أعوذ بالله من الشيطان الغويّ الرّجيم

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم

 

اللهمّ صلّ وسلّم على محمّدٍ وآله الطيّبين الطاهرين

 

السلام عليكم جميعًا ورحمة الله وبركاته

 

بعض المحطات في حديث هذا اليوم..

 

المحطة الأولى:

 

محاكمة زين العابدين ومحمد حسني مبارك (الرئيس التونسي والرئيس المصري السابقين)

 

الوصية تتّجه إلى النظام المصريّ الجديد والنظام التونسيّ الجديد، وسبق أنْ تحدثنا - ويشمل بعض معاني هذا الحديث محاكمة ميلاديتش، ولكن أعتقد بأنّ عدالة النظام في لاهاي لا تحتاج إلى توصية من عندي.. توصية من عندي يعني من مواطن عربي - ولكن إلى أنظمتنا الجديدة نحتاج أنْ نتحدث في هذه الرؤية.

 

يجب أنْ تتوفّر إلى الرئيس زين العابدين ومحمد حسني مبارك محاكمة عادلة وشفّافة يتمكّن فيها الرئيسان من الدفاع عن نفسهما تجاه القضايا التي توجَّه لهم في المحاكمة، ولا يجوز أنْ يُعاب على محامٍ أنّه يدافع عن الرئيس زين العابدين أو الرئيس حسني مبارك، وإلّا فلا يوجد معنى لأنْ يكون هناك محكمة.

 

في التّهم الموجَّهة هناك خطاب سياسيّ لأنّه رئيس دولة، ولكن في التهم الموجَّهة التفصيلية إلى الرئيس يجب أنْ لا يُدان الرئيس إعلاميًّا قبل أنْ يُدان قضائيًّا.. يعني لا يجوز تحميل الرئيس زين العابدين بأنّه يتاجر في المخدرات إعلاميًّا قبل أنْ يصدر القضاء حكمه وفقًا لمحكمة عادلة.

 

ليس كونه «رئيسًا» و«سيّئًا» في الفترة الماضية أنْ يُباح في الفترة القادمة، أنْ يُمارس عليه ما كنا نشتكي منه في زمن حكمه، وإلّا ما الفارق بين حكم مبارك وبين حكم من سيأتي بعده - لا أعرف من سيأتي ولكن إنْ شاء الله سيكون حكمًا ديمقراطيًّا حقيقيًّا - إذا كان سيمارس نفس الأساليب.. إذا كان سيصدر أحكامه من التلفزيون قبل أنْ يصدرها القضاء.. إذا كان يصدر أحكامه في الجرائد قبل أنْ يصدرها القضاء.. وإذا كان سيُمنع الرئيس من الحصول على محامٍ ولجنة دفاع تتناسب مع شخصيته والتهم الموجَّهة إليه.

 

يجب أنْ يُعامل الرئيس بشيءٍ يتناسب معه.. يعني نقول: «رئيس وأخطأ».. ممكن أنْ تقول «أجرَم» بالتعبير السياسي والتعبير المعنوي، لكن لا يجوز أنْ يُذلّ.. ليس هناك من منطق للإذلال والتشفّي.

 

يجب أنْ تكون المحاكمة محاكمة متحضّرة، تظهر فيها العدالة والالتزام بالقانون والالتزام بحقوق الإنسان.. وهذا تحدٍّ.. الجيد أنْ تكون هناك محاكمة، وأنْ لا يأخذوا الرئيس ويعدموه في الشارع، ولا يأخذوا زوجة الرئيس ويعدموها.. أنْ يكون هناك محاكمة، لكن هذه المحاكمة يجب أنْ تكون محاكمة عادلة، متحضّرة، ملتزمة بالقانون، ولا تلجأ إلى التشفّي والانتقام والإهانة.

 

وهناك جدل مصري - تونسي - عربي - عالمي: ماذا نفعل في الرئيس بعد أنْ نُحاكمه؟ والجدل غير محسوم.. كلّ واحدٍ ينظر من زاوية، ولكن أنا أرتاح إلى النموذج (الجنوب أفريقي) وأنْ تجري مصالحة وطنية في مراحل التحوّل الكبرى، تقوم على أساس التسامح والرحمة بدل الانتقام والعقاب..

 

هذه زاويةٌ من زوايا هذه المحاكمات، والزاوية الثانية: محاكمة صدام حسين وزين العابدين وحسني مبارك وميلاديتش وغيرهم هي رسالة إلى الدكتاتوريين في العالم أجمع: أنّ المحاكمات - وفقًا للقانون المحلي في بلدانكم، أو المحاكمات وفقًا للقانون الدولي في محاكم دولية - هو الطريق الذي تمضي فيه تطوّر الأحداث وتمضي إليه الإنسانيّة، ولا يبدو بأنّ هناك أفقًا لقدرة إيقاف الدكتاتورية لهذا التطوّر الحقوقيّ والقانونيّ.

 

نعود إلى محاكماتنا..

 

ومن الجيّد إنهاء المحاكم العسكرية كما سمعتُ بالأمس، وسيبقى التحدّي «العدالة»، سواءً جرت هذه المحاكم في المحكمة العسكرية أو في المحكمة المدنية والرّقي إلى مستوى المحاكمات الدولية ومتطلّبات المحاكمات الدولية - هذا في حال المضيّ في المحاكمات - أما الطريق فبالنسبة لي واضح، فهو طريق الحلّ السياسيّ والمصالحة الوطنية، والمحاكمات لا تسير في هذا الاتجاه ولا تخدمه.

 

كيف نظر العالم إلى هذه الأحكام؟

 

أشارَ العالم في مواقع ثلاثة (إعلامية وحقوقية وسياسية) باتجاه القلق والتشكيك في عدالة الأحكام الصادرة واستند في هذه الرؤية أيضًا إلى سرعة إصدار الأحكام..

 

هناك 1800 صفحة أُعطيت إلى المحامي بعد الجلسة الأولى? ولم يُتَح للمحامين أنْ يلتقوا بموكّليهم إلّا فترات زمنية محدودة، وفي كثيرٍ من الأحيان تحت سمع ورقابة الأجهزة الأمنيّة التي تشرف على التوقيف.

 

عبّر العالم بأنها «أحكامٌ قاسية».. «أحكامٌ شديدة».. هذا تعبير المجتمع الدولي (تذهب إلى الأمنستي، تذهب إلى تصريح وزارة الخارجية الأمريكية، إلى تصريح بان كي مون، إلى تصريح... كلّ العالم)، وأشار العالم أيضًا إلى الظروف التي يُعاني منها المعتَقلون? وتحدّثوا عن قلقهم عن الأخبار التي تصلهم من تعرّض المعتقلين في هذه القضية وفي القضايا الأخرى إلى التعذيب، وانتزاع اعترافات استُخدمت كدليل في المحاكمات (هذا العالم يتكلم)، كما سجّل أيضًا تحفّظه على محاكمة مدنيين في محاكمةٍ عسكرية.

 

من الواضح أنّ هذا المنهج لا يمكن أنْ يحلّ مشكلة البحرين? وأنّ الحاجة قائمةٌ وحقيقية إلى حلٍّ سياسي يمرّ عبر حوارٍ (كما عبّر عنه العالم) جاد وحقيقي يفضي - وهذه في رسالة بان كي مون البارحة أيضًا.. موجودة في كلّ الرسائل السابقة - يفضي إلى حلٍّ يرتضيه شعب البحرين? ويستجيب إلى تطلعاته.. هذا ليس كلام الوفاق، ولا كلام وعد، ولا كلام منبر/ ولا كلام... هذا كلام المجتمع الدولي.. هذا كلام المجتمع الدولي في سنة 2011..

 

هناك أناسٌ لا زالت عقليتها تتعاطى مع الأمور وكأننا في 1111 (هذا زمن القرون الوسطى، ويتكلم بعقلية القرون الوسطى).. القرون الوسطى لا تستطيع أن تبني بلدًا في سنة 2011.. صدقًا: عقلية القرون الوسطى لا تستطيع أنْ تبني بلدًا في زمن 2011، سوف يأتي مقاسه على مقاس القرون الوسطى.

 

آثار هذه الأحكام على واقعنا

 

عانينا كثيرًا من العقلية الأمنية في تاريخنا? وما صدر بالأمس أو أول أمس هو عقليةٌ أمنية? وهذه العقلية الأمنية تزيد التأزيم بدل أنْ تتجه بنا إلى الحلّ? وتساهم في مزيدٍ من الجروح بدل أنْ تُساهم في العلاج? وتبتعد بنا عن الاستقرار الذي ننشده جميعًا؛ لأنّها تضع مزيدًا من عناصر فقد الاستقرار.

 

بفعل خطاب وسياسات الكراهيّة والتشدّد? وبرامج الكراهية والتشدّد? أصبحت البحرين على قائمة الدول المنتهكة لحقوق الإنسان? وليس لدعاية المعارضة وإنّما لواقع الحال على الأرض. المعارضة أضعف من أنْ تُقنع العالم بغير الواقع? ولو عملت المعارضة 10 سنوات على إقناع العالم بالتعذيب لفشلت? لكن جسد عبد الكريم فخراوي وعلي صقر وزكريا العشيري هو كافٍ أنْ يُقنع العالم بوجود التعذيب? وأنّ هناك من يحتاج إلى أنْ يُحاسَب على ذلك (كلام الرئيس أوباما في لقائه مع سمو وليّ العهد)..

 

هذا واقع الأرض، وليس دعاية المعارضة? وبالتالي أنتَ لا تحتاج أنْ تذهب بوفودٍ من بلدٍ إلى بلد تصرف عليها مئات الآلاف من الدنانير من أجل أنْ... لا تقدر.. ماذا تزيل؟! ماذا تزيل؟! ماذا تزيل من جسد عبد الكريم فخراوي؟! ذهب وفدٌ إلى نيويورك أو ذهب وفدٌ إلى جنيف.. ماذا يزيل؟!

 

وبقية الانتهاكات..

 

بفعل هذا الخطاب من الكراهيّة وسياسات الكراهيّة وبرامج الكراهيّة التي على الأرض، والتي أفرزت واقعًا جعل البحرين على قائمة الدول المنتهِكة لحقوق الإنسان، ينظر إليها العالم المتحضّر إعلاميًّا وحقوقيًّا وسياسيًّا بازدراء، ويبتعد عنها المستثمرون، وتشير جميع المؤشرات الحيويّة عن البحرين إلى الأسفل، وهذا خسران، وسبق أنْ نادينا بالحاجة إلى التوقّف عنه والعمل على عكس المؤشرات.

 

بثّ الاعترافات والاعتذارات في التلفزيون والصحافة المحليّة

 

يلجأ تلفزيوننا المحلّي مع الصحافة شبه الرسمية إلى بث اعترافات لمعتقلين وسجناء، تتحدّث في 3 محاور:

 

- اعترافات بجرائم منسوبة إلى المتهمين.

 

- اعتذار من جِهتهم إلى جهاتٍ معيّنة.

 

- ذكر ولائهم إلى جهاتٍ معينة.

 

وهذه أساليب تكثر في الأنظمة الفاشيّة، وهي ابتدعتها، وتكثر في الأنظمة التي لا تُراعي حقوق الإنسان، وهذا فعلٌ مخزٍ ومعيب، ويعود بنتائج عكسيّة على فاعِله.

 

فهذه الأفلام السخيفة بلا أيّ قيمةٍ قانونية، وبلا أيّ قيمةٍ سياسية، بل تُرسِّخ انطباعًا بلا أخلاقيّة القائم بها والآمِر بها.. وهذا ليس نظري وإنّما نظر العالم. وسبق أنْ تحدّثت عن طبيعة تفكيرين: تفكير محلّيّ وتفكير عالميّ.. تصرّفاتٌ تنتمي إلى التفكير المحلّيّ نتائجُها في التفكير العالميّ أنّ هذا «خزيٌ وعار».. العالم ينظر إليكم هكذا.. العالم ينظر إليكم هكذا..

 

ذكرتُ هذا المعنى وأذكره في هذه المناسبة: جاء وفدٌ من بريطانيا حتى يرى البحرين - بالتنسيق مع وزارة الخارجية البريطانية وبالتنسيق مع وزارة الخارجية البحرينية - وجاء إلى جمعية الوفاق، وجلس معي ومع بعض الإخوان، وتحدّثنا..

 

أثناء خروجهم أعطوهم بعض الكتيبات.. ماذا أعطوهم من كتيبات؟ أعطوهم صحيفة الوفاق فيها 4-5 صور للأمين العام.. أعطوهم كتيب خطاب الأمين العام عن الميزانية في مجلس النواب.. أعطوهم خطاب الأمين العام في المؤتمر التنظيمي للوفاق..

 

قال لي واحدٌ من الوفد: نحن عندما جلسنا معكم وتكلّمنا، رأينا أناسًا متحضّرين، عندما أعطونا هذه الصور - واضعين صور الأمين العام في كلّ مكان - قلنا يبدو بأنّ هؤلاء متخلّفون مثل جماعتنا!

 

وهذا ماذا كان يريد أن يفعل الذي أعطاهم الصور؟ هو مسكين.. أدبياته جمعها ووضعها، لكنّه لا يفهم عقلية العالم..

 

وأنا قلتُ لهؤلاء الذين كانوا يصدرون الجريدة: أنا لا أريد أن أرى شكل وجه الأمين العام على هذه الجريدة.. ألا تقدرون؟! لا أريد أنْ أرى شكل وجه الأمين العام.. لا أريد أنْ أراه!

 

هنا الذي يفعله جماعتنا هو نفس الموضوع.. هم يفكرون بأنّهم يُحسنون إلى الملك إذا أطلقوا توقيعاتٍ في الشوارع.. لا يدرون بأنّهم يُهينون الوضع كاملًا، يُسيئون للوضع كاملًا، مثل جماعتي وصورِهم.. أليسَ فيكم رجلٌ رشيد؟

 

الصيرورة التاريخيّة في التحوّل نحو الديمقراطية

 

وبتعبيرٍ آخر: إرادة الشعب، وبتعبير ثالث: إرادة الأمة.. والتعبير الثاني والثالث يقترب من الاصطلاحات الإسلاميّة في معالجة النظام السياسيّ.

 

بعد المعصوم - وحتى الجدل قائمٌ في زمن المعصوم، وفُسِّرَت البيعة لرسول الله (الأولى والثانية)، وبيعة الخلفاء (ومن ضمنهم علي بن أبي طالب) تُستخدَم كدليلٍ على هذا المعنى: أنه لا تُفعَّل الحاكمية الفعليّة إلى أيّ جهةٍ إلّا بموافقة الأمة..

 

الآن هناك نظريتان.. حتى على المعصوم، حتى يصبح رئيس حكومة، حتّى يُجري الأمور، هناك نظريّة تقول بأنه يشترط بيعة الأمة.. هو معصومٌ من الله، لكن هناك نظريةٌ هكذا..

 

بعدَ المعصوم لا توجد نظريةٌ غير هكذا.. بعد المعصوم ليس لكَ مَفَرٌّ إلّا إرادة الأمّة.. لا يوجد.. لا بدَّ من إرادة الأمّة..

 

الآن تختلف النظريات السياسيّة بتفاصيل مَن ومواصفات وشروط مَن يتولّى المسؤولية في الفكر الإسلاميّ، لكن لا يوجد طريقٌ إلّا أنْ تقول الأمّة (نعم).. لا يوجد طريق.. هذا في الفكر الدينيّ بحسب فهمي..

 

قبل أربعة قرون تقريبًا أو أكثر - هي بدأت في بريطانيا بتدرّجٍ طويل -.. قبل أربعة قرون بدأت البشرية تنتقل من نظامٍ استبداديّ يقوم على كذبة «الدم الأزرق».. لذلك هناك واحدٌ اسمه (كرومن) في فترةٍ من فترات التاريخ البريطانيّ قطع رأس الملك، وصبغ يده بدمه ورفعها، وقال: يا جماعة، يبدو بأنّ دمهم مثل دمنا، لا يوجد شيءٌ اسمه دم أزرق.. الكذبة التي خدعونا بها لعشرين قرنًا ظهر بأنها هراء.. والحق الإلهي (الذي ينزل في أسرة معينة أو في شخص معين يسمّونه الحق الإلهي)..

 

وقطعت بريطانيا في عملية تطوّرٍ تدريجيّ طويل، وانتقلت من الدم الأزرق والحق الإلهي إلى مجلس اللوردات ثمّ مجلس العموم (إرادة الشعب)، وطوّرت نظامها الملكي وفقًا لهذه الصيرورة.

 

واختار الفرنسيون أنْ يعدموا ويقطعوا رأس لويس (الرابع عشر أو السادس عشر ظاهرًا)، ويبدؤوا حركتهم نحو حكم الشعب وفقًا للمبادئ الفرنسيّة من العدالة والمساواة والحرّية، والتحق بهم الأمريكيون بعد حرب الاستقلال، والتحق العالم أجمع بعد ذلك بهذا العنوان: «الديمقراطية»، «إرادة الشعب»، «إرادة الأمة».. أيّ عنوانٍ تختار.

 

والتحق العالم كلّه - ما بين حقبةٍ من الحقب تلتحق منطقةٌ من المناطق - بركب الخضوع إلى الإرادة الشعبية وإرادة الأمة كمصدرٍ إلى السلطة.

 

وكان من آخر المعاقل الدكتاتوريّة التي ترفض الخضوع لإرادة الأمة هو (العالم العربي) بفِعل عناصر متعدّدة. وها هي رياح التغيير قد هبّت من قلب العالم العربي (من مصر) وامتدّت إلى كل أقطاره. ولن تقف هذه الرياح إلّا وستصل إلى كلّ بقعةٍ من بقاع العالم العربي والإسلامي.

 

سبقنا العالم العربي.. سبقنا العالم الإسلامي.. فقد أخذت ماليزيا تحوّلها العاقل إلى الديمقراطية، والتحقت بها إندونيسيا.. وباكستان ترفع يدًا وتُنزِل يدًا بين انقلابٍ عسكريّ وبين انتخاباتٍ.. وذاهبةٍ آتية، ترفع وتنزل.. ولكن ليس لها طريقٌ إلّا إليه.. ولو مضت في طريق الديمقراطية لكان حالها الآن أحسن من الهند التي استقرّت على نظامٍ ديمقراطي، وستكون - بعد إرادة الله - بعد 20 سنة إذا لم تكن القوة الأولى، الثانية، الثالثة في العالم اقتصاديًّا وسياسيًّا.. بلدٌ به 500 لغة، 500 دين.. ليس سنةً وشيعة.. خمسة «قرعان» البحرين.. ما البحرين؟ أسرةٌ واحدة، عائلةٌ واحدة.. بلدٌ به 500 لغة وَجَد طريقه، ولولا هذا لكانت الهند حربًا في كلّ يوم.. لولا الديمقراطية لكانت الهند في حربٍ كلّ يوم.

 

رياح الديمقراطية ستصل إلى كلّ مكان، والذي يحاربها هو يحارب الرياح (هناك رواية تنتهي برجلٍ يحارب الريح).. من يحاول أنْ يقف في وجه الديمقراطية هو يحارب الريح.

 

ستصل الديمقراطية إلى كلّ مكان. العقل يقول: أستخدم هذه الرياح في خدمة البناء والاستقرار.. وتحقق مصلحة جميع أطراف المجتمع كما فعل البريطانيون في تاريخهم، وكما يفعل ملك المغرب - كما فعل ملوك المغرب سابقًا ويفعل ملك المغرب اليوم - من أجل أنْ يطوّر ويستفيد من هذه الرياح الاستفادة التي تجعل وتوطّد الاستقرار والأمن، وتطلق عجلة التنمية.

 

هذا هو النموذج الذي ندعو له ونتبنّاه. وأمّا النموذج الفرنسي، وبعد ذلك حديثًا التونسي والمصري، فهو لا يستأذن من أحد. إذا أُقفِلَت الأبواب على النموذج البريطاني والمغربي، فلا يستأذن النموذج الفرنسي في أنْ يُطلّ برأسه من أحدٍ من الناس.. لا يستأذن من أحد..

 

إنّ العقل يدعونا لأنْ نتعاون جميعًا في إحداث التحوّل نحو الديمقراطية بشكلٍ توافقيّ وبطريقة سَلِسَة تُحقق الفوز للجميع ويربح منها جميع الوطن. أعتقد أنّ هذا ممكن.

 

ماذا نريد لوطننا؟

 

نريد لوطننا أمنًا واستقرارًا يشعر به الجميع سنّةً وشيعة، ملكًا وشعبًا.

 

نريد لوطننا أنْ يكون وطنًا ينتمي إلى العالم المتحضّر لا العالم المتخلّف، والعالم الديمقراطي لا العالم الدكتاتوري.

 

نريد لوطننا استثمارًا أمثَل لثرواته، وتنميةً دائمة.

 

نريد لوطننا رفاهًا لمواطنيه جميعًا عبر خدماتٍ أفضل في الإسكان والصحة والتعليم والطرق وغيرها من الأمور.

 

نريد لوطننا أنْ يشعر فيه الشيعيّ والسنّي بالكرامة والحرّية، ولا نريد أنْ نجد نوعًا من أنواع العبوديّة الطوعيّة أو المكره عليها الإنسان.

 

نريد لوطننا أنْ يشعر فيه الأب والأم من السنّة والشيعة (الأب الشيعي والأم الشيعية والأب السنّي والأم السنّية) بأنّ مستقبل أبنائهم مضمونٌ ومستقر.

 

نريد لوطننا ديمقراطيةً حقيقية؛ لأنّه لا يتحقق ما نطلب ونصبو إليه إلّا بديمقراطيّةٍ حقيقيّة وتداولٍ سلميٍّ للسلطة عبر حكومةٍ منتخبة، أو بتعبير سمو وليّ العهد: حكومة تُمثِّل إرادة الشعب.

 

فهل مِن منكَرٍ فيما نريد؟!

 

فهل مِن منكَرٍ فيما نريد؟!

 

أَليسَ هذا عَدلًا؟!

 

أَليسَ هذا مصلحة الدولة ومصلحة البلاد والعباد اليوم وغدًا؟!

 

غفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.