واعتصموا بحبل الله

أشكال الوحدة، الوحدة بين الدين والسياسة

يجب الاهتمام بقضية الوحدة بين الدين والسياسة في النفقة وفي العمل. وليعلم الأخوة فكرة فصل الدين عن السياسة هي آفة لم تستأصل بشكل كامل ولا تزال الى الآن موجودة في الحوزات مع الأسف. وهناك من يتصور أن على الحوزات الانشغال بأعمالها وأهل السياسة وإدارة البلد ينشغلون بأعمالهم وأمورهم والمطلوب هو أن لا يختلفوا فقط إما أن يكون الدين في خدمة إدارة حياة الناس وان تتغذى السياسة من الدين، فهي مسألة لم تحظى باهتمام البعض لحد الآن. يجب تأصيل وترسيخ فكرة وحدة الدين والسياسة في الحوزة بحيث تكون الفقاهة والاستنباط الفقهي على أساس إدارة النظام والمجتمع لا مجرد الإدارة الفردية.

الوحدة بين الحكومة والشعب

إنني اُوصيكم أيّها الشباب خاصّة والمجاهدون وعوائل الشهداء والمعوّقون والأحرار أن تتحسّسوا مؤامرات الأعداء وتدركوها وهي في المهد. اُولئك الذين يحاولون زرع بذور الفرقة. واُولئك الذين يريدون خلق حاجز بين الشعب والحكومة. واُولئك الذين يسعون للتقليل من شأن الحكومة والمسؤولين المجتهدين والمثابرين في أعين الشعب واحتقارهم واستصغار خدماتهم، شخّصوا من يتآمر جيداً. وهؤلاء سواعد الأعداء وألسنتهم الخبيثة التي تتحدّث نيابة عنهم. ولقد كان إمامنا العظيم رضوان الله عليه يعتمد دائماً على هذه اليقظة والإدراك الواسع، ولقد سعى الى أواخر عمره الشريف للمحافظة على هذه اليقظة لدى الشعب الإيراني، فلا تسمحوا بان تخدش هذه اليقظة ولو بمقدار رأس إبرة، لا ينبغي أن تسيطر على البعض المشاعر العمياء فيعظمون الأمور البسيطة، فيؤدّي ذلك الى أن يتجاهلوا وجود النظام والثورة وحكومة الجمهورية الإسلامية والأجهزة العاملة. احذروا من وقوع خطأ كهذا فيكون سبباً لابتهاج العدو.

الوحدة بين الشعوب الإسلامية

والوحدة الأعلى من الوحدة بين أعضاء شعب ودولة واحدة هي وحدة الاُمة الإسلامية. لو فسح حكام الدول الإسلامية المجال لشعوبهم للتعبير عن رأيهم وإظهار أحاسيسهم تجاه القضايا الدولية ووجهوا حركة شعوبهم فسوف يصلون الى نفس المستوى الذي وصل إليه الشعب الإيراني. وحينها سترون بأنفسكم ماذا يحصل على الصعيد العالمي. لو كانت هكذا وحدة ومواساة وتضامن موجودة بين الشعوب الإسلامية هل كان الأعداء يجرؤون على القيام بمحاصرة شعب البوسنة والهرسك الأعزل المظلوم بهذه الكيفية؟ وهل كانت المحافل الدولية تجرؤ على تجاهل هذه القضية وعدم اتخاذ رد فعل عملي تجاهها؟ حقا ان ما يحدث هذه الأيام أمر عجيب. فمع كل دعاواهم بالدفاع عن حقوق الإنسان، عندما تصل النوبة الى جماعة من المسلمين تصبح هذه الدعاوى قيد النسيان. ما هذا العناد الذي يبديه الأعداء وقوى الاستكبار العالمي للإسلام؟ إنها حرب صليبية يشنونها على الإسلام والمسلمين بحيث يرى الإنسان آثارها ونتائجها في كل مكان. ما هذه المظلومية التي يتعرض لها المسلمون في كل أرجاء العالم وفي كل مكان يتسلط الأعداء فيه عليهم؟ من أي شيء نشأ هذا الوضع؟ لقد نشأ عن وجود الفرقة بين المسلمين والاُمة الإسلامية والبلدان الإسلامية. وهذه الفرقة والخلاف من فعل الأعداء. فالدول الإسلامية لا يوجد تضاد مصلحي فيما بينهما. إن التكتل والتجمع مفيد للجميع لا لمجموعة معينة. الدول الإسلامية الكبيرة تستفيد أيضاً من وجود تكتل إسلامي. وكذا تستفيد منه الدول الصغيرة والضعيفة والفقيرة. إن وحدة كهذه في صالح الجميع. فمن الذي يضّر به وجود تكتل من هذا القبيل؟ من الذي يتضرر من اجتماع المسلمين؟ إنها تضر بالقوى التي تريد فرض أغراضها الفاسدة على المسلمين؟ فالفرقة بين المسلمين تعود بالفائدة على القوى المستكبرة كأمريكا وأقطاب السياسة الاستعمارية.

