موقف مجلس الأمن من القضية الفلسطينية

دعم مجلس الأمن للصهاينة

والقضية الاُخرى هي الفاجعة الأليمة التي وقعت في الحرم الإبراهيمي الشريف حيث قام الكيان الصهيوني الغاصب أمام أنظار العالم بالهجوم على المصلّين فقتل العشرات منهم وجرح المئات دون أن يحرِّك مجلس الأمن الدولي ساكناً بالرغم من أنّ الواجب كان يُحتِّم إدانة إسرائيل ومحاكمتها وفرض عقوبات صارمة عليها لارتكابها تلك الجريمة المروّعة.

ولكنّ الاُمم المتحدة لم تقم بأيٍّ من هذه الخطوات؛ بسبب هيمنة القوى الكبرى وبالأخص أمريكا على مجلس الأمن الدولي وعلى شخص السكرتير العام للاُمم المتحدة.

اُنظروا إلى عالم اليوم؛ فها هو شعب فلسطين المظلوم لا يستطيع ايصال صوته إلى أسماع العالم، ولكن دولة كالدولة الصهيونية الغاصبة، وشعب كالشعب الصهيوني يتحدث في ارض فلسطين وفي المحافل الدولية، والآخرون يصغون لكلام الظالم الغاصب مصاص الدماء ولا يصغون، بل ويرفضون كلام المظلوم المشرّد من داره !

هذا هو العالم الاستكباري والعالم المادي. الحكومة الصهيونية تهدم بالجرافات دور الأهالي في بيت المقدس، وتشرّد النساء والرجال والأطفال والشبان الذين تزوجوا حديثاً، والاُسر التي تعيش في هذه الأرض منذ عدّة قرون، لتبني على أنقاضها مستوطنة يهودية. وقد رفع العالم ـ على كل حال ـ صوته بالاحتجاج على هذه المأساة، ولكنهم حيث أرادوا التصويت في مجلس الأمن ضد هذا الظلم الصارخ الذي لا يستطيع المرء وصف فداحته، نقضته الحكومة الأمريكية بحق (الفيتو). ومن المؤكد ان ذلك القرار من القرارات العادلة المعدودة التي يصدرها مجلس الأمن ، لكن أمريكا المتجبّرة الظالمة الغاشمة صوتت ضده بحق (الفيتو). هذا هو واقع السياسة الدولية.

يا أعزائي، هذا هو الذي يدفعنا إلى رفع شعار الموت للاستكبار العالمي وارسال اللعنات عليه منذ ثماني عشرة سنة، بل لو بقي هذا الاستكبار ـ لاسمح اللّه ـ مائة وثمانين سنة اُخرى، فسنبقى نلعنه.

أمّا لو وقعت حادثة لأحد المعتدين في أرض فلسطين التي اغتصبوها عنوة، تبادر الصحف الأمريكية فوراً إلى نشر صور وتفاصيل القضية وتكثر من النياح عليه ـ فيما لو قتل ـ وتؤكد ان له أُماً وزوجة وأطفالاً! فهل الذين يشردون من ديارهم ليس لهم زوجات واطفال؟ أليسوا مظلومين؟ ألا يستحقون الرأفة والشفقة؟ عندها تخرس أبواق الصحف والاذاعات العالمية، ولا تنطق بكلمة واحدة تفضح فيها هذا التعدي السافر ! هذا هو عالم الاستكبار. وهذا هو معنى الاعلام الغربي المغرض الذي أثار ضجة المصلحين في العالم بادانته، ونحن كثيراً ما نكرر هذه الادانة.

استعمال حق النقض (الفيتو) ضد الشعب الفلسطيني

ليس ثمة نظام في عالم اليوم يضاهي الصهاينة من حيث الظلم والفاشية والتمييز العنصري والارهاب وسوء السلوك. الكيان الصهيوني كيان إرهابي وعنصري وغاصب وظالم ومخادع ومثير للاضطرابات في الحكومات والدول والشعوب . ولو اطلع أحد على وثائقهم الأمنية المعلنة فانّه يلاحظ كل هذا. هذا النظام يمارس أبشع أنواع الظلم ضد العرب المسلمين أصحاب تلك الأرض الذين لا يسكنون فيها فقط وانما هم أصحابها أيضاً. وهذا الكيان لا يتعرض ـ حتى بنسبة واحد بالمائة من ظلمه ـ للاستنكار من جانب القوى العالمية ، ولو عرضت حالة واحدة منها في مجلس الأمن وأصدر قراراً ضد الكيان الصهيوني، تصوت أمريكا ضد ذلك القرار بحق النقض (الفيتو). اُنظروا مدى وقاحتهم ومدى مناصرتهم للظلم والجور.

شهد العالم الإسلامي في الأسابيع الأخيرة استخدام حكومة الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) مرتين متواليتين في مجلس الأمن تجاه قرار يدين النظام الصهيوني لهدمه بيوت المسلمين في الجانب الشرقي من القدس. وهذه هي أمريكا نفسها التي تستمد القسم الأعظم من ثروتها وقدراتها من امكانات البلدان العربية المسلمة وكثير من حكومات هذه البلدان قدّمت لها ـ صراحة ـ ودها واحترامها وثروتها، بل قسماً من ترابها ! لماذا لا تتنازل أمريكا أمام هذا التودد بالقول والعمل حتى ولو لمرة واحدة فتراعي رغبة هذه البلدان ومطاليبها بشأن قضية فلسطين ؟