "استطيع أن أقول لكم انه خلال العام الماضي امتنا واجهت أصعب حرب في تاريخها والولايات المتحدة وحلفائها بكل إمكانياتهم وقوتهم جاؤوا ليسيطروا على المنطقة وليسقطوا الأنظمة الممانعة والإمام الخامنئي كان قائد المواجهة في أصعب حرب تحتاج إلى الكثير من العقل والحكمة والشجاعة وحتى الآن لا يمكن الكشف عن كثير من الجوانب لهذه الحرب".

 

وأضاف: "الإمام الخامنئي يعتقد أن إسرائيل إلى زوال ويعتقد أن ذلك ليس بعيدا بل يراه قريبا ويعتقد أن هذه التسوية لن تصل إلى مكان وكل ما يجري الآن حولنا في فلسطين ومنطقتنا سواء ما حصل في مسارات تفاوض أو من خلال حركات المقاومة أو على مستوى الهبة الفلسطينية التي تؤكد الإرادة الصلبة لهذا الشعب المقاوم وهذا الجيل من الشباب يؤكد أننا أمام أجيال من الشعب الفلسطيني تعيش أملا قويا واندفاعا هائلا للعودة إلى الأرض وما يقوله الإمام الخامنئي عن إسرائيل يمكن أن نفهمه عندما نفترض التراجع الأميركي وانجازات المقاومة ونقيم تجربة حرب تموز وحرب غزة وسوف نعتقد أن إسرائيل إلى زوال في وقت قريب إن شاء الله وهذه الصوابية مبنية على قراءة صحيحة للوقائع وعلى شجاعة هذا القائد".