الوحدة الوطنية

يجب على الشعب أن يوحّد كلمته ويبني بلده بكلّ قوّة. فلا حاجة لنا في أحد. ولا يحاولوا الضغط علينا يقولوا أنّها أمريكا ولا يمكن مواجهتها؟ كلاّ، بل دعْ الأمريكيين يفكّرون ويقولون إنّها إيران الإسلامية ولا يمكن مواجهتها، كما هو حاصل الآن وللّه الحمد. ولا يمكنهم إيصال أي سوء إليكم ما شملكم الفضل الإلهي وأنظار ولي العصر (أرواحنا فداه).

كما يجب على أيّة صحيفة وفي أيّة دولة، شرقية كانت أم غربية أو من دول العالم الثالث أو أيّ مكان في العالم أن تسير في اتجاه تعميق الوحدة الوطنية بين أبناء شعبها، ولابدّ للصحافة أن تبقى وفيّة للمرتكزات التي تقوم عليها الوحدة الوطنية. والوحدة الوطنية ـ بمعناها الواقعي ـ هي الاُسس التي تُبنى عليها العلاقة بين أفراد المجتمع، وحلقات الوصل التي تربط بين أبناء الشعب الواحد والتي على أساس وجودها يمكن أن يسمى الشعب شعباً.

طبعاً مثل هذه المسؤولية ملقاة على عاتق كلّ فرد من أبناء المجتمع، ولكن لا يمكن قياس الدور الذي تلعبه الصحيفة بالدور الذي يمكن أن يقوم به الفرد.

وحدة الكلمة

إنّ الواجب الملقى على عاتق هذه الاُمّة العظيمة اليوم، تجاه رسولها ومنقذها وإمامها وأمانة الله المودعة فيها، وأحبّ إنسان لديها ـ أعني النبي الأكرم محمّد صلى الله عليه وآله ـ هي أن تحفظ عزّتها وشوكتها من خلال الحفاظ على وحدة كلمتها. هذا هو الواجب الّذي يتحتّم على الاُمّة القيام به. فكما أنّ الاُمّة تنتظر من الرسول هديّة بمناسبة العيد، كذلك لابدّ للاُمّة من أن تقدّم هدية للرسول صلى الله عليه وآله في العيد، وهي أن تحفظ وحدتها وتصون عزّة وكرامة النبي صلى الله عليه وآله.

وحدة القوات المسلحة

إنّ الجيش والحرس يعتبران اليوم قوّتين عسكريتين متعاضدتين تحت قيادة موحّدة وبإسم مقدّس (القوات المسلّحة في الجمهورية الإسلامية)، هما جنود الله والقرآن والحقيقة والقيم الإنسانية السامية التي لا ينكرها أحد، كلّ منهما في حدود وظائفه المحدّدة.

إنّني اُوصيكم أيّها الأعزّة في الجيش والحرس وسائر القوات المسلّحة أن تحتفظوا بهذه الروحية والقدرة والعزّة التي حصلتم عليها تحت ظلّ الوحدة والشجاعة، وأن تبنوا أنفسكم ما أمكنكم. عليكم أن تكونوا نموذجاً للنظم والشجاعة والإخلاص.. هذه هي وظيفة القوّات المسلّحة حتّى يغدو بإمكانكم أن تظهروا شجاعتكم وتضحياتكم في ميادين الشجاعة بنجاح وأن تنجزوا واجباتكم تجاه هذه البلاد وهذا الشعب وأحكام الإسلام الوضّاءة.

اتّحدوا حتّى يؤيّدكم الله.. كونوا مع الناس حتّى يتغمّدكم الله بفضله ولطفه عن طريق عباده الصالحين.. كونوا مع الله حتّى يهديكم سبله ويوفّقكم ويأخذ بكم إلى سواء الطريق.

الوحدة بين المسؤولين وأبناء الشعب

ومن المظاهر الأُخرى للوحدة هي الوحدة بين أبناء الشعب والمتصدين لزمام الأُمور. وتكمن إحدى المشاكل الكبرى التي تعاني منها الدول، في هذا الباب من القضية. في سائر الدول ثمة شرخ عميق بين عامة الشعب أو قطاعات كبيرة منه والأجهزة التنفيذية إلى درجة تقع مصالح الشعب برّمتها ضحية لهذا الاختلاف، ابتداءً من الطعام والشراب، وحتى أمنهم واستقرارهم، وحتى أن بعض البلدان الأوروبية شهدت على مدى عشر سنوات تعاقب عشر حكومات على سدة الحكم. ويعزى سبب ذلك إلى تنافس الفئات التي لا تعبأ بمصالح بلدانها، وإنما تفكر في إطار مصالحها الفئوية الضيّقة. تلاحظون إلى جوارنا في أفغانستان كيف أن الفصائل المتخاصمة هناك ـ مع أنها تنتمي بأجمعها إلى أفغانستان ـ تتناحر في ما بينها بشكل لا يفعله حتى الأعداء الألدّاء. وهذا من أسباب شقاء وبلاء الشعب الذي يبتليه اللّه بمثل هذا التناحر. الشعب الذي يتقاتل فيه الأبناء مع بعضهم ويفكر كل منهم بمصلحته الخاصة تكون مصلحة عموم الشعب فيه هي الضحية.

قوات التعبئة مظهر لوحدة الشعب

تجسد قوات التعبئة في الحقيقة مظهر وحدة مقدسة بين أبناء الشعب. وان جميع الميادين التي ساهمت فيها قوات التعبئة كانت ميادين شعبية تعود للشعب كلّه ـ كميادين الدفاع المقدس، وميادين البناء والخدمات العامّة ـ والبلد لا يستغني على الإطلاق عن مثل هذه الثلّة العظيمة التي تتألف من خيرة أبناء هذا البلد وبهذه الخصائص التي يحملونها، في أي وقت من الأوقات.

قوات التعبئة تمثل في الواقع مظهراً للعشق والإيمان والوعي والمجاهدة والاستعداد التام لرفعة البلد والشعب. وأنتم بصفتكم قوى مؤمنة وواعية في هذه القوات، عليكم أن تدركوا قدر هذه الخصوصية التي تحملونها.

الوحدة في ظل التمسك باحكام الله

لقد تلاحمت جهود الشعب والحكومة والمسؤولين والطاقات الثقافية والاقتصادية والقوى العاملة رجالاً ونساءً، مع بعضها. ولهذا يجب أن تكون صفوف الشعب متراصّة وبقلب واحد وصوت واحد، وتسير بخطوات موحّدة وفي اتجاه واحد. كما وينبغي أن يسير المسؤولون والشعب في اتجاه واحد. فالمسؤولون بحمد اللّه أمناء وحريصون وثقاة، ويحملون نوايا طيبة وخالصة، ونحن نراهم عن كثب ونعرفهم تمام المعرفة؛ وهم يبذلون جهوداً لا يستهان بها. كما أن النهج هو النهج القويم الذي رسمته الثورة، وسيتواصل السير عليه بدون أدنى انحراف عن الاتجاه الذي حدّدته الثورة؛ وهو اتجاه القرآن الثوري والإسلام الحقيقي.

وحدة اللسان والقلب

رؤية جموع الحجاج العظيمة القادمة من أرجاء العالم بلغاتها وألوانها وأجناسها المختلفة توسع آفاق نظرة المسلمين وتجعلها تتجاوز الأطر الشخصية والقومية والوطنية، وواجب السلوك الأخوي الإسلامي يدفع المسلمين إلى التعارف ووحدة اللسان والقلب وإلى انتشار المعلومات المتعلقة بالشعوب في أرجاء العالم وإلى إحباط المؤامرات الإعلامية للأعداء، تلك المؤامرات التي تستهدف دائماً وخاصة في أيامنا هذه قلب الحقائق ونشر الأكاذيب والشائعات، وتدفع أيضاً إلى زوال الفواصل المكانية واللغوية بتبيين ما حققه شعب من منجزات تبعث الأمل في قلوب الشعوب الأخرى، وبشرح تجربة أحد البلدان تضاف إلى البلد الآخر تجارب جديدة، وبطرح ما يعانيه بلد من مصائب يتجه الآخرون إلى التفكير في العلاج فيزول الشعور بالانزواء والانفراد من الأفراد والشعوب وتتحطم أبهة العدو في أعينهم.

وحدة الكلمة

معرفة عظمة اللّه ورحمته في الحج تعني التأمل في رفع قواعد هذا البيت الذي هو بيت اللّه وهو في الوقت نفسه بيت الناس أيضاً:{ان أول بيت وضع للناس ببكة مباركاً وهدى للعالمين}.

انه البقعة التي يتجه إليها الإنسان الخاشع المتبتل، وانه أيضاً محل تجلي عظمة الدين الإلهي.. خليط من العظمة والصفاء والبساطة، ذكرى أول نداء للتوحيد ومحط لتحقق وحدة الكلمة.

الوحدة بين مؤسسات ومفاصل القوات المسلحة

من الطبيعي أنكم كلما كنتم أقوى، كان ذلك أفضل لحفظ هذا البلد واستقلاله الحقيقي الذي ناله بفضل ثورته الإسلامية. لا ينبغي لكم الوقوف عند حد معيّن في تقوية الروح المعنوية لديكم وفي تقوية الاستعداد الفكري والإداري والتزود بالمعدات والآلات. تجهزوا بكل ما يستلزمه أمر الجيش، وحافظوا جهد المستطاع على الوحدة بين مؤسسات ومفاصل القوات المسلحة ـ التي تتألف في بلدنا من مؤسسات الجيش، وحرس الثورة الإسلامية، وقوى الأمن الداخلي، وإلى جانبها قوات التعبئة الشعبية ـ فالوحدة ركيزة القوّة؛ وان من أكبر أسباب اقتدار القوات المسلّحة هي وحدتها. هناك بين المؤسسات حدود فاصلة، ولكن ينبغي أن يكون في ما بينها تلاحم وترابط معنوي وأخوي مطلق.

الوحدة الوطنية والأمن القومي

إنني أعتقد أن شعارنا الأكبر في هذا العام الجديد يمكن أن يكون “الوحدة الوطنية” و”الأمن القومي”، فهذان شعاران أساسيان لنا؛ إن “الوحدة الوطنية” هي الشيء الذي يمكن أن يكون ضمانة لكافة مساعي الحكام والمسؤولين والمناضلين والمخلصين في هذا البلد وهذه الثورة، فبدون الوحدة الوطنية سيفقد هذا البلد طاقته الكبرى وروح عظمته؛ وها نحن نجد أنّ أعداء هذا الشعب يبذلون جهودهم الحثيثة من أجل المساس بهذه الوحدة الوطنية. فالوحدة الوطنية شعار أساسي وحيوي لبلادنا، وهو شعار لا يقتصر على طبقة خاصّة، بل يشمل كافة الفئات الشعبية، ولاسيما المسؤولين الذين تقع على كاهلهم المسؤولية أكثر من الآخرين، وكذلك السياسيين وشتّى المشتغلين بالنشاط السياسي؛ فالوحدة الوطنية هي الشعار الأكبر لكافة أبناء الشعب.

وأمّا “الأمن القومي” فإنه إذا لم يتحقق فلن ينتعش الاقتصاد، ولن يبذل جهود للبناء والرقي؛ فانعدام الأمن القومي هو الخطر الذي يهدد كافة الشعوب. وإننا لو نظرنا إلى الشعوب الأخرى لرأينا مدى ما عانته جرّاء انعدام الأمن، ولوجدنا مدى ما أتاحه الأمن لشعبنا في السنوات الماضية من فرص ثمينة، وحينئذٍ تتجلى أمامنا أهمية الأمن القومي.

إنني آمل أن يحافظ كافّة المسؤولين وكلّ أبناء الشعب وجميع الشخصيات المؤثرة في فكر الشعب وعقله ومشاعره ورسم طريقه على شعاري “الأمن القومي” و”الوحدة الوطنية” وأن يجسدوهما قولاً وعملاً وأن يتحركوا على طريق تحقيق هذين الهدفين العظيمين.

الوحدة الوطنية الأمن القومي هما شعار العام الجديد

إن الموضوع الذي أود التحدث عنه في الخطبة الثانية نابع من الإحساس بضرورة التفاف شعبنا ومجتمعنا اليوم حول محور الوحدة والانسجام كما أرى. لقد قلنا في مستهل هذا العام بأن "الوحدة الوطنية" و"الأمن القومي" هما شعار العام. وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أوضاع البلاد والقضايا المحلية والدولية، فإن ما ينبغي على المسؤولين والشعب هو تحقيق هذين الشعارين كل حسب استطاعته؛ فإذا تحققت الوحدة الوطنية والأمن القومي فسيكون بإمكان الحكومة تنفيذ مشاريعها والقيام بمسؤولياتها وواجباتها الكبرى وإنجاز برامجها البناءة ورفع المستوى الاقتصادي وتوفير فرص العمل ومتابعة قضايا الحياة اليومية لأبناء الشعب وكذلك الشؤون الثقافية. فلو لم تتحقق الوحدة الوطنية والأمن القومي لبرزت الخلافات والقلاقل وساد التوتر السياسي، وستكون الحكومة أول من يتلقى الصدمة لأنها لا تستطيع أداء مهامها؛ وإذا لم تقم الحكومة بواجباتها فإن الشعب والطبقات المستضعفة والشباب والذين ينتظرون انجازات الأجهزة المسؤولة سيؤول وضعهم إلى التردي. ومن هنا تتضح أهمية هذين الشعارين. إنني أؤكد كثيراً على "الوحدة الوطنية" لأن الأمن يقوم على الوحدة؛ وبدون الوحدة يصبح الأمن القومي في معرض الخطر وتعم الفوضى. فماذا نعني بالوحدة؟ هل نعني بها أن يفكر الجميع بأسلوب واحد؟ كلا. أو أن يكون للناس ذوق سياسي واحد؟ كلا. أو أن يُجمع الناس على أمر واحد وشخص واحد وشخصية واحدة وجناح واحد وتنظيم واحد؟ كلا. فالوحدة لا تعني هذا. إن وحدة الشعب تعني الابتعاد عن التفرقة والنفاق والنزاع والصراع. حتى إن الوحدة أيضاً هي بإمكان مجموعتين مختلفتين في العقيدة الدينية، التضامن معاً وتجنب التناحر. إن ما يمس تلك الوحدة هي تلكم المفاهيم الخاطئة التي تُلقى دائماً في أذهان الناس، فلكل واحد تفسير وتحليل، وطائفة هنا وأخرى هناك، وبذلك تبرز الضجة والخلافات التي لا داعي لها! وطبعاً فان العدو يستفيد من كل ذلك، ومن المحتمل جداً أن تكون له يد في هذه الأمور ـ إما في كلها أو في بعضها ـ أي إنه ليس باستطاعتنا تجاهل ذلك.

أسبقية الشعب إلى الوحدة الوطنية

أما على صعيد الوحدة فإن الشعب هو السباق دوماً وهو يتقدمنا جميعاً يا أعزائي؛ أقولها بصراحة إنني كلما أنظر إلى نفسي وإلى ما يسعني أن أسلط بصري عليه أراني أجد الشعب يتقدمنا، فهاكم انظروا ما حدث في الثاني والعشرين من بهمن لهذا العام؛ فبالرغم من شدة الحملة الإعلامية الموجهة ضد النظام والثورة وضد الثاني والعشرين من بهمن، وضد الإمام، وما انطلقت من تصريحات منذ العام الماضي وحتى يومنا هذا لغرض التأثير على المخاطب الإيراني حيثما كان غير أن مشاركته لهذا العالم اتسمت بالاقتدار والاستقامة وعدم الاكتراث وعلى مستوى جميع شرائح الشعب التي نزلت إلى الشوارع كالموج العارم، مكتسحاً ما اعترضته من مزابل وحثالات. هكذا هو شعبنا؛ إنه شعب وحدوي يبادر إلى كل ما من شأنه تحقيق الوحدة، غير أن مما يؤسف له هو أن التيارات والفئات السياسية وأقطابها ـ وقليل ما هم ـ مازالوا يكتفون بالتشدق دون العمل والإذعان للحق. ولقد دعونا هؤلاء، وكانت لنا معهم جلسات وجلسات كي يرعووا، إلا أن النتيجة كانت «وكأن شيئاً لم يكن» وكأننا لم نتكلم معهم أبداً!

أثر الوحدة الوطنية على  استتباب الأمن

إن الوحدة الوطنية من عناصر استتباب الأمن؛ فعليكم بذل الجهود في هذا السبيل، وهذه هي مسؤوليتكم، وإن كانت سائر المرافق تتحمل المسؤولية أيضاً من قبيل المنظومات الإعلامية وأئمة الجمعة والإذاعة والتلفزيون، غير أن ساحة العمل في هذا المضمار بجانبها الأعظم هي بأيديكم؛ فعليكم السعي لئلاّ يطرأ الخلل في هذا المجال.

ما أشعر بأهميته الآن ـ ناهيك عن التهريب وغيره ممّا ينجم عنه من أضرار وآثار تشهدها بعض حدودنا وأماكن مختلفة ـ هو التآمر الذي ينبغي أن يشغل أذهانكم وأفكاركم، فالذين يخططون لهذا العمل الخبيث يبذلون مساعي حثيثة وينفقون أموالاً طائلة لتضليل أفكار المسؤولين ـ فهم لا يركزون الآن في خطابهم على الشعب ـ على مختلف مستوياتهم لئلا ينتبهوا لما يدور حولهم فيبادروا لأداء مسؤولياتهم، من هنا فإنهم يثيرون ضجة عارمة إذا ما حاول أحد الحديث عن وجود مؤامرة تستهدف الثورة والشعب الإيراني.

التلاحم بين القوى المؤمنة

الملاحظة الأخيرة هي قضية التلاحم بين القوى المؤمنة بالإسلام والنظام الإسلامي، تلك التي تكرر منا التأكيد عليها منذ بداية انتصار الثورة من أنها قضية مهمة بالنسبة للنظام، وصرح بذلك الإمام "رضوان الله تعالى عليه" مرات ومرات وكذا الحريصون على النظام، بيد أن ما ينبغي أن يتحقق لم ير التطبيق العملي؛ فعلينا أن نشخص الحد الفاصل بين الأصدقاء والأعداء تشخيصاً حقيقياً، فالمواجهة والتصادم قائمان اليوم في أوساط من يؤمنون بأصل الإسلام وحاكميته وانبثاق الحكومة عن الدين ـ أي الوحدة بين الدين والسياسة ـ وبثوابت الدستور من قبيل الأصلين الرابع والخامس ومسألة ولاية الفقيه، وغيرها من المتبنيات؛ إنهم يتصارعون فيما بينهم حول قضايا ومسائل ثانوية ويحتدم الجدل بينهم، فيما يتفيّأ الأعداء الحقيقيون ظلال الأمن والاستقرار!

الوحدة بين المسؤولين

إن الشعب ينشد الوحدة بين مسؤولية، وحيثما لمس الانسجام والوحدة في النوايا والأقوال وعدم تسقيط بعضهم بعضاً فإنه يشعر بالسعادة والأمل، والعكس بالنسبة للعدو الذي سيصاب بالإحباط.

الفهرس

جميع الحقوق محفوظة لدار الولاية للثقافة والإعلام ©حيات الإمام الراحل والشعب الأبي.