حي الله وعيكم:

 

أيها المؤمنون يا أبناء الشعب، حي الله وعيكم وصبركم وصمودكم وتضحياتكم على طريق المطالبة بحقوقكم العادلة التي لابد منها ولا غنى عنها، ولا يمكن التنكر لها وإهمالها.

 

وحي الله مطالبتكم الحقة الصادقة بإطلاق سراح الأخوة والأخوات والأبناء الأعزاء من السجناء المظلومين، وعودة المفصولين من المحاربين في اللقمة الشريفة إلى أعمالهم، والطلاب المحرومين ظلماً من دراستهم، والتوقف عن الاستمرار في آثم الفصل الإضراري للمدرسين والمدرسات والمربين والمربيات والأساتذة، وإنهاء كل الانتهاكات للحرمات والحقوق.

 

وحي الله مطالبتكم بالاعتراف بكل ما لهذا الشعب الكريم ـ لكل فئاته وطوائفه ـ من حقوق ثابتة كسائر الشعوب المحترمة عند نفسها وحكوماتها.

 

وحي الله سلميتكم التي أثبتت مصداقيتها طوال هذه المحنة، رغم كل التحديات والتعديات والانتهاكات التي واجهتموها، ورغم سيل الدماء والضحايا من الشهداء، وكل العذاب وكل السجون.

 

والسلمية التي كانت خياركم بالأمس، هي خياركم اليوم وغدا، وهي وسيلة نصر لا هزيمة، ودليل انضباط لا انهيار، وشدة وعي لا سذاجة.

 

ولابد مع سلمية الأسلوب من نزاهة الكلمة، ومع انضباطه انضباطها.

 

تدرس الكلمة التي لا مؤاخذة أخلاقية عليها، وتدرس قيمتها، لتقصى كل كلمة تضر ولا تنفع أو يكون ضررها أكبر من نفعها.

 

أخذ هذا على نفسي ما استطعت، وأقوله لكل الأعزاء ناصحاً، وعلينا أن نكون مثالاً صادقاً في أدبنا ـ فيما نقول، فيما نفعل ـ للإسلام، وأن نكون زيناً للإسلام لا شيناً عليه.

 

والكلمة السوء تُسقط،، والكلمة الضارة لا تنفع عند الله سبحانه وتعالى، وأي ضرر تجلبه كلمة غير منضبطة انضباطاً إسلامياً وخارجاً عن الحكمة لا يعذر الإنسان فيها، هذا الضرر لا يسجل له وإنما قد يصيبه من غير ثواب، قد يعاقب الطرف الآخر ولكني لا استحق الثواب لشيء أجره على نفسي من غير جدوى ومن غير فائدة.

 

أما الكلمة النابية، فلا ورود لها أساساً في قاموسكم[1]، ولا مكان لها على ألسنتكم، وتنصب الشعارات في أدب جم على المطالب والقضايا والحقوق والأهداف دون الذوات والأشخاص.

 

لا تسبوا لأن الأخر يسب، ولا تهبط الكلمة على ألسنتكم لأن الكلمة قد هبطت على لسان الآخر، ولا تدنوا من كلمة الفحش لأن الآخر يقترفها، ولا يحملنكم سوء الآخر على السوء، ولا ظلمه على الظلم، ولا سفهه على السفه. وعلينا بمراقبة الله عز وجل في كل ما نفعل ونقول، ولا يعدل بنا عن حكم الشريعة وأدبها وخلق الإسلام ما نواجه به من باطل، ونحن قد ووجهنا ولا زلنا نواجه بباطل كبير وكثير.

 

نحن أمام وضعية سياسية مرضية منحرفة مؤلمة، وهدفنا العلاج لا الاستفزاز، فلا مكان لأي شعار استفزازي، ولا لشعارات الموت والتسقيط فيما أرى.

 

الانتخابات التكميلية:

 

أعلنت الجمعيات السياسية المعارضة مقاطعتها للانتخابات التكميلية للمجلس النيابي، ذلك أن المشاركة في إنتاج مجلس نيابي يكرس الأزمة ويعمقها ويعطل حلها لا تعد رشدا، ولا موقفاً وطنياً مشرفا، بل هي مشاركة في المزيد من التأزيم للوضع المتأزم، وتعقيد فوق التعقيد، وتطويل لعمر الأزمة الذي طال، ولازال يراد له أن يطول بمجلس نيابي لا تسود فيه إلا كلمة الحكومة، ولا حضور فيه لرأي الشعب وإرادته.

 

وحماس الشارع المعارض أشد من حماس الجمعيات السياسية التي أعلنت معارضتها، فماذا سيعني هذا المجلس بعد ذلك؟! وكيف ستقابل الدعوة للانتخاب المتعلق به؟!

 

تحذر بعض التصريحات الرسمية من أن يثبط أحد الشارع عن الانتخاب، ولهم ذلك، ولكن أسأل: وهل الشارع المعارض الرافض بقوة لأي مجلس نيابي من هذا الوزن، مستعد لأن يسمع من أحد تشجيعاً، أو محتاج إلى أن يسمع من أحد تثبيطا؟

 

الكل يعرف، أن الشارع المعارض على سعته وكثافته، هو المتحمس الأول لموقف المقاطعة، ولم يكن ينتظر في الكثير منه مقاطعة الجمعيات ليقاطع، ولا حاجة لمن يريد مقاطعة الشارع أن يشجعه على ذلك، فقرار الشارع المعارض قد اتخذه ولم ينتظر به تشجيعاً أو تثبيطا.

 

ذاك هو الانتخاب، أما الترشح في هذه الانتخابات فيرجع إلى تقدير الشخص الراغب في ذلك، ولا يُظن في الشارع أبداً أن يواجه أحداً بالقوة لو اختار الترشح والمشاركة، ولا ينصحه أحد بذلك، بل نصيحتي شخصياً ـ أنا ـ على خلافه.

 

ولكن التمثيل الذي سيكون لأي مرشح عن الشارع المقاطع، إنما هو تمثيل شخصي لنفسه إلم يكن تمثيلاً عن الحكومة، وكيف يمثل مرشح الرأي العام الذي يتقدم مرشحا باسمه، وقد ضرب بوجهة نظر هذا الشارع عرض الحائط منذ البداية، في تجاوز واضح له، ومضادة صارخة لتوجهه؟! هذا مرشح لا صلة له بهذا الشارع ولا صلة للشارع به.

 

وإن ناتج انتخابات في ظل المقاطعة الواسعة المتوقعة إنما هو مجلس نيابي من لون واحد، مجلس موالاة خالص لا مكان فيه للمعارضة، ومؤسسة حكومية لا صوت للشعب فيها على الحقيقة، وهذا ما خططت له الحكومة بكل مقدمات هذا الانتخاب.

 

أيدت دول الخليج بعض الثورات العربية، وتحمست لها، وذهبت مع تغيير النظام السياسي الذي ذهب إليه ذلك البعض من الثورات، واعترفت لوجه وآخر من الوجوه بنتائج من نتائج بعض آخر من الثورات التغييرية في الساحة العربية نفسها كما في مصر وتونس، وقد اقترحت على علي صالح التنحي، هذا كله حاصل ولا نقاش لنا فيه، ولكن لماذا البحرين الخليجية لا يكون فيها إصلاح سياسي؟ ولماذا يقابل التحرك السياسي الإصلاحي فيها بالإعلام المضاد وحشد الجيوش؟ لماذا لا إصلاح على المستوى السياسي في البحرين، الآن الإصلاح السياسي فيها قد وصل القمة ولا يقبل المزيد؟ أم لأن الشعب من الدونية والحقارة بحيث لا يستحق أن يلب له مطلب الإصلاح؟ أم لأن هذا الشعب همج رعاع لا يعرف شيءً من سياسة، وليس بمستوى أن يشارك في حكم، وأن يقول كلمة في مصيره، ويرى رأياً في أمر نفسه؟ أم أن الحكومة هنا إلهٌ لا يسأله الناس وهم يُسألون؟ أم أنها حكومة لا تحب الإصلاح ولا تهتدي إليه؟ هل نمثل نحن حالة استثناء من كل الأمة ومن كل العالم بحيث للجميع أن يتحرك للأمام، وعلى الجميع أن يتقدم، أما نحن فليس لنا إلا المراوحة في المكان، والرضا بالموقع الدون وأخس المواقع؟ ماذا تختار الحكومة وأنصار الحكومة من تعليل، وهل يملك واحد من هذه التعليلات وأمثالها شيء من عدالة، شيء من مقبولية عقلية أو دينية أو واقعية، شيء من وجاهة؟ لا شيء من ذلك على الإطلاق.

 

ـــــــــــــــ

 

[1] أنتم أنظف من ذلك وأبعد وأجل.