ماذا جرى في كواليس المحكمة؟ وكيف تفاعل الشارع البحريني مع ما صدر عنها من أحكام وصلت إلى الحكم بالسجن المؤبد على رموز في المعارضة الوطنية البحرينية.

 

الأحكام تستند إلى "أدلة سرية"

 

لم يسمح لنا حضور جلسة النطق بالحكم". هذا ما قاله نبيل رجب،رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، في حديث له مع موقع المنار.

 

أضاف "المحاكمة التي جرت بالأمس تفتقر للمعايير الدولية والإنسانية؛ من حيث الشفافية والاستقلالية والنزاهة.. فلم يلتقِ المعتقلون بمحامي الدفاع إلا في قاعة المحكمة."

 

"المحكمة استندت في ما بتته من أحكام إلى أدلة وصفتها بالسرية رافضة اطلاع حتى الدفاع عنها، وهذا ما يتنافي مع المحكمات الشفافة والعادلة، ويحرم المتهم من الدفاع عن نفسه."

 

واعتبر رجب أن محاكمة الرموز عبارة عن "عملية تصفية حساب مع كل من ينتقد السلطة."

 

آثار سوء المعاملة ظهرت على المحكومين

 

"آثار سوء المعاملة كانت واضحة على المحكومين أثناء الجلسة" حسبما نقل لرجب، الذي أكد ان المعتقلين تعرّضوا لصعق كهربائي وتعذيب واعتداءات..

 

قد أفاد شهود عيان أن حسن مشيمع، أمين عام حركة حق، كان منهك جداً بسبب المرض الذي ظهر جلياً على حركته الثقيلة. فيما برزت آثار التعذيب على وجه كل من عبد الجليل السنكيس والشيخ محمد حبيب المقداد الذي كانت ترتعش أطرافه وبدا نحيلاً جداً على غير العادة.

 

تم سحب المحكومين من القاعة واعتقال زينب الخواجة

 

بعد النطق بالحكم خطاب عبد الوهاب حسين القاضي قائلاً: "أنا لا أعترف بك ولا بمحكمتك، ولا بمن وظفك لتخدم سياسته الغادرة الجائرة،" حسبما نقلت سوسن جواد ابنة المعتقل الأكبر سناً في المعتقلات البحرينية محمد حسن محمد جواد.

 

وحسبما نقل الناشط البحريني نبيل رجب فقد صرخ الناشط الحقوقي عبد الهادي خواجة قائلاً: "سوف نواصل الطريق، وسنستمر بالنضال من أجل حقوقنا وبسلمية."

 

فيما أفاد شهود عيان ممن حضروا المحكمة أن إبراهيم شريف، أمين عام جمعية وعد، صرخ في الجلسة: "عملنا كان سلميا، ونحن نحاكم على آرائنا." ما دفع بعناصر الأمن المكلفة بحراسة المتهمين إلى سحبهم بالقوة من القاعة، وعندما حاولت ابنة الخواجة أن تتحدّث فسحبت من القاعة أيضاً وتم احتجازها، بحسب رجب.

 

هذا فيما اعتقلت السلطات زينب الخواجة، ابنة الناشط عبد الهادي الخواجة، بعد صراخها في المحكمة "الله أكبر" لدى سماع الحكم على والدها، جرى احتجازها فيما بعد بتهمة "ازدراء المحكمة".

 

قرى البحرين تشهد غضباً شعبياً عارماً

 

لم يخطط البحرينيون أمس لأن يغلقوا الشوارع والطرقات.. "فردة الفعل الشعبية المتوقعة كانت عفوية بعدما صدر عن محكمة السلامة الوطنية". هذا ما قاله الناشط الحقوقي البحريني نبيل رجب.

 

وفي تطور هو الأول من نوعه منذ رفع حالة الطوارئ ودخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين فقد عمد المتظاهرون بالأمس إلى إغلاق الشوارع والمحلات التجارية، حسبما ذكر رجب.

 

ووفقاً لإفادات شهود عيان، فقد غصّت شوارع البحرين بالأمس بالحشود التي خرجت ترفع صور الرموز المعتقلين، مستنكرة ما تعرّضوا له وما صدر بحقهم من أحكام وصفت بالأحكام الجائرة والتصفيات السياسية.

 

فخرج من جزيرة سترة ست مسيرات عصراً في قرى مهزة وسفالة ومركوبان والقرية والخارجية وواديان. المسيرات الست تعرّضت للقمع وبشكل وحشي من قبل قوات الأمن البحرينية، فعادت لتتجدد بعد فترة المغرب وشهدت مواجهات استمرت حتى منتصف الليل.

 

البلاد القديم بدورها شهدت تسع مسيرات، طالب المشاركون فيها بإطلاق سراح العلماء والرموز الوطنيين المحكومين وعن كافة المعتقلين والمعتقلات في السجون. وشهدت قرى المنطقة حالة من الكر والفر بيت قوات الأمن والمتظاهرين، عمدت خلالها قوات الأمن لإطلاق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع.

 

وجابت المسيرات غاضبة شوارع قرى بحرينية عديدة في كل من العكر وبلاد كليب والدراز والنويدرات.

 

السلطة تعمد إلى استفزاز الشارع البحريني

 

وتعليقاً على ردة الفعل الشعبية اعتبر نبيل رجب أن وجود "مئات المعتقلين السياسيين في السجون ينافي أي دعوة للحوار.. ومحاولة للالتفاف حول مطالب الشعب،" لافتاً إلى أنه جرى الحكم أمس على "امرأتين إحداهما طالبة والأخرى أم لمشاركتهما بالاحتجاجات التي شهدتها البحرين."

 

الكلام نفسه كرّره إبراهيم المدهون، العضو في جمعية الوفاق الوطني، مضيفاً أن "السلطة تريد استفزاز الشارع وجرّه إلى العنف، وقد أثبت هذا الشعب أنه يمتلك وعياً أكثر من السلطة."

 

وتابع المدهون " يتّضح يوماً بعد يوم أن حالة الطوارئ لم ترفع بعد، وأن ما جرى الإعلان عنه بهذا الخصوص مجرد استهلاك إعلامي لتخفيف الضغط الدولي على النظام."

 

فيما استنكر راشد الراشد، القيادي في جمعية العمل الاسلامي، إصدار هذه الأحكام وأضاف "شوارع البحرين تشهد غضبة جماهيرية عارمة... فقد جرى محاكمة مجموعة من الرموز والمواطنين الذي خرجوا يطالبون بما طالب به حوالي 80% من الشعب البحريني، فإذا بهم يحاكمون في محكمة عسكرية تفتقد لأدنى المعايير القانونية إذ لم يسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم."