من لم يعرف آيات القرمزي.. سيعتقد أنها مجرد فتاة عشرينية سجنت يوماً في سجون آل خليفة المظلمة بجرم أنها أجادت نظم أبيات نالت من قداسة المملكة ومن الهالة المحاطة برموز الحكم.

 

ولكن الحديث مع الشاعرة العشرينية سيغير بعض ملامح الصورة! ابنة الأعوام العشرين التي لم تخض في زواريب السياسة وتعقيداتها في حديثك معها ستجدها واعية بما فيه الكفاية لتعبر عن نبض شاعر يلتهب.. وليليق بها لقب "شاعرة الثورة".

 

"ما كان وقوفي في الدوار بغرض مهاجمة النظام، بل بغرض عرض معاناة الشعب" هذا ما قالته آيات في حديثها مع موقع قناة المنار، إذ أنها تعتقد أن جوهر الأزمة في البحرين لا يمكن في رموز النظام كأشخاص بقدر ما يكمن في السياسة المنتهجة.

 

وتضيف "نحن نعاني من أزمة في الثقة وفي الكرامة.. خصوصاً وأنّا كمعتقلين تعرضنا لأبشع الانتهاكات."

 

تسعة أيام قضيتها في التعذيب

 

وتسرد القرمزي ما تعرضت له من تعذيب وضرب وحشي:" منذ اللحظة الأولى التي اقتدت فيها إلى سيارة الأمن بدؤوا بتعذيبي، وانهال عليّ رجال الأمن ضرباً على وجهي، كانوا يضربونني بشكل عشوائي، وما أن وصلت إلى مبنى إدارة التحقيقات حتى أخذ مجموعة رجال أمن هناك يركلونني ويضربونني على وجهي."

 

"هناك أبقوا علي في غرفة صغيرة رائحتها سيئة جداً وقذرة وممتلئة بالحشرات، حيث كنت أتعرض لضرب مستمر وشتيمة من دون أي تحقيق."

 

وتضيف القرمزي "قضيت هناك 9 أيام فقط في التعذيب في دائرة التحقيقات، مع أن التحقيق عادة ما يأخذ يوماً أو اثنين... وكان التحقيق جداً تافه، كان الحيز الأكبر من حديث المحقق هو تذكيري الدائم بأنني أدرس على نفقة الدولة وأن أبي درس على نفقة الدولة، وأنه يعمل حالياً في وزارة حكومية، وأن منزلنا الذي نقطن فيه للدولة وغيره.. فيما حدثوني بشكل عابر عن القصيدة التي ألقيتها في الدوار."

 

بعد الفترة التي قضيتها في الدوار "نقلت إلى مركز الحبس الاحتياطي، وهو كالسجن حيث يتم الإبقاء على المعتقلين حتى يصدر بحقهم الحكم. أبقوني هناك في غرفة منفردة لأيام عدة، بحكم أن آثار التعذيب كانت ظاهرة على وجهي، احتجزوني هناك حتى تزول عني آثار التعذيب، ومن ثم عندما أخرجوني من الغرفة سمحوا لي بمكالمة أهلي.. لم أكلم أهلي إلا بعد مضي ستة عشر يوماً على اعتقالي"، تقول القرمزي.

 

فيديو الاعتذار والضرب المبرح

 

وعن تصوير الفيديو الذي عرضه تلفزيون البحرين الرسمي للشاعر البحرينية وهي تقدم اعتذاراً من الملك ورئيس الحكومة قالت آيات: "بعد نقلي من إدارة التحقيقات إلى الحبس الاحتياطي، عصبوا لي عيوني وأخذوني من دون أن أعرف إلى أين، أدخلوني إلى غرفة وكان في داخلها شخص مقنع هددني وقال: لقد جربتِ ضربنا بما فيه الكفاية، وإذا كنتِ تريدين تكرار التجربة فليس عليكِ إلا أن تقولي عكس ما أطلب منك!"

 

وتابعت " قال لي ما ينبغي أن تقولي كذا وكذا.. وطلب مني أن أظهر بالفيديو بشكل مرتاح وطبيعي، وقال بأن ما سيصور سيحفظ في أرشيف الفيديوهات ولن يتم عرضه."

 

"بعدها أُدخلت إلى غرفة التصوير، المصور هناك كان غالباً ما يقطع التصوير ليطلب مني بأن أظهر بصورة طبيعية وليذكرني بما ينبغي أن أقول وبأي طريقة، مع أنني كنت مرتبكة جداً لأنني كنت محاطة بعشرين رجل مقنع."

 

وتضيف القرمزي "فور انتهاء تصوير الفيديو، أخذوا يضربونني بشدة، وضربت بالخشب على رأسي.. أعادوني إلى الحبس الاحتياطي، كانوا يخافون من أن يكون الضرب قد تسبب لي بعاهة، خاصة وأني كنت أعاني من ألم في الرأس فأحضروا لي طبيب.. كانوا يضربوني ويحضرون لي الطبيب!"

 

انبهرت جداً ورفعت رأسي بشعب البحرين

 

وعن مقابلتها لممثلين عن منظمات حقوقية وإنسانية أو شخصيات تابعة للجنة تقصي الحقائق التي شكلها الملك قالت القرمزي " لم أقابل أحدا من ممثلي المنظمات الحقوقية والإنسانية، ولكن في الأيام الأخيرة زارني كاتب جزائري، من كلامه عرفت أنه ينتمي إلى النظام زارني لمدة 10 دقائق، قال لي أنه ينبغي أن أكون قوية، وأن الشاعر مفترض أن يخدم بلده بشعر، لا أن ينتهك حرمة الرموز.. وقبل أن يخرج قالي لي: إن شاء لله في المستقبل تكوني شاعرة كبيرة وستكتبين من أجل البحرين لا العكس، وخرج."

 

عندما أفرج عني وخرجت "صُدمت بردة الفعل الشعبية.. بُهرت بإصرار الناس وتمسكهم بموقفهم وتصميمهم على تحقيق المطالب، كما صُدمت بالعاطفة التي أظهرها الناس لي في استقبالهم، انبهرت جداً ورفعت رأسي بشعب البحرين."

 

وإذ رأت القرمزي أن لا جدوى من المشاركة بحوار شكلي واستعراضي؛ اعتبرت أن المطالبة بإسقاط النظام أو بتحقيق ملكية دستورية وسائل طرح تعددت لتحقيق هدف واحد.. وأشارت " هدفنا أن تكون البحرين بوضع ديمقراطي آمن يحقق آمال الشعب في النهاية طرق التعبير قد تختلف، إلا أن الهدف يبقى واحداً."