الوحدة الإسلامية

وحدة الأمة الإسلامية

من أهم المفردات التي تميز بها خط الإمام الخميني "قده" وأخذت حيزاً مهماً من تفكيره وأسلوبه عمله هي مسألة "وحدة الأمة الإسلامية" التي كان طرحها من جانبه كجزء لا يتجزأ من "شمولية الطرح الإسلامي" الذي يتنافى مع التمزق والتفتيت الذي تعيشه الأمة في واقعها.

ولا شك أن وحدة الأمة هي الأصل الثابت الذي لا محيص عنه، وقد قال تعالى في كتابه {إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون}، وقال تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، وفي هذا المجال يقول الإمام "قده" (بحكم الإسلام يجب أن يكون المسلمون يداً واحدة)، وكذلك (التكليف الآن هو أن يكون لجميع المسلمين وحدة كلمة).

ومن الواضع أن هذا الطرح الوحدوي للأمة كان شعاراً كما كان هدفاً مباشراً لجهاد الإمام وكفاحه الطويل، ويقول في هذا المجال (إن هدفنا هو الإسلام ووحدة كلمة المسلمين في كل أرجاء العالم، والاتحاد مع الدول الإسلامية كلها).

ومن هنا، لم يكن الاختلاف المتحقق بين المسلمين سبباً لتثبيت عزيمة الإمام "قده"، بل عمل على تجاوز واقع التجزئة الذي تعيشه الأمة وحاربه بكل ما أوتي من قوة من أجل تصحيح مسيرة هذه الأمة العظيمة وإعادة وحدة الكلمة إليها تحت راية التوحيد لله التي تقتضي وحدة المسلمين جميعاً.

ولهذا نجد أن الإمام رضوان الله عليه يعلن عن الاستعداد التام للعمل مع جميع المخلصين على قاعدة "وحدة الأمة" ويقول (إنني أمد يد الأخوة إلى جميع المسلمين الملتزمين في العالم، وأطلب منهم أن ينظروا إلى الشيعة باعتبارهم أخوة أعزاء لهم، وبذلك نشترك جميعاً في إحباط هذه المخططات المشؤومة).

كما يعتبر الإمام "قده" أن قيام الدولة الإسلامية ي إيران هو وسيلة من وسائل توحيد الأمة نظراً للإمكانات التي تتوفر لها ويقول (نحن لا نملك الوسيلة إلى توحيد الأمة الإسلامية وتحرير أراضيها من يد المستعمرين، وإسقاط الحكومات العميلة لهم، إلا أن نسعى إلى إقامة حكومتنا الإسلامية، وهذه بدورها سوف تتكلل أعمالها بالنجاح).

ويرى الإمام "قده" أن وحدة الأمة هي الطريق لتحرير وإعادة العزة والكرامة والحرية والاستقلال وقطع أيدي المستعمرين والأعداء، ويقول في هذا المجال (إذا كان المليار مسلم منسجمين مع بعضهم البعض فمن يستطيع أن يكسرهم؟) ويقول (إنكم "المسلمين" وما تملكون من الثروات المادية التي لا تُقَدَّر، وأهم منها الثروة الإلهية والمعنوية التي هي الإسلام تستطيعون أن تكونوا قوة لا تستطيع القوى الكبرى معها أن تتسلط عليكم، ولن تكونوا معرضين من اليمين واليسار لهجومهم وسرقة كل ما تملكون)، ويقول أيضاً (إذا تعامل المسلمون وفق الأوامر الإسلامية وحافظوا على وحدة الكلمة وتركوا الاختلاف والتنازع الذي هو أساس هزيمتهم، فإنهم تحت راية لا إله إلا الله سوف يصانون من اعتداءات أعداء الإسلام وناهبي العالم وسوف يقطعون أيدي الشرق والغرب عن بلاد المسلمين).

ثم يحاول الإمام "قده" استنهاض همم المسلمين للسعي والعمل الجادين من أجل تحقيق هذه الوحدة العظيمة للأمة فيطرح لهم أثر الوحدة عند المسلمين الأوائل، وأنهم استطاعوا بناء أمة عظيمة بإمكانات قليلة لكن مع وحدة الصف والكلمة فيقول (يا مسلمي العالم: ماذا حصل لكم؟ ففي صدر الإسلام وبعد قليل جداً هزمتم القوى الكبرى وأوجدتم الأمة الإسلامية...، انهضوا من رقدتكم واحملوا القرآن واخضعوا لأوامر الله وأعيدوا المجد وعظمة الإسلام).

ولهذا كله فإن الإمام "قده" يدعو كل المتنورين والمتبصرين من أبناء الأمة والعلماء إلى تبني الدعوة إلى وحدة الأمة بين شرائحها كافة لما لهذه الوحدة من الآثار الكبيرة على الحاضر والمستقبل والربط بالماضي المجيد للأمة، ويقول (آمل من المسلمين الواعين وأصحاب البصائر والعلماء الأعلام في اجتماعات شهر رمضان المبارك وبقية الاجتماعات الإسلامية الكبيرة مثل اجتماع يوم الجمعة ومراسم الحج أن يدعو أنصار القرآن إلى وحدة الكلمة وتوحيد المساعي...).

هذا غيض من فيض مما تركه لنا الإمام "قده" من تراث عظيم يشكل لنا برنامج عمل نحمل مسؤوليته لنتابع السعي الذي بدأه نحو هذه الأمة الكبيرة التي تستحق أن تكون في موقع قيادة العالم بدلاً من أن تكون تابعاً ذليلاً مستغلاً من القوى الكبرى في العالم وعلى رأسها أمريكا.