تعد ولاية الفقيه فكرة إسلامية تتجاوز الحالة المذهبية فنحن نعيش عصراً عصيباً لا يقيم وزناً للمستضعفين ولا يحترم فيه إلا الأقوياء. وإن نظرية ولاية الفقيه هي في حقيقتها أوضح أشكال نظرية ولاية الأمر، التي يعتقد ويؤمن بها المسلمون جميعاً من السنة والشيعة.

 

لقد أجمعت كلمات فقهاء أهل السنة والجماعة على أنه لو تصدّى للحكم والسلطة في أي بلد من البلدان الإسلامية من كان فقيها عالماً بالدين قادراً متمكّناً وكان إلى جانب ذلك كله ذا إلمام وخبرة بالإدارة والتنظيم والعمل السياسي فإن هذا الشخص المتصدّي يمثل حتماً آمال المسلمين ويجسّد طموحاتهم وإن الحكومة التي يرأسها هو من وجهة نظر إسلامية من أفضل الحكومات.

 

حول هذا الموضوع وعلى هامش المؤتمر الدولي للتجديد والاجتهاد الفكري عند الإمام الخامنئي – قراءة في المشروع النهضوي الإسلامي المعاصر، كانت هذه اللقاءات.

 

الشيخ حسن قبيسي: ولاية الفقيه تستند إلى العلة الغيبية

 

الشيخ حسن قبيسي كان من المشاركين بالمؤتمر وتميز بمداخلات مميزة سألناه: لقد تم الحديث عن ولاية الفقيه التي يعدونها جديدة ومعاصرة ولكن جذورها الدينية واضحة، كيف يمكننا أن نتحدث عن ولاية الفقيه في المفهوم المعاصر؟.

 

- في الحقيقة، المجتمع العالمي الآن يستند إلى فكر غربي متجدد، وهذا التجدد وصل إلى درجة التشظي والتعدد، الذي لا يمكن تثبيت فلسفته. ومن وجهة نظر دينية نعتقد أن القيادة السياسية لأي دولة ونظام وحتى القيادة العالمية، لأنه أصبحنا الآن في الدولة العالمية، سواء في الدولة ذات النطاق الجغرافي الضيق أو الواسع، أصبحنا نبحث عن الثوابت التي تسمح بإقامة فكر سياسي ودستوري وقانوني وتنفيذي لا يتسرب إليه التشظي أو التعدد أو التبديل المستمر، وهذا يؤدي إلى تضييع الحضارة. نعتقد أن ولاية الفقيه تستند إلى العلة الغيبية الكاملة وهي التي تسمح بتأسيس ثابت للنظام السياسي سواء أكان هذا النظام السياسي صغيرا أو كبيرا، لذلك نعتقد أن العالم ينتظر هذه الرؤية. ونحن هنا بحاجة إلى ترويج ولاية الفقيه بحيث تكون هي العلاج لمشكلات الأنظمة العالمية التي تضج بالأزمات.

 

الدكتور ألستر كرووك: علينا أن نغير عملية التحدي

 

الباحث البريطاني الدكتور الستر كرووك شارك ببحث مهم في المؤتمر كان تحت عنوان "نظام القيم بين الإسلام والفكر الغربي"، لاقت محاضرته استحسانا ملفتا، وكان معه هذا اللقاء:

 

- هل نأمل بأن تتغير نظرية العالم الغربي للجمهورية الإسلامية في إيران وإلى الإمام الخامنئي وولاية الفقيه؟.

 

- هم يفصلون الأشياء عن بعضها البعض، ويصبحون غير قادرين على رؤية الصورة بشكل كلي، هذا التصور الذي يخلقونه عن إيران لا صلة له بالحقيقة، يتعاطون مع تصورهم عن إيران مثلما هم يرغبون أكثر مما يتعاطون مع إيران مثلما هي في الواقع. ومن الضروري قبل كل شيء أن نهدم هذه الصورة الذهنية عن إيران التي تخلق في الغرب قبل أن يصبح هناك تغيير في العلاقة مع إيران والنظر إلى ما يجري داخلها.

 

- برأيك كيف يجب أن نعمل نحن بصفتنا مسلمين في هذا الصدد؟.

 

- يجب أن نفتش عن طرق أصيلة من عندنا لنتعاطى فيها مع الغرب، لأن التعاطي مع الغرب على أساس العقلانية التي يضع هو قواعدها لن يكون ناجحا، يجب أن نغير عملية التحدي في اللغة وفي طريقة التركيبات المفاهيمية التي تنبني عليها اللغة، وليس مجرد أن نناقشهم ونجري علاقة عقلانية معهم